|
الخرطوم تزدهر رغم العقوبات الأمريكية!!
|
د.محمد وقيع الله أكاديمي سوداني
بقلم: جيوفوري جيتلمان المصدر: نيويورك تايمز ترجمة: د. محمد وقيع الله لكي تعرف سر نفور السودان من المجتمع الدولي، خاصة المجتمع الغربي، ولكي تعرف سر عدم انسجامه معه، ورفضه لأن يرضخ لإرادته، يجب عليك أن تحث خطاك لتصل إلى مقهى أوزون، بقلب الخرطوم، هنالك حيث يجتمع الشباب العاصمي الغض المتحدِّر من الأسر الثرية، وهم يخطرون هناك بأبهى سراويل الجينز المهترئة، وأفخر الأحذية الرياضية، ويتناولون أكواب الآيس كريم المنعش،هذا بينما ينشر نظام للتكييف الصناعي غشاء من الترطيب يريح النفوس والأعصاب. وعلى مقربة من هؤلاء تقوم الوكالة التي تسوق سيارات (بي أم دبليو) الألمانية الفاخرة بإنزال شحنة جديدة من تلك السيارات، وصلت إلى العاصمة للتو. وتباع السيارة الواحدة من هذه في الخرطوم بنحو خمس وستين ومائة ألف دولار. وتجتهد الأستاذة ندا جريس مندوبة المبيعات بالشركة في ترويج السيارات من هذا الصنف، وتخاطب الزبائن قائلة : إنكم إنما تعيشون هذه الحياة الدنيا مرة واحدة فتمتعوا بأموالكم بصورة حسنة. هذا وبينما تستمر كارثة من أسوأ الكوارث الإنسانية عبر العالم، على بعد ستمائة ميل تقريبا غرب الخرطوم، في إقليم دار فور، تقام بالخرطوم الجسور الجديدة على الطرقات، وتتصاعد الأبراج السكنية الشاهقة، وتفتتح أسواق السوبر ماركت، وتتهادى الشاحنات الضخمة، المحملة بأجهزة تلفزيونات(بلازما)، خلال شوارع العاصمة المكتظة بالسيارات! وبالرغم من سمعة السودان التي تصوره في الغرب على أنه أرض قفر خراب يقطنها قوم مشردون جياع، إلا أن الاقتصاد السوداني يزدهر بشدة مع أنه لا يستلم إلا نزرا قليلا من العون الاقتصادي الغربي. ولكن بفضل استغلال السودانيين لثروة النفط تحول الاقتصاد السوداني إلى واحد من أسرع الاقتصاديات الإفريقية نمواً، هذا إن لم يكن واحداً من أسرع الاقتصاديات نمواً على نطاق العالم أجمع. وهذا الوضع الاقتصادي المتقدم هو ما يعطي الحكومة السودانية الثقة ويقويها لتتحدى وتقاوم مطالب الغرب بخصوص إنهاء النزاع المستعر في دار فور. وكل ما تمخضت عنه العقوبات الاقتصادية الأمريكية للسودان هو أن أبعدت الكثير من الشركات الأوروبية والأمريكية عن السوق السوداني، وأخلته بالكامل لمجموعات من الشركات الصينية، والماليزية، والهندية، والكويتية، والإماراتية، لتتسابق فيه. وفي غضون ذلك نما الاقتصاد الأجنبي المباشر في السودان، إلى بلايين الدولارات في العام الماضي، مقارناً بثمانية ومائة وعشرين مليون دولار في عام 2000م، وفي ذلك ما فيه من الدلالة على فشل جهود الإدارة الأمريكية في التضييق على السودان! إن كل شيء في الخرطوم يتقد حرارة. هكذا عبر عن شأن الخرطوم السيد حسين واهير المدير العام لبتروناس- سودان، التي هي فرع من شركة النفط الوطنية الماليزية. وعندما يقول السيد واهير إن كل شيء ساخن في الخرطوم، فهو لا يشير فقط إلى درجة الحرارة التي تبلغ خمسا وأربعين درجة، وإنما يعني أيضا أن عالم ( البزنس) ساخن جداً في الخرطوم. ويتضح من ذلك أنه طالما أن الأقطار الآسيوية راغبة في التعامل التجاري مع السودان، بالرغم من سجله في مجال حقوق الإنسان، فسيظل تأثير المقاطعة الاقتصادية الأمريكية للسودان ضئيلا جدا. ولن يتوقف رئيس البلاد عمر حسن البشير عن إبداء رفضه المشمئز المتشدد لمحاولات الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة، لاستخدام فرق حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة لوقف حمام الدم في دارفور. إن الحكومة السودانية تعرف أنها لا تحتاج أمريكا. والمتأثر بهذه العقوبات الاقتصادية على السودان هو الشعب الأمريكي لا غير، وذلك لأنه يفقد المشاركة في مغانم هذا السوق المزدهر. إن الثروة في السودان ليست مقسمة تقسيما عادلا. فمعظم أنحاء السودان كدارفور تعاني العوز المدقع. وآية ذلك أن معدل الدخل الفردي في عموم السودان لم يتعد الأربعين وستمائة دولارا ، وذلك حسب معدلات أسواق تحويل العملة. هكذا تفيد المؤشرات الاقتصادية التي ينشرها البنك الدولي. ولكن مع ذلك فإن إجمالي الناتج المحلي للقطر قد ينمو بمعدل ثمان بالمائة في العام، وذلك حسب احصاءات صندوق التقد العالمي. لقد كان الاقتصاد السوداني يعتمد في الماضي على القطن والمحصولات الزراعية الأخرى، ولكن النمو الاقتصادي الحالي للاقتصاد السوداني استند بشكل أساسي على زيادة البلاد لاستخراج النفط الخام إلى اثني عشر وخمسمائة ألف برميل في اليوم. وهذا القدر وإن كان يشكل مجرد قطرة من بحر النفط السعودي أو الإيراني، إلا أنه كان كافيا لجلب بلايين الدولارات إلى قطر كان إلى وقت قريب كان يعد أحد أفقر أقطار الأرض. إن المحركات الكبرى للاقتصاد السوداني، هي بلا ريب، الاستثمارات المبذولة في أسواق النفط والعقارات المشيدة في الحواضر. هذا ما يقول به مايكل كيفين، أستاذ الاقتصاد المشارك بجامعة سانتا كلارا بكالفورنيا. وهذا الازدهار الاقتصادي هو ما يقوي سلطة الحكومة السودانية في الحقيقة. ففي السنوات القليلة الماضية ظل السيد البشير يقود حملة قوية لتشييد البنى التحتية للاقتصاد السوداني، وقام بتوظيف ملايين الدولارات لغرض رصف الطرق وتشييد الجسور وإقامة محطات توليد الكهرباء والمستشفيات والمدارس، وغير ذلك من المشروعات التي من شأنها أن تزيد شعبية أي حكومة. وبالطبع فإن السيد البشير شأنه شأن جميع الحكام في العالم في حاجة لأن يزيد من شعبيته، لا سيما وهو يواجه أناسا يثورون عليه ويتمردون على سلطته، ليس في دارفور وحسب وإنما في سائر أنحاء القطر. لقد استولى الجنرال البشير على السلطة بانقلاب عسكري في عام 1989م. ولذلك فلا غرابة أن نرى أن أكثر المستفيدين من النمو الاقتصادي الحالي هم طائفة الجيش، وأن أكثر من سبعين بالمائة من دخل الحكومة السودانية من النفط يصرف على شؤون الدفاع. وفي طليعة أولويات االحكومة السودانية أن تقوم بتصنيع الأسلحة والذخائر محليا حذراً من تطبيق حظر خارجي على حصول هذا القطر على السلاح. وبالرغم من هذا الازدهار الاقتصادي الا أن العسكر ما زالوا في السلطة، ويحظى ضباط الجيش بوضعية اجتماعية مميزة، وتقوم الشرطة بتسجيل أسماء الأجانب الطارئين على البلاد، ويلزم طلاب المدارس بارتداء أزياء عسكرية، غير أصلية، خلال ساعات الدوام اليومي. ولكن هذا لا يمنع من القول إن الازدهار الاقتصادي بدل أوضاع الناس إلى الأحسن، سواء من حيث الوظائف التي يمتهنونها، أو الغذاءات الذي يأكلونها! إن الغذاء التقليدي الذي ظلت جموع السودانيين تأكله لدهر دهير، واسمه الفول، قد أخذ يخلي طريقه إلى البطون لأطعمة أخري كالكباب، والزبادي، والهامبيرغر، والهوت دوغ. ويقول رجل أعمال سوداني يدعى محمد عبد الوهاب صالح، يبلغ من العمر ستا وعشرين عاما، ويعمل في مجال التصميم الجذاب للمواقع الإلكترونية التجارية والشخصية على شبكة الإنترنيت: أليس عجيبا أنا نرى شرائح الـ ( برينغلز) تملأ أرفف المتاجر بالخرطوم!! يقول صالح هذا القول، لأنه لا يزال يتذكر أيام الماضي القريب، عندما كان يزحف في الصف لساعات طوال من أجل أن يحصل على قطعة خبز واحدة! ويضيف صالح قائلاً: حتى هذه الرغيفة لم تكن دائما جيدة، فما أكثر ما كنا نعود إلى البيت لننقيها مما احتشدت به من أوضار الذباب!
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الخرطوم تزدهر رغم العقوبات الأمريكية!! | Omar Ismail | 12-06-09, 04:20 AM |
Re: الخرطوم تزدهر رغم العقوبات الأمريكية!! | د.نجاة محمود | 12-06-09, 04:37 AM |
Re: الخرطوم تزدهر رغم العقوبات الأمريكية!! | حسن حماد محمد | 12-06-09, 04:55 AM |
Re: الخرطوم تزدهر رغم العقوبات الأمريكية!! | كمال عباس | 12-06-09, 05:20 AM |
Re: الخرطوم تزدهر رغم العقوبات الأمريكية!! | Mohammed Ibrahim Othman | 12-06-09, 05:35 AM |
Re: الخرطوم تزدهر رغم العقوبات الأمريكية!! | كمال عباس | 12-06-09, 05:47 AM |
Re: الخرطوم تزدهر رغم العقوبات الأمريكية!! | Mohammed Ibrahim Othman | 12-06-09, 12:49 PM |
Re: الخرطوم تزدهر رغم العقوبات الأمريكية!! | Deng | 12-06-09, 05:26 AM |
Re: الخرطوم تزدهر رغم العقوبات الأمريكية!! | Omar Ismail | 12-06-09, 06:07 AM |
Re: الخرطوم تزدهر رغم العقوبات الأمريكية!! | Deng | 12-06-09, 06:21 AM |
Re: الخرطوم تزدهر رغم العقوبات الأمريكية!! | Deng | 12-06-09, 06:24 AM |
Re: الخرطوم تزدهر رغم العقوبات الأمريكية!! | Mohammed Ibrahim Othman | 12-06-09, 01:01 PM |
Re: الخرطوم تزدهر رغم العقوبات الأمريكية!! | Abdelmuhsin Said | 12-06-09, 06:36 AM |
Re: الخرطوم تزدهر رغم العقوبات الأمريكية!! | Abdelmuhsin Said | 12-06-09, 06:51 AM |
Re: الخرطوم تزدهر رغم العقوبات الأمريكية!! | Omar Ismail | 12-06-09, 07:22 AM |
Re: الخرطوم تزدهر رغم العقوبات الأمريكية!! | Omar Ismail | 12-06-09, 06:42 AM |
Re: الخرطوم تزدهر رغم العقوبات الأمريكية!! | Deng | 12-06-09, 07:04 AM |
Re: الخرطوم تزدهر رغم العقوبات الأمريكية!! | Abdelmuhsin Said | 12-06-09, 07:20 AM |
Re: الخرطوم تزدهر رغم العقوبات الأمريكية!! | Deng | 12-06-09, 07:51 AM |
Re: الخرطوم تزدهر رغم العقوبات الأمريكية!! | doma | 12-06-09, 08:00 AM |
Re: الخرطوم تزدهر رغم العقوبات الأمريكية!! | زياد جعفر عبدالله | 12-06-09, 08:13 AM |
Re: الخرطوم تزدهر رغم العقوبات الأمريكية!! | Omar Ismail | 12-06-09, 08:28 AM |
Re: الخرطوم تزدهر رغم العقوبات الأمريكية!! | Nagi Ahmed | 12-06-09, 08:11 AM |
Re: الخرطوم تزدهر رغم العقوبات الأمريكية!! | SAIF MUstafa | 12-06-09, 08:27 AM |
Re: الخرطوم تزدهر رغم العقوبات الأمريكية!! | Omar Ismail | 12-06-09, 08:39 AM |
Re: الخرطوم تزدهر رغم العقوبات الأمريكية!! | SAIF MUstafa | 12-06-09, 08:53 AM |
Re: الخرطوم تزدهر رغم العقوبات الأمريكية!! | زياد جعفر عبدالله | 12-06-09, 08:46 AM |
Re: الخرطوم تزدهر رغم العقوبات الأمريكية!! | هاشم محمد الحسن عبدالله | 12-06-09, 08:50 AM |
Re: الخرطوم تزدهر رغم العقوبات الأمريكية!! | Abdelmuhsin Said | 12-06-09, 09:29 AM |
Re: الخرطوم تزدهر رغم العقوبات الأمريكية!! | هاشم محمد الحسن عبدالله | 12-06-09, 10:04 AM |
Re: الخرطوم تزدهر رغم العقوبات الأمريكية!! | Alshafea Ibrahim | 12-06-09, 02:01 PM |
|
|
|