|
Re: السودان: صراع الاخوة الاعداء وقطع العقدة بالسيف (Re: Hisham Osman)
|
ارادة الهيمنة والانقسام وجدت ضالتها ومبتغاها في استدامت الموروثات التالفة التي تولدت من ثقافة مرحلة الرق المنصرمة,وعملت جهدها لديمومة نظرة السيد للعبد وترسيخها في المخيال الجمعي, وكان لذلك تداعيات اجتماعية وسياسية وانسانية بعيدة الاثر, لم تجدي معها بعض المخاتلات الدستورية اللاحقة والتي يشقشق بعض منافقي السياسة ا لسنتهم بها من جعل المواطنة اساسا للحقوق والواجبات في الدولة السودانية القائمة فعليا علي ابارتيد مموه. فشلت فكرة الدولة القائمة علي المواطنة حتي الان لان المواطنة بنت الدولة المدنية لا الدينية والدولة المدنية هي منتوج مجتمع مديني او متمدن, وبالتالي رباط موضوعي لا ذاتي مثل العرق والدين.ولكي تجد هذه الفكر حظها من التغلغل في الواقع والتجذر في العقل الجمعي ليس من سبيل سوي الاعتراف بالتنوع والتعدد كمسلمة من المسلمات الثابتة في كل السياسات والخطط والبرامج, وكذلك لابد من توفير الحرية كاملة غير منقوصة للتعبير عن هذا التعدد في كل مجالات الحياة وليس فقط بالاكتفاء بالاشارة اليه اشارات خجولة في نصوص دستورية صماء,وكذلك لابد من العمل الجاد لازالة المفاهيم والممارسات التي تعمق من الهيمنة. كما قال د.فرنسيس دينق : الهوية في السودان ليست دائما وصفا محايدا للحقائق المجردة ,بل اصبحت ايضا معيارا لتحديدا مكان الفرد في المجتمع ,اصبحت نقطة البداية لتحديد من يحوز علي ماذا,.
روي العلامة د.منصور خالد انه عشية انتهاء مراسم توقيع قرارات اسمرا المصيرية,وقف الدكتور جون قرنق ليقول : ( الان انتهت مشكلة الجنوب وبقيت مشكللة الشمال),اي اراد قرنق ان يقول : ان مؤتمر اسمرا قد عالج نظريا و بروح وفاقية وخاطب جذور الاسباب التي دفعت الجنوب لحمل السلاح فمن جانبنا سنعمل مع القوي الخيرة لترجيح كفة الوحدة عند ممارسة حق تقرير المصير طالما التزمت القوي الشمالية نصا وروحا بما قطعته علي نفسها من التزامات وبماتراضي عليه الجميع في اسمرا, وعليه ياقوي ياشمالية فان الكرة في ملعبكم. وهكذا جددت الحركة ثقتها مرتين في ساسة واحزاب الشمال ,المرة الاولي كانت عندما استجابت لماعرف بمبادرة السلام السودانية-الميرغني-قرنق, ١٦نوفمبر ١٩٨٨, رغم تاريخ الشمال الحافل بالتنكر للعهود والمواثيق, وكانت ثالثة الاثافي, اتفاقية نيفاشا التي لولا قليل صبر وبعض تاسي لكدنا ان نصيح ( باي ذنب قتلت). اذا كانت تلك مشكلة الجنوب وذلك هو الاطار النظري لحلها,فماهي اذن مشكلة الشمال? مشكلة الشمال تكمن في قطاع عريض من الناس استبدت بهم الاوهام وذهب بهم الاسراف في التخييل ,فصدقوا ان الوحدة يمكن ان تتحقق,وينعم السودان بالسلام والاستقرار,وفي ذات الوقت يمكنهم المحافظة علي ذات النظرة النمطية تجاه الجنوب والجنوبيين, تلك النظرة المعلولة الموروثة من ثقافة مستعلية بغير حق ,وشبه اقطاعية النزعة,هؤلاء مازالوا يستسهلون شرعنة الهيمنة, وتحدثهم نفوس موسوسة بان المهمشين لامحالة سيواصلون صبرهم وجلدهم خنوعهم لمن يملكون الخروج علي طغيانه وجبروته, وليس اقل تطفيفا للكيل من هؤلاء, ضرب اخر من الناس في الشمال يمزقون حبال اصواتهم بالدعوة لوحدة السودان ولكنهم يستنكفوا ان ياتوا البيوت من ابوابها, فرغم تغنيهم بمحاسن الوحدة , يستخفون بالاسباب التي تنذر بتمزق السودان,اما بانكار تلك الاسباب او بتزييفها, فبواعث موقف هؤلاء (الوحدويين),ان الجنوب الذي يسعون لتوحيده في حقيقة الامر هو الارض وخيراتها ومواردها لا الجنوب البشر التعساء الذين جعلهم الله علي خزائن تلك الارض,يريد هؤلاء الوحدويين الشماليين للشمالي ان يظل شماليا صاحب حظوة وصاحب حق في تقرير مصير الشمال والجنوب معا, ويبقي الجنوبي جنوبيا يصفع في مؤخرة راسه ان اراد ان يرمي بسهمه في شان السودان كله, فهو بحسب الاوهام الجماعية المسيطرة علي عقول هذه الفئات, غير مؤهل طبعا ونشاة ,مهما كانت قدراته,لتسنم ادوار قيادية عليي مستوي الوطن ,فهو قاصر بحكم لعنة ابدية حلت به بسبب اصله ومنبته,هؤلاء هم ثمرة وضحايا الوعي في انحداره السحيق.
يتبع
|
|
|
|
|
|