|
رواية رئيس تحرير (الصحافة) حول الغاء سفر البشير لتركيا!!!
|
Quote:
عندما هاتفني الزميل عماد سيد أحمد، السكرتير الصحفي برئاسة الجمهورية وأبلغني «لقد تم اختيارك ضمن الوفد الصحفي المرافق للرئيس عمر البشير الى شرم الشيخ لحضور منتدى التعاون الصيني الأفريقي واسطنبول للقمة الاقتصادية الاسلامية»، لم أتردد في الموافقة ورغم اني كنت متشككا في ان هذه الرحلة ستكتمل لعدة اسباب لكني لم اناقشه في ذلك باعتبار ان الامر سابق لاوانه ،ورحلة الرئيس كانت معلنة قبل عشرة ايام فهذا يعني انها طبيعية ولم تكن هناك اية ارهاصات بأن لن تكون غير ذلك،ولم يرافق اعلانها اى ضجيج اعلامي كما كان يحدث منذ مارس الماضي عندما اصدرت المحكمة الجنائية الدولية قرارها بحق الرئيس. نهار السبت الماضي غادر الرئيس البشير الخرطوم الى شرم الشيخ يرافقه وزراء المالية الدكتور عوض الجاز والطاقة الزبير احمد الحسن والتعاون الدولي الدكتور التجاني صالح فضيل ووزير الدولة للخارجية علي كرتي ،وكان لافتا لأعضاء الوفد الاعلامي المرافق له ان الطائرة التي تقلهم ليست سودانية وليست من الطيران الرئاسي المألوف لديهم ،وكان واضحا انها تحمل اشارات ترجح انها تابعة الى دولة عربية قريبة،وتحمل علمها ،ولم يفك اللغز الا وزير شؤون الرئاسة الفريق بكري حسن صالح ،انها طائرة مستأجرة لأن طائرتنا الرئاسية تحت الصيانة،ولم يفوت الفرصة واراد ان يستكمل لدينا المعلومات خوفا من استخدامها بطريقة لا تعجبهم ،وقال «لا تقولوا يا صحفيين انا اشتريناها من مال الشعب»،وادركنا حينها ان سياسة شد الاحزمة والتقشف التي اعلنها وزير المالية طالت الرئاسة ايضا.،وقطعت معلومات الفريق بكري الطريق امام تكهنات ان الطائرة اختيرت للتمويه كما قال مسؤول الطيران الرئاسي اخيرا انهم يميلون الى التموية احيانا لضرورات امنية.
قصة رحلة لم تكتمل كان برنامج الرئيس البشير ان يغادر شرم الشيخ الى اسطنبول عصر الاحد عقب افتتاح المنتدى الصيني الافريقي ولقائه مع مبارك، وجرت كل الترتيبات على ذلك،وعاد البشير والوفد المرافق له من الوزراء الى مقر اقامتهم في (مرتيم بنسولا فيلا) وهي قرية سياحية بها اجنحة رئاسية وفندق في مساحة واسعة مخضرة تستضيف كبار الزوار وتستقبل السياح في آن،كما انضم الوفد الاعلامي من مقر اقامته في فندق (لوجينا) الى الوفد الرئاسي وسبقت الوفد امتعته الى المطار وظلت الطائرة في انتظار الوفد،الذي تسلم من ادارة مراسم الدولة برنامج القمة الاقتصادية الاسلامية،كما سبق الوفد الى اسطنبول فريق من المراسم واكمل استعداده لاستقبل البشير ومرافقيه. كنا ننتظر مع زميلي عبد المحمود الكرنكي في كرسيين امام مقر اقامة الوفد في الهواء الطلق،نتجاذب الحديث وظل الفريق بكري يدخل ويخرج ويبدو انه لاحظ اننا لم نغادر الكرسيين، فقال ان الصحفيين لا يريدان مغادرة الكرسيين حتى لا يفقدان جلستهما،وقلت في سري «من وجد كرسيا لا أظن أنه سيفارقه بسهولة» ،المهم دخل الوزراء الى البشير في جناحه وبدأت مشاورات مطولة لا تهدأ الا بأكواب الماء وأقداح الشاي والقهوة ،ورجال المراسم في قلق بائن يتجولون خصوصا بعد مرور الوقت. ساعتان من التأخير عن الموعد المضروب للسفر،وفجأة قطع المشاورات اتصال هاتفي من الخرطوم من شخصية نافذة تشغل منصبا دستوريا رفيعا، زف خبر اتفاق الشريكين على التهدئة ووقف الملاسنات والحملات الاعلامية ،ثم عرج على موضوع السفر واحتمالاته،ثم جرت اتصالات مع تركيا ،وخلصت في النهاية تلك الاتصالات الى عدم استكمال الرحلة الى اسطنبول ،لتجنيب القيادة التركية حرجا ورفع الضغوط عنها على الرغم من ان موقفها كان صلبا،ولم تخل تلك المشاورات من مناقشة احتمالات المخاطر التي يمكن ان تتعرض لها الطائرة الرئاسية ، وكان البشير يفضل استكمال الرحلة لكنه نزل على رغبة مساعديه ومستشاريه الذين غلبوا خيار العودة لتعزيز خطوات الشريكين نحو اتفاق ينهي اسابيع من الجدل والشقاق،وتجنب أية مخاطر غير محسوبة. البشير فور انتهاء تلك المشاورات خرج الى الهواء الطلق امام مقر اقامته ودخل في جلسة أنس «بلدية» مع صديقه السفير لدى مصر الفريق عبد الرحمن سر الختم، قبل ان ينضم اليهما أعضاء الوفد، وكان الرئيس في حال طبيعية يتبادل الحديث مع رفيقه، يرتشف الشاي في وقت كانت الوكالات تبث معلومات متضاربة في ذروة اهتمامها بسفره من عدمه،وظلت تلك الجلسة منعقدة لم تقطعها الا صلاة المغرب ولقاء رسمي مع الرئيس التنزاني ثم اعضاء السفارة السودانية هناك، واستمرت بعد ذلك حتى وقت متأخر.رحلة لم تكتمل لكنها ستظل مدونة في ذاكرة التاريخ؛ لأنها تعبر عن فترة مهمة في مسيرة البلاد،وربما تكشف الأيام المزيد. |
|
|
|
|
|
|