|
Re: حمى الانفصـال (Re: ابراهيم على ابراهيم المحامى)
|
/ كمال الجزولى :- فيما يتصل بموضوع الوحدة , بعضنا متفائل , والبعض متشائم , لكننى متشائل , والمتشائل هو من يبحث عن حلول عملية . مع احترامى لكل التحليل الدقيق , فعندما يأتى الكلام عن وطن سوف ينشطر عام 2011 يقول البعض دعونا نتحدث بالعقل , نعم ولكن ايضاً نحتاج للعاطفة , عندما يتعلق الامر بالوطن نحتاج لعاطفة قوية جداً , عاطفة يُعبر عنها الشعراء والادباء , ولكن على الساسة ايضاً ان يمتلكوا قدر من العاطفة تجاه الامور . أسمع كلام انه لو جاءت نتيجة الاستفتاء لصالح الانفصال فاننا سنحترم هذا الخيار , نعم سنحترمه , لكن ما لزوم الكلام المُر ؟ دعونا نتكلم عن كيفية الاحتفاظ بهذا الوطن موحداً . المتشائمين لديهم اسبابهم , الاتفاقية لم يُقدر لها ان تُنفذ بالمستوى الضامن للوحدة ان تُصبح جاذبة . اكثر من يتحدث عن الاستفتاء هم الانفصاليين وبالذات الانفصاليين الجنوبيين داخل وخارج الحركة الشعبية , واعتقد ان الانفصاليين خارج الحركة اختطفوا الاتفاقية واصبحوا يتحدثون فقط عن تنفيذ الاستفتاء يعنى لو قلت لهم الان هاكم الاستقلال لقالوا لا الا بعرق الجبين من خلال الاستفتاء , واصبحت الاتفاقية والاستفتاء عندهم كانهما قرآن او انجيل رغم انها ليست كذلك . من العوامل التى يعتمد عليها المتشائمين ايضاً , بان ما تبقى من الزمن لا يكفى .. كما ان العلاقة بين شريكى الاتفاقية لا تُيشر بامكانية انجاز اى موضوع . اعتقد انه قد تم استقواء على الحركة الشعبية من اول يوم , وبتقسيم 52% و 25% ما كان من الممكن للحركة اصلاً ان تخرج بشىء من شريك مُخاتل ومراوغ مثل المؤتمر الوطنى , وكان ينبغى ان يكون هذا مفهوماً للاخوة فى الحركة الشعبية . الى حد كبير اعتمدت الاتفاقية على شخصية قرنق , تمت شخصنة للتطبيق , قرنق كان واثقاً انه سوف يخوض الإنتخابات الرئاسية وسوف يفوز , ولم يكن حتى فى حاجة لرؤية الملايين الذين خرجوا لاستقباله فى الساحة الخضراء . الذهاب للاستفتاء بهذا الوضع المزرى , من المرجح ان تأتى نتيجة الاستفتاء بالانفصال . الانقاذ اعطت دفعة قوية للانفصال , لكن هذا الامر بدا قبل 5 قرون , حيث ظل السودان طيلة 5 قرون يُعانى من الاستعلاء بالدين والعرق واللغة ومن التهميش .. الحكومات التى تعاقبت منذ الاستقلال زادت الطين بلة بخطة الاسلمة والتعريب للافارقة . نحن لم نفعل ما يُغرى بالحفاظ على الوطن الموحد , والخوف ان ما سيقدمه الجنوبيين فى الاستفتاء ان يُمثل نموذجاً لمناطق آخرى فى السودان . ما الذى نستطيع فعله فى هذه الساعة الخامسة والعشرين ؟ , فى هذا الوقت المتبقى الضيق . نحن مقبلون على لحظة تاريخية اطلقت عليها أسم اللحظة التاريخية المجنونة . الحديث عن الانفصال من قبل الجنوبيين هو جرس انذار اخير .. السلبيات فى تاريخ التساكن بين قوميات السودان كلها وبين الجنوب والشمال كثيرة , لكن الايجابيات ايضاً كثيرة , ورددنا الكثير منها فى مناسبات مختلفة , لكن التناقض بين السلبيات والايجابيات فى علاقات التثاقف بين الشمال والحنوب ستمضى فى صالح الانفصال . ظل كثير من الاخوة خلال الايام الفائتة يتكلموا باننا طالما نسير فى طريق الانفصال فعلينا ان نجعله انفصال سلمى , بدون حرب بدون دماء , اذا مشينا بهذه الطريقة فان هذا يُصبح من باب العشم , اقرب الامثلة هو موضوع (ابيى) منذ البداية قلنا لا تذهبوا لمجلس الامن وان هذه القضية يمكن حلها تحت ظل اى (عرديبة) , ولكن حدث ما حدث وتم ترك الحكمة الشعبية واخذنا حكمة الافندية . نحن نحتاج لممارسة ابتزاز تاريخى للشريكين .. اذا ذهبنا للاستفتاء 2011 وكانت النتيجة الانفصال فلن يتم قبول التفاوض فى اى شىء , دعونا الان نعمل الاتى : فى اللحظة المجنونة سيتم القرار بين الشريكين والشعبين فى الشمال والجنوب مغلوبين على امرهم ولا يقررون بشأن الوطن , دعونا نذهب لفكرة اكثر معقولية , فلنطرح فكرة الكونفدرالية , صحيح انها طُرحت فى السابق , من آخرين امثال ابوالقاسم حاج حمد ومعهد السلام الامريكى , لكن هناك فرق بين طرح الكونفدرالية بالامس كتكتيك او ايدولوجية , وبين طرحها اليوم كحل ينقذ ما يمكن انقاذه . هناك واقع تؤيد انه من الممكن فتح الأتفاقية , دعهم يتفاوضون مجدداً حول 1/ الغاء الاستفتاء .. 2/ منح الجنوب فوراً وعلى مائدة التفاوض دولة مستقلة كاملة السيادة .. 3/ يتم توقيع أتفاق على نفس المائدة ان تتعاهد الدولتين معاهدة دولية على اقامة اتحاد كونفدرالى بينهما . الاتحاد الكونفدرالى هو اضعف أشكال الوحدة , وهذا الشكل الضعيف يبعث الاطمئنان فى نفوس الانفصاليين بانهم لديهم دولة ذات سيادة , وكذلك يطمئن الوحدويين بانه على الاقل لم ينفصل السودان , وانا اطلقت عليها أسم الوحدة بشعرة (معاوية) او الانفصال المؤجل . دعونا لا نذهب بعد 400 يوم لهذه الكارثة , وانما يتم التأجيل الى لحظة تاريخية اوفق يكون العقل فيها هو الراجح . ميزة الكونفدرالية اننى لا اذهب الى جوبا بفيزا , وان اتنقل داخل الدولتين بحرية وان امتلك واعمل واسكن حيثما شئت , وهناك حق فض هذا الاتحاد من طرف واحد بدون اى تعقيد .
|
|
|
|
|
|