|
Re: دعوة للخروج عن الصورة النمطية للمثقف السوداني (Re: emadblake)
|
يحلل داريوش شايغان - فيلسوف ومفكّر إيراني معاصر – أزمة المثقف المعاصر في البلدان العربية والإسلامية ودول العالم الثالث بشكل عام، بتركيزه على إيران، وإن كانت كثيرا من إحكامه تصلح للتطبيق على الواقع السوداني بحيث يمكن الاستفادة منها. وسأطرح هنا بعض من نمط تفكيره في إعادة التفكير في صورة المثقف ودوره الفاعل. في النظر إلى المثقف سواء عند شايغان أو أركون وآخرين، لا يمكن الفرز بين مساحتي الأيدلوجية والسياسية، فالمثقف كما أشرنا إعلاه نسيج (معرفي علمي وروحاني وتكنوقراطي)، لكن المشكل الذي يواجه به مثقفنا باستعارة شايغان في هذا الجانب من تداخل المساحات أن "المثقفين يبدون عندنا كأنهم صليبيون ذاهبون إلى محاربة طواحين الهواء، أكثر مما يظهرون كمفكرين حكماء يتأملون بهدوء وراء طاولة عملهم". ويمضي للقول: "أن يكون المرء مثقفا في عالمنا معناه أولا معارضة السلطة. وهذا أمر ممكن فهمه لأن الأنظمة القائمة هي اما قمعية او شمولية صراحة. ولكن مما يؤسف له أن هذه المعارضة تظل بدائية وحشوية. فهي لا تترافق مع تحليل نقدي ولا مع نظرة الي المستقبل، ولا مع موقف ابتعادي عن السلطة". وهنا يمكن الانتباه لمفاصل مستقبلية في إمكانية تشكيل مثقف نوعي فاعل، تتعلق هذه المفاصل بأدوات لابد منها منها: النظرة الناقدة للأشياء – لكن هذه مشروطة كما سنرى لاحقا – أيضا النظر الدائم إلى المستقبل، بمعنى التفكير الاستراتيجي وليس مجرد مشي المكب "أفمن يمشي مكباً على وجهه أهدى أمن يمشي سوياً على صراط مستقيم". وإذا استعرنا الآية في فهم دلالة ما تقدم، سنجد أن المثقف النمطي السوداني هو "مثقف مكب" لا "سراطي".. والسراط هنا يعطي دلالة الانفتاح على المستقبل والرؤية إلى أبعد مدى ممكن. بالرجوع إلى شروط التحليل النقدي أو النظرة الناقدة للأشياء سنجد أن أول هذه الشروط، كما يرى شايغان أن الخروج عن "السلطة" أو "السائد" أو "النمط" الخ... من مفردات، كل ذلك لا يعني "التمرد على الأب والأم والقديم"، بقدر ما يعني "أن تؤخذ هذه الثيمات التأسيسة في السياق الثقافي للسلطة"،وفق بشروط حديثة.. وقد أوضحت ذلك أعلاه في نموذج المهدي، إذ أن إعادة التفكير في مشروعه بطريقة جديدة بعيدا عن "القوالب النمطية" من شأن ذلك أن يجعل فكرة "المهدية" ذات دور جديد في الحياة السودانية من حيث المستوى التنظيري لا المستوى السياسي الفاعل، لأن شروط سياسة القرن التاسع عشر ليست هي شروط الألفية الثالثة، وهو ما يحاول الصادق المهدي فعله ولكن باجتزاء ونقصان في شروط الوعي المعرفي الخلاق. فالتمرد أو الظهور بشكل دون كيشوت ومصارع الطواحين هي صور غير مجدية، لأنه لا وجود للأبطال الحقيقيين إلا في حيز المعرفة الفاعلة، وفي حيز السياق الثقافي والاجتماعي مع استيعاب شروط هذا السياق وإعادة قراءته ذهنيا ومن ثم تطبيقيا على مستوى الواقع.
|
|
![ICQ](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
|