|
Re: دعوة للخروج عن الصورة النمطية للمثقف السوداني (Re: emadblake)
|
استطاع المهدي أن يوظف قوة الفكر الصوفي والثقافة الدينية في زمنه ليخرّجها من القوقعة التقليدية لها إلى مفهوم النضال والبحث عن الإنسان السوداني الجديد، وبعيدا عما اصبغه المهدي على نفسه من صور "فوقطبيعية" فإن هذه الصور يجب ألا تقرأ بمعزل عن إطارها الزمني، كما نقرأ ابن عربي اليوم، ونجد التأويل لشطحاته، أو كما نقرأ الحلاج أو غيرهم. لست بخصوص تحليل البنية الذهنية للمهدي ولكن أتعامل فقط مع الإطار الكروكي العام لبناء شخصية المهدي وكيف نجحت في جعل طاقة الفكر تندغم في السلطة والمال. وهذا لا يعني أن هدف المثقف أن يكون كائنا متسلطا ثريا، ولكن ما أعنيه أن هذه الدوائر تتشغل بطريقة معقدة بحيث يصعب الفرز، من أن يبدأ الضلع المعين لينتهي الضلع الثاني أو الثالث. وبمراجعة بسيطة للتاريخ الإنساني سنجد أن فكرة الإسلام أو المسيحية بدأت في حدود ضيقة كرغبة في إعادة تشكيل التاريخ بمركزية فكرية، ومن ثم مع توالي الزمن تحولت هذه المركزية الفكرية إلى طاقات أخرى سلطوية وثروة تراكمية. يجب التمييز في العصر الراهن في مفهوم الانتلجنسيا، الذي يماثل النخبة، بين المثقف التكنوقراطي والمثقف الروحاني – مجازا – أي رجل الدين، وهذان النموذجان حاضران في السودان، ويبدوان أكثر تجليا في المجتمع الإيراني الحديث. وهنا نواجه بصورة تداخل غريب بين الدين والعلم، المعرفة والبراغماتية النفعية والروحانية. هو تداخل مشروع إذا تم وفق حضور معرفي فاعل على مستوى المعاش والعام، ولكن إذا قام التداخل فقط ليصل إلى مجرد هدف محدد هو التسلط، هنا ينهار مشروع المثقف سواء كان تكنوقراطيا أو روحانيا. هذا الخلط موجود لدى النمط الكلاسيكي السوداني، حيث أن الروحاني يهمين في أحيان كثيرة لدرجة أنه يقوم بإلغاء التكنوقراطي أو العكس.. وبالتالي تصبح الأنتلجنسيا إما باحثة عن السلطة باسم الدين والروح، كما في النموذج الكنسي في العصور الوسطى أو نموذج الإسلام الأموي أو ترابي السودان، أو باحثة عن السلطة باسم المعرفة السلبية، وهو مشهد واضح في المثقف التكنوقراطي السوداني كما في نموذجي منصور خالد وعبد الله على إبراهيم.
|
|
![ICQ](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
|