الأسلمة الإنقاذية والأزمة العالمية ... بقلم: أحمد الأسد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-12-2024, 07:21 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-11-2009, 11:22 PM

Aymen Tabir
<aAymen Tabir
تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 2612

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأسلمة الإنقاذية والأزمة العالمية ... بقلم: أحمد الأسد (Re: Aymen Tabir)

    -3-
    من أين نبدأ؟

    إعترف رؤساء ورجال أعمال وخبراء إقتصاديون في معظم الدول المتأثرة بأن النظام الرأسمالي هو الأب الشرعي لهذه الأزمة. ولم يتردد بعضهم من إستدعاء بدائل للنظام عوضاً عن إصلاحه. صعقت الأزمة عقول المتباهين بإنتصارات النظام الرأسمالي والمتهافتين على موائد إنجازاته وأربكت تداعياته الكارثية قوى المتضررين من إتساع نطاق القهر والإستغلال في جميع أركان المعمورة. أقبل جهابزة النظم الإقتصادية بعضهم على بعض يتلاومون. هرول الرئيس الفرنسي ساركوزى إلى قادة روسيا والصين والهند يستجدي عونهم لإنقاذ النظام المالي العالمي كما طاف رئيس وزراء بريطانيا العظمى متسولاً في دول الخليج. لقد تباينت قوة الزلزال في الإقطار والقطاعات الإقتصادية/المالية ومشتقاتها خاصة في المحاور الأكثر كثافة وتسارعاً في دورات وعائدات الإستثمار الرأسمالي بينما كانت الهزات أخف وطأةً في الأقطار الناهضة ومتدنية النمو. ويلاحظ أن ردود الفعل النظرية والإجرآئية قد إتسمت بعقلانية وجدية نسبية في الأقطار الرأسمالية بينما تصاعد الهذيان العقائدي والتضليل التهريجي في عدد من أقطار عربية وأسيوية وأفريقية غارقة في لجج الفقر والتخلف.

    في قمة السلطة الإنقاذية تضاربت رؤى الممسكين بمفاصل الأجهزة الإقتصادية والمالية. أكد وزير المالية أن السودان سيكون في مأمن من تداعيات الأزمة ¬(الصحافة 6 أكتوبر 2008م العدد5492) وقال السيد الرئيس في كسلا "اننا لا نخاف إلا من الله ولن نسجد أو نركع إلا له" وأضاف سيادته (...) إن السودان تعرض للحصار الإقتصادي والعسكري والأمني منذ بداية ثورة الانقاذ وحتى اليوم ، إلا أنه لم ينكسر او ينهزم (...) إن التآمر سيظل مستمراً من دول البغي وان الحرب ضدنا لن تتوقف. وأكد ان الانهيار الاخلاقي في المجتمع الغربي أدى الى الانهيار الإقتصادي، وقال نحن المنقذون للعالم بالاسلام (الرأى العام - الثلاثاء 18 نوفمبر 2008م،العدد 22510).

    وفي الوقت الذي أشاد فيه وزراء وأكاديميون وخبراء إقتصاديون بطهر النظام المصرفي وفعالية أسلمة العلاقات الإقتصادية، فجر محافظ بنك السودان قنبلة مافية المعسرين و/أو المعثرين ونهب مليارات الجنيهات من مدخرات المواطنين المودعة في البنوك المحَصَّنة بالقيم الفاضلة! كشَفََتْ كل من المحققتين الصحافيتين هالة حمزة (السودانى - 10.2008- العدد رقم 1047) وسمية سيد في سلسلة حواراتها مع د. صابر محمد الحسن محافظ البنك المركزي (السودانى 2008-10-13- العدد رقم: 1047) كشفتا حقائق مذهلة عن النهب والإحتيال في حظائر المصارف المؤسلمة وإهدار ما يفوق إثنين وتسعين مليار من الجنيهات لصالح مستثمرين هرب بعضهم خارج البلاد بينما يحتمي البعض الآخر بأخلاقيات فقه الضرورة. ولكن سرعان ما تفاجأ الناس بميزانية 2009 وسقوط أقنعة المناعة الإسلامية من واجهات القطاع المصرفي والأسلمة الإنقاذية.

    أكد الناطق الرسمي باسم مجلس الوزراء (16 أكتوبر 2008) إستناداً إلى التقرير المشترك لوزير المالية ومحافظ بنك السودان "أن السودان ليس بمنأى عن الأزمة رغم عدم تأثره بشكل مباشربسبب الحظر المفروض عليه منذ سنوات والذي شكل حصانة اقتصادية كبيرة له ، (...) أن الاقتصاد سيتأثر بالأزمة بسبب الانخفاض العالمي في أسعار النفط والذي يؤدي الى انخفاض الايرادات الحقيقية للدولة (...) أن المجلس اتفق على أن صيغ العمل المصرفي في السودان والتي تعتمد على الشريعة الاسلامية تمثل كذلك احدى الحصانات للاقتصاد السوداني بسبب عدم اعترافها بما يسمى بالأموال الافتراضية."

    حصانات الأسلمة الإنقاذية

    هل سيقوى الإقتصاد السوداني على مواجهة زلزال الأزمة العالمية بحصانات الأسلمة بعد أن هدت كيانه معاول الأسلمة الإنقاذية طوال عشرين عاماً ؟ً

     إنقََضتْ يد الإنقاذ بقرار وزاري (حمدي) على ودائع المواطنين ونهبت 20 % من أرصدتهم لدعم بيت مال الثورة (90/1989) وقتلت ثلاثة من الأنفس بتهمة إرتكاب جرائم الإتجار بالعملة الأجنبية وتهديد الأمن الإقتصادي والمالي. وبينما لم تجرأ ثورة الإنقاذ طوال سنين حكمها على محاسبة أو حتى توبيخ أي فرد من عصابات نهب المال العام؛ عَفَتْ بكل ورع عن التشهير بعصابات النهب المالي والجوكية وموظفي البنوك صوناً للحصانات الإسلامية وإلتزاماً بنزاهة التعامل في النظام المصرفي (د. صابر مدير البنك المركزي).
     غرزتْ الإنقاذ (1990) سنكى الصالح العام في ظهور المواطنين (فاق عددهم ثلاثة مائة ألف من العاملين بالقطاعات العامة للإنتاج والخدمات) وأردتهم في هاوية البطالة الإجبارية والموت البطئ. وقصمتْ ظهر القطاع العام بمعول الخصخصة وحرمتْ عشرات الآلاف من أرزاقهم وزعزتْ أمن حياتهم بالجوع والمرض والعهر الإعاشي وكآبة الوعود الكاذبة. وفي الوقت الذي دمردتْ فيه الأزمة الرأسمالية حياة الملايين من البشر فى آسيا وأوربا والأمريكتين بمعاول الإصلاح الإقتصادي - إما بسياسات الإعفاء (layoff) أو بالإستغناء عن فائض اليد العاملة ((downsizing - واصلت الإنقاذ نهش لحم القوى العاملة ونخرعظامها طوال سنين تسلطها.
     تزامن نهب الخصخصة طوال حكم الإنقاذ مع إفراغ المؤسسات العامة من الكفاءآت الإدارية والمهنية مما أدى إلى تجفيف شرايين حياة الملايين في مهاجر الضياع والغربة. لم يمهل الصالح العام الإنقاذي الطيب سيخة فارس الحوبة وجنبه كعصف مأكول. ما دوامةّ!
     أهدر إنقلاب الحركة الإسلامية الإضطراري (د.مصطفى عثمان) موارد البلاد الطبيعية والبشرية في أتون حرب جهادية في الجنوب وجبال النوبة وأثقل كاهل الشعب بالضرائب والزكوات والجبايات (دمغة الجريح) مما أدى إلى تدهور مستويات المعيشة في المدن والأرياف وإرتفاع أسعار الضروريات من السلع والخدمات.
     إستنجدتْ السلطة الإنقاذية بالإستثمارات الأسيوية (الصين والهند وماليزيا) وتراضت من وراء الشعب على قسمة ضيزى إستحوذت بموجبها طغم طفيلية على عائدات النفط إلى أن قننتْ نيفاشا مناصفة العائدات جهوياً بين الشركيين. بلغ إجمالي الصادر من البترول (عام 1999) حوالي ستمائة مليون دولار أمريكي خصص منها حوالي 242 مليون للإنفاق العسكري وحينما وصلت قيمة الصادرات بليون دولار عام 2002 ثم أربعة بلايين بعد توقيع نيفاشا عام 2005 ثم ستة بلايين ونصف عام 2006 تضاعف الإنفاق العسكري لتصعيد حرب دارفور وقفز من 319 مليون دولار عام 2002 ليستقر في مستوى 733 مليون بنهاية العامين الأخيرين 2005/2006. وقد تزامنت حرب دارفور مع زيادات فلكية في عائدات الصادر بفعل التصاعد الصاروخي في الأسعار العالمية للنفط. تجاوزت صادرات النفط بليون دولار عام 2002 وقفزت إلى بليونين عام 2003 – ثم إلى ثلاثة بلايين عام 2004 وإلى حوالى 4.5 بليون عام 2005 ثم إلى 6.5 بلايين عام 2006. ووصلت الى 8.5 بلايين عام 2007 (تقريرصندوق النقد الدولي 2008) ثم إنحدرت إلى 6.5 بليون عام 2008 (الرأى العام 17.2.2009).
     تتباهى النخب الإنقاذية (قيادة المؤتمر الوطني) بإنجازاتها غير المسبوقة خاصة ما حققت من تسارع في معدلات التنمية الإقتصادية والإجتماعية خلال العشرة سنوات الأخيرة. قال وزير المالية خلال عرضه لميزانية 2009 "الانتاج يبحث عن اين يذهب وماذا يفعل، فإذا كانت النظريات فشلت نقول أن السودان مضي نحو التجربة الاقتصادية السليمة وانتهج النظرية الاسلامية واعتمد على الله في اقتصاده وأدار إقتصاداً إسلامياً في البنوك وتجنب العمل الربوي وعمل بمشاركات في التأمين والتعاون والشراكة والتجارة والصناعة ( أخبار اليوم السودانية 29-11-1429ه- ). لقد بدأ تدفق البترول وتسويقه منذ عام 2001 وكانت عائداته فضلاً إستثمارياً من رؤوس أموال ربوية دفعت البلاد مقابلها دماءً (إبادة وتهجير وتجويع السكان تأميناً لمناطق عمليات التنقيب) وأموالاً سائبة (إستحقاقات المستثمرين ورشاوى السلطة والوسطاء ومشتريات الأسلحة). كان ذلك وفقاً لفقه الضرورة إذ تأكد في دراسة حول منجزات الإنقاذ:" (...) فالدولة مثلاً لها منهاج في الاقتصاد اقتضى تعديل قانون المصرف المركزي الذي يدير شؤون النقد والصرف واقتضى تعديل القوانين المالية لإقصاء الربا عن التعامل في البلاد. وقد نتج عن هذا التعديل إستقامة الجهاز المصرفي السوداني كله على التعامل الإسلامي وإبتعاده عن النظام المصرفي العالمي الذي يقوم على الربا إلا ما اقتضت الضرورة الشرعية بالعذر فيه من الوفاء بالديون الخارجية وتنفيذ الإتفاقيات الدولية السابقة التي تنطوي بعض بنودها على نصوص ربوية (أمين حسن عمر مقاربة الإنقاذ للمشروع الإسلامي - مركز السودان -2007/07/01).
     واصلتْ الإنقاذ تقويض ما تبقى من حطام بنية القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني وجففتْ شرايين النماء في مفخرة المشاريع المروية (الجزيرة الخدرة) وقطََّّعتْ أوصال قطاع النقل النهري وشلَتْ نبض الحياة في منفذ البلاد إلى العالم. قال الزعيم الأزهري:"جئتكم بإستقلال ذيِّ صحن الصينى ما فيه شق ولاطق!" وليته عاش ليقول قولته تلك عن مؤسسات ورثناها من الحكم الثنائي صحوناً فولاذية وأوسعناها شقاً وطقاً (السكك الحديدية والنقل النهرى وخزان سنار ومشروع الجزيرة وميناء بورتسودان وكلية غردون وكلية كتشنر ومعمل إستاك ومعهد القرش وبخت الرضا...ألخ).
     إبتدعت الإنقاذ سياسات ذكية (حزم التمكين) لهدم وإعادة بناء القطاعين العام والخاص مستهدفة الإستحواذ الأسهل والأسرع لعائدات إقتصاديات الريع مما أدى إلى إهلاك مشروعات الإنماء الإنتاجية والخدمية. كيف؟ إعتمدت حزم التمكين على ريع النفط وعائدات الخصخصة والإستثمارات الطفيلية والنهب الضرائبي وإهدار الفائض الإقتصادي وتجويع رأس المال الوطني وحرمانه من الإستقواء بالموارد المتاحة ... بعد عشرين عام من الإعتماد على إقتصاديات الريع أخضعت الإنقاذ أضخم قطاع عام في أفريقيا لهيمنة الإحتكارات الأجنبية والنخب المتأسلمة الطفيلية. وأسلمت قياد القطاع الخاص لعصابات النهب المصرفي والشركات الوهمية. لم يكن تكالب الإنقاذ على الإقتصاديات الريعية من مستوجبات فقه الضرورة – كما يقولون: هى لله ... بل كان أنجع السبل لتفعيل التمكين: الإنفاق على التصنيع الحربي وبنية مؤسسات جهاز الدولة القمعية والسلطوية (رئاسة وإدارات ووزارات المركز والولايات...ألخ).
     أدمن الإنقاذيون طوال سنين سطوتهم إجترار التباهى بمعجزتي تدفق البترول وإتفاقية نيفاشا - غير أنني لم أعثر على بنود في موازنات الإنقاذ (1990 – 2009 ) خُصِصتْ بموجبها إستثمارات نقدية لقطاع البترول. ولم تنتابني ذرة من الشك فيما حسبته مكايدة ترابية حيث قال عرابهم بعد المفاصلة بين طغم الإسلاميين: " وحول تمويل استخراج البترول (...) إن الحركة الإسلامية لم تصرف عليه من الميزانية (...) إن الذي موَّله شخص كندي من أصل باكستاني، إضافة إلى نائب رئيس وزراء ماليزيا" إنتهى. أما نيفاشا فقد صُكتْ فى بوتقة أطول حرب أفريقية وتقبلها الشريكان تحت ضغوط دول الإستكبار. أطلق عرابهم بعد المفاصلة صواريخ مدمرة: " تسعين فى المية من الشعب السوداني يعيش تحت خط الفقر (...) بعض المؤسسات الفاسدة صارت ملكاَ لأفراد نافذين في الحكومة، يسخرونها من اجل مصالحهم الخاصة، (...) الوظائف صارت محتكرة على أقارب المسؤولين من أسرهم وذويهم واطهارهم.(...) الحكومة قدمت نموذجا سيئا للإسلام الذي اصبح مجرد شعارات" (الشرق الأوسط 13 يناير 2008 العدد 10638). لا يجدي طق الحنك والتباهي بالأرقام الفلكية لعائدات النفط دون الرصد الدقيق لأوجه إنفاقها على دائر المليم قبيل نيفاشا ومن بعدها.
    تشوهات الحسابات القومية
    تعرضتْ الحسابات القومية لتشوهات تراكمية منذ عام الإستقلال بفعل صراعات الحكومات المتعاقبة وإنعدام الشفافية في الرصد والتدقيق. وأفرط عهد الإنقاذ في إبتداع أنجع وسائل التستر الإحصائي على الجرائم الإقتصادية والمالية والإدارية وتمكن من حصد أوسمة الشجاعة في تزيين المفاسد بأقنعة دينية ووطنية كان آخرها "فقه العزائم" (د. الجاز). لا شك أن تقلب السياسات النقدية وسعر الصرف وتغيير مسميات وقيم العملات (جنيه - دينار- جنيه) وتعدد وحدات النقد لرصد الحسابات قد أضعف مصداقية الراصدين وأربك مؤشرات الحسابات القومية.
    مؤشرات التنمية الإقتصادية
    يتصيد بعض الإقتصاديين المتمترسين في خنادق "الإسلام هو الحل" ما يحلو لهم من المؤشرات الإقتصادية والمالية المرصودة في تقارير البنك الدولى وصندوق النقد الدولى ويستشهدون بمصداقيتهما في التدليل على تسارع وتائرالنمو الإقتصادى في عهد الأنقاذ. الملاحظ أن البنك والصندوق الدوليين يرصدان قياس وتائر النمو الإقتصادى/الإجتماعي وفقاَ للمؤشريين الرئيسيين التاليين :
    1) معدل النمو أى النسبة المئوية للزيادة في قيمة إجمالى الناتج المحلى أو إجمالى الدخل القومي. يتم رصد هذا المعدل سنويا أو خلال فترات قصيرة أو طويلة الأمد كما يتيح التلاعب بإنتقاء سنة الأساس لمقارنة المؤشرات التي تستر سوءآت التوجهات الإقتصادية والمالية.
    2) نصيب الفرد من الدخل القومي ويحسب بقسمة إجمالي القيمة النقدية السنوية للدخل القومي على عدد السكان وهو مؤشر إحصائي يتوقف إرتفاعه أو إنخفاضه على معدلات النمو الإقتصادي والسكاني. وغالباً ما يستخدم لإخفاء معالم التفاوت في الإستحواذ الطبقي على الثروة ومساوئ توزيعها.
    وعلى الرغم من فعالية هذين المؤشرين وأهميتهما القياسية في رصد النمو حتى نهاية التسعينيات تبين قصورهما دون إمكانية رصد التوزيع الفعلى للدخل القومى وتقييم المكاسب و/أو الخسائر الفعلية بالنسبة لفئات السكان. وقد تسنى لبعض الأقطار إحتلال مراتب وهمية عالية فى قائمة الأقطار المتقدمة إقتصادياٌ بحكم حصولها على تقدير مرتفع لمتوسط نصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي و/أو إجمالي الناتج المحلى ، لا لشئ سوى إنخفاض عدد سكانها أوالإنتفاخ البالوني لتراكم عائدات قطاع النفط. هذا ما يحدث حالياٌ فى الخليج العربى وبعض مناطق أفريقيا وأمريكا الجنوبية. وغالباً ما تقوم الفئات الحاكمة بجرف عائدات النفط النقدية خارج أوعية الإستثمارات القومية وضخها في دورات رأس المال المعولم. وقد قصمت الأزمة المالية المعولمة ظهر الإستثمارات العربية بأفدح الخسائر وفضحت وسائل نهب وإستنزاف عائدات الثروات القومية لإقامة أود الرأسمالية.

    بدأ برنامج التنمية التابع لهيئة الأمم المتحدة (UNDP) منذ عام 1993 دراسات مكثفة، سعياٌ لتلافى المسالب التى إصطحبت قصور المعايير والنظم المذكورة أعلاه (معدل النمو ونصيب الفرد) وتوصل إلى إستبدال نظم الحسابات القومية التقليدية بنظام جديد أطلق عليه إسم " مؤشر التنمية البشرية" (Human Development Index ) وهو عبارة عن حزمة مؤشرات لقياس متوسط العمر ومكتسبات المعرفة والصحة والتعليم ومستويات المعيشة فى القطر المعين. وتستخدم هذه المؤشرات أيضاٌ لقياس مستويات النمو ومقارنتها فيما بين الأقطار وتصنيفها فى نطاق مجموعات محددة: (1)عالية النمو ((developed ،(2) نامية (3)(developing) متخلفة underdeveloped)) كما تستخدم نفس المؤشرات لرصد وتوصيف فعالية السياسات الإقتصادية في الإرتقاء بمستوى الحياة العامة. تم رًصِدِ أوضاع 178 قطرا وفقاً لهذا النظام الجديد على أساس المؤشرات الوسطية للفترة006ٌ2/2008 وتسنى لعدد من الإقطار المغمورة إحتلال مراكز الصدارة متجاوزة أكثر الأقطار منعة فى النمو الإقتصادى والتطور التكنولوجى حيث إحتلت آيسلاند المرتبة الاولى بحصولها على أعلى رقم قياسى للتنمية البشرية والنرويج = (2) وفرنسا =(11) والولايات المتحدة الامريكية = (15) وبريطانيا =(21) وألمانيا = (23). ويتواصل الجهد العلمى لإنفاذ نظام أكثر إقتداراٌ على ثبر أغوار التنمية البشرية يمكن وفق معاييره توصيف وتصنيف وتقويم المزيد من الأحتياجات الأنسانية، لتشمل مقدرات الحريات المدنية والسياسية والقيم الإنسانية.

    ولا تخفى على القارئ مواقف الإنقاذ الفصامية المتناقضة أزاء موسسات دول الإستكبار وعلى رأسها صندوق النقد الدولى المتجلية في إستبطان التزلف الإسترضائي بتسديد مستحقات الديون الخارجية والتظاهر بالعداء لممارسات الصندوق الإقتصادية والمالية المتحيزة للإمبريالية والصهيونيةّّّ. وفوق كل هذا لا تتورع سلطات الإنقاذ عن إنتقاء ما يطيب لها من المؤشرات التضليلية المدبجة في تقارير الصندوق عن الوضع الإقتصادي والمالي في عهد الإنقاذ وإغفال المؤشرات السالبة. تزامن الإرتفاع الملحوظ في معدلات النمو ونصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي مع تدفق وتسويق النفط (2001) وحينما بدأ صندوق النقد الدولي في رصد هذين المؤشرين في تقاريره للتدليل على تسارع نمو الإقتصاد السودانى حذر من مخاطر الإعتماد على مورد آيل إلى النضوب (النفط) وإغفال القطاعات الرئيسية (الزراعة والصناعة). وعلى الرغم من تسارع معدلات النمو بفضل تصاعد صادرات وأسعار النفط جاءت مرتبة السودان وفق تقييم مؤشر التنمية البشرية 2008/ 2006 متدنيةَ (147) من بين 177 قطراً في العالم.
                  

العنوان الكاتب Date
الأسلمة الإنقاذية والأزمة العالمية ... بقلم: أحمد الأسد Aymen Tabir10-11-09, 11:02 PM
  Re: الأسلمة الإنقاذية والأزمة العالمية ... بقلم: أحمد الأسد Aymen Tabir10-11-09, 11:17 PM
    Re: الأسلمة الإنقاذية والأزمة العالمية ... بقلم: أحمد الأسد Aymen Tabir10-11-09, 11:19 PM
      Re: الأسلمة الإنقاذية والأزمة العالمية ... بقلم: أحمد الأسد Aymen Tabir10-11-09, 11:20 PM
        Re: الأسلمة الإنقاذية والأزمة العالمية ... بقلم: أحمد الأسد Aymen Tabir10-11-09, 11:22 PM
          Re: الأسلمة الإنقاذية والأزمة العالمية ... بقلم: أحمد الأسد Aymen Tabir10-11-09, 11:24 PM
            Re: الأسلمة الإنقاذية والأزمة العالمية ... بقلم: أحمد الأسد Aymen Tabir10-11-09, 11:26 PM
              Re: الأسلمة الإنقاذية والأزمة العالمية ... بقلم: أحمد الأسد Aymen Tabir10-11-09, 11:29 PM
                Re: الأسلمة الإنقاذية والأزمة العالمية ... بقلم: أحمد الأسد Aymen Tabir10-12-09, 08:43 PM
                  Re: الأسلمة الإنقاذية والأزمة العالمية ... بقلم: أحمد الأسد Aymen Tabir10-18-09, 02:21 AM
                    Re: الأسلمة الإنقاذية والأزمة العالمية ... بقلم: أحمد الأسد Aymen Tabir10-26-09, 04:08 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de