|
الانتخابات وسذاجة الفكر السياسي السوداني
|
السياسيون السودانيون يتكلمون كثيرا ويفعلون قليلا، يقرؤن كثيرا ويفهمون قليلا ذلك أن فكرهم السياسي افقه قريب يرمي الى تحقيق مكاسب آنية ذات مطامع شخصية تهدف إلى بلوغ كراسي الحكم والاستئثار بالمغانم النفعية.لا ادري كيف لقادة يفكرون بهذه الطريقة أن يتولوا قيادة وطن هو في أمس الحاجة إلى قادة ملهمين ينقذونه من الأخطار التي تحدق به من كل حدب. المراقب للمشهد السياسي السوداني ليس بحاجة إلى تحليل من عباقرة في علم السياسة كي يفهم ما يجري من تلاعب بعواطف ومشاعر المواطنين حول اجراء انتخابات حرة ونزيهة، كيف تكون حرة ونزيهة في وجود جهة سياسية تجزم مسبقا بحتمية فوزها بها ، فإذا الأمر كذلك فلماذا تنظم الانتخابات طالما نتيجتها محسومة لجهة بعينها، كيف وصل الامر بقادة التنظيمات السياسية إلى هذه الدرجة من السذاجة الفكرية التى يصدقون فيها ادعاءات القائمين على أمر الانتخابات بأنها ستكون شفافة وحرة، العقل البشري الذي انعم الله به على الإنسان هو من أفضل النعم وبه تميز الإنسان عن سائر المخلوقات،فهذا هو الخليفة عمر بن الخطاب يجيب على الصحابة عندما رأوه مرة يبكي ومرة يضحك فاخبرهم بأنه يبكي لسفاهة عقولهم حيث كان يحفر القبر لوأد ابنته التي تمسح التراب من لحيته ويضحك لأنهم كانوا يعبدون اله من تمر فإذا ما أحسوا بالجوع أكلوه، فلماذا لا يستخدم هولاء الساسة عقولهم كي يتعرفوا على ما يجري من حولهم من أحداث، كل المؤشرات تشير إلى أن الهدف من إجراء الانتخابات هو تثبيت شرعية الجهة الحاكمة وقطع الطريق أمام المطالبات القانونية بحق بعض رموزها، ليس من الأخلاق في شيء أن ينتخب الشعب السوداني قيادة لا تحترم حقوق مواطنيها في اختيار القيادة التي يرغبون بقيادتها لهم بكامل وعيه وارادته السياسية بمصداقية وشفافية بعيداً عن الوصاية والتلاعب بمشاعره الوطنية التي تستخدم في الحملة الاعلامية لحثه على التسجيل والدخول في العملية الانتخابية المعروفة النتائج مسبقا. الأولوية يجب أن تعطى إلى تخليص السودان من فكي ما يعرف بالشريكين اللذين وضعا الشمال والجنوب تحت وصايتهم ورعايتهم، فالموتمر الوطني نصب نفسه وصي على الشمال فهو الذي يقرر ويحدد مصيره والحركة الشعبية كذلك أصبحت وصية على أهل الجنوب وكأن الشعب السوداني قطيع من المواشي يقسم بين الشريكين المتشاكستين، على السياسيين أن لا يزعنوا للشعارات الرنانة التي يرفعها الموتمر الوطني أو الحركة الشعبية بأنهم الأقدر على تنفيذ اتفاقية السلام التي يطلق عليها الطرفين بالسلام الشامل وهي في حقيقة الأمر ما هي إلا قسمة للسلطة والثروة بين الاثنين حيث نرى انفراد الموتمر بحكم الشمال والحركة بالجنوب دون ان يكون لاحزاب الديكور التي تشاركهم اي تأثير على مجريات العملية السياسية، فالصراع في مجمله يدور بين الطرفين فهما اللاعبين الرئيسين في المشهد السياسي الحالي لا وجود لا قوة سياسية اخرى سواء كانت شمالية او جنوبية. كيف لنا أن نسلم بمقولة الموتمر الوطني بان الانتخابات ستكون نزيه في ظل إشرافه على مجمل العملية الانتخابية من بدايتها إلى نهايتها، فهو الذي يتولى تنفيذها وحمايتها وفرزها، وهو الذي يسيطر على كل مقومات الدولة البشرية والمادية، ماذا يفعل المراقبين الدوليين مع جهة وحيدة في الشمال والجنوب تسيطر على مقاليد الحكم، لا يوجد أي أمل في إجراء انتخابات تحظى بمصداقية، لذلك على قادة التنظيمات السياسية أن لا يتلاعبوا بمشاعر جماهيرهم التي يدعون تمثيلها والعمل على إقناعهم بان الانتخابات ستكون نزيهة ، أي مشاركة لهذه التنظيمات في العملية الانتخابية ستكون نتيجتها هزيمة نكراء لهم لا يستطيع بعدها اي تنظيم سياسي أن تكون له كلمة في الشأن السياسي السوداني، فدخول القوة السياسية في هذه العملية دون توفر الشروط اللازمة لنزاهتها يعني انتحارها سياسيا، من الأفضل لهذه التنظيمات أن تنأ بنفسها بعيداً عن هذه المسرحية التي أبطالها معروفين لدى القاصي والداني.
|
|
|
|
|
|