مـــع الجــــاحظ

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-30-2024, 00:27 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-17-2009, 05:22 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مـــع الجــــاحظ

    أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب الكناني الليثي العربي ، ولد في البصرة سنة 160هـ . توفي أبوه وهو طفل ، وتعلم في أحد كتاتيب البصرة ، وتلقى اللغة والفصاحة شفاها من العرب في المربد . اتصل بالعلماء والأدباء الذين تصدروا الحركة الفكرية والأدبية ، وكانت البصرة مجمعا للعلماء والأدباء يجتمعون في مسجدها ، فتتلمذ عليهم ، وهم الذين عرفوا بالمسجديين . ثم شخص إلى بغداد ، وأخذ عن كبار علمائها في اللغة والأدب والدين .
    نشأ نشأة الفقراء الذين يعتمدون على أنفسهم ؛ فكان يبيع الخبز والسمك بناحية من البصرة ، وكانت أمه تمونه في حداثته ، ويظهر أنها ضاقت بإقباله على الكتب والدراسة ؛ لأنه لما طلب يوما طعاما جاءت له بطبق به كراسات ، فقال لها : ما هذا؟ قالت: هذا هو الذي تجيء به ، فخرج مغتما ، وجلس في الجامع ، فلما رآه يونس بن عمران قال له : ما شأنك ؟ فحدثه ما صنعت أمه ، فاصطحبه معه إلى منزله ، وقدم إليه الطعام ، وأعطاه خمسين دينارا ، فمضى الجاحظ إلى السوق ، واشترى دقيقا وطعاما ، ومشى إلى داره مزهوا ، والحمالون من ورائه ، فلما رأت أمه ذلك دهشت وقالت : من أين لك هذا ؟ فكانت إجابته ردا على سخريتها بكتبه ، إذ قال لها : من الكراريس التي قدمتها إلي .
    ما كاد الجاحظ يكتهل حتى ذاع صيته ببغداد وسامراء ؛ فاتصل بالخلفاء والوزراء ؛ ذلك أن المأمون قرأ كتاب " الإمامة " للجاحظ فأعجب به ، فاستدعاه ، وطلب منه أن يؤلف كتابا في " العباسية " فألفه ، فعينه في ديوان الرسائل ببغداد ، ولكن الجاحظ لم يبق بالديوان غير ثلاثة أيام ، واستعفى .
    وفي عهد المعتصم استخدمه محمد بن عبدالملك الزيات كاتبا له ، فانقطع إلى ابن الزيات مدة وزاراته الثلاث ، وأهدى إليه كتاب الحيوان ، فكافأه بخمسة آلاف دينار.
    كان الجاحظ في عصر كل من المأمون والمعتصم والواثق وسنوات من عصر المتوكل يكثر التردد على بغداد ، ويقيم بها ، ويتصدى للتدريس والتعليم والمناظرة.
    اتصل الجاحظ بالفتح بن خاقان ، الحسن بن وهب ، وإبراهيم بن العباس الصولي، وأحمد بن أبي دؤاد.
    تقدمت بالجاحظ السن ، وأصيب بالفالج ( الشلل النصفي ) فلزم بيته حتى توفي سنة 255هـ عن ست وتسعين سنة قضاها في القراءة والتأليف .
                  

11-17-2009, 05:25 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مـــع الجــــاحظ (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    ثقافته

    كان منهوما إلى القراءة والاستزادة من العلم والأدب ، حتى قالوا إنه كان يكتري دكاكين الوراقين ويقيم بها ليقرأ ما بها .
    ولهذا لم يند عنه شيء مما كتب في اللغة والأدب وعلم الكلام والاجتماع والحيوان والنبات والجماد والتاريخ والجغرافية والطب وغيرها ، ولم يغفل عن شيء مما ترجم من اليونانية والفارسية والهندية والسريانية أيام المنصور والرشيد والمأمون.
    وكانت ثمرة هذا كله أن صار علما في الأدب والعلم .
    ولم يكتب أحد في تمجيد الكتاب وإيثاره بالحب والصداقة مثل ما كتبه الجاحظ في كتابه الحيوان .
    وحسبنا أن معاصريه شهدوا له بأنه كان إذا امسك كتابا استوعبه من أوله إلى آخره ، وأنهم لم يروا قط ولم يسمعوا عن أحد أحب الكتب كما أحبها الجاحظ.
    وكثيرا ما كان يذهب إلى المربد بالبصرة ليلقى الشعراء والخطباء والنسابين والرواة، ويستوعب ثمرات القرائح وشوارد اللغة والأدب والأخبار ، كما كان ينتجع البلاد والبوادي للقاء الأعراب ، ليستفتيهم في كلمة أو تعبير ، وليتلقى منهم الفصاحة شفاها.
    عاصر الجاحظ كثيرا من الأعلام في اللغة والأدب والدين والفلسفة ؛ فاتفق مولده مع مولد الشافعي . وعاصر الجاحظ الأصمعي العلامة اللغوي الكبير ، كما عاصر أبا عبيدة معمر بن المثنى العالم الراوية اللغوي ، وعاصر الخليل بن أحمد وسيبويه والكسائي . وكان من معاصريه أبو زيد الأنصاري .
    وقد أخذ الجاحظ اللغة والأدب من هؤلاء الثلاثة : الأصمعي وأبي عبيدة وأبي زيد.
    وأخذ النحو عن الأخفش الأوسط . وأخذ الحكمة عن صالح بن جناح اللخمي .
    ودرس أصول الاعتزال على شيخ المعتزلة أبي إسحاق إبراهيم بن سيار النظام .
    وحدث الجاحظ عن ثمامة بن الأشرس وهو من زعماء المتكلمين ، وعن يزيد بن هارون ، والقاضي أبي يوسف وغيرهم.
    وقد عاصر الجاحظ من الشعراء بشار بن برد وأبا نواس ومسلم بن الوليد وأبا العتاهية وأبا تمام والبحتري وابن الرومي.
    وعاصر من الكتاب ابن المقفع وإبراهيم الصولي وابن قتيبة وابن الزيات ويحيى بن خالد البرمكي وعمرو بن مسعدة والحسن بن وهب .
    وعاصر من علماء الحديث والفقه البخاري ومالكا والشافعي وأحمد بن حنبل .
    وتردد على مجالس ابن وهب وابن الزيات وغيرهما من كبار الكتاب .
                  

11-17-2009, 05:26 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مـــع الجــــاحظ (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    مؤلفاته

    خرج الجاحظ عن زهاء ثلاثمائة وستين مؤلفا في ألوان شتى من المعرفة . ذاك أقصى تقدير وصلت إليه كتب الجاحظ ، الذي يقول فيه المسعودي : " ولا يعلم أحد من الرواة وأهل العلم أكثر كتبا منه " . على أن أدنى ما تنزل إليه في التقدير، أن تكون مائة ونيفا وسبعين كتابا .
    والسؤال: أين ذهبت هذه الكتب جميعا ؟
    الحق أن الخمود الذهني وهبوط الهمم كان لهما معظم الأثر في ضياع هذه النفائس وفقدها ، والحق أن الفوضى السياسية التي منيت بها الأمم الإسلامية في مسائها الأول ، والتي كانت قائمة على التدمير والتخريب والانتقام جعلت تهدم في هذا الصرح الفكري ، حتى أتت على كثير من قواعده ، ولم تبق إلا وشلا من محيط.
    ومهما أحزننا فقد كثير من آثار الجاحظ ؛ فإن مما يجلب إلينا العزاء ، أن تبقى الأيام منها قدرا لا يستهان به ولا بنفاسته ، قد سار بعضه بين الأدباء فكان له فضل كبير في تقويم ألسنتهم ، وتأدبهم ، وحمت بعضه الآخر خزائن متناثرة في أرجاء المعمورة .
    وقد عمل الأستاذ عبدالسلام محمد هارون على جمع وتحقيق وإخراج مكتبة الجاحظ.
    ومن مؤلفات الجاحظ الكثيرة:
    الحيوان.
    البيان والتبيين.
    العثمانية.
    التاج في أخلاق الملوك.
    البخلاء.
    رسالة في فضائل الأتراك.
    رسالة في الأخلاق المحمودة والمذمومة.
    رسالة في كتمان السر وحفظ اللسان.
    رسالة ي المعاد والمعاش.
    رسالة في ذم أخلاق الكتاب.
    رسالة في القيان.
    رسالة في الحنين إلى الأوطان.
    رسالة في الجد والهزل.
    رسالة في نفي التشبيه.
    رسالة في معنى كتابه في الفتيا.
    رسالة إلى أبي الفرج بن نجاح.
    رسالة في النابتة.
    رسالة في الحجاب.
    رسالة في مفاخر الجواري والغلمان.
    رسالة في البغال.
    رسالة فصل ما بين العداوة والحسد.
    رسالة في الرد على النصارى.
    رسالة في الحاسد والمحسود.
    رسالة في التربيع والتدوير.
    رسالة في تفضيل النطق على الصمت.
    رسالة في مدح التجار وذم عمل السلطان.
    رسالة في العشق والنساء.
    رسالة في الوكلاء.
    رسالة في استنجاز الوعد.
    رسالة في بيان مذاهب الشيعة.
    رسالة في طبقات المغنين.
    رسالة في الفرق بين النبي والمتنبي.
    رسالة في نظم القرآن.
    رسالة في اللصوص.
    رسالة في الأصنام.
    رسائل في مسائل القرآن.
    رسالة في تصويب علي في التحكيم.
    رسالة في وجوب الإمامة.
    رسالة في بيان مذاهب الشيعة.
    رسالة في معاوية وبني أمية.
    رسالة في ذكر ما بين الزيدية والرافضة.
    رسالة في الرد على المشبهة.
    رسالة المخاطبات في التوحيد.
    كتاب البرصان والعرجان.
    صنع الجاحظ هذه الكتب جميعا . ولم يكن همه هم غيره من المؤلفين ، في الجمع والرواية والحفظ ، وإنما كان كده أن يبتكر وأن يطرف ، وأن يخلق للناس بديعا ، يمسح على جميعها بالدعابة والهزل ، ويشيع الفكاهة في أثناء الكلام ؛ فجمع بذلك قلوب القارئين إليه ، واستولى منهم بذلك على شتى ميولهم إلى ما يكتب ، فصبوا إليه وأغرموا به غراما.
    وطرق الجاحظ في كتابته أبوابا عجيبة ، وتقرب إلى العامة وحرص أشد الحرص على استرضائهم . ولم ينس في ذلك أن يستميل إعجاب الخاصة في المعارف العالية ، والسياسات الرفيعة.
                  

11-17-2009, 05:29 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مـــع الجــــاحظ (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    نماذج من كتاباته
    من رسالة الحاسد والمحسود

    " الحسد ـ أبقاك الله ـ داء ينهك الجسد ، ويفسد الأود، علاجه عسر، وصاحبه ضجر ، وهو باب غامض ، وأمر متعذر ، فما ظهر منه فلا يداوى ، وما بطن منه فمداويه في عناء.
    ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : " دب إليكم داء الأمم من قبلكم الحسد والبغضاء".
    وقال بعض الناس لجلسائه : أي الناس أقل غفلة؟
    فقال بعضهم : صاحب ليل ، إنما همه أن يصبح ، فقال إنه لكذا وليس كذاك.
    وقال بعضهم : المسافر إنما همه أن يقطع سفره ، فقال إنه لكذا وليس كذاك.
    فقالوا له : فأخبرنا بأقل الناس غفلة ، فقال : الحاسد إنما همه أن ينزع الله منك النعمة التي أعطاكها ، فلا يغفل أبدا.
    ويروى عن الحسن أنه قال: الحسد أسرع في الدين من النار في الحطب اليابس.
    وما أوتي المحسود من حاسد إلا من قبل فضل الله تعالى إليه ونعمته عليه، قال الله تبارك وتعالى : " أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ، فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة ، وآتيناهم ملكا عظيما".
    والحسد عقيد الكفر ، وحليف الباطل ، وضد الحق ، وحرب البيان، وقد ذم الله تعالى أهل الكتاب فقال:"ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا ، حسدا من عند أنفسهم ، من بعد ما تبين لهم الحق".
    فمنه تتولد العداوة ، وهو سبب كل قطيعة ، ومنتج كل وحشة ، ومفرق كل جماعة ، وقاطع كل رحم بين الأقرباء ، ومحدث التفرق بين القرناء ، وملقح الشر بين الخلطاء.
    يكمن في الصدور كمون النار في الحجر ، ولو لم يدخل ـ رحمك الله ـ على الحاسد بعد تراكم الهموم على قلبه ، واستمكان الحزن في جوفه ، وكثرة مضضه ، ووسواس ضميره ، وتنغيص عمره ، وكدر نفسه ، ونكد لذاذة معاشه ، إلا استصغاره لنعمة الله تعالى عنده ، وسخطه على سيده بما أفاده الله عبده ، وتمنيه عليه أن يرجع في هبته إياه، وألا يرزق أحدا سواه، لكان عند ذوي العقول مرحوما ، وكان عندهم في القياس مظلوما.
    وقد قال بعض الأعراب : ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم من الحاسد، نفس دائم ، وقلب هائم ، وحزن لازم ، والحاسد مخذول ومأزور ، والمحسود محبوب ومنصور ، والحاسد مهموم ومهجور ، والمحسود مغشي ومزور.
    والغل ينتج الحسد ، وهو رضيعه ، وغصن من أغصانه ، وعون من أعوانه ، وشعبة من شعبه ، وفعل من أفعاله، وحدث من أحداثه.
    ورأيت الله جل ثناؤه ذكر الجنة في كتابه فحلاها بأحسن حلية ، وزينها بأحسن زينة ، وجعلها دار أوليائه ، ومحل أنبيائه ، ففيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، فذكر في كتابه ما من به عليهم من السرور والكرامة عندما دخولها وبوأها لهم ، فقال : " إن المتقين في جنات وعيون ، ادخلوها بسلام آمنين ، ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين . لا يمسهم فيها نصب ما هم منها بمخرجين ".
    فما أنزلهم دار كرامة إلى بعد ما نزع الحسد والغل من صدورهم ، ولو لم ينزع ذلك من صدورهم ، ويخرجه من قلوبهم لافتقدوا لذاذة الجنة ، ولتدابروا وتقاطعوا وتحاسدوا ، لأنه عز وجل فاضل بينهم في المنازل ، ورفع درجات بعضهم فوق بعض في الكرامات ، وسني العطيات ".
                  

11-17-2009, 05:34 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مـــع الجــــاحظ (Re: عبدالرحمن الحلاوي)
                  

11-17-2009, 06:15 AM

عمر صديق
<aعمر صديق
تاريخ التسجيل: 06-06-2008
مجموع المشاركات: 14776

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مـــع الجــــاحظ (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    الاخ الحلاوي
    تحياتي


    وشكرا علي هذا البوست الهام والهادف
                  

11-17-2009, 07:10 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مـــع الجــــاحظ (Re: عمر صديق)

    والشكر لكم أخونا عمر صديق على المرور ..وفي قراءة كتاب كهؤلاء سلوى وثروة وعمق من أتراح الزمان الذي نعيشه ..
    تحياتي
                  

11-17-2009, 07:16 AM

محمَّد زين الشفيع أحمد
<aمحمَّد زين الشفيع أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1792

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مـــع الجــــاحظ (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    أخي عبد الرَّحمن .
    سلامي يسبقُهُ احترامي .
    موْضُوعٌ مُهِمٌ ، أشكُرُكَ كثيرًا عليه .
    تحيَّتي .
                  

11-17-2009, 08:27 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مـــع الجــــاحظ (Re: محمَّد زين الشفيع أحمد)

    أخِي مُحَمَّد زَيْنُ الشَّفيْع ِ
    ولكم الشَُكرعلى التفضُّل بالعُبورِ من بوَّابةِ الجاحظِ الذَّي يُعُّد على رَأْسِ كُتابِ العَصْرِ العبَّاسِي

    وحمداًً ِّلله على سلامتِكُم

    .

    (عدل بواسطة عبدالرحمن الحلاوي on 11-17-2009, 08:40 AM)

                  

11-17-2009, 08:33 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مـــع الجــــاحظ (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    قال ابن خلدون عند الكلام على علم الأدب: «وسمعنا من شيوخنا في مجالس التعليم أن أصول هذا الفن وأركانه أربعة كتب هي: أدب الكاتب لابن قتيبة، كتاب الكامل للمبرد، كتاب البيان والتبيين للجاحظ، وكتاب النوادر لأبي علي القالي، وما سوى هذه الأربعة فتبع لها وفروع منها».
    .........................................

    اتجاهه الفلسفي
    من المعتزلة وكان تلميذ أبي إسحق إبراهيم بن سيار البلخي المعروف بالنظام المتكلم المشهور. من مذهبه أن المعارف كلها ضرورية طباع وليس شيء من ذلك من أفعال العباد وليس للعباد سوى الإرادة ويحصل أفعالهم طباعا وقال في أهل النار أنهم لا يخلدون فيها عذابا بل يصيرون إلى طبيعة النار. وكان يقول النار تجذب أهلها إلى نفسها دون أن يدخل أحد فيها. ومذهبه مذهب الفلاسفة في نفي الصفات وفي إثبات القدر خيره وشره من العبد مذهب المعتزلة . وقال الناس محجوبون بمعرفتهم، وهم صنفان عالم بالتوحيد وجاهل به فالجاهل معذور والعالم محجوج ومن انتحل دين الإسلام فإن اعتقد أن اللّه تعالى ليس بجسم ولا صورة ولا يرى بالأبصار وهو عدل لا يجور ولا يريد المعاصي. وبعد الاعتقاد والتبيين أقر بذلك كل فهو مسلم حقا. وإن عرف ذلك كله ثم جحده وأنكره أو دان بالتشبيه والجبر فهو مشرك كافر حقا. وإن لم ينظر في شيء من ذلك واعتقد أن اللّه تعالى ربه وأن محمدا رسول اللّه فهو مؤمن لا لوم عليه ولا تكليف عليه غير ذلك


    أما عن منهجه في معرفة الحلال والحرام فيقول : "إنما يعرف الحلال والحرام بالكتاب الناطق، وبالسنة المجمع عليها، والعقول الصحيحة، والمقاييس المعينة" رافضًا بذلك أن يكون اتفاق أهل المدينة على شيء دليلاً على حله أو حرمته؛ لأن عظم حق البلدة لا يحل شيئا ولا يحرمه، ولأن أهل المدينة لم يخرجوا من طباع الإنس إلى طبائع الملائكة "وليس كل ما يقولونه حقًا وصوابًا". فقد كان


    الجاحظ لسان حال المعتزلة في زمانه، فرفع لواء العقل وجعله الحكم الأعلى في كل شيء، ورفض من أسماهم بالنقليين الذين يلغون عقولهم أمام ما ينقلونه ويحفظونه من نصوص القدماء، سواء من ينقلون علم أرسطو، أو بعض من ينقلون الحديث النبوي.
    فإذا كان بعض فلاسفة الشرق والغرب فد وقفوا أمام أرسطو موقف التلميذ المصدق لكل ما يقوله الأستاذ فإن الجاحظ وقف أمام أرسطو عقلا لعقل؛ يقبل منه ما يقبله عقله، ويرد عليه ما يرفضه عقله، حتى إنه كان يسخر منه أحيانا.. ففي كتابه الحيوان يقول الجاحظ عن أرسطو وهو يسميه صاحب المنطق: "وقال صاحب المنطق: ويكون بالبلدة التي تسمى باليونانية "طبقون"، حية صغيرة شديدة اللدغ إلا أنها تُعالج بحجر يخرج من بعض قبور قدماء الملوك-، ولم أفهم هذا ولمَ كان ذلك؟!"

    ويقول الجاحظ: "زعم صاحب المنطق أن قد ظهرت حية لها رأسان، فسألت أعرابيًا عن ذلك فزعم أن ذلك حق، فقلت له: فمن أي جهة الرأسين تسعى؟ ومن أيهما تأكل وتعض؟ فقال: فأما السعي فلا تسعى؛ ولكنها تسعى على حاجتها بالتقلب كما يتقلب الصبيان على الرمل، وأما الأكل فإنها تتعشى بفم وتتغذى بفم، وأما العض فأنها تعض برأسيها معًا. فإذا هو أكذب البرية". وكان الجاحظ يؤمن بأهمية الشك الذي يؤدي إلى اليقين عن طريق التجربة، فهو يراقب الديكة والدجاج والكلاب ليعرف طباعها، ويسأل أرباب الحرف ليتأكد من معلومات الكتب.. قال أرسطو: إن إناث العصافير أطول أعمارًا، وإن ذكورها لا تعيش إلا سنة واحدة… فانتقده الجاحظ بشدة لأنه لم يأت بدليل، ولامه لأنه لم يقل ذلك على وجه التقريب بل على وجه اليقين. كما هاجم الجاحظ رجال الحديث، لأنهم لا يحكّمون عقولهم فيما يجمعون ويروون، ويقول: ولو كانوا يروون الأمور مع عللها وبرهانها خفّت المؤنة، ولكن أكثر الروايات مجردة، وقد اقتصروا على ظاهر اللفظ دون حكاية العلة ودون الإخبار عن البرهان.

    فهو لا يقبل ما يرويه الرواة من أن الحجر الأسود كان أبيض اللون واسودَّ من ذنوب البشر، فيقول ساخرًا: "ولماذا لم يعد إلى لونه بعد أن آمن الناس بالإسلام؟!". والجاحظ يرفض الخرافات كلها ، وينقد من يرويها من العلماء أمثال أبي زيد الأنصاري، فيقول: إن أبا زيد أمين ثقة، لكنه ينقصه النقد لأمثال هذه الأخبار التي يرويها عن السعالي والجن، وكيف يراهم الناس ويتحدثون إليهم ويتزوجونهم وينجبون؟.

    وكان الجاحظ يرفض وضع صحابة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في مكانة أعلى من البشر، بحيث لا يحق لأحد أن يتعرض لأعمالهم ويقيمها وينقدها، فهو يرى أن من حق المؤرخ أن يتناول أعمالهم بميزان العقل، لأنهم بشر كالبشر يخطئون ويصيبون، وليسوا ملائكة، وإذا كانت صحبتهم للرسول -صلى الله عليه وسلم- تعطيهم حق التوقير فإن هذه الصحبة نفسها تجعل المخطئ منهم موضع لوم شديد؛ لأنه أخطأ رغم صحبته وقربه من الرسول -صلى الله عليه وسلم-.

    ورفض الجاحظ بشدة القول بأن سب الولاة فتنة ولعنهم بدعة"، وعجب من أن الذين يقولون بذلك الرأي مجمعون على لعن من قتل مؤمنًا متعمدًا، ثم إذا كان القاتل سلطانًا ظالمًا لم يستحلوا سبه ولا لعنه ولا خلعه، وإن أخاف العلماء وأجاع الفقراء وظلم الضعفاء..، فالجاحظ -كمعتزلي- كان يرى ضرورة الخروج على الإمام الظالم في حالة وجود إمام عادل، مع الثقة في القدرة على خلع الظالم وإحلال العادل محله، دون إحداث أضرار أكثر مما يتوقع جلبه من المنافع. وكان الجاحظ يؤكد أن العقل الصحيح أساس من أسس التشريع. والأسلوب أحد المميزات الكبرى التي تمتع بها الجاحظ، فهو سهل واضح فيه عذوبة وفكاهة واستطراد بلا ملل.
                  

11-17-2009, 08:41 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مـــع الجــــاحظ (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    وحدث علي بن محمد الوراق قال: من كتاب الجاحظ إلى ابن الزيات: لا والله، ما عالج الناس داءً قط أدوى من الغيظ، ولا رأيت شيئاً هو أنفذ من شماتة الأعداء، ولا أعلم باباً أجمع لخصال المكروه من الذل، ولكن المظلوم ما دام يجد من يرجوه، والمبتلى ما دام يجد من يرثي له، فهو على سبب درك وإن تطاولت به الأيام، فكم من كربة فادحة، وضيقة مصمتة قد فتحت أقفالها وفككت أغلالها، ومهما قصرت فيه فلم أقصر في المعرفة بفضلك، وفي حسن النية بيني وبينك، لا مشتت الهوى، ولا مقسم الأمل، على تقصير قد احتملته، وتفريط قد اغتفرته، ولعل ذلك أن يكون من ديون الإدلال وجرائم الإغفال، ومهما كان من ذلك فلن أجمع بين الإساءة والإنكار، وإن كنت كما تصف من التقصير وكما تعرف من التفريط، فإني من شاكري أهل هذا الزمان، وحسن الحال. متوسط المذهب، وأنا أحمد الله على أن كانت مرتبتك من المنعمين فوق مرتبتي في الشاكرين، وقد كانت علي بك نعمة أذاقتني طعم العز، وعودتني روح الكفاية، ولوت هذا الدهر وجهده، ولما مسخ الله الإنسان قرداً وخنزيراً ترك فيهما مشابه من الإنسان، ولما مسخ زماننا لم يترك فيه مشابه من الأزمان.

    وقال أبو عثمان: ليس جهد البلاء مد الأعناق وانتظار وقع السيف، لأن الوقت قصير، والحين معمور، ولكن جهد البلاء أن تظهر الخلة وتطول المدة، وتعجز الحيلة، ثم لا تعدم صديقاً مؤنباً، وابن عم شامتاً، وجاراً حاسداً، وولياً قد تحول عدواً، وزوجة مختلعة، وجارية مسبعة، وعبداً يحقرك، وولداً ينتهرك.

    وقال الجاحظ: إذا سمعت الرجل يقول: ما ترك الأول للآخر شيئاً، فاعلم أنه ما يريد أن يفلح. قال أبو حيان في كتاب التقريظ ومن خطه نقلت: وحدثنا أبو دلف الكاتب قال: صدر الجاحظ في ديوان الرسائل أيام المأمون ثلاثة أيام ثم إنه استعفى فأعفي. وكان سهل بن هارون يقول: إن ثبت الجاحظ في هذا الديوان أفل نجم الكتاب. قال أبو عبد الله المرزباني: حدث إسحاق الموصلي وأبو العيناء قال: كنت عند أحمد بن أبي دؤاد بعد قتل ابن الزيات فجيء بالجاحظ مقيداً وكان من أصحاب ابن الزيات وفي ناحيته، فلما نظر إليه قال: والله ما علمتك إلا متنسباً للنعمة، كفوراً للصنيعة، معدداً للمساوي، وما فتني باستصلاحي لك، ولكن الأيام لا تصلح منك لفساد طويتك، ورداءة داخلتك، وسوء اختيارك، وتغالب طبعك. فقال له الجاحظ: خفض عليك، - أيدك الله -، فوالله لأن يكون لك الأمر علي خير من أن يكون لي عليك، ولأن أسيء وتحسن، أحسن عنك من أن أحسن فتسيء، وأن تعفو عني في حال قدرتك أجمل من الانتقام مني. فقال له ابن أبي دؤاد: قبحك الله، ما علمتك إلا كثير تزويق الكلام، وقد جعلت ثيابك أمام قلبك، ثم اصطفيت فيه النفاق والكفر، ما تأويل هذه الآية؟: (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة، إن أخذه أليم شديد). قال: تلاوتها تأويلها - أعز الله القاضي -. فقال: جيئوا بحداد. فقال: - أعز الله القاضي - ليفك عني أو ليزيدني؟ فقال: بل ليفك عنك. فجيء بالحداد فغمزه بعض أهل المجلس أن يعنف بساق الجاحظ، ويطيل أمره قليلاً، فلطمه الجاحظ وقال: اعمل عمل شهر في يوم، وعمل يوم في ساعة، وعمل ساعة في لحظة، فإن الضرر على ساقي، وليس بجذع ولا ساجة. فضحك ابن أبي دؤاد وأهل المجلس منه. وقال بان أبي دؤاد لمحمد بن المنصور، وكان حاضراً: صر به إلى الحمام وأمط عنه الأذى، واحمل إليه تخت ثياب وطويلة وخفاً، فلبس ذلك ثم أتاه متصدر في مجلسه، ثم أقبل عليه وقال: هات الآن حديثك يا أبا عثمان. ومن شعر الجاحظ في ابن أبي دؤاد:

    وعويص من الامـور بـهـيم

    غامض الشخص مظلم مستور

    قد تسنمت ما تـوعـر مـنـه

    بلسان يزينـه الـتـحـبـير

    مثل وشي البرود هلله النـس

    ج وعند الحجـاج در نـثـير

    حسن الصمت والمقاطع إمـا

    نصت القوم والـحـديث يدور

    ثم من بعد لحظة تورث الـيس

    ر وعرض مهذب مـوفـور


    وكتب الجاحظ إلى أحمد بن أبي دؤاد:

    لا تراني وإن تطاولت عمـداً

    بين صفيهم وأنـت تـسـير

    كلهم فاضل علـي بـمـال

    ولساني يزينه الـتـحـبـير

    فإذا ضمنا الـحـديث وبـيت

    وكأني على الجمـيع أمـير

    رب خصم أرق من كل روح

    ولفرط الذكـا يكـاد يطـير

    فإذا رام غايتي فهـو كـاب

    وعلى البعد كوكب مبهـور


    وحدث أبو العيناء عن إبراهيم بن رباح قال: أتاني جماعة من الشعراء كل واحد منهم يدعي أنه مدحني بهذه الأبيات وأجزيه عليها:

    بدا حين أثـرى بـإخـوانـه

    ففلل عنهم شـبـاة الـعـدم

    وذكره الدهر صرف الزمان

    فبادر قبل انتقال الـنـعـم

    فتى خصه الله بالمكـرمـات

    فمازج منه الحيا بالـكـرم

    ولا ينكت الأرض عند السؤال

    ليقطع زواره عـن نـعـم


    ويقال: إن الجاحظ مدح بهذه الأبيات أحمد بن أبي دؤاد وإبراهيم بن رباح، ومحمد بن الجهم.
    وحدث إبراهيم بن رباح قال: مدحني حمدان بن أبان اللاحقي وذكر مثل ما مضى وقال في آخره فقال: إن مادحك - أعزك الله - يجد مقالاً، والجاحظ يملأ عينيه مني ولا يستحي. قال: وحدث يموت بن المزرع قال: هجا خالي أبو عثمان الجاحظ الجماز بأبيات منها:

    نسب الجماز مقصو

    ر إليه منـتـهـاه

    تنتهي الأحساب بالنا

    س ولا تعدو قفـاه


    فكتب إليه الجماز:

    يا فـتـىً إلـى ال

    كفر باللـه تـائقـه

    لك في الفضل والتزه

    د والنسك سابـقـه


    ومن هجاء الجماز للجاحظ قوله:

    قال عمرو مفاخـراً

    نحن قوم من العرب

    قلت في طاعة لرب

    ك أبليت ذا النسب؟


    وحدث أبو العيناء محمد بن القاسم قال: كان لي صديق فجاءني يوماً فقال: أريد الخروج إلى فلان العامل وأحببت أن يكون معي إليه وسيلة وقد سألت: من صديقه؟. فقيل لي: أبو عثمان الجاحظ وهو صديقك، وأحب أن تأخذ لي كتابه إليه بالعناية. قال: فصرت إلى الجاحظ فقلت له: جئتك مسلماً وقاضياً للحق، ولي حاجة لبعض أصدقائي وهي كذا وكذا. قال: لا تشغلنا الساعة عن المحادثة وتعرف أخبارنا، إذا كان في غد وجهت إليك بالكتاب، فلما كان من غد وجه إلي بالكتاب. فقلت لابني: وجه هذا الكتاب إلى فلان ففيه حاجته. فقال لي: إن أبا عثمان بعيد الغور، فينبغي أن نفضه وننظر ما فيه، ففعل فإذا في الكتاب: هذا الكتاب مع من لا أعرفه، وقد كلمني فيه من لا أوجب حقه، فإن قضيت حاجته لم أحمدك، وإن رددته لم أذممك. فلما قرأت الكتاب مضيت إلى الجاحظ من فوري فقال: يا أبا عبد الله، قد علمت أنك أنكرت ما في الكتاب. فقلت: أوليس موضع نكرة؟ فقال: لا، هذه علامة بيني وبين الرجل فيمن أعتني به. فقلت: لا إله إلا الله، ما رأيت أحداً بطبعك ولا ما جبلت عليه. من هذا الرجل علمت أنه لما قرأ الكتاب قال: أم الجاحظ عشرة آلاف في عشرة آلاف قحبة، وأم من يسأله حاجة. فقلت له: ما هذا؟ تشتم صديقنا، فقال: هذه علامتي فيمن أشكره، فضحك الجاحظ، وحدث الفتح بن خاقان، وحدث الفتح المتوكل: فذلك كان سبب اتصالي به وإحضاري إلى مجلسه.

    وحدث عبد الرحمن بن محمد الكاتب قال: كان الجاحظ يتقلد خلافة إبراهيم بن العباس الصولي على ديوان الرسائل، فلما جاء إلى الديوان جاءه أبو العيناء، فلما أراد الانصراف تقدم الجاحظ على حاجبه: إذا وصل إلى الدهليز ألا يدعه يخرج، ولا يمكنه من الرجوع إليه، فخرج أبو العيناء ففعل به ذلك، فنادى بأعلى صوته يا أبا عثمان: قد أرتنا قدرتك فأرنا عفوك. ومن كلام الجاحظ: إحذر من تأمن كأنك حذر ممن تخاف. وقال: أجمع الناس على أربع: أنه ليس في الدنيا أثقل من أعمى، ولا أبغض من أعور، ولا أخف روحاً من أحول، ولا أقود من أحدب. قال المرزباني: وروى أصحابنا أن الجاحظ صار إلى منزل بعض إخوانه فاستأذن عليه، فخرج إليه غلام عجمي فقال: من أنت؟ قال الجاحظ: فدخل الغلام إلى صاحب الدار فقال: الجاحد على الباب وسمعها الجاحظ، فقال صاحب الدار للغلام: اخرج فانظر من الرجل؟فخرج يستخبر عن اسمه فقال: أنا الحدقي. فدخل الغلام فقال: الحلقي وسمعها الجاحظ فصاح به في الباب: ردنا إلى الأول، يريد أن قوله الجاحد مكان الجاحظ أسهل عليه من الحلقي مكان الحدقي، فعرفه الرجل فأوصله واعتذر إليه. وقال الجاحظ: أربعة أشياء ممسوخة: أكل الأرز البارد، والنيك في الماء، والقبل على النقاب، والغناء من وراء ستارة.

    وحدث قال الجاحظ مرة بحضرة السدري: إذا كانت المرأة عاقلة ظريفة كاملة كانت قحبة، فقال له السدري: وكيف؟ قال: لأنها تأخذ الدراهم وتمتع بالناس والطيب، وتختار على عينها من تريد، والتوبة معروضة لها متى شاءت. فقال له السدري: فكيف عقل العجوز حفظها الله؟ قال: هي أحمق الناس وأقلهم عقلاً.

    وحدث المبرد قال: قال الجاحظ: أتيت أبا الربيع الغنوى أنا ورجل من بني هاشم فاستأذنا عليه فخرج إلينا وقال: خرج إليكم رجل كريم والله. فقلت له: من خير الخلق يا أبا الربيع؟ فقال: الناس والله. قلت ومن خير الناس؟ قال العرب والله. قلت فمن خير العرب؟ قال: مضر والله. فقلت فمن خير مضر؟ قال: قيس والله. فقلت: ومن خير قيس؟ قال أعصر والله. قلت: فمن خير أعصر؟ قال غني والله. قلت: فمن خير غني؟ قال أنا والله. قلت فأنت خير الخلق؟ قال إي والله. قلت أيسرك لو أنك تزوجت بنت يزيد بن المهلب؟ قال: والله لا أدنس كرمي بلؤمها. قلت: على أن لك الجنة، ففكر ساعة ثم قال: على ألا تلد مني وأنشد:

    تأبى لأعصر أعراق مهـذبة

    من أن تناسب قوماً غير أكفاء

    فإن يكن ذاك حتماً لا مرد لـه

    فاذكر حذيف فإني غير أبـاء


    حذيفة بن بكر، وإنما ذكره من بين الأشراف لأنه أقربهم إليه نسباً، لأن أعصر بن أسعد بن قيس بن عيلان. وحذيفة بن بدر بن عمرو بن جوية بن لوذان بن ثعلبة بن عدي بن فزارة ابن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بنقيس بن عيلان. قال المرزباني: وحدث أبو الحسن الأنصاري، حدثني الجاحظ قال: كان رجل من أهل السواد تشيع وكان ظريفاً، فقال ابن عم له: بلغني أنك تبغض علياً عليه السلام، ووالله لو فعلت لتردن علية الحوض يوم القيامة ولا يسقيك. قال: والحوض في يده يوم القيامة؟ قال نعم. قال: وما لهذا الرجل الفاضل يقتل الناس في الدنيا بالسيف وفي الآخرة بالعطش؟ فقيل له: أتقول هذا مع تشيعك ودينك؟ قال: والله ما تركت النادرة لو قتلتني في الدنيا وأدخلتني النار في الآخرة.

    وقال الجاحظ ينبغي للكاتب أن يكون رقيق حواشي اللسان، عذب ينابيع البيان، إذا حاور سدد سهم الصواب إلى غرض المعنى، لا يكلم العامة بكلام الخاصة، ولا الخاصة بكلام العامة.

    وحدث المبرد قال: سمعت الجاحظ يقول: كل عشق يسمى حباً، وليس كل حب يسمى عشقاً، لأن العشق اسم لما فضل عن المحبة، كما أن السرف اسم لما جاوز الجود، والبخل اسم لما قصر عن الاقتصاد، والجبن اسم لما فضل عن شدة الاحتراس، والهوج اسم لما فضل عن الشجاعة.

    وحدث ميمون بن هارون الكاتب عن الجاحظ قال: ذم رجل النبيذ فقال: من مثالبه أن صاحبه يتكرهه قبل شربه، ويكلح وجهه عند شمه، ويستنقص الساقي من قدره، ويعتبر عليه مكياله، ويمزجه بالماء الذي هو ضده ليخرجه عن معناه وحده، ثم يكرعه على المبادرة ويعبه، ويتجرعه ولا يكاد يسيغه، ليقل مكثه في فيه، ويسرع على اللهوات اجتيازه، ثم لا يستوفي كليته ويرى أن يجعل عاقبة الشراب فضلة في قدحه، ويشاح الساقي في المناظرة على ما بقي منه عند رده، ليصرف عن نفسه عادية شربه، ويذهب بساعته، ويمنع من تهوعه، كما يفعل بطبخ الغاريقون عند شربه وحب الاسطيخمول. وكان الجاحظ يقول: إن تهيألك في الشاعر أن تبره وترضيه وإلا فاقتله.
    وقال أبو العيناء أنشدني الجاحظ لنفسه:

    يطيب العيش أن تلقى حليماً

    غذاه العلم والرأي المصيب

    ليكشف عنك حيلة كل ريب

    وفضل العلم يعرفه الأريب

    سقام الحرص ليس له شفاء

    وداء البخل ليس له طبيب


    وأنشد المبرد للجاحظ:

    إن حال لون الرأس عن لونه

    ففي خضاب الرأس مستمتع

    هب من له شيب لـه حـيلة

    فما الذي يحتاله الأصـلـع


    وحدث أبو العيناء قال: قال الجاحظ: كان الأصمعي مانوياً، فقال له العباس بن رستم: لا والله، ولكن نذكر حين جلست إليه تسأله، فجعل يأخذ نعله بيده وهي مخصوفة بحديد ويقول: نعم قناع القدري، فعلمت أنه يعنيك فقمت.

    وحدث يحيى بن علي بن المنجم قال: قلت للجاحظ: مثلك في علمك ومقدارك في الادي يقول في كتاب البيان والتبيين: ويكره للجارية أن تشبه بالرجال في فصاحتها، ألا ترى إلى قول مالك بن أسماء الفزاري:

    وحديث ألـذه هـو مـمـا

    ينعت الناعتون يوزن وزنـا

    منطق صائب وتلحـن أحـيا

    ناً وخير الحديث ما كان لحنا


    فتراه من لحن الأعراب، وإنما وصفها بالظرف والفطنة وإنما تلحن أي تورى في لفظها عن أشياء وتتنكب ما قصدت له، فقال: فطنت لذلك. قلت: فغيره. قال: فكيف لي بما سارت به الركبان؟ فهو في كتابه على خطئه.

    قال أبو محلم: أراد الفزاري بقوله هذا، أن خير الحديث ما أومأت إلي به، وورت عن الإفصاح به لئلا يعلمه غيرنا، ومثله قول الكلابي:

    لقد لحنت لكم لكيما تفهمـوا

    ووحيت وحياً ليس بالمرتاب


    ومنه قوله تعالى: (ولتعرفنهم في لحن القول)، أي فيما يتوحونه بينهم من النفاق والطعن.

    قال المؤلف: وقد انتصر أبو حيان لهذا القول الذي اعترف الجاحظ بخطئه فيه فقال: وعندي أن المسألة محتملة للكلام، لأن مقابل المنطق الصائب المنطق الملحون، واللحن من الغواني والفتيات غير منكر ولا مكروه بل يستحب ذلك، لأنه بالتأنيث أشبه، وللشهوة أدعى، ومع الغزل أجرى، والإعراب جد، وليس الجد من التغزل والتعشق والتشاجي في شيء، وعلى مذهب علي بن يحيى؟ أن المنطق الصائب هو الكلام الصريح، وأن اللحن هو التعريض، وأنها تعرف هذا وهذا، فهب أن هذا المعنى مقبول، لم ينبغي أن يكون المعنى الآخر لهوجاً ومردوداً؟ وقد يجوز أن يكون مراد الشاعر ذاك، لأن الشاعر يشعر بهذا كما يشعر بهذا، قال أبو العيناء: أنشدني الجاحظ لنفسه في إبراهيم بن رباح:

    وعهدي به والله يصـلـح أمـره

    رحيب مجال الرأي منبلج الصدر

    فلا جعل الـلـه الـولاية سـبة

    عليه فإني بالـولاية ذو خـبـر

    فقد جهدوه بالسـؤال وقـد أبـى

    به المجد إلا أن يلج ويستشـري


    قال أبو علي التنوخي: حدثني أبو الحسن أحمد بن محمد الأخباري قال: حدثني أبو الفرج الأصبهاني قال: أخبرني الحسن بن القاسم بن مهرويه قال: حدثني عبد الله بن جعفر الوكيل قال: كنت يوماً عند إبراهيم بن المدبر فرأيت بين يديه رقعة يردد النظر إليها فقلت له: ما شأن هذه الرقعة؟ كأنه استعجم عليك شيء منه؟ فقال: هذه رقعة أبي عثمان الجاحظ، وكلامه يعجبني وأنا أردده على نفسي لشدة إعجابي. فقلت: هل يجوز أن أقرأها؟ قال: نعم وألقاها إلي فإذا فيها: ما ضاء لي نهار ولا دجا ليل مذ فارقتك، إلا وجدت الشوق إليك قد حز في كبدي، والأسف عليك قد أسقط في يدي، والنزاع نحوك قد خان جلدي، فأنا بين حشاً خافقة ودمعة مهراقة، ونفس قد ذبلت بما تجاهد، وجوانح قد أبليت بما تكابد، وذكرت وأنا على فراش الارتماض ممنوع من لذة الإغماض قول بشار:

    إذا هتف القمري نازعني الهـوى

    بشوق فلم أملك دموعي من الوجد

    أبى اللـه إلا أن يفـرق بـينـنـا

    وكنا كماء المزن شيب مع الشهد

    لقد كان ما بيني زماناً وبـينـهـا

    كما كان بين المسك والعنبر الورد


    فانتظم وصف ما كنا نتعاشر عليه، ونجري في مودتنا إليه في شعره هذا، وذكرت أيضاً ما رماني به الدهر من فرقة أعزائي من إخواني الذين أنت أعزهم، ويمتحنني بمن نأى من أحبائي وخلصاني الذين أنت أحبهم وأخلصهم، ويجرعنيه من مرارة نأيهم وبعد لقائهم، وسألت الله أن يقرن آيات سروري بالقرب منك، ولين عيشي بسرعة أوبتك، وقلت أبياتاً تقصر عن صفة وجدي، وكنه ما يتضمنه قلبي، وهي:

    بخدي من قطر الـدمـوع نـدوب

    وبالقلب مني مـذ نـأيت وجـيب

    ولي نفس حتى الدجى يصدع الحشا

    ورجع حنين لـلـفـؤاد مـذيب

    ولي شاهد من ضر نفسي وسقمه

    يخبر عـنـي أنـنـي لـكـئيب

    كأني لم أفجع بفـرقة صـاحـب

    ولا غاب عن عيني سواك حبـيب


    فقلت لابن المدبر: هذه رقعة عاشق لا رقعة خادم، ورقعة غائب لا رقعة حاضر. فضحك وقال: نحن ننبسط مع أبي عثمان إلى ما هو أرق من هذا وألطف، فأما الغيبة فإننا نجتمع في كل ثلاثة أيام وتأخر ذلك لشغل عرض لي فخاطبني مخاطبة الغائب، وأقام انقطاع المدة مقام الغيبة.

    قال الجاحظ: كان يأتيني رجل فصيح من العجم قال: فقلت له: هذه الفصاحة وهذا البيان لو ادعيت في قبيلة من العرب لكنت لا تنازع فيها. قال: فأجابني إلى ذلك، فجعلت أحفظه نسباً حتى حفظه وهذه هذا. فقلت له: الآن لا تته علينا. فقال: سبحان الله. إن فعلت ذلك فأنا إذاً دعي.

    ومن كلام الجاحظ يصف البلاغة: ومتى شاكل - أبقاك الله - اللفظ معناه وكان لذلك الحال وفقاً ولذلك القدر لفقاً وخرج من سماجة الاستكراه وسلم من فساد التكلف، كان قمناً بحسن الموقع، وحقيقاً بانتفاع المستمع، وجديراً أن يمنع جانبه من تأول الطاعنين، ويحمي عرضه من اعتراض العائبين، ولا يزال القلوب به معمورة، والصدور به مأهولة، ومتى كان اللفظ أيضاً كريماً في نفسه متخيراً من جنسه، وكان سليماً من الفضول بريئاً من التعقيد حبب إلى النفوس، واتصل بالأذهان والتحم بالعقول، وهشت له الأسماع، وارتاحت له القلوب، وخف على ألسن الرواة، وشاع في الآفاق ذكره، وعظم في الناس خطره، وصار ذلك مادة للعالم الرئيس، ورياضة للمتعلم الريض ومن أعاره من معرفته نصيباً، وأفرغ عليه من محبته ذنوباً، حبب إليه المعاني وسلس له نظام اللفظ، وكان قد أغنى المستمع عن كد التكلف، وأراح قارئ الكتاب من علاج التفهم. وقرأت بخط أبي حيان التوحيدي من كتابه الذي ألفه في تقريظ الجاحظ.

    وحدثنا أبو سعيد السيرافي - وهمك من رجل، وناهيك - من عالم، وشرعك من صدوق - قال: حدثنا جماعة من الصابئين الكتاب: أن ثابت بن قرة قال: ما أحسد هذه الأمة العربية إلا على ثلاثة أنفس فإنه:

    عقم النساء فلا يلدن شبيهه

    إن النساء بمثله عـقـم


    فقيل له: أحص لنا هؤلاء الثلاثة. قال: أولهم عمر بن الخطاب في سياسته ويقظته وحذره، وتحفظه ودينه وتقيته، وجزالته وبذالته وصرامته وشهامته، وقيامته في صغير أمره وكبيره بنفسه، مع قريحة صافية، وعقل زافر، ولسان عضب وقلب شديد، وطوية مأمونة، وعزيمة مأمومة، وصدر منشرح، وبال منفسح، وبديهة نضوح وروية لقوح، وسر طاهر، وتوفيق حاضر، ورأي مصيب، وأمر عجيب، وشأن غريب، دعم الدين وشيد بنيانه، وأحكم أساسه ورفع أركانه، وأوضح حجته وأنار برهانه، ملك في زي مسكين، ما جنح في أمر إلى ونى، ولا غض طرفه على خناً، ظهارته كالبطانة، وبطانته كالظهارة، جرح وأسا، ولان وقسا، ومنع وأعطى، واستخذى وسطا، كل ذلك في الله ولله، لقد كان من نوادر الرجال. قال: والثاني الحسن بن أبي الحسن البصري، فلقد كان من دراري النجوم علماً وتقوى وزهداً وورعاً وعفةً ورقةً وتألهاً وتنزهاً وفقهاً ومعرفةً وفصاحةً ونصاحةً، مواعظه تصل إلى القلوب، وألفاظه تلتبس بالعقول، وما أعرف له ثانياً، ولا قريباً ولا مدانياً، كان منظره وفق مخبره، وعلانيته في وزن سريرته، عاش سبعين سنة لم يقرف بمقالة شنعاء، ولم يزن بريبة ولا فحشاء، سليم الدين، نقي الأديم، محروس الحريم، يجمع مجلسه ضروب الناس وأصناف اللباس لما يوسعهم من بيانه، ويفيض عليهم بافتنانه، هذا يأخذ عنه الحديث، وهذا يلقن منه التأويل، وهذا يسمع الحلال والحرام، وهذا يتبع في كلامه العربية، وهذا يجرد له المقالة، وهذا يحكي الفتيا، وهذا يتعلم الحكم والقضاء، وهذا يسمع الموعظة، وهو جميع هذا، كالبحر العجاج تدفقاً، وكالسراج الوهاج تألقاً، ولا تنس مواقفه ومشاهده بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند الأمراء وأشباه الأمراء بالكلام الفصل، واللفظ الجزل، والصدر الرحب، والوجه الصلب، واللسان العضب، كالحجاج وفلان وفلان مع شارة الدين، وبهجة العلم ورحمة التقى، لا تثنيه لائمة في الله، ولا تذهله رائحة عن الله، يجلس تحت كرسيه قتادة صاحب التفسير، وعمرو وواصل صاحبا الكلام، وابن أبي إسحاق صاحب النحو، وفرقد السبخي صاحب الدقائق، وأشباه هؤلاء ونظراؤهم، فمن ذا مثله ومن يجري مجراه؟. والثالث أبو عثمان الجاحظ، خطيب المسلمين، وشيخ المتكلمين، ومدره المتقدمين والمتأخرين، إن تكلم حكى سحبان في البلاغة، وإن ناظر ضارع النظام في الجدال، وإن جد خرج في مسك عامر بن عبد قيس، وإن هزل زاد على مزيد حبيب القلوب ومزاج الأرواح، وشيخ الأدب ولسان العرب. كتبه رياض زاهرة، ورسائله أفنان مثمرة، ما نازعه منازع إلا رشاه آنفاً، ولا تعرض له منقوص إلا قدم له التواضع استبقاءً. الخلفاء تعرفه، والأمراء تصافيه وتنادمه، والعلماء تأخذ عنه، والخاصة تسلم له، والعامة تحبه، جمع بين اللسان والقلم، وبين الفطنة والعلم، وبين الرأي والأدب، وبين النثر والنظم، وبين الذكاء والفهم، طال عمره، وفشت حكمته، وظهرت خلته، ووطئ الرجال عقبه، وتهادوا أدبه، وافتخروا بالانتساب إليه، ونجحوا بالإقتداء به، لقد أوتي الحكمة وفصل الخطاب. هذا قول ثابت، وهو قول صابئ لا يرى للإسلام حرمة ولا للمسلمين حقاً، ولا يوجب لأحد منهم ذماماً، وقد انتقد هذا الانتقاد، ونظر هذا النظر، وحكم هذا الحكم، وأبصر الحق بعين لا غشاوة عليها من الهول، ونفس لا لطخ بها من التقليد، وعقل ما تحيل بالعصبية، ولسنا نجهل مع ذلك فضل غير هؤلاء من السلف الطاهر، والخلف الصالح، ولكنا عجبنا فضل عجب من رجل ليس منا ولا من أهل ملتنا ولغتنا، - ولعله ما خبر عمر بن الخطاب كل الخبرة، ولا استوعب كل ما للحسن من المنقبة، ولا وقف على جميع ما لأبي عثمان من البيان والحكمة - يقول هذا القول، ويتعجب هذا العجب، ويحسد أمتنا بهم هذا الحسد، ويختم كلامه بأبي عثمان، ويصفه بما يأبى الطاعن عليه أن يكون له شيء منه، ويغضب إذا ادعي ذلك له لموفز عليه، هل هذا إلا الجهل الذي يرحم المبتلى به؟.

    قال أبو حيان: وحدثنا ابن مقسم - وقد طال ذكر الجاحظ لأبي هفان: - قيل لأبي هفان لم لا تهجو الجاحظ وقد ندد بك وأخذ بخنقك؟ فقال: أمثلي يخدع عن عقله، والله لو وضع رسالة في أرنبة أنفي لما أمست إلا بالصين شهرة، ولو قلت فيه ألف بيت لما طن منها بيت في ألف سنة. قال أبو حيان: سمعت أبا معمر الكاتب في ديوان بادوريا قال: كتب الفتح بن خاقان إلى الجاحظ كتاباً يقول في فصل منه: إن أمير المؤمنين يجد بك، ويهش عند ذكرك، ولولا عظمتك في نفسه لعلمك ومعرفتك، لحال بينك وبين بعدك عن مجلسه، ولغصبك رأيك وتجبيرك فيما أنت مشغول به ومتوفر عليه، وقد كان ألقى إلي من هذا عنوانه، فزدتك في نفسه زيادة كف بها عن تجشيمك، فاعرف لي هذه الحال، واعتقد هذه المنة على كتاب الرد على النصارى، وافرغ منه وعجل به إلي، وكن من جدا به على نفسه، تنال مشاهرتك وقد استطلقته لما مضى، واستسلفت لك لسنة كاملة مستقبلة، وهذا مما لم تحتكم به نفسك، وقد قرأت رسالتك في بصيرة غنام، ولولا أني أزيد في مخيلتك لعرفتك ما يعتريني عند قراءتها والسلام.

    قال الجاحظ: قلت للحزامي: قد رضيت بقول الناس فيك: إنك بخيل. قال: لا أعد مني الله هذا الاسم. قال: لأنه لا يقال: فلان بخيل إلا وهو ذو مال، فإذا سلم المال فادعني بأي اسم شئت. قلت: ولا يقال سخي إلا وهو ذو مال، فقد جمع هذا الاسم المال والحمد، وجمع ذاك الاسم المال والذم. قال: بينهما فرق. قلت: هاته. قال: في قولهم بخيل تثبيت لإقامة المال في ملكه، واسم البخيل اسم فيه حزم وذم، واسم السخاء فيه تضييع وحمد، والمال نافع مكرم لأهله معز، والحمد ريح وسخرية، واستماعه ضعف وفسولة. وما أقل والله غناء الحمد عنه إذا جاع بطنه، وعري جسده، وشمت عدوه.

    قال أبو حيان: ومن عجيب الحديث في كتبه ما حدثنا به علي بن عيسى النحوي الشيخ الصالح قال: سمعت ابن الأخشاد شيخنا أبا بكر يقول: ذكر أبو عثمان في أول كتاب الحيوان أسماء كتبه ليكون ذلك كالفهرست، ومر بي في جملتها الفرق بين النبي والمتنبئ، وكتاب دلائل النبوة وقد ذكرهما هكذا على التفرقة، وأعاد ذكر الفرق في الجزء الرابع لشيء دعاه إليه، فأحببت أن أرى الكتابين ولم أقدر إلا على واحد منهما وهو كتاب دلائل النبوة، وربما لقب بالفرق خطاً، فهمني ذلك وساءني في سوء ظفري به، فلما شخصت من مصر ودخلت مكة - حرسها الله تعالى - حاجاً أقمت منادياً بعرفات ينادي - والناس حضور. من الآفاق على اختلاف بلدانهم وتنازح أوطانهم، وتباين قبائلهم وأجناسهم من المشرق إلى المغرب، ومن مهب الشمال إلى مهب الجنوب، وهو المنظر الذي لا يشابهه منظر -: رحم الله من دلنا على كتاب الفرق بين النبي والمتنبئ لأبي عثمان الجاحظ على أي وجه كان. قال: حجب الناس منىً ولم يعرفوا هذا الكتاب ولا اعترفوا به.

    قال ابن أخشاد: وإنما أردت بهذا أن أبلغ نفسي عذرها. قال المؤلف: وحسبك بها فضيلة لأبي عثمان أن يكون مثل ابن الأخشاد - وهو هو في معرفة علوم الحكمة، وهو رأس عظيم من رءوس المعتزلة - يستلهم بكتب الجاحظ حتى ينادي عليها بعرفات والبيت الحرام، وهذا الكتاب موجود في أيدي الناس اليوم لا يكاد تخلو خزانة منه. ولقد رأيت أنا منه نحو مائة نسخة أو أكثر.

    ومن كتاب هلال قال أبو الفضل بن العميد: ثلاثة علوم الناس كلهم عيال فيها على ثلاثة أنفس: أما الفقه فعلى أبي حنيفة، لأنه دون وخلد ما جعل من يتكلم فيه بعده مشيراً إليه مخبراً عنه. وأما الكلام فعلى أبي الهذيل، وأما البلاغة والفصاحة واللسن والعارضة، فعلى أبي عثمان الجاحظ. وحدث أبو القاسم السيرافي قال: حضرنا مجلس الأستاذ الرئيس أبي الفضل فقصر رجل بالجاحظ وأزرى عليه وحلم الأستاذ عنه. فلما خرج قلت له: سكت أيها الأستاذ عن هذا الجاهل في قوله الذي قال مع عادتك بالرد على أمثاله. فقال: لم أجد في مقابلته أبلغ من تركه على جهله، ولو واقفته وبينت له النظر في كتبه، صار إنساناً. يا أبا القاسم كتب الجاحظ تعلم العقل أولاً والأدب ثانياً.
    وحكى أبو علي القالي عن أبي معاذ عبدان الخولي المتطبب قال: دخلنا يوماً بسر من رأى على عمرو بن بحر الجاحظ نعوده وقد فلج، فلما أخذنا مجالسنا أتى رسول المتوكل إليه فقال: وما يصنع أمير المؤمنين بشق مائل ولعاب سائل؟ ثم أقبل علينا فقال: ما تقولون في رجل له شقان: أحدهما لو غرز بالمسال ما أحس، والشق الآخر يمر به الذباب فيغوث، وأكثر ما أشكوه الثمانون. حدث أبو عبد الله الحميدي في الجذوة: قرأت على الأمين بن أبي علي بن القاضي أبي القاسم البصري عن أبيه قال: حدثنا محمد بن عمر بن شجاع المتكلم، حدثنا أبو محمد الحسن بن عمرو النجيرمي قال: كنت بالأندلس فقيل لي: إن هاهنا تلميذاً لأبي عثمان الجاحظ يعرف بسلام بن يزيد ويكنى أبا خلف، فأتيته فرأيت شيخاً هماً فسألته عن سبب اجتماعه مع أبي عثمان ولم يقع أبو عثمان إلى الأندلس فقال: كان طالب العلم بالمشرق يشرف عند ملوكنا بلقاء أبي عثمان، فوقع إلينا كتاب التربيع والتدوير له فأشاروا إليه، ثم أردفه عندنا كتاب البيان والتبيين له فبلغ الرجل الصكاك بهذين الكتابين. قال: فخرجت لا أعرج على شيء حتى قصدت بغداد فسألت عنه فقيل: هو بسر من رأى، فأصعدت إليها فقيل لي: قد انحدر إلى البصرة، فانحدرت إليه وسألت عن منزله فأرشدت ودخلت إليه فإذا هو جالس وحواليه عشرون صبياً ليس فيهم ذو لحية غيره، فدهشت فقلت: أيكم أبو عثمان؟ فرفع يده وحركها في وجهي وقال: من أين؟ قلت من الأندلس، فقال: طينة حمقاء، فما الاسم؟ قلت سلام. قال: اسم كلب القراد، ابن من؟ قلت: ابن يزيد. قال: بحق ما صرت أبو من؟ قلت: أبو خلف. قال: كنية قرد زبيدة، ما جئت تطلب؟ قلت: العلم قال: ارجع بوقت فإنك لا تفلح. قلت له ما أنصفتني، فقد اشتملت على خصال أربع: جفاء البلدية، بعد الشقة، وغرة الحداثة، ودهشة الداخل. قال: فترى حولي عشرين صبياً ليس فيهم ذو لحية غيري، ما كان يجب أن تعرفني بها؟ قال: فأقمت عليه عشرين سنة. وهذا فهرست كتب الجاحظ: كتاب الحيوان وهو سبعة أجزاء وأضاف إليه كتاباً آخر سماه كتاب النساء وهو الفرق فيما بين الذكر والأنثى، وكتاباً آخر سماه: كتاب النعل. قال ابن النديم. ورأيت أنا هذين الكتابين بخط زكرياء بن يحيى - ويكنى أبا يحيى - وراق الجاحظ، وقد أضيف إليه كتاب سموه كتاب الإبل ليس من كلام الجاحظ ولا يقاربه، وكتاب الحيوان ألفه باسم محمد بن عبد الملك الزيات. قال ميمون بن هارون: قلت للجاحظ ألك بالبصرة ضيعة؟ فتبسم وقال: إنما أنا وجارية، وجارية تخدمها وخادم وحمار، أهديت كتاب الحيوان إلى محمد بن عبد الملك فأعطاني خمسة آلاف دينار، وأهديت كتاب البيان والتبيين إلى ابن أبي دؤاد فأعطاني خمسة آلاف، وأهديت كتاب الزرع والنخل إلى إبراهيم بن العباس الصولي فأعطاني خمسة آلاف دينار، فانصرفت إلى البصرة ومعي ضيعة لا تحتاج إلى تجديد ولا تسميد، وكتاب البيان والتبيين نسختان: أولى وثانية، والثانية أصح وأجود، كتاب النبي والمتنبئ، كتاب المعرفة، كتاب جوابات كتاب المعرفة، كتاب مسائل كتاب المعرفة، كتاب الرد على أصحاب الإلهام، كتاب نظم القرآن ثلاث نسخ، كتاب مسائل القرآن، كتاب فضيلة المعتزلة، كتاب الرد على المشبهة، كتاب الإمامة على مذهب الشيعة، كتاب حكاية قول أصناف الزيدية، كتاب العثمانية، كتاب الأخبار وكيف تصح؟ كتاب الرد على النصارى، كتاب عصام المريد، كتاب الرد على العثمانية، كتاب إمامة معاوية، كتاب إمامة بني العباس، كتاب الفتيان، كتاب القواد، كتاب اللصوص، كتاب ذكر ما بين الزيدية والرافضة، كتاب صياغة الكلام، كتاب المخاطبات في التوحيد، كتاب تصويب علي في تحكيم الحكمين، كتاب وجوب الإمامة، كتاب الأصنام، كتاب الوكلاء والموكلين، كتاب الشارب والمشروب، كتاب افتخار الشتاء والصيف، كتاب المعلمين، كتاب الجواري، كتاب نوادر الحسن، كتاب البخلاء، كتاب الفخر ما بين عبد شمس ومخزوم، كتاب العرجان والبرصان، كتاب فخر القحطانية والعدنانية، كتاب التربيع والتدوير، كتاب الطفيليين، كتاب أخلاق الملوك، كتاب الفتيا، كتاب مناقب جند الخلافة وفضائل الأتراك، كتاب الحاسد والمحسود، كتاب الرد على اليهود، كتاب الصرحاء والهجناء، كتاب السودان والبيضان، كتاب المعاد والمعاش، كتاب النساء، كتاب التسوية بين العرب والعجم، كتاب السلطان وأخلاق أهله، كتاب الوعيد، كتاب البلدان، كتاب الأخبار، كتاب الدلالة على أن الإمامة فرض، كتاب الاستطاعة وخلق الأفعال، كتاب المقينين والغناء والصنعة، كتاب الهدايا منحول، كتاب الإخوان، كتاب الرد على من ألحد في كتاب الله عز وجل، كتاب آي القرآن، كتاب الناشي والمتلاشي، كتاب حانوت عطار، كتاب التمثيل، كتاب فضل العلم، كتاب المزاح والجد، كتاب جمهرة الملوك، كتاب الصوالجة، كتاب ذم الزنا، كتاب التفكر والاعتبار، كتاب الحجر والنبوة، كتاب آل إبراهيم بن المدبر في المكاتبة، كتاب إحالة القدرة على الظلم، كتاب أمهات الأولاد، كتاب الاعتزال وفضله عن الفضيلة، كتاب الأخطار والمراتب والصناعات، كتاب أحدوثة العالم، كتاب الرد على من زعم أن الإنسان جزء لا يتجزأ، كتاب أبي النجم وجوابه، كتاب التفاح، كتاب الأنس والسلوة، كتاب الكبر المستحسن والمستقبح، كتاب نقض الطب، كتاب الحزم والعزم. كتاب عناصر الآداب، كتاب تحصين الأموال، كتاب الأمثال، كتاب فضل الفرس، كتاب على الهملاج، كتاب الرسالة إلى أبي الفرج بن نجاح في امتحان عقول الأولياء، كتاب رسالة أبي النجم في الخراج، كتاب رسالته في القلم، كتاب رسالته في فضل اتخاذ الكتب، كتاب رسالته في كتمان السر، كتاب رسالته في مدح النبيذ، كتاب رسالته في ذم النبيذ، كتاب رسالته في العفو الصفح، كتاب رسالته في إثم لسكر، كتاب رسالته في الأمل والمأمول، كتاب رسالته في الحلية، كتاب رسالته في ذم الكتاب، كتاب رسالته في مدح الكتاب، كتاب رسالته في مدح الوراق، كتاب رسالته في ذم الرواق، كتاب رسالته فيمن يسمى من الشعراء عمراً، كتاب رسالته اليتيمة، كتاب رسالته في فرط جهل يعقوب بن إسحاق الكندي، كتاب رسالته في الكرم إلى أبي الفرج بن نجاح، كتاب رسالته في موت أبي حرب الصفار البصري، كتاب رسالته في الميراث، كتاب في الأسد والذئب، كتاب رسالته في كتاب الكيمياء، كتاب الاستبداد والمشاورة في الحرب، كتاب رسالته في القضاة والولاة، كتاب الملوك والأمم السالفة والباقية، كتاب رسالته في الرد على القولية، كتاب العالم والجاهل، كتاب النرد والشطرنج، كتاب غش الصناعات، كتاب خصومة الحول والعور، كتاب ذوي العاهات، كتاب المغنين، كتاب أخلاق الشطار.

    وحدث يموت بن المزرع عن خاله الجاحظ قال: يجب للرجل أن يكون سخياً لا يبلغ التبذير، شجاعاً لا يبلغ الهوج، محترساً لا يبلغ الجبن، ماضياً لا يبلغ القحة، قوالاً لا يبلغ الهذر، صموتاً لا يبلغ العي، حليماً لا يبلغ الذل، منتصراً لا يبلغ الظلم، وقوراً لا يبلغ البلادة، ناقداً لا يبلغ الطيش، ثم وجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جمع ذلك في كلمة واحدة، وهي قوله: (خير الأمور أوساطها). فعلمنا أنه صلى الله عليه وسلم قد أوتي جوامع الكلم، وعلم فصل الخطاب. وقال أبو زيد البلخي: ما أحسن ما قال الجاحظ: عقل المنشئ مشغول، وعقل المتصفح فارغ. وقال المرزباني بإسناده عن المبرد: سمعت الجاحظ يقول لرجل آذاه: أنت والله أحوج إلى هوان من كريم إلى إكرام، ومن علم إلى عمل، ومن قدرة إلى عفو، ومن نعمة إلى شكر.

    وقال الجاحظ في أبي الفرج نجاح بن سلمة يسأله إطلاق رزقه من قصيدة:

    أقام بدار الخفض راض بخـفـضـه

    وذو الحزم يسري حين لا أحد يسري

    يظن الرضا شيئاً يسـيراً مـهـونـاً

    ودون الرضى كأس أمر من الصبر

    سواء على الأيام صـاحـب حـنـكة

    وآخـر كـاب لا يريش ولا يبـري

    خضعت لبعض القوم أرجو نـوالـه

    وقد كنت لا أعطى الدنية بالقـسـر

    فلما رأيت الـقـوم يبـذل بـشـره

    ويجعل حسن البشر واقـية الـوفـر

    ربعت على ظلعي وراجعت منزلـي

    فصرت حليفاً للدراسة والـفـكـر

    وشاروت إخواني فقال حلـيمـهـم:

    عليك الفتى المري ذا الخلق الغمـر

    أعيذك بالرحمن من قـول شـامـت:

    أبو الفرج المامول يزهد في عمـرو

    ولو كـان فـيه راغـبـاً لـرأيتـه

    كما كان دهراً في الرخاء وفي اليسر

    أخاف عليك العين من كـل حـاسـد

    وذو الود منخوب الفؤاد من الذعـر

    فإن ترع ودي بالقـبـول فـأهـلـه

    ولا يعرف الأقدار غير ذوي القـدر


    وحدث يموت بن المزرع قال: وجه المتوكل في السنة التي قتل فيها أن يحمل إليه الجاحظ من البصرة فقال لمن أراد حمله: وما يصنع أمير المؤمنين بامرئ ليس بطائل، ذي شق مائل، ولعاب سائل، وفرج بائل، وعقل حائل؟ وحدث المبرد قال: دخلت على الجاحظ في آخر أيامه فقلت له: كيف أنت؟ فقال: كيف يكون من نصفه مفلوج لو حز بالمناشير ما شعر به، ونصفه الآخر منقرس لو طار الذباب بقربه لآلمه، وأِد من ذلك ست وتسعون سنة أنا فيها، ثم أنشدنا:

    أترجو أن تكون وأنت شيخ

    كما قد كنت أيام الشباب؟

    لقد كذبتك نفسك ليس ثوب

    دريس كالجديد من الثياب


    وقال لمتطبب يشكو إليه علته: اصطلحت الأضداد على جسدي، إن أكلت بارداً أخذ برجلي، وإن أكلت حاراً أخذ برأسي.

    وحدث أحمد بن يزيد بن محمد المهلبي عن أبيه قال:قال لي المعتز بالله: يا يزيد، ورد الخبر بموت الجاحظ، فقلت: لأمير المؤمنين طول البقاء ودوام النعماء. قال: وذلك في سنة خمسين ومائتين، وفيه يقول أبو شراعة القيسي:

    في العلم للعلـمـاء إن

    يتفهمـوه مـواعـظ

    وإذ نسيت وقد جـمـع

    ت علا عليك الحافـظ

    ولقد رأيت الظرف ده

    راً ما حواه الـلافـظ

    حتى أقـام طـريقـه

    عمرو بن بحر الجاحظ

    ثم انقضـى أمـد بـه

    وهو الرئيس الفـائظ


                  

11-17-2009, 10:35 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مـــع الجــــاحظ (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    وصف الجاحظ كلام الرسول صلى الله عليه وسلم فقال البيان (2/15) : وسنذكر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم , مما لم يسبقه إليه عربي ولاشاركه فيه أعجمي , ولم يدع لأحد وادعا ه أحد , مما صار مستعملاً ومثلاً سائراً .
    فمن ذلك قوله (ياخيل الله أركبي )
    وقوله : (( مات حتف أنفه )) , وقوله : ( لاتنتطح فيه عنزان ) , وقوله ( الآن حمي ا########س ) .

    وقال في البيان (2/16) أيضاً : وأنا ذاكربعد هذا فنَّاً آخر من كلامه صلى الله عليه وسلم , وهو الكلام الذي قل عدد حروفه وكثر عدد معانيه , وجل عن الصنعة , ونزه عن التكلف , وكان كما قال الله تبارك وتعالى : قل يامحمد : (( وما أنا من المتكلفين )) .
    فكيف وقد عاب التشديق , وجانب أصحاب التعقيب , واستعمل المبسوط في موضع البسط , والمقصور في موضع القصر , وهجر الغريب الوحشي , ورغب عن الهجين السوقي , فلم ينطق إلا عن ميراث حكمة , ولم يتكلم إلا بكلام قد حف بالعصمة , وشيد بالتأييد , ويسر بالتوفيق , وهو الكلام الذي ألقى الله عليه المحبة , وغشاه بالقبول , وجمع له بين المهابة والحلاوة , وبين حسن الإفهام , وقلة عدد الكلام , مع استغنائه عن إعادته , وقلة حاجة السامع إلى معاودته .
    لم تسقط له كلمة , ولازلت به قدم , ولابارت له حجة , ولم يقم له خصم , ولاأفحمه خطيب , بل يبذ الخطب الطوال بالكلم القصار , ولايلتمس إسكات الخصم إلا بما يعرفه الخصم , ولا يحتج إلا بالصدق , ولا يطلب الفلج إلا بالحق , ولا يستعين بالخلابة , ولايستعمل المواربة , ولا يهمز ولا يلمز , ولا يبطىء ولا يعجل , ولايسهب ولا يحصر .
    ثم لم يسمع الناس بكلام قط أعم نفعاً , ولا اقصد لفظا , ولاأعدل وزناً , ولا أجمل مذهباً , و لاأكرم مطلباً , ولاأحسن موقعاً , ولا أسهل مخرجاً , ولا أفصح معنى , ولا أبين في فحوى , من كلامه صلى الله عليه وسلم كثيراً
                  

11-17-2009, 11:06 AM

عمار عبدالله عبدالرحمن
<aعمار عبدالله عبدالرحمن
تاريخ التسجيل: 02-26-2005
مجموع المشاركات: 9162

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مـــع الجــــاحظ (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    الاستاذ الحلاوي ,,,,

    شكرا على هذه الكوة ,,,
    لم تستوقفني شخصية مثل الجاحظ وابن حزم الاندلسي , وابو حيان التوحيدى ,, والشريف الرضى ,,,
    واظن انهم رغم اختلاف مدارسهم مشتركين في بعض طبائهم النفسية , فالاربعة بالاضافة الي غزارة المنتوج المعرفي ,, لهم
    شجاعة نادرة لمواجهة خصومهم الفكريين والجهر بارائهم , فالجاظ مثلا رغم انه معتزلي , الا انه تفرد بكثير من الاراء الخاصة
    به حتى اعتبره البعض مدرسة خاصة في الاعتزال عرفت باسمه (الجاحظية) ,, بالاضافة الى اننا لا نستطيع تصنيف الجاجظ مع اي نمط من الكتاب
    فهو اديب مع الادباء فقيه مع الفقهاء متكلم مع الفلاسفة , لغوي مع اهل اللغة ,,, ومع كل هذا والمكان التى وصلها الا انك تجد
    به روح من دعابة ونفس تميل الي الفكاهة التى ربما يعتبرها متزمتت اليوم نوع من السفه او بانه خادش للحياء في كتاباته ,,,
    من هنا الخليط المركب تجد سيرة جاحظ العينين هذا كثيرا ما تستوقفني . بمثل القدر الذي استوقفني ابن حزم الاندلسي رغم تباعد الدارين
    واختلاف المجتمع الحاضن لهم , فالجاحظ اتى من اسرة فقيرة بعلومه اصبح نديما للسلاطين بينما ابن حزم ترعرع وسط القصور والامرا بل
    كان محسوبا منهم , ومع ذلك تجد ابن حزم بالرغم من قلمه جعل صنو لسيف الحجاج بن يوسف الثقفي في صرامتهم وقل ان يسلم منه مخالفا له
    الا انه يعتبر متميزا في علم المناظرة , كما انه لم يختلف كثيرا في جهره بارائه حتى ولو لم تكن متوافق اهواء الفقهاء في ذلك الوقت وهذا ما يتجلى
    في كتابه القيم طوق الحمامة ,,,

    لي عودة مرات ومرات الى هنا ,,
                  

11-17-2009, 11:44 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مـــع الجــــاحظ (Re: عمار عبدالله عبدالرحمن)

    أخونا عمار
    سلام
    شكراً لهذه الكثافة والقراءة الفاحصة الناقدة لهؤلاء الكتاب القمم ..الجاحظ رجل موسوعي كماذكرت وعلي بن حزم أديب وفقيه وسياسي فأبوه كان وزيراً في الدولة العامرية وخليفة السلطان المنصور بن أبي عامر عاش حياة الترف في مدينة الزاهرة 368هـ ، بدأ حياته العاطفية بمعاشرة الجواري في القصر وفي طوق الحمامة شبه سيرة لتلك الفترة التي أحب فيها ، ونعم بحياة مترفة بين أنواع الجمال أنثوي والمادي والفني ..
    المعروف أخي عمار أن الحالة السياسية تؤثر في عطاء الأديب ..فابن حزم تأثر بالإضطرابات التي كانت تعيشها الأندلس فأدت إلى أصابته بأمراض نفسيه وجسدية ،مما جعلته حاد اللسان ، عنيف الرد والمواجهة ، فلم ينج عالم منه ، ولم يسلم فقيه من ذمه ، حتى تألب عليه نفر منهم ، وأحرقت كتبه .
    قيل فيه : ( لسان ابن حزم وسيف الحجاج شقيقان )
    نتمنى أن نقف وقفة مع ابن حزم الأندلسي ثم أبو حيان التوحيدى , والشريف الرضى ...تحياتي
                  

11-17-2009, 12:07 PM

عمار عبدالله عبدالرحمن
<aعمار عبدالله عبدالرحمن
تاريخ التسجيل: 02-26-2005
مجموع المشاركات: 9162

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مـــع الجــــاحظ (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    Quote: المعروف أخي عمار أن الحالة السياسية تؤثر في عطاء الأديب


    اذا وازنا بينهم بمقياس علاقة المثقف بالسلطة (وان كنت لا احبذه لا ختلاف الزمان ) لما نجى منهم غير ابوحيان النوجيدي والشريف الرضى ,,

    فابو حيان التوحيدي بعد ان غطى انتاجه المعرفي كل شاردة وواردة , قام باحراق كل كتبه , لانه كتبها فقط من اجل التودد للسلطة الحاكمة
    لذا جمعها واحرقها , ودخل عالم الزهد تارك لابواب السلاطين ,,,,


    لي عودة ان شاء الله ,,, مرة اخرى ,,

    بخصوص ابن حزم الاندلسي ,,, في قبل سنوات كتب العزيز قرشو بوست دسم عن طوق الحمامة , اتمنى ان اجده في الارشيف ...
                  

11-17-2009, 12:24 PM

اسامة الكاشف
<aاسامة الكاشف
تاريخ التسجيل: 06-13-2008
مجموع المشاركات: 911

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مـــع الجــــاحظ (Re: عمار عبدالله عبدالرحمن)

    العزيز عبد الرحمن

    مستمتعين ومتابعين
    ما تطول الغيبة إلا وانت جايب الغنايم
                  

11-18-2009, 04:47 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مـــع الجــــاحظ (Re: اسامة الكاشف)

    Quote: العزيز عبد الرحمن

    مستمتعين ومتابعين
    ما تطول الغيبة إلا وانت جايب الغنايم

    أخونا أسامة الكاشف
    سلام ومحبة
    أدام الله عليكم الصحة والسلامة ..كنا قريباً وبقربكم ننعم...تحياتي
                  

11-18-2009, 04:44 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مـــع الجــــاحظ (Re: عمار عبدالله عبدالرحمن)

    Quote: اذا وازنا بينهم بمقياس علاقة المثقف بالسلطة (وان كنت لا احبذه لا ختلاف الزمان ) لما نجى منهم غير ابوحيان النوجيدي والشريف الرضى ,,

    فابو حيان التوحيدي بعد ان غطى انتاجه المعرفي كل شاردة وواردة , قام باحراق كل كتبه , لانه كتبها فقط من اجل التودد للسلطة الحاكمة
    لذا جمعها واحرقها , ودخل عالم الزهد تارك لابواب السلاطين ,,,,


    لي عودة ان شاء الله ,,, مرة اخرى ,,

    بخصوص ابن حزم الاندلسي ,,, في قبل سنوات كتب العزيز قرشو بوست دسم عن طوق الحمامة , اتمنى ان اجده في الارشيف

    أخونا عمار
    سلام

    قرأت بوست الأخ قرشو وتداخلت معه حول ابن حزم وطوق الحمامة تحديداً ...والمعروف أن التكسب بالكتابة النثرية والشعر كانت سمة بارزة لكل الشعراء والأدباء في العالم العربي في مختلف العصور ، ومن حاول الخروج عليهم يتم تصفيته ...طرفة بن العبد ، الحطيئة ..وضاح اليمن ..كثر يصعب حصرهم .
    الشريف الرضي كان معتداً بنفسه كان همه أن يكون لآل البيت الأشراف مكانة في الأوساط السياسية وكذا قواعد المجتمع ...أنتظر حضورك
                  

11-17-2009, 03:42 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مـــع الجــــاحظ (Re: عبدالرحمن الحلاوي)



    الأكرم : عبد الرحمن الحلاوي
    تحية طيبة وبعد،،،
    إنه لمن الخير أن تُلون الملفات بسيرة المثقفين الثقاة . نهلوا من علوم غيرهم وهضموها
    ثم أبدعوا . وإن الجاحظ في علومه المتنوعة حري بأن يكون له أكثر من ملف .
    وبيننا وبين الكثير من العلماء أن ننهل من علومهم ، رغم البعد الشاسع بيننا ، ورغم تقدم العلوم ،
    فلم يزل الجاحظ متقدماً في علوم اللغة وله مباحث في الترجمة ليس للباحث من غنى عنها .

    شكراً لك ، فقد مددت وعاء الوعي وهو المستهدف من وراء المنتديات ومن وراء الحوار المُبدع ،
    ولكل مجهود ثمرة .




                  

11-18-2009, 04:58 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مـــع الجــــاحظ (Re: عبدالله الشقليني)

    Quote: الأكرم : عبد الرحمن الحلاوي
    تحية طيبة وبعد،،،
    إنه لمن الخير أن تُلون الملفات بسيرة المثقفين الثقاة . نهلوا من علوم غيرهم وهضموها
    ثم أبدعوا . وإن الجاحظ في علومه المتنوعة حري بأن يكون له أكثر من ملف .
    وبيننا وبين الكثير من العلماء أن ننهل من علومهم ، رغم البعد الشاسع بيننا ، ورغم تقدم العلوم ،
    فلم يزل الجاحظ متقدماً في علوم اللغة وله مباحث في الترجمة ليس للباحث من غنى عنها .

    شكراً لك ، فقد مددت وعاء الوعي وهو المستهدف من وراء المنتديات ومن وراء الحوار المُبدع ،
    ولكل مجهود ثمرة .


    المفضال : عبدالله الشقليني
    تحية ود ومحبة
    لقد طعنت في مقتل ورميت ثمراً ، إذ أن من دواعي سروري أن أنك أبنت الهدف المرتجى من المنتديات تبادل الأفكار وتلاقحها والاهتمامات توعية وتعلماً وسبر أغوار درر الأولين لنصلح بها أحوالنا في زمن عزت فيه الحكمة وتكاثر فيها الغث ...وفي مدارسة الجاحظ وغيره من المشاهير سلوى وأنس ومتعة لا تضاهيها متعة ...اقرب ونطمع في المزيد من تسليط الضوء حول الجاحظ .
    ... أنقل تقديم الجاحظ لكتابه البيان والتبيين (( اللهم إنَّا نعوذ بك من قتنة القول كما نعوذ بك من فتنة العمل ، ونعوذ بك من التكلف لما لا نحسن كما نعوذ بك من العجب بما نحسن ، ونعوذ بك من السلاطة والهذَر ، كما نعوذ بك من العيِّ والحصَر .))
    تقبل تحياتي
                  

11-18-2009, 05:44 AM

الطيب شيقوق
<aالطيب شيقوق
تاريخ التسجيل: 01-31-2005
مجموع المشاركات: 28804

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مـــع الجــــاحظ (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    الاخ الحلاوي

    صباحك خير وكتر خيرك على هذا البوست الهام والله لاول مرة اعرف هذا العدد من مؤلفات الجاحظ واكثرها بريقا كان كتاب البخلاء .

    الراجل السخى بالمعلومة هو بالتاكيد ندى الراحتين .



    اطيب الاماني
                  

11-19-2009, 06:34 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مـــع الجــــاحظ (Re: الطيب شيقوق)

    Quote: الاخ الحلاوي

    صباحك خير وكتر خيرك على هذا البوست الهام والله لاول مرة اعرف هذا العدد من مؤلفات الجاحظ واكثرها بريقا كان كتاب البخلاء .

    الراجل السخى بالمعلومة هو بالتاكيد ندى الراحتين
    .

    أخونا الطيب
    طبتم وطابت أيامكم هنا وهناك ..يتم حالياً تحديث شبكة الرفاعيين لتقوم بالدور المخطط له ( التعارف والتواصل والتعاون ) وأخونا محمد أحمد بركات تولى أمر التحديث ..قريباً بحلة جديدة ...تم قيام مجلس استشاري لذات الغرض وقطع شك سيأتي ثمرة هذا الجهد ..
    جاحظ العينين : كاتب طرق كل أبواب العلوم وبرع في البيان والتبيين والحيوان والبخلاء والأخير كتاب جمع فيه عن طبقات المجتمع العباسي الذي اختلط فيه العرب بالعجم من الفرس والأتراك فالدولة كانت بين فكي الفرس والأتراك أكبر حضارتين في المشرق في ذلك الزمان وحتى الآن ..فمما لاشك فيه أن الجاحظ شيخ الأدباء ، وزعيم الكتَّاب بالعربية ..فقد حوى كتاب البخلاء أخبار البخلاء ، وقصص ونوادر الأشحّاء في عصره ، والسؤال : من هم بخلاء الجاحظ ولم أفرد لهم كتاباً ؟؟ ..فالكتاب يعد من أهم الكتب الاجتماعية ، يجد فيه القاريء المتعة والفائدة ، والطرفة ، والملحة ، والنادرة ،. كما يجد فيه الأدب والشعر والأخبار ، وملامح من المجتمع العباسي ، وحياة العرب والأعاجك والموالي ، والحياة الفكرية والعلمية ، والمباحث الكلامية ، والثقافة العربية وغير العربية ...وقد تكون خلقية اجتماعية إصلاحية ، وقد يكون هدف البخلاء سياسي يتمثل في الدفاع عن العرب وأخلاق العرب في وجه الشعوبية إبَّان ذك العصر ، يؤكد هذا أن كعظم بخلاء الجاحظ كانوا من الأعاجم والموالي ، فكأنه أراد الحط من شأنهم ، وذمّ طباعهم وأخلاقهم على عكس العرب بما يتميزون به من أخلاق سهلة ، وطباع سمحة ، ومن افتتان بالكرم والسخاء ...تحياتي
                  

11-19-2009, 06:46 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مـــع الجــــاحظ (Re: عمر صديق)

    جاء في كتاب البخلاء في صفحة 19 ( شرح وتحقيق الدكتور يحيى شامي - دار الفكر العربي بيروت ) ، هذه رسالة كتبها الجاحظ بلسان سهل بن هارون ...دعوة للإقتصاد المنزلي أو تأصيل البخل..ولكنها تظل تحمل قيمة أدبية عالية ..دونكم الرسالة

    إلى محمد بن زياد وإلى بني عمه من آل زياد
    حين ذمّوا مذهبه في البخل وتتبعوا كلامه في الكتب

    بسم الله الرحمن الرحيم

    أصلح الله أمركم وجمع شملكم، وعلّمكم الخير وجعلكم من أهله.
    قال الأحنف بن قيس: يا معشر بني تميم، لا تسرعوا إلى الفتنة؛ فإنّ أسرع الناس إلى القتال أقلّهم حياء من الفرار. وقد كانوا يقولون: إذا أردت أن ترى العيوب جمّة فتأمّل عيّاباً؛ فإنّه إنّما يعيب الناس بفضل ما فيه من العيب. وأوّل العيب أن تعيب ما ليس بعيب. وقبيحٌ أن تنهى عن مرشد أو تغري بمشفق. وما أردنا بما قلنا إلاّ هدايتكم وتقويمكم، وإلاّ إصلاح فسادكم وإبقاء النعمة عليكم. ولئن أخطأنا سبيل إرشادكم فما أخطأنا سبيل حسن النيّة فيما بيننا وبينكم. ثم قد تعلون أنّا ما أوصيناكم إلاّ بما قد اخترناه لأنفسنا قبلكم، وشهرنا به في الآفاق دونكم، فما كان أحقّكم في تقديم حرمتنا بكم أن ترعوا حقّ قصدنا بذلك إليكم، وتنبيهنا على ما أغفلنا من واجب حقّكم، فلا العذر المبسوط بلغتم، ولا بواجب الحرمة قمتم. ولو كان ذكر العيوب بّراً وفضلاً لرأينا أنّ في أنفسنا عن ذلك شغلاً. وإنّ من أعظم الشّقوة وأبعد من السعادة ألاّ يزال يتذكّر زلل المعلّمين، ويتناسى سوء استماع المعلّمين، ويستعظم غلط العاذلين، ولا يحفل بعمد المعذولين.

    عبتموني بقولي لخادمي: أجيدي عجنه خميراً كما أجدته فطيراً، ليكون أطيب لطعمه، وأزيد في ريعه. وقد قال عمر بن الخطاب – رضي الله عنه ورحمه – لأهله: ملكوا العجين فإنه أريع الطحينين.

    وعبتم عليّ قولي: من لم يعرفّ مواقع السّرف في الموجود الرّخيص لم يعرف مواقع الاقتصاد في الممتنع الغالي. فلقد أتيت من ماء الوضوء بكيلة يدل حجمها على مبلغ الكفاية وأشفّ من الكفاية، فلما صرت إلى تفريق أجزائه على الأعضاء، والى التوفير عليها من وظيفة الماء، وجدت في الأعضاء فضلاً على الماء، فعلمت أن لو كنت مكنت من الاقتصاد في أوائله، ورغبت عن التهاون به في ابتدائه لخرج آخره على كفاية أوّله، ولكان نصيب العضو الأوّل كنصيب الآخر؛ فعبتموني بذلك، وشنّعتموه بجهدكم وقبّحتموه. وقد قال الحسن عند ذكر السّرف؛ إنّه ليكون في الماعونين: الماء والكلأ. فلم يرض بذكر الماء، حتى أردفه بالكلأ.

    وعبتموني حين ختمت على سدّ عظيم، وفيه شيء ثمين من فاكهة نفيسة ومن رطبة غريبة، على عبد نهم وصبيّ جشع وأمة لكعاء وزوجة خرقاء. وليس من أصل الأدب، ولا في ترتيب الحكم، ولا في عادات القادة، ولا في تدبير السادة أن يستوي في نفيس المأكول، وغريب المشروب، وثمين الملبوس، وخطير المركوب، والناعم من كلّ فنّ واللّباب من كل شكل؛ التابع والمتبوع والسيّد والمسود،كما لا تستوي مواضعهم في المجلس، ومواقع أسمائهم في العنونات، وما يستقبلون به من التحيّات. وكيف وهم لا يفقدون من ذلك ما يفقد القادر، ولا يكترثون له اكتراث العارف؟ من شاء أطعم كلبه الدّجاج المسمّن، وأعلف حماره السّمسم المقشّر. فعبتموني بالختم، وقد ختم بعض الأئمة على مزود سويق، وختم على كيس فارغ، وقال: طينة خير من ظنّة فأمسكتم عمّن ختم على لا شيء وعبتم من ختم على شيء.

    وعبتموني حين قلت للغلام: إذا زدت في المرق فزد في الإنضاج، لتجمع بين التأدّم باللحم والمرق، ولتجمع مع الارتفاق بالمرق الطيّب. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا طبختم لحماً فزيدوا في الماء، فإنّ لم يصب أحدكم لحماً أصاب مرقاً)).

    وعبتموني بخصف النعال وبتصدير القميص. وحين زعمت أنّ المخصوفة أبقى وأوطأ وأوقى، وأنفى للكبر وأشبه بالنّسك، وأنّ التّرقيع من الحزم، وأنّ الاجتماع مع الحفظ، وأنّ التفرّق مع التّضييع. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخصف نعله، ويرقع ثوبه، ويلطع إصبعه. ويقول: ((لو أتيت بذراع لأكلت، ولو دعيت إلى كراع لأجبت)). ولقد لفقت سعدى ابنة عوف إزار طلحة، وهو جواد قريش، وهو طلحة الفيّاض. وكان في ثوب عمر رقاع أدم. وقال: ((من لم يستحي من الحلال خفّت مؤونته وقلّ كبره)).

    وقالوا: لا جديد لمن لا يلبس الخلق. وبعث زياد رجلاً يرتاد له محدثاً، واشترط على الرائد أن يكون عاقلاً مسدّداً، فأتاه به موافقاً، فقال: أكنت ذا معرفة به؟ قال: لا، ولا رأيته قبل ساعة. قال: أفناقلته الكلام، وفاتحته الأمور قبل أن توصله إليّ؟ قال: لا. قال: فلم اخترته على جميع من رأيته؟ قال: يومنا يوم قائظ، ولم أزل أتعرّف عقول الناس بطعامهم ولباسهم في مثل هذا اليوم، ورأيت ثياب الناس جدداً وثيابه لبساً، فظننت به الحزم.

    وقد علمنا أنّ الجديد في غير موضعه دون الخلق. وقد جعل الله عزّ وجلّ لكلّ شيء قدراً، وبوّأ له موضعاً،كما جعل لكلّ دهر رجالاً، ولكل ّ مقام مقالاً. وقد أحيا بالسّمّ، وأمات بالغذاء، وأغصّ بالماء، وقتل بالدواء. فترقيع الثوب يجمع مع الإصلاح التواضع، وخلاف ذلك يجمع مع الإسراف التكبّر. وقد زعموا أنّ الإصلاح أحد الكسبين، كما زعموا أنّ قلّة العيال أحد اليسارين وقد جبر الأحنف يد عنز، وأمر بذلك النعمان. وقال عمر: من أكل بيضة فقد أكل دجاجة. وقال رجل لبعض السادة: أهدي إليك دجاجة؟ قال: إن كان لا بدّ فاجعلها بيّاضة. وعدّ أبو الدّرداء العراق جزر البهيمة.

    وعبتموني حين قلت: لا يغترّنّ أحد بطول عمره وتقوّس ظهره ورقّة عظمه ووهن قوته، أن يرى أكرومته، ولا يحرجه ذلك إلى إخراج ماله من يديه وتحويله إلى ملك غيره، وإلى تحكيم السّرف فيه، وتسليط الشّهوات عليه؛ فلعلّه أن يكون معمّراً وهو لا يدري، وممدوداً له في السنّ وهو لا يشعر. ولعلّه أن يرزق الولد على اليأس، أو تحدث عليه بعض مخبّآت الدهور، مما لا يخطر على البال، ولا تدركه العقول، فيستردّه ممّن لا يردّه، ويظهر الشّكوى إلى من لا يرحمه،أضعف ما كان عن الكسب، وأقبح ما يكون به الطلب. فعبتموني بذلك. وقد قال عمرو بن العاص: اعمل لدنياك عمل من يعيش أبداً،واعمل لآخرتك عمل من يموت غداً.

    وعبتموني حين زعمت أنّ التبذير إلى مال القمار ومال الميراث، وإلى مال الالتقاط وحباء الملوك أسرع، وأنّ الحفظ إلى مال المكتسب والغنى المجتلب، وإلى ما يعرض فيه لذهاب الدّين واهتضام العرض ونصب البدن واهتمام القلب أسرع، وأن من لم يحسب ذهاب نفقته لم يحسب دخله، ومن لم يحسب الدّخل فقد أضاع الأصل، وأنّ من لم يعرف للغنى قدره فقد أذن بالفقر، وطاب نفساً بالذّلّ.

    وزعمت أنّ كسب الحلال يضمّن بالإنفاق في الحلال، وأنّ الخبيث ينزع إلى الخبيث، وأنّ الطّيب يدعو إلى الطّيب، وأنّ الإنفاق في الهوى حجاب دون الحقوق، وأنّ الإنفاق في الحقوق حجاز دون الهوى، فعبتم علّي هذا القول. وقد قال معاوية: لم أرَ تبذيراً قطّ إلا وإلى جانبه حقّ مضيّع، وقد قال الحسن: إذا أردتم أن تعرفوا من أين أصاب ماله فأنظروا في أي شيء ينفقه؛ فإنّ الخبيث ينفق في السّرف.

    وقلت لكم بالشفقة مني عليكم، وبحسن النظر لكم، وبحفظكم لإبائكم، ولما يجب في جواركم، وفي ممالحتكم وملابستكم: أنتم في دار الآفات، والجوائح غير مأمونات، فإن أحاطت بمال أحدكم آفة لم يرجع إلى بقية. فأحرزوا النعمة باختلاف الأمكنة؛ فإنّ البليّة لا تجري في الجميع إلا مع موت الجميع. وقد قال عمر رضي الله عنه في العبد والأمة، وفي ملك الشاة والبعير، وفي الشيء الحقير اليسير: ((فرّقوا بين المنايا)). وقال ابن سيرين لبعض البحريين: كيف تصنعون بأموالكم؟ قال: نفرّقها في السّفن، فإن عطب بعض سلم بعض، ولولا أنّ السلامة أكثر لما حملنا خزائننا في البحر. قال ابن سيرين: تحسبها خرقاء و هي صناع!

    وقلت لكم عند إشفاقي عليكم: إنّ للغنى سكراً وإنّ للمال لنزوة، فمن لم يحفظ الغنى من سكر الغنى فقد أضاعه، ومن لم يرتبط المال بخوف الفقر فقد أهمله. فعبتموني بذلك. وقال زيد بن جبلة: ليس أحد أفق من غني أمن الفقر، وسكر الغنى أشدّ من سكر الخمر.

    وقلتم: قد لزم الحثّ على الحقوق والتّزهيد في الفضول، حتى صار يستعمل ذلك في أشعاره بعد رسائله، وفي خطبه بعد سائر كلامه. فمن ذلك قوله في يحيى بن خالد:

    عدوّ تلاد المال فيما ينوبـه

    منوع إذا ما منعه كان أحزما

    ومن ذلك قوله في محمد بن زياد:

    وخليقتان: تقى وفضل تحـرّم

    وإهانة في حقّه للـمــالِ



    وعبتموني حين زعمت أني أقدّم المال على العلم، لأنّ المال به (يغاث العالم) وبه تقوم النفوس قبل أن تعرف فضيلة العلم. وأن الأصل أحقّ بالتفضيل من الفرع. وأنّي قلت: وإن كنا نستبين الأمور بالنفوس، فإنا بالكفاية نستبين، وبالخلّة نعمى.

    وقلتم: وكيف تقول هذا وقد قيل لرئيس الحكماء ومقدّم الأدباء: العلماء أفضل أم الأغنياء؟

    قال: بل العلماء. قيل: فما بال العلماء يأتون أبواب الأغنياء أكثر مما يأتي الأغنياء أبواب العلم؟ قال: لمعرفة العلماء بفضل الغنى، ولجهل الأغنياء بفضل العلم. فقلت: حالهما هي الفاصلة بينهما. وكيف يستوي شيء ترى حاجة الجميع إليه، وشيء يغني بعضهم فيه عن بعض؟

    وعبتموني حين قلت: إنّ فضل الغنى على القوت إنمّا هو كفضل الآلة تكون في الدار، إن احتيج إليها استعملت، وإن استغني عنها كانت عدّة. وقد قال الحضين بن المنذر: وددت أنّ لي مثل أحد ذهباً لا أنتفع منه بشيء. قيل: فما ينفعك من ذلك؟ قال: لكثرة من يخدمني عليه. وقال أيضاً: عليك بطلب الغنى، فلو لم يكن لك فيه إلاّ أنه عزّ في قلبك، وشبهة في قلب غيرك لكان الحظّ فيه جسيماً والنفع فيه عظيماً.

    ولسنا ندع سيرة الأنبياء وتعليم الخلفاء وتأديب الحكماء لأصحاب الأهواء. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر الأغنياء باتخّاذ الغنم، والفقراء باتخّاذ الدجاج. وقالوا: ((درهمك لمعاشك، ودينك لمعادك)). فقسّموا الأمور كلّها على الدّين والدّنيا، ثم جعلوا أحد قسمي الجميع الدرهم. وقال أبو بكر الصديق رحمة الله عليه ورضوانه: إني لأبغض أهل البيت ينفقون رزق الأيام في اليوم. وكانوا يبغضون أهل البيت اللّحمين.

    وكان هشام يقول: ((ضع الدرهم على الدرهم يكون مالاً)). ونهى أبو الأسود الدّؤلي، وكان حكيماً أديباً، وداهياً أريباً، عن جودكم هذا المولّد وعن كرمكم هذا المستحدث، فقال لإبنه: ((إذا بسط الله لك في الرزق فابسط، وإذا قبض فاقبض، ولا تجاود الله فإنّ الله أجود منك)). وقال: ((درهم من حلّ يخرج في حقّ خير من عشرة آلاف قبضاً))، (وتلقّط عمر مدّاً من برّ)، فقال: تضيعون مثل هذا، وهو قوت إمرىء مسلم يوماً إلى الليل …!

    وتلقّط أبو الدّرداء حبّات حنطة، فنهاه بعض المسرفين، فقال: ((إيهاً ابن العبسية، إنّ مرفقة المرء رفقه في معيشته)).

    فلستم علّي تردّون ولا رأيي تفنّدون، فقدّموا النظر قبل العزم، وتذكّروا ما عليكم قبل أن تذكروا ما لكم.

    والسلام
                  

11-19-2009, 06:49 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مـــع الجــــاحظ (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    قد يدفع البخل أهل خراسان البخل إلى أعجب الحيل وأطرفها، من ذلك ما رواه الجاحظ من أن أناساً من أهل مدينة مرو لا يلبسون خفافهم ( أحذيتهم ) إلا ستة أشهر في السنة فإذا لبسوها في هذه الأشهر الستة يمشون على صدور أقدامهم ثلاثة أشهر وعلى أعقاب أرجلهم ثلاثة أشهر مخافة أن تنقب هذه النعال.



    • وروى إن رجلاً زار قوماً فأكرموه وطيبوه فجعلوا المسك في شاربه، فحكته شفته العليا، فأدخل إصبعه فحكها من باطن الشفة مخافة أن تأخذ إصبعه من المسك شيئاً.



    • وهنا قصة الشيخ الخراساني الذي كان يأكل في بعض المواضع إذ مر به رجل فسلم عليه فرد الشيخ السلام ثم قال: هلم عافاك الله.

    فتوجه الرجل نحوه فلما رآه الشيخ مقبلاً قال له : مكانك … فإن العجلة من عمل الشيطان.

    فوقف الرجل، فقال له الخرساني: ماذا تريد؟

    قال الرجل: أريد أن أتغذى.

    قال الشيخ: ولم ذاك ؟ وكيف طمعت في هذا ؟ ومن أباح لك مالي؟

    قال الرجل: أوليس قد دعوتني ؟

    قال الشيخ: ويحك، لو ظننت أنك هكذا أحمق ما رددت عليك السلام .

    الأمر هو أن أقول أنا: هلم فتجيب أنت: هنيئاً فيكون كلام بكلام . فأما كلام بفعال وقول بأكل فهذا ليس من الإنصاف
                  

11-19-2009, 06:55 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مـــع الجــــاحظ (Re: عبدالرحمن الحلاوي)


    ذكرنا فيما ذكرنا أن الجاحظ معتزلي المذهب ، وكانت له فرقة تسمى الجاحظية ، استغل قدراته اللغوية والبلاغية في نشر أفكاره في كتبه ، ويظهر ذلك جلياً في كتاب البيان والتبيين ..وقد وجدت من المناسب أن أنقل ما أعدته الندوة العالمية للشباب الإسلامي في شأن فرقة المعتزلة ، لصلته بالجاحظ :-

    التعريف:

    المعتزلة فرقة إسلامية نشأت في أواخر العصر الأموي وازدهرت في العصر العباسي، وقد اعتمدت على العقل المجرد في فهم العقيدة الإسلامية لتأثرها ببعض الفلسفات المستوردة مما أدى إلى انحرافها عن عقيدة أهل السنة والجماعة. وقد أطلق عليها أسماء مختلفة منها: المعتزلة والقدرية (*) والعدلية وأهل العدل والتوحيد والمقتصدة والوعيدية.

    التأسيس وأبرز الشخصيات:

    • اختلفت رؤية العلماء في ظهور الاعتزال، واتجهت هذه الرؤية وجهتين:

    ـ الوجهة الأولى: أن الاعتزال حصل نتيجة النقاش في مسائل عقدية دينية كالحكم على مرتكب الكبيرة (*)، والحديث في القدر، بمعنى هل يقدر العبد على فعله أو لا يقدر، ومن رأي أصحاب هذا الاتجاه أن اسم المعتزلة أطلق عليهم لعدة أسباب:

    1 ـ أنهم اعتزلوا المسلمين بقولهم بالمنزلة بين المنزلتين

    2 ـ أنهم عرفوا بالمعتزلة بعد أن اعتزل واصل بن عطاء حلقة الحسن البصري وشكل حقلة خاصة به لقوله بالمنزلة بين المنزلتين فقال الحسن: "اعتزلنا واصل".

    3 ـ أو أنهم قالوا بوجوب اعتزال مرتكب الكبيرة ومقاطعته .

    ـ والوجهة الثانية: أن الاعتزال نشأ بسبب سياسي حيث أن المعتزلة من شيعة علي رضي الله عنه اعتزلوا الحسن عندما تنازل لمعاوية، أو أنهم وقفوا موقف الحياد بين شيعة علي ومعاوية فاعتزلوا الفريقين.

    • أما القاضي عبد الجبار الهمذاني ـ مؤرخ المعتزلة ـ فيزعم أن الاعتزال ليس مذهباً جديداً أو فرقة طارئة أو طائفة أو أمراً مستحدثاً، وإنما هو استمرار لما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته، وقد لحقهم هذا الاسم بسبب اعتزالهم الشر لقوله تعالى: (وأعتزلكم وما تدعون) ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (من اعتزل الشر سقط في الخير).

    • والواقع أن نشأة الاعتزال كان ثمرة تطور تاريخي لمبادئ فكرية وعقدية وليدة النظر العقلي المجرد في النصوص الدينية وقد نتج ذلك عن التأثر بالفلسفة اليونانية والهندية والعقائد اليهودية والنصرانية لما سنرى في فقرة (الجذور الفكرية والعقائدية) .

    • قبل بروز المعتزلة كفرقة فكرية على يد واصل بن عطاء، كان هناك جدل (*) ديني فكري بدأ بمقولات جدلية كانت هي الأسس الأولى للفكر المعتزلي وهذه المقولات نوجزها مع أصحابها بما يلي:

    ـ مقولة أن الإنسان حر مختار بشكل مطلق، وهو الذي يخلق أفعاله بنفسه قالها: معبد الجهني، الذي خرج على عبد الملك بن مروان مع عبد الرحمن بن الأشعث .. وقد قتله الحجاج عام 80هـ بعد فشل الحركة .

    ـ وكذلك قالها غيلان الدمشقي في عهد عمر بن عبد العزيز وقتله هشام بن عبد الملك .

    ـ ومقولة خلق القرآن ونفي الصفات، قالها الجهم بن صفوان، وقد قتله سلم بن أحوز في مرو عام 128هـ .

    ـ وممن قال بنفي الصفات أيضاً: الجعد بن درهم الذي قتله خالد بن عبد الله القسري والي الكوفة .

    • ثم برزت المعتزلة كفرقة فكرية على يد واصل بن عطاء الغزال (80هـ ـ 131هـ) الذي كان تلميذاً للحسن البصري، ثم اعتزل حلقة الحسن بعد قوله بأن مرتكب الكبيرة (*) في منزلة بين المنزلتين (أي ليس مؤمناً ولا كافراً) وأنه مخلد في النار إذا لم يتب قبل الموت، وقد عاش في أيام عبد الملك بن مروان وهشام بن عبد الملك، والفرقة المعتزلية التي تنسب إليه تسمى: الواصيلة.

    • ولاعتماد المعتزلة على العقل في فهم العقائد وتقصيهم لمسائل جزئية فقد انقسموا إلى طوائف مع اتفاقهم على المبادئ الرئيسة الخمسة ـ التي سنذكرها لاحقاً ـ وكل طائفة من هذه الطوائف جاءت ببدع جديدة تميزها عن الطائفة الأخرى .. وسمت نفسها باسم صاحبها الذي أخذت عنه .

    • وفي العهد العباسي برز المعتزلة في عهد المأمون حيث اعتنق الاعتزال عن طريق بشر المريسي وثمامة بن أشرس وأحمد بن أبي دؤاد وهو أحد رؤوس بدعة الاعتزال في عصره ورأس فتنة خلق القرآن، وكان قاضياً للقضاة في عهد المعتصم.

    ـ في فتنة خلق القرآن امتحن الإمام أحمد بن حنبل الذي رفض الرضوخ لأوامر المأمون والإقرار بهذه البدعة، فسجن وعذب وضرب بالسياط في عهد المعتصم بعد وفاة المأمون وبقي في السجن لمدة عامين ونصف ثم أعيد إلى منزله وبقي فيه طيلة خلافة المعتصم ثم ابنه الواثق .

    ـ لما تولى المتوكل الخلافة عام 232هـ انتصر لأهل السنة (*) وأكرم الإمام أحمد وأنهى عهد سيطرة المعتزلة على الحكم ومحاولة فرض عقائدهم بالقوة خلال أربعة عشر عاماً .

    • في عهد دولة بني بويه عام 334 هـ في بلاد فارس ـ وكانت دولة شيعية ـ توطدت العلاقة بين الشيعة (*) والمعتزلة وارتفع شأن الاعتزال أكثر في ظل هذه الدولة فعين القاضي عبد الجبار رأس المعتزلة في عصره قاضياً لقضاء الري عام 360هـ بأمر من الصاحب بن عباد وزير مؤيد الدولة البويهي ، وهو من الروافض (*) المعتزلة، يقول فيه الذهبي: " وكان شيعيًّا معتزليًّا مبتدعاً " ويقول المقريزي: " إن مذهب الاعتزال فشا تحت ظل الدولة البويهية في العراق وخراسان وما وراء النهر "

    • وممن برز في هذا العهد: الشريف المرتضى الذي قال عنه الذهبي: " وكان من الأذكياء والأولياء المتبحرين في الكلام والاعتزال والأدب والشعر لكنه إمامي جلد ".

    • بعد ذلك كاد أن ينتهي الاعتزال كفكر مستقل إلا ما تبنته منه بعض الفرق كالشيعة وغيرهم .

    • عاد فكر الاعتزال من جديد في الوقت الحاضر، على يد بعض الكتاب والمفكرين، الذين يمثلون المدرسة العقلانية الجديدة وهذا ما سنبسطه عند الحديث عن فكر الاعتزال الحديث .

    • ومن أبرز مفكري المعتزلة منذ تأسيسها على يد واصل بن عطاء وحتى اندثارها وتحللها في المذاهب الأخرى كالشيعة والأشعرية والماتريدية ما يلي:

    ـ أبو الهذيل حمدان بن الهذيل العلاف (135 ـ226 هـ) مولى عبد القيس وشيخ المعتزلة والمناظر عنها. أخذ الاعتزال عن عثمان بن خالد الطويل عن واصل بن عطاء، طالع كثيراً من كتب الفلاسفة وخلط كلامهم بكلام المعتزلة، فقد تأثر بأرسطو وأنبادقليس من فلاسفة اليونان، وقال بأن " الله عالم بعلم وعلمه ذاته، وقادر بقدرة وقدرته ذاته … " انظر الفرق بين الفرق للبغدادي ص 76 . وتسمى طائفة الهذيلية .

    ـ إبراهيم بن يسار بن هانئ النظام (توفي سنة 231هـ) وكان في الأصل على دين البراهمة (*) وقد تأثر أيضاً بالفلسفة اليونانية مثل بقية المعتزلة .. وقال:بأن المتولدات من أفعال الله تعالى، وتسمى طائفته النظامية .

    ـ بشر بن المعتمر (توفي سنة 226 هـ) وهو من علماء المعتزلة، وهو الذي أحدث القول بالتولد وأفرط فيه فقال: إن كل المتولدات من فعل الإنسان فهو يصح أن يفعل الألوان والطعوم والرؤية والروائح وتسمى طائفته البشرية.

    ـ معمر بن عباد السلمي (توفي سنة 220 هـ) وهو من أعظم القدرية (*) فرية في تدقيق القول بنفي الصفات ونفي القدر (*) خيره وشره من الله وتسمى طائفته: المعمرية .

    ـ عيسى بن صبيح المكنى بأبي موسى الملقب بالمردار (توفي سنة 226هـ) وكان يقال له: راهب المعتزلة، وقد عرف عنه التوسع في التكفير (*) حتى كفر الأمة بأسرها بما فيها المعتزلة، وتسمى طائفته المردارية .

    ـ ثمامة بن أشرس النميري (توفي سنة 213هـ)، كان جامعاً بين قلة الدين وخلاعة النفس، مع اعتقاده بأن الفاسق يخلد في النار إذا مات على فسقه من غير توبة . وهو في حال حياته في منزلة بين المنزلتين . وكان زعيم القدرية في زمان المأمون والمعتصم والواثق وقيل إنه الذي أغرى المأمون ودعاه إلى الاعتزال، وتسمى طائفته الثمامية .

    ـ عمرو بن بحر: أبو عثمان الجاحظ (توفي سنة 256هـ) وهو من كبار كتاب المعتزلة، ومن المطلعين على كتب الفلاسفة، ونظراً لبلاغته في الكتابة الأدبية استطاع أن يدس أفكاره المعتزلية في كتاباته كما يدس السم في الدسم مثل، البيان والتبيين، وتسمى فرقته الجاحظية .

    ـ أبو الحسين بن أبي عمر الخياط (توفي سنة 300هـ) من معتزلة بغداد و بدعته التي تفرد بها قوله بأن المعدوم جسم، والشيء المعدوم قبل وجوده جسم، وهو تصريح بقدم العالم، وهو بهذا يخالف جميع المعتزلة وتسمى فرقته الخياطية .

    ـ القاضي عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمداني (توفي سنة 414هـ) فهو من متأخري المعتزلة، قاضي قضاة الري وأعمالها، وأعظم شيوخ المعتزلة في عصره، وقد أرخ للمعتزلة وقنن مبادئهم وأصولهم الفكرية والعقدية.

    المبادئ والأفكار:

    • جاءت المعتزلة في بدايتها بفكرتين مبتدعتين:

    ـ الأولى: القول بأن الإنسان مختار بشكل مطلق في كل ما يفعل، فهو يخلق أفعاله بنفسه، ولذلك كان التكليف، ومن أبرز من قال ذلك غيلان الدمشقي، الذي أخذ يدعو إلى مقولته هذه في عهد عمر بن عبد العزيز . حتى عهد هشام بن عبد الملك، فكانت نهايته أن قتله هشام بسبب ذلك .

    ـ الثانية: القول بأن مرتكب الكبيرة (*) ليس مؤمناً ولا كافراً ولكنه فاسق فهو بمنزلة بين المنزلتين، هذه حاله في الدنيا أما في الآخرة فهو لا يدخل الجنة لأنه لم يعمل بعمل أهل الجنة بل هو خالد مخلد في النار، ولا مانع عندهم من تسميته مسلماً باعتباره يظهر الإسلام وينطق بالشهادتين ولكنه لا يسمى مؤمناً.

    • ثم حرر المعتزلة مذهبهم في خمسة أصول:
    1 ـ التوحيد .
    2 ـ العدل .
    3 ـ الوعد والوعيد .
    4 ـ المنزلة بين المنزلتين .
    5 ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

    1 ـ التوحيد: وخلاصته برأيهم، هو أن الله تعالى منزه عن الشبيه والمماثل (ليس كمثله شيء) ولا ينازعه أحد في سلطانه ولا يجري عليه شيء مما يجري على الناس. وهذا حق ولكنهم بنوا عليه نتائج باطلة منها: استحالة رؤية الله تعالى لاقتضاء ذلك نفي الصفات، وأن الصفات ليست شيئاً غير الذات، وإلا تعدد القدماء في نظرهم، لذلك يعدون من نفاة الصفات وبنوا على ذلك أيضاَ أن القرآن مخلوق لله سبحانه وتعالى لنفيهم عنه سبحانه صفة الكلام.

    2 ـ العدل: ومعناه برأيهم أن الله لا يخلق أفعال العباد، ولا يحب الفساد، بل إن العباد يفعلون ما أمروا به وينتهون عما نهوا عنه بالقدرة التي جعلها الله لهم وركبها فيهم وأنه لم يأمر إلا بما أراد ولم ينه إلا عما كره، وأنه ولي كل حسنة أمر بها، بريء من كل سيئة نهى عنها، لم يكلفهم ما لا يطيقون ولا أراد منهم ما لا يقدرون عليه . وذلك لخلطهم بين إرادة الله تعالى الكونية (*) وإرادته الشرعية (*) .

    3 ـ الوعد والوعيد: ويعني أن يجازي الله المحسن إحساناً ويجازي المسيء سوءاً، ولا يغفر لمرتكب الكبيرة (*) إلا أن يتوب .

    4 ـ المنزلة بين المنزلتين: وتعني أن مرتكب الكبيرة في منزلة بين الإيمان والكفر فليس بمؤمن ولا كافر . وقد قرر هذا واصل بن عطاء شيخ المعتزلة .

    5 ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: فقد قرروا وجوب ذلك على المؤمنين نشراً لدعوة الإسلام وهداية للضالين وإرشاداً للغاوين كل بما يستطيع: فذو البيان ببيانه، والعالم بعلمه، وذو السيف بسيفه وهكذا . ومن حقيقة هذا الأصل أنهم يقولون بوجوب الخروج على الحاكم إذا خالف وانحرف عن الحق .

    • ومن مبادئ المعتزلة الاعتماد على العقل (*) كليًّا في الاستدلال لعقائدهم وكان من آثار اعتمادهم على العقل في معرفة حقائق الأشياء وإدراك العقائد، أنهم كانوا يحكمون بحسن الأشياء وقبحها عقلاً فقالوا كما جاء في الملل والنحل للشهرستاني: " المعارف كلها معقولة بالفعل، واجبة بنظر العقل، وشكر المنعم واجب قبل ورود السمع أي قبل إرسال الرسل، والحسن والقبيح (*) صفتان ذاتيتان للحسن والقبيح " .

    ـ ولاعتمادهم على العقل أيضاً أوَّلوا الصفات بما يلائم عقولهم الكلية، كصفات الاستواء واليد والعين وكذلك صفات المحبة والرضى والغضب والسخط ومن المعلوم أن المعتزلة تنفي كل الصفات لا أكثرها .

    ـ ولاعتمادهم على العقل أيضاً، طعن كبراؤهم في أكابر الصحابة وشنعوا عليهم ورموهم بالكذب، فقد زعم واصل بن عطاء: أن إحدى الطائفتين يوم الجمل فاسقة، إما طائفة علي بن أبي طالب وعمار بن ياسر والحسن والحسين وأبي أيوب الأنصاري أو طائفة عائشة والزبير، وردوا شهادة هؤلاء الصحابة فقالوا: لا تقبل شهادتهم .

    ـ وسبب اختلاف المعتزلة فيما بينهم وتعدد طوائفهم هو اعتمادهم على العقل فقط ـ كما نوهنا ـ وإعراضهم عن النصوص الصحيحة من الكتاب والسنة، ورفضهم الإتباع بدون بحث واستقصاء وقاعدتهم التي يستندون إليها في ذلك:

    " كل مكلف مطالب بما يؤديه إليه اجتهاده في أصول الدين "، فيكفي وفق مذهبهم أن يختلف التلميذ مع شيخه في مسألة ليكون هذا التلميذ صاحب فرقة قائمة، وما هذه الفرق التي عددناها آنفاً إلا نتيجة اختلاف تلاميذ مع شيوخهم، فأبو الهذيل العلاف له فرقة، خالفه تلميذه النظام فكانت له فرقة، فخالفه تلميذه الجاحظ فكانت له فرقة، والجبائي له فرقة، فخالفه ابنه أبو هاشم عبد السلام فكانت له فرقة أيضاَ وهكذا .

    ـ وهكذا نجد أن المعتزلة قد حولوا الدين إلى مجموعة من القضايا العقلية والبراهين المنطقية، وذلك لتأثرهم بالفلسفة (*) اليونانية عامة وبالمنطق (*) الصوري الأوسطي خاصة .

    • وقد فند علماء الإسلام آراء المعتزلة في عصرهم، فمنهم أبو الحسن الأشعري الذي كان منهم، ثم خرج من فرقتهم ورد عليهم متبعاً أسلوبهم في الجدال (*) والحوار .. ثم جاء الإمام أحمد بن حنبل الذي اكتوى بنار فتنتهم المتعلقة بخلق القرآن ووقف في وجه هذه الفتنة بحزم وشجاعة نادرتين .

    ـ ومن الردود قوية الحجة، بارعة الأسلوب، رد شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ عليهم في كتابه القيم: درء تعارض العقل والنقل فقد تتبع آراءهم وأفكارهم واحدة واحدة ورد عليها ردًّا مفحماً .. وبين أن صريح العقل لا يكمن أن يكون مخالفاً لصحيح النقل .

    • وقد ذُكر في هذا الحديث أكثر من مرة أن المعتزلة اعتمدوا على العقل (*) في تعاملهم مع نصوص الموحي (*)، وقد يتوهم أحد أن الإسلام ضد العقل ويسعى للحجر عليه . ولكن هذا يرده دعوة الإسلام إلى التفكر في خلق السموات والأرض والتركيز على استعمال العقل في اكتشاف الخير والشر وغير ذلك مما هو معروف ومشهور مما دعا العقاد إلى أن يؤلف كتاباً بعنوان: التفكر فريضة إسلامية، ولهذا فإن من انحرافات المعتزلة هو استعمالهم العقل في غير مجاله: في أمور غيبية مما تقع خارج الحس ولا يمكن محاكمتها محاكمة عقلية صحيحة، كما أنهم بنوا عدداً من القضايا على مقدمات معينة فكانت النتائج ليست صحيحة على إطلاقها وهو أمر لا يسلّم به دائماً حتى لو اتبعت نفس الأساليب التي استعملوها في الاستنباط والنظر العقلي: مثل نفيهم الصفات عن الله اعتماداً على قوله تعالى: (ليس كمثله شيء). وكان الصحيح أن لا تنفى عنه الصفات التي أثبتها لنفسه سبحانه وتعالى ولكن تفهم الآية على أن صفاته سبحانه وتعالى لا تماثل صفات المخلوقين.

    وقد حدد العلماء مجال استعمال العقل بعدد من الضوابط منها:

    ـ أن لا يتعارض مع النصوص الصحيحة .

    ـ أن لا يكون استعمال العقل في القضايا الغيبية التي يعتبر الوحي هو المصدر الصحيح والوحيد لمعرفتها.

    ـ أن يقدم النقل على العقل في الأمور التي لم تتضح حكمتها " وهو ما يعرف بالأمور التوقيفية".

    ولا شك أن احترام الإسلام للعقل وتشجيعه للنظر والفكر لا يقدمه على النصوص الشرعية الصحيحة . خاصة أن العقول متغيرة وتختلف وتتأثر بمؤثرات كثيرة تجعلها لا تصلح لأن تكون الحكم المطلق في كل الأمور . ومن المعروف أن مصدر المعرفة في الفكر الإسلامي يتكون من:

    1 ـ الحواس وما يقع في مجالها من الأمور الملموسة من الموجودات .

    2 ـ العقل (*) وما يستطيع أن يصل إليه من خلال ما تسعفه به الحواس والمعلومات التي يمكن مشاهدتها واختبارها وما يلحق ذلك من عمليات عقلية تعتمد في جملتها على ثقافة الفرد ومجتمعه وغير ذلك من المؤثرات .

    3 ـ الوحي (*) من كتاب وسنة حيث هو المصدر الوحيد والصحيح للأمور الغيبية، وما لا تستطيع أن تدركه الحواس، وما أعده الله في الدار الآخرة، وما أرسل من الرسل إلخ …

    وهكذا يظهر أنه لا بد من تكامل العقل والنقل في التعامل مع النصوص الشرعية كل فيما يخصه وبالشروط التي حددها العلماء.

    الجذور الفكرية والعقائدية:

    • هناك رواية ترجع الفكر المعتزلي في نفي الصفات إلى أصول يهودية فلسفية فالجعد بن درهم أخذ فكره عن أبان بن سمعان وأخذها أبان عن طالوت وأخذها طالوت عن خاله لبيد بن الأعصم اليهودي.

    وقيل: إن مناقشات الجهم بن صفوان مع فرقة السمنية ـ وهي فرقة هندية تؤمن بالتناسخ (*) ـ قد أدت إلى تشكيكه في دينه وابتداعه لنفي الصفات .

    • إن فكر يوحنا الدمشقي وأقواله تعد مورداً من موارد الفكر الاعتزالي، إذ أنه كان يقول بالأصلح ونفي الصفات الأزلية حرية الإرادة الإنسانية .

    ـ ونفي القدر عند المعتزلة الذي ظهر على يد الجهني وغيلان الدمشقي، قيل إنهما أخذاه عن نصراني يدعى أبو يونس سنسويه وقد أخذ عمرو بن عبيد صاحب واصل بن عطاء فكرة نفي القدر عن معبد الجهني .

    ـ تأثر المعتزلة بفلاسفة (*) اليونان في موضوع الذات والصفات، فمن ذلك قول أنبادقليس الفيلسوف اليوناني: "إن الباري تعالى لم يزل هويته فقط وهو العلم المحض وهو الإرادة المحضة وهو الجود والعزة، والقدرة والعدل والخير والحق، لا أن هناك قوى مسماة بهذه الأسماء بل هي هو، وهو هذه كلها" انظر الملل والنحل ج 2/ ص58.

    وكذلك قول أرسطوطاليس في بعض كتبه "إن الباري علم كله، قدره كله، حياة كله، بصر كله".

    فأخذ العلاف وهو من شيوخ المعتزله هذه الأفكار وقال: إن الله عالم بعلم وعلمه ذاته، قادر بقدرة وقدرته ذاته، حي بحياة وحياته ذاته.

    ـ وأخذ النظام من ملاحدة الفلاسفة قوله بإبطال الجزء الذي لا يتجرأ، ثم بنى عليه قوله بالطفرة، أي أن الجسم يمكن أن يكون في مكان (أ) ثم يصبح في مكان (ج) دون أن يمر في (ب) .

    وهذا من عجائبه حتى قيل: إن من عجائب الدنيا: " طفرة النظام وكسب الأشعري " .

    ـ وإن أحمد بن خابط والفضل الحدثي وهما من أصحاب النظام قد طالعا كتب الفلاسفة ومزجا الفكر الفلسفي مع الفكر النصراني مع الفكر الهندي وقالا بما يلي:

    1 ـ إن المسيح (*) هو الذي يحاسب الخلق في الآخرة.

    2 ـ إن المسيح تدرع بالجسد الجسماني وهو الكلمة القديمة المتجسدة.

    3 ـ القول بالتناسخ (*).

    4 ـ حملا كل ما ورد في الخبر عن رؤية الله تعالى على رؤية العقل الأول هو أول مبتدع وهو العقل الفعال الذي منه تفيض الصور على الموجودات .

    • يؤكد العلماء تأثير الفلسفة (*) اليونانية على فكر المعتزلة بما قام به الجاحظ وهو من مصنفي المعتزلة ومفكريهم فقد طالع كثيراً من كتب الفلاسفة وتمذهب بمذهبهم ـ حتى إنه خلط وروج كثيراً من مقالاتهم بعبارته البليغة .

    ـ ومنهم من يرجع فكر المعتزلة إلى الجذور الفكرية والعقدية في العراق ـ حيث نشأ المعتزلة ـ الذي يسكنه عدة فرق تنتهي إلى طوائف مختلفة، فبعضهم ينتهي إلى الكلدان وبعضهم إلى الفرس وبعضهم نصارى وبعضهم يهود وبعضهم مجوس (*). وقد دخل هؤلاء في الإسلام وبعضهم قد فهمه على ضوء معلوماته القديمة وخلفيته الثقافية والدينية.

    الفكر الاعتزالي الحديث:

    • يحاول بعض الكتاب والمفكرين في الوقت الحاضر إحياء فكر المعتزلة من جديد بعد أن عفى عليه الزمن أو كاد .. فألبسوه ثوباً جديداً، وأطلقوا عليه أسماء جديدة مثل … العقلانية أو التنوير أو التجديد (*) أو التحرر الفكري أو التطور أو المعاصرة أو التيار الديني المستنير أو اليسار الإسلامي ..

    ـ وقد قوّى هذه النزعة التأثر بالفكر الغربي العقلاني المادي، وحاولوا تفسير النصوص الشرعية وفق العقل (*) الإنساني .. فلجأوا إلى التأويل (*) كما لجأت المعتزلة من قبل ثم أخذوا يتلمسون في مصادر الفكر الإسلامي ما يدعم تصورهم، فوجدوا في المعتزلة بغيتهم فأنكروا المعجزات (*) المادية .. وما تفسير الشيخ محمد عبده لإهلاك أصحاب الفيل بوباء الحصبة أو الجدري الذي حملته الطير الأبابيل .. إلا من هذا القبيل .

    • وأهم مبدأ معتزلي سار عليه المتأثرون بالفكر المعتزلي الجدد هو ذاك الذي يزعم أن العقل هو الطريق الوحيد للوصول إلى الحقيقة، حتى لو كانت هذه الحقيقة غيبية شرعية، أي أنهم أخضعوا كل عقيدة وكل فكر للعقل البشري القاصر .

    • وأخطر ما في هذا الفكر الاعتزالي .. محاولة تغيير الأحكام الشرعية التي ورد فيها النص اليقيني من الكتاب والسنة .. مثل عقوبة المرتد، وفرضية الجهاد (*)، والحدود، وغير ذلك .. فضلاً عن موضوع الحجاب وتعدد الزوجات، والطلاق والإرث .. إلخ .. وطلب أصحاب هذا الفكر إعادة النظر في ذلك كله .. وتحكيم العقل في هذه المواضيع . ومن الواضح أن هذا العقل الذي يريدون تحكيمه هو عقل متأثر بما يقوله الفكر الغربي حول هذه القضايا في الوقت الحاضر .

    • ومن دعاة الفكر الاعتزالي الحديث سعد زغلول الذي نادى بنزع الحجاب عن المرأة المصرية وقاسم أمين مؤلف كتاب تحرير المرأة و المرأة الجديدة، ولطفي السيد الذي أطلقوا عليه: " أستاذ الجيل " وطه حسين الذي أسموه "عميد الأدب العربي " وهؤلاء كلهم أفضوا إلى ما قدموا . هذا في البلاد العربية .

    أما في القارة الهندية فظهر السير أحمد خان، الذي منح لقب سير من قبل الاستعمار (*) البريطاني . وهو يرى أن القرآن الكريم لا السنة النبوية هو أساس التشريع وأحلّ الربا البسيط في المعاملات التجارية . ورفض عقوبة الرجم والحرابة، ونفى شرعية الجهاد لنشر الدين (*)، وهذا الأخير قال به لإرضاء الإنجليز لأنهم عانوا كثيراً من جهاد المسلمين الهنود لهم .

    ـ وجاء تلميذه سيد أمير علي الذي أحلّ زواج المسلمة بالكتابي وأحل الاختلاط بين الرجل والمرأة .

    ـ ومن هؤلاء أيضاً مفكرون علمانيون، لم يعرف عنهم الالتزام بالإسلام .. مثل زكي نجيب محمود صاحب (الوضعية المنطقية) وهي من الفلسفة (*) الوضعية الحديثة التي تنكر كل أمر غيبي .. فهو يزعم أن الاعتزال جزء من التراث ويجب أن نحييه، وعلى أبناء العصر أن يقفوا موقف المعتزلة من المشكلات القائمة (انظر كتاب تجديد الفكر العربي ص 123) .

    ـ ومن هؤلاء أحمد أمين صاحب المؤلفات التاريخية والأدبية مثل فجر الإسلام وضحى الإسلام وظهر الإسلام، فهو يتباكى على موت المعتزلة في التاريخ القديم وكأن من مصلحة الإسلام بقاؤهم، ويقول في كتابه: ضحى الإسلام: " في رأيي أن من أكبر مصائب المسلمين موت المعتزلة " (ج3 ص207).

    ـ ومن المعاصرين الأحياء الذين يسيرون في ركب الدعوة الإسلامية من ينادي بالمنهج (*) العقلي الاعتزالي في تطوير العقيدة والشريعة مثل الدكتور محمد فتحي عثمان في كتابه الفكر الإسلامي والتطور .. والدكتور حسن الترابي في دعوته إلى تجديد أصول الفقه حيث يقول: " إن إقامة أحكام الإسلام في عصرنا تحتاج إلى اجتهاد (*) عقلي كبير، وللعقل (*) سبيل إلى ذلك لا يسع عاقل إنكاره، والاجتهاد الذي نحتاج إليه ليس اجتهاداً في الفروع وحدها وإنما هو اجتهاد في الأصول أيضاً " (انظر كتاب المعتزلة بين القديم والحديث ص 138) .

    ـ وهناك كتاب كثيرون معاصرون، ومفكرون إسلاميون يسيرون على المنهج نفسه ويدعون إلى أن يكون للعقل دور كبير في الاجتهاد (*) وتطويره، وتقييم الأحكام الشرعية، وحتى الحوادث التاريخية .. ومن هؤلاء فهمي هويدي ومحمد عمارة ـ صاحب النصيب الأكبر في إحياء تراث المعتزلة والدفاع عنه ـ وخالد محمد خالد و محمد سليم العوا، وغيرهم . ولا شك بأهمية الاجتهاد وتحكيم العقل في التعامل مع الشريعة الإسلامية (*) ولكن ينبغي أن يكون ذلك في إطار نصوصها الثابتة وبدوافع ذاتية وليس نتيجة ضغوط أجنبية وتأثيرات خارجية لا تقف عند حد، وإذا انجرف المسلمون في هذا الاتجاه ـ اتجاه ترويض الإسلام بمستجدات الحياة والتأثير الأجنبي بدلاً من ترويض كل ذلك لمنهج الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ـ فستصبح النتيجة أن لا يبقى من الإسلام إلا اسمه ولا من الشريعة إلا رسمها ويحصل للإسلام ما حصل للرسالات السابقة التي حرفت بسبب إتباع الأهواء والآراء حتى أصبحت لا تمت إلى أصولها بأي صلة .

    ويتضح مما سبق:
    أن حركة المعتزلة كانت نتيجة لتفاعل بعض المفكرين المسلمين في العصور الإسلامية مع الفلسفات السائدة في المجتمعات التي اتصل بها المسلمون . وكانت هذه الحركة نوع من ردة الفعل التي حاولت أن تعرض الإسلام وتصوغ مقولاته العقائدية والفكرية بنفس الأفكار والمناهج الوافدة وذلك دفاعاً ع الإسلام ضد ملاحدة تلك الحضارات بالأسلوب الذي يفهمونه . ولكن هذا التوجه قاد إلى مخالفات كثيرة وتجاوزات مرفوضة كما فعل المعتزلة في إنكار الصفات الإلهية تنزيهاً لله سبحانه عن مشابهة المخلوقين .

    ومن الواضح أيضاً أن أتباع المعتزلة الجدد وقعوا فيما وقع فيه أسلافهم، وذلك أن ما يعرضون الآن من اجتهادات إنما الهدف منها أن يظهر الإسلام بالمظهر المقبول عند أتباع الحضارة الغربية والدفاع عن نظامه العام قولاً بأنه إنْ لم يكن أحسن من معطيات الحضارة الغربية فهو ليس بأقل منها .

    ولذا فلا بد أن يتعلم الخلف من أخطاء سلفهم ويعلموا أن عزة الإسلام وظهوره على الدين كله هي في تميز منهجه وتفرد شريعته واعتباره المرجع الذي تقاس عليه الفلسفات والحضارات في الإطار الذي يمثله الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح في شمولهما وكمالهما.

    ----------------------------------------------------
    مراجع للتوسع:
    ـ الملل والنحل للشهرستاني.
    ـ الفرق بين الفرق للبغدادي.
    ـ مقالات الإسلاميين للأشعري.
    ـ القاضي عبد الجبار الهمداني للدكتور عبد الكريم عثمان.
    ـ ابن تيمية للشيخ محمد أبي زهرة.
    ـ درء تعارض العقل والنقل لشيخ الإسلام ابن تيمية.
    ـ البداية والنهاية لابن كثير.
    ـ المعتزلة بين القديم والحديث لمحمد العبدة وطارق عبد الحليم.
    ـ ضحى الإسلام لأحمد أمين.
    ـ تجديد الفكر العربي لزكي نجيب محمود.
    ـ دراسات في الفرق والعقائد لعرفات عبد الحميد.
    ـ الدعوة إلى التجديد في منهج النقد، عصام البشير (بحث مقدم لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لنيل درجة الماجستير).
    ـ عقائد السلف لعلي سامي النشار.
    ـ محمد عمارة في ميزان أهل السنة والجماعة، سليمان بن صالح الخراشي.
    ـ حوار هادئ مع الشيخ الغزالي. سلمان بن فهد العودة.
    ـ منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير، د. فهد الرومي.
    ـ العصريون معتزلة اليوم ـ يوسف كمال.
    ـ العصرانية في حياتنا الاجتماعية. د. عبد الرحمن بن زيد الزنيدي.
    ـ العصرانيون. محمد حامد الناصر.
    ـ دراسات في السيرة. محمد سرور زين العابدين.
    ـ تنبيه الأنام لمخالفة شلتوت الإسلام. الشيخ عبد الله بن يابس.
    ـ مفهوم تجديد الدين. بسطامي محمد سعيد.
    ـ تجديد أصول الفقه. د.حسن الترابي.
    ـ غزو من الداخل، جمال سلطان.
    ـ مجلة كلية أصول الدين جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
    ـ "المدرسة العقلية الحديثة وصلتها بالقديمة" د. ناصر العقل. العدد الثالث سنة 1400هـ.


                  

11-19-2009, 11:48 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مـــع الجــــاحظ (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    رفع لمن يهمه
                  

11-22-2009, 07:19 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مـــع الجــــاحظ (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    +
                  

11-23-2009, 04:38 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مـــع الجــــاحظ (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    أوردت سابقاً نصاً يصف فيه الجاحظ فصاحة الرسول صلى الله عليه وسلم فنجد الجاحظ في هذا النص تحديداً يرفع كلام الرسول صلى الله عليه وسلم إلى درجة الإعجاز والسمو البلاغي حيث أن كلامه : موجز وصادق ويجري على الفطرة والبعد عن التكلف والصنعة وتجنب التشديق والتقعير ومراعاة مقتضى الحال ، باستخدام الإطناب حيث يحسن الإطناب ، والإيجاز حيث يحسن الإيجاز ، وأن كلامه صلى الله عليه وسلم سهل واضح ، خال من الابتذال الذي يجري على ألسنة السوقة وسفلة الناس ، وأنه معصوم من الخطأ ، ومؤيد من الله سبحانه وتعالى ومقبول من الناس ..
    ومن هنا يبدو لنا في خاتمة هذا البوست أن الجاحظ دائرة واسعة للمعارف ، فالجاحظ معلم العقل بما قدمه في كتبه من معارف وثقافات ، ومعلم الأدب بأسلوبه الأدبي الرائع ، يقول ابن العميد : (( إن كتب الجاحظ تعلم العقل أولاً والأدب ثانياً )) ، فهو رجل فصاحة وبلاغة ذو مقدرة على تصريف اللغة ، واختيار اللفظ الفصيح ، والتعبير البليغ ، يقول ابن العميد : (( الناس عيال على الجاحظ في البلاغة والفصاحة واللسان )) ، وهو أبرع كتاب العربية أسلوباً ، عني بتأليف الكتب والرسائل ، التي بلغت نحو مئة وواحد وسبعين كتاباً ، كما لايفوتني أن أذكر أنه رجل ظرف وفكاهة يمزج الجد بالهزل ويميل إلى الدعابة والمرح لدفع الملل عن القاري
    .
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de