|
عندما إنتحر صديقي المراهق .. إهداء لروح كل فنان مغترب !!
|
والده.. لم يكن ميسور الحال .. فذكريات الأيام التي عاشها محروما أنسته هدفه الأساسي لوجوده في هذه البلاد .. لماذا تختلف الأهداف بإختلاف مراحلنا؟! هل تكويننا السوداني الفريد وخلايانا الوراثية تتحمل مسؤولية ضياع أهدافنا في خضم الرتل الهائل من الأحلام الذي يتولد معنا كل يوم ! ربما لكثرتها أو لضحالتها تختلط علينا .. فلا نعد نذكر أي منها ونعيش أيامنا بتفاصيل أربع وعشرين ساعة فقط .. تنتهي بوضع رأسنا على وسادة النوم . وهذا ما يدفعني لإيجاد العذر لكل قادتنا اللصوص .. السادة اللصوص ! فكيف لشخص أو مجموعة أشخاص تذوقت طعم الجوع والحرمان أن تعف أيديهم عن سرقة ما هو تحت طائلة سلطانهم .. هي تلك المنطقة في الذاكرة التي تؤثر في غرائزنا وتحركنا لا إراديا نحو غريزة البقاء على قيد الحياة والإحتفاء بنعمة وجودنا من العدم هي التي تجعل هذا الجيل كاملا غبر مؤهل لممارسة حكم عادل ديمقراطي رشيد ..
|
|
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: عندما إنتحر صديقي المراهق .. إهداء لروح كل فنان مغترب !! (Re: محمد عمر جبريل)
|
جاء والده لهذه البلاد في نهايات صباه .. بعد أن كان على أعتاب الجامعة .. كان يردد على مسامعهم – وهم أطفال – أنها معركة .. خاض معركته ونضاله للدخول إلى الجامعة وخرج منها بخفي حنين .. فقد كانت الجامعة وقتهم ذاك أكثر عصمة من أن تفتح أبوابها للجميع .. خرج من بيت عمه القابع في بيوت السكة حديد قاصدا تلك البلاد وبين جنبيه حلم أراد له أن يرى النور كان يحلم بمواصلة تعليمه الجامعي في بلاد الإفرنج .. وما هو فيه الآن مجرد محطة عابرة في حياته .. وسيلة لغاية أسمى .. طريق معبد لتجسيد ما تمناه طيلة حياته .. أن يصبح طبيبا !! .. تربى على يدي عمه بعد أن لثم ثدي أم غير التي أنجبته فقد فارقت أمه الحياة بعد معاناة شديدة مع المخاض وغيب الموت أباه وهو في العاشرة من عمره .. فقط عقد واحد من عمره لينعم بكنف أحد الأبوين.. وليس كليهما .. وحتى هذا النصف من الحنان كان كثيرا على هذا الطفل البائس..
| |
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: عندما إنتحر صديقي المراهق .. إهداء لروح كل فنان مغترب !! (Re: محمد عمر جبريل)
|
بعد وفاة والده كفله عمه الإداري بالسكة حديد في منزله .. تذوق كل أصناف العذاب وتجرع مرارة اليتم كل يوم على يد زوجة عمه وأبنائها .. كان يشعر بالإغتصاب كلما تم إختياره دونا عن باقي أبناء عمومته ليقوم بعمل منزلي أو الذهاب لقضاء بعض المراسيل اليومية من الدكان .. من الزريبة .. من الفرن .. كان في نظر زوجة عمه وأبنائها هبة الله التي أنزلت عليهم لتحملهم على كفوف الراحة .. لم تكن الزوجة شريرة بطبيعة الحال .. ولكنها لم تضع أبنائها وهذا الدخيل الجديد في مقام واحد .. كلما إشتد عليه العقاب كان ينزوي بداخل الزريبة .. يخبئ نفسه بين الماعز ورائحة الروث ويجتر الذكريات الشحيحة التي يحملها لوالده كان يتيما لم يرى أمه .. لا يدرك إحساس الأمومة .. ولا يفهمه .. يجتهد كثيرا ليستنبطه من شكل العلاقة القائمة بين زوجة عمه وأبنائها .. كان يراها أحيانا تقبلهم وتحضنهم .. أو تضربهم .. وأحيانا تنظفهم وتدهن أجسادهم .. تمنى أن يشعر بهذا الإحساس من أمه .. وأكثر ما كان يؤلمه – وهو في هذا العمر – أن يدرك حقيقة موتها .. في مثل عمره يسأل الأطفال عن ماهية المقابر .. عن كيف أتينا .. عن سر العضو الصغير الذي نحمله بين أقدامنا ولا نراه عند البنات .. أما هو فقد أدرك أن الموت يعني الفراق الأبدي. فراق بغير رجعة !!
| |
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: عندما إنتحر صديقي المراهق .. إهداء لروح كل فنان مغترب !! (Re: محمد عمر جبريل)
|
نمطية حياة الغربة أو حياته هو تحديدا تخلق له الكثير من أوقات الفراغ ليكمل إجترار ذكرياته كل يوم .. دائما ما تتخلل أنفه رائحة الروث .. ومجموع ليال قضاها جالسا القرفصاء يناجي العنز ويتلذذ بغيابه عن نظر زوجة عمه .. يملأه الفرح عند نزول زخات المطر الأولى .. ربما لأنها قادمة من إتجاه السماء حيث تجلس أمه .. حيث يحدق في لحظات تخيلها ورسم شكل وجهها .. يفتح يديه .. ويغمض عينيه ويجري موازيا لقضيب السكة حديد كلما أمطرت .. يريد أن يلمس جميع القطرات علها تخفف من حرارة اليتم .. فاليتم يجعل الحمى ملازمة للبدن في هذا العمر .. وبعض الوعكات الصحية لا يداويها إلا حضن أم .
| |
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: عندما إنتحر صديقي المراهق .. إهداء لروح كل فنان مغترب !! (Re: محمد عمر جبريل)
|
كان محظوظا.. هو ومجموعة أخرى من أصدقائه عندما تم إختيارهم للعمل كمدرسين بإحدى دول الخليج .. فقد كان بصيص أمل ليخرج من عتمة إغتصابه يوميا من زوجة عمه وأبنائها .. إحساسه بدونية التمييز وأنه لا يعدو أن يكون مجرد خادما بهذا المنزل .. خادما لهم وملبيا لجميع طلباتهم .. حتى أبن عمه – الإصغر منه في العمر- كان يتلذذ بوجوده .. كان يرسله كل يوم لإحضار الدندرمة من بيت حاجة سعاد .. وعمه حسين كثير الأسفار لا يملك وقتا لتفقد ابن أخيه . تركه في المنزل كالخرقة البالية .. ربما لا يستطيع حتى التعرف على ملامح وجهه إذا نظر إليه .. فلسانه لم يخاطبه طيلة تسعة أعوام قضاها معه في المنزل .. لم يسأله في يوم من الأيام عن المدرسة .. أو كتبه .. لم يسبق له أن أعطاه (العيدية) إسوة ببقية أبنائه .. لم يشتري له ملبس أو دواء ولا حتى حذاء يقيه المشي حافيا ليقضي حاجيات زوجته أو ليحضر الدندرمة ..
| |
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: عندما إنتحر صديقي المراهق .. إهداء لروح كل فنان مغترب !! (Re: محمد عمر جبريل)
|
أتى لهذه البلاد وما زال يحلم بمواصلة تعليمه الجامعي ليكون طبيبا .. حلم من ضمن مكتبة ضخمة من الأحلام كلما تذكر أحدها هرع ليبحث عنه بين الرفوف .. يقضي بعض سويعات محدقا إلى السماء وحلمه – كبقية الأحلام – يرسم ما قد يكون إبتسامة على وجهه. لم تكن أحواله أو أحوال منزل السكة حديد يسمح له بمداعبة هذا الحلم . . لضيق ذات اليد ولإغتصابه اليومي من أولئك اللعناء .. قطع هو ورفاقه في الرحلة الوعد بينهم ان يكنزوا دراهمهم هنا .. و(هنا) هذه كان الوعد أن تكون مجرد محطة في طريق وصولهم لبلاد الإفرنج .. (هنا) ستكون معبرهم لآخر الأحلام الصامدة ..
| |
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: عندما إنتحر صديقي المراهق .. إهداء لروح كل فنان مغترب !! (Re: محمد عمر جبريل)
|
عندما دعاهم هذا البدوي لشرب (سحل) من اللبن في خيمته ذات مساء .. تذكر تلك الرائحة المميزة رائحة لبن الشاه .. وساعات قضاها بين الحلم بغد أفضل .. وهذه الرائحة التي تذكره بمرارة الواقع سريعا جدا عاد لوجه هذا البدوي الصلد وهو يتأمل في تضاريس منحوته على وجهه تذكرنا دائما بشقاوة الحياة البدوية .. تذكر أيضا في هينيهته تلك أقارب هؤلاء البدو في السودان .. تحديدا في شرق السودان وشظف العيش البائن على سحناتهم .. عاد سريعا لواقع تجربته وهدفه للحياة هاهنا .. وأمام ناظريه برودة صحراء نجد مساءا .. ورائحة الروث مرة أخرى تدفنه بين اليأس وآدميته وحقه في الحلم .. في التمني !! يبتسم كعادته كلما برقت جذوة أحلامه ... وحبات الرمل المتطايره تظلل عينيه وأسنانه .. عجيب أمر الإنسان .. يتقلب حاله تباعا للحظة يذوب بين تفاصيلها .. فلا هو القادر على مد جسور التواصل بين حلمه وواقعه ولا هو القادر على تجسيد أحلامه ... قوة الإرادة لا تتجسد الإحلام إلا بإستيقاذها من سباتها الموروث من سالف أجدادنا الأوائل ..
| |
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: عندما إنتحر صديقي المراهق .. إهداء لروح كل فنان مغترب !! (Re: محمد عمر جبريل)
|
جمع بعض من تلك الدراهم وقفل عائدا من حيث أتى في أجازته السنوية .. وملخص ذكرياته عن معاني الشوق لا ترسم له صورة جدته لأبيه .. رغم أنها لا تزال صامدة تجابد رسل الموت .. إلا أنها فارقت الواقع منذ سنين خلت .. تعيش بعيدا عن واقعها في خرف نازلها وهي بنت التسعين ..! كان كلما أراد أن يبتعد – جغرافيا – عن زوجة عمه وأبنائها .. لا يعلم أحدا يربت على رأسه إلا هي .. لم يكن يؤذيه نكرانها له وسؤالها الدائم .. إنت منو.. ويعود هو ليذكرها كل مرة أنه حفيدها لأبنها المتوفي منذ سنين.. ومع كل مرة يخبرها بذلك – بلا ملل – تعيد على مسامعه قصة زواج أبيه وأمه .. تحكيها له ببساطة لا تخلو من إفتخار .. كيف لا وهي التي باعت كل ما تحتكم عليه من حطام الدنيا لتساهم في زواج إبنها .. تحكي له دائما عن إبنها .. وهو يبحث بين تفاصيل القصة عن وجه أمه هو .. يشحذ عقله ليستجمع حتى ولو جملة واحدة عن أمه التي حرم حتى من حق السماع لقصصها ..
| |
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: عندما إنتحر صديقي المراهق .. إهداء لروح كل فنان مغترب !! (Re: محمد عمر جبريل)
|
خبر الموت دائما ما يكسر شيئا ما من غرورنا وكبريائنا .. يسرق منا أوقات تطول وتقصر ..بحجم الشخص المتوفي .. للموت من الحزيز ما يفقد كل الأشياء طعمها ولونها ولا تبقى سوى الرائحة .. رائحة الموت. لا نتعامل مع الموت إلا كشئ مستحيل .. لن يحدث .. لا نتخليله في من نحب ونكره ودائما نندهش عند الخبر .. حتى لو كان متوقعا !! لم يكن متعلقا بها كثيرا لإنعدام التواصل بين عالمها الذي عاشته آخر أيامها وعالمه المحصور بين إغتصابه من قبل زوجة عمه ورائحة الروث .. ولكن ما زاد عليه المواجع هو حتمية ذهابه لمنزل عمه مرة أخرى .. ذهب إلى هناك لا يحمل إلا حقدا دفينا لهذه الأسرة.. ولعمه تحديدا ..
| |
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: عندما إنتحر صديقي المراهق .. إهداء لروح كل فنان مغترب !! (Re: محمد عمر جبريل)
|
زوجة عمه بدهائها الموروث عن سالف أسلافها من النساء .. كانت لا تزال تنظر إليه ورغبتها مستمرة في كيف تستفيد منه .. كيف تسخره لخدمة مصالحها الذاتيه .. زينت لم تبلغ الخامسة عشر من عمرها بعد .. ولكن جاذبية العريس المغترب .. سولت لأمها تزويجها إياه بأي ثمن .. خططت ورسمت للأمر بعناية فائقة ... وذهبت لزوجها وبعدها بأيام كانت زينب أيضا قد ذهبت لزوجها الجديد .. ابن عمها المغترب .
| |
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: عندما إنتحر صديقي المراهق .. إهداء لروح كل فنان مغترب !! (Re: محمد عمر جبريل)
|
إختلطت الأحلام مرة اخري .. وصار وقع أقدامه أكثر إهتزازا .. هاهو الآن رجل متزوج .. ومغترب .. هنا .. بين الحلم .. والحلم الآخر منطقة على إتساع حجمها نخطوها في سرعة لا نشعر بها .. نقفزها قفزا .. بين ليلة وضحاها .. وجد في زينت ـ زوجته الجديدة ـ ما كان يحلم به .. من تعويض لكل تداعيات فقدان الأم في عمر مبكر .. ووجد فيها أيضا ما يشفي غليله من أيام وليال كثر قضاها بين الماعز ورائحة الروث .. على طيبتها وبرائتها بنت الأربعة عشر ربيعا .. لم تشعر بأنها عروس سوى أيام إنتهت سريعا جدا .. إنتهت فرحتها وماتت بمجرد وصولهم لبلاد المهجر بعد أن إنتهت إجازته السنوية ..
| |
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: عندما إنتحر صديقي المراهق .. إهداء لروح كل فنان مغترب !! (Re: النذير حجازي)
|
Quote: متابعين يا بو حميد وفى إنتظار التتمة والله يا محمد جبريل إنت قاص محترف، وقدامك طريق الرواية والقصة ممهد، وشوية إجتهاد منك فى اللغة العربية، وتفوق كل الروائيين السودانيين، وإلى الأمام سر |
النذير .. العربي دي من زمان عامل لي ورم فشفاش .. المشكلة برضو عندي مشكلة في الإنجليزي يعني أنا هسي ما أنفع أقدم لجوء سياسي نهائيا ..
![200_4e12.gif Hosting at Sudaneseonline.com](http://www.sudaneseonline.com/uploadpic/Sep09upload/200_4e12.gif)
لا عربي بنعرف نحنك ولا إنجليزي كمان .. شفت المحن دي كيف .. عموما يا عزيزي مرورك دائما محل تقديري .. وبصمتك دائما ليها مكانة
| |
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: عندما إنتحر صديقي المراهق .. إهداء لروح كل فنان مغترب !! (Re: محمد عمر جبريل)
|
يتلذذ بسحق إنسانيتها .. ورغبة التشفي من مغتصبيه هي ما ترسم حركاته وسكناته .. تلاشت أحلام الصبى في الدراسة والهجرة لمواصلة للحاق بركب زملائه الذين سبقوه إلى يوغسلافيا وأصبح همه الأول والأخير هو جمع الريالات وكنزها .. ومضت الأيام بهم على هذا المنوال وزينب لا تدري فيم تعذب ؟؟ ودهشتها ملجومة بصرخات أطفالها وندائهم اليومي .. أصبحت زينب أم لستة أطفال وهي المتزوجة منذ خمس سنين ..!! لم يكن يبالي بتنظيم ولادته أو تحديدها .. جل إهتمامه أصبح في الذهاب لبيت تسكنه مجموعة من الشباب غير المتزوجين يقضون لياليهم بين الصخب والمجون .. ويأتي كل ليلة ورائحة الخمر تلتقطها الأنوف من على بعد أمتار عديدة .. ليدخل عليها وهو مقضب لما بين حاجبيه .. بمرور الزمن أصبح على زينب حمل إضافي وهو تجهيز الشيشة وبعض المكعبات الثلجية .. وهو يمارس لذته في استدامة إستلقائها على السرير تنتظر شخيره .. وهول ساعة من العذاب
| |
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: عندما إنتحر صديقي المراهق .. إهداء لروح كل فنان مغترب !! (Re: محمد عمر جبريل)
|
جاء مسرعا بعد أن سمع صيحات أمه وإستغاثتها .. تتعثر خطواته تارة .. وتارة أخرى يكبحه الخوف حاول جاهدا تخليص أمه من هذا الشئ الهائج .. إلتفت إليه والده في وعينيه تنذر بشرر خطير .. أثنان أجتمعا عليه في هذه اللحظة .. غضب وسكر..! ركله في بطنه بإحدى قدميه .. ثم صار يقفز على جسده الهزيل الضعيف محاولا سحقه .. ولا زال السباب يلحقه هو وأمه .. .. .. .. يحاول القيام ولا يستطيع .. تنتفض فرائضه من هول الضرب والركل .. حتى أصبح قاب قوسين من الإغماء .. قامت أمه بما تبقى لها من قوة بدفعه بعيدا عن ولدها حتى سقط على الأرض .. حملته وهو يهذي بكلمات يهدد فيها أباه .. ويحذره من المس بشعرة من أمه .. وزينب تقاوم الدموع لتستبين معالم الطريق أمام عينيها .. شيئا فشئا بدأ صوته يخفو وهي تحمله بين يديها .. خرجت به من الغرفة وأغلقت الباب من الخارج حتى لا تستيقظ آلة الغضب التي بالداخل .. ... خارت كل قواها وما عادت تحتمل .. وصلت إلى إلى الغرفة المجاورة حيت يرقد بقية الأخوة الصغار .. دخلت إليهم ولا شئ يثنيها عن الموت إلا حبها لهم .. نظرة إليهم بعين حنون وهم يغطون في نوم عميق إلا حُسنة فقد صعدت الحمى لرأسها وأصبحت تنتفض هي الأخرى كمن بها مس .. تشجنات وهذيان وحبات العرق تغطي جبينها .. وزينب لا ترى إلا بنصف عين إثر الضرب الذي تعرضت له .. عن يمينها حُسنة تغالب الحمى وعن شمالها حسن في إغمائه .. وهي من آثار الضرب لا تقوى على فتح عينيها كاملة ولا حتى تحريك فكها الأسفل .
| |
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: عندما إنتحر صديقي المراهق .. إهداء لروح كل فنان مغترب !! (Re: محمد عمر جبريل)
|
مسكينة زينب.. لا تدري ما سبب كل هذا البلاء الذي إلمّ بها .. لا تدري ما هو الذنب الذي إقترفته يداها لتعاقبها السماء بهذا الجحيم .. تفصلها آلاف الكيلومترات عن أمها ورائحة اللبن (المقنن) .. ولكن رغم ذلك تشتم رائحة اللبن المقنن .. فحاسة الشم هي آخر الحواس التي لازالت تعمل .. تنام وتستيقظ وبين جنباتها ينمو ويكبر حلم أن يصبح حسن رجلا يقيها سعير العذاب .. ووالد حسن .. إعتزل الدنيا بمن فيها .. أو لأكون أكثر إنصافا أصبح ملفوظا خارج الدنيا على رحابتها .. تناقل الناس خبر سُكره اليومي وضربه لزوجته زينب .. جميع السودانيات في تلك المدينة كُن يحببن زينب .. إبتسامتها كانت لا تفارق وجهها الصبوح .. وبعد كل هذه السنين من الزواج أصبحت تواري وجهها خجلا من آثر الكدمات عليه تحلم بالموت أحيانا لترتاح .. أو بموته هو لترتاح أيضا .. وبقائها على قيد الحياة لا تولده إلا غريزة الأمومة.. وحبها لإبنائها الستة.. ....
| |
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: عندما إنتحر صديقي المراهق .. إهداء لروح كل فنان مغترب !! (Re: محمد عمر جبريل)
|
يستيقظ كل صباح وبرأسه بقية صداع وثقل .. يهيأ نفسه سريعا للذهاب للمدرسة .. لينشأ جيلا ويعلم أمة كاملة .. أصبح منظره المزري حكاية على كل لسان .. حتى مدير المدرسة .. (الفرّاش) بقية المدرسين لاحظوا تدهور حالته الصحية ومظهره المقزز أصبح العلامة المميزة له . مضت بهم الأيام .. وكبر حسن وإشتد عوده وإشتدت معها جذوة كرهه لوالده .. كان كثيرا ما يقارن نفسه مع أترابه من الصبية .. سودانيون أو غيرهم .. ويرى كيف تستطف السيارات عند نهاية اليوم المدرسي ليلتقط كل صاحب سيارة إبنه .. ربما يضمه إليه بعد أن يدخل السيارة أو يقبله .. أما حسن فقد كان يلتاع من تلك اللحظات .. وتأخذه نظرة عينيه لأبعد من سيارة جميلة .. يفكر في حال والده الذي أصبح عالة عليه .. يفكر أمه المسكينة وتحملها العذاب كل يوم .. رغم مضي السنين إلا أنها لا زالت قابعة تعاني الضرب والركل كل يوم ومن ثم فرقعة من أصبعه لتهرع عارية تحت جسده الثقيل وشخيره المزعج .. .. حسن يألمه منظر أخوته الصغار فلا أب يربي ويقوم ولا الأم بنزيفها اليومي قادرة على العطاء .. ومنظر إعصار الغضب كل مساء يصاحبه حتى النوم .. حتى يستيقظ في اليوم التالي .. عندها قرر شئ جديدا ..
| |
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: عندما إنتحر صديقي المراهق .. إهداء لروح كل فنان مغترب !! (Re: محمد عمر جبريل)
|
في كل يوم يمضي .. يتمدد الشيطان بدواخله ويكبر ليملأ كل المسامات المتبقية وتزداد جذوة الشر إشتعالا ويتوحد الإنسان والحقد في شخص واحد .. أصبح كمن به مس من الجان بمجرد النظر إليه يتولد لديك إحساس الريبة تجاهه .. شعر طويل يخفيه تحت عمامته السودانية المشهورة وشارب كث لم يراه في المرآة منذ زمن طويل ... كل هذا يحمله جسم هزيل وقدمين رقيقتين برقة حاله , تبعثرت مكتبة الأحلام الضخمة ولم تعد رفوفها منسقة كما كانت .. لا رائحة سوى رائحة الخمور البلدية .. والوقت كفيل بمساعدة الشيطان بنزع روح ذلك الغلام الذي إغتصبت طفولته من عمه وزوجته وأبنائها وبنته .. بنت عمه زينب ,, وزينب حتى جذع نخلة التمني هزته أملا في تساقط رطب الخلاص .. زينت لم تكن تعتقد بأن خلاصها سيكون على يدي إبنها حسن !!
ولا حتى أنا إعتقدت ذلك .. . .
| |
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: عندما إنتحر صديقي المراهق .. إهداء لروح كل فنان مغترب !! (Re: محمد عمر جبريل)
|
لم تكن (الحبوبة) تأمن بالظواهر الخارقة ولم تسمع بالتواتر الحسي من قبل .. وجل ما كانت تتمناه هو أن تذهب بحفيدها لزيارة بعض قبور الصالحين الأوائل .. دائمة التوسل لهم ،، وبهم .. لينقذوه من هذه الأرواح الشريرة .. ولكن بقية الأسرة كانت ترى أمر الطفل بغير ذلك المنظور .. أعتقدوا في موهبة الطفل وفي الرسائل التي تأتيه من السماء .. وكان هذا له الأثر البالغ في تعقيد حياة الطفل .. حتى أنه في مرات كثيرة جدا لا يخبرهم بما يرى .. ويؤثره لنفسه ..
| |
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: عندما إنتحر صديقي المراهق .. إهداء لروح كل فنان مغترب !! (Re: مهيرة)
|
Quote: سرد شيق يامحمد ينبىء بمستقبل ادبى واعد ومرحب بيك اضافة نوعية فى حوش بكرى الماهل والى الامام تحياتى |
دكتورتنا .. تعرفي .. الكلمة عندها مفعول أحيانا بكون قوي جدا جدا جدا .. لمن أحس أنو الكلام الكتبتو ده شدّ زول عشان يكملو للنهاية بكون والله في قمة السعادة .. الفكرة ما عشان شخصي المسيكين ده .. الفكرة عشان الشي الموجود جوه الحروف .. وفي حوش بكري ده في ناس كده بالجد ينطبق عليها القول: العظيم ليس من تشعر بجواره بصغر حجمك .. ولكن العظيم من تشعر بجواره بعظم حجمك أنت .. ومرورك أشعرني بعظم شأني !! ليك عاطر التحايا وجزيل الشكر على مرورك وعلى ثنائك على تجربتي ـ على سذاجتها وربنا يجبر بخاطرك ..
| |
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: عندما إنتحر صديقي المراهق .. إهداء لروح كل فنان مغترب !! (Re: Emad Batran)
|
Quote: أهنئك قلبيآ وأهنئ أنفسنا بكم ......
قد قدر لي أن ألتذ كثيرآ بقبس من هامش ماكتبتم، فقد كنت واهمأ بأنا فقدنا القدرة لقراءة سيرتنا بهذا الجمال ......
ولئن شكرت، فما شكري ببالغ نهاية الأرب.. |
عماد بطران .. كيفك يا إنسان يا رائع .. وحمدالله على السلامة تعرف قبل فترة كدة قريت بوست عن ملازمتك للفراش الأبيض .. قرأت الإسم .. ووقفت أمامه لفترة هل أنت عماد بطران الذي أعرف .. أم تشابهت علي الأسامي ؟؟ تمنيت أن تكون هو .. عماد .. صديق الأسرة وقريبنا .. وتمنيت أيضا أن لا تكون هو .. بسبب مرضك .. ودعواتي لك من على البعد بالشفاء .. عموما سعيد بمرورك من هنا .. ومرة أخرى حمد الله على السلامة ..
ــــــــــ هل كانت تركيا .. إحدى محطاتك ؟؟ إذا كانت الإجابة بنعم .. فلن أجد لك العذر في عدم معرفتي .. . . محمد عمر
| |
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: عندما إنتحر صديقي المراهق .. إهداء لروح كل فنان مغترب !! (Re: Mashaier Ahmed)
|
ما اجمل شخوصك تركيبهم التراجيدى الفاجع الاليف مع ذلك اناس نعرفهم اناس من دم ولحم وبغض وكراهية وحب مع ذلك شكرا لك ابنى الحبيب على هذا الدفق الانسانى انتم جيل باذخ لكم الاحترام انت ومحمد الطيب يوسف وحافظ ابراهيم وعبد المنعم ابراهيم وابراهيم كوجان اثريتم وجداننا فلكم الانحناء والتقدير ارجو مراسلتى على هذا العنوان لامر هام [email protected] محبتى بالمناسبة هذه ليست المرة الاولى التى اقف فيها على كتابتك المرة السابقة كانت عن اوراقك الشخصية وفقك الله ايها الابن الحبيب
| |
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: عندما إنتحر صديقي المراهق .. إهداء لروح كل فنان مغترب !! (Re: سلمى الشيخ سلامة)
|
Quote: محمد عمر، السلام عليكم مرةً أخرى يتجدد لقاؤنا، وأنا أتفق مع الأخ النذير تماماً! وأتمنّى أن تجتهد في ذلك، خالص مودّتي! |
أخي العزيز صلاح عباس وكسابقتها أيضا أرحب بك وأدعوك ان يكون لقائنا دائما ويا عزيزي أشكرك أنت وأخي النذير على نصحي وإرشادي .. ولكم مني كامل الإعتذار إن قرأتم ما أفسد النص وأفسد متعتكم بالقراءة .. وها أنا ذا مرة أخرى أعترف بعجزي عن الإلمام بكل أطراف اللغة العربية .. فأرجوا أن تجدوا لي العذر فأنا لم أنقح ما كتبت ولم أراجعه لأرى أخطائي .. وأعدكم أن أجتهد في ذلك كثيرا .. _______ الجملة التي أوردتها في مشاركتك أعلاه .. هل كانت للتدليل على (ركاكة) التشبيه .. أم يوجد بها خطأ في تركيبة الجملة نفسها؟
| |
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: عندما إنتحر صديقي المراهق .. إهداء لروح كل فنان مغترب !! (Re: النذير حجازي)
|
Quote: ما اجمل شخوصك تركيبهم التراجيدى الفاجع الاليف مع ذلك اناس نعرفهم اناس من دم ولحم وبغض وكراهية وحب مع ذلك شكرا لك ابنى الحبيب على هذا الدفق الانسانى انتم جيل باذخ لكم الاحترام انت ومحمد الطيب يوسف وحافظ ابراهيم وعبد المنعم ابراهيم وابراهيم كوجان اثريتم وجداننا فلكم الانحناء والتقدير
محبتى بالمناسبة هذه ليست المرة الاولى التى اقف فيها على كتابتك المرة السابقة كانت عن اوراقك الشخصية وفقك الله ايها الابن الحبيب |
أستاذتنا الكبيرة سلمى الشيخ سلامة .. جزيل شكري وإمتناني على مرورك وثنائك الجميل .. وعلى ذكر اسمي مع من ذكرتي من أسماء أتوارى خجلا من قصر قامتي بجوارهم .. ومرة أخرى أجد نفسي عاجزا عن تطويع مفردات هذه اللغة لأجد كلمات تتسق وسعادتي بالثناء على تجربتي - الصغيرة - في السرد .. ولكن الجمال الحق هو إنعكاس إطرائك الجميل .. ووقعه على نفوسنا أتمنى دائما أن أجد النصح والإرشاد من مَن هم في قامتك .. .. قبل كتابة هذا الرد .. أرسلت لك على الإيميل الشخصي .. وأتمنى أن أكون عند حسن ظنكم في وأن استحق فعلا لقب (ابنك) فوالله هذه كان لها من الأثر ما هو أكبر بكثير من كلمات الثناء على النص .. شكرا لك على هذه الكلمات وشكرا لك أن جعلتيني أزاحم النجوم بعنقي ردحا من الزمن
أصدق تحياتي إبنك دائما وأبدا .. محمد عمر
| |
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: عندما إنتحر صديقي المراهق .. إهداء لروح كل فنان مغترب !! (Re: محمد عمر جبريل)
|
Quote: الأديب الصاعد محمد جبريل تحياتي مجدداً
أبداً أنا لم أقصد بأن لغتك ضعيفة بالعكس، فهى سلسة وجزلة وممتازة إلا أنها تحتاج لبعض الانتباه الطفيف للأخطاء الإملائية الطفيفة جدا جداً مثل همزتي الوصل والقطع فقط ما أراه، وتنبيهي لك كان من باب نظرتي إليها عندما تكون مكتوبه فى كتاب روائي جميل، وليس مجرد بوست فى منتدى فى الإنترنت وأريد لك من صميم قلبي الكمال والنجاح، فأنت كاتب غير عادي وموهوب جداً، وتتمكن من ملكة القصة فأنت بحق أديب ولك مستقبل باهر فى مجال القصة والرواية، وفقط نريدٌ لك الكمال يا بوحميد وللأمام سر، فقد أمتعتنا بسردك الجميل رغم ما تحمله القصة من شجن، فقط أبهرتنا بكتابتك أيها الأديب الصاعد.
وأقترح يا محمد أن تجمع كتاباتك وهذه القصة بعد تمامتها فى كتاب، فهى جاهزة للنشر ولا تتوقف عند نشرها فقط فى الإنترنت، وأهو الفرصة جاتك لحد عندك، والروائية العملاقة الأستاذة سلمى الشيخ سلامة قد أثنت على كتاباتك، وأتمنى أن تتم المراسلة بينكما لنشر إبداعك للجميع.
وإذا احتجت لأي دعم مادي فى نشر كُتبك المستقبلية، فأنا على أتم الاستعداد، ولي علاقة أسرية مع دار جامعة الخرطوم للطباعة والنشر، فيمكنني مساعدتك فى هذا المجال وما هو أكبر.
تقبل فائق تقديري وكل احترامي |
النذير حجازي يا إنسان يا رائع .. تعرف .. زي ما قلت لأخونا صلاح عباس .. المشكلة كلها بس ما قاعد أراجع ..! أحيانا الزول بس بكتب لمن يحس إنو (إتملى) كلام .. يحس بي الكلام ده خلاااااااص داير يمرق .. وبقوم بفتح صفحة وبقعد يكتب الكلام زي ما يجي .. يجي بدون تنقيح وتعديل ومراجعة .. عشان كده بكون مليان أخطاء إملائية أو حتى تعبيرية وفي ناس الحاجة الكتبوها دي وتعبوا فيها .. بجضدموها ليك لمن الكتابة زاتا تتكيف منهم ... قبل ما اكون عضو في المنبر ده .. ما حاولت أكتب حاجة كده للنشر .. دائما بكتب بس عشان الكلام بكون ضغط عليك شديد وأنا معترف بالحاجة دي .. غلطات بالكوم .. وأهو شوية شوية بنتعلم وبنعرف لمن يكون في ناس زيكم كده تورينا الصاح شنو والغلط شنو .. وفي النهاية التوفيق بكون من رب العالمين ــــــــــ لكن والله يا النذير وقفتك معاي دي ما ها أنساها ليك نهائي وتأكد لو في يوم من الأيام فكرت أنشر لي كتاب وللا حاجة زي دي .. الإهداء ها يكون ليك إنت ياخ الحمد لله إنو ربنا سخّر لينا زول زي بكري ده عشان الواحد يتعرف على ناس زيكم ... الله يديك الفي مرادك ويسعدك دنيا وآخرة
| |
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: عندما إنتحر صديقي المراهق .. إهداء لروح كل فنان مغترب !! (Re: محمد عمر جبريل)
|
**داخل النص** الاخ العزيز الشاذلي .. لو قدر لي أن أختار إحدى اللحظات الأكثر سعادة في حياتي .. لما ترددت كثيرا لأختيار اللحظات التي كنت أنصت فيها لكلماتك الجميلة .. وعواطفك الجياشة وهي تتدفق عذوبة .. وتخبرني عن شفافية روحك الجميلة.. .. يا صديقي أنا لا أستحق كل ما قلته لي .. ولكني أحمدالله وأبجله أن جعل كلماتي تلامس بعض أوتارك .. ولنثر السعادة أناس إختصهم الله دونا عن بقية خلقه .. وبالتأكيد أخي .. أنت منهم .. ولمقدرتك على قراءة ما كتبته يدي أجزل لك الشكر ... واتمنى أن تعود لذويك سالما من كل شر وغانما من خيراته .. ــــ مرة أخرى أرفع لك القبعة إحتراما وتقديرا على كل كلمة قلتها في حقي .. محمد عمر 27 اكتوبر 2009 العاشرة مساء
| |
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: عندما إنتحر صديقي المراهق .. إهداء لروح كل فنان مغترب !! (Re: صلاح عباس فقير)
|
أخونا صلاح عباس .. تأكد تماما أن كل كلمة لها وقعها وأثرها .. وما نحن ببالغين غايتنا إلا بنصح من هذا وإرشاد من ذاك يا أخي أشكرك كثيرا على طولة بالك .. ومزاجك العالي جدا وإنت بتقرا في البوست ده وخليك عارف .. أي خطأ تنتبه ليهو بكون ليك أجر إني ما أعملو تاني.. ــــــــــــ
دم بخير يا صديقي وأعذرني على تأخير الكتابة .. أنا ما عارف الشركة الشغال فيها دي بس هي البتعمل كدة وللا كل الشركات .. تخيل ياخ نحن كل 3 شهور عندنا إمتحانات .. لمن كرهنا القراية والمذاكرة ذاتو ..
| |
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: عندما إنتحر صديقي المراهق .. إهداء لروح كل فنان مغترب !! (Re: محمد عمر جبريل)
|
بعد أن كثر اللغط والأقاويل حول والده في المدرسة .. وبدأ الجميع بتأويل ما وصل إليه حال الأب , لم يكن هناك بد من توقيفه عن العمل .. لمحه مدير المدرسة في أحد الأيام في فسحة الإفطار نازلا من على السلالم يتكأ حينا على الجدار وحينا آخر يترنح .. غير قادر على إتخاذ قرار كم من الدرجات يستطيع النزول .. ربما في تلك اللحظة كانت أكثر أمانيه أن يصل إلى سطح الأرض واقفا على قدميه.. . ناداه المدير إلى مكتبه .. جلس وبعد أن إحتسى فنجانا من القهوة – علّها تساعده على التركيز – سأل المدير .. - خير ..؟! والمدير لا يدري أيغضب على تلاميذه وهو المستأمن عليهم .. أم يشفق لحال هذا التعس .. نظر إليه مليا .. وعندها أدرك أن إحساس العطف والإشفاق لا يخرج جيلا من الطلاب .. ولا حتى طالب واحد. مدّ إليه ورقة... وسكت .. وتحاشى النظر إليه مرة أخرى حتى لا يرى في وجهه أي من ملامح الإستجداء والإستعطاف .. كان قرار توقيفه وفصله من الخدمة ... وبما أن موسم الإمتحانات كان على الأبواب كان القرار مصاغا بصورة أقل إيلاما .. ولكن المعنى يصل إلى نفس النهاية .. الموسم الدراسي الحالي هو آخر المواسم لك .. مع بعض كلمات الشكر والثناء .
| |
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: عندما إنتحر صديقي المراهق .. إهداء لروح كل فنان مغترب !! (Re: محمد عمر جبريل)
|
بعد أن أخبرت الشيخ بالصور التي شاهدها مؤخرا وهو على أعتاب الزريبة لون ٌ أحمر قاني .. عويل أطفال .. وحمامة بيضاء تحاول الطيران ولا تستطيع وسحابة دخان تغطي السماء ... كان أول سؤال تبادر لذهن الشيخ .. هل كل أحفادك على قيد الحياة ؟؟ صكّت وجهها وتفلت على جيب قميصها ثم نظرت إليه شذرا .. وصبّت وابلا من دعوات الحفظ لهم جميعا .. والشيخ يأمّم .. وهي تدعو الله أن يعيدهم من الغربة .. والشيخ يأمّم .. بعد أن هدأ روعها وسكتت قليلا .. سألها الشيخ مرة أخرى .. ماذا يوجد داخل الزريبة ؟ هل حدث أي أمر بداخلها تستطيعين التحدث عنه ؟؟ هل يوجد أي قبر بداخلها ؟؟ هل ذبحتم شاة أو بهيمة بداخلها.. والحبوبة توالت ردودها بين النكران .. والإستهجان من إهتام الشيخ بالزريبة وعدم إهتمامه بالطفل الذي أحضرته أملا في محاية أو بَخرة تشعلها له كل مساء لتطرد عنه الأرواح الشريرة ..
وضع الشيخ يده على رأس الطفل .. ثم أغمض عينيه ....
| |
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: عندما إنتحر صديقي المراهق .. إهداء لروح كل فنان مغترب !! (Re: محمد عمر جبريل)
|
في أحد أركان المنزل .. أدمنت زينب الإنزواء هناك .. أدمنت الأنين وحفر الأرض بأظافرها محاولة إقتلاع شئ ما من ذلك العدم الذي نراه على سطح الأرض .. أو ربما بدأت بحفر أحد القبور .. إما قبرها هي.. أو ..
زينب أضعف من إرتكاب الحماقات .. وأجبن من مجرد التفكير في مثل هذا الحل .. تجلس هناك وتحملق الجدار أمامها ولو كان مقدرا لهذا الجدار أن يقول شيئاً لبكى .. وإنفطرت كل طوبة منه لتلعن هذا المأفون الذي سبب كل هذا الألم لتجلس تلك الجلسة ..
| |
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: عندما إنتحر صديقي المراهق .. إهداء لروح كل فنان مغترب !! (Re: محمد عمر جبريل)
|
حسن يسير بجواري ونحن عائدين لمنازلنا ... صامت كعادته يركل أحدى الزجاجات البلاستيكية أمامه .. يبتعد عن السيارات مستخدما سمعه فقط .. لا يريد حتى أن يرفع بصره للنظر إليها .. إبتعد عن السيارات كلها بنفس الطريقة .. وأنا أراقبه بشدّة وأحسده على شجاعته أو على لا مبالاته التي يسير بها بالقرب من الشارع العام .. إلا سيارة واحدة .. فجأة – وعلى غير العادة – ركل الزجاجة الي منتصف الطريق ثم إلتفت وراءه .. كانت سيارة تسير بسرعة فائقة مرّت على بعد أمتار قليلة بجوارنا .. عرفت السيارة البيجو المميزة لوالده .. وحينها أدرك حسن بأن والده في إحدى نوبات الغضب .. وأدرك أيضا أن شحنة الغضب هذه لا تنفجر إلا في وجه إنسان واحد .. في وجه أحب الناس إليه ..
| |
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: عندما إنتحر صديقي المراهق .. إهداء لروح كل فنان مغترب !! (Re: محمد عمر جبريل)
|
كان الشيخ يتمتم ببعض الكلمات التي لا تفهم .. ولا يرتفع صوته ليصبح مفهوما إلا عند ذكره لأحد أسماء الله الحسنى .. ثم .. ثم قام مرتعدا وانتفض واقفا .. وهو ينظر الى المرأة التي أحضرت الصبي في جَزع شديد .. أدرك الشيخ أيضا أن هناك مكروها ما سيحدث .. وأن هذا الكروه وشيك الحدوث .. أو ربما حدث بالفعل وهم جلوس هنا لا يعلمون شيئا.. ولكن .. ولحكمة ما .. أخبرها أن كل شئ على ما يرام .. وأن الطفل سيكون بخير بعد أيام قليلة .. ثم أخبرها بأن تقرأ الفاتحة مرتين .. المرة الأولى على كوب اللبن الذي يشربه الصبي .. والمرة الثانية ... المرة الثانية كل ما همّ أحد أفراد الأسرة بدخول الزريبة..
| |
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: عندما إنتحر صديقي المراهق .. إهداء لروح كل فنان مغترب !! (Re: محمد عمر جبريل)
|
ربما هو الرابط الألهي بين حسن وأمه .. أو هو نداء الأرواح .. إنطلق حسن يجري بأقسى ما استطاع من سرعة متجها إلى منزله .. رمى شنطته وخلع حذائه .. وهو يحاول اللحاق بالسيارة .. أو اللحاق بأمه .. عندما أدرك المنزل لم يجد السيارة واقفة أمامه .. فوالده لم يذهب للمنزل .. والد حسن كان على عجلة من أمره لشئ آخر .. فقد إتجه لذلك المنزل الذي تدور فيه كؤوسهم ... الغريب أن المنزل يبقى دائما نفس المنزل على إختلاف قاطنيه الأوائل .. ولكن هذه المرة لم يكن يبالي أين الكأس والثلج ..أمسك القنينة كاملة وأخذ يتجرعها دفعة واحدة .. ضاقت عليه الدنيا بما رحبت .. ولم يتوقف .. لا يضع الزجاجة جانبا إلا يشعل السيجارة .. وبدأ رأسه بالدوران .. ومع كل زفرة دخان يتذكر المشاهد تباعا .. صوت والده .. وقضيب السكة حديد .. زينب وهي تقضي حاجتها بجواره .. تربيت جدته لأبيه وخرفها.. تذكر أيضا دندرمة حاجة سعاد .. والخمر تفعل فعلها .. كلمات الشكر التي قرأها في ورقة المدير .. يوغسلافيا أيضا كانت من ضمن المشاهد .. لوهلة توقف عندما قرر الزواج .. وبدأ يسأل نفسه بصوت مسموع .. لماذا تزوجت .. لماذا لم أواصل دراستي .. وبدأت الدنيا تظلم .. إتكأ للوراء وأشعل سيجارة أخرى ..
| |
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: عندما إنتحر صديقي المراهق .. إهداء لروح كل فنان مغترب !! (Re: محمد عمر جبريل)
|
مساءا كنت أخبر أمي بأحوال حسن وما حدث معه في الطريق هذا اليوم .. لتفجعني بردها .. فقد قالت لي أن والدة حسن .. زينب .. مجنونة ..! زينب قد فارقها عقلها منذ زمن .. وهي الآن لا تخالط النساء ولا تزورهم ولا يزورونها ... أخبرتني أيض أن والد حسن ما يفصله عن لقب مجنون هو أنه لا يزال يعمل .. ولكن كل السودانين بتلك المدينة الذين يعرفون هذه الأسرة أجمعوا على جنون الأب والأم ... رفع القلم عن كليهما .. وأنا أرثى لحال صديقي .. سألتها .. هل يمكن لحسن أن يأتي ليسكن معنا ؟؟ ضحكت ولم ترد ..
| |
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: عندما إنتحر صديقي المراهق .. إهداء لروح كل فنان مغترب !! (Re: محمد عمر جبريل)
|
فقد كانت أمه جثة هامدة .. لا تتحرك .. ولا زال والده يقفز من فوقها كالأطفال عندما يرون سريرا وثيرا .. ولحُسن حظه أن والده لم يره في تلك اللحظة .. أو لسوء حظ والده .. حسن أيضا غاب عن الوعي .. وأصبح لا يرى أمامه إلا صورة أمه والدماء تضرجها من كل مكان .. ووالده يسحقها .. دخل حسن إلى المطبخ وأحضر عصاة غليظة .. لم يكن يقوى على حملها .. ولكن هي وجدها أمامه وأتجه بها إلى والده .. فوجده مستلقيا بجوار الجثة ينفث دخان السجائر بخيلاء شخص منتصر وأحدى قدميه فوق الأخرى .. هوى على رأس والده بالعصاة .. ومعها توقفت كل حركاته وأنفاسه ... وأنفاس حسن إختلط شهيقها بزفيرها ويداه لا زالت ترتجف .. جثى بجوار أمه .. يداعب خديها بيديه أملا في إستيقاظها .. ويناجيها ..
أمي .. أمي خلاص أبوي نام .. أمي خلاص .. معليش تاني ما بخليهو يضربك والله .. أمي .. أمي .. يمسح خيط من الدم يسيل من أذنها .. أمي في دم في أضانك .. قومي عشان امسحو ليك ... أمي عليك الله قومي ... وبدأ صوته يتهدّج .. أمي عليك الله قومي .. ولأول مرة يلاحظ وجود حمامة بيضاء على أسفل السرير .. أمي عليك الله ... أمي .... ما تخليني براي يا أمي ... أمي .. .. أمي ... شوفي الحمامة التحت السرير دي .. أمي .. أمي إنتي موتّي .. أمي .. عليك الله ما تموتي يا أمي .. دفن وجهه في بطن الأم المصبوغ بلون الدم .. وأجهش بالبكاء يبكي أمه التي فارقته سحقا تحت أقدام رجل مخمور .. يبكي حظه العاثرالذي جعله إبنا لهذا الرجل .. يبكي الأقدار التي حرمته من أن يحيا إسوة ببقية الأطفال .. بكى حسن حتى جفت مقلتيه من الدموع .. ونام ووجهه لا يزال يتكأ عليها .. ويده فوق خدها ..
| |
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: عندما إنتحر صديقي المراهق .. إهداء لروح كل فنان مغترب !! (Re: محمد عمر جبريل)
|
لم يوقظه من غفوته تلك إلا شخير والده .. وتمتمات تخرج على شاكلة سباب ولعن .. ولكن لم يستيقظ إلا وبمعيته شئ من جينات الشر التي ورثها عن والده .. إنكاره للحادثة التي وقعت أمام عينيه وهو في هذا العمر ولّد شحنات عالية جدا من الغضب والرغبة في الإنتقام .. حسن لم يكن يعرف معنى الإنتقام من قبل .. ولكن لا يزال الأب يواصل دوره التربوي ليعلمه معني ان ينتقم لعزيز يعرفه .. خرج حسن لغرفته .. ووجد اخوته الخمسة نائمون كما تركهم .. بحث هنا ليجد شيئا يستخدمه في ما أوحت إليه روح الإنتقام .. جمع كل دفاتره وكراساته .. كل الأوراق .. جذب كل المفارش وبعض أخشاب وجدها في ركن المنزل ... أحضرها جميعا لمكان الحادث .. ثم ذهب للعربة البيجو .. فقد شاهد والده مرات عدة يضع بداخلها إحتياطي وقود في احدى (الجركانات) .. إحضرها حسن وأحضر معها علبة ثقاب ..
| |
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
|