|
Re: محكمة حكماء أفريقيا المختلطة لدارفور .... شكوك وهواجس (Re: كمال حامد)
|
الأحد 1 نوفمبر 2009م وفي مقابلة نشرت في صحيفة السوداني صرح السيد كامل إدريس بأن مطالبة لجنة حكماء أفريقيا بالمحاكم المختلطة سابقة خطيرة لم توجد في التاريخ. ومع تقديرنا واحترامنا للسيد كامل إدريس ، إلا أن فكرة المحاكم المختلطة لم يتم اللجوء إليها إلا لتكرار سابقة تاريخية تم تطبيقها بكل نجاح في مصرالخديوية. وبما أننا في عصر المعلومات ، فسأنقل هنا من أحد المواقع وهو (http://www.ahram.org.eg/Archive/2001/10/16/OPIN9.HTM) ففي صحيفة الأهرام المصرية وفي صفحة قضايا و اراء بتاريخ الثلاثاء 16 أكتوبر 2001م نقرأ : 15 أكتوبر1949 يوم مشهود في حياة القضاء المصري ، بقلم : د. لطيفة سالم ( أستاذة التاريخ الحديث جامعة الزقازيق ): (( سعت مصر إلي إيجاد نظام قضائي جديد تمثل في المحاكم المختلطة التي افتتحت في28 يونيو1875 بعد مجهودات مضنية وتضحيات من أجل الحد من نفوذ وفوضي القضاء القنصلي والتقليل من ضغط القضاء علي السياسة, ومارست عملها في ظل ترتيب وتشكيل وتنظيم أستمد كيانه من الخارج, وكان للقضاة الأجانب الركيزة الأساسية فيها, بينما شكل القضاة المصريون العنصر الضعيف, فلم يؤخذ برأيهم وبالتالي لم يكن لهم التأثير في الأحكام. واستخدمت اللغة الفرنسية واللغة الإيطالية أمام هذه المحاكم, ورغم نص اللائحة علي وجود اللغة العربية, فإنها أسقطت, وقد نجحت السياسة البريطانية في إدخال اللغة الإنجليزية بعد الاحتلال. واختصت المحاكم المختلطة في نظر القضايا المدنية والتجارية بين المصريين والأجانب, وبين الأجانب المختفي التبعية ماعدا ما يتعلق بقضايا أحوالهم الشخصية, أيضا لها الحكم في كافة دعاوى الحقوق العينية المتعلقة بالعقارات بين المتداعين ولو كانوا من تبعية واحدة, كذلك وكل لها مهمة تسجيل عقود الملكيات غير المنقولة وأعتمد تشريع القضاء المختلط أساسا علي القانون الفرنسي, ثم علي بعض القوانين الإيطالية والبلجيكية, وبذلك دارت مصر في فلك التشريع الأوروبي, ومع أن هذا كان يعد تحديثا للقضاء المصري, لكن تغلغلت فيه المساويء التي أخذت عليه. وسرعان ما أجريت التعديلات المتلاحقة علي المجموعات القانونية في ظل اللجان الدولية وبتأثير من لندن, وضحت بصمات اللورد كرومر المعتمد الإنجليزي في مصر والمستشار القضائي الإنجليزي في هذا الشأن, إذ عملت السياسة البريطانية علي التوغل داخل تلك المحاكم للتمكن منها, وانتهزت كل فرصة لإدخال العنصر الإنجليزي فيها, واستخدمت مختلف الأساليب بهدف الحد من الدولية التي رأت فيها إعاقة لتحقيق أهدافها في مصر, ومما يذكر أن لائحة المحاكم قد حددت حياتها بخمس سنوات, لكنها جددت حتى عام1921 حيث صدر قانون بامتدادها لأجل غير مسمي. أما عن الممارسة القضائية لهذه المحاكم, فإنها أصدرت أحكامها ضد السلطة التنفيذية, وحكمت لصالح الأجانب الموردين والمقاولين والمتعهدين من مختلفي النحل, كما استخدمت القوة في تنفيذ أحكامها. واعتدت علي المصريين بخلقها نظرية الصالح المختلط, بمعني أنه لا ينبني اختصاصها علي جنسية المتخاصمين فقط, وإنما أيضا علي المصالح التي تمس بها الدعوة ولو لم يكن الأجنبي صاحب المصالحة طرفا في الخصومة, وعليه صدرت الأحكام للصالح الأجنبي, وبالتالي سيطرت تلك الأحكام علي الميدان الاقتصادي بعد ما أحتكره الأجانب عقب الغزو الرأسمالي الأجنبي لمصر, وساندت المحاكم الشركات المساهمة واحتضنتها رغم أن القانون يسجل مصرية هذه الشركات, وارتبط الوضع المالي بالبورصة التي أصبحت مقرا للأجانب الذين وجدوا الحماية من المحاكم, أيضا طبقت ـ الأخيرة ـ نظرية الصالح المختلط علي الأشخاص المعنويين الذين يديرون مصالح مختلطة مثلما فعلت مع مجلس بلدي الإسكندرية ، ورنت ببصرها إلي الأوقاف اعتمادا علي وجود مصلحة أجنبي في وقف, وكذلك الحال بالنسبة للتركات. وراحت توسع دائرة الأجانب، وأدخلت تحت اختصاصها من كان في رعاية الدولة العثمانية بعد سقوطها و المغاربة والإيرانيين والروس والسويسريين, وجارت علي القضاء الأهلي وقضاء الأحوال الشخصية والقضاء القنصلي. ووجدت المحاكم المختلطة في مسألة العقارات غايتها, فجعلت لها الاختصاص العام بشأن جميع الدعاوى العقارية عينية أو شخصية مادام العقد موضوع النزاع كائنا بمصر دون النظر لاتحاد جنسية الخصوم أو موطنهم حتى ولو كانوا مصريين, وارتكز نشاطها علي ثلاثة أمور: الرهن, والحجز, والبيع الجبري, ونشط ذلك مع الأزمات المالية حيث امتلأت قاعات بيوع المحاكم بالقضايا. ومع هذا يجب أن نسجل أنه كانت هناك بعض الاستثناءات التي حكمت فيها لصالح مصر والمصريين. وبإعلان الحماية البريطانية علي مصر عام1914, أرادت بريطانيا أن تغير من الأوضاع القائمة فيها, وبالطبع كان في مقدمتها المحاكم المختلطة, فركزت علي تعيين القضاة الإنجليز, وبإعلان تصريح28 فبراير1922 وضعت نظرية جديدة ارتبطت بمسألة حماية الأجانب, وبالتالي أصبح لابد من ترسيخ القوة البريطانية عن طريق التسلط علي محكمة الاستئناف المختلطة, ومضت في التفاهم مع باريس بشأن القضاة, وتمكنت من التحكم في الرغبات الإيطالية, واستقطبت أسبانيا, ووقفت أمام تطلعات واشنطن, وراحت تجري اتصالاتها مع بلجيكا والدانمرك والسويد والنرويج واليونان والبرتغال وألمانيا والنمسا وسويسرا من أجل اختيار قضاة هذه الدول, أيضا تمكنت من الاستحواذ علي وظيفة النائب العمومي. ومن المعروف أن المفاوضات المصرية البريطانية قد ارتبطت بمسألة الإمتيازات الأجنبية, ومن ثم دخل القضاء المختلط في دائرة المناقشات, وانتهي الأمر بقرار لندن بعدم معاودة الاتصال بالدول لإلغاء الإمتيازات وإدخال الإصلاحات علي المحاكم المختلطة إلا بعد توقيع المعاهدة مع مصر. وجاءت معاهدة1936 لتنص علي إقامة فترة انتقال تستمر فيها المحاكم المختلطة, ويضاف إليها الاختصاص الجنائي للمحاكم القنصلية وقضايا الأحوال الشخصية وفقا لرغبة الدول. ومع مؤتمر مونترو عام1937 تقرر إلغاء الإمتيازات الأجنبية وتحديد الفترة الانتقالية لإلغاء المحاكم المختلطة, وذلك تمهيدا واستعدادا وتهيئة وتطمينا وتعويدا للأجانب علي التقاضي أمام المحاكم الوطنية, وفي الوقت ذاته حد من اختصاص المحاكم المختلطة لصالح القضاء الوطني ووضعت لها لائحة تنظيمية جديدة, وتقوت فيها الصبغة المصرية. وإبان فترة الانتقال, مضي الإعداد والتحضير لتمصير المحاكم المختلطة علي قدم وساق, وفي15 أكتوبر1949 أنتهي أجلها, واستردت المحاكم الوطنية سيادتها القضائية كاملة وبسطت ولايتها التشريعية علي جميع من تظلهم سماؤها.)) إنتهى المقال. ولنا عودة إن شاء الله تعالى
| |
|
|
|
|