|
Re: دعوة للخروج عن الصورة النمطية للمثقف السوداني (Re: emadblake)
|
إن التأمل بعمق يكشف لنا أن مفاهيم "المثقف والسلطة والثروة" تندغم في نسيج السودان على أنها ذات هدف واحد، هو "التعالي على التاريخ".. أيضا على المنجز المادي والاجتماعي.. والمفارقة أن أي نوع من التعالي يؤدي في النهاية إلى ثقة بالذات غير مؤسسة على نحو عارف، ما يعني ترك الآني والتركيز على أفق بعيد مقدس، على أنه خلاص إنساني، وهذا غير صحيح إلى حد ما، لأن البعيد رغم أنه يجب أن يوضع في القراءة، إلا أنه لا يمكن الذهاب إليه دون العبور بسلالم المتواليات الآنية. وحيث لا دستور مدني ومشروعية عليا تلزم الجميع وتتيح التداول السلمي للسلطة، فإن أزمة المثقف هي الحرية التي تمكنه من العمل بعقل مفتوح، في إطار دائرة المجتمع بشكل مباشر بعيدا عن تصدير الثقافة من المهاجر. وهذا يتطلب وفقا لداريوش شايغان أن يتعامل المثقف "مع الحقيقة"، ماذا يعني ذلك؟ يعني أن الواقع المشروط يجب أن يكون محل اعتبار إلى حين الانتقال لمحطة جديدة تدريجيا. وهذا أيضا يجب أن يفهم بعيدا عن ما أشرنا له أعلاه بـ "النظرة الاستبدالية" أي "إزاحة النظام" بـ "نظام جديد". كلاهما مثقف السلطة ومثقف المعارضة هما أسرى البراغماتية النفعية، وقد تأثرا إلى حد بعيد بالنموذج التكنوقراطي السيء جدا. وهنا نحتاج إلى سياق ينتج مثقف مفارق للنموذجين .. مثقف حر "حقيقي" قادر على التحليل الكلي والتخارج من فكرة الحقائق المقولبة والجاهزة، كالنموذج الذي يطرحه نصر حامد أبو زيد وهو يفرق بين خطاب المثقف الحقيقي، أي المنتج للوعي، وبين خطاب مثقف السلطة المنتج لخطاب السلطة بالقول (وكذلك المعارض رافد السلطة بشكل غير مباشر): " ان خطاب المثقف الحقيقي خطاب مفتوح، أي غير دوغماتي. بمعني انه لا يرى انه يمثل سلطة. انه خطاب مفتوح لأنه نقدي في بنيته وقادر علي تجاوز نتائجه، وذلك علي عكس خطاب المثقف الآخر، مثقف السلطة، فهو خطاب مغلق دوغماتي اطلاقي، يتضمن مفهوم امتلاك الحقيقة المطلقة في كليتها وشموليتها". وفي نظرية أبو زيد أن مثقفي وخطابي السلطة والمعارضة يدعمان بعضهما بطريقة "سرية" أي ببنى غير مرئية في القراءات المسطحة.
|
|
|
|
|
|
|
|
|