|
Re: رقصة الوَجْد المؤنَّث في الكتابة الصوفيَّة .... للكاتبة الصحافية مــروة كـريـديـة (Re: emad altaib)
|
ــــ احتفال ابن عربي بـ"العلَّة المؤنثة"
ويأتي احتفالُ فكر الكتابة عند الشيخ الأكبر بـالعلة المؤنثة في أماكن كثيرة من كتبه. هو ذا يقول في فصوص الحكم:
فإذا الرجل مدرَج بين ذاتٍ ظَهَرَ عنها وبين امرأةٍ ظهرتْ عنه. فهو بين مؤنَّثين: تأنيث ذات وتأنيث حقيقي ، كآدم مذكَّر بين الذات الموجود عنها وبين حواء الموجودة عنه. فكن على أيِّ مذهب شئت، فإنك لا تجد إلا التأنيث يتقدَّم، حتى عند أصحاب العلَّة الذين جعلوا الحقَّ علَّة في وجود العالم – والعلَّة مؤنثة.[9]
وقد خصَّص ابن عربي الجزء الأكبر من آخر الفصوص ("فص الكلمة المحمدية") لتأويل حديث نبوي وإبراز موقع التأنيث فيه وأهميته وفاعليته وأبعاده اللامرئية، لا كتأنيث لفظيٍّ متعلِّق بالتركيب اللغوي للحديث (كون الحديث ذكر العدد على وجه التأنيث، مع أن العرب تذكِّره لوجود مذكَّر في الخطاب)، ولكن كتأنيث معنويٍّ غير لفظي يعتمد إبراز الأنوثة المطلقة، الأنوثة التوكيدية، التي هي من الكتابة والجسد تجربتهما القصوى التي تنكتب خارج أسر الإرادة/المشروع ولا تصير قابلةً للمعرفة قبل أن تكون موضوعًا لرغبة سيِّدة. إنه ما يسمِّيه موريس بلانشو "سلطة الأنثوي المتعذَّر تعريفها"، حتى على مَن يقدر أو يعتقد بالقدرة على البقاء غريبًا عنها، لا "الأنثوي الأبدي" l'Éternel Féminin الذي تكلَّم عليه غوته والذي هو نسخة شاحبة من بياتريتشه دانتي، الأرضية والأبدية[10].
الأنثى "محل انفعال" والانفعالية عَرَض
يقوم تصور ابن عربي العرفاني على اعترافه بحضور كلا الأنوثة والذكورة عبر كل فعل، من منطلق كونهما يمتثلان لجدلية منفعل/فاعل. يقول ابن عربي:
فإن كلَّ منفعل رتبته رتبة الأنثى، وما تمَّ إلا منفعل. والفعل مقسَّم على الحقيقة بين الفاعل والمنفعل: فمن الفاعل الاقتدار ومن المنفعل القبول للاقتدار عليه.[11]
وأن تكون الأنثى محل الانفعال هو تأكيد لأبعاد هذه العملية الإستراتيجية الخلاقة، إبرازٌ لأهمية التأنيث المعوَّل عليه ولمنزلته في الوجود، أو لتلك "الأنيما" anima (بمصطلح كارل غوستاڤ يونغ): القوة الأنثوية المحرِّرة التي تصير نافعةً ومؤكِّدة.
يمكن لنا، في هذا السياق، اعتبار ديوان ابن عربي ترجمان الأشواق تعبيرًا عن هذه الفاعلية المشتغلة عبر الفتنة: فتنة الكيان المجسَّد وفتنة اللغة في آنٍ، أو فتنة التأويل وفتنة الأنثى–الخطاب معًا.
وتتحدد الفاعلية والانفعالية عند ابن عربي كعلاقة أو "نسبة". والنسب ليست من حقائق الكائن عنده لأنها مجرد أعراض. يقول ابن عربي في رسالته عقلة المستوفز، باب "الكمال الإنساني":
فكلامنا إذًا في صورة الكامل من الرجال والنساء. فإن الإنسانية تجمع الذكر والأنثى؛ والذكورية والأنوثية إنما هما عَرَضان، ليستا من حقائق الإنسانية
|
|
![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
|