|
ملامح (9)
|
ما القبر الذى سيأخذك السفر إليه، أيها المترحل؟
أدونيس
+++++++++++++
الأقدام فى موضع الرؤوس، والرؤوس هواء لا يؤتمن، لا رباط بينه وبين جهات الإنسان، فالطريق قد اصابه الوهن قبل أن يتسلل إليك، وما تعودنا سوى أن يؤخذ الحصاد منا عنوة، بحد الأسى ونصال الترحال إذن فلنعطى ما للعمر للعمر، وما للطريق ما للطريق أغنية تمخر عباب حبال صبرك الصوتية، لكن ليس ثمة حلبة للموت أو الرقص، يكفى فقط أن تصغى لرنين أجراس الوقت وهى تدق وتنتقل بين أفخاذ الأيام. لا تقتفى أثر الغيب فوق أرض الغياب، فما عاد فى خنادق النشيد إلا رماد الموائد التى نصبها البشر فوق جثث التمنى ومن هنا، من الطريق التى تربط شرق الروح بغرب دمهاالذى تسكنه عناكب القلق، تبدأ رحلة ضنك من وسط حرائق الماضى ولا تنتهى إلا فى قلب رمل الحاضر المتشظى بماء الإنتظار، تتسلق جذع تاريخ خائر القوى مملوء بثقوب سكنتها الخيبة وبقية دخان رخيص من تبغ النشوة جلست منهكة غير بعيد من مشنقة المزاج
غادروا تحيوا صدقنا الحديث، ولم تُصدِقنا الرؤيا
ولا أمل فى وحى يجئ فجأة على سفينة فوق موج أعرج، يوصل أخبار المسافة وهو يلوك أحاديث التراب، عن بشر خيل إليهم أنهم يستوطنون الأحلام، ولكن كان الفراغ يستوطنهم
أهو تحالف المسافة مع أحزان الشعراء؟ أم هو جفاف أنهار الحبر وتمدد اليباس فى أوصال النشيد؟ هى آجال شعوب يحرسها خفر من الموتى الأحياء، والموت سياج من جميع الجهات، فقر يقتات على قوت يوم العقل، وخطب تمزج الرحيق مع الفحم وتعتاش على إبتسامات الأطفال وضجر الكبار
يتراءى الوطن قريبا من مخيلة الوهم، بعيدا عن اصابع الحنين، يبدو مثل نبتة تستجدى الغيم، فتدير السماء وجهها عنها، وتبدأ طبول البشاعة فى سبك اصواتها لتثقب جدران الحلم
|
|
|
|
|
|
|
|
|