|
Re: حول سيكولوجية العنف ضد المرأة/آمال جبر الله ... حظر من النشر أبريل2009 (Re: esam gabralla)
|
حول سيكولوجية العنف ضد المرأة
بقلم الدكتورة/ آمال جبر الله ســيد أحمد
يعرف العنف بـانه أي عمل أو لفظ أو تعبير ينتج عنه أذى نفسي أو بدني أو جنسي أو إجتماعي لأي شخص أو مجموعة من الناس أو يؤدي إلى تدمير ممتلكاتهم. والعنف بأشكاله المختلفة واسع الإنتشار في عالمنا اليوم سواء كان ذلك عنف تمارسة الدولة أو الأسرة أو المجموعات أو الأفراد وكما تتعدد مظاهر العنف وأساليبه من حروب ونزاعات وتعذيب وقتل وتعصب وإهانة وقذف تتعدد دوافع و اسباب العنف وفي أغلب الأحيان يكون هناك أكثر من سبب أو أسباب لظاهرة العنف حتى لو كان السبب المباشر لبروز العنف هو واحد أو محدد. والعنف ضد المرأة هو أحد أشكال العنف وأكثرها إنتشاراً على مستوى العالم وعلى نطاق كل الطبقات والثقافات. ويرجع بعض الباحثين تاريخ العنف ضد المرأة إلى نهاية العصر الأمومي حينما اختلت العلاقة بين المرأة والرجل وأصبح الرجل ذو سلطان وثروة أكثر من المرأة وقد اتخذ العنف ضد المرأة هو الآخر أشكال مخلتفة من بلد لآخر ومن أسرة لأخرى. منها الأشكال السافرة مثل التعذيب والحريق بإستخدام حامض الكبريتيك (موية النار) والختان والتجارة بالنساء والطفلات والإجبار على ممارسة البغاء والإغتصاب الفردي والجماعي والإسترقاق الجنسي ووراثة الأرامل والختان والقتل والإجبار على الزواج إلى بعض الأشكال الناعمة نسبياً سواء كان العنف اللفظي أو المعنوي والنفسي إلى ما لا يمكن حصره الآن. في العام 1993 صدر الإعلان العالمي من الأمم المتحدة لانهاء العنف ضد المرأة وتم الاعتراف بان العنف ضد المرأة هي مشكلة تواجه كل العالم و قد تمارسه الدولة عبر القوانين التي تبيح إجبار المرأة على الزواج أو الختان أو بيت الطاعة أو من خلال التمييز العنصري وما تعرضت له النساء السود في جنوب إفريقيا من عنف وبطش ليس ببعيد عن الأذهان. هذا بالإضافة للعنف الذي تتعرض له المرأة داخل الأسرة أو من قبل الأفراد هذا وقد أتاح لي عملي في مجال الطب النفسي فرصة للتعرف بصورة عميقة على الآثار المدمرة وطويلة المدى للعنف سواء الآثار البدنية او النفسية أو الإجتماعية، وكذلك معرفة بعض الوسائل التي يمكن توفيرها لمساعدة ضحايا العنف. ولكن ذلك وحده لا يك ي إذ ان المطلوب هو العمل للقضاء على العنف كظاهرة في عالم اليوم. وتركيزي على الجانب السيكولوجي أو النفسي ينبع من معرفتي بعض الشيء في هذا المجال ولأهميته أيضاً. ننطلق من أن العنف ليس غريزة طبيعية بل هو صفة يكتسبها الإنسان ولكنها قد تتحول لتصبح جزء من مكونات الشخصية المحددة. لذا نصف هذا الشخص بأنه شرير أو عدواني أو سادي وهذا لا ينفي إمكانية التخلص من هذا الصفة. هنالك ظروف تتهيأ لبروز العنف في الزمان والمكان المحددين مهما كان نوعه أو مصدره. أي أنه يمكن تجنبها بعدم تهيئة هذه الظروف. ويمثل ترسيخ العدل والمساواة بين الناس أهم ترياق للقضاء على ظاهرة العنف. وبالمقابل فإن العنف ينتشر ويسود في ظل الضغوط السياسية والإقتصادية والإجتماعية، ويشكل الإحساس بعدم الإطمئنان والخطر والغبن والتمييز والظلم أرضية خصبة لنمو و بروز العنف خاصة في وجود أفراد أو مجموعات ذات نفوذ تستغل القوة لحماية مصالحها. والعنف الممارس ضد المرأة يتناسب طردياً مع درجات وأشكال العنف الأخرى في المجتمع. ويترسخ العنف ضد المرأة ويجد التبرير له في كثير من الأحيان خاصة في مجتمعاتنا المتخلفة من خلال ترسانة من القوانين والعادات والتقاليد والأنماط (Stereotypes) والمفاهيم والممارسات. لذلك وفي الكثير من الأحيان يمر العنف ضد المرأة كممارسة عادية وطبيعية مما يتطلب الكثير من الجهود في مجال الفكر والعمل للكشف عن الحجب التي يتخفى وراءها هذا العنف ويجد التبرير والتطبيع اللازمين لإستمراره. وما الأسطوانه (المكرورة) الممجوجة عن أزمة الأخلاق السائدة في الفترة الأخيرة إلا مثال واحد لكيفية تهيئة الأجواء لممارسة العنف ضد المرأة. فهي إشارة إلى الخطر الذي تحمله المرأة بوجودها والحوجة إلى حماية الأسرة والمجتمع من هذا الخطر الداهم وإلقاء اللوم على أولياء الأمور بسبب الفشل في تحمل المسئولية تجاه المرأة. وفي مثل هذا الجو تتصاعد الكشات على بائعات الشاي والطعام ويتم تقنين الختان وتمارس كل أعمال العنف ضد المرأة فهو بمثابة نداء للمتشددين وأعداء المرأة. بالطبع هذا يحدث جنباً إلى جنب مع متغيرات اخري في الحياة العامة تستدعي هذا النداء. وقد أشارت الكاتبة المعروفة فاطمة المرنيسي في كتابها ( الديمقراطية والإسلام) إلى تصاعد الخوف والعنف في المجتمعات العربية في أعقاب حرب الخليج. وأكدت (إن حرب الخليج لم تنشيء هذا الخوف بل كشفت الغطاء عنه ودفعت به إلى مستوى الوعي إلى السطح). واصلت فاطمة المرنيسي مؤكدة انه إذا كان الخوف الفردي يفضي إلى الإنتحار فإن الخوف الجماعي يفضي إلى الفتنة وإلى إنتشار العنف وتمزيق أواصر العلاقات الإجتماعية، هكذا تفسر فاطمة المرنيسي تنامي العنف الأصولي ودوافعه في حماية الذات المنتهكة. فالعنف في هذه الحالة هو محاولة لإعادة شيء من الإعتبار المفقود إلى الذات. كما إنه يصبح وسيلة التخاطب الوحيدة حين يحس المرء بالعجز عن إيصال صوته بوسائل الحوار العادي وحين تترسخ القناعة لديه بالفشل في إقناع الآخرين. وكما جاء في بحث الدكتور مصطفى حجازي والمنشور في كتابه (التخلف الإجتماعي: مدخل إلى سيكلوجية الإنسان المقهور). إن العنف هو وسيلة لتجنب العدوانية التي تدين الذات الفاشلة بشدة وذلك بتوجيه هذه العدوانية إلى الخارج وبشكل مستمر. كما أن العنف مرتبط ببنيات المجتمعات المتخلفة، هذا لا يعني أن المجتمعات المتقدمة أو المتطورة لا تشهد العنف طالما أن جذوره أو مسبباته قائمة. المقصود أن العنف يجد طريقة بسهولة وبصورة يومية في المجتمعات المتخلفة وذلك مرتبط بتركيبة الإنسان في هذه المجمعات وقدراته المحدودة والمتخلفة أيضاً في مواجهة تحديات الحياة ومتغيراتها. يعتقد علماء التحليل النفسي ان للإنسان آليات دفاعية موجودة في اللاوعي يستخدمها لحفظ التوازن النفسي وتوافق الشخصية في الحياة العادية. إن درجة إستخدام هذه الآليات الدفاعية تختلف من شخص لآخر وتميز شخصية كل فرد عن الآخر. أما في حالات الإحساس بعدم الأمان والتوتر والتعرض للخطر والحوجة للدفاع عن النفس فإن الإنسان يلجأ لإستخدام بعض هذه الآليات الدفاعية أكثر من الأخريات وهذا قد ينتج عنه حالات من اليأس أو الرضوخ أو العنف أو الإستعداد للمواجهة حسب الآليات المستخدمة. وهذا بالضبط ما تهدف إليه الجهات التي تقوم بالتدريب الإستخباراتي أو بغرض القيام بالتعذيب أو التدريب للحروب بالذات ذات الطابع العرقي أو الطائفي، أي شحن القائمين بالأمر بدرجات عالية من التوتر والتشنج تدفع ببعض الآليات الدفاعية التي تساعد في تحقيق الهدف المعني. التعذيب مثلاً تطغي فيه آليات الإسقاط والتماهي بالمتسلط والتماهي الإسقاطي أي إدراك الآخر من خلال ما نسقطه عليه. بالإضافة إلى تصوير الضحية بأنه الخائن و المرتزق وبالتالي التخلص منه يبدو كعمل إيجابي ومقدر لا إحساس بالذنب من جراء إرتكابه. لهذا فإن ضحايا العنف يحتاجون للعلاج النفسي لأستعادة توازنهم الداخلي مما يلحق بهم. كما إن الكثير من الذين ارتكبوا جرائم مثل التعذيب او تم تدريبهم عليها يحتاجون أيضاً للعلاج النفسي لأستعادة توازنهم. و العنف ضد المرأة فهو الاخر يتناسب طردياً مع درجة العنف التي يتعرض لها الرجل. وهذا يفسر انتشار العنف ضد المرأة بدرجات متزايدة في أوساط الطبقات والفئات الفقيرة. و يتخذ أشكال أكثر سفوراً في حين تقل درجة العنف ضد النساء وسط الطبقات الغنية و يكون أقلَّ خشونة مثل التفاخر واستغلال المرأة لأستعراض ثروة الأسرة. عموماً تتعرض المرأة لأقصى درجات الإستلاب والتبخيس والإختزال فهي ليست كائن قائم بذاته فهي تابع للرجل وهي أداة للانجاب. والعنف ضد المرأة في المجتمعات المتخلفة والتي يسود فيها الظلم الإجتماعي هي محاولة إسقاط ضعف الرجل أمام العالم الخارجي على المرأة. ويؤكد د. مصطفى حجازي أن الإستلاب الجنسي الذي تتعرض له المرأة وإختزالها إلى مجرد جسد بل مجرد أداة للإنجاب هذا الإستلاب يتناسب طردياً مع الإستلاب الإقتصادي الذي تتعرض له المرأة وتبخيس دورها الإقتصادي وإمكانياتها وقدراتها على العمل. لكن أخطر أنواع الإستلاب الذي تتعرض له المرأة هو الإستلاب العقائدي الذي يؤدي بالمرأة إلى إستبطان القهر وإقناعها بالوضع الدوني تجاه الرجل. وذلك يفسر وجود نساء في منظمات معاديه للمرأة ونساء يتبنين العقلية الذكورية السائدة، ونساء ينطقن ضد مصالحهن ويدافعن عن وضعية قهر المرأة مثل تعدد الزوجات والختان وإعتبار المرأة عورة وأن الرجل أفضل منها بطبيعته. إن النظام الفاشل وغير المطمئن لوجوده يلجأ للعنف ضد مواطنيه بهدف تأكيد وجوده وإظهار قوته التى عجز عن إثباتها بوسائل أخرى. كذلك بالنسبة للرجل الذي يمارس العنف ضد المرأة ليوكد قوته إلتي فشل في إثباتها، فهو مضطهد من قبل مخدمة أو من قبل النظام القائم وفشله في تحقيق ذاته بالوسائل العادية. وسيلته للدفاع عن نفسه هي توجيه هذه العدوانية للخارج وإسقاط فشله على المرأة التي تكون في الغالب الأم أو الأخت أو الزوجة وربما موظفة أو عاملة تحت إدارته. أي أن العنف هو وسيلة لتصريف العدوانية ومشاعر الذنب للخارج نحو الآخرين عن طريق السيطرة عليهم وإذلالهم والتي قد تؤدي إلى إحساسه بنشوة القوة كما هو حال الشخص السادي. إن معرفة الجذور الحقيقية للعنف وآلياته ومظاهره ضرورية للقضاء عليه. إذ إن العنف يشكل عائق حقيقي أمام المساواة بين الناس نساء ورجالا ويعوق الإنسجام داخل المجتمع والأسرة ولا يمكن تحقيق أي تنمية أو تقدم في ظل سيادة لغة العنف. إن سيادة القانون ضرورية للحد من العنف الفردي والجماعي ولكن ذلك وحده لا يكفي إذ لابد من إقتلاع جذور العنف المتمثلة في الظلم وإنعدام العدل الإجتماعي والإقتصادي وإحترام الآخر. لابد من إرساء العدل والمساواة وهذا يحتاج لجهد عظيم في رفع الوعي العام والكشف عن كل المنظومات الفكرية والإجتماعية التي تدير وتبرر وتطبع العنف كافة وضد المرأة خاصة. إن التركيز على ظاهرة العنف ضد المرأة يجب أن لا يعمينا عن العنف ضد الرجل والعنف الذي تمارسه بعض النساء أحياناًَ.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
حول سيكولوجية العنف ضد المرأة/آمال جبر الله ... حظر من النشر أبريل2009 | esam gabralla | 07-05-09, 10:46 PM |
Re: حول سيكولوجية العنف ضد المرأة/آمال جبر الله ... حظر من النشر أبريل2009 | esam gabralla | 07-05-09, 10:47 PM |
Re: حول سيكولوجية العنف ضد المرأة/آمال جبر الله ... حظر من النشر أبريل2009 | DKEEN | 07-05-09, 10:51 PM |
Re: حول سيكولوجية العنف ضد المرأة/آمال جبر الله ... حظر من النشر أبريل2009 | esam gabralla | 07-05-09, 10:57 PM |
Re: حول سيكولوجية العنف ضد المرأة/آمال جبر الله ... حظر من النشر أبريل2009 | DKEEN | 07-05-09, 11:08 PM |
Re: حول سيكولوجية العنف ضد المرأة/آمال جبر الله ... حظر من النشر أبريل2009 | DKEEN | 07-05-09, 11:35 PM |
Re: حول سيكولوجية العنف ضد المرأة/آمال جبر الله ... حظر من النشر أبريل2009 | DKEEN | 07-05-09, 11:03 PM |
Re: حول سيكولوجية العنف ضد المرأة/آمال جبر الله ... حظر من النشر أبريل2009 | رأفت ميلاد | 07-05-09, 11:03 PM |
Re: حول سيكولوجية العنف ضد المرأة/آمال جبر الله ... حظر من النشر أبريل2009 | DKEEN | 07-05-09, 11:21 PM |
Re: حول سيكولوجية العنف ضد المرأة/آمال جبر الله ... حظر من النشر أبريل2009 | Rawia | 07-05-09, 11:32 PM |
Re: حول سيكولوجية العنف ضد المرأة/آمال جبر الله ... حظر من النشر أبريل2009 | رأفت ميلاد | 07-05-09, 11:42 PM |
Re: حول سيكولوجية العنف ضد المرأة/آمال جبر الله ... حظر من النشر أبريل2009 | Emad Abdulla | 07-06-09, 03:10 AM |
Re: حول سيكولوجية العنف ضد المرأة/آمال جبر الله ... حظر من النشر أبريل2009 | ABDELMAGID ABDELMAGID | 07-06-09, 06:35 AM |
Re: حول سيكولوجية العنف ضد المرأة/آمال جبر الله ... حظر من النشر أبريل2009 | ABU QUSAI | 07-06-09, 06:49 AM |
Re: حول سيكولوجية العنف ضد المرأة/آمال جبر الله ... حظر من النشر أبريل2009 | تيسير عووضة | 07-06-09, 09:25 AM |
Re: حول سيكولوجية العنف ضد المرأة/آمال جبر الله ... حظر من النشر أبريل2009 | شادية عبد المنعم | 07-06-09, 02:26 PM |
Re: حول سيكولوجية العنف ضد المرأة/آمال جبر الله ... حظر من النشر أبريل2009 | nada ali | 07-06-09, 02:54 PM |
Re: حول سيكولوجية العنف ضد المرأة/آمال جبر الله ... حظر من النشر أبريل2009 | امال حسين | 07-06-09, 03:33 PM |
Re: حول سيكولوجية العنف ضد المرأة/آمال جبر الله ... حظر من النشر أبريل2009 | esam gabralla | 07-07-09, 10:36 PM |
Re: حول سيكولوجية العنف ضد المرأة/آمال جبر الله ... حظر من النشر أبريل2009 | Khalid Kodi | 07-08-09, 06:31 AM |
Re: حول سيكولوجية العنف ضد المرأة/آمال جبر الله ... حظر من النشر أبريل2009 | wadalzain | 07-08-09, 11:57 AM |
Re: حول سيكولوجية العنف ضد المرأة/آمال جبر الله ... حظر من النشر أبريل2009 | wadalzain | 07-08-09, 12:17 PM |
Re: حول سيكولوجية العنف ضد المرأة/آمال جبر الله ... حظر من النشر أبريل2009 | Gafar Bashir | 07-08-09, 12:20 PM |
Re: حول سيكولوجية العنف ضد المرأة/آمال جبر الله ... حظر من النشر أبريل2009 | wadalzain | 07-08-09, 12:37 PM |
Re: حول سيكولوجية العنف ضد المرأة/آمال جبر الله ... حظر من النشر أبريل2009 | wadalzain | 07-08-09, 01:37 PM |
|
|
|