(الإنفصال ومهددات الإستقرار في الجنوب) .. قراءة متأنية !!

Quote: وكذلك يسعى المؤلف إلى تحذير مثل هؤلاء الناس بأن الانفصال لا يقود إلى تدفق العسل واللبن في جنوب اليوم الذي يرزح تحت وطأة هذا القدر من التخلف، بل العكس قد يكون صحيحاً ، بمعنى آخر ، إن انفصال الجنوب قد تترتب عليه عواقب غير منظورة لا تحمد عقباها ، تجره إلى أتون حروب أهلية شرسة، لم تشهد القارة الأفريقية مثيلاً لها، وقد تبدو جرائم الإبادة التي ارتكبت في رواندا مثل "ألعاب الأطفال" إذا ما قورنت بما سيحدث في الجنوب المنفصل. إن معطيات هذه العواقب موجودة وبادية للعيان ، فالقبيلة والجهوية ومحاباة الأقارب ، والإثنية وهيمنة العشيرة والفساد ، والأنانية والطمع ، والأمية ، وعوامل دينية أخرى ، كلها متوفرة ومتفشية ومستشرية في جنوب السودان ، وهل من سبب لحدوث الإبادة الجماعية سوى تجمع هذه العوامل وتداخلها ؟ ومما يشغل بال المؤلف أيضاً ، أن القيادات السياسية والعسكرية في الجنوب تتصرف بحسن نية مفرطة لدرجة تجعل المواطنين الجنوبيين يتوقون إلى أرض الميعاد في شكل جنوب منفصل بحلول عام 2011م.ولكن بنظرة موضوعية إلى الحال السائد في جنوب اليوم في ما يتصل بالوضع الاقتصادي والإجتماعي ، والمالي والتقني ، والسياسي ، والعسكري ، والأمني، والقبلي ، والإثني ، والأخلاقي ، يتضح أن هذا الجزء من أفريقيا في الوقت الراهن مختل وظيفياً ، وسيظل هكذا حتى عام 2011م، وهي مهلة لا تتعدى السنوات الثلاث من الآن. وهذه النظرة الموضوعية تخيف المؤلف كثيراً عندما يتأمل في تقاطعات وتلازمات العديد من الأحداث الخطيرة التي يمكن أن تقع في الجنوب نتيجة حتمية لإنفصاله عن بقية القطر في إطار ممارسة حق تقرير المصير بمفهومه الخاطئ لدى البعض من الناس.