|
|
 مسلمو السودان يبحثون عن الحريات الفردية - بقلم نصرالدين عبدالباري* ترجمة ماجد معالي
|
إن القوانين فى كل بلد تعكس مبادىء فلسفية وقانونية معينة تسعى السلطة السياسية لان تراها محترمة وملتزم بها .
و فى ظل الحكومات الثيوقراطية التى تستمد مبادئها القانونية من الاديان , القوانين قد تعكس ثقافة دينية لا علاقة لها بثقافة البلد الذى تطبق فيه.
إن الثقافة الدينية لاية امة تعكس قيم واعراف وتقاليد تلك الامة. ولهذا السبب يمكن ان يحدث تناقض بين الثقافة الحالية او التأريخية لشخص ما والقواعد القانونية التى تستمد من مصادر دينية.
هذا ما حدث فعلا فى حادثة لبنى الصحفية السودانية التى القى القبض عليها بواسطة شرطة الآداب العامة (المعروفة ايضا بشرطة امن المجتمع) فى الخرطوم .
ان القاء القبض عليها اثار انتباه الراى العام المحلى والعالمى. إن لبنى ليست السيدة السودانية الاولى التى يلقى القبض عليها بسبب الزى الفاضح اوغير المحتشم, لكنها كانت اول من تحدت القبض على هذا الاساس.
هذا ما يحدث عادة فى الخرطوم, ففى حادثة مماثلة فى الايام الماضية القى القبض على دكتور محمد شرف الدين الصحفى بجريدة العاصمة اليومية بسبب "الخلوة غير المشروعة او الرفقة غير القانونية".
اشتبه شرطي بان المراة التى كانت بصحبة دكتور شرف الدين هى ليست زوجته بالرغم من ابلاغه الشرطي بانها زوجته وان الطفل الذي كان جالسا فى المقعد الخلفى هو طفلهما.
رغم كل ذلك القى القبض عليه واطلق سراحه فى اليوم التالى بعد ابرازه لشهادة عقد الزواج.
فى معظم الحالات تطبق الشرطة القوانين التى اعتمدتها حكومة السودان فى بداية تسعينات القرن الماضى لأسلمة البلاد.
القانون الجنائى السودانى لسنة 1991 اعتمد في سلسلة قوانين جديدة كان الهدف الاساسى منها هو "اصلاح" القوانين والنظام القانونى السودانى برمته.
هذه القوانين ليست مستمدة من الثقافات والعادات والتقاليد السودانية, و لاهى مستمدة من مبادىء مقبولة عالميا كتلك المنصوص عليها فى المعاهدات الدولية لحقوق الانسان. هي بدلا عن ذلك مستمدة من الفقه الاسلامى (لا الدين الاسلامي) كما فهم وفسر بواسطة بعض العلماء قبل نحو اربعة عشر قرنا مضت.
ذلك الفقه فى الواقع لا يعكس مبادىء وقواعد مقبولة عالميا. جزئيا, هو يعكس عادات المناطق المختلفة التى تطورفيها الفقه الاسلامي عبر التاريخ, على الرغم من حقيقة ان تلك العادات لم تعد موجودة في الكثير من تلك المناطق.
فمثلاالنقاب الذى يلبس فى السعودية وبعض البلدان الاسلامية اليوم لم يات مع الاسلام , فالنساء فى ذلك الجزء من العالم ولاسباب بيئية كن يلبسن النقاب منذ زمن طويل قبل ظهور الاسلام.
إن لبنى والسيدات و الفتيات الصغيرات اللائى قبض عليهن لايمانهن العميق بثقافتهن السودانية قاومن عمليا تطبيق احكام قانونية لا تعبر عن ثقافتهن السودانية. بينما تم تنفيذ عقوبة الجلد على الاخريات, نقلت لبنى مقاومتها الي جبهة اخري—المحاكم ومن بعد الراى العام المحلى والعالمى.
إن الكثير من النساء فى السودان يشعرن بان احكام المادة 152 من القانون الجنائى لسنة 1991م تتناقض وبوضوح مع طريقة حياتهن وبان الذين يفرضونها يحاولون اجبارهن على تغيير ثقافتهن.
إن سيدة سودانية تعيش هنا فى نيروبى قالت لى قبل ايام ان هنالك الكثير من الاشياء الغريبة التى تحاول الحكومة وبعض السودانيين الذين عاشوا فى الخليج العربى إدخالها الى المجتمع السودانى.
واضافت السيدة قائلة: "نحن كلنا مسلمون , لكن العادات الجديدة التي يستوردونها غريبة علينا".
إن قضية لبنى ببساطة تعكس التباين بين اولئك الذين يريدون ان يعيشوا كسودانيين عاديين احرارا و اولئك الذين يرديدونهم ان يعيشوا طبقا لايدلوجيات مستوردة ضيقة الافق.
بين الذين يريدون العيش فى القرن الواحد والعشرين واولئك الذين يريدون العيش بعقلية العصور المظلمة .
إن المئات من النساء والرجال الذين خرجوا للتظاهر ضد محاكمة لبنى اظهروا بجلاء ان المعركة بين الحكومات القمعية والمدافعين عن الحريات الفردية لن تنتهى ابدا.
انني اؤمن بان تلك المعركة سوف يكسبها اولئك الذين يستمسكون بوجهات نظر تحترم وتعكس الكرامة الانسانية و الحريات الفردية والحداثة.
* نصرالدين عبدالباري محامى وقانوني سوداني مقيم في نيروبي, و كان استاذا سابقا للقانون الدولي بجامعة الخرطوم. هذا المقال نشر بالانجليزية بصحيفة الناشنال استار اليومية الكينية.
http://www.alawan.org
(عدل بواسطة ماجد معالى on 09-10-2009, 02:56 PM)
|
|
 
|
|
|
|
ماجد معالى
AnwarKing
فتحي البحيري
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست