|
|
 المروحة في الثقافة الصينية» لزوو يوكي / كتاب جديد
|
فنون وسياسة وطقوس ورسائل حب
إصدار غير عادي، ولا يمكن إغفاله، من طرافته وأهميته في آن، صدر عن «الدار العربية للعلوم ناشرون» تحت عنوان «المروحة في الثقافة الصينية» تأليف زوو يوكي، ترجمة حسانين فهمي حسين الحاصل على دكتوراه في اللغة الصينية 2008 من جامعة اللغات ببكين ـ جمهورية الصين الشعبية، ومتخصص في الأدب المقارن والأدب العالمي، خريج جامعة عين شمس ومن مواليد محافظة أسيوط عام 1979. مراجعة الكتاب لأميمة غانم زيدان، والمراجعة النهائية والتحرير لمركز التعريب والترجمة.
كتاب عن المروحة في قلب الثقافة الصينية العائد تاريخها الى أغوار بعيدة. ثقافة الأدوات اليومية، حيث لكل أداة فكرة خاصة عند الشعوب، وأساطير مثيرة حول نشأتها وتطورها، وحيث تعد المروحة عند الصينيين، فرعا هاما من فروع ثقافة الأدوات الصينية، العائدة أصولها إلى الحياة اليومية بل وتتعداها، وحيث كان اختراعها وتطورها، استجابة لمتطلبات الحياة الصينية. بداية استخدامات المروحة خدمت الوقاية من الشمس، التهوية، استخدامها كمنشفة، واستخدامها كأداة للتظليل، وأيضا لتزكية النار.
استعمال المروحة في مختلف أنشطة الحياة الاجتماعية الصينية امتدت لتمتزج بفنون المسرح، والعروض الشعبية، والمجال العسكري، رياضة الوو شو، التلفزيون، الطب، الرقص، ما جعلها ذات شأن كبير في العالم الروحي الثري للبشرية، فمن أداة يومية بسيطة الى مكونة ثقافة مشوقة وفريدة.
الكتاب يعرض الى تاريخ واستخدام المروحة، وإلى أصل تسميتها من وجهة نظر علم اللغة، فالمروحة تشير إلى الباب المنسوج من القصب، وتصنع في الغالب من ريش الطيور: «لا غنى عن المروحة في الصيف ولا عن الملبس في الشتاء ولا عن الشمسية عند المطر» والكلام للملك جيانغ في مؤلف «ليوتاو» أما في مؤلف المثقفين فقيل: لا غنى عن المروحة في إدارة شؤون البلاد في الصيف».
فنون المروحة
يهتم جمهور المثقفين الصينيين، بالرسوم والصور التي تزين المراوح ويهتمون أيضا بدقة نحت ونقش جسم المروحة، وينظرون إليها على أنها تحف تستحق جمعها والتمتع بها. ويداومون على تغييرها فضلا عن أنهم يتبادلونها كهدايا في ما بينهم، وهناك من المثقفين المشهورين من يقوم بتجهيز مئة مروحة ومئة طقم من الملابس ليستخدمها في فصل الصيف، والتمتع بها يُشبه بالضبط تمتع الناس بالجوال في عصرنا الحاضر.
ثراء ثقافة المروحة وعناصر بقائها، من علاقتها الطويلة بفنون الشعر والغناء والرسم والنحت والرقص والمراسم وغيرها من الفنون، مكونة بذلك أشكالها الفريدة واستخداماتها العديدة. ثمة دورها الكبير ـ على ما يقول الكاتب ـ في تهذيب المشاعر وتظهير الشخصيات النبيلة. شاعر أسرة جين الشرقية الشهير تاو يوان مينغ كان كتب قصيدة من ثمانية أبيات بعنوان «مدح لوحة مرسومة على غشاء مروحة» امتدح فيها تسعة زُهّاد من العصر القديم، وفي عصر مضى، وصلت المروحة الصينية المرسومة إلى مستوى فني عال، حتى غدت عملا فنيا فريدا بين الفنون، وزاد عدد المشهورين بفن الخط والرسم على غشاء المراوح. يتغنى الكاتب وانغ جيان قائلا: المروحة المستديرة/ المروحة المستديرة/ جمالها ينعكس على وجهها!» وهي مقولة تعبّر بها المرأة عن جمالها للآخرين.
كان لشكل المروحة الطواية البسيط والجميل، سبب في سهولة الرسم عليها، وكتابة الأفكار والإبداعات على جسمها الأبنوسي الأرجواني، والخشب الأحمر، والصندل والعاج والفلك والمامبو وغيرها المُطعّم بالصدف، وقد بلغت فنيتها العالية مثل مروحة «رحلة تحت الأمطار» وقد بيعت بمبلغ 28 ألف دولار، ومروحة «جويه فيي يان» وبيعت بمبلغ 572 ألف دولار، وتلك التي تحمل عنوان: «الزهور الحمراء الخضراء» وبيعت بمبلغ 72 ألف دولار.
الحب
من مروحة مصنوعة من أوراق القش تستخدمها العامة في التهوية، ومن كونها رسولا للحب يتبادلها العشاق الشباب، الى استوائها على علامة معبّرة عن هوية وذوق المثقفين، وهدية يتبادلها الحكام في ما بينهم ويتغنون بها.
الى جانب الشعر والرسم، للمروحة ظهور واضح على خشبة المسرح، ومسرحيات كثيرة أخذت منها أسماءها مثل: «مروحة من أوراق الموز» و«مروحة البخور» و«مروحة من أوراق شجر الخوخ» حيث كان للاعبي ولاعبات هذه المسرحيات، حركات مسرحية جميلة، حيث المراوح لا تفارق أيديهم، في تعبيرات جذابة وساحرة.
أيضا للمروحة علاقة بفن الرياضة عند الصينيين، وعلاقة وطيدة أكثر بالطب الذي استعان بتلك المصنوعة من نبات التيفا كما استخدمها في إذكاء النار وصناعة المشروب المفضل، وعلاج أعراض التعرق الليلي وأمراض النساء، فكانت وسيلة دواء فعالة.
ارتبطت المروحة بالحب فقالوا: العاشق يهدي مروحة وجه منها مياه والآخر جبال. المياه تجري بلا انقطاع، والجبال طبقات جميلة، وتمتزج المياه مع الجبال ولا يفترقان أبدا. قرابين للآلهة ولبوذا على وجه الخصوص، وأيضا في التبادلات الثقافية التي غالبا ما وطدت صداقات حقيقية: عندما تهدي المروحة تعبر عن روح التسامح، وهي للوقاية من حرارة الصيف، وللتهوية في ظلمة الليل الساكن».
في قصيدة للأديب والرسام تانغ يان: «إذا جاء الخريف، جُمعت المراوح». و«المروحة المستديرة البيضاء/ التي تشقى كثيرا/ هي أحب ما تراه أعين الأحبة والأقرباء».
كتاب شيّق ومؤثر، في ثقافة بلد كبير، ومزين برسوم رقيقة لمراوح نادرة، تستحق وحدها تصفح الكتاب من أجلها، ثم قراءة بداية ونهاية أداة بسيطة تراجعت حاليا عن ريادتها وفقدت دورها بعد ازدهار طويل كانت فيه عروس الفنون كلها.
|
|
 
|
|
|
|
زهير عثمان حمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست