هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-02-2024, 07:43 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-13-2009, 12:47 PM

Mohammed Haroun
<aMohammed Haroun
تاريخ التسجيل: 12-21-2005
مجموع المشاركات: 4836

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟

    مجرد سؤال جال بخاطري ... يعني الديمقراطية التي تمارسها الأمم المتحضرة مش دكتاتورية ... عفواً ديمقراطية البرولوتاريا.

    يلا يا ناس الجبهة الديمقراطية أفيدونا.

    تحياتي
                  

08-13-2009, 01:11 PM

Mohammed Haroun
<aMohammed Haroun
تاريخ التسجيل: 12-21-2005
مجموع المشاركات: 4836

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Mohammed Haroun)

    يعني الحزب الشيوعي السوداني لو حكم السودان ممكن يطبق الديمقراطية ويدينا شوية حريات ... أقصد حريات صحافة وتنقل وهلم جرا....

    لو فعل ذلك ستكون هذه شيوعية من نوع جديد ... نوع غير مألوف.

    كل شيئ وارد
                  

08-13-2009, 01:20 PM

فايزودالقاضي
<aفايزودالقاضي
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 10091

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Mohammed Haroun)

    محمد ..سلامات ..

    Quote: يعني الحزب الشيوعي السوداني لو حكم السودان ممكن يطبق الديمقراطية ويدينا شوية حريات ... أقصد حريات صحافة وتنقل وهلم جرا....


    Quote: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟


    انا مافهمت حاجة يامحمد !!! انت عاوزنا نجاوب ليك على ديمقراطية الحكم الشيوعي مقدماً قبل مايحكموا!! ولا عايزنا نجاوب على سؤالك في العنوان من خلال ممارسات الحزب داخل هياكله التنظيميه ...؟!!


    ودي

    (عدل بواسطة فايزودالقاضي on 08-13-2009, 01:34 PM)

                  

08-13-2009, 02:02 PM

Mohammed Haroun
<aMohammed Haroun
تاريخ التسجيل: 12-21-2005
مجموع المشاركات: 4836

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: فايزودالقاضي)

    (أنا مافهمت حاجة يامحمد !!! انت عاوزنا نجاوب ليك على ديمقراطية الحكم الشيوعي مقدماً قبل مايحكموا!! ولا عايزنا نجاوب على سؤالك في العنوان من خلال ممارسات الحزب داخل هياكله التنظيميه ...؟!!)


    فايز ود القاضي أزيك

    يا أخي داخل هياكلكم التنظيمية بتمارسو الديمقراطية عشان الحكاية زيتكم في بيتكم.

    بس أنا عاوز أعرف كيف حا تتعاملو مع البيئة الخارجية ... يعني الشعب السوداني الفضل.

    إنت عارف الإنتخابات في اللفة وما عاوزين نتمقلب يا أخي نديكم أصواتنا وبعدين نقول جنت على نفسها براقش.

    تحياتي
                  

08-13-2009, 02:04 PM

معتز القريش
<aمعتز القريش
تاريخ التسجيل: 07-07-2006
مجموع المشاركات: 11343

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: فايزودالقاضي)

    Quote: ولا عايزنا نجاوب على سؤالك في العنوان من خلال ممارسات الحزب داخل هياكله التنظيميه ...؟!!


    جاوب :
    على تاريخ الحزب الشيوعي كله
    أينما حلّ وحكم ...


    لن يجيبك أحد يا حبيب
    وبعد شوية ح تجيك الشتائم

    أعفص هنا
    لماذا يتلصق الشيوعيون في الديموقراطيين؟؟؟
                  

08-13-2009, 02:21 PM

Mohammed Haroun
<aMohammed Haroun
تاريخ التسجيل: 12-21-2005
مجموع المشاركات: 4836

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: معتز القريش)

    (لن يجيبك أحد يا حبيب
    وبعد شوية ح تجيك الشتائم)


    معتز ود القريش أزيك

    يا أخي دا سؤال مهم جداً لا بد من الإجابة عليهو بدون زعل ... الله لا جاب الشتائم.

    بس أنا خايف من المقالب ... خاصة ونحن نعيش في ذروة عصر المقالب.

    شكراً على المرور

    تحياتي
                  

08-13-2009, 03:24 PM

Al-Mansour Jaafar

تاريخ التسجيل: 09-06-2008
مجموع المشاركات: 4116

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Mohammed Haroun)
                  

08-13-2009, 03:44 PM

Sidgi Kaballo
<aSidgi Kaballo
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 1722

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Al-Mansour Jaafar)

    شكرا الأخ محمد هارون على سؤالك
    وهأنذ أثبت لمعتز قريش أن شخصا ما سيرد عليك ولن يتحول البوست لشتائم
    قبل أن آتي للتفصيل أرجو أن تقرا أولا بوست لي قديم تجده في مكتبتي: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية (وهذا هو رابطه :الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية
    ثانيا أرجو لو كنت في السودان أو يمكنك الحصول على منشورات عازة أن تطلع على كتيب صغير لي بعنوان نظرية الثورة السودانية من منشورات دار عازة 2007
    ثانيا أيضا لوكنت في السودان أو يمكنك طلب الآتي من مركز الحزب الشيوعي في نمرة 2 "الحزب الشيوعي السوداني، النؤتمر الخامس للحوب الشيوعي السوداني يناير 2009/ التقرير السياسي، برنامج الحزب، دستور الحوب، دار التنوير للطباعة والنشر المحدودة، الخرطوم- السودان، الثمن 10 جنيهات"
    وسآتي للمناقشة وتوضيح وجهة نظري ووجهة نظر الحزب.
    صدقي كبلو
                  

08-13-2009, 04:47 PM

Mohammed Haroun
<aMohammed Haroun
تاريخ التسجيل: 12-21-2005
مجموع المشاركات: 4836

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Sidgi Kaballo)

    (واعتبر التقرير الصادر من المجلس القومي للسكان، لاستعراض وتقييم الخصائص السكانية للسودان ، ان انتاج النفط لم ينعكس فى تحسين الظروف المعيشية للمواطنين، الامر الذي ادي الى ارتفاع مستوي الفقر بين السكان من 55% -95%.)

    الأخ المنصور سلامات

    إذا كان نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر في أمريكا حوالي 40% وفي روسيا حوالي 49% فما بالك السودان الذي لا يسوى أي شيء بالنسبة لأمريكا وروسيا. يعني الكلام الكتبه واصل علي دا ما عندو أي قيمة.

    حاول الإجابة على السؤال الرئيسي وما تطلع off point .

    تحياتي
                  

08-13-2009, 04:55 PM

Al-Mansour Jaafar

تاريخ التسجيل: 09-06-2008
مجموع المشاركات: 4116

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Mohammed Haroun)

    التقرير الصادر من المجلس القومي للسكان،
                  

08-13-2009, 05:08 PM

Al-Mansour Jaafar

تاريخ التسجيل: 09-06-2008
مجموع المشاركات: 4116

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Al-Mansour Jaafar)
                  

08-13-2009, 05:10 PM

Al-Mansour Jaafar

تاريخ التسجيل: 09-06-2008
مجموع المشاركات: 4116

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Al-Mansour Jaafar)
                  

08-13-2009, 05:31 PM

Mohammed Haroun
<aMohammed Haroun
تاريخ التسجيل: 12-21-2005
مجموع المشاركات: 4836

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Al-Mansour Jaafar)

    (شكرا الأخ محمد هارون على سؤالك
    وهأنذ أثبت لمعتز قريش أن شخصا ما سيرد عليك ولن يتحول البوست لشتائم
    قبل أن آتي للتفصيل أرجو أن تقرا أولا بوست لي قديم تجده في مكتبتي: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية (وهذا هو رابطه :الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية
    ثانيا أرجو لو كنت في السودان أو يمكنك الحصول على منشورات عازة أن تطلع على كتيب صغير لي بعنوان نظرية الثورة السودانية من منشورات دار عازة 2007
    ثانيا أيضا لوكنت في السودان أو يمكنك طلب الآتي من مركز الحزب الشيوعي في نمرة 2 "الحزب الشيوعي السوداني، النؤتمر الخامس للحوب الشيوعي السوداني يناير 2009/ التقرير السياسي، برنامج الحزب، دستور الحوب، دار التنوير للطباعة والنشر المحدودة، الخرطوم- السودان، الثمن 10 جنيهات"
    وسآتي للمناقشة وتوضيح وجهة نظري ووجهة نظر الحزب.
    صدقي كبلو)

    دكتور صدقي كبلو اسعد الله أيامك

    يا أخي كيف حالك وحال الوليدات ... والله ما كنت متوقع إنو البوست دا يجيبك لينا ... أنا صراحة معجب بطريقتك في الحوار وقد شاهدتك وانت تحاضر وتتحدث أكثر من مرة في لندن.

    يعني الحكاية بعد دا جابت ليها جهابذة يا ود القريش.

    تحياتي

    (عدل بواسطة Mohammed Haroun on 08-13-2009, 06:07 PM)

                  

08-13-2009, 06:19 PM

معتز القريش
<aمعتز القريش
تاريخ التسجيل: 07-07-2006
مجموع المشاركات: 11343

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Mohammed Haroun)

    الأخ صدقي

    تحياتي واحترامي

    Quote: شكرا الأخ محمد هارون على سؤالك
    وهأنذ أثبت لمعتز قريش أن شخصا ما سيرد عليك ولن يتحول البوست لشتائم
    قبل أن آتي للتفصيل أرجو أن تقرا أولا بوست لي قديم تجده في مكتبتي: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية (وهذا هو رابطه :الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية
    ثانيا أرجو لو كنت في السودان أو يمكنك الحصول على منشورات عازة أن تطلع على كتيب صغير لي بعنوان نظرية الثورة السودانية من منشورات دار عازة 2007
    ثانيا أيضا لوكنت في السودان أو يمكنك طلب الآتي من مركز الحزب الشيوعي في نمرة 2 "الحزب الشيوعي السوداني، النؤتمر الخامس للحوب الشيوعي السوداني يناير 2009/ التقرير السياسي، برنامج الحزب، دستور الحوب، دار التنوير للطباعة والنشر المحدودة، الخرطوم- السودان، الثمن 10 جنيهات"
    وسآتي للمناقشة وتوضيح وجهة نظري ووجهة نظر الحزب.
    صدقي كبلو


    أين الاجابة ؟؟؟
    أنا في الدوحة ما ح أقدر أجيب الكتب القلت عليها دي
    السؤال بسيط جدا ولا يحتاج كل هذه الكتب
    متى وأين كان الحزب الشيوعي ديموقراطيا؟؟
    1- ..............
    2-...............
    3- .............




    ــــــــــــــــ
    قلت ليكم ما ح تجاوبو
    لأنو مافي جواب اصلا
                  

08-13-2009, 08:19 PM

Sidgi Kaballo
<aSidgi Kaballo
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 1722

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: معتز القريش)

    ألخ معتز
    يا أخي الكتب خليها الرابط الجبناه دة ما عجبك!
    برضو جاييك برواقة للرد ولما أقنعت أجيك في الدوحة، يت ـخي شوف اليخلصك من الحوار معاي أنا بال طويل وما بهاتر وما بستفز، رأيك شنو!
                  

08-13-2009, 08:25 PM

Sidgi Kaballo
<aSidgi Kaballo
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 1722

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Sidgi Kaballo)

    الفصل الأول من بلرنامج الحزب المقر في يناير 2009 عنوانه الديمقراطية وحننزل ليكم هنا.
                  

08-13-2009, 08:28 PM

Sidgi Kaballo
<aSidgi Kaballo
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 1722

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Sidgi Kaballo)

    الديمقراطية
    أولا: وحدة التنوع
    بادر حزبنا منذ الاستقلال بطرح موضوعة الإقرار بواقع التعدد والتنوع كسمة شاملة للسودان باعتباره ضرورة لا غنى عنها لتأسيس مشروع وحدوي للنهضة والتطور. والآن تكاد كل القوى السياسية والفكرية تجمع على إن السودان وطن متعدد ومتنوع الأعراق والقوميات واللغات والمعتقدات والثقافات. ولم يعد هذا مجرد أطروحة في مجالس الدوائر المستنيرة والدراسات، بل أصبح كثيف الحضور في خضم الصراعات السياسية والاجتماعية الدائرة بمختلف الأشكال.
    نواصل السعي لتطوير واستكمال هذا الإجماع بالتركيز على ما يلي:
    1. أن يشكل التعدد والتنوع المكوّن العضوي لثقافتنا الوطنية، بمنابعها وتعبيراتها المختلفة دون قهر او وصاية. وأن يشكل ذلك بالتالي عظم الظهر لكل السياسات الإعلامية والتربوية والإبداعية .
    2. إدانة الاسترقاق وتجارة الرقيق بوصفهما وصمة في جبين الإنسانية ودملاً خبيثاً في تاريخنا الوطني.
    3. جعل التمييز والاستعلاء بدوافع العرق او الجنس او اللغة او الدين او الثقافة فعلاً محرماً ومدموغاً على مستوى القانون ومستوى الوعي الاجتماعي الثقافي العام.
    4. التمييز الايجابي لمهمشي الوطن كافة: النساء والمجموعات الإثنية في المناطق الأكثر تخلفاً.

    ثانياً: الديمقراطية التعددية.
    يستلهم الحزب الشيوعي هنا تجربة السودان التاريخية الخاصة وأيضا ما توصل إليه الفكر السياسي العالمي.إن نشأة حزبنا منذ أواسط أربعينيات القرن الماضي وسعيه الحثيث باتجاه قيام التنظيمات النقابية للعمال والمزارعين والموظفين واتحادات الطلاب والنساء والشباب يقدم الدليل الساطع على نزعته الديمقراطية المتأصلة في أساس تكوينه نفسه.
    وقد انتقد حزبنا باكراً رؤية بعض القوى السياسية للديمقراطية كمحض ممارسة شكلية دون محتوى اجتماعي. كما أكد مؤتمره الرابع (1967) ان قيادة الحزب الماركسي للدولة لا تعني وجوب نظام الحزب الواحد، وإن الاشتراكية لا تعني إهدار ما حققته الشعوب من حقوق وحريات للفرد والجماعة، بل تعني استكمال هذه المكتسبات بتحرير الإنسان من سيطرة راس المال ومن الغربة من مراكز السلطة واتخاذ القرار-أي إكساب الديمقراطية محتواها الاجتماعي.
    ويتمسك حزبنا بالاستنتاجات الرئيسة التي توصل اليها نهائياً ، ومنذ العام 1977 ، حول أن انجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية التعددية والانتقال للاشتراكية لا يتم إلا عبر الديمقراطية، متمثلة في الحقوق السياسية للجماهير وديمقراطية النظام السياسي.
    ونخلص من هذه الاستنتاجات الأساسية لنركز على ما يلي :
    1. ظروف بلادنا، بتعدد تكويناتها الاقتصادية والاجتماعية والقومية، والتباين في تطور قطاعاتها الإنتاجية،مازالت تشكل الأساس المادي الموضوعي لتعدد الأحزاب والكيانات السياسية. ونحن نرفض دعاوي البعض بأن الأحزاب انتهت ترويجًا لمقولة الحزب الواحد . إن صيغة الحزب الواحد، تقدمياً كان ام يمينياً، أثبتت فشلها في السودان، وفشلت بالمثل صيغة حل الأحزاب بقانون من داخل برلمان او بالقمع والإرهاب في عهود الديكتاتوريات.
    2. واستلهاماً لدروس التجربة السودانية يرفض الحزب الشيوعي نمط الحزب الواحد.
    3. ومستلهماً نفس التجربة توصل حزبنا إلى أن النضال من اجل الديمقراطية والدفاع عنها قد استقر كقانون أساسي للثورة السودانية مثلما استقر الإضراب السياسي والانتفاضة الشعبية كأداة فاعلة للإطاحة بالديكتاتوريات.
    4. أثبتت تجربة نصف قرن منذ الاستقلال أن استقرار الديمقراطية في السودان رهين بالانعتاق من إسار النهج الانقلابي للوصول إلى السلطة.
    ثالثاً: الإصلاح الديمقراطي في جهاز الدولة والمجتمع.
    لانتقال السودان سلمياً من دولة الحزب الى دولة الوطن، ومن الدولة الدينية إلى الدولة المدنية، والفصل بين السلطات الثلاث وضمانات ممارسة التعددية الحزبية والتداول الديمقراطي للسلطة وحيوية الحراك الديمقراطي في ظل دستور ديمقراطي، لابد من تحقيق جملة إصلاحات ديمقراطية ، سياسية وقانونية، أهمها:
    1) التزام الدولة السودانية بالمواثيق والعهود الدولية الخاصة بحقوق الإنسان وجرائم الحرب والإبادة الجماعية وضمنها التي تحرم التعذيب وتحظر الاعتقال الإداري والتمييز ضد التكوينات القومية والمرأة وتضمين هذه المواثيق في القوانين الوطنية وعدم إصدار تشريعات تتعارض معها او تنتقص منها.
    2) إجراء إصلاح قانوني شامل يسقط كل القوانين التي تتعارض مع الدستور الانتقالي .
    3) إصدار قانون ديمقراطي للهيئة القضائية يستند إلى قواعد العدالة ويضمن استقلال القضاء مهنياً وإدارياً ومالياً، ويضمن استقلال القضاة في أداء مهامهم ويوفر لهم التدريب المتواصل على القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.
    4) إصدار قانون ديمقراطي لتنظيم العمل النقابي، يضمن تكوين النقابات بالمعيار الفئوي لا بمعيار المنشأة،يؤمن استقلالها وحرية الانضمام إليها ويدعم ديمقراطيتها من حيث الهيكلة والأداء، ويحظر التدخل الحكومي والحزبي في شؤونها كما يحظر المساس بقياداتها بأي شكل طوال توليهم لمسؤولياتهم النقابية، او بسببها فيما بعد.
    5) إصدار قانون لمحاربة الفساد بكل صوره، يردع المفسدين ويضمن استرداد المال العام.
    6) إصدار قوانين ديمقراطية للأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وللصحافة وفق مبدأ إن الأصل في حقوق التنظيم والتعبير هي الإباحة
    أ- للأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، بما يضمن حرياتها وحقوقها في الرأي والحركة والإدارة والتمويل، باستقلال تام عن السلطة، وعدم تقييد تأسيسها او إعادة نشاطها بأكثر من الإخطار.
    ب- وللصحافة بما يرفع عنها قيود الإصدار والشروط المجحفة فيما يتصل بالملكية والتمويل والرقابة الحكومية وسيف الإجراءات الجنائية التعسفية، مع إلغاء الرسوم الباهظة على مدخلات الطباعة، والمساواة بين الصحف في فرص الإعلان الحكومي.
    ج- ولوسائط الإعلام القومية، بما يضمن قوميتها حقاً وفعلاً وينأى بها عن ان تكون مجرد لسان للسلطة السياسية ويحقق تعبيرها عن منظومة التعدد والتنوع السودانية، من حيث كوادرها الإدارية والفنية وبرامجها واللغات التي تبث بها، والثقافات التي تعكسها.
    7) إصدار قوانين ديمقراطية للجامعات تضمن حرية البحث والحريات الأكاديمية، بشروط خدمة مجزية وعدم تقييد الأستاذ الجامعي بسن معينة طالما كان قادراً على أداء مهامه، وعدم التعدي على استقلال نقابات الأساتذة والإداريين والعمال واتحادات الطلاب.
    8) الكف عن اعتبار المغتربين والمهاجرين محض مصدر للجبايات ، وتوفير الفرص كافة أمامهم، على قدم المساواة مع غيرهم، في التعليم والإسكان والمشاركة في الاقتراع، وما إلى ذلك، كحقوق مستحقة لا كمنحة من أي جهة.
    9) تحرير الخدمة المدنية من هيمنة الحزب الواحد، وإعادة تنظيمها على أسس قومية تراعي مبادئ الكفاءة والمؤهل والمنافسة، والامتناع عن تعيين او فصل كوادرها بدوافع سياسية او حزبية.
    10) الالتزام بنسبة عادلة بين الحدين الأدنى والأعلى للمرتبات والأجور في القطاعين العام والخاص وكافة استحقاقات ما بعد الخدمة.
    11) إلزام شاغلي المناصب العليا في الخدمة المدنية والمناصب الدستورية في الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات بتقديم إقرارات ذمة عند تولي المنصب، وبالامتناع عن استغلال امتيازاته لأية منافع ذاتية.
    12) تخفيض تكلفة جهاز الدولة
    13) حل المليشيات كافة، وحصر السلاح في يد القوات المسلحة والشرطة.
    14) قصر مهام وصلاحيات الأجهزة الأمنية على جمع المعلومات وتحليلها وتقديم المشورة بشأنها لأجهزة الدولة المعنية. وأن يتبع جهاز الأمن حكم القانون وأن يعمل تحت إشراف القيادة السياسية
    15) إعادة تنظيم القوات المسلحة والقوات النظامية الأخري على أسس مهنية وقومية وإخضاعها للسلطة التشريعية.
    16) الارتقاء بمستوى معاهد وكليات القوات النظامية، مع التدريب المستمر على القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي..
    رابعاً: العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية: لجنة المكاشفة والحقيقة.
    مارس نظام الإنقاذ على مدى العقدين الماضيين، انتهاكاً لا مثيل له للحريات والحقوق، وتنكيلاً لم يعرفه تاريخنا الوطني، بكل من اشتبه بمعارضة له، فاغتال وعذب وسجن واعتقل في السجون الرسمية وفي بيوت الأشباح ، كما شرد من الخدمة آلاف القادة السياسيين والنقابيين والعسكريين وناشطي المجتمع المدني.
    وأشاع نظام الإنقاذ سياسات التفرقة والتمييز في كل المجالات لصالح منسوبيه ومارس مختلف صور الإذلال والمعاملة غير الإنسانية ضد كل من خالفهم، بما في ذلك المواطنين العاديين. والى ذلك فاقم من أوضاع التهميش التاريخية في البلاد وسعّر الحرب الأهلية في مختلف ميادينها حتى عمت الحرائق أنحاء واسعة من الوطن، وحتى أصبح ملايين السودانيين موزعين بين معسكرات النزوح ،واللجوء لبلاد الآخرين.
    غير أن تطورات مختلفة، بينها الخلافات التي نشبت في جبهة الحكم كنتيجة طبيعية لعزلته، إضافة لبسالة وصمود قوى السلام والديمقراطية في الداخل، والضغوط التي مارسها المجتمع الدولي، أرغمت النظام على إبرام (اتفاقية السلام الشامل) مع الحركة الشعبية / الجيش الشعبي لتحرير السودان. ومع ان النظام وقع اتفاقات أخرى في القاهرة ابوجا واسمرا، إلا إن (اتفاق السلام الشامل) يظل هو الأكبر تأثيراً على راهن ومستقبل الوطن فقد ترتب عليه صدور الدستور الانتقالي لسنة 2005 ، الذي نص على وقف الحرب الأهلية وعلى فترة انتقالية مدتها ست سنوات تجرى خلالها انتخابات رئاسية ونيابية ويعقبها استفتاء في الجنوب على الوحدة او الانفصال.
    لكن انقضاء أكثر من ثلاث سنوات دون إن تنجز (حكومة الوحدة الوطنية) التي يحتل حزب المؤتمر الوطني موقع القيادة المطلقة فيها، أصاب الجماهير بالإحباط ، خصوصاً إزاء العجز الواضح عن التوصل إلى تسوية للأوضاع المزرية في دارفور، واستدامة السلام في السودان والمراوغة لمواصلة النهج الشمولي للإنقاذ دون تفكيكه
    وهكذا ما يزال إنجاز هدفي الاتفاق والدستور الانتقالي واجباً ملحاً، ولن يتحقق الا بحركة دفع قوية من جانب القوى الجماهيرية الشعبية كافة.
    من جهة أخرى تنص المادة 21 من الدستور الانتقالي على ان تبتدر الدولة حملة شاملة للمصالحة الوطنية، وعلى الرغم من عمومية هذا النص، ومن وروده ضمن المواد الموجهة لا الملزمة، إلا إننا نرى انه يمكن ان يتحول إلى أداة سياسية لتحقيق مصالحة وطنية معتبرة تتوفر فيها الشروط التاريخية لتحقيقها. لكن حزب المؤتمر الوطني لا يرغب إلا في إعادة إنتاج النموذج البائس للمصالحة التي عقدها نميري مع بعض أحزاب المعارضة في العام1977 رغم ان ذلك النموذج سرعان ما تقوض، بسبب فقدانه للضمانات الحاسمة، واثبت فشله الذريع في محك التطبيق.
    إن المصالحة الوطنية تقع في قلب التحولات الديمقراطية المطلوبة، لكنها لن تأتي الا نتيجة لسلسلة من العمليات والإجراءات الكفيلة بإبراء جراحات الماضي، في إطار العدالة الانتقالية . واتساقاً مع هذا المفهوم الحديث يرى حزبنا، إضافة إلى معالجة الآثار الجسدية والنفسية للانتهاكات، ضرورة تكوين لجنة وطنية للمكاشفة والحقيقة، بمعايير التجربة العالمية، بحيث يتوفر لها الاستقلال الإداري والمالي ، بما يمهد لمصالحة وطنية حقيقية، مع الذاكرة الوطنية في المقام الأول. أهم هذه العمليات والإجراءات:
    1. تلقى الشكاوي عن أية مظالم، مهما بلغ عددها او حجمها او الزمن الذي انقضى منذ وقوعها والتحقيق فيها وتحديد مرتكبيها
    2. تنظيم جلسات عمومية مفتوحة للجمهور ولأجهزة الصحافة والإعلام، لتمكين الضحايا او ذويهم من رواية ما حدث علناً ، ولتمكين منتهكي حقوق هؤلاء الضحايا باختيارهم ، من الإقرار علناً بالحقيقة والاعتذار عنها
    3. تخيير الضحايا بعد ذلك لا قبله بين العفو واللجوء للقضاء
    4. إصدار التوجيهات الملائمة والملزمة لتسوية ظلامات الضحايا بالتعويضات وإعادة التأهيل، فردياً وجماعياً، وتعويض من تضرروا صحياً بتوفير فرص العلاج وما قد يحتاجونه من أطراف صناعية او ما إلى ذلك، وتسوية أوضاع المفصولين سياسياً بدعاوي الصالح العام، مدنيين وعسكريين بإرجاعهم بقرار سياسي وتسوية أوضاع من تخطوا سن المعاش وكذلك تعويض من فأتتهم فرص تعليم او إسكان او غيرها من الخدمات.
    5. إصدار التوجيهات الملزمة بنشر وقائع المحاكمات العسكرية والكشف عن مدافن من تم إعدامهم وتسليم وصاياهم ومتعلقاتهم لذويهم.
    6. إصدار التوجيهات الملزمة بإشاعة ثقافة المكاشفة والحقيقة بكل الوسائط المقروءة والمسموعة والمرئية.
    7. وكل ما يجري في هذا المنحى، ويشمل شتى إشكال جبر الضرر الفردي كالتأهيل البدني والنفسي والإدماج الاجتماعي وتسوية الأوضاع القانونية والإدارية والوظيفية وقضايا نزع الممتلكات، فضلاً عن ابتداع أشكال لجبر الضرر الجماعي، كرد الاعتبار للمناطق التي طالها التهميش وخراب الحرب. ومراعاة ظلامات النساء.
    خامساً: السودان جمهورية برلمانية اتحادية.
    يعمل حزبنا على إعادة تأسيس شكل الحكم وإدارة الدولة اتحادياً، على النحو التالي:
    1) يعاد التقسيم الإداري للدولة على قاعدة المديريات التسع وتسمى أقاليم، على أن يحتفظ الإقليم الجنوبي بوضعه حسب اتفاق السلام الشامل والدستور.
    2) تؤسس في الأقاليم الشمالية برلمانات وحكومات إقليمية ويكون لكل برلمان الحق في إنشاء أي عدد من الولايات في إقليمه.
    3) يتولى أعمال السيادة ويشارك في السلطة التشريعية الاتحادية مجلس لرأس الدولة، يتشكل من ممثلين منتخبين، ممثل لكل إقليم، ما عدا مقعد ممثل الإقليم الجنوبي الذي يظل يشغله خلال الفترة الانتقالية حتى الاستفتاء، فيشغله رئيس الحركة السودانية لتحرير السودان.
    4) تكون رئاسة المجلس دورية ويكون بقية الاعضاء نواباً للرئيس على انه، خلال الفترة التي تسبق الاستفتاء اذا لم يكن رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان رئيساً للمجلس فإنه يشغل منصب النائب الاول للرئيس.
    5) ينتخب البرلمان الاتحادي رئيساً للوزراء ويكلفه بتشكيل مجلس للوزراء يتولى السلطة التنفيذية الاتحادية ويكون مسئولاً عن أدائه أمام البرلمان.
    6) تتأسس مجالس للحكم المحلي –بلدية وريفية- بالانتخاب الحر المباشر، وتكون عضويتها طوعية بلا مرتب او مكافأة وفق قانون ديمقراطي .
    7) تكون لأجهزة الحكم المحلي الولائي والإقليمي بحسب كل حالة، سلطة الإشراف على كل مرافق الخدمات التعليمية والصحية وغيرها، وعلى قوات الشرطة وقوات حماية الحياة البرية والمطافئ والدفاع المدني.
    8) يحق للناخبين سحب الثقة عن نائبهم في البرلمان الاتحادي او الإقليمي او الولائي او المحلي.
    9) يتوجب على النائب الذي انتخب باسم حزب معين ان يستقيل من البرلمان او المجلس المحلي إذا اعتزم الانتقال إلى حزب آخر، ثم يعيد ترشيح نفسه إذا رغب في ذلك باسم وبرنامج الحزب الذي انتقل إليه.
    سادساً: السلطة الوطنية الديمقراطية.
    يسعى الحزب الشيوعي لتأسيس السلطة الوطنية الديمقراطية، بالنضال الجماهيري وبالوسائل الديمقراطية عبر آلياتها المعروفة وتتسم هذه السلطة بالملامح التالية:
    1. تعبر تركيبتها السياسية الاجتماعية عن تحالف عريض لكل القوي الاجتماعية التي تشمل عمال ، مزارعين، مثقفين وطنيين ، والرأسمالية المستثمرة في دائرة الإنتاج وامتداداتها ممثلين في تنظيماتهم السياسية و اتحاداتهم ونقاباتهم ومنظمات المجتمع المدني الأخرى .
    2. لا تتقيد السلطة الوطنية الديمقراطية بأيدلوجية بعينها.
    3. تعتمد السلطة الوطنية الديمقراطية سياسات ومبادئ الديمقراطية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
    4. الديمقراطية البرلمانية تدعم بالديمقراطية المباشرة التي تمارسها الجماهير عبر تنظيماتها.
    5. تبتكر مختلف الآليات والقنوات المحكومة بالقانون واللوائح من اجل تعميق المشاركة الشعبية في العملية الديمقراطية وإتاحة الفرصة إمام أوسع القطاعات للتعبير عن رأيها بحرية ولممارسة حقوقها في المواطنة وصنع القرار.
                  

08-13-2009, 08:30 PM

Sidgi Kaballo
<aSidgi Kaballo
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 1722

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Sidgi Kaballo)

    وعشان يا معتز يا أخزي قلت بتحب 1، 2، 3، هاك :
    ثالثاً: الإصلاح الديمقراطي في جهاز الدولة والمجتمع.
    لانتقال السودان سلمياً من دولة الحزب الى دولة الوطن، ومن الدولة الدينية إلى الدولة المدنية، والفصل بين السلطات الثلاث وضمانات ممارسة التعددية الحزبية والتداول الديمقراطي للسلطة وحيوية الحراك الديمقراطي في ظل دستور ديمقراطي، لابد من تحقيق جملة إصلاحات ديمقراطية ، سياسية وقانونية، أهمها:
    1) التزام الدولة السودانية بالمواثيق والعهود الدولية الخاصة بحقوق الإنسان وجرائم الحرب والإبادة الجماعية وضمنها التي تحرم التعذيب وتحظر الاعتقال الإداري والتمييز ضد التكوينات القومية والمرأة وتضمين هذه المواثيق في القوانين الوطنية وعدم إصدار تشريعات تتعارض معها او تنتقص منها.
    2) إجراء إصلاح قانوني شامل يسقط كل القوانين التي تتعارض مع الدستور الانتقالي .
    3) إصدار قانون ديمقراطي للهيئة القضائية يستند إلى قواعد العدالة ويضمن استقلال القضاء مهنياً وإدارياً ومالياً، ويضمن استقلال القضاة في أداء مهامهم ويوفر لهم التدريب المتواصل على القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.
    4) إصدار قانون ديمقراطي لتنظيم العمل النقابي، يضمن تكوين النقابات بالمعيار الفئوي لا بمعيار المنشأة،يؤمن استقلالها وحرية الانضمام إليها ويدعم ديمقراطيتها من حيث الهيكلة والأداء، ويحظر التدخل الحكومي والحزبي في شؤونها كما يحظر المساس بقياداتها بأي شكل طوال توليهم لمسؤولياتهم النقابية، او بسببها فيما بعد.
    5) إصدار قانون لمحاربة الفساد بكل صوره، يردع المفسدين ويضمن استرداد المال العام.
    6) إصدار قوانين ديمقراطية للأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وللصحافة وفق مبدأ إن الأصل في حقوق التنظيم والتعبير هي الإباحة
    أ- للأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، بما يضمن حرياتها وحقوقها في الرأي والحركة والإدارة والتمويل، باستقلال تام عن السلطة، وعدم تقييد تأسيسها او إعادة نشاطها بأكثر من الإخطار.
    ب- وللصحافة بما يرفع عنها قيود الإصدار والشروط المجحفة فيما يتصل بالملكية والتمويل والرقابة الحكومية وسيف الإجراءات الجنائية التعسفية، مع إلغاء الرسوم الباهظة على مدخلات الطباعة، والمساواة بين الصحف في فرص الإعلان الحكومي.
    ج- ولوسائط الإعلام القومية، بما يضمن قوميتها حقاً وفعلاً وينأى بها عن ان تكون مجرد لسان للسلطة السياسية ويحقق تعبيرها عن منظومة التعدد والتنوع السودانية، من حيث كوادرها الإدارية والفنية وبرامجها واللغات التي تبث بها، والثقافات التي تعكسها.
    7) إصدار قوانين ديمقراطية للجامعات تضمن حرية البحث والحريات الأكاديمية، بشروط خدمة مجزية وعدم تقييد الأستاذ الجامعي بسن معينة طالما كان قادراً على أداء مهامه، وعدم التعدي على استقلال نقابات الأساتذة والإداريين والعمال واتحادات الطلاب.
    8) الكف عن اعتبار المغتربين والمهاجرين محض مصدر للجبايات ، وتوفير الفرص كافة أمامهم، على قدم المساواة مع غيرهم، في التعليم والإسكان والمشاركة في الاقتراع، وما إلى ذلك، كحقوق مستحقة لا كمنحة من أي جهة.
    9) تحرير الخدمة المدنية من هيمنة الحزب الواحد، وإعادة تنظيمها على أسس قومية تراعي مبادئ الكفاءة والمؤهل والمنافسة، والامتناع عن تعيين او فصل كوادرها بدوافع سياسية او حزبية.
    10) الالتزام بنسبة عادلة بين الحدين الأدنى والأعلى للمرتبات والأجور في القطاعين العام والخاص وكافة استحقاقات ما بعد الخدمة.
    11) إلزام شاغلي المناصب العليا في الخدمة المدنية والمناصب الدستورية في الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات بتقديم إقرارات ذمة عند تولي المنصب، وبالامتناع عن استغلال امتيازاته لأية منافع ذاتية.
    12) تخفيض تكلفة جهاز الدولة
    13) حل المليشيات كافة، وحصر السلاح في يد القوات المسلحة والشرطة.
    14) قصر مهام وصلاحيات الأجهزة الأمنية على جمع المعلومات وتحليلها وتقديم المشورة بشأنها لأجهزة الدولة المعنية. وأن يتبع جهاز الأمن حكم القانون وأن يعمل تحت إشراف القيادة السياسية
    15) إعادة تنظيم القوات المسلحة والقوات النظامية الأخري على أسس مهنية وقومية وإخضاعها للسلطة التشريعية.
    16) الارتقاء بمستوى معاهد وكليات القوات النظامية، مع التدريب المستمر على القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي..
                  

08-13-2009, 08:36 PM

Sidgi Kaballo
<aSidgi Kaballo
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 1722

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Sidgi Kaballo)

    وعشان يا معتز يا أخزي قلت بتحب 1، 2، 3، هاك :
    ثالثاً: الإصلاح الديمقراطي في جهاز الدولة والمجتمع.
    لانتقال السودان سلمياً من دولة الحزب الى دولة الوطن، ومن الدولة الدينية إلى الدولة المدنية، والفصل بين السلطات الثلاث وضمانات ممارسة التعددية الحزبية والتداول الديمقراطي للسلطة وحيوية الحراك الديمقراطي في ظل دستور ديمقراطي، لابد من تحقيق جملة إصلاحات ديمقراطية ، سياسية وقانونية، أهمها:
    1) التزام الدولة السودانية بالمواثيق والعهود الدولية الخاصة بحقوق الإنسان وجرائم الحرب والإبادة الجماعية وضمنها التي تحرم التعذيب وتحظر الاعتقال الإداري والتمييز ضد التكوينات القومية والمرأة وتضمين هذه المواثيق في القوانين الوطنية وعدم إصدار تشريعات تتعارض معها او تنتقص منها.
    2) إجراء إصلاح قانوني شامل يسقط كل القوانين التي تتعارض مع الدستور الانتقالي .
    3) إصدار قانون ديمقراطي للهيئة القضائية يستند إلى قواعد العدالة ويضمن استقلال القضاء مهنياً وإدارياً ومالياً، ويضمن استقلال القضاة في أداء مهامهم ويوفر لهم التدريب المتواصل على القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.
    4) إصدار قانون ديمقراطي لتنظيم العمل النقابي، يضمن تكوين النقابات بالمعيار الفئوي لا بمعيار المنشأة،يؤمن استقلالها وحرية الانضمام إليها ويدعم ديمقراطيتها من حيث الهيكلة والأداء، ويحظر التدخل الحكومي والحزبي في شؤونها كما يحظر المساس بقياداتها بأي شكل طوال توليهم لمسؤولياتهم النقابية، او بسببها فيما بعد.
    5) إصدار قانون لمحاربة الفساد بكل صوره، يردع المفسدين ويضمن استرداد المال العام.
    6) إصدار قوانين ديمقراطية للأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وللصحافة وفق مبدأ إن الأصل في حقوق التنظيم والتعبير هي الإباحة
    أ- للأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، بما يضمن حرياتها وحقوقها في الرأي والحركة والإدارة والتمويل، باستقلال تام عن السلطة، وعدم تقييد تأسيسها او إعادة نشاطها بأكثر من الإخطار.
    ب- وللصحافة بما يرفع عنها قيود الإصدار والشروط المجحفة فيما يتصل بالملكية والتمويل والرقابة الحكومية وسيف الإجراءات الجنائية التعسفية، مع إلغاء الرسوم الباهظة على مدخلات الطباعة، والمساواة بين الصحف في فرص الإعلان الحكومي.
    ج- ولوسائط الإعلام القومية، بما يضمن قوميتها حقاً وفعلاً وينأى بها عن ان تكون مجرد لسان للسلطة السياسية ويحقق تعبيرها عن منظومة التعدد والتنوع السودانية، من حيث كوادرها الإدارية والفنية وبرامجها واللغات التي تبث بها، والثقافات التي تعكسها.
    7) إصدار قوانين ديمقراطية للجامعات تضمن حرية البحث والحريات الأكاديمية، بشروط خدمة مجزية وعدم تقييد الأستاذ الجامعي بسن معينة طالما كان قادراً على أداء مهامه، وعدم التعدي على استقلال نقابات الأساتذة والإداريين والعمال واتحادات الطلاب.
    8) الكف عن اعتبار المغتربين والمهاجرين محض مصدر للجبايات ، وتوفير الفرص كافة أمامهم، على قدم المساواة مع غيرهم، في التعليم والإسكان والمشاركة في الاقتراع، وما إلى ذلك، كحقوق مستحقة لا كمنحة من أي جهة.
    9) تحرير الخدمة المدنية من هيمنة الحزب الواحد، وإعادة تنظيمها على أسس قومية تراعي مبادئ الكفاءة والمؤهل والمنافسة، والامتناع عن تعيين او فصل كوادرها بدوافع سياسية او حزبية.
    10) الالتزام بنسبة عادلة بين الحدين الأدنى والأعلى للمرتبات والأجور في القطاعين العام والخاص وكافة استحقاقات ما بعد الخدمة.
    11) إلزام شاغلي المناصب العليا في الخدمة المدنية والمناصب الدستورية في الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات بتقديم إقرارات ذمة عند تولي المنصب، وبالامتناع عن استغلال امتيازاته لأية منافع ذاتية.
    12) تخفيض تكلفة جهاز الدولة
    13) حل المليشيات كافة، وحصر السلاح في يد القوات المسلحة والشرطة.
    14) قصر مهام وصلاحيات الأجهزة الأمنية على جمع المعلومات وتحليلها وتقديم المشورة بشأنها لأجهزة الدولة المعنية. وأن يتبع جهاز الأمن حكم القانون وأن يعمل تحت إشراف القيادة السياسية
    15) إعادة تنظيم القوات المسلحة والقوات النظامية الأخري على أسس مهنية وقومية وإخضاعها للسلطة التشريعية.
    16) الارتقاء بمستوى معاهد وكليات القوات النظامية، مع التدريب المستمر على القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي..
                  

08-13-2009, 08:30 PM

elsawi
<aelsawi
تاريخ التسجيل: 06-13-2003
مجموع المشاركات: 4340

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Sidgi Kaballo)

    Quote:
    أين الاجابة ؟؟؟
    أنا في الدوحة ما ح أقدر أجيب الكتب القلت عليها دي

    الكتب بنجيبها ليك لي عندك
    وما يصير خاطرك إلا طيب
    نبدأ ليك باللنك الما قادر ولا ما داير تعفصو ده

    الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية

    Quote:
    الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية(1)
    تقديم
    اصبحت قضية الديمقراطية، من ناحية نظرية وعملية، من اهم قضايا العصر، وسلك النقاش فيها مسالك شتى وبدا لبعض الناس وكأنهم يكتشفون اهمية الديمقراطية لاول مرة. ولا تهدف هذه الفصل لذم اولئك او لتبيان ان الشيوعيين السودانيين ظلوا دائما مهمومين بقضية الديمقراطية او لادعاء سبق في هذا المجال، هو ثابت دون ما ادعاء، بقدر ما تهدف لدراسة تطور مفهوم الشيوعيين السودانيين حول الديمقراطية والطريق الوعر، نظريا وعمليا الذي سلكوه في نضالهم من اجلها، وذلك بهدف استجلاء ذلك المفهوم من منظور نقدي يساهم في تطويره وترسيخه. وفي تقديري، ان ذلك مهم، ليس فقط استجابة "للموضة" او التحاقا بموسم الهجرة الى اليمين لتيار التراجع الذي الم باطراف حركة التحرر الوطني وحركة الطبقة العاملة العالمية بعد انهيار المعسكر الاشتراكي، وانما لمواصلة نضال الشيوعيين السودانيين انفسهم من خلال تطوير نظريتهم الثورية وبرنامجهم النضالي.
    ويسلك هذا الفصل منهجا تاريخيا نقديا، لا بهدف كتابة تاريخ الحزب الشيوعي، او وقوعا في فخ الاعجاب بالماضي والتغني بامجاده ولا كما قلنا من قبل، سيادة لروح الاعجاب بالذات (ذات الشيوعيين الجماعية) والافتخار بأننا نمسك بناصية الحقيقة، وان نظريتنا سليمة واننا "لسنا كالآخرين"، ولو كان الآخرون هؤلاء هم الرفاق السوفيت او الشيوعيون في البلاد الاخرى. فلكل ظروفه ولكل قضاته .
    ان المنهج التاريخي النقدي تتطلبه ضرورة دراسة اية ظاهرة او مقولة او فكرة. فالظاهرة هي تاريخها، ودراسة تاريخها لا يعنى تبريرها، بقدر ما يعني دراسة حركتها، صيرورتها والتي لا تعني باي حال من الاحوال ان تلك الحركة كانت دائما الى الامام او انها لاتحمل اي تناقضات وصراعات داخلية، بل ان وجود تلك الصراعات والتناقضات لا يقود بشكل اطلاقي الى ان حسمها كان دائما يتم لمصلحة تطور الظاهرة او الحركة او الفكرة، فالتاريخ عموما لا يسير في خط مستقيم. وهكذا تاريخ الظواهر والافكار والحركات الاجتماعية، ومن بين هذه الظواهر النضال من اجل الديمقراطية، ومفهوم الديمقراطية نفسه والحزب الشيوعي السوداني كحركة اجتماعية وسياسية.
    ويدعى هذه الفصل اكتشافه تناقضا بين النضال السياسي للشيوعيين السودانيين من اجل الديمقراطية وحقوق الانسان ونظريتهم عن الديمقراطية المسماة بالديمقراطية الجديدة حينا والثورية احيانا وان هذا التناقض قد احتدم بشكل خاص بعد انقلاب 25 مايو 1969 وما تبعه من احداث بما في ذلك الانقلاب العسكري في 19 يوليو 1971 المسمى ثورة 19 يوليو حينا وحركة 19 يوليو التصحيحية احيانا اخرى. وان هذا التناقض قد بدأ حسمه في اجتماعي اللجنة المركزية في يوليو واغسطس عام 1977 ووثيقتي "قضايا ومهام السياسة الخارجية" و "جبهة للديمقراطية وانقاذ الوطن" ولقد حسم على مستوى البرنامج بشكل اساسي بعد انتفاضة مارس ابريل 1985، بدءا بحديث الاستاذ التجاني الطيب سكرتير اللجنة المركزية لراديو ام درمان في مايو 1985 عن تبني الشيوعيين للديمقراطية التعددية وامتدادا عبر احاديث الاستاذ محمد ابراهيم نقد في الندوات العامة والحديث للتلفزيون والصحف المحلية والاجنبية وبرنامج الشيوعيين الانتخابي ثم مقالات الاستاذ التجاني الطيب في الميدان عن "الديمقراطية هل..".
    لقد طور الشيوعيون نظرية للديمقراطية تكاد ان تكون نظرية كاملة وتعتبر ثورة فكرية عظيمة وتطور نوعيا لما كان مطروحا من قبلهم ومن الحركة الشيوعية في المنطقة الافريقية والعربية. وما نحتاجه الآن هو ان نصوغ تلك النظرية بشكلها المتكامل وان نخرجها من بطون وثائق اللجنة المركزية والبيانات الجماهيرية والاحاديث المتفرقة لقادة الحزب لتصبح خطابا ايديولوجيا وبرنامجيا واضحا، حينئذ ستطرح امامنا مهام جديدة اكثر تحديدا مثل صياغة دستور السودان الذي يترجم تلك النظرية، دراسة مسائل الحكم المحلي والفدرالي، قانون الانتخابات، بل وحتى اجراءات عمل البرلمان والمجالس المحلية والاقليمية ولوائحهم. ولربما يظهر لنا حينئذ اننا في بعض اطروحاتنا التفصيلية ما زلنا أسرى لنظرية الديمقراطية الجديدة بصيغتها القديمة، كما سيظهر لنا بدون اي شك ان نظريتنا للديمقراطية بصياغتها المتكاملة تتطلب منا جهدا تنظيميا اكبر في نشر فروع الحزب في ارجاء الوطن المختلفة وبناء اشكال جديدة للتحالف الديمقراطي في مناطق ومجالات لم تكن موجودة بها، بل والسعي نحو وحدة القوى الديمقراطية وبناء الجبهة الوطنية الديمقراطية.
    ويعاني هذا الفصل نقصا في التوثيق هو سالب لا شك، اذ ان الفصل يتبنى منهجا تاريخيا يفترض دقة التوثيق في عرض الافكار و المواقف، ولكنه نقص فرضته الظروف التي كتب فيها في المنفى في زمن تسود البلاد ديكتاتورية الجبهة الاسلامية مما يجعل الوصول لبعض الوثائق مستحيلا وكذلك اجراء بعض المناقشات مع بعض الزملاء الذين عاصروا فترات هامة يتتناولها افصل بالمناقشة.
    لكننا رغم هذه السلبية نرى ان الفصل يسهم في نقاش مفيد وانه ليس حجرا يلقى به في ماء ساكن، فالنقاش والحوار قد بدا قبله وسيستمران بعده. وكل امل كاتبه ان يكون اسهاما مفيدا فيه. فالكلمة الأخيرة لم تقل بعد ولن تقال ابدا.


    تأسيس الحزب ارتبط باستنهاض حركة ديمقراطية
    لعل ما يميز نشوء الحزب الشيوعي السوداني عن الاحزاب السودانية التي سبقته (الامة والاشقاء) ان الاخيرة كانت نتيجة لانقسام مؤتمر الخريجين وتراجع الحركة الوطنية عقب رفض مذكرة المؤتمر وقيام المجلس الاستشاري لشمال السودان، بينما صاحب نشوء الحزب الشيوعي وسنواته الاولى نهوضا في الحركة الجماهيرية شمل معركة تكوين نقابة السكك الحديدية ومظاهرة طلبة الكلية والمدارس العليا في مارس 1946 ثم معركة الجمعية التشريعية وقيام مؤتمر الطلبة ... الخ. وكان الاستعمار البريطاني قد واجه صعود هذه الحركة الجماهيرية بمجموعة من الاجراءات تهدف الى مصادرة الحريات العامة، يقول عبد الخالق محجوب:
    "لقد احس الاستعماريون بخطورة تطور الحركة الجماهيرية فسلكوا سبيل البطش بالتقدميين فسنوا القوانين الرجعية وحلوا منظمة انصار السلام وجعلوا من مصادرة حرية الافراد والجماعات والصحف قاعدة لهم وبدءوا خلال عام 1951 يعدون العدة لحل اتحاد نقابات العمال الذي كان يقف بقيادته الصلبة وعلى رأسها المناضل الشفيع احمد الشيخ في طليعة الحركة الجماهيرية""(عبد الخالق محجوب، لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي، ص 70 )
    وهكذا ارتبط تأسيس الحزب الشيوعي بالنضال الجماهيري ضد الاستعمار المرتبط بالنضال من اجل الحريات العامة واهمها حرية التنظيم والتعبير والتظاهر والحرية الشخصية (ضد اجراءات الاعتقال و التفتيش والرقابة والتبليغ اليومي لمراكز الشرطة)، ولكن هذا النضال لم يرتبط بنظرية للديمقراطية ايجابية المحتوى فلا رفض الجمعية التشريعية قدم بديلا ولا رفض دستور القاضي بيكر قدم تصورا مختلفا ولكنه عبر بوضوح عن رفض الطريق البرلماني (وقد تم التعبير عن ذلك في نشيد مشهور للشيوعيين حينئذ: اخي المجد للكتلة الجائعة، والذي يقول:
    اخي ان اجازوا دستورهم واحيل النضال الى البرلمان
    فانا لن نبارك احلافهم لكي يدوس اعراضنا الامريكان
    ولعل ذلك انعكس في الموقف المتشدد من اتفاقية 1953 وفي المعارضة داخل الحزب لانتخابات الفترة الانتقالية. وهنا تاتي اهمية اجتماع اللجنة المركزية في مارس 1953 فهو الى جانب انجازاته الكثيرة قد حسم دخول الحزب للانتخابات واقر التعاون مع بقية الحركة الوطنية لانجاز اغلبية برلمانية مقدما مساهمة هامة في صياغة نظرية حول علاقة الممارسة الديمقراطية بالنشاط الجماهيري و التمثيل البرلماني، وكيف ان الاثنين يكملان بعضهما. يقول عبد الخالق محجوب انه كان واضحا ان الاغلبية البرلمانية "لن تستطيع انجاز مطالب الشعب الوطنية و الديمقراطية بدون تنمية الحركة الجماهيرية النشطة وتعهدها"(عبد الخالق محجوب، لمحات ، مرجع سبق ذكره، ص 83). بل ان دخول الانتخابات نفسها هو "اداة لتوسيع الحركة الوطنية المناهضة للاستعمار وتعميق مطالبها الديمقراطية و الاقتصادية ويقظة الجماهير ازاء المزالق التي تحف بالاتفاقية المصرية البريطانية" (المرجع السابق، نفس الصفحة)
    اننا ازاء عنصرين للديمقراطية: البرلمان المنتخب والحركة الجماهيرية الضاغطة. وذلك ان الحزب الشيوعي لا يرى ان العملية الديمقراطية تنتهي بانتخاب البرلمان، بل انها تستمر بعد ذلك من خلال النشاط الجماهيري الديمقراطي الضاغط. وقد ادى ذلك، من خلال الميكانيزم الذي سنوضحه للتو، الى جعل النضال من اجل الحقوق الاساسية جزء هاما من نضال الشيوعيين السودانيين، اذ انه بدونها لا يمكن للجماهير ان تمارس دورها في العملية الديمقراطية.
    ما هو هذا الميكانيزم؟
    اولا: الانتخابات البرلمانية ونسبة لظروف تخلف السودان "وضعف الاساس الاجتماعي للبرلمانية الغربية في بلادنا" (الماركسية وقضايا الثورة، الطبعة الثانية، ص 10 ، تؤدي لوصول القوى الرجعية للسلطة.
    ثانيا: الحقوق الديمقراطية التي تتيحها الديمقراطية الليبرالية تسمح للحركة الجماهيرية الديمقراطية وحركة التغيير الاجتماعي ان تنمو وتتطور وتمارس ضغوطا على البرلمان والسلطة السياسية. وتوضح تجربة النضال في عام 1958 ضد المعونة الأمريكية و الأحلاف العسكرية الأثر الواضح الذي يمكن ان تلعبه حركة الجماهير (حركة الشارع) في تغيير المواقف المختلفة للنواب والقوى السياسية. وقد اتضح نفس التأثير ابان حرب يونيو 1967 وتكوين مؤتمر الدفاع عن الوطن العربي (المحجوب اعلن الحرب على اسرائيل ، دعا لمؤتمر الخرطوم الذي اعاد تنظيم الصفوف العربية ورصها ضد العدوان..)، ولعل تجربة انتفاضة ديسمبر 1988 وتكوين حكومة الوحدة الوطنية في مارس 1989 مثال اخر من تاريخنا القريب.
    ثالثا: وكمحصلة ل "اولا" و "ثانيا" اعلاه، فان القوى الرجعية ظلت تسعى بشكل دائم لمصادرة الحقوق الديمقراطية بدءاً من ترددها في تنفيذ قرارات البرلمان الاول و القاضية بالغاء القوانين المقيدة للحريات، فرض حالة الطوارئ عام 1957 ابان حكومة عبد الله خليل وتسليم عبد الله خليل الحكم للجيش في نوفمبر 1958، وحل الحزب الشيوعي في شتاء 1965 ورفض حكم القضاء في 1966 ومشروع الدستور الاسلامي 1968/ 1969 ويمكن اضافة تعديلات الدستور في 1986 والتي ادعى صادق المهدي انه يريد تصفية اثار مايو بها بينما كانت تلك التعديلات تمثل تهديدا حقيقيا للحريات الاساسية لم تدركه حينئذ الا المنظمة السودانية لحقوق الإنسان بينما وافقت عليه كل الأحزاب بما في ذلك الحزب الشيوعي، ومحاولة قانون النقابات 1986 وقانون الصحافة 1988 واعلان حالة الطوارئ ابان حكومة الوفاق والتي استغلها وزير الداخلية مبارك الفاضل لممارسة الاعتقال التحفظي ضد المشاركين في ندوة امبو ... الخ
    وقد كانت حصيلة كل ذلك كما اوردنا، ان اصبح جزء كبير من نضال الشيوعيين والحركة الجماهيرية هو نضال من اجل الحقوق الأساسية اي من اجل حقوق الانسان والحقوق الديمقراطية، بدءاً باضراب الحريات الذي قاده اتحاد النقابات عام 1954 ومرورا بمشاريع تعديل والغاء القوانين المقيدة للحريات والتي قدمها نائب دوائر الخريجين الأستاذ حسن الطاهر زروق في البرلمان الأول، ويضاف الى ذلك النشاط الجم للهيئة الشعبية الدائمة للدفاع عن الحريات عام 1954، ومذكرة الجبهة المعادية للاستعمار عن الحريات للازهرى، وكان رئيسا للوزراء، في اكتوبر ذات العام، ومذكرة رؤساء تحرير الصحف للازهرى في يناير 1955 بعد اجتماعهم مع الهيئة الدائمة للدفاع عن الحريات. ولقد شكل بند كفالة الحريات العامة البند الثاني ضمن ثلاث بنود قامت على اساسها الجبهة الاستقلالية بين الشيوعيين وحزب الامة. ولقد تكررت المطالب بالحريات العامة في كل مذكرات وبيانات الجبهة المعادية للاستعمار واتحاد النقابات واتحادات المزارعين واتحاد طلاب الكلية واتحادات المعهد الفني والمدارس الثانوية.


    الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية( 2)
    وأجمل الأستاذ حسن الطاهر زروق تلك المطالب والتوجهات الديمقراطية في خطاب ضاف عشية الاستقلال في 31 ديسمبر 1955 عند مناقشة مسودة الدستور المؤقت حيث اقترح خمسة اسس للدستور:
    1- ان يكون مستمدا من مصالح الشعب وان يحترم ارادته.
    2- ان يجعل جهاز الدولة ديمقراطيا ينص على حق الشعب في مراقبة جميع اجهزة الدولة وحقه في محاسبة ممثليه، وان يشترك الشعب اشتراكا واسعا في الحكم.
    3- ان يسمح باطلاق كل قوى الشعب في النضال ضد الاستعمار ومؤسساته بتوفير الحريات العامة وحرية العقيدة وحرية اعتناق الآراء السياسية والعمل من اجلها.
    4- ان يحمي مصالح العمال والمزارعين والتجار وكافة المواطنين من الاستغلال ويحمي حقهم في الراحة وحقهم في العمل.
    5- ان ينص على انتهاج سياسة خارجية مستقلة سلمية تقوم على معاملته جميع الدول على اساس المساواة والاحترام المتبادل" (محمد سليمان، اليسار السوداني في عشرة سنوات، 1969، ص ص 173-175)
    وطالب الاستاذ حسن الطاهر في خطابه ذلك بضرورة النص على قيام الجمعية التاسيسية في الدستور المؤقت حتى يشارك ممثلي الشعب في وضع الدستور الدائم للبلاد. واوضح ان هناك تناقضا بين مشروع الدستور وبعض القوانين والسياسات السائدة حينئذ مما يتطلب تغيير وتعديل تلك القوانين والسياسات حتى تتماشى مع الفصل الثاني من مشروع الدستور الخاص بالمساواة بين السودانيين والحريات العامة وحدد تحديدا قضايا ألجر المتساوي للعمل المتساوي في الشمال والجنوب والأجر المتساوي للعمل المتساوي للرجل وللمرأة، وقانون الصحافة وبعض مواد قانون العقوبات (المرجع السابق، ص ص 175-176).
    وجاء المؤتمر الثالث للحزب الشيوعي في فبراير 1956 ليؤكد موقف الشيوعيين من قضية الديمقراطية و الحريات العامة فيتبنى الحزب الجمهورية البرلمانية و طالب بالحكم الأقليمي الذاتي للمديريات الجنوبية. ولقد اشار عبد الخالق ان المؤتمر الثالث قد اعتبر ان قضية الديمقراطية تحتل "المكان المقدم اذ ان سير البلاد في طريق التطور المستقل لا يمكن ان يتم كما اشار البرنامج بدون استمرار الحركة الجماهيرية ونموها واتساعها وصلابة تنظيماتها وتنوعها" (لمحات، ص، 112).
    واشتد نضال الشيوعيين وحلفائهم ضد محاولات حكومة عبدالله خليل (1956-195 لتقييد الحريات العامة خاصة بعد لجوئها لفرض حالة الطوارئ في عام 1956 في مواجهة المد الجماهيري الذي صاحب رد فعل الجماهير السودانية وتنظيماتها الديمقراطية للعدوان الثلاثي على مصر. وقد عبر الأستاذ حسن الطاهر زروق عن معارضة الشيوعيين لاستمرار حالة الطوارئ بتاييده الأقتراح المقدم من عضو البرلمان الأستاذ ابراهيم المفتي مطالبا برفع حالة الطوارئ في ديسمبر 1956. قال حسن الطاهر:
    "<..> الأستقلال بدون حريات هيكل متداع بغير روح او ارادة. ولسنا على استعداد للتفريط في اي مظهر من مظاهر هذا الاستقلال الذي جاء بتضحيات غالية. فعندما تختفي حريات الشعب من حياته يصبح ذلك الأستقلال جسما بلا روح وتتغول الحكومات على المحكومين وتسلط عليهم اوضاعا ضد حرياتهم خاصة اذا انتفت الأسباب الوجيهة لقيام هذه الحالة <حالة الطوارئ_ الكاتب> كما هو الحال في السودان" (اليسار السوداني، ص 257)
    وظل الشيوعيون وحلفاؤهم متمسكين بتكتيكين اساسيين للعمل الديمقراطي: العمل وسط الجماهير وتنظيمها لانتزاع حقوقها الأقتصادية والأجتماعية وحقها في التنظيم المستقل، والسعي في نفس الوقت لبناء حلف وطني معادٍ للأستعمار لخوض الأنتخابات وداخل البرلمان. ان العمل الديمقراطي اذن يرتكز على العمل الجماهيري الشعبى والنضال البرلماني. ولكن يجب الا ينظر الى التكتيكين في انفصال وانما في وحدتهما وعلاقتهما المتبادلة؛ لا من خلال ممارسة الضغط عن طريق المنظمات الديمقراطية كالنقابات واتحادات الطلاب فقط، بل بالتوجه المباشر لقيادات الأحزاب وجماهيرها وطرح مشروع التحالف الوطني قبل وبعد الأنتخابات وجذبهم للنضال المشترك في الشارع والبرلمان حول قضايا محددة مثل قانون الطوارئ وحلف بغداد والعدوان الثلاثي على مصر والمعونة الأمريكية. وهذا يفسر موقف الشيوعيين والجبهة المعادية للأستعمار من انقسام الأتحاديين وخروج الختمية بحزب الشعب حيث اعتبروه قسما للصف الوطني وكذلك مخاطبتهم المباشرة لشيخ علي عبد الرحمن رئيس حزب الشعب الديمقراطي في اكتوبر 1957 داعين حزب الشعب لفض ائتلافه مع حزب الأمة والأنضمام للأحزاب الوطنية "لوضع حد لحالة الأنقسام والتوتر في المعسكر الوطني" (مذكرة الأستاذ الوسيلة عن سكرتارية الجبهة المعادية للأستعمار للشيخ علي عبد الرحمن، اليسار السوداني، ص 286). وكذلك مخاطبتهم للسيد علي الميرغني في نفس الوجهة. وكان ذلك كله مرتبطا بعمل جماهيري: مظاهرات، اضرابات وليال سياسية كان لها اثر واضح في استنهاض حركة جماهيرية شملت الأتحاديين والشيوعيين وجماهير العمال والطلاب والمثقفين حتى ان السفارة البريطانية اتهمت في احدى رسائلها للندن الرئيس الأزهري بالوقوع تحت نفوذ الشيوعيين. وتوج هذا الخط في النضال من اجل الديمقراطية وصيانة الأستقلال بتشكيل الجبهة الوطنية التي تكونت بدعوة من اتحاد طلاب الجامعة في 29 اكتوبر 1958 من الوطني الأتحادي والأحزاب الجنوبية والجبهة المعادية للأستعمار واتحاد العمال واتحاد طلاب الجامعة وغيرها من الأحزاب والمنظمات ما عدا حزبي الأمة والشعب. وكان الهدف الواضح والمعلن للجبهة الوطنية هو اسقاط حكومة عبدالله خليل بالطرق المشروعة. وكانت الجبهة تسعى لتحقيق ذلك من خلال البرلمان وحشد جماهير الشعب حول ميثاقها ولقد جاء في بيانها الأول:
    اننا نناشد الأحزاب والهيئات المشتركة في الجبهة الوطنية كما نناشد كافة جماهير الشعب السوداني والمستقلين وكل من يهمهم امر هذه البلاد ان يتكتلوا في تنظيمات فرعية في كل المديريات بمدنها وقراها وبواديها لشرح بيان الجبهة الوطنية وتعميق الميثاق القومي بين صفوف الشعب بكافة الوسائل المشروعة من اجتماعات سياسية ومواكب وحفلات وغير ذلك حتى يصبح الميثاق هاديا ودليلا للحكومة الوطنية التي تعمل على احلالها مكان هذه الحكومة حتى يصبح الميثاق سياسة وطنية مرسومة نعمل جميعا على تنفيذها. (اليسار السوداني، ص 343)
    وازاء هذا النهوض في الحركة الجماهيرية سلم عبدالله خليل الحكومة للجيش بقيادة ابراهيم عبود.وبقيام انقلاب 17 نوفمبر 1958، اصبحت قضية النضال من اجل الديمقراطية والحقوق الأساسية هي القضية الأولى في برنامج النضال ضد الحكم العسكري مما وضع الحزب الشيوعي في مقدمة المناضلين من اجل الديمقراطية والحقوق الأساسية؛ يقول عبد الخلق محجوب
    "واصبح الكثير يرى في الحزب الشيوعي مكافحا من اجل الديمقراطية، فربما ادى هذا الى دخول الكثير من العناصر على اعتبار قضية الديمقراطية وحدها لا على اعتبار البرنامج الكامل للحزب الشيوعي وافكاره الأشتراكية العلمية"(لمحات ص 116)
    ورغم هذا فقد كانت فترة الحكم العسكري الأول هي الفترة التي تسرب فيها الفكر الانقلابي الى داخل الحزب الشيوعي. فقد ساهم احد اعضاء اللجنة المركزية للحزب في عام 1959 واثناء غياب اغلبية قادة الحزب في المعتقلات في تنظيم انقلاب 1959 والذي ادى الى اعدام مجموعة من خيرة ضباط القوات المسلحة .. وعلاقة الفكر الانقلابي بموقف الشيوعيين من قضية الديمقراطية علاقة وثيقة. فالفكر الأنقلابي يتجه نحو استبدال العمل الجماهيري وتنظيم نضال الجماهير من اجل حقوقها وفي مقدمتها الحقوق الديمقراطية بالتآمر لقلب نظام الحكم عن طريق مجموعة سرية داخل القوات المسلحة، انه يحول الحزب الى حلقة تآمرية وتسرب الفكر الأنقلابي الى الحزب يعكس تاثر الشيوعيين بانتصارات وفكر انظمة البرجوزية الصغيرة العسكرية في المنطقة حينها بما في ذلك موقفها من الديمقراطية السياسية والحريات العامة. ورغم ان الحزب قد انتقد ذلك التيار واتخذ خطاًً للنضال مختلفاًً يعتمد بناء الحركة الجماهيرية والنضال وسط الجماهير ومعها لأسقاط نظام عبود عن طريق الأضراب السياسي العام، الا ان بذور الفكر الأنقلابي ظلت موجودة وعاودت الظهور بعد ثورة اكتوبر وسنعالج ذلك في حينه.
    وانفجرت ثورة اكتوبر 1964 ناشرة الوية الديمقراطية والحقوق الأساسية واصبح الحزب الشيوعي حزبا قانونيا لاول مرة في تاريخ السودان واكتسبت المراة السودانية حقها الديمقراطي في الترشيح والانتخاب وعدل سن الناخب الى 18 عاما ليشمل الشباب الذين اسهموا في الثورة اسهاما كبيرا والغيت القيود الاقتصادية على الانتخاب والترشيح واصبح الانتخاب مباشرا وامتلات الساحة بالتنظيمات الحزبية والشبابية والنسائية والنقابية والاقليمية والروابط القبلية وازيلت القيود عن الصحافة والتجمعات والمواكب السلمية وعاد للعاملين حقهم في التفاوض الجماعي وفي الأضراب.
    ولم تستطع القوى الرجعية احتمال هذا النهوض الديمقراطي العام، رغم انها استطاعت اجبار حكومة اكتوبر على الأستقالة واجراء انتخابات عامة نتجت عنها اغلبية مطلقة للأحزاب التقليدية, فقد عادت الحركة الديمقراطية لاستعمال تكتيكات ما قبل انقلاب نوفمبر بالربط بين النضال داخل البرلمان والنضال الجماهيري خاصة ان الخريجين انتخبوا احد عشر نائبا من الشيوعيين والديمقراطيين اصبحوا صوتا لهذه الحركة داخل البرلمان. وثبت خلال فترة وجيزة ان الرهان الديمقراطي في المدى البعيد هو لمصلحة اليسار. وفي هذا الجو تمت مؤامرة حل الحزب الشيوعي.
    وقد ادت معركة حل الحزب الشيوعي عام 1965 وتكوين الهيئة القومية للدفاع عن الديمقراطية والقضية الدستورية ورفض حكومة السيد الصادق المهدي ومجلس السيادة والجمعية التاسيسية لقرارات المحكمة العليا الى وضع الحزب الشيوعي وحلفائه في قلب حركة وطنية عامة تدافع عن الحريات الأساسية والديمقراطية واستقلال القضاء وسيادة حكم القانون واصبحت شرعية الحزب الشيوعي هي التجسيد لكل القيم الديمقراطية.
    ولكن ثورة اكتوبر طرحت أشكالات جديدة في فهم ومفهوم الشيوعيين للديمقراطية، وهذا ما سنحاول معالجته في الصفحات التالية.


    (3)
    الديمقراطية: التناقض بين النظرية والنضال اليومي
    طرحت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في اجتماعها في مايو 1965 مسالة الديمقراطية على اساس انه بعد ثورة اكتوبر " ابتدأت تتضح الفرص لتطبيق ديمقراطية جديدة في البلاد لتضمن استمرار بلادنا في الطريق الوطني الديمقراطي والاشتراكية....فالقضية لم تعد ديمقراطية او لا ديمقراطية بل اصبحت تسير كل يوم لتكون كالاتي: اي نوع من الديمقراطية؟" (أعمال اللجنة المركزية 27/5/1965) .
    اذن اصبحت هناك ديمقراطية وديمقراطية...او قد تكون عدة ديمقراطيات ...احداها على اية حال تمثل نظرية الحزب الشيوعي: الديمقراطية الجديدة والتي توضع في مقابل الديمقراطية البرجوازية او البرلمانية الغربية؛ فما هي سمات الديمقراطية الجديدة؟ السؤال صعب لان الخطاب البرنامجي والأيدولجي للحزب الشيوعي لا يبدو متناسقا وهناك تناقضات واضحة في الوثائق وبين بعض الوثائق والنضال اليومي للشيوعيين، مما ادى الى لبس وعدم وضوح جعل التمايز بين الخطاب الشيوعي والخطاب البرجوازي الصغير غير واضح وقد اثر هذا سلبا في تطور الثورة السودانية بتغذية الفكر الانقلابي داخل الحزب الشيوعي وبتغبيش وعي قطاعات من الديمقراطيين الثوريين، خاصة في ظروف قيادة انظمة البرجوازية الصغيرة العسكرية في المنطقة وانتشار ايدولجيتها عبر وسائل اعلامها الرسمية وكتابات مثقفيها المنتشرة في اواساط المتعلمين والمثقفين السودانيين واصرار الشيوعيين والديمقراطيين السودانيين على الدفاع عن هذه الأنظمة في وجه الهجوم الشرس من قبل الرجعية المحلية والدوائر الاستعمارية.
    اذا نظرنا مثلا في وثيقة اساسية في ادب الشيوعيين وخطابهم الأيدلوجي ك"الماركسية وقضايا الثورة السودانية" فاننا نجد الديمقراطية الجديدة توصف بانها "تفتح الطريق للتقدم"(ص 132). وانها تضمن دفع بلادنا في الطريق الوطني الديمقراطي والاشتراكية"(ص 133). ولكن لماذا تفعل الديمقراطية الجديدة ذلك من دون الديمقراطيات الاخرى؟ ويبدو ان الأجابة تاتى من النظر الى محتوى الديمقراطية الجديدة والذى يعني
    "تمتع الجماهير الشعبية بالحقوق الأساسية وتقييد نشاط الفئات المعادية للثورة الديمقراطية: اطلاق طاقات الطبقات والفئات الوطنية والديمقراطية من مزارعين وعمال ومثقفين وطنيين، وعناصر راسمالية وطنية غير مرتبطة بالاستعمار، وتقييد ومصادرة نشاط الطبقات ذات الروابط مع الاستعمار والتي ليست لديها مصلحة في البعث الوطني"(ص 132)
    وهنا نجد نظرية الحزب الشيوعي حول الديمقراطية تتطابق مع نظرية الثورة الصينيةالقائلة بالديمقراطية للشعب والديكتاتورية ضد اعداء الشعب، ومع التجارب الستالينية والستالينية الجديدة في الاتحاد السوفيتي وشرق اوربا، على الأقل في ما يتعلق بتقسيم الناس الى من يتمتعون بحقوقهم الأساسية ومن يحرمون من هذه الحقوق، مما يثير تساؤلا مباشرا ومشروعا: من الذي (او التي) يقوم (او تقوم) بعملية التقسيم هذه؟ وما هو الميكانيزم و المعيار وهل تجري عملية التقسيم مرة واحدة ام انها عملية مستمرة: كل من ابدى تاييدًاً للوضع القائم وسياساته يتمتع بالحقوق وكل من عارض يضاف الى اعداء الشعب؟؟ وماهو دور الشعب في كل هذا؟ وانا ادعي هنا ان هذا ليس مطابقا لشعار لينين حول كل السلطة للسوفيتات لأن السوفيتات كانت مجالس ديمقراطية منتخبة لم يحرم شخص من الاشتراك في انتخابها وهو دون شك لايطابق مفهوم ماركس وانجلز عن الديمقراطية الذي يقوم على توسيع الحقوق الأساسية وتمتع الجميع بها وتحول البرلمان الى سلطة شعبية خاضعة للرقابة الدائمة للجماهير. والتعارض الأساسي بين الفكرتين ان الاولى تريد ان تعطي جهة ادارية ما (حتى لو كان ذلك استنادا لتشريع صدر بشكل ديمقراطي) حق العزل السياسي ومصادرة الحقوق من بعض الناس. وهذا بالضبط يقود للديكتاتورية سواء كانت ديكتاتورية الحزب او مجلس الثورة او حتى ديكتاتورية الفرد. وتجارب العهد الستاليني، خاصة الفترة 1936-1939، التي راح ضحيتها رفاق لينين في اللجنة المركزية، وتجربة الثورة الصينية على ايام ماسمي بالثورة الثقافية، توضح لنا كيف يعمل مثل هذا النموذج والذي طبقته في ما بعد كل انظمة البرجوزية الصغيرة العسكرية سواء في بلدان ما سمي بالتوجه الأشتراكي او الفاشية القومية او الوطنية او دولة التنمية. المسألة ببساطة ان الديمقراطية للشعب وضد اعداء الشعب تتحول في النهاية لديكتاتورية شاملة.
    وما يزيد من احتمالات تحول الديمقراطية الجديدة في السودان الى ديكتاتورية هو ان هذه الديمقراطية في جوهرها هي ديمقراطية من انجاز الجماهير الثورية في القطاع الحديث وبالتالي هي ديمقراطية لجماهير هذا القطاع التي استطاعت ان تغل "يد الرجعيين عن الأعتداء على قوى الثورة" و تستطيع
    "ان تنجز مهام الثورة الديمقراطية ببث روح التقدم واعادة صياغة الحياة على اسس ديمقراطية بين الأقسام الأخرى بين السكان في القطاع التقليدي وجلبهم الى حياة المعرفة في اطار البعث الوطني الجديد" (الماركسية، ص 135)
    والمسالة تبدو مقلوبة عندما تطرح هكذا: السلطة اولا ثم "جذب سكان القطاع التقليدي" ثانيا. وهو تعبير واضح عن استثناء جماهير ذلك القطاع من العمل الثوري او السعي لجذبهم لساحة ذلك العمل. وفي تقديري، وقد اكون مخطئا، ان ذلك له علاقة مع نظرية القوى الحديثة والتي ادت عند تبنيها بشكل كامل بعد ثورة اكتوبر الى إهمال عمل الحزب الشيوعي ونشاطه وسط القطاع التقليدي والذي كان قد خطا خطوات متقدمة قبل ديكتاتورية عبود. ان نظرية القوى الحديثة تقوم على اساس معطيات نضال جماهير المدن والقطاع الزراعي المروي وقدرتها على اسقاط الحكومة المركزية او احداث عدم استقرار سياسي ولكن لان هذه الجماهير تمثل اقلية عند اجراء أي انتخابات فالديمقراطية البرلمانية تؤدي لأنتخاب الأحزاب التقليدية نسبة لاستمرار نفوذها وسط جماهير القطاع المسمى بالتقليدي. ولقد أدى استخدام الأحزاب لبعض جماهير هذا القطاع في اسقاط حكومة اكتوبر لنظرية كاملة حول اجهاض الثورة والى ظهور الفكر الأنقلابي الذي يرى انه يمكن للقوى الحديثة انتزاع السلطة بالقوة ومن ثم تحرير جماهير القطاع التقليدي من النفوذ الطائفي. ان هذه النظرية تجد نفسها منسجمة مع نظرية الديمقراطية الجديدة حسب طرحها في ذلك الوقت، وهي نظرية في النضال الجماهيري تؤدي بالضرورة الى ديكتاتورية القوى الحديثة او احدى فئاتها الطبقية. فهذه النظرية باهتمامها بتنظيم القوى الحديثة واعطائها الثقة في نفسها (اي بناء ايدولجية لها وبرنامج تعتقد انها قادرة على تنفيذه وانه قادر على حل مشاكلها ومشاكل البلاد كلها) تدعو تلك القوى لتصعيد نضالها حتى الأنتفاضة الشعبية والتي سيتم حسم قضية السلطة فيها لا بالمفاوضات كما حدث في ثورة اكتوبر ولكن بتدخل الجناح العسكري للقوى الحديثة في القوات المسلحة لوحده او بدعم ميلشيا تعدها القوى الحديثة لذلك وهذا السيناريو النظري يؤدي في احسن حالاته الى ديكتاتورية القوى الحديثة او قطاع منها تحت شعار ما يسمى بالديمقراطية الجديدة وفي هذا يصبح الأختلاف بينه والسيناريو الأنقلابي اختلاف درجة كما يقول استاذنا محمود محمد طه، وفي اسوء الحالات فانه يقود لحرب اهلية بين القوى الديمقراطية الممثلة في القطاع الحديث وبين القوى التقليدية والرجعية الممثلة في الأحزاب التقليدية والتي للأسف سيكون جنودها هم فقراء الريف في القطاع المسمى تقليدي وضباط جيشها بعض فئات البرجوازية الصغيرة المغتربة ايدولجيا بتبنيها الأيدولجية الدينية الممعنة في التخلف والتي تسمى هذه الأيام الأسلام السياسي وهي ببساطة ايدولجية ألأخوان المسلمين المستندة لفكر المودودي، الندوي والأخوين قطب، اما مايستجد منها الآن فهو بمثابة شرح للحواشي والمتن لما انتجه اولئك.
    وفي الحقيقة الموقف المعلن حينها من القطاع التقليدي مزدوج, فبينما ترجأ مسالة الثورة في القطاع المسمى بالتقليدي حتى انتصار القوى الحديثة واستيلائها على السلطة، يستثنى الجنوب من ذلك. أعترفت وثيقة "الماركسية وقضايا الثورة السودانية" ان القوى الحديثة "تواجه مشكلة حقيقية بين الوضع في جنوب البلاد"(ص 135) اذ ان الحركة السياسية هناك "ذات طابع غالب معاد للنهوض الوطني والتحرر من التبعية الأستعمارية ولتطور الثورة الديمقراطية"(ص 136) لذا واستنادا لأن جماهير الجنوب "كاقليات قومية ذات مصلحة حقيقية في انجاز الثورة الديمقراطية." فانه "لابد ان نهئ الظروف اللازمة لتنمية مراكزالعناصر الوطنية والتقدمية في جنوب البلاد" ولكن لماذا جنوب البلاد وحده؟ ألأنه يرفع السلاح؟ وهل لو كان الجنوب ساكنا مثل بقية مناطق القطاع المسمى بالتقليدي كان سيطلب منه انتظار القوى الحديثة لأنجاز الثورة نيابة عنه وحل المشكلة القومية؟
    واذا تركنا جانبا مسألة القوى الحديثة فاننا نجد تناقضين من ناحية الطرح لمسالة الديمقراطية الجديدة:
    التناقض الأول بين المقدمات التحليلية لتجربة الديمقراطية الليبرالية والنتائج حول الدعوة لديمقراطية بديلة، اذ ان المقدمات التحليلية في وثيقة الماركسية وقضايا الثورة رغم حديثها عن فشل النظام البرلماني الغربي الا انها اثبتت اهمية ممارسة الجماهير للحقوق السياسية ذلك ان تلك "الحقوق الديمقراطية البرجوازية نفسها اصبحت عاملا في جلب جماهير القطاع التقليدي الى ميدان النشاط السياسي و الأجتماعي"(ص 134) مما جعل القوى الرجعية تضيق بهذه الحقوق لدرجة مصادرتها. تقول الوثيقة ان الرجعيين "وهم يجمعون قواهم تحت راية البرلمانية البرجوازية يستهدفون في الأصل تهديمها ومصادرة الحقوق الديمقراطية"(ص 133) وأدى منطق الوثيقة هذا (وهو صحيح في رايي) الى الوصول الى نتيجة هامة وهي ان "التقارب بين قضية الديمقراطية وقضية التغيير الأجتماعي يسير بخطى حثيثة" (ص 134) مما يعني ان المسالة هي مسالة وقت ومزيد من النضال الديمقراطي لجذب مزيد من جماهير القطاعين التقليدي والحديث معا دون ان نضحي بقضية الديمقراطية من اجل التغيير الأجتماعي او العكس. وهذا لا يميز بين موقف الشيوعيين والبرجوازية الصغيرة فقط بل يكون تمييزا واضحا بين موقف التقدميين والرجعيين من قضية الحقوق الأساسية، بين من يحاول تطويرها وحمايتها ومن يسعى لتصفيتها. وهنا لابد لنا من الأشارة الى مسالة وصف هذه الحقوق بالبرجوازية وهو وصف غير حقيقي لطبيعة تطورها عبر التاريخ فخلافا لحق الملكية الخاصة فجميع الحقوق الأساسية الأخرى في ما يسمى بحقوق الأنسان هي نتاج لنضال الجماهير الشعبية والطبقة العاملة سواء تم هذا النضال تحت قيادة البرجوازية او في النضال ضدها.
    ألتناقض الثاني هو بين طرح قضية الديمقراطية في برنامج الحزب الذي اقره المؤتمر الرابع ووثيقة "الماركسية وقضايا الثورة السودانية" المقدمة لنفس المؤتمر. فالبرنامج يرى ان السلطة الثي ستطبق الديمقراطية الجديدة تنبعث من "ارض الديمقراطية الواسعة" مما ينعكس على تطبيقها للديمقراطية الجديدة. ويتحدث البرنامج عن اسس "للديمقراطية المباشرة" مرتكزة على توسيع الحكم المحلي و"الديمقراطية النيابية" ويقول البرنامج ان الديمقراطية الجديدة "تعبر عن الديمقراطية السياسية والأقتصادية في آن واحد"(ص ص 43-44 من وثيقة دستور الحزب الشيوعي). ولعل ما يميز البرنامج انه نص بوضوح على "أن قيادة الحزب الماركسي للنظام الأشتراكي لا تعني وجوب نظام الحزب الواحد"(ص 12).


    (4)
    الشيوعيون والديمقراطية وأنقلابي مايو ويوليو
    رغم انه اصبح من المسلم به الآن ان الحزب الشيوعي السوداني اعترض على تنظيم انقلاب مايو وحاول اقناع القائمين به بالرجوع عنه، الا ان ذلك لاينفي عن الشيوعيين بعض المسؤولية الأخلاقية عما حدث. فمعظم الذين خططوا وشاركوا في الانقلاب، رغم انهم ليسوا اعضاء في الحزب الشيوعي، الا انهم خرجوا من تحت معطفه او تاثروا بفكره وخطابه الأيدولجي بما في ذلك دفاعه عن الأنظمة العربية التقدمية وفي مقدمتها النظام الناصري حينها. وهذا ما ظل الشيوعيون السودانيون يعبرون عنه بعدم التمايز الأيدولجي بينهم والبرجوازية الصغيرة قبل مايو. يقول عبد الخالق محجوب ان الخطأ الذي وقع فيه الشيوعيون:"هو اننا غلبنا الحلف السياسي على قضايا التمايز الأيدولجي بين الفكر الديمقراطي الثوري والفكر الشيوعي وظهر هذا في اتجاه نشاطنا الدعائي العام" (حديث عبد الخالق امام امؤتمر التداولي كما اقتطفه القدال، الحزب الشيوعي وانقلاب مايو، الحلقة الثانية عشرة، الميدان، 14 أكتوبر 1985 ص6).وقال عبد الخالق ايضا
    "نحن كشيوعيين لانقبل ايدولجيا" نظرية القلة التي تقبض على السلطة ثم بعد هذا ترجع الى الجماهير. في اعتقادي ان هذا موقف ايديولجي ثابت للشيوعية وجزء من فهم الشيوعيين للثورة، وقد تطورت الشيوعية كعلم في الصراع ضد هذه النظرية ضمن صراعها الطويل ضد الأيدولجيات الغريبة على حركة الطبقة العاملة""(المصدر السابق ص 6)
    ولعل هذه الحاجة الموضوعية والضرورية للتمايز الأيدولجي هي التي دفعت عبد الخالق وهو يكتب مشروعا لبرنامج الحزب لكي يقدم للمؤتمر الخامس الذي اقر المؤتمر التداولي التحضير له ان يقول:
    "نستهدف تصورنا واهدافنا لمرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية، في ظروف تطرح فيها تصورات واهداف هذه المرحلة من قبل الشريحة البرجوازية الصغيرة. بعض هذه التصورات والأهداف المشار اليها اخيرا خاطئ ومزيف. ومن ثم فان برنامجنا سيكون في مستوى عال من الطرح الأيديولجي والعملي في وقت واحد."(حول البرنامج، الطبعة اليمنية، ص 6)
    وقد تجلى هذا التمايز الأيديولجي تجلياً واضحاَ في طرح وثيقة عبد الخالق ُحول البرنامج’ بشكل خاص في مسالة الديمقراطية الأقتصادية والسياسية والثقافية وليعذرني القارئ هنا لو اطلت الأقتطاف؛ يقول عبد الخالق
    "اعتماداً على تحليلنا الناقد لتجارب حركة الشعوب، وللتجارب الغنية التي اكتسبتها حركة الشعب السوداني، فان الثورة الوطنية الديمقراطية تحقق الشروط الموضوعية اللازمة لتحول الحقوق السياسية من مجرد اعلان قانوني الى ممارسة فعلية للجماهير الكادحة، وهذه الحقوق هي الأداة الرئيسية لأنهاض الجماهير للنشاط السياسي حتى يصبح لدينا ملايين من الساسة المدركين، ولنمو وعيها لتنفذ اهداف الثورة بقدراتها الخلاقة التي لا تعادلها قدرات.
    "ونحن ايضا ننطلق من فهمنا للثورة - بوصفها اعلى مستويات لأنجازات الخلق الشعبي والتلقائية الدافقة، ولا نقبل مفهوم الوصاية على حركة الجماهير. ضمان استمرار وتطور الثورة الوطنية الديمقراطية هو يقظة الجماهير وتنامي نشاطها لا وقوفها متفرجة اعجاباً او استياءً. ان التاريخ تصنعه الملايين لا بعض الأفراد مهما بلغت قدراتهم واعجازهم. ولهذا فالديمقراطية والتغيير الثوري متلازمان ولا يمكن الفصم بينهما" (حول البرنامج ص ص 48-49)
    ويتحدث عبد الخالق بوضوح عن حق الجماهير في حرية التنظيم فيقول:
    "تشمل الحقوق السياسية للجماهير الكادحة في ظل الحكم الوطني الديمقراطي حرية التنظيم. اننا نقدم من تجاربنا ودراساتنا أشكالاً لتنظيم الكادحين وهم يستيقظون على اهداف الثورة، ولكي يستيقظوا على تلك الأهداف. ولكن الجماهير، وهي تنفض عن نفسها غبار سنين الأهمال، تنتفض وتبدع اشكالا من التنظيم اغنى آلاف المرات مما يتصور اي برنامج سياسي ايا كانت مرتبته.(خطوط التشديد ليست في الأصل) ولهذا فان للجماهير الكادحة حقها في ابتداع التنظيمات الأقتصادية والسياسية التي تعبر عن مشاعرها وتركن اليها، وذلك دعم وحماية للثورة الوطنية الديمقراطية في بلادنا. ينطبق ذلك بصورة خاصة على الكادحين في الزراعة والأنتاج الحيواني الذين يعتمد على يقظتهم مصير الثورة الديمقراطية" (المرجع السابق ص 49)
    وكذلك ينص عبد الخالق على حرية العقيدة الدينية وحقوق المرأة وطبيعة الثورة والبعث الثقافي الديمقراطي الذي لن يتم في رايه "الا وفقا للحرية والديمقراطية واتخاذ الدولة الوطنية الديمقراطية موقف المساعدة والتشجيع لا موقف القهر والتحكم. والحكم على العمل الفني موضوعاً وأداة هم النقاد القادرون والجمهور الواعي. بتوفير الحرية للعمل الفني يخرج من اعماق الشعب مئات المبدعين خلقاً فنياً، والملايين من الجماهير التي تتلقى بطريقة خلاقة كل عمل فني" (المرجع السابق ص 39)
    ولكن ُحول البرنامج’ يحمل في طياته موقفا مزدوجا من قضية الديمقراطية، فقط كان الموقف المزدوج هنا موقفا واعياً بازدواجيته ومبرراً لها وواعداً بانه مؤقت تفرضه ظروف عملية. لننظر اولا لذلك الموقف وتبريراته قبل مناقشته. يقول عبد الخالق:
    يسخر النظام الديمقراطي كل ما لديه من وسائل وادوات لتحطيم مقاومة الفئات والطبقات الرجعية بمايمنع اي محاولة من جانبها للعودة لمراكز السلطة والنفوذ. لهذا فهو يمثل الديمقراطية الواسعة بالنسبة للجماهير الكادحة، والدكتاتورية الموجهة لقهر مقاومة الفئات والطبقات الرجعية ." (خطوط التشديد ليست في الأصل).(حول البرنامج ص 50)
    ويذهب عبد الخالق لتبرير ذلك الموقف فيقدم ثلاثة تبريرات، الأول هو "شرعية الدفاع عن الثورة والتقدم في وجه قوى الرجعية والتخلف" (المرجع السابق ص 51) والثاني ان تجربة الشعب وفهم الشيوعيين السودانيين لمسألة الديمقراطية قد خلصا الى انه "ليست هناك ديمقراطية "عامة" او "مطلقة"" (ص 51) اذ ان
    الديمقراطية دائما طبقية. فقد طرحت من قبل "الديمقراطية البرلمانية" وما كانت في قاعها الا ديكتاتورية للحلف البرجوازي - شبه الاقطاعي. يطرح الان ما يسمى بالديمقراطية "الثورية" وهي ليست الا دكتاتورية شريحة من البرجوازية الصغيرة العسكرية الخ... الديمقراطية في ظل النظام الوطني الديمقراطي تحمل محتواه وتعبر عن مجموع المصالح الطبقية لذلك النظام"(ص 51)
    ثم ينتقل عبدالخالق لتقديم التبرير الثالث وهو الطبيعة المؤقتة لهذه الازدواجية. ودعونا ننقل كلماته كما هي
    "... ان هذا الازدواج عملي ولا يتعلق بنظريتنا المكتملة عن الديمقراطية، انه اجراء عملي من اجل تهيئة الظروف اللازمة للديمقراطية ومباشرتها بواسطة الاغلبية الساحقة تمهيدا لمباشرتها بواسطة الجميع" (ص 51)
    وهذا الطرح يثير عدة تساؤلات: لعل اولها ما هي شرعية الدفاع عن الثورة؟ ومن اين تكتسب الثورة مشروعيتها؟ وفي تقديرنا ان شرعية اي ثورة تاتي من جماهيرتها، اي من اشتراك اغلبية الجماهير فيها، وبمفهوم لينيني ما زلت اراه صحيحا، عندما تشعر الجماهير انها لا تستطيع ولا تريد العيش تحت الأوضاع السائدة. وهذا يختلف عن المفهوم الجيفاري الذي يبدا بحفنة ثورية مسلحة تكون بمثابة الخميرة للثورة المسلحة, او المفهوم الانقلابي الذي يستند على مجموعة صغيرة من المتآمرين داخل وخارج القوات المسلحة، وبالرغم من ان المفهوم الجيفاري قد يقود باعتباره عملية ممتدة عبر الزمن الى انحياز اغلبية الجماهير اليه اذا ما ارتبط بعمل سياسي وسط الجماهير وتقديم المثال في الاراضي المحررة وهو واحد من احتمالات كثيرة؛ وان المفهوم الانقلابي يعتمد عنصر التنظيم التآمري والمفاجاة للاستيلاء على السلطة، الا انه وفي كلتا الحالتين فالمشروعية الثورية لا تعتمد على الاغلبية الجماهيرية وهي بالتالي لا ديمقراطية وتقيم نظاما ديكتاتوريا مهما حسنت النوايا. ولكن حتى بالمفهوم اللينيني فالمشروعية الثورية اذا لم تتحول لحكم الجماهير لنفسها، اي الى ديمقراطية وهي في النموذج السوفيتي البلشفي المناقض للمفهوم الستاليني اخذت شكل سوفيتات العمال والجنود، فهي تتحول لديكتاتورية وتاكل الثورة ابناءها كما حدث في الثورة الفرنسية الكبرى. المشروعية الثورية مؤقتة ومرهونة بانتزاع السلطة فقط، ثم تتحول الى ديمقراطية قائمة على مؤسسات للتمثيل النيابي والحكم المحلي واضحة، مستندة على الحقوق الاساسية وحكم القانون واستقلال القضاء. وتاجيل ذلك لاي وقت يؤدي الى الديكتاتورية. وهذا يقودني مباشرة لمناقشة مفهوم طبقية الديمقراطية وهذا مفهوم معقد ومركب و ذو علاقة وثيقة بنظرية الدولة من جهة وبمفهومي المجرد والمحدد في المنهج الماركسي من جهة اخرى. وساحاول ان اوضح ما ارمي اليه في ما يلي؛:
    "ينبغي علينا التفرقة بين السيادة الاقتصادية والسيادة السياسية لطبقة اجتماعية او فئة من طبقة اجتماعية او كتلة اجتماعية من عدة طبقات. فالسيادة الاقتصادية تتحدد في مجال الانتاج والتبادل والتوزيع، بينما اعادة انتاج هذه السيادة الاقتصادية في مجتمع طبقي لا تعتمد على إنتاج وإعادة إنتاج السلع والخدمات وحدهما، بل يتطلب إعادة إنتاج نظام للعلاقات الإجتماعية، بما في ذلك علاقات الإنتاج نفسها، اي إعادة لإنتاج التشكيلة الاجتماعية ككل. ففي المجتمعات الطبقية تتصارع الطبقات في داخلها وفيما بينها في سعيها لتحطيم او تتغيير او تبديل او إعادة إنتاج منظومة العلاقات الاجتماعية، سواء كانت اقتصادية او سياسية او قانونية او ثقافية...الخ لتحقيق منافع مادية او غير مادية جديدة او اكثر مما كانت تحقق او لتحافظ او تصلح من المنافع الموجودة. ان السيادة السياسية هي التي تسمح لفئة طبقية او طبقة اجتماعية او مجموعة من الطبقات المتحالفة بالتاثير على وجهة اعادة انتاج المنظومة او التشكيلة الاجتماعية بما في ذلك نظام الانتاج بأسلوب إنتاجه السائد او أساليب إنتاجه الممفصلة ، إما في وجهة التغيير الراديكالي او الإصلاح او المحافظة" (صدقي كبلو، الأقتصاد السياسي للازمة في السودان، رسالة دكتوراه قدمت لجامعة ليدز بانجلترا 1994، ص 22-23)
    وهذا ما يجعل الفئات الطبقية او الطبقات السائدة اقتصاديا او الطامعة في السيادة الاقتصادية تسعى للسيادة السياسية، اي لكي تصبح طبقة او فئة حاكمة وليس امامها الا سبيلان لفعل ذلك: اقامة دولة سلطوية او اقامة دولة ديمقراطية. والدولة السلطوية او النموذج البونبارتي كما اوضح ميلباند "ليست دينًا للبرجوازية" (ميلباند، بولناتز والدولة الراسمالية، مقالة في النيولفت ريفيو، العدد 82، 1973، ص91)، وانما هي الحل الاخير الذي تتخذه اذا ما تهدد نظامها الاجتماعي الاقتصادي الخطر، اذ ان الدولة السلطوية لا تعيق فقط تطور الراسمالية كنظام قائم على التنافس، العجلة المحركة لتطور قوى الانتاج الراسمالي وفقا لقانون القيمة، وانما توحد ضدها كل قوى المجتمع بما في ذلك مثقفيها المستنيرين. وليس امامها اذن سوى الديمقراطية كي تقيم على اساسها دولتها ولكن الديمقراطية كمفهوم وكنظام سياسي تخلق للبرجوازية والفئات الحاكمة اشكالات كثيرة: فمن ناحية لاعطاء قيادتها وبالتالي دولتها المشروعية لابد لها ان تبدو امام الجماهير، كما لاحظ ماركس عن صواب، وكانها تمثل ليس مجرد مصالحها وانما مصالح كل الجماهير وان تنال اعترافا من الجماهير بذلك او كما قال "انه فقط بدعوى تمثيل المصلحة العامة تستطيع طبقة ما ان تصعد للقيادة" (ماركس، كتابات مختارة في السوسيولوجي والفلسفة الاجتماعية،حرراها بلتمور و روبل، بنغوين ، ميدلسسكسن انجلترا، 1956، ص 179). ولتمديد مثل تلك اللحظة التاريخية تحتاج الطبقة لتاسيس هجمنتها وكما قال لاكلو فان الطبقة تصبح مهجمنة ليس بقدرتها على فرض مفهوم متناسق للعالم و الوجود على بقية المجتمع ولكن من خلال نسجها مفهوما للعالم بحيث تمتص عن طريقه حدة الصراع الطبقي( لاكلو، السياسة والايدولجيا في الفكر الماركسي، نيو لفت بوكس، لندن 1977، ص 161 ). وهذا بالضبط ما عبر عنه انطونيو غرامشي بقوله ان مسالة الهجمنة تفترض ان مصالح وتوجهات الفئات التي ستشكل موضوعا للهجمنة قد اخذت في الاعتبار وان مساومة اجتماعية ما قد تم التوصل اليها (غرامشي، مختارات من دفاتر السجن، ترجمها وحررها هز هوار و جزنز سميث، لورانس اند ويشارت، لندن، 1971، ص 161). وقد كان اوفي اكثر تحديدا عندما قال ان الدولة البرجوازية الحديثة تسعى لتحقيق وتاكيد مصالح كل افراد المجتمع الطبقي الذي يسوده راس المال (اوفي، تناقضات دولة الرفاهية، مكتبة هتشنسن الجامعية، 1984، ص 120). وكان تلخيص نن واضحا بلا التباس فهو يقول
    "ان الموضوعة الكلاسيكة الماركسية حول ان الديمقراطية النيابية كشكل للحكم هي الاكثر تطابقا مع مصالح البرجوازية، تعتمد على تاكيد البرجوازية لتفوقها الهجمني ولتطويرها تبريرا ميتافيزيقي لدورها القيادي وكفاءتها كطبقة حاكمة." (نن، انقلاب الطبقة الوسطىن مقالة في كتاب روديس (محرر)، الامبرياية والتخلف ، منثلي ريفيو برس، 1970، ص 134)
    ومن هذا المنطلق نفهم ديمقراطية طبقة البرجوازية ، والتي تبدو كانها ديمقراطيتها وليست ديمقراطيتها في نفس الوقت، وذلك لوجود الطبقات الاخرى التي تسعى من خلال الصراع الطبقي لا لمجرد خلق تنظيماتها وحسب بل تطرح خطابها الايدولجي ايضا مما يعني تهديدها الدائم لهجمنة البرجوازية وامكانية تأسيس هجمنة بديلة من خلال النضال في ظل ديمقراطية البرجوازية وتطويرها لتصبح ديمقراطية لكل الجماهير. وهذا هو الطرح الماركسي لليسار الاوربي حول طريق ديمقراطي للاشتراكية، على الاقل على مستواه النظري.
    وما يهمنا هنا ما قال عبد الخالق عن ان الديمقراطية البرلمانية كانت ديكتاتورية لحلف البرجوازية وشبه الاقطاع. وفي تقديري ان ذلك ليس صحيحا ويخالف ما توصلت اليه ُالماركسية وقضايا الثورة السودانية’؛ ان جوهر ازمة الحكم في السودان او الازمة السياسية هو أن ذلك الحلف الذي يصل الحكم بالديمقراطية ولأسباب تاريخية محددة لم يستطع تاسيس هجمنته ولم يستطع فرض ديكتاتوريته، رغم سعيه المتكرر لفعل ذلك. وهذا هو سبب عدم الاستقرار السياسي والانقلابات العسكرية في السودان منذ الأستقلال.
    ولكننا عند النظر لما كتبه عبد الخالق في معتقله عام 1970/1971 لا بد لنا ان ناخذ في الاعتبار الظروف التاريخية التي كتب فيها؛ فقد كتب و ما زالت مايو في توجهها اليساري ومازالت افاق تطور الثورة في السودان مرهونة بالوضع الذي وجد الشيوعيون انفسهم فيه بعد مايو، اي كيف تتطور الثورة من تلك النقطة الى الامام؟ وهنا لابد ايضا من الرجوع للمواقف العملية للشيوعيين فقد اعترضوا على اطلاق يد الامن ( مثلا حادثة اختطاف الصحفي محمد مكي من بيروت) وعلى اطلاق يد جهاز الرقابة العامة وعلى الامر الجمهوري الرابع وعلى الحزب الواحد وطالبوا بقيام جبهة ديمقراطية بدلا عنه. ولكن كان معظم هذا يدخل في نطاق الدفاع عن حق القوى الثورية في التنظيم وليس حق التنظيم اطلاقا. وبالتالي يكون الموقف اسيرا للظروف التاريخية ولنظرية الديمقراطية الجديدة رغم اختلاف الطرح مع قيادة مايو ورغم اهمية ذلك الخلاف. وبالمقابل فان ما ذهب اليه عبد الخالق حول ان طرح الديمقراطية الثورية من قبل النظام كان يستهدف بناء ديكتاتورية البرجوازية الصغيرة لهو صحيح تماما ولقد اثبتت الاحداث ذلك.
    ثم حدث انقلاب 19 يوليو 1971 الذي اعلن قادته انه جاء لتصحيح مسار مايو، ورغم ان الانقلاب قد اجهض بعد ثلاث ايام فقط مما يجعل من الصعوبة محاكمة موقفه من قضية الديمقراطية الا ان تلك الايام الثلاثة كانت مليئة بالاحداث التي تساعد في القاء بعض الضوء على توجه قادة الانقلاب من مسالة الديمقراطية.
    لقد كانت اهم الانتقادات التي وجهها قائد 19 يوليو الرائد هاشم العطا لسلطة مايو انحرافها نحو الديكتاتورية الفردية وتعطيلها لدور وسلطات مجلسي الوزراء والثورة وتشويهها لشعار الديمقراطية الجديدة. وقد قال هاشم العطا في بيانه الاول:
    "ان الديمقراطية كحق سياسي للشعب، حق يتمتع به الشعب ويستعمله في خدمة ثورته الاقتصادية هو شرط لا بديل له لكي يستكمل شعب السودان ثورته ويصون استقلاله. ان هذه حقيقة معروفة لاي شخص لان تاريخ شعبنا ملئ بالنضال من اجل الحقوق السياسية، خاصة خلال ثورة اكتوبر العظيمة...
    نحن في القوات المسلحة نعد جماهير شعبنا باننا سنعمل على انشاء نظام سياسي ديمقراطي يقوم على المشاركة الفعلية للجماهير بكل الاشكال وبمختلف الوسائل الممكنة في ادارة شئون البلاد- صغيرها وكبيرها- بروح من المسؤولية الوطنية نحو قضايا التنمية والتقدم الاجتماعي" (اعادة ترجمة من ألانجليزية، سجل افريقيا المعاصر 1970/1971 ص 159C) .
    وواصل الرائد العطاهذا الخطاب الايدولجي عن الديمقراطية في مخاطبته لموكب الخميس 22 يوليو .1971 وقد صاحبت كل ذلك بعض القرارات:
    أ- اطلاق سراح بعض المعتقلين او بالاحرى اطلاق سراح المعتقلين اليساريين.
    ب- الغاء قرارات حل التحاد النسائي السوداني واتحاد الشباب السوداني.
    ج اعلان ان السلطة في كل مستوياتها في اللاد ستؤول للجبهة الوطنية الديمقراطية.
    د- الاعلان عن ان المشاورات تتم بين الفصائل والمنظمات الجماهيرية لتشكيل الحكومة الجديدة.
    ه الاعلان عن الالتزام بمبدا استقلال القضاء.
    وبالرغم من ضرورة النظرة التاريخية لهذه القرارات باعتبارها صادرة عن سلطة انقلابية في نطاق التطور السياسي لانقلاب مايو وفي اتجاه اصلاحه و تخطيه. وبالتالي تكون بالضرورة محبوسة في نطاق استلام السلطة اولا وبناء العلاقة مع الجماهير كعمل لاحق، فاننا نرى ميولا اكثر ديمقراطية في خطابها وقراراتها ولكنها ما زالت تعمل في نطاق نظرية الديمقراطية للشعب والديكتاتورية ضد اعداء الشعب، فلاحظ مثلا ان اطلاق السراح لم يتم لكل المعتقلين (وهذا ما عاد وانتقده الحزب في عام 1977). وان الغاء قرار الحل لم يشمل الاحزاب المحلولة، وفي هذا النطاق لم يشمل حتى الاحزاب اليسارية او حتى الاعلان عن حق تكوين الاحزاب. او الوعد بصدور قانون لتنظيم تكوين الاحزاب، ولعل من الايجابي الحديث عن تشاور لتكوين الحكومة، رغم انه في حكم الغيب الان الحديث عما كان سيسفر عنه التشاور والى اي مدى كان سيتاح للفصائل المختلفة والقطاعات الجماهيرية ان تختار ممثليها في الحكومة الجديدة. وقد كان هذا احد نقاط الخلاف مع سلطة مايو التي لم تعط الحزب الشيوعي حق اختيار ممثليه (في نطاق عدم الاعتراف بالاحزاب السياسية والتعامل مع الشيوعيين كافراد). ولعل المثير للدهشة الاعلان عن ان السلطة في كل المستويات في البلاد ستمارسها الجبهة الوطنية الديمقراطية والتي لم تكن موجودة كتنظيم، مما يعني انه سيتم تكوينها ولا يستطيع احد الان الحديث عن كيف كان سيتم ذلك لان التصور الموجود حينها كان قائماً على اساس بنائها قبل استلام السلطة وليس بعدها، وان المناقشات التي جرت بعد انقلاب مايو كانت مرتكزة في بناء الجبهة على تعدد الفئات والطبقات المشكلة للجبهة وعلى حرية الفصائل الثورية في تكوين والاحتفاظ بتنظيماتها المستقلة. ان ايام 19 يوليو الثلاث لتثير من التساؤلات حول مسالة الديمقراطية اكثر مما تعطي من اجابات ولكن ما جرى من بعدها احدث تحولا عميقا في نظرية الحزب الشيوعي حول الديمقراطية.


    (5)
    ما بين يوليو 1971 وانتفاضة اغسطس شعبان 1973
    لعل اول تطور واضح في موقف الشيوعيين من قضية الديمقراطية بعد ردة 22 يوليو الدموية هو ما ورد في بيان الحزب الجماهيري في يناير 1972 احتفالا بعيد استقلال السودان عن النظام الوطني الديمقراطي الذي يناضل الشيوعيون لاقامته في مكان سلطة الردة الدموية..يقول البيان
    "نظام وطني ديمقراطي تنبثق سلطته السياسية من حركة جماهير شعبنا الثورية وانتصار مقاومتها، وتعبر تلك السلطة عن التحالف الديمقراطي بين تلك الجماهير باحزابها ومنظماتها السياسية التقدمية، بمنظماتها النقابية، باتحاداتها وتنظيماتها الاجتماعية والثقافية والاقليمية، وكل مؤسساتها وادواتها الديمقراطية التي تتوسل بها للدفاع عن كيانها ومصالحها، وتخلقها من خلال مقاومة حكم الردة اليمينية الدموية وتدخل بها معترك الثورة الاجتماعية.
    "نظام يختط الديمقراطية مبدأ ومنهجا - الديمقراطية كحقوق سياسية وحقوق اساسية، كحريات ديمقراطية، كنظام للحكم في كل المستويات، كعلاقات انتاج لتحرير اغلبية سكان الوطن، وفي جهاز الدولة، ولسيادة حكم القانون واستقلال القضاء، وكشرط لتوحيد القطر وتنفيذ الحكم الذاتي الاقليمي في الجنوب، وحل مشاكل القوميات والاقليات ."( مقتطف في دورة اللجنة المركزية -يناير 1974 ص ص 9- 10)
    ومن ثم يمكن الاستنتاج ان معالم جديدة لنظرية الديمقراطية عند الشيوعيين بدات في التبلور بعد هزيمة 22يوليو. فقد بات واضحا ان مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية تتعدد فيها الاحزاب وان الجماهير خلال هذه المرحلة تتمتع بالحقوق السياسية والاساسية...الخ. وما يجعل ملاحظة هذه المعالم الجديدة مهما ان الحزب الشيوعي ظل يطرح حتى انتفاضة اغسطس/ شعبان ان البديل لنظام نميري هو حكم وطني ديمقراطي.
    بين انتفاضة1973 والمصالحة الوطنية 1977 : تحول عميق
    لقد كانت انتفاضة اغسطس (شعبان) 1973 نقطة تحول بارزة في تاريخ النضال ضد ديكتانورية مايو، رغم ان قوى اليمين السودانى المتمثلة حينها في الجبهة الوطنية قد دخلت الى تلك الانتفاضة بهدف تبديل نميري وطاقمه بطاقم الجبهة الوطنية مع الاحتفاظ بجوهر نظام نميري الديكتاتوري: الجمهورية الرئاسية والحزب الواحد ومصادرة الحقوق الاساسية للجماهير. وفي المقابل كان الحزب الشيوعي قد طرح شعار "لتتحد قوى المعارضة الشعبية" لاستعادة الحقوق الاساسية والحريات الديمقراطية واطلاق سراح المعتقلين واعادة المشردين والمفصولين من العمل.
    كانت الفترة بين انتفاضة شعبان والمصالحة الوطنية فترة غنية بالنضال والتجارب الثورية و لا يمكن النظر للتطور الواضح في صياغة نظرية الديمقراطية في الحزب الشيوعي دون ربط ذلك بالتحولات العميقة التي حدثت في بناء الحزب وصياغة تكتيكاته والمعارك التي خاضها لتنظيم الحركة الجماهيرية والدروس التي استخلصها من المعارك التي خاضتها الجماهير بعفوية وبمبادرة منها دون ان يكون للحزب الشيوعي او لاحزاب الجبهة الوطنية دور في تنظيمها. ان جوهر ذلك التحول العميق كان امتلاك قيادة الحزب الشيوعي لتحليل صحيح لواقع المتغيرات في السودان ولامكانيات الحركة الجماهيرية عموما وحركة جماهير المناطق الاقل نموا على وجه الخصوص والذي صاحبه في ذات الوقت تقييم واقعي لضعف الحزب الشيوعي وبدائية عمله وادواته. ولم يكن من الصدفة ان تناقش اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في ربط جدلي مدهش بين قضايا ومشاكل العمل القيادي ودور فرع الحزب، باعتبار ان قضايا ومشاكل العمل القيادي تحل اول ما تحل على مستوى الفرع الممثل الحقيقي للحزب او قل هو الحزب في مجاله وبين قضايا سياسية واقتصادية على نطاق الوطن كله وعلى المستوى الأقليمي. ولقد خلصت تلك المناقشات الى نتيجة هامة جدا وهي نهوض حركات جماهيرية مستقلة على مستوى الوطن كله. وكان ضروريا ان تؤدي هذه النتيجة الى استنتاجين اولهما تنظيمي حول اهمية وجود فروع للحزب الشيوعي على نطاق الوطن وارتباطها بهذه الحركات الجماهيرية الناهضة والتصدي لقيادتها واكتشاف الاشكال التنظيمية المناسبة لتنظيمها دون حبسها وفرع الحزب في اطار الاشكال الموروثة من المدن او القطاع الحديث.
    وكان ثاني هذه الاستنتاجات هو
    "ان تدرك القوى الثورية في المدن انه مهما علا شأنها، ووجدت من الدعم النشط من المزارعين في القطاع الحديث، لن تكتمل مسيرتها نحو النصر في الثورة الاجتماعية الديمقراطية الا بمشاركة نشطة وثورية من جماهير القطاع التقليدي - حيث اغلبية سكان السودان، اي لا يكفي التاييد والتعاطف كما كان الحال في ثورة اكتوبر. ان السلطة الوطنية الديمقراطية مهما توفرت لها مقومات الذكاء ووضوح الرؤية والقدرات القيادية الفذة، لاتستطيع انجاز الاصلاح الزراعي والتحرر الاجتماعي - والتحرر الاداري من نير الادارة الاهلية - بدون النشاط الثوري المستقل لجماهير القطاع التقليدي، ومشاركتها بالفعل والرأي وبالتصور... فمحنة محاولات تطبيق الاصلاح الاجتماعي والزراعي والاداري من اعلى ماثلة امامنا في تجارب انظمة البرجوازية الصغيرة العسكرية في المنطقة العربية والافريقية و في السودان" (دورة اللجنة المركزية يوبيو 1975 ص 36)(التشديد ليس في الاصل)
    ان هذا الفهم العميق الرافض لاطروحة التغيير من فوق ولنظرية السلطة اولا ثم تلحق الجماهير بالطلائع والتي في الاصل هي التبرير للتوجهات الانقلابية لدى مختلف الفصائل اليسارية من البرجوازية الصغيرة كان لابد ان يمهد لنقلة نوعية فى نظرية الشيوعيين حول الديمقراطية وبالتالي لقفل اي فجوة لتسرب الفكر الانقلابي لداخل الحزب الشيوعي.
    وتجلى ذلك التحول في موقف الشيوعيين من قضية الديمقراطية والانقلابات العسكرية قبيل المصالحة الوطنية في عام 1977 عندما عقدت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي دورة خاصة لمناقشة قضايا ومهام السياسة الخارجية. فرغم ان الدورة كانت مخصصة لمناقشة الوضع الدولي فان ما طرحته من مفاهيم حول قضية الديمقراطية والتحالفات والاتقلابات العسكرية والتحولات الاجتماعية يمثل ثورة وثروة نظرية لايمكن تجاوزها والاستهانة بها عند التعامل مع تراث الحزب الشيوعي النظري والفكري. ان تلك الدورة قد حاولت وفي ظروف عصيبة من تاريخ السودان والحزب الشيوعي استخلاص تعميم نظري حول القضايا المشار اليها من تجربة السودان والمنطقة العربية والافريقية وبعض بلدان العالم، انها قدمت اسس نظرية للثورة الوطنية الديمقراطية مختلفة ومتطورة عن الطرح الذي كان يوجد في الادب الثوري العالمي والاقليمي سواء من وجهة نظر سوفيتية او صينية او كوبية او عربية او افريقية . وما يهمنا هنا ان تلك الدورة كانت خير تمهيد لما بعدها من طرح فيُ ُجبهة للديمقراطية وانقاذ الوطن’. فما هي اهم نتائج تلك الدورة؟
    اولا: الدورة تمثل قطيعة كاملة مع التغيير من اعلى، وبدون ان يكون ذلك التغيير نابعا من حركة منظمة لجماهير تتمتع بحقوقها الاساسية وتمارس كل حقوقها الديمقراطية، تقول الوثيقة الصادرة عن الدورة:
    "ان التجربة في العديد من البلدان تثبت ان الاصلاح الزراعي وتاميم المصارف والمصالح الاجنبية وبناء قطاع عام والاجراءات المماثلة تبقى مجرد تدابير فوقية بدون الديمقراطية - اي بدون ان تشارك الجماهير في الصراع من اجلها وانتزاعها وتثبيتها في صميم التركيب الجديد للمجتمع - ومن ثم يصبح سهلا سحبها من الجماهير بعد اي انقلاب مضاد، ولا تكون اساسا متينا لتمسك الجماهير بالثورة ودفاعها عنها وعن حياتها الجديدة""(أعمال اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، دورة يوليو 1977، الجزء الاول ص 66).
    وقد كان ذلك استخلاصا لدروس عدة ولعل اكثرها اهمية بالنسبة لنا في السودان وحركة اتحرر الوطني الافريقية والعربية هي تجربة الناصرية التي تمثلت اهم جوانب ضعفها في مصادرة الديمقراطية وفرض "دكتاتورية بعض شرائح البرجوازية الوطنية باسم تحالف قوى الشعب العامل" (ص 34) والذي ادى الى ان يتحول
    "ما حققه حكم عبد الناصر على صعيد الحرية الوطنية والاستقلال الاقتصادي والتطور الصناعي والاصلاح الزراعي - وهو انجاز ليس بالهين - يتحول امام اعيننا، او هو بسبيل التحول، الى "مجرد اصلاحات للجماهير"، بينما يلعب قطاع الدولة وغيره من الانجازات التقدمية "دورا مساعدا" في عملية "تحويل فترة الانتقال في اتجاه خلق مجتمع راسمالي""( صص 48-49).
    ثانيا:اوضحت الدورة دون اي لبس موقف الشيوعيين من قضية التحالف الوطني الديمقراطي وارتباط ذلك بقضية الديمقراطية نفسها. تقول الوثيقة
    "اولا ان التحالف داخل كل بلد وعلى النطاق العربي العام ينبغي ان يقوم على اساس برنامج محدد وملزم لكل اطرافه.
    "ثانيا ان التحالف يتعزز و يتطور عندما يقوم على الاستقلال الكامل لاطرافه والتشاور الديمقراطي بينها وتساويها في الحقوق والاعباء.
    "ثالثا ان التحالف ينبغي ان يقوم على التمسك الحازم بالحقوق والحريات الديمقراطية الاساسية للجماهير ورفض تبرير مصادرتها باسم الدفاع عن الثورة.
    "رابعا ان التحالف ينبغي الا ينحصر في الطلائع او يقتصر عليها مهما كان وزنها الجماهيري وقوتها العددية، بل يقوم على اساس طبقي وجماهيري، ركيزته المكينة تحالف العمال والمزارعين مجتذبا اليه صفوفه جماهير الجنود." (ص ص 45-46).
    وذهبت اللجنة المركزية الى اقتراح ان يكون ضمن برنامج وحدة القوى الوطنية والتقدمية " النضال من اجل الحقوق والحريات الديمقراطية - حرية التنظيم والعمل الحزبي والنقابي، وحرية التعبير بالكتابة والخطابة وغيرهما وحق الاضراب - والتضامن الفعال لمقاومة اضطهاد القوى الوطنية والتقدمية في اي قطرعربي"( ص 52). ووضع نفس الاقتراح امام حركة الطبقة العاملة الافريقية لكي "تناضل من اجل الحقوق والحريات الديمقراطية الاساسية وضد اضطهاد وقمع الوطنيين والديمقراطيين في بلدها واي بلد افريقي آخر" (ص 6 . واقترح على قادة الثورة الاثيوبية حينها:
    "بناء تحالف القوى الوطنية الديمقراطية حسبما تعبر تلك القوى عن نفسها في تنظيمات سياسية او نقابية او اجتماعية او قومية على اساس احترام استقلال تلك التنظيمات وتكافؤها والتشاور في ما بينها؛ وقيام سلطة ذلك التحالف من القمة الى القاعدة.
    "توفير الديمقراطية لكل القوى الثورية الاثيوبية، والتي تشمل في راينا الحزب الثوري لشعوب اثيوبيا، ووقف اقتتالها وانهاكها لبعضها وتشاورها من اجل التعاون والتلاحم ضد العدو المشترك.
    "الاعتراف بحق شعب ارتيريا - والقوميات الاخرى - في تقرير مصيرها بحرية، ووقف القتال ضد الثورة الارتيرية وعقد مؤتمر تحضره كل منظماتها مع السلطة الاثيوبية دون شروط مسبقة"(صص 66-67)
    ثالثا: اكدت الدورة من جديد رفض الشيوعيين للتكتيكات الانقلابية باعتبارها "تمثل بين القوى الوطنية الديمقراطية - مصالح البرجوازية الصغيرة لا مصالح الطبقة العاملة" وانه ليس امام الشيوعيين بديل للنشاط الجماهيري (ص 25) وانه في حالة حدوث اي انقلاب تقوده فصيلة ثورية فلا بد من نشر الديمقراطية لكي يتطور ذلك الانقلاب لعملية ثورية باعتبار ذلك شرطا اولا ورئيسيا (ص 27)
    رابعا: طرحت من جديد على اسس ديمقراطية مسالة قيادة الثورة الوطنية الديمقراطية بانها عملية تتم بالنشاط وسط الجماهير وباقناع الجماهير، واوضحت ان البرجوازية الوطنية والصغيرة عندما تستولى على السلطة "تبقي على جهاز الدولة القديم وتسخره لاقامة دكتاتوريتها على الاغلبية الساحقة من الشعب، وتفرض وصايتها بالقوانين المصادرة للديمقراطية والتنظيمات السياسية الفوقية على الحركة الشعبية وتجمد خطواتها وتعوق نهوضها"(ص 17)
    المصالحة الوطنية وجبهة للديمقراطية وانقاذ الوطن
    ولم يمض شهر واحد على اجتماع اللجنة المركزية في يوليو 1977 حتى عقدت اللجنة المركزية اجتماعا استثنائيا لمناقشة المصالحة بين نظام نميري والجبهة الوطنية وبعد مناقشة وتقييم الوضع الذي قاد للمصالحة، صدر بلاغ اللجنة المركزية ووثيقتها الشهيرة " الديمقراطية مفتاح الحل للازمة السياسية: جبهة للديمقراطية وانقاذ الوطن". ولقد بني انتقاد الشيوعيين للمصالحة على موقف المصالحة من الديمقراطية والقوانين والمؤسسات الدستورية التي تصادرها والتي لم يتعرض اتفاق المصالحة لالغائها و تصفيتها، موضحة ان اي مصالحة جادة وحقيقية لابد ان تبدا من الاعتراف بالحقوق الاساسية والديمقراطية الكاملة للجماهير واوضحت الوثيقة:
    "لن يكتب للسودان الاستقرار والتطور والازدهار الا بتطوير واستكمال الحقوق والحريات التي تحققت مع الاستقلال، وتبوء بالفشل كل محاولة للارتداد على تلك الحقوق والحريات والمكتسبات تحت شعار دستور اسلامي او دستور اشتراكي" (الديمقراطية مفتاح الحل: ص 22)
    ونادى الشيوعيون بقيام جبهة واسعة للديمقراطية وانقاذ الوطن تضع قضية الديمقراطية كمحور لبرنامجها، معلنة الموقف الاساسي للشيوعيين منها:
    "الحزب الشيوعي لا يطرح مبدا الديمقراطية لمكاسب تكتيكية مؤقتة. فهو في نضاله من اجل بناء وطني ديمقراطي يفتح الطريق للانتقال الى الاشتراكية، ينطلق اولا من تجربة الحياة السياسية في السودان بتقاليدها ومنجزاتها وعثراتها، وتطابق تلك التجربة مع المنطلق النظري والفلسفي الذي يهتدي به الحزب الشيوعي وهو ان النضال من اجل الاشتراكية مستحيل من غير النضال من اجل الديمقراطية"(الديمقراطية مفتاح الحل ص 25)
    "من هذا المنعطف الجديد، وعلى طريق بناء الجبهة الوطنية الديمقراطية من خلال العمل اليومي وعلى المدى البعيد والصبور، يدعو الحزب الشيوعي السوداني لمواصلة نشاط حركة المعارضة الشعبية لتتبلور في هذه الفترة ووفق متطلباتها في جبهة واسعة للديمقراطية وانقاذ الوطن، توحد الاحزاب والمنظمات والتيارات السياسية والاتجاهات الفكرية والشخصيات الوطنية في مواصلة النضال من اجل الديمقراطية والسيادة الوطنية والتقدم الاجتماعي والمصممة على متابعة النضال الجماهيري اليومي وتحمل مشاقه - بعيدا عن المؤامرات الانقلابية... لاستعادة الحقوق والحريات الديمقراطية، وحشد القوى بمسئولية وطول نفس لمعركة الانتفاضة الشعبية للاطاحة بالديكتاتورية العسكرية. واستعادة ارادة الشعب مقننة في دستور ديمقراطي علماني، يؤمن حرية التنظيم الحزبي والنقابي، وحق الاضراب، وحرية التعبير والعقيدة والضمير، وحرية النشر والصحافة، ويصون حقوق المواطن الاساسية من اي تغول من جانب الدولة"
    وهكذا شكلت وثيقة "جبهة للديمقراطية وانقاذ الوطن" امتدادا لتطور نظرية الشيوعيين للديمقراطية واصبح الخطاب الايدولجي والجماهيري حولها اكثر وضوحا، فمثلا جاء في بيان صادر من اللجنة المركزية "حول الوضع العربي الراهن":
    "تحتل قضية الديمقراطية مركزا اماميا في مهام حركتنا في الظروف الراهنة. فهي ليست فقط هدفا جوهريا لنضال الشعوب العربية، وانما تشكل مصادرتها السلاح الرئيسي الذي يستخدمه الحلف الامبريالي الرجعي لقمع اي مقاومة لمخططاته وتسوياته.
    "من هنا لابد من بناء حركة نشطة على امتداد الساحة العربية ترفض وتقاوم مصادرة الحقوق والحريات الديمقراطية في اي بلد عربي وتتضامن مع اية قوى وطنية وتقدمية تتعرض لاي اضطهاد، بحيث تصبح هذه الحركة عنصرا اساسيا لوحدة كل القوى الوطنية التقدمية ورافعة اساسية لنضالها وجزءا لا يتجزء من برنامجها" ( اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني، بيان حول الوضع العربي الراهن مارس 1978 ص ص 10-11)
    ومضى البيان الى الدعوة الى تنظيم حملات واسعة من اجل وقف سياسة الاعتقال واطلاق سراح المعتقلين في البلاد العربية. ولعل الجديد في البيان والذي يعتبر ترجمة حقيقية لنظرية الديمقراطية التي طرحت في دورة يوليو 1977 هو تناول البيان لقضية الديمقراطية في الانظمة الوطنية العربية حيث قال البيان
    "ومن راينا ان احترام الحقوق والحريات الديمقراطية يجب ان يكون ايضا النهج السائد في النظم الوطنية. فذلك ليس ضروريا فقط لاطلاق طاقات الجماهير الجبارة في التنمية وتطوير الانجازات التقدمية وحمايتها وحماية النظام الوطني، ومن ثم لجعل اشتراك تلك الجماهير في تحالف القوى الوطنية والتقدمية على امتداد الساحة اشتراكا بالاصالة لا ينوب عنها فيه حزب او تنظيم بالوكالة، وانما هو ضروري ايضا لالهام وتطوير الحركة الجماهيرية في البلدان العربية الاخرى والتي يؤثر فيها سلبا انعدام الديمقراطية في النظم الوطنية. ونحن نقصد الديمقراطية كنظام للحكم واصلاحات اجتماعبة جذرية وحقوق وحريات اساسية، وقبل كل شئ حرية تنظيم الاحزاب والنشاط السياسي والنقابي وحق الاضراب والتعبير والاصدار المتعدد للصحف"(المرجع السابق، ص 11، خطوط التركيز مني)
    ونلاحظ خلو هذه الصياغة من اي لبس حول ما هية الديمقراطية المقصودة وبالتالي القطيعة الكاملة مع نظرية الديمقراطية الجديدة برتوشها البرجوازية الصغيرة ووصايتها على الجماهير وتقييدها للحقوق الاساسية.
    انتفاضة مارس ابريل وقضية الديمقراطية
    وبادر الشيوعيون بطرح موقفهم من الديمقراطية معلنيين بلسان سكرتير اللجنة المركزية الأستاذ التجاني الطيب بعد ثلاث اسابيع فقط من انتصارالانتفاضة ان الشيوعيين مع الديمقراطية التعددية وحقوق الانسان وان ذلك سيكون طريق الشيوعيين للاشتراكية في السودان. ثم توالت الندوات والاحاديث الصحفية والاذاعية لقيادة الحزب وكانت في مجملها ناقدة للفكر الانقلابي وداعية لارساء ودعم اسس الديمقراطية في السودان.
    وعلى مستوى النشاط العملي والجماهيري، فقد اخذ الشيوعيون المبادرة في الممارسة الديمقراطية، في اعادة تنظيم الجماهير وتصفية الانتهازيين في الحركة الجماهيرية وعقد الندوات العامة والمقفولة واصدار صحيفة الميدان والكتابة في الصحف المستقلة والحديث للراديو والتلفزيون والاشتراك في الانتخابات العامة.
    ومن خلال تلاحم نظرية الديمقراطية عند الشيوعيين مع النشاط العملي والجماهيري وضح ان تاكتيك الشيوعيين يقوم على وحدة قوى الانتفاضة داخل وخارج البرلمان، وسط كل الجماهير بما في ذلك جماهير الاحزاب التقليدية، وان تلك الوحدة تتم حول برنامج للانتفاضة يهدف الى "تنفيذ ما لم ينفذ من ميثاق الانتفاضة، التقيد بميثاق الدفاع عن الديمقراطية، التقيد بميثاق المؤتمر الاقتصادي القومي، التحضير للمؤتمر الدستوري"( اللجنة المركزية دورة مايو ، 1986 ، ص 23)، كما وضع امام التجمع النقابي بشقيه مضاعفة الجهد لالغاء قوانين مايو النقابية وصدور قوانين ديمقراطية جديدة.
    وظل خطاب الحزب الجماهيري بعد الانتخابات يحاول ان يبث في جماهير قوى الانتفاضة الثقة بنفسها وبقدراتها بتنفيذ برنامجها من خلال النشاط داخل وخارج البرلمان. وخاضت قوى الانتفاضة معارك متعددة وصلت اعلى درجة لها في اتفاضة ديسمبر 1988 وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية في مارس 1989.
    ان انقلاب يونيو 1989 الذي نظمته الجبهة الاسلامية يقف دليلا واضحا حول صحة وجهة نظر الشيوعيين ان الديمقراطية هي المناخ الملائم لتطور الحركة الجماهيرية وان القوى المعادية لتطور الثورةالسودانية لاتحتمل تمتع الجماهير بالحقوق الاساسية والحريات العامة. ولكنه يوضح الوجه الاخر من العملية الديمقراطية وهو ان الجماهير لن تخرج طواعية للدفاع عن نظام لم يحقق لها مكاسب واضحة في حياتها اليومية، ولكنها سرعان ما تدرك ان اي انقلاب عسكري ليس مجرد اسقاط لنظام سياسي لا توافق عليه، انما اقامة لديكتاتورية تجردها من حقوقها السياسية ولا تصلح من احوالها الاقتصادية والمعيشية.


    (6)
    نحو صياغة متكاملة لنظرية الديمقراطية
    لعل اكثر صياغة متكاملة لنظرية الديمقراطية عند الشيوعيين السودانيين قد تم التعبير عنها من خلال مقابلة مجلة النهج مع الاستاذ محمد ابراهيم نقد السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني والتي اعيد نشرها في كتاب الاستاذ نقد ُقضايا الديمقراطية في السودان المتغيرات والتحديات’ ونحن اذ نقدم تلخيصا له لاغراض هذا البحث فذلك لايغني القارئ المهتم بالاطلاع على راي الاستاذ نقد كاملا من الرجوع للكتاب.
    لعل اهم نقطة في ذلك الحديث هو الموقف النظري من الديمقراطية الليبرالية، اذ اوضح نقد "ان الهجوم على الديمقراطية السياسية والدستور والتعددية الى اخر ما افرزته الثورات الجوازية، هذا الهجوم لم يكن دقيقا" (ص 13) فرغم المحدودية التاريخية للديمقراطية الليبرالية فان "اي تغيير اجتماعي نقدمه يجب اولا ان يحافظ ويدعم ويحمي ما اكتسبته الجماهير من حريات وحقوق اساسية وان يستكمل ذلك بالتغييرات الاجتماعية، الديمقراطية الاقتصادية، الديمقراطية الاجتماعية" (ص 14) وفرق نقد بوضوح بين انتقاد الماركسية من موقع الطبقة العاملة للمحدودية التاريخية للديمقراطية الليبرالية باعتبار عدم قدرتها عل حل القضية الاجتماعية ومنطلق لبرجوازية الصغيرة التي "تنتقص من الديمقراطية الليبرالية وتتحدث عن التغيير الاجتماعي، لكن في اطار مصادرة اساس الديمقراطية الذي انتزعته الجماهير بنضال مرير جدا، وبدلا من استكماله، تسعى لفرض دكتاتورية شريحة من البرجوازية الصغيرة تحت شعار انها تحقق العدالة الاجتماعية في مواجهة اليبرالية التي "عجزت" عن تحقيق العدالة الاجتماعية"(ص 14). ان هذا الموقف النظري الواضح يطور موقف ُالماركسية وقضايا الثورة السودانية’ المشار اليه في مكان اخر من هذه الورقة ويحل التناقض في ذلك الموقف بشكل ايجابي هو تطوير الديمقراطية الليبرالية واستكمالها بالثورة الاجتماعية.وقد اعتمد ذلك الموقف النظري الواضح على تجربة الشعب السوداني منذ الاستقلال ونضاله من اجل الديمقراطية والحقوق الاساسية واعلن بوضوح
    "اننا نقبل التحدي بالحفاظ على الديمقراطية الليبرالية والدفاع عنها. فقد ناضل شعبنا 16 عاما لاستعادة هذه الحريات، واي حديث عرضي عن ان هذه الحريات وهذه الديمقراطية لاتعني شيئا ولابد من المضي قدما لديمقراطية اخرى، فيه كثير من التقدير الخاطئ لتطور الثورة، وفيه استخفاف بما انجزه الشعب السوداني وضحى من اجله، وفيه نزعة لدكتاتورية شريحة اخرى من البرجوازية الصغيرة تسرق رصيد الانتفاضة وتسرق رصيد الجماهير من اجل التغيير وتفرض قيام انقلاب.."(ص 20)
    ولكن هذا لاينفي احد اهم استنتاجات المؤتمر الرابع ووثيقة ُالماركسية وقضايا الثورة السودانية، وهو "ان القوى اليمينية تحاول افراغ النظام البرلماني من اهم مقوماته - التعددية، حرية الراي، توزيع السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية. انها تضيق بالقضاء المستقل وتتغول على السلطة التشريعية تضيق بالحريات وتصدر القانون بعد الاخر للحد من هذه الحريات. هذا الوضع ادى الى ازمة."(ص 17)
    ولكن كيف تحل ازمة الديمقراطية؟ ويجيب الاستاذ نقد بان ذلك يتم باصلاح النظام الديمقراطي من خلال اربعة اجراءات تتعلق بوجود دستور ديمقراطي، لاتقيد القوانين الحقوق والحريات التي يكفلها، بحل مشكلة القوميات والحكم الذاتي والمحلي وعلاقتها بالدولة المركزية، وبتصفية الادارة الاهلية ونشر الديمقراطية في الادارة المحلية، وبقانون انتخابات:
    "يوزع الدوائر الجغرافية بحيث تنال مناطق الوعي عددا اكبر من الدوائر مع المحافظة على مبدا الديمقراطية الليبرالية في ان لكل مواطن صوتا واحدا. لكن ظروف السودان وتجاربه تقتضي تخصيص دوائر للقوى الحديثة: مثقفون، عمال..الخ.هذه القوى تحملت اعباء التغيير السياسي في معارك الاستقلال الوطني وفي ثورة اكتوبر 1964 وفي الانتفاضة، ووجودها في البرلمان يعطي البرلمان فعالية اكبر، الى جانب الدفاع عن مصالح هذه القوى من داخل البرلمان" (ص21)
    واقتراح الاستاذ نقد حول قانون الانتخابات يثير بعض الاشكالات على مستوى الدوائر الجغرافية فهو يريد دوائر اكثر لمناطق الوعي (مناطق الانتاج الحديث والمدن)، وعلى مستوى آخر فهو يريد تمثيل القوى الحديثة". وعلى المستويين فهو دعوة غير مباشرة لاستمرار هيمنة مناطق اواسط وشمال السودان على السلطة السياسية. ولقد ظل الشيوعيون ينظرون باعجاب لتجربة البرلمان الاول ( او ما عرف بقانون سوكومارسون اثناء فترة الحكم الذاتي) والذي اعطى وزنا اكبر لمناطق الوعي ووضع دوائر للخريجين. لقد كان ذلك ممكنا في وضع السودان في بداية الخمسينات، عندما كانت المناطق الاقل نموا تقبل نسبيا بقيادة اواسط السودان وشماله وعندما كانت الشعارات الوطنية تطغى على تطلعات هذه الاقاليم لاخذ نصيبها في السلطة والثروة (رغم ان ذلك قد ادى الى الحرب الاهلية الاولى في الجنوب)، ولا اعتقد ان ذلك ممكن الآن دون ان يؤدي الى شعور عارم بالظلم في هذه المناطق. وليس امام الحزب الشيوعي والقوى الحديثة سوى التوجه لجماهير هذه المناطق وتنظيمها ونشر الوعي بينها وطرح مسالة النمو غير المتوازي في البلاد كقضية اساسية وجوهرية في برنامج القوى الديمقراطية، ولا ارى ان الحلول القديمة تنفع الان. اما عن تمثيل القوى الحديثة (واضيف المراة) فلا سبيل الا بتمثيل على مستوى الوطن كله باعتبار انه تمثيل فئوي ومهني على نهج قانون جعفر بخيت الانتخابي، فقط في ظروف سيادة الديمقراطية والتعددية. وحجتي في ذلك لاتعتمد على مقولة القوى الحديثة ودورها الذي لا ينكر في التغيير السياسي وتحمل اعباء النضال لاني اعتقد ان منطق تلك المقولة يقود لفرض ديكتاتورية هذه القوى. حجتي مبنية على تمثيل الفئات والشرائح الطبقية المختلفة في البرلمان، اي ان المواطن السوداني يذهب الى صناديق الاقتراع كمواطن وكاحد افراد شرائح وفئات الطبقات الاجتماعية. اما نساء السودان فيذهبن الى جانب صفتيهن السابقتين كنوع نسبة للظروف التاريخية لاضطهاد المراة.
    ويحدث التغيير، وفقا لاطروحة الحزب الشيوعي التي يعبر عنها السكرتير العام في مقابلته الصحفية، عن طريق الانتفاضة الشعبية. وهذا تاكيد آخر لطريق النضال الديمقراطي الذي اختطته وثائق الحزب في مقابل رفضها لطريقي الانقلاب والحرب الاهلية. ان طريق الانتفاضة الشعبية يصلح وفقا لنقد لاسقاط الديكتاتوريات العسكرية وخلال النظام الديمقراطي لاصلاحه، لوقف الاعتداء على الديمقراطية ولاحداث التغيير الاجتماعي (ص 2 .

    خاتمة
    هذه االفصل استعرض بعض نضال الشيوعيين ومواقفهم في مقارنة ومقابلة لصياغاتهم النظرية لمسألة الديمقراطية، موضحا كيف تركت ظروف نشأة وتطور الحزب الشيوعي بصماتها على تطوره كحزب مناضل من اجل الديمقراطية وكيف ان تبنيه لنظرية الديمقراطية الجديدة قد خلق تناقضا بين النضال و النشاط العملي والنظرية. وان ذلك اصبح واضحا بعد انقلاب مايو مما دعا الحزب لاعمال الفكر في استخلاص نظرية منسجمة مع ما يناضل من اجله مستلهما تجربة السودان والمنطقة الافريقية والعربية وتجارب العالم. وحاول الفصل، رغم عدم توفر كل المواد التوثيقية، ان يرصد كيف تطور هذا الجهد حتى وصل الى صياغة واضحة عام 1977 والجهد الذي بذل بعد ذلك لتحويل هذه الصياغة النظرية لمادة برنامجية ودعائية تعبوية وسط الجماهير.
    ولعل خير خاتمة لهذه الفصل هو ما قاله نقد لمجلة النهج
    "نحن ساهمنا طبعا في الستينات في قضية "الديمقراطية الجديدة" والدفاع عن تجربة عبد الناصر بوجه الهجوم الرجعي الامبريالي باعتباره نظاما وطنيا طرح شعارات تقدمية وحقق بعض الاصلاحات. لكن لم ننتقد بالقدر الكافي السلبيات التي ادت الى تصفية التجربة نفسها. لذلك كان من السهل ان ياتي في بلد مثل السودان وفيه ثورة سابقة من اجل الحرية السياسية، من يطرح هذه الشعارات فتجد استجابة من الجماهير، ولا يرى الرجل العادي فرقا كبيرا بين ما كان يطرحه الحزب الشيوعي وبين ما يطرحه النميري. هذا خلل في معالجة الامور الايدولوجية كلفنا كثيرا، كلفنا انقساما داخل الحزب وكلفنا خسائر في الصراع العسكري مع السلطة، يجب ان ننتبه له في مستقبل حياتنا السياسية"

                  

08-13-2009, 08:38 PM

elsawi
<aelsawi
تاريخ التسجيل: 06-13-2003
مجموع المشاركات: 4340

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: elsawi)

    و ده موضوع للدكتور صدقي عن نظرية الثورة السودانية (1) تجاربنا في صياغة البديل تم نشره في الحوار المتمدن ويمكن يغنيك جداً عن قراءة كتابه "نظرية الثورة السودانية"

    Quote:
    أن "استخلاص" نظرية للثورة السودانية، وأي ثورة أخرى، يتم "من خلال إعمال المنهج الماركسي ونظرية المعرفة في الواقع من جهة ومن خلال النشاط الثوري وتلخيص التجربة واستخلاص نتائجها من جهة أخرى. وهذا يقود إلى القول بتاريخية النظرية وخصوصيتها، مما يجعل هناك دائما ضرورة للالتصاق بالواقع والشعب والعصر والمرحلة والفترة الثورية، أي أهمية نسبية الزمان والمكان والمجتمع في استخلاص نظرية للثورة، و هذا بالضبط ما يجعل كتابات ماركس وانجلز ولينين محدودة ونسبية وان أهم ما تحتويه هو منهجها، وذلك هو ما يجعل من الممكن الحديث عن ماركسية سوفيتية وأخرى سودانية؛ ولكن المهم هو أن نظرية الثورة السودانية تلك، أو أي ثورة أخرى، ليست هي تطبيق لنموذج عالمي واحد، مثل الماء الطهور، يصلح لكل زمان ومكان، وإنما هي خلاصة لإعمال الفكر والمنهج الجدلي في دراسة الواقع والنشاط الخلاق وسط الجماهير وتلخيص نتائجه واستخلاص عمومياته وخصوصياته، وهذه مسألة لا تتم بضربة لازب مرة واحدة، أوتتم فقط بجهد عباقرة ومفكرين يحبسون أنفسهم لدراسة الواقع دراسة أكاديمية موضوعية باردة، (رغم أهمية مثل تلك الدراسة) وإنما هي عملية (Process) تتم عبر التاريخ من خلال العلاقة بين التنظير والنشاط الخلاق (التجربة). وبالتالي لا يمكن البحث عن نظرية للثورة السودانية دون تحليل تجربة الشعب السوداني والفصائل الثورية السودانية عموما وتجربة الحزب الشيوعي السوداني وفقا للمنهج الجدلي المادي، أي بشكل نقدي وتاريخي وموضوعي، فنظرية الثورة السودانية ليست نبتا شيطانيا أو تكنولوجيا مستوردة، هي تنبع من تجربة الشعب ومنظماته وأحزابه ونقاباته، ومن خلال تحليل موضوعي للمجتمع السوداني بقبائله وطوائفه وطبقاته وأساليب إنتاجه الأساسية والملحقة والممفصلة، وعلاقاته الإقليمية والدولية، بل ومن خلال تفاعله مع المتغيرات الإقليمية والدولية وحركات الشعوب الأخرى. وهي فوق كل ذلك تراكم لجهد نظري كما هي تراكم للنشاط والنضال ولذا لا يمكن للشيوعيين السودانيين البحث عن نظرية جديدة للثورة السودانية دون دراسة تراثهم بالذات بشكل نقدي وقديما قال ماوتسي تونج، قبل أن تصيبه أمراض عبادة الفرد، "دع ألف زهرة تتفتح ألف مدرسة فكرية تتصارع وجدد الجديد من القديم"، وعند العرب فان المنبتة لا دربا قطع و لا ظهرا أبقى!
    نظرية الثورة السودانية تتشكل من التعميم النظري المصاغ من خلاصة تجربة الثورة السودانية في الظروف العالمية والإقليمية المحددة ومن التعميم النظري لدراسة متغيرات المجتمع السوداني والظروف الإقليمية والعالمية الجديدة ومن إبداع الفكر الثوري السوداني في صياغة التكتيكات والبرامج واكتشاف الإمكانات والقدرات لمختلف الطبقات والفئات الطبقية والإقليمية والاثنية، المنظمة وغير المنظمة. إن نظرية الثورة السودانية تتم صياغتها من خلال النشاط الخلاق للثوريين السودانيين من خلال العلاقة الجدلية بين التنظير والنشاط، بين دراسة الواقع الملموس واكتشاف سبل تغييره والعمل على تغييره. وبالتالي فإن نظرية الثورة السودانية هي نتاج و تلخيص وتجسيد ومرشد للصراع الطبقي في السودان بأشكال تجلياته المختلفة الاقتصادية والسياسية والثقافية والإثنية والقومية والوطنية. لهذا تصبح دراسة الطبقات في السودان ذات أهمية قصوى في صياغة نظرية الثورة السودانية والبرنامج الحزبي المصاغ تعبيرا عنها. ودراسة الطبقات مثلما هي دراسة كل الظواهر والمكونات الاجتماعية مسالة لا تتم مرة واحدة في تاريخ المجتمع المعين ثم ترفع الأقلام وتطوى الصحف، وإنما هي مسالة تاريخية ومستمرة، تاريخية لأن الظواهر هي تاريخها، ومستمرة لأن الطبقات تتغيير في حجمها وفي تركيبها الفئوي والإثني، في نصيبها من الثروة القومية وفي توزيع ذلك النصيب بين فئاتها، وفي مستوى وعيها بذاتها ودرجة تنظيمها، في طاقاتها الثورية واتجاهاتها المحافظة، في موقعها من الخارطة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وموقع فئاتها في قيادتها بالذات. وكل ذلك يجعل هناك فرقا كبيرا بين التخطيط المفهومي المجرد لوجود طبقات في المجتمع السوداني وبين دراسة هذه الطبقات كواقع، كمحدد، ككل، كمحدد يكتسي لحما وشحما اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا وقوميا وإثنيا وفئويا. كما أن هناك فرقا واضحا بين دراسة الطبقات في كل فترة تاريخية وفي كل منعرج ثوري. لذا يحاول هذا المقال دراسة الطبقات في فصله الثالث.
    ولا يمكن بأي حال من الأحوال استخلاص نظرية للثورة السودانية، دون دراسة الحركة الثورية السودانية وتجاربها. واهم تجارب هذه الحركة هي نضالها من اجل الديمقراطية والتغيير الاجتماعي والسياسي وتطور نظريتها حول الديمقراطية وتجاربها في صياغة البديل السياسي والاجتماعي. لهذا يعطي هذا المقال أهمية قصوى لنضال الشيوعيين السودانيين من اجل الديمقراطية ويحاول أن يبني حول موقفهم منها برنامجا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، ذلك أن طبيعة المرحلة الثورية التي يمر بها السودان الآن ما زالت هي الثورة الوطنية الديمقراطية التي تهدف لبناء سودان ديمقراطي ذي اقتصاد زراعي صناعي حديث يلبي احتياجات أهل السودان ويفتح أمامهم إمكانية التحول الديمقراطي نحو مجتمع اشتراكي.
    وكذلك يعطي المقال حيزا لدراسة مسألة البديل على مستوى صياغتها النضالية الملموسة كنشاط سياسي واجه أنظمة سياسية محددة وناقش برامج وسياسات لقوى اجتماعية تسيطر على جهاز الدولة وكان مطالبا بتنظيم الجماهير حول برامج عملية ممكنة تقود لبديل تاريخي ممكن يتيح للجماهير مزيد من الديمقراطية والحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية ويحقق لها مكاسب فيما يتعلق بقضاياها المعيشية والتعليمية والثقافية والصحية الخ.
    ولكننا نواجه مهام هذه الثورة في ظروف جديدة يمكن ببساطة إن نقول أنها فترة جديدة، تحتاج لبرنامج جديد وأشكال عمل متطورة، وهذه الظروف لا تتسم فقط بالمتغيرات العالمية الناتجة عن انهيار التجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي وجمهوريات شرق أوربا، وتطور الرأسمالية العالمية في مرحلة جديدة عليا من تطور الإمبريالية، إنما تتسم بالمتغيرات التي تحدث في السودان ومنطقة القرن الأفريقي والبحيرات والمنطقة العربية.
    إن المتغيرات التي حدثت في السودان منذ المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي في 1967 هي متغيرات كبيرة وعميقة وكان لا بد أن تترك أثرها على برنامج الشيوعيين السودانيين وتكتيكاتهم، خاصة إذا وضعنا في الاعتبار أن الحزب الشيوعي لم يكن منغلقا ولا جامدا منذ المؤتمر الرابع، بل كان في قلب الأحداث التي أدت إلى هذه المتغيرات وكان يدرسها ويحللها ويتخذ حولها المواقف ويساهم في أحداث بعضها والصراع ضد البعض الآخر، أي انه لم يكف عن التنظير والنضال معا ولكن هذا لا يعني أننا ندعو فقط لتجميع ما أنتجناه خلال هذه الفترة وتلخيصه لكي تكون لدينا نظرية متكاملة للثورة السودانية، فكم كانت الأمور ستكون سهلة لو أن الأمر كذلك، ولكن في نفس الوقت لا يمكننا أن نهمل أو أن نتجاهل تلك التجارب وما توصلنا إليه من نتائج، صحيح نحن نحتاج لإخضاعها للتقييم النقدي، ولكنها الأساس الذي ننطلق منه، وهنا بالضبط مربط الفرس حيث يساعدنا الديالكتيك كمنهج للبحث العلمي ولأدراك الواقع. نحن لا نرقع بالإضافة أو الحذف فإضافة عنصر جديد قد يؤدي لمتغيرات تتعدى الإضافة الحسابية.
    ذلك أن صياغة البديل تتطلب فهما موضوعيا لحركة المجتمع السوداني - أي للصراع الاجتماعي في السودان بتجلياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية دون الوقوع في شرك التفكير الميكانيكي أو الاقتصادي الذي يعيد كل الظواهر الاجتماعية والسياسية لأصول اقتصادية بحتة، إذ انه رغم أهمية الأصول الاقتصادية هذه فلا بد من اخذ مسالة الاستقلال النسبي لبعض الظواهر وللآثار الأيديولوجية والثقافية في الاعتبار.
    إن عملية الفهم الموضوعي تتسم ايضا بأنها عملية تاريخية غير جامدة (لااستاتيكية) لان الواقع الموضوعي يتغير باستمرار، ولكنه لا يتغير في خط مستقيم، فهناك الانقطاع بشكليه "الردة والقفزة"، وذلك في اللغة الحزبية يتطلب التكتيك المناسب: دفاعي أم هجومي، وفي التحليل السياسي والاجتماعي يتطلب رؤية واضحة للمستمر والمؤقت، للنهوض والتراجع، للعام والخاص؛ فانتقال الحكم في السودان بين مدني وعسكري يشمل عناصر عامة وأخرى خاصة، حالات للنهوض والتراجع، عناصر استمرارية وعناصر مؤقتة، والفترات الديمقراطية في السودان ليست متطابقة ولا يمكن اختزالها بأنها حكم الطائفية، فالتطابق بين الفترات التاريخية مستحيل، رغم وجود الاستمرارية في بعض العناصر والسمات، والتشابه similarity لا يرقى في التشكيلات الاجتماعية الاقتصادية لان يكون تطابقا identical.
    الطبقة العاملة السودانية، مثلا، تغيرت كميا زاد حجمها، اختلفت تركيبتها (الأصول الإقليمية والقبلية والاجتماعية، التعليم، عدد العاملين في المؤسسة الواحدة، نوع المؤسسات:إنتاجية وخدمية...الخ)؛ فلم تعد الطبقة العاملة السودانية هي عمال السكك الحديدية وقطاع الخدمات، بل أصبحت هناك صناعات محلية، ورغم ذلك استمرت الأهمية النسبية للعاملين في السكك الحديدية مع أن السكك الحديدية لم تعد وسيلة المواصلات الحديثة الوحيدة في البلاد فقد نشأت الطرق البرية وشركات النقل البري.
    الرأسمالية السودانية هي الأخرى، زاد حجمها وتعددت فئاتها، أصبحت الفئات الزراعية والصناعية فيها تتطلع لدور اكبر في الحياة السياسية يساوي دورها في الاقتصاد؛ التراكم الرأسمالي منذ نهاية السبعينات أعطى دفعات لرأسمالية جديدة: جديدة كأفراد وجديدة في مصادر تراكمها ومجالات استثمارها، المصارف، سوق العملة والنقل البري. ووجود الرأسمالية السودانية في الأحزاب لم يعد مختصرا على حزب الأمة والاتحادي، بل شمل الجبهة الإسلامية والتي كانت حتى منتصف السبعينات مكونة من عناصر البرجوازية الصغيرة المتعلمة!
    وحركة المزارعين وقعت من جديد تحت نفوذ الفئات الرأسمالية خاصة في مشروع الجزيرة، وحقق التوجه الرأسمالي في الزراعة انتصارات في مجال علاقات الإنتاج ولكنه أدى أيضا في ظروف التمفصل الجامد لتشكيلة الاقتصادية الرأسمالية النامية والتشكيلات الاقتصادية السابقة لها, لتدهور في الإنتاج الزراعي واهدار للموارد الطبيعية.
    توسع جهاز الدولة وتضاعف عدد العاملين به عدة مرات، بينما ضعفت الدولة نفسها وانهارت امكانياتها المالية وهيبتها، ولم تعد تحتكر ادوات العنف في البلاد وظهرت المليشيات القبلية والحزبية...الخ.
    ونتناول في تفصيل هذه المتغيرات في البناء الطبقي في مقال قادم.
    والاحزاب نفسها حدثت بها متغيرات، فالصراع داخل حزب الأمة ياخذ اشكالا جديدة: اولاد البحر واولاد الغرب، أو ممثلي برجوازية اواسط السودان المهيمنة على الدولة والاقتصاد، وممثلي برجوازية المناطق الأقل تطورا والتي تريد نصيبا في السلطة والثروة؛ (لاحظ اختلاف ذلك عن الصراع بين عبد الله خليل وصديق المهدي ومحمد احمد محجوب 56-1958 ، وبين الصادق والهادي المهدي ومحمد احمد محجوب 65-1969).
    والاتحاديون توجد تغيرات في وسطهم، عودة الهيمنة الطائفية ونشوء صراع ضد هذه الهيمنة (تيارات الشريف الهندي وابو حريرة) واضطرار فئات وقفت ضد هذه الهيمنة للعودة من جديد لظلها.
    وحزبنا نفسه يواجه متغيرات، فلم نعد على قيادة منظمات الطبقة العاملة النقابية، ولم نعد الحزب الاكثر نفوذا وسط حركة المثقفين، وانحسر نفوذنا وسط المزارعين، ولكن في نفس الوقت تحسن البناء الحزبي وزاد كميا الكادر المتخصص وتعددت إسهاماته.
    وظهرت قوى اخرى وسط المثقفين، وسط الطلاب، قوى سياسية في الجنوب وقوى اقليمية اخرى؛ لذا يصبح الاختزال تعميماً لا ينفع، ويصبح بناء النماذج الذهنية بعيدا عن الواقع الموضوعي المركب عودة للاحلام والرغبات الذاتية والتي تنتهي دائما بالتذمر الفردي المنعزل والذي لا يصب في مجرى نضال الجماهير، ولا يعني هذا باي حال اننا لا نحتاج للمرشد النظري ولا للخيال والابداع الثوري ولكننا نريد لهما الارتباط بالفعل النضالي لاعادة صياغة الواقع من خلال ادراكه وبالتالي امتلاك الحرية الحقيقية في اعادة صياغته مع الجماهير وبواسطتها.
    ولعل اهم خلاصة لما قلناه ان الصراع الطبقي يتقاطع في السودان مع التكوينات الاقليمية والاثنية والقبلية والطائفية، فالطبقات في السودان، كما سنوضح في فصل لاحق، لم تتشكل في لحظة تاريخية واحدة يتم حشدها بعد ذلك في معسكرات واحزاب تحارب بعضها البعض، وانما تتشكل في عملية تاريخية يتم خلالها فرزها من التكوينات الاجتماعية السابقة، ولا تدرك مصالحها الموضوعية بمجرد حسها الطبقي وانما باكتسابها الوعي بذاتها وهذه عملية تاريخية اخرى تعتمد على انتشار الوعي والمعرفة واساليب التنظيم الحديثة، أي انها تعتمد على الوعي المنظم الذي يحولها من طبقات في ذاتها لطبقات لذاتها.
    وهكذا فان عملية صياغة البديل ليست عملية جامدة تتم مرة واحدة بشكل هندسي وتفصيلي، وتوضع في الرف تنتظر التنفيذ، انما هي عملية متغيرة يتعدل النموذج الفكري والبرنامجي فيها وفقا لتطورات الواقع الموضوعي، وتوازن القوى الاجتماعية المتصارعة والمتحالفة معا.
    ويمكن ببساطة ان نقول ان ما قلناه عن صياغة البديل هو صحيح تماما عن صياغة نظرية الثورة السودانية وبرنامج الحزب في الظروف الجديدة. ويحاول هذا المقال بقدر ما أتاحه لنا توفر المعلومات في المنفى، ان يرصد بعض تلك المتغيرات. لهذا يخصص هذا المقال فصلا للمتغيرات في التركيب الطبقي للمجتمع السوداني.
    تجاربنا في صياغة البديل
    من سبتمبر 1971 إلى دورة اللجنة المركزية في مايو 1973
    واذا حاولنا ان نستفيد من تجربة حزبنا والحركة الجماهيرية في صياغة البديل خلال نضالها ضد ديكتاتورية مايو 1969-1985، واضعين في الاعتبار اختلاف الظروف الذاتية (الحزب والحركة الجماهيرية) والموضوعية (المتغيرات في المجتمع السوداني وطبيعة سلطة يونيو1989)، فاننا نلاحظ ان الحزب قد بدا بعد الردة في 22 يوليو 1971 بطرح البديل الاستراتيجي " النضال في سبيل سلطة وطنية ديمقراطية ونظام وطني ديمقراطي، ما زال هو الشعار الاساسي الذي يحكم نشاطنا ويتجاوب مع ظروف شعبنا الموضوعية والذاتية" (دورة سبتمبر نوفمبر 1971)، "وتوحيد الجماهير في جبهة وطنية ديمقراطية ما زال تكتيكنا الاساسي"(ص 21 المرجع السابق)
    واستمر هذا الطرح في دورة يونيو 1972 (كتاب الدورات ص 32) وكذلك في دورة مايو 1973 عندما وضعت اللجنة المركزية امام عضوية الحزب مهمة "طرح الاهداف والشعارات الاساسية للعمل الثوري بين الجماهير ونوضح القضايا الاساسية لبرنامجنا الوطني الديمقراطي وطبيعة السلطة التي تنفذه بعد انتصار قواتها. بهذا يتم التمايز الطبقي والفكري ونسهل على الجماهير رؤية مستقبل نضالها"(ص 84 كتاب الدورات) وتقول نفس الدورة
    "لن نمل من تكرار ما يعتبر بديهيات رغم ما تطلقه دوائر السلطة أو المنقسمين الانتهازيين أو الدوائر المعارضة اليمينية، ورغم تقديرنا وادراكنا لدوافع الجماهير الاصيلة للانعتاق من هذه السلطة، فلا حل ولا مخرج سوى تنظيم الجماهير الثورية وادخال الوعي الطبقي في صفوفها وتفجير طاقاتها، وبناء قواعد الجبهة الوطنية الديمقراطية و"السايقة واصلة" كما يقول المثل الشعبي" (ص 85)
    ولكن طوال هذه الفترة (سبتمبر/ نوفمبر 1971 - مايو 1973)، كان طرح هذا البديل الاستراتيجي كأفق للحركة الجماهيرية، يرتبط بموجهات عملية للبناء الحزبي وبناء الحركة النقابية والديمقراطية والاقتراب اليومي من القضايا الملحة للجماهير باعتبار ان ذلك هو الطريق الصعب والطويل لانجاز هذا البديل الاستراتيجي.
    بدأت هذه الموجهات العملية من " الواجب الاساسي هو وجود مركز الحزب القائد وتأمينه واستقراره. يتبع هذا تجميع المراكز القائدة للمناطق والطلبة وميادين النشاط الاخرى وخلق الصلة بينها وبين مركز الحزب"(دورة سبتمبر/ نوفمبر 1971، كتاب الدورات ص 22) إلى موجهات عامة حول "تجميع القوى الديمقراطية في حركة الطبقة العاملة، ونقابات المعلمين والموظفين، حركة الشباب، حركة الطلاب"(ص ص 23-24) وتكررت نفس الواجبات في دورة يوليو 1972 بشكل اكثر تحديدا ولكن الواجب الاساسي ظل هو "السير خطوة خطوة في تجميع و (تكريب) قواعد الحزب الشيوعي بتامين كادره واستقرار قيادته وهيئاته القائدة في المركز والمناطق والفروع، وبناء ادوات العمل السري..الخ"(ص33) وان يرتبط ذلك "خطوة خطوة... بتوسيع دائرة حركتنا بين جماهير الطبقة العاملة والحركة الديمقراطية" (ص 33), و تحديد طبيعة تكتيكات الحزب ك"تكتيكات دفاعية" وفقا للظروف الموضوعية "توازن القوى في البلاد لصالح قوى الردة وللثورة المضادة، وتحيط بالسودان عربيا وافريقيا قوى معادية للثورة الديمقراطية السودانية"(نفس المرجع، ص 33) وما تفرضه تلك التكتيكات من "الأساليب الملائمة دون تعجل أو استسلام لروح القلق البرجوازي الصغير الطاغي وتعجل دخول معارك لم تكتمل شروطها.." ورغم ملاحظة دورة يوليو ل"تعاظم السخط الجماهيري" فانها تنبه ان هذا السخط والعزوف لم يتحول بعد إلى حركة منظمة" وان ذلك هو واجب "ينتظر الحزب الشيوع السوداني، واجب تنظيمه-أي السخط وسط الجماهير- وادخال الوعي والوضوح في صفوفه وتحويله إلى حركة نضال منظم". وتكررت نفس الواجبات والمهام في دورة مايو 1973 ولكنها كانت دائما تكتسب مزيد من الوضوح والتحديد. و يمكن ملاحظة ان طرح البديل الاستراتيجي حتى دورة مايو 1973، كان يبدو وكأنما هو البديل الوحيد المطروح للحركة الثورية، أي كأنما نواجه طريقا لا محطات فيه سوى المحطة الاخيرة: الثورة الوطنية الديمقراطية. ورغم هذا كان واضحا ان ذلك الطريق طويل وشاق ويتم تعبئة الجماهير له من خلال طرح قضاياها ومن خلال النضال ضد الديكتاتورية ومن اجل الحريات والمطالب الاقتصادية للعاملين.
    انتفاضة اغسطس 1973 تفجر قضية البديل
    وكانت انتفاضة اغسطس (شعبان) 1973، منعرجاً هاماً في تطور الحركة الجماهيرية: فهي اول حركة جماهيرية معارضة بعد ردة 22 يوليو ، اول مظاهرات واسعة واول اضرابات عامة! لقد كسرت حاجز الصمت والترقب. ولكنها طرحت السؤال: ما البديل؟
    والسؤال كما قلنا في مقدمة هذه الورقة كان يطرح من الجماهير كما كان يطرح من السلطة واعوانها الانقساميين والأخوان الجمهوريين. ولقد تجاوز بيان الجنة المركزية للحزب الشيوعي في اغسطس 1973 "لتتحد قوى المعارضة الشعبية" ذلك السؤال بطرحه مباشرة قضية وحدة قوى المعارضة الشعبية حول شعارات اساسية:
    * ضد قانون امن الدولة
    * توقف التشريد وارجاع المفصولين
    * ضد الغلاء والسياسة الاقتصادية
    * لتحرير النقابات والاتحادات من سيطرة الدولة
    * لإطلاق سراح السجناء السياسيين
    واوضح ذلك البيان ان سبيل الحركة الشعبية لتحقيق هذه المطالب هو البرقيات، المذكرات، عرائض الاحتجاج، الوفود الشعبية، المواكب والاضرابات. وتوجهت سكرتارية اللجنة المركزية بنداء إلى كل منظمات واعضاء الحزب ومؤيديه والقادة النقابيين وكل القوى في الشمال والجنوب:
    "واجب الساعة الذي لا يتقدمه واجب امام كافة الشيوعيين والتقدميين، استنفار صفوف الطبقة العاملة والجماهير الشعبية وتنظيم صفوفها والسير بجسارة واقدام الثوار في طليعتها لتوسيع حركة المواكب والمظاهرات واستمرارها تحت الشعارات والاهداف الوطنية الديمقراطية الواضحة القاطعة لتبديد جو الغموض والترقب الذي تنشره دوائر المعارضة اليمينية والمتاجرين بسخط الشعب" (بيان سكرتارية الجنة المركزية- 30 اغسطس 1973)
    وتناولت اللجنة المركزية في دورة يناير 1974 انتفاضة اغسطس وقضية البديل. وبدأت بانتقاد الذين يطرحون مسالة البديل لاخافة الحركة الثورية والشيوعيين بان البديل لمايو هو الاحزاب الرجعية موضحة ان هؤلاء يريدون الحفاظ على بقاء السلطة الحالية وما حققته لهذه الجماعات من مكاسب شخصية وان "الحركة الثورية ما عاد يشغلها" ان ذهاب هذه السلطة "معناه عودة تحالف الاحزاب الرجعية التي سوف تنتقم من الحركة الثورية وتدخل البلاد في حمامات دم جديدة"( ص )4 واوضحت الجنة المركزية بحزم ان الحركة الثورية السودانية
    "قد وصلت مستوى من النضج والقدرة على الصمود فى وجه حمامات الدم، وفر لها تصميمها على مواجهة كل اعدائها الان وفي المستقبل، وتصميما على السير في طريق ثورتها الوطنية الديمقراطية. واقتنعت الحركة الثورية ايضا ان بقاء هذه السلطة يشكل اكبر عقبة في طريق الثورة الاجتماعية، وان ازالتها ستفتح الطريق لتطور الثورة الديمقراطية بهذا القدر أو ذاك"(نفس المرجع ، خطوط التركيز مني)
    واوضحت اللجنة المركزية قضية هامة اخرى
    " فما عاد من الممكن في ظروف توازن القوى الحالي وتجارب الحكم منذ الاستقلال، تجاهل وزن الحركة الثورية التقدمية، وعلاقتها بهذه الدرجة أو تلك بالحكم" (نفس المرجع، ص 4)
    وتناولت اللجنة المركزية مسالة البديل كما تطرحها جماهير حريصة على التمايز بين الحزب والحركة الثورية والمعارضة اليمينية الممثلة في الجبهة الوطنية حينها فاوضحت ان الحزب ليس طرفا في الجبهة الوطنية "ليس ذلك نتيجة ترفع أو انغلاق طائفي انعزالي، بل لان البرامج مختلفة، والمصلح الطبقية متباينة متعارضة، وبالتالي مختلفة ايضا التصورات عن المستقبل والاهداف البعيدة."(المرجع السابق ص 5)
    وانتقدت اللجنة المركزية برنامج الجبهة الوطنية الذي يهدف للاحتفاظ بنظام مايو مع تغيير قيادته واوردت مقارنة بين ذلك البرنامج وميثاق اكتوبر واوضحت انهم يتمسكون بالدستور الاسلامي والجمهورية الرئاسية وسياسة العداء للشيوعية والسير في طريق التطور الرأسمالي. وبالتالي لا يمكن ان تطرح المسالة كأنما هي "الخيار بين ديكتاتورية سلطة الردة الحالية أو ديكتاتورية سلطة الاحزاب اليمينية ودوائر اليمين العسكري"(ص 6).
    وامام هذا امسكت اللجنة المركزية بخيط جدل البديل:
    "البديل تبدأ صياغته اليوم قبل الغد. بديل المستقبل يتبلور في نضال الجماهير. الاهداف والشعارات والمطالب الوطنية الديمقراطية التي تطرحها الجماهير اليوم للنشاط السياسي والجماهيري اليومي هي التي تحدد البديل في المستقبل"(ص 7)
    وانتقدت اللجنة المركزية اقسام من البرجوازية الصغيرة الديمقراطية "التي تظل بعيدة وبطيئة الحركة في هذه الظروف"، وفي نفس الوقت "تميل للجدل المطول عن البديل تعويضا عن كسلها في النشاط وفي العمل، وتكاد تطلب من الحزب الشيوعي والحركة الثورية تقديم ضمانات قاطعة لنجاح كل المعارك، أو فلما تسجيليا لتفاصيل لوحة البديل"(ص6). كما أن "هناك المجموعات المسحوقة من البرجوازية الصغيرة الديمقراطية بين صغار التجار والحرفيين والموظفين وصغار المزارعين في المناطق الحديثة، وفي اوساط الجيش والمشردين وهي تريد حلا سريعا ناجزا ولا صبر لديها على"المطاولات"، تريد الخلاص والسلام! انها لا تطلب في سؤالها عن البديل سوى شكل الحكومة القادمة وكأن كل شئ قد اعد للاطاحة بالسلطة الحالية ولم يبق سوى شكل الحكومة الجديدة" (ص 8 خطوط التركيز مني) وامام كل ذلك فان اللجنة المركزية طرحت العملي والممكن في "حدود قدراتنا ومستوى تقدم الحركة الشعبية"(ص 10)
    وطرحت دورة يناير 1974 قضية قيادة الحركة الجماهيرية واوضحت ان هذه المسالة تحسم وسط الجماهير في العمل اليومي "فقضية القيادة لا تنحصر فقط في مستوى قيادة الدولة، بل تعتمد في الاساس على قيادة النضال اليومي للجماهير وتحمل مشاقه في ظروف الردة والتراجع والبطش والارهاب" (ص14). كما طرحت الدورة مجددا ان الاضراب السياسي هو الاداة للاطاحة بديكتاتورية مايو.
    ولعل اهم ما جاء في تلك الوثيقة هو محاولة استقراء احتمالات المستقبل، اذ تقول
    "قد تسقط السلطة الحالية قبل اكتمال نضج الأزمة الثورية أو خلالها، وتصل إلى الحكم هذه الفئة أو تلك من معسكر اليمين، وقد ينجح انقلاب عسكري لمغامرين أو محافظين، وقد تفرض دوائر الاستعمار والرجعية العربية الافريقية صيغة مصالحة بين دوائر اليمين في الحكومة وقسم من المعارضة كجزء من عمليات التسوية في المنطقة العربية كما فعلت في الجنوب، وقد تواصل المعارضة الشعبية انفجاراتها وتقود إلى تعديل في تركيب السلطة، أو قيام حكم مؤقت، أو غير ذلك من الاحتمالات الواردة في الافق السياسي"
    وازاء هذه الاحتمالات
    "وفي كل حالة لا يجوز للحزب الشيوعي ان يستبق الاحداث أو يلائم ويوفق، بل يبني موقفه بما يوسع من امكانيات تطور الحركة الثورية، واستعادة حقوقها الاساسية، ويحدد اساليب النضال والشعارات لمواصلة النضال الوطني الديمقراطي من اجل سلطة وطنية ديمقراطية"( ص 12).
    لقد فتحت انتفاضة اغسطس (شعبان) 1973 امكانيات جديدة لمحطات يمكن ان يمر بها النضال الوطني الديمقراطي.
    5 سبتمبر و2 يوليو وإفلاس المعارضة اليمينية
    بينما توجه الشيوعيون لبناء حزبهم واعادة بناء المنظمات الديمقراطية وسط العمال والمزارعين والطلاب، وبينما خاضوا وسط الجماهير وفي قيادتها معارك متواصلة بعد اغسطس 1973 (معركة اتحادات الثانويات في ديسمبر 1973، اعتصامات واضرابات العمال في المنطقة الصناعية ببحري كمصنع الادوات المنزلية، مصنع النسيج السوداني وشركة الخرطوم للغزل والنسيج ... الخ) والتي تطورت حتى وصلت انتفاضات المدن في سنجة وسنار التي قيمتها اللجنة المركزية في دورتها في يونيو 1975 :
    "قدمت مدينتا سنار وسنجة على التوالي شواهد جديدة مفيدة للحركة الثورية التي تتجه نحو الانتفاضة. فلم يحدث خلال سنوات الديكتاتورية الاولى وخلال فترة التحضير للاضراب السياسي، ان تطورت المعارك الجماهيرية إلى اضراب سياسي عام وصدام عنيف في قطاع كامل من الجماهير، أو مدينة تضم مختلف القطاعات، حتى تفجر في اكتوبر على النطاق الوطني. استمدت مدينة سنجة الهامها من تجربة اكتوبر، هذا واضح. ولكن تتميز وتنفرد بأنها طرحت امكانية بان يتفجر اضراب سياسي عام تحت ظل هذه السلطة في مدينة من المدن أو قطاع شامل من الجماهير أو حتى مديرية من المديريات.
    " وهذا شكل ارقى في التحضير للانتفاضة الشعبية ... "(دورة يونيو 1975 "قضايا ومشاكل العمل القيادي" ص 27)
    وبينما يحدث هذا، كانت الجبهة الوطنية تحضر لانقلابها العسكري في 5 سبتمبر 1975- التكتيك الانقلابي لليمين كان يهدف للاطاحة بالسلطة دون تطور حركة جماهيرية وشعبية ديمقراطية تفرض تغييرات ديمقراطية في البلاد، اليمين كان يخشى اكتوبر اخرى يفلت فيها زمام الجماهير من قبضة يده!
    وبفشل انقلاب 5 سبتمبر بدأ التحضير ل 2 يوليو والتي واجهت نفس المصير وادخلت اليمين والسلطة معا في ازمة جديدة: اليمين لفقده لاخر كروته العسكرية والسلطة لادراكها لهشاشة امنها وقدرتها على حماية نفسها. وكما قال بيان سكرتارية اللجنة المركزية في يوليو 1976 "وضعت محاولة الانقلاب حدا لتبجح سلطة السفاح نميري وكل اجهزتها، انها القادر المقتدر الكاشف لحجب الغيب، الراصد حركة الافلاك ودبيب النمل"(ص 2) واوضح بيان السكرتارية المركزية ان 2 يوليو انهت بحق "فترة قائمة بذاتها في مسار مقاومة تسلط السفاح نميري وزمرته" فترة "عاشت الجماهير خلالها قلقا وضجرا في انتظار الضربة السحرية القاضية التي وعدت قيادة احزاب الجبهة الوطنية لانقاذ الشعب، ونيابة عنه من الديكتاتورية العسكرية"(ص 2) ويمضي البيان فيقول
    "ان الاطاحة بسلطة السفاح نميري ليست رابع المستحيلات لكن انتظار الانقلاب، مهما كانت قدراته العسكرية داخل الجيش وخارجه يهدر طاقة المعارضة ويدخل بها في طريق مسدود"(ص 2)
    وكان ذلك الطريق المسدود هو الذي قاد المعارضة اليمينية للمصالحة مع نظام نميري في عام 1977.
    جبهة للديمقراطية وانقاذ الوطن
    وفي مواجهة المصالحة الوطنية بين النظام والمعارضة اليمينية، طور الحزب شعاره من "وحدة قوى المعارضة الشعبية" إلى "جبهة للديمقراطية وانقاذ الوطن" معلنا ان الديمقراطية هي مفتاح الحل للازمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها البلاد
    "لن يكتب للسودان الاستقرار والتطور والازدهار الا بتطوير واستكمال الحقوق والحريات التي تحققت مع الاستقلال، وتبوء كل محاولة للارتداد على تلك الحقوق والحريات والمكتسبات تحت شعار دستور اسلامي أو دستور اشتراكي" (الديمقراطية مفتاح الحل: ص 22)
    وبعد تحليل عميق لازمة السلطة وازمة المعارضة اليمينية توجهت اللجنة المركزية
    "من هذا المنعطف الجديد، وعلى طريق بناء الجبهة الوطنية الديمقراطية من خلال العمل اليومي وعلى المدى البعيد والصبور، يدعو الحزب الشيوعي السوداني لمواصلة نشاط حركة المعارضة الشعبية لتتبلور في هذه الفترة ووفق متطلباتها في جبهة واسعة للديمقراطية وانقاذ الوطن، توحد الاحزاب والمنظمات والتيارات السياسية والاتجاهات الفكرية والشخصيات الوطنية في مواصلة النضال من اجل الديمقراطية والسيادة الوطنية والتقدم الاجتماعي والمصممة على متابعة النضال الجماهيري اليومي وتحمل مشاقه - بعيدا عن المؤامرات الانقلابية... لاستعادة الحقوق والحريات الديمقراطية، وحشد القوى بمسئولية وطول نفس لمعركة الانتفاضة الشعبية للاطاحة بالديكتاتورية العسكرية، واستعادة ارادة الشعب مقننة في دستور ديمقراطي علماني، يؤمن حرية التنظيم الحزبي والنقابي، وحق الاضراب، وحرية التعبير والعقيدة والضمير، وحرية النشر والصحافة، ويصون حقوق المواطن الاساسية من أي تغول من جانب الدولة"
    وبهذا انتقل الحزب خطوة اخرى نحو المحدد، ودون فقدان رؤية ما هو استراتيجي وعام: النضال من اجل بناء وطني ديمقراطي، يرى الممكن موضوعيا: جبهة للديمقراطية وانقاذ الوطن "مفتوحة لكل الاحزاب والتنظيمات والشخصيات"، ولكن بين هذا وذاك يمتد خيط العلاقة الجدلية:
    "الحزب الشيوعي لا يطرح مبدأ الديمقراطية لمكاسب تكتيكية مؤقتة. فهو في نضاله من اجل بناء وطني ديمقراطي يفتح الطريق للانتقال إلى الاشتراكية، ينطلق اولا من تجربة الحياة السياسية في السودان بتقاليدها ومنجزاتها وعثراتها، وتطابق تلك التجربة مع المنطلق النظري والفلسفي الذي يهتدي به الحزب الشيوعي وهو ان النضال من اجل الاشتراكية مستحيل من غير النضال من اجل الديمقراطية"(الديمقراطية مفتاح الحل ص 25)
    واقتطفت اللجنة المركزية من برنامج الحزب المقر في المؤتمر الرابع 1967 فقرة تقول "قيادة الحزب الماركسي للنظام الاشتراكي لا تعني وجوب نظام الحزب الواحد" (راجع ص 12 من برنامج الحزب).
    واوضحت اللجنة المركزية ان الموقف المبدئي من مسالة الديمقراطية كان وراء "طرح الحزب الشيوعي شعارات استعادة الحقوق الاساسية والحريات الديمقراطية، وتوسيع النضال الجماهيري، منهجا لوحدة المعارضة الشعبية" منذ اغسطس 1973، وان الحزب "ظل يتوجه ومازال لقيادة واحزاب الجبهة الوطنية لتنسيق نشاط المعارضة في هذا الحد الادنى..."(ص26) وان الحزب في اعتراضه على تكتيكات الاحزاب اليمينية التي تؤدي إلى تجميد نشاط الجماهير السياسي الديمقراطي كان يرتكز على ان الضمان الوحيد للديمقراطية في المستقبل، هو النضال من اجلها تحت ظل الديكتاتورية" أي نضال الجماهير من اجلها (ص 27)
    واصبحت الصورة اكثر وضوحا في ابريل 1980، بعد ثلاث اعوام من النضال الجماهيري الشاق، اذ تبلور شكل الحكومة التي يمكن ان تاتي على انقاض حكم الفرد المطلق والديكتاتورية العسكرية؛ ففي بيانها السياسي الصادر عن دورة ابريل 1980، اقترحت اللجنة المركزية "تقوم حكومة انقاذ وطني توحد كل القوى التي شاركت في الاضراب السياسي بما في ذلك القوات النظامية" (بيان "تفاقم ازمة حكم الفرد.." الصادر من اللجنة المركزية في ابريل 1980 ص 15). وقد اقترح ان يكون دور تلك الحكومة
    "وتتولى تلك الحكومة ادارة شئون البلاد لفترة انتقالية كافية، تتوفر فيها الحريات الديمقراطية للشعب لتنفيذ برنامج اصلاح وطني عام لتقويم ما خربته مايو سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وخلقيا، وصياغة دستور ديمقراطي يقنن مكتسبات الشعب ويضمن للجنوب حكمه الذاتي الاقليمي في ظل الحرية والديمقراطية ووحدة السودان، واجراء انتخابات عامة لجمهورية برلمانية يجيز مجلسها الدستور وينتخب الحكومة والمناصب الدستورية..."(ص 15 من نفس البيان)
    البديل المنشود والبديل الذي تحقق
    وبانفجار الانتفاضة في مارس ابريل 1985، دخلت مسالة البديل منعطف التنفيذ، فحدث انقلاب القصر باستيلاء القيادة العامة على السلطة، صحيح ان ذلك تم نتيجة للانتفاضة الشعبية وضغط ضباط وجنود القوات المسلحة، ولكنه تم ايضا بايحاء وتدخل من القوى الخارجية (السفارة الامريكية، المصريين ...الخ) مما اسفر عن:"سلطة عسكرية انتقالية - القيادة العامة ثم المجلس العسكري الانتقالي" (دورة الجنة المركزية في ابريل 1985، ص 10) الذي اصبح وفقا للبيان رقم 9 يملك سلطة "مجلس السيادة وسلطة التشريع" ... وسلطات "رئيس الجمهورية في القوانين السارية حتى تعدل أو تلغى"، وبذلك فان " كل السلطات تركزت في يد المجلس العسكري وان مجلس الوزراء بما تبقى له من سلطة تشريع محدودة اصبح اشبه باي مجلس وزراء تحت الجمهورية الرئاسية ومجالس الوزراء في نظام مايو الرئاسي"(المرجع السابق ص 12)
    وهكذا كان البديل الذي تحقق يختلف عن البديل المنشود وفقا لما دعا له الحزب في "الديمقراطية مفتاح الحل" وفي بيان ابريل 1980. لانه لم يكن من الممكن "رسم صورة هندسية للانتفاضة أو الحكومة المنبثقة عنها."(ص 2) ولان المسألة لم تكن تحدد فقط بالبرامج والشعارات بل بمستوى توازن القوى الفعلي وبما تتخذه القوى المختلفة في التحضير للمعركة واثناءها وفي هذا الاتجاه فقد رصد اجتماع اللجنة المركزية في ابريل 1985 نقاط الضعف الآتية:
    1- عدم اكتمال وحدة المعارضة حول ميثاق ومنبر قبل الانتفاضة (لاحظ الميثاق وقع في الساعات الاولى من صباح أبريل 1985)
    2- ضعف حركة الطبقة العاملة وعدم دخولها "المبكر في اعلان الاضراب السياسي" رغم مشاركة العمال مشاركة جماهيرية في المظاهرات "وذلك لوجود القيادات الانتهازية في قيادتها" وضعف حزبنا وضمور فروعه ونفوذه وسط الطبقة العاملة خاصة في العاصمة.
    3- "احتلت موقع القيادة فئة مثقفي البرجوازية الصغيرة من الطلاب والمهنيين"(ص 3) التي كانت بعض فئاتها ترى "انها القيادة الفعلية والنشطة لحركة المعارضة وان الاحزاب التقليدية والحزب الشيوعي، ما عاد لها دور وان حركة الجماهير تخطتها وقد عاق هذا الاتجاه الفكري توسيع دائرة تجمع النقابات قبل الانتفاضة بحيث كانت الدعوة تتم بصورة انتقائية... وتجدر الاشارة إلى ان بعض العناصر القيادية في التجمع كانت تتعمد ابعاد مندوبي النقابات والاتحادات والشيوعيين بحجة ان لا يكون للحزب الشيوعي اكثر من موقع للتمثيل وطرحهم لشعار ان الجبهة الواسعة لانقاذ الوطن لن تتحقق وان على القوى الوطنية الديمقراطية والتقدمية ان تتوحد لتقود المعارضة واستبعاد الاحزاب التقليدية من الصورة وهو تفكير سياسي قاصر قائم على التقديرات الذاتية" (ص 4) ادى لاصرار قيادة التجمع الاتصال بالمجلس العسكري منفردة وبدون اشراك الاحزاب (ص 11)
    4- وقفت اتحادات المزارعين التي يسيطر على قياداتها اثرياء الريف وكبار التجار بعيدا عن المعركة (ص 3).
    5- محدودية دور الجنود وصغار الضباط نسبة لعدم وجود مركز موحد للمعارضة يجذبهم ويلهم تحركهم، وتعرض الجيش للتصفيات وسيادة العقلية الانقلابية لدى عدد كبير منهم "ولم تكن اغلبيتهم في أي يوم مقتنعة بامكانية نجاح الاضراب السياسي والانتفاضة، ومن ثم الاستعداد الذهني والنفسي لابتداع اشكال واساليب مساندتها، على العكس كان عدد من الضباط مصدر زعزعة وقلق لحركة ونشاط نقابات المهنيين، بل ولبعض احزاب المعارضة طيلة الاعوام الثلاثة الماضية (أي التي سبقت الانتفاضة - الكاتب) بحجة انهم كضباط جاهزون لاستلام السلطة اذا كان الشارع مستعدا لمساندتهم! أي الانقلاب اولا والانتفاضة لاحقا."(ص 6)
    ولكن لان قضية البديل ليست مسألة يتم حسمها في لحظة واحدة وينفض الجميع ايديهم، وانها مسألة ديناميكية متحركة وتعتمد على زخم الحركة الشعبية وامكانياتها, رفضت اللجنة المركزية في اجتماعها الاتجاه السهل "ان ننفض يدنا من المعركة، ونهرب من الصراع بالقول ان قيادة الجيش بالاتفاق مع عمر محمد الطيب ومباركة مصر والسعودية وامريكا نفذت انقلاب قصر"(ص 4) و "نعلن ان الانتفاضة قد اجهضت" (ص 5)؛ بل رأت امكانية استمرار الصراع لسيادة طابع الانتفاضة الشعبي والديمقراطي وطرحت الواجبات العاجلة.
    نظرة إلى تجربة 1971-1985
    يمكننا الان ان نخلص إلى ان مسالة البديل خلال النضال ضد نظام مايو بدأت بطرح الشعار العام "السلطة الوطنية الديمقراطية" وانتهت من خلال النضال اليومي المثابر والتحليل المستمر للصراع السياسي والاجتماعي إلى "جبهة للديمقراطية وانقاذ الوطن" "وحكومة انتقالية" تعيد الحقوق الديمقراطية... كل هذا على مستوى البرنامج والشعار أي على مستوى علافة "الذاتي والموضوعي، ولكن الواقع ادى إلى بديل "المجلس العسكري ومجلس الوزراء برئاسة الج زولى" حيث كان المحدد للنتيجة هو الموضوعي بما في ذلك القدرات والامكانيات الذاتية للحركة الشعبية والحزب الشيوعي!
    هذا مهم جدا في طرح مسألة البديل الان، لانه رغم اننا نبدأ من موقع متقدم نسبيا : وحدة المعارضة الشعبية زائدا تصورها للبديل، الا ان الصراع اليومي والنضال الفعلي لحركة الجماهير لربما يفرض ظروفاُ مختلفة (تغير في موقف الاحزاب المشتركة أو على الاقل عدم التزامها بالميثاق، عرقلتها للنضال اليومي كما يحدث الان في فرع التجمع بغرب اوربا، محاولاتها حصر دور الشيوعيين ...الخ ) ولكن يبقى ان البديل المصاغ الآن في الميثاق ومقررات أسمرا 1995 ممكن التنفيذ فقط بقدر التفاف الجماهير حوله، بقدر النضال الحقيقي الذي تخوضه الجماهير لتحقيقه، وبقدر تحسيننا لمناهج عملنا القيادي وقدراتنا التنظيمية ووجودنا الفعال وسط الجماهير، أي الا يصبح التجمع اطارا لاعتقال حركتنا وسط الجماهير ، ولا اطارا لاعتقال حركة الجماهير نفسها! أي الا يصبح "جبهة وطنية" اخرى على طراز الجبهة الوطنية لاحزاب اليمين على ايام مايو! كما ان امكانية تحقيق البديل المطروح تستند على مدى إرتكازه على الموضوعي والتاريخي في نسيج العلاقات الاجتماعية السودانية وتطور الحركة السياسية في السودان.
    ولنتناول بعض هذه القضايا الان:
    طبيعة انقلاب يونيو 1989
    إن الاكتفاء بالتقييم السياسي لما حدث في الثلاثين من يونيو 1989 لا يكفي في تقييم طبيعة النظام، إذ ليس كافيا القول إن الانقلاب قد نظمته الجبهة القومية الإسلامية، وليس كافيا القول إن الانقلاب هدف إلى إجهاض عملية السلام التي بدأت تأخذ قوة دفع جديدة بعد تشكيل حكومة الجبهة الوطنية المتحدة في مارس 1989. بل انه ليس كافيا الذهاب ابعد من ذلك والقول إن القوى المعادية للانتفاضة قد أقلقها تطور قوى الانتفاضة منذ مبادرة الميرغني-قرنق وانتفاضة ديسمبر 1988، ومذكرة القوات المسلحة وإبعاد الجبهة الإسلامية، إذ لا بد بالإضافة إلى ذلك الاستناد على تحليل القوى المتصارعة ومصالحها؛ لأن معرفة المصالح لا تكشف طبيعة الانقلاب فحسب، وإنما تكسبنا وعيا حول وجود قوى لها مصلحة في ما يهدف الانقلاب لتحقيقه موجودة الآن سياسيا ضمن قوى المعارضة كما كانت توجد معارضة يمينية لنظام نميري. وفهم هذه المسالة مهم حتى ندرك طبيعة التغيير المحدود الذي تريده تلك القوى اليمينية الموجودة في قوى المعارضة وبالتالي توجسها من البديل الديمقراطي الذي يفتح الطريق لتطور الثورة السودانية.
    قال ماكسيم رودنسون في كتابه "الرأسمالية والإسلام" "لم يكن هناك طريق إسلامي خاص للرأسمالية"(طبعة بينغوين 1974 - ص 184). وقد أوضح عبد الخالق محجوب في 10/4/1969 في مقال له بجريدة أخبار الأسبوع السودانية إن الرأسمالية السودانية تبحث عن غطاء أيديولوجي للطريق الرأسمالي, فالمسالة ليست طريقا إسلاميا للرأسمالية وإنما
    "تعاني الرأسمالية من قحط وجفاف فكري قاتل. وما كان من الممكن الدفاع عن الاستغلال الرأسمالي وفق نظرية صريحة تبرر التخلف في وجه التقدم وما كان من الممكن الدفاع عن الرأسمالية وقدراتها.
    "ان الفئات الحاكمة في بلادنا تعجز عن ابتداع غطاء علماني أو اشتراكي مزيف من النظريات التبريرية. وعجزها ناتج عن ضعف كياناتها الثقافية والاقتصادية مما ظهر جليا في شح كادرها المتنور الذي له الرغبة في التحصيل، والقدرة على البيان المقنع. ان الاحتماء بالدين وفق المفاهيم السائدة كان الطريق المربح والممكن للفئات الاجتماعية التي عجزت عن التفاعل الايجابي التي تفجرت بعد اكتوبر"
    لقد عانى بعض جيل طلائع مثقفي البرجوازية الذين شكلوا مؤتمر الخريجين من الانفصام الأيديولوجى فهم في جلساتهم الخاصة كانوا قراء طه حسين ومونتسكيو وفولتير و المازني وجان جاك روسو ... الخ ولكن عندما كانوا يواجهون الجماهير هم انصار أو ختمية. ومحاولة بعضهم للانعتاق من الطائفية مستندين على ما تحقق من انجاز للاستقلال تحت قيادتهم السياسية، قد ادى بهم إلى صفوف المعارضة!
    البرجوازية السودانية تبحث منذ الاستقلال عن ايد ولجية تساعدها على الهيمنة، ولم تكن الايد ولجية الليبرالية مناسبة لأنها تعني الديمقراطية ... الديمقراطية التي تتيح تنظيم الجماهير في تنظيمات مستقلة، وممارستها للنشاط السياسي والنقابي والفكري المستقل، ذلك النشاط الذي اوضح في 54- 1985 و64-1969 و85-1989، انه قادر على تقديم البديل لحلول الازمات وعلى توسيع الحركة الديمقراطية والثورية، والاخطر بعد 1988 على ان يكون صوتها مسموعا في كيفية حكم السودان رغم وجود خمسة نواب فقط للتحالف الديمقراطي في الجمعية التأسيسية.
    الديمقراطية الليبرالية يمكن ان تاتي باحزاب البرجوازية للسلطة ولكنها لاتضمن لها الهيمنة! لذا كان مشروع الدستور الاسلامي والجمهورية الرئاسية لفرض الهيمنة تحت ديكتاتورية مدنية! والمصلحة المشتركة لفئات الرأسمالية السودانية هي طريق التطور الرأسمالي المستقر سياسيا واقتصاديا واجتماعيا والذي لا يمكن تحقيقه الا بتجريد الديمقراطية من محتواها (الحقوق الاساسية التي تسمح بقيام حركة شعبية حقيقية، أي تسمح للطبقات الاخرى العمال والمزارعين، وصغار البرجوازية ومثقفيهم، باقامة تنظيماتهم المستقلة).
    ان الليبرالية التي تمهد الطريق للرأسمالية وتطورها في اوربا، كانت تهدد التطور الرأسمالي في السودان والبلاد الشبيهة. وعلى مدى اكثر من ثلاثين عاما، تمت تجربة الانقلابات العسكرية، التقليدية (عبود) والمتلحفة بثوب اليسار لتمهد للتطور الرأسمالي ولكنها فشلت وتعيش البلاد والدول الافريقية الشبيهة ازمة سياسية، اقتصادية واجتماعية حادة.
    ولكن لماذا تنفرد الجبهة القومية الاسلامية بالانقلاب؟
    والإجابة واضحة: أنها تمثل فئة رأسمالية جديدة، استطاعت منذ أواخر السبعينات إن تحدث تغيرا ملحوظا في التراكم الرأسمالي لمصلحتها, مستغلة:
    1- الضربة التي وجهها نظام نميري للرأسمالية القديمة في بداية ايامه، وعدم مرونة تلك الفئات في استغلال الفرص التي اتيحت لها منذ 16 نوفمبر 1970 وبعد ردة يوليو 1971 بالتحديد لاستعادة وضعها في النظام لتغليبها مصالحها الفئوية على مصلحة الطبقة الرأسمالية ككل، وانها عندما ارادت بعد ان ثبت لها صعوبة الاطاحة بنظام نميري - بعد يوليو 1976 - ان تلحق بالركب، كان النظام قد بدا خلق الفئات الجديدة التي يستند عليها، وكان الأخوان المسلمون اكثر مرونة في تكتيكاتهم.
    2- السند الذي قدمته لهم دول الخليج والسعودية: أ- بالضغط على نميري؛ ب- عن طريق انشاء البنوك والشركات الاسلامية؛ ج) والدفع المباشر للتنظيم السياسي للاخوان المسلمين.
    3- الجو الاقتصادي العام الذي خلقته سياسة صندوق النقد الدولي في السودان والتي سمحت بتوسع تجارة العملة وعمليات التجارة ذات الربح السريع والاستثمار في قطاعات النقل والتخزين.
    وفي السبب الأخير تكمن أزمة رأسمالية الجبهة القومية الإسلامية، إذ أنها راكمت رأسمالا واسعا ولكن في مجالات لا تمسك بناصية الاقتصاد السوداني، ولا ترتبط بجذوره الإنتاجية، ووضحت أزمة وخطورة هذا الوضع بعد الانتفاضة، حيث اصبح الحديث عن الرأسمالية الطفيلية على كل لسان، بل إن عناصر الرأسمالية التقليدية سعت لإلجامها عن طريق "قانون الضرائب و استمرار التحقيق في البنوك والتلويح بمحاكمتها، فاستعملت الجبهة القومية الإسلامية كل أسلحتها لوقف ذلك الهجوم مثل سيطرتها على الصحافة وعلى السوق الأسود الذي اعترف الصادق المهدي بأنه هزم الحكومة؛ ثم مظاهرات الطلاب في أكتوبر 1986، ثم الضغط الخارجي من أصدقاء الجبهة وأعداء الحركة الديمقراطية مما أدى لتكوين حكومة الوفاق التي كان الأخوان أساسها.
    وكان رد فعل فئات الرأسمالية التقليدية، إن ألقت بثقلها خلف الاتحاديين وعملت على وقد العناصر المعادية للجبهة في حزب الأمة، ومدت حبال الود مع الحركة الشعبية التي استطاعت النهوض في ديسمبر 1988 وما تلاها من إحداث أجبرت الجبهة على الخروج من الحكومة.
    وجاء انقلاب يونيو ليفرض قيادة رأسمالية الجبهة الإسلامية على الرأسمالية السودانية وعلى البلاد. ولكي تفرض قيادتها على الرأسمالية كان لابد لها من إجراءات اقتصادية تسمح لتأييدها الجبهة بفرض نفسها في مجال الإنتاج - بيع المؤسسات العامة وبيع مؤسسات الرأسمالية التقليدية المدينة لبنوك الدولة، ومصادرة بعض ممتلكات آل المهدي وآل الميرغني!
    إن وجود فئات الرأسمالية القديمة وأحزابها في المعارضة، ليس رفضا للأيديولوجية الإسلامية كغطاء أيديولوجي للرأسمالية السودانية، انه رفض لقيادة رأسمالية البنوك وقطاع النقل، رأسمالية الجبهة القومية الإسلامية لكل الرأسمالية السودانية، إن وجودها في معسكر الديمقراطية سيستمر مادامت رأسمالية الجبهة القومية الإسلامية تصر على فرض قيادتها، لان الرأسمالية التقليدية واثقة من عودتها للقيادة شرط عودة الديمقراطية كما كانت دون ما إصلاح ديمقراطي! وقد وقعت على الميثاق الذي ينادي بالاصلاح الديمقراطي لأنها وجدت نفسها في "امر ضيق". ولكنها ستعمل على ان يكون الميثاق شكليا، لذا لن تتحمس لتحضير التفاصيل والسياسات التي ستتبع بعد الاطاحة بنظام الجبهة القومية الاسلامية، انها لا تريد إن يكون البديل الديمقراطي مفصلا ومدروسا ومترجما في سياسات تمسك بها الجماهير حتى تتاح لها فرصة المناورة في الفترة الانتقالية.. يجب إلا ننسى ما توصلت له دورة الجنة المركزية في اغسطس 1987:
    "فالاحزاب الثلاثة(اتحادي، امة، جبهة) متفقة في المصالح الطبقية والاستراتيجية العامة في طريق التطور الرأسمالي وأيديولوجيا في الدستور الاسلامي وسيادة القومية العربية الاسلامية على بقية القوميات والاعراق السودانية"(ص 7)
    ولكن، وكما اقرت تلك الدورة ايضا، اننا ينبغي الا "نسقط العوامل الاخرى مثل التناقضات بين حزبي الائتلاف وداخل كل حزب، ولعبة التوازنات الحزبية..."(ص 8) والذي دلت الاحداث على صحته وساعد الحزب في اتخاذ التكتيكات المناسبة والتي ادت اخيرا لعزل الجبهة الاسلامية واقامة حكومة مارس 1989.
    لقد ترك النضال ضد نظام مايو اثره واضحا داخل حزبي الأمة والاتحادي وفي جماهيرهما، ويمكن للنضال ضد سلطة يونيو ان يعمق الآثار الديمقراطية ويزيد التناقضات داخل هذه الاحزاب! ان التطور المستقل للحركة الجماهيرية يعتمد بشكل اساسي على قدرتنا على تنظيمها وبث الوعي وسطها. وما زال صحيحا في هذا الصدد ما توصل له المؤتمر الرابع لحزبنا:
    "فالثورة تنتظرها ظروف غنية بالنضال الشاق باشكاله المختلفة، ويتوقف الكثير على مستوى حساسية الحزب الشيوعي وتجاربه مع كل منحنياتها واشكالها الغنية."(الماركسية وقضايا الثورة السودانية، دار الوسيلة، الطبعة الثانية ص 22)
    الديمقراطية ما زالت مفتاح الحل
    ومهما يكن موقف الاحزاب اليمينية داخل التجمع، فان النضال ضد ديكتاتورية الجبهة القومية الاسلامية، سيتخذ طابعا ديمقراطيا عاما، بينما الصراع داخل التجمع سيكون دائما حول "أي نوع من الديمقراطية؟" (اللجنة المركزية مايو 1965، مقتطف في الماركسية وقضايا الثورة ص 133). وسيكون ذلك موضوعا للصراع الاجتماعي اثناء النضال ضد ديكتاتورية الجبهة الاسلامية وبعد الاطاحة بها. ان تحقيق الثورة الوطنية الديمقراطية يعتمد على قدرتنا على "بذر وزرع" الشعارات الاساسية للتحول الديمقراطي في صلب الحركة الجماهيرية وكما اوضحنا من قبل "ان الضمان للديمقراطية في المستقبل هو النضال من اجلها تحت ظل الديكتاتورية"(الديمقراطية مفتاح الحل ص 11).
    وتظل الديمقراطية مفتاحا للحل لأنها، أي الديمقراطية، أصبحت بالنسبة لشعب السودان، ليست مجرد نظام سياسي، بل مجموع قيم إنسانية تتعلق بالحقوق الأساسية للمواطنين، وقد أثبتت التجارب منذ الاستقلال وخلال حكمين عسكريين وانتفاضتين شعبيتين إن الشعب السوداني يتمسك بالديمقراطية والحقوق الأساسية.
    الديمقراطية تظل مفتاحا للحل ايضا لأنها كأداة سياسية ومن خلال تجارب 54-1958،64-1969، و85-1989، توسع من نفوذ الحركة الشعبية والثورية، وتساعد في بناء ادوات نضالها الاخرى: صحف، نقابات، احزاب، اتحادات...الخ.
    الديمقراطية تظل مفتاحا للحل لان تجربة شعب السودان اثبتت ان نضاله من اجل تحسين مستوى معيشته وحقوقه الاقتصادية مرتبط باشاعة الديمقراطية وبوجود منظماته النقابية والاقليمية والقبلية، إلى جانب احزابه السياسية؛ كادوات للنضال الاقتصادي! وبالتالي اصبح النضال من اجل التنمية مرتبط بالديمقراطية وسيادتها وقد اثبتت تجارب حكمين عسكريين ان مصادرة الديمقراطية بحجة التنمية لم تؤد بالبلاد الا للخراب الاقتصادي.
    وهنا تكمن أهمية المناقشة التي تسود قطاعات المعارضة حول تفاصيل البرامج، خاصة الدستور وقانون الانتخابات، والسياسات المالية والاقتصادية التي تأتى بعد إسقاط ديكتاتورية الجبهة القومية الإسلامية وهذه المناقشات ستعكس مواقف اجتماعية متباينة وستمثل شكلا للصراع الطبقي، لذا ينبغي إلا تحبس في مدرجات واجتماعات التجمع المقفولة، لابد من نشرها وسط الجماهير السودانية.
    ان هذه المناقشات ينبغي الا تجعل من التجمع ناديا للحوار حول السياسات البديلة"، اذ انه وفقا لميثاقه اداة للنضال السياسي اليومي يطرح قضايا مثل: مقاومة الاعتقال والتشريد ومقاومة تنظيمات السلطة...الخ ومن هذا البرنامج تستخلص فروع التجمع في الخارج واجباتها اليومية في دعم النضال من الداخل: حملات التضامن وجمع المال للمعارضة بالداخل ولاسر المعتقلين وكشف سياسات السلطة. وفي تحديد هذه القضايا واسلوب النضال فيها سنواجه تيارات داخل التجمع تحاول لجم حركته أو تحديدها وفقا لافقها، ان هذه التيارات تنظر للمستقبل، وتستقرئ اثار حركة التجمع اليوم في صياغة الغد، وبحبسها والجامها لتطور الحركة الجماهيرية، تريد كما قلنا سابقا ان تحفظ مساحة للمناورة في الفترة الانتقالية من جهة وان تمنع تعمق الشعارات الديمقراطية وسط الجماهير من جهة اخرى لتحافظ على نفوذها.

    الطابع الديمقراطي للثورة السودانية
    ولكن يبقى، مهما تعددت المتغيرات، إن نظرية الثورة السودانية في جوهرها نظرية للثورة الديمقراطية، وتظل قضية الديمقراطية هي محورها الرئيسي سواء في مواجهة قضايا الوحدة الوطنية وحل مسالة القوميات والأقليات أو التحول الاقتصادي والاجتماعي والتنمية أو في مواجهة قضايا الثورة الاشتراكية في المستقبل. مما يجعل موقف الشيوعيين السودانيين العملي والنظري من قضية الديمقراطية ذا اهمية كبرى بالنسبة لحاضر ومستقبل الثورة السودانية وعنصرا هاما في تكوين نظرية تلك الثورة. وسنتناول موقف الشيوعيين ونظريتهم من قضية الديمقراطية فيما يلي.


                  

08-13-2009, 08:54 PM

elsawi
<aelsawi
تاريخ التسجيل: 06-13-2003
مجموع المشاركات: 4340

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: elsawi)

    وده دستور الحزب الذي اجازه المؤتمر الخامس
    عشان تعرف كيف تسير الحياة الداخلية للحزب
    وعشان تعرف انه كيف يمارس الديمقراطية من ادنى هيئاته الى اعلاها
    Quote:
    دستور الحزب المجاز
    من المؤتمر الخامس
    يناير 2009

    المحتويات

    الموضوع
    الفصل الأول :-
    الاسم والأهداف العامة و الوسائل
    الفصل الثاني :-
    المبادئ التي تحكم حياة الحزب ونشاطه الجماهيري 5
    الفصل الثالث :-
    العضوية
    الفصل الرابع :-
    الهيكل التنظيمي
    الفصل الخامس :-
    المنظمات وأدوات الإتصال بالجماهير
    الفصل السادس :-
    علاقات الحزب الخارجية
    الفصل السابع :-
    مالية الحزب
    الفصل الثامن :-
    إجراءات دستورية

    = = = = = =

    الفصل الأول :
    الاسم والأهداف العامة والوسائل

    المادة(1) :
    اسم الحزب : الحزب الشيوعي السوداني .

    المادة (2) :
    طبيعة الحزب وأهدافه العامة وأسسه الفكرية :
    1- أنه اتحاد طوعي بين مناضلين ثوريين تعاهدوا على إنجاز البرنامج الوطني الديمقراطي والاشتراكية بما يتناسب وخصائص الشعب السوداني ويستند الحزب في تكوينه على الطبقة العاملة ويستوعب في صفوفه الطلائع الثورية للجماهير العاملة في المصانع والحقول والمراعي ودور العلم وبين المثقفين وكل الذين يقبلون برنامجه ويناضلون لتنفيذه .
    2- يسترشد بالماركسية منهجاً ونظرية في استقرائه واستنتاجاته لمعرفة الواقع وتغييره للأفضل ويهتدي بكل ما توصلت إليه البشرية من معارف لمصلحة السودان وكل ما هو خير من الموروثات المتجذرة فينا كسودانيين وما هو نابع من انتمائنا العربي والأفريقي وفوق كل ذلك مستنداً إلى تجارب الواقع السوداني واضعاً في الاعتبار كل متغيراته وما يحدث من مستجدات في العصر .
    3- يقف ضد كل أشكال الاضطهاد والاستغلال ‘ ويعمل على إشاعة العدل في توزيع الثروة لمصلحة المنتجين الكادحين .
    4- يقف ضد استغلال الدين في السياسة وتكريس الاستبداد .

    المادة (3) :
    الوسائل :
    1- لتحقيق أهدافه يرتبط الحزب بالجماهير ويسهم بفعالية في نضالها اليومي بعيداً عن التعامل النخبوي المتعالي أو التآمري ويعمل داخل مؤسساتها التي تبنيها بواسطة أدوات واضحة ومعلومة للجميع :فرع الحزب و المنظمات الديمقراطية و التنظيمات النقابية و المهنية والحرفية والفئوية والجهوية و الجمعيات الخيرية والطوعية و الأندية الرياضية والثقافية والفنية وكل ما يبتدعه المجتمع المدني من تنظيمات وأنشطة .
    2- يستخدم وسائل العلم والتقنية الحديثة ويؤمن بقدرات الإنسان في التطور والإبداع ويستفيد من ذلك في نموه وتطوره .
    3- يرفض الإرهاب ويتصدى له كفكر وممارسة ، وكذلك الوسائل الانقلابية المدنية والعسكرية ، ويعمل على ترسيخ مبدأ التداول الديمقراطي الدستوري للسلطة والاحترام المتبادل بين الأحزاب والقوي السياسية الأخرى ويرفض التعاون مع تلك التي لا تقر الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وحريته في اختيار الطريق الذي يرتضيه .

    المادة (4):
    برنامج و دستور الحزب هما أساس الوحدة الفكرية بين أعضائه .

    الفصل الثاني
    المبادئ التي تحكم حياة الحزب ونشاطه الجماهيري
    يقوم البناء الحزبي على الأسس والضوابط والمعايير التي تحكم حياة الحزب الداخلية ونشاطه الجماهيري بما يحفظ وحدته ويطور من قدراته في مجالات الفكر والسياسة والتنظيم ويخلق صلة متينة وواضحة مع الشعب في قطاعاته المختلفة . تتلخص هذه الأسس في المواد والبنود التالية :
    المادة (5):
    الديمقراطية في الحزب :
    يقوم تنظيم الحزب على أسس ديمقراطية تُؤَمن حرية أعضائه وهيئاته في المناقشة وإبداء الرأي والمشاركة في إدارة شؤون الحزب على كافة المستويات ، وإن علاقة الأعضاء في القاعدة والقيادة علاقة زمالة بين مناضلين أساسها الاحترام المتبادل ونكران الذات والنقد البناء و ليست علاقة وصاية أبوية أو رئيس ومرؤوس، وذلك عبر الالتزام بالقواعد والتدابير التالية :
    للحزب مركز قيادي واحداً ينتخبه مؤتمره العام ويقر برنامجاً ودستوراً واحداً يتقبلهما الأعضاء ، ووحدة الفكر والإرادة والعمل هي محصلة الممارسة الديمقراطية في مجمل نشاط الحزب الداخلي والجماهيري وتتلخص في الآتي :
    1- لكل عضو الحق في التعبير عن رأيه صراحة، شفاهة أو كتابة، في القضايا الفكرية والسياسية والتنظيمية من داخل منابر الحزب المختلفة .
    2- أن تسود الممارسة الديمقراطية في كل هيئات الحزب بدءاً بطرح المواضيع والقضايا داخل الهيئات ومشاركة الأعضاء في المناقشة وحسمها بالتصويت والتزام الجميع برأي الأغلبية مع حق الأقلية في الاحتفاظ برأيها .
    3- الديمقراطية في الحزب تعني إسهام الجميع في تنفيذ رأي الأغلبية وتقويمه على ضوء حصيلة النشاط للتأكد من سلامته أو مراجعته .
    4- جميع الهيئات والمسئوليات القيادية تنتخب بالاقتراع السري في الحزب و تنتفي تماما وصاية الأفراد أو الهيئات أو التأثير على الأعضاء لتصعيد أي عضو للقيادة، وضمان تداول القيادة وعدم احتكارها.
    5- التزام جميع هيئات الحزب بقرارات مؤتمره العام والتزام الهيئات الدنيا بقرارات الهيئات العليا مع حقها في نقد القرارات وتوضيح سلبياتها إن وجدت والمطالبة بمراجعتها .
    6- تصدر القرارات من الهيئات .
    7- تنشر جميع الهيئات تقارير دورية عن نشاطها .

    المادة(6):
    الصراع الفكري:
    الصراع داخل الحزب هو انعكاس لما يجري على النطاق الوطني والعالمي .فالحزب خلال جهده لاستيعاب الواقع ومتغيراته يتعامل مع القوي السياسية والاجتماعية الأخرى ، من طبقات وفئات متصارعة نتيجة لتباين مصالحها ، ويعبر هذا الصراع عن نفسه في مستويات مختلفة بين أعضاء الحزب وهم يقتربون من استيعاب الواقع ومتغيراته ويناضلون لتغييره. ومن هنا قد يأتي تغليب مصالح ورؤى هذه الفئة او تلك الطبقة من الطبقات او الفئات التي يستند عليها الحزب كقاعدة اجتماعية ويدخل في ذلك تعدد القوميات والثقافات والتطور غير المتوازن للبلاد وحدة الصراع السياسي في المنعطفات والأزمات وتواتر النصر والهزيمة والتخلف الاقتصادي والاجتماعي والتركيب الهجين للطبقات والفئات الاجتماعية وثقل وزن تشكيلات ما قبل الرأسمالية . ولهذا فإن إدارة صراع الأفكار داخل الحزب تستهدف أرقى درجة ممكنة من وحدة وحصيلة الممارسة من أجل تطويرها لتصبح أصدق تعبير عن مهام التطور الوطني الديمقراطي واستشراف الأفق الاشتراكي . وتأسيساً على ذلك لابد من وضع معايير لإدارة هذا الصراع .
    1- الصراع الفكري داخل الحزب ضرورة حيوية لا يجوز التغاضي عنه أو تمويهه او قمعه.
    2- يحصر الصراع الفكري في المسائل المبدئية .
    3- كل هيئة يحدث بها خلاف حول قضية معينة ، تحدد نقاط الخلاف وتمنح فرصة كافية لجميع أعضائها لتوضيح مواقفهم ودعم آرائهم بالحجج والبراهين ، كما تحدد فترة زمنية اذا احتاج الأمر يجري بعدها التصويت وتكون نتيجته ملزمة.
    4- عندما تنشأ ضرورة موضوعية لمعالجة وحسم مستجدات أو نزاع حول قضايا بعينها أو إجراء إصلاحات شاملة في عمل الحزب ، تبادر اللجنة المركزية بتنظيم مناقشة عامة وتحدد إطارها العام وضوابط إدارتها وآليات حسمها والفترة الزمنية المناسبة .
    5- حرية إبداء الرأي حول القضايا المطروحة للمناقشة العامة وأي قضايا أخري مكفولة دائماً وفي أي وقت لجميع الأعضاء دون أي قيد .
    6- الرأي أو الموقف الذي لا يحصل على ثقة الأغلبية ليس بالضرورة خطأ أو إنحرافاً ، و الممارسة العملية وحدها هي الكفيلة بإثبات صحة أو عدم صواب ما تم التوصل إليه .
    7- الصراع المسموح به هو فقط المعلوم والمنشور لكل الأعضاء عبر قنوات الحزب وداخل هيئاته و تحظر الأساليب التآمرية و التكتلية .

    المادة (7):
    النقد والنقد الذاتي:
    يعتمد الحزب في بنائه وتطوره على مبدأ النقد والنقد الذاتي بمستويات مختلفة . حيث ينتقد كل الممارسات التي لا تنسجم مع واقع المجتمع السوداني وأهدافه في التطور والتقدم ، كما ينتقد أخطاءه متى ما اكتشفها ويعلن ذلك النقد على رؤوس الأشهاد ويقوم بتصحيحها. ويمارس الحزب النقد في حياته الداخلية وبين هيئاته وفروعه وأعضائه على كل المستويات .
    تحكم النقد أسس ومبادئ لابد من مراعاتها والتقيد بها ليصبح ذا جدوي وفعالية:-
    1- أن يكون النقد والنقد الذاتي واضحاً ومحدداً ومباشراً.
    2- النقد الذاتي الذي يمس علاقة الحزب مع الجماهير يجب أن يكون منشوراً ومعلناً.
    3- أن يكون النقد بناءاً ومفيداً للعضو وليس لهدم الذات أو قتل الشخصية ، إنطلاقاً من أنه لا يوجد عضو أو هيئة بدون أخطاء أو نواقص أو فوق النقد مهما كان وضعه في الحزب .
    4- إلزام قيادة الحزب ولجان المناطق والمكاتب المتخصصة بإعطاء أسبقية لنشر النقد الموجه لها من خارجها أو النابع من داخلها .

    الفصل الثالث
    العضـوية
    المادة (8):
    شروط العضوية:
    يحق لكل سوداني، مواطن أو مواطنة ، عاقل أن ينضم للحزب بعد أن يستوفي الشروط التالية :
    1- بلغ الثامنة عشر من العمر.
    2- يقبل برنامج الحزب ودستوره .
    3- يوافق على الانضمام لأحدي هيئاته .
    4- يدفع اشتراكاً شهرياً منتظماً.
    5- أن يتصف بالخلق القويم وحسن التعامل والإخلاص لقضية الشعب .
    6- من هم دون الثامنة عشر يستوعبون في تنظيم للطلائع أو أي أشكال تنظيمية مناسبة.

    المادة(9) :
    الالتحاق بالحزب:
    يتم الالتحاق بالحزب عبر الإجراءات التالية :
    1- يقدم الراغب في الالتحاق بالحزب طلباً مكتوباً لأحد فروع الحزب أو هيئاته على أن يزكيه عضوان .
    2- تتم الموافقة على الطلب بالأغلبية العادية .
    3- بمجرد قبول طلبه يصبح عضواً مرشحاً لمدة ثلاثة أشهر يتلقي خلالها الدراسات الحزبية والفكرية و يتمتع بكافة حقوق وواجبات العضو عدا حق الانتخاب والترشيح والتصويت.
    4- بعد انقضاء فترة الترشيح يقرر فرع الحزب بالأغلبية العادية في اجتماع مكتمل النصاب منحه العضوية أو حجبها عنه أو مد فترة الترشيح لشهرين آخرين يتم خلالهما إعادة تقويم حالته والبت في طلبه بالقبول أو الرفض وإعطائه الفرصة لاستئناف القرار للهيئة الأعلى .
    5- أعضاء الهيئات القائدة في الأحزاب الأخرى توافق على قبولهم اللجنة المركزية .
    6- يتم الالتحاق بالحزب على أساس فردي .

    المادة(10) :
    حقوق العضو :
    1- يتلقى الدراسة النظرية والسياسية والتدريب العملي وكل ما يساعده على التطور لأداء مهامه الحزبية .
    2- يطلع على أعمال الهيئات القائدة لاستيعاب سياسة الحزب والمشاركة الفعالة في تطويرها وتنفيذها .
    3- ينتخب يَنْتخب ويُنتخب لهيئات ومواقع الحزب القيادية .
    4- يشارك في المناقشات الحزبية العامة في إعلام الحزب وفي اجتماعاته .
    5- يبدي رأيه حول أي عضو أو هيئة أو عمل حزبي عبر القنوات الحزبية المقررة .
    6- يقدم عبر القنوات الحزبية أي مقترحات او بيانات أو استفسارات وأن يتلقى في أقرب وقت ممكن رداً على ذلك .
    7- يستأنف للهيئات الأعلى أي قرار أتخذ بشأنه .

    المادة (11):
    واجبات العضو :
    على عضو الحزب أن :
    1- يعمل من أجل تنفيذ برنامج الحزب وسياساته وقراراته .
    2- يوثق صلة الحزب بالجماهير ويطلعها على سياساته ومواقفه ويشارك في نضالها اليومي.
    3- يعمل علي توسيع الحزب بضم أعضاء جدد له .
    4- يكون قدوة ومثالا في تصرفاته وسلوكه و ينأى عن أي تصرف يسئ إلى سمعته وسمعة الحزب ,
    5- يصون ويحمى ممتلكات الحزب وأمواله ووثائقه ويحافظ على أسراره .
    6- يتحلى باليقظة تجاه أعداء الحزب ويمنع اختراقهم له .
    7- يصون ويحمى وحدة الحزب ويعمل على عدم التفريط فيها .
    8- يمارس النقد والنقد الذاتي بأمانة وشجاعة ووضوح ويكشف للهيئات الحزبية عن النقائص والأخطاء في عمل هيئات وأعضاء الحزب .
    9- يثابر على تثقيف ذاته ورفع قدراته المهنية والعملية .
    10-يجتهد في استيعاب الوسائل والأدوات العلمية الحديثة و يواكب المستجدات والمتغيرات في ذلك.
    11- يحترم الرأي الحزبي الذي يختلف معه والرأي الآخر المعارض لرأي الحزب و يسلك سلوكاً ديمقراطياً في مخاطبته لأعضاء المنظمات والأحزاب الأخرى.

    المادة(12):
    الفصل من الحزب :
    1- يفصل من الحزب كل من يثبت نتيجة تقصي تقوم به منظمة حزبية وتراجعه هيئة أعلى ، أنه قد خرق شرطاً من شروط العضوية أو أتى فعلاً يسيء إلى سمعته و سمعة الحزب أو يمس أمنه .
    2- تناقش التوصية بالفصل من الحزب ، ويبت فيها داخل اجتماع الفرع أو الهيئة الحزبية التي ينتمي إليها العضو المعني وبحضوره فيما عدا الحالات التي تتعلق بأمن الحزب .
    3- وكل قرار يصدره فرع الحزب بفصل أحد الأعضاء لابد من عرضه على الهيئة الأعلى لمراجعته بما فيها المؤتمر- للموافقة عليه أو رفضه - ، كما يحق للعضو الاستئناف للهيئات العليا .
    4- أعضاء لجان المناطق والمكاتب المتخصصة توافق اللجنة المركزية على فصلهم ومن حقهم الاستئناف لمؤتمر الحزب .
    5- عضو اللجنة أو العضو من الاحتياطي للجنة المركزية تفصلهم اللجنة المركزية وفق حيثيات تنشر على أعضاء الحزب وترفع للمؤتمر ومن حقه أن يستأنف لمؤتمر الحزب.
    6- في الحالات المتعلقة بأمن وسلامة الحزب يوقف العضو المعني فوراً إلى حين البت في أمره ويشمل الإيقاف عدم حضور الاجتماعات والإطلاع على الوثائق وسائر أشكال ممارسة الحياة الحزبية
    7- الفصل من الحزب هو أقصي عقوبة حزبية لذلك تجب ممارسته بحرص شديد وبعد تقديم كافة أشكال المساعدة للعضو المعني واستيفاء كل إجراءات تقصي الحقائق الدقيقة العادلة .

    المادة (13):
    استعادة العضوية :
    1- يجوز إعادة العضوية للذين فقدوها بسبب الفصل أو الانقطاع الطويل عن الحزب على أن لا يكونوا قد ارتكبوا جرائم ضد الوطن والشعب والحزب .
    2- ينظر في أمر إعادة العضوية بناء على طلب مكتوب من الشخص المعني يتضمن انتقاداً أو توضيحاً وافياً ومقنعاً لأسباب فقدانه العضوية .
    3- يشترط في إعادة العضوية للذين اشتركوا في أعمال تكتليه أو انقسامية أو أي نشاط معاد للحزب أن ينتقدوا ما قاموا به دون لبس أو إبهام وأن يكشفوا المخططات الانقسامية والمعادية للحزب والوطن والشعب التي شاركوا فيها وأن ينشر النقد داخلياً وجماهيرياً إذا اقتضت الضرورة ذلك .
    4- طلب استعادة العضوية تبت فيه لجان المناطق بتوصية من فروع الحزب . أما طلبات أعضاء لجان المناطق فتبت فيها اللجنة المركزية بعد الاستماع لرأي الهيئة التي كان يعمل بها .

    الفصل الرابع
    الهيكل التنظيمي
    يقوم تنظيم الحزب على الأساس الجغرافي ، الإداري ، والإنتاجي ، وأساسه أماكن العمل والسكن والدراسة . يتدرج البناء الحزبي من فرع الحزب إلى لجنة المنطقة إلى اللجنة المركزية إلى المؤتمر العام.
    المادة (14) :
    فرع الحزب :
    هو الأساس الذي يقوم عليه تنظيم الحزب ويمثل الصلة المباشرة بين الحزب والمواطنين في الحي أو المؤسسة أو المشروع ، والفرع يضم أعضاء الحزب الذين يعملون في مجال عمل أو مهنة واحدة أو يقطنون في مجال سكن واحد.
    البنود التالية تحدد مهام ومسئوليات الفرع .
    1- الحد الأدنى الذي يشكل فرعاً ثلاثة أعضاء .
    2- يحدد الفرع في اجتماعه الأول مسئولياته ، وإذا كان عدده كافياً ينتخب مكتباً قائداً ، بالاقتراع السري، من السكرتيرين : السياسي و التنظيمي و المالي و الثقافي وأي مسئوليات أخرى يري ضرورة لإنشائها.
    3- يمثل الحزب في مجاله وواجبه الأساسي توثيق صلة الحزب بالمواطنين وتبصيرهم ببرنامجه وأهدافه وسياساته وابتكار وسائل مخاطبة الجماهير وتنظيمها للنضال من أجل مصالحها.
    4- يعمل على توسيع عضويته بضم خيرة المواطنين إلى صفوفه ويقدم لهم التثقيف والتدريب اللازمين .
    5- يحتفظ بسجل منظم لأعضائه ونشاطهم الحزبي والجماهيري مما يسهل معرفة قدراتهم ووضعهم في المكان الذي يناسب تلك القدرات ويفتح أمامهم فرص النشاط والإبداع والتطور.
    6- يحتفظ بسجل منظم لاجتماعاته وقراراته وماليته وأنشطته الأخرى والتقارير والوثائق الواردة إليه والصادرة عنه .
    7- يعقد اجتماعاًً سنوياً يضع خلاله خطة عمله ويقوم بتقويم أدائه خلال العام المنصرم كما ينتخب قيادته .
    8- يرفع تقارير منتظمة عن نشاطه للهيئة الأعلى .
    9- يخلق صلات مع فروع الأحزاب والتنظيمات الأخرى بمجاله وعلى أساس الاحترام المتبادل والتنسيق في القضايا التي تخدم مصالح الوطن والجماهير في مجالها.
    10- يؤسس مع الديمقراطيين التنظيمات الديمقراطية بالمجال وذلك في إطار البرامج والنظم الداخلية لتلك التنظيمات واحترام أسسها وقواعدها و يحافظ على وحدتها ويعمل على تحقيق أهدافها ,
    المادة(15):
    فروع الخارج :
    فرضت ظروف الهجرة والاغتراب واقعاً جديداً على الحزب حيث انتشرت أعداد من الأعضاء في بقاع العالم . وبالرغم من أن بعضهم قضي عقوداً خارج البلاد إلا أن صلتهم بالحزب لم تنقطع وعليه فإن الحزب يؤسس فروعاٍ في الأقطار التي يوجد بها أعضاء وفق النظم الواردة في المادة(14) بالإضافة لما يأتي :-
    1- يعمل فرع الحزب في كل قطر في إطار عضويته وبين السودانيين المقيمين في ذلك القطر.
    2- يبنى نشاطه على أساس عدم التدخل في شئون تلك البلدان أو العمل خارج نظمها وقوانينها ويساهم مع شعوبها في إطار القضايا العامة التي تهم كل الشعوب مثل المجاعات ، التلوث ، الأسلحة الفتاكة وفوق كل ذلك يعمل وفقاً للظروف الموضوعية في كل بلد .
    3- يعمل على ربط أعضاء الفرع والديمقراطيين والوطنيين بالبلاد و يقلل من آثار الاغتراب السالبة .
    4- يستفيد من التطور العلمي والتقني في تأهيل أعضائه وتطويرهم كما يعمل على نقل ذلك للحزب بالداخل .
    5- يسعى لمعرفة المشاكل التي تعترض السودانيين بدول المهجر ويسهم معهم في وضع الحلول المناسبة .
    6- يسعي لتطوير علاقات شعوب تلك البلدان بالشعب السوداني و يتمسك بالخصال والمزايا الحميدة لشعب السودان وأن يبتعد عن كل سلوك يضر بسمعة السودان والسودانيين .
    7- تنشئ فروع الخارج الأشكال المناسبة والمرنة لتنسيق واستقرار علاقاتها مع القيادة في الداخل وذلك بالتشاور مع مركز الحزب .

    المادة(16) :
    لجنة المنطقة :
    1- يقوم تنظيم الحزب على أساس المناطق الإنتاجية والإدارية والجغرافية والتعليمية.
    2- لجنة المنطقة هي القائدة لفروع الحزب بمجالها ويقع عليها عبء تأسيس نشاط الحزب وبناء الحركة الجماهيرية بالمنطقة .
    3- تضع لجنة المنطقة برنامج عمل يغطي نشاط الحزب بالمنطقة سنوياً، وتساعد الفروع في وضع خطة عملها .
    4- تعد تقريراً سنوياً يغطي نشاطها خلال العام وتنزله للفروع التابعة لها للمساهمة في تقويم الأداء ورفع حصيلته للجنة المركزية .
    5- تقود العمل السياسي وتخاطب جماهير المنطقة في القضايا الخاصة بها والقضايا العامة في إطار خط الحزب وأهدافه .
    6- تمثل الحزب في الاتصال والتنسيق مع الأحزاب الأخرى والسلطات الإقليمية والمحلية كما تختار مرشحيها للانتخابات البرلمانية العامة والمحلية .
    7- تعقد لجنة المنطقة مؤتمرها العام كل عامين وتمثل الفروع والهيئات الحزبية بالمنطقة داخل المؤتمر وفق وزنها العددي والتنظيمي ويناقش المؤتمر تقريراً عاماً عن نشاطها خلال الدورة المنقضية كما تقدم برنامج عمل للمرحلة القادمة ليجيزه او يعدله ، كما ينتخب المؤتمر قيادة المنطقة واحتياطي لها .
    8- يجوز للجنة المنطقة عقد مؤتمر استثنائي إذا اقتضت ضرورة تطوير نشاطها وذلك بالتشاور والتنسيق مع مركز الحزب .
    9- لمؤتمر المنطقة الحق في مناقشة القضايا العامة التي تخص مجموع الحزب وأن يرفع توصياته وآراءه للجنة المركزية أو المؤتمر العام للحزب .
    10- يعتبر الحزب في الجنوب تنظيماً إقليمياً واحداً له قيادة منتخبة في مؤتمر فروع الحزب بالإقليم ، القيادة الإقليمية تخطط سياسة الحزب في الإقليم وفق المعطيات الموضوعية وتنوع الأشكال التنظيمية وأساليب النشاط الملائمة للإقليم كوحدة جغرافية سياسية.نسبة لظروف تباينه وتركيبه الاجتماعي والقبلي و يتم تنسيق العمل فيه بالتشاور مع اللجنة المركزية .
    11- لمركز الحزب الحق في عقد مؤتمرات بالمناطق مساعدة لها في تطوير عملها وأن يساعدها في الحملات السياسية العامة وغيرها من أوجه النشاط وذلك بالتشاور مع قياداتها.
    12-تنتخب لجنة المنطقة بالاقتراع السري من بين أعضائها سكرتيريها السياسي والتنظيمي والثقافي والمالي وأي مسئوليات أخرى يحتاجها عملها وترفع حيثيات ذلك للجنة المركزية للعلم والمتابعة .
    13- في حالة انتقال أي عضو من منطقة لأخرى على لجنة المنطقة إرسال توصية بالحيثيات الكاملة لوضعه الحزبي وعنوانه الواضح ليسهل توصيله وذلك في فترة أقصاها ثلاثة أشهر .
    14- الأعضاء القياديون بالأحزاب الأخرى بالمنطقة توافق على قبولهم اللجنة المركزية بتوصية من لجنة المنطقة .

    المادة(17):
    اللجنة المركزية :
    1- اللجنة المركزية هي القيادة العليا للحزب بين مؤتمرين متتابعين ، وهي التي تنفذ السياسات التي يصوغها ويضعها المؤتمر وتصدر صحف ومطبوعات الحزب وتشرف على مؤسساته وشئونه المالية وإعلامه وعلاقاته الخارجية ويعمل أعضاؤها في فروع الحزب ما أمكن ذلك .
    2- تقبل طلبات التفرغ للعمل بالحزب وفقاً للمادة(21) من الدستور وتبت في الإعفاء من التفرغ.
    3- تتصل وتنسق مع قيادات الأحزاب والهيئات الأخرى داخل البلاد وخارجها.
    4- تنتخب من بين أعضائها مكتباً سياسياً وسكرتارية لها وتكوِّن مكاتب متخصصة وتحدد مسئولياتها.
    5- تختار أعضاء المكاتب المتخصصة استناداً إلى حيثيات تقدمها فروع الحزب أو الهيئات التي يعملون بها.
    6- تعقد ثلاثة اجتماعات دورية في العام واجتماعات استثنائية إذا اقتضي الأمر.
    7- تحدد عدد أعضاء اللجنة المركزية في ضوء تطور الحزب ونموه وبناء على اقتراح تقدمه للمؤتمر العام .
    8- تعد تقريراً سنوياً عن النشاط الحزب الداخلي والجماهيري ينشر على الأعضاء .
    9- تجرى تقويماً دورياً لكادر الحزب في المجالات والمناطق المختلفة تقدم تقريراً بذلك للمؤتمر العام .
    10- يجوز للجنة المركزية عقد اجتماعات موسعة ذات طابع تخصصي تدعو لها الأعضاء المتخصصين في القضايا المختلفة .

    المادة(18):
    المكتب السياسي :
    1- المكتب السياسي هو الهيئة القائدة للحزب بين اجتماعي اللجنة المركزية.
    2- يتولي الأشراف على تنفيذ قرارات اللجنة المركزية وسياساتها ويقود المكاتب المتخصصة ولجان المناطق والمتفرغين وإعلام الحزب ، ويتولى الاتصال بالأحزاب والتنظيمات السياسية الأخرى.
    3- المكتب السياسي هو الذي يدعو لاجتماعات اللجنة المركزية ، أو إذا طلب ثلث أعضائها ذلك‘ ويتولى الإعداد لها ، ويقدم تقارير عن نشاطه لاجتماعاتها ويشمل تقويم أداء أعضائه .
    4- يعقد المكتب السياسي اجتماعات دورية منتظمة .

    المادة (19):
    سكرتارية اللجنة المركزية :
    5- تختار اللجنة المركزية سكرتارية وتتكون من السكرتير السياسي و التنظيمي والمالي و الإعلامي و الثقافي وسكرتيرين لمهام أخرى تحددهم وفق مقتضيات العمل .
    6- تتولي سكرتارية اللجنة المركزية العمل التنفيذي والإداري اليومي على ضوء قرارات اللجنة المركزية والمكتب السياسي.
    7- تتولي التحضير لاجتماعات المكتب السياسي .
    8- تقدم تقريراً لاجتماعات المكتب السياسي عن النشاط اليومي للحزب .
    9- تحفظ أرشيف الحزب ومستنداته وأوراقه والسجل الخاص بالكادر والعضوية وكل ما يتعلق بالنشاط الداخلي .
    المادة(20) :
    المؤتمر العام :
    1- المؤتمر العام هو أعلى سلطة في الحزب وهو الذي يحدد سياسات الحزب وأهدافه العامة ويجيز ويعدل برنامجه ودستوره وينتخب لجنته المركزية .
    2- أ. تتولي اللجنة المركزية الأشراف على التحضير للمؤتمر وعقده .
    ب. تختار اللجنة المركزية لجنة للتحضير للمؤتمر العام من بين أعضائها ومن الكادر النشط بعد الرجوع للفروع والهيئات، .
    3- يعقد المؤتمر دورياً مرة كل أربعة أعوام .
    4- تعلن الدعوة للمؤتمر الدوري وجدول أعماله قبل أربعة أشهر على الأقل من موعده.
    5- العدد الكلي للمؤتمر تحدده اللجنة المركزية ويعلن مع إعلان الدعوة للمؤتمر ويتكون من الآتي :-
    أ‌- ممثلين للمناطق ويتم اختيارهم من مؤتمرات المناطق وذلك عبر الانتخاب السري على أن تحدد اللجنة المركزية العدد الذي يمثل كل منطقة وأن يراعي في ذلك حجم العضوية والوزن السياسي والتنظيمي للمنطقة .
    ب‌- ممثلين للمكاتب المتخصصة ويتم انتخابهم بواسطة المكاتب .
    ج- أعضاء اللجنة المركزية أعضاء بحكم مناصبهم.
    د- يجوز للجنة المركزية أن تدعو من غير المنتخبين من المتخصصين وذوي الخبرة بعد التشاور مع المناطق والهيئات الحزبية ليشاركوا في مداولات المؤتمر كمراقبين و لا يتمتعون بحق التصويت .
    6- يحاسب المؤتمر اللجنة المركزية على أعمالها عن الدورة المنصرمة في ضوء تقرير شامل تقدمه له .
    7- النصاب القانوني للمؤتمر ثلثا أعضائه.
    8- أ. يحدد المؤتمر بتوصية من اللجنة المركزية عدد أعضاء اللجنة المركزية والاحتياطي.
    ب. تتولي اللجنة المركزية و لجنة الكادر تقديم قائمة المرشحين لعضوية اللجنة المركزية بحيثيات كاملة .
    ج- يحق لأي عضو أن يقدم نفسه مرشحاً وآخرين كمرشحين لقيادة الحزب حتى وإن لم يكن عضواً في المؤتمر شريطة أن تزكيه الهيئة التي يعمل بها.
    د- يجب تمثيل المرأة في اللجنة المركزية والمؤتمرات مع مراعاة قدراتها .
    هـ- تجري انتخابات اللجنة المركزية بسرية كاملة .
    9- أ. يجوز للجنة المركزية الدعوة لمؤتمر استثنائي في الحالات الآتية :-
    1. إذا نشأت قضايا تتجاوز صلاحياتها ولا تتحمل التأجيل إلى موعد عقد المؤتمر الدوري .
    2. إذا رأت هيئات تمثل نصف عضوية الحزب الدعوة لمؤتمر استثنائي.
    ب. يتمتع المؤتمر الاستثنائي بنفس صلاحيات المؤتمر الدوري ونفس الإجراءات غير أن الدعوة له يجب أن تعلن قبل شهر على الأقل من موعده

    المادة (21):
    المتفرغون :
    برهنت تجارب الحزب منذ تكوين حلقاته الأولى أن المتفرغين هم عصب الحزب و مرتكزة في حياته اليومية وفي المنعرجات والأزمات السياسية الحادة وهم ضرورة فكرية و سياسية و تنظيمية وإدارية لا غنى عنها لاستمرار الحزب واستقراره وتطويره واستناداً على تلك التجربة الغنية فإن إطاراً عاماً لابد أن يحكم عملية التفرغ في الحزب .
    1- تضع اللجنة المركزية خطة للتفرغ الحزبي وتشمل المهام التي تحتاج للتفرغ ونوعية المتفرغ الذي يغطي هذه الحوجة ( خبرته، مؤهلاته المعرفية ، قدرته على تأدية مهامه ، ظروفه الاجتماعية ... الخ ) .يمنح راتباٍ شهرياٍ يوفر له الحياة الكريمة أثناء التفرغ ومعاشاً بعد إنتهاء التفرغ.
    2- لجان المناطق تحدد احتياجها من المتفرغين وتبادر بترشيحهم على أن تجيزهم اللجنة المركزية .
    3- كل متقدم للتفرغ في الحزب ، بالمركز أو المناطق ، لابد من وضع اعتبار لتوصية الفرع أو الهيئة الحزبية التي يعمل بها.
    4- أ. التفرغ المؤقت : الهدف منه أداء مهمة حزبية محددة وتنطبق عليه حيثيات التفرغ الدائم كما في الفقرات أعلاه.
    ب. ينتهي التفرغ المؤقت في المدة الزمنية المحددة له إلا إذا رأت اللجنة المركزية بناء على طلب من الهيئة التي يعمل معها وبموافقته على مد الفترة لفترة محددة أخرى غير قابلة للتجديد.

    المادة (22):
    الكادر :
    نمو الحزب و تطوره واتساع نفوذه يستوجب عدداً من الكادر . ولتحقيق هذا الهدف لابد من مراعاة الآتي في إعداده وتأهيله:
    1- تضع اللجنة المركزية برنامجاً لحصر وتقسيم وإعداد الكادر في مجموع الحزب .
    2- يتلقى الكادر التدريب النظري والعملي وفق خطة سنوية .
    3- يراعى توزيع المسئوليات والمهام على الكادر في إطار قدراته وإمكاناته وظروفه وأن لا يرهق الكادر بتحمله مسئوليات ومهاماً أكبر من طاقته وأن يراعي عامل السن في إسناد المسئوليات .
    4- الكادر الذي يحتل موقعاً قيادياً لابد من تحديد المدة التي يقضيها بالهيئة القيادية .
    5- إعداد سجل لكل عضو حزب منذ دخوله الحزب يشتمل على معلومات وافية عن نشاطه وحياته الحزبية .





    المادة (23) :
    هيئة التنسيق :
    1- تضم أعضاء الحزب العاملين في قيادة منظمة أو مؤسسة جماهيرية نقابية او مجلس الحكم المحلي أو غيرها .
    2- مهمتها تنسيق عمل ونشاط أعضاء الحزب في المجال الوارد ذكره في البند (1) تحت أشراف وقيادة الهيئة الحزبية أو فرع المنظمة أو المؤسسة في مجاله وتنفيذ القرارات الصادرة منها ولا يتجاوزها.
    3- لا تتولى هيئة التنسيق في المجال المحدد أي مسئوليات قيادية تجاه هيئة تنسيق أخرى .
    4- في حالة وجود ضرورة للتنسيق بين هيئات في مركز الحزب ومناطق أخرى لإنجاز عمل مشترك فإن المكتب المتخصص للتنظيم يتولى مسئولية التنسيق بينها لتوحيد موقفها في الموضوع المحدد.

    الفصل الخامس
    المنظمات وأدوات الاتصال بالجماهير
    المادة (24):
    المنظمات الجماهيرية:
    2- يعمل الحزب على تنظيم الجماهير العاملة من خلال نشاط أعضائه في كافة ميادين النضال السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي ويساهم في بناء وتعزيز نقابات العمال واتحادات المزارعين والرعاة والموظفين والمهنيين والحرفيين والطلاب والنساء والشباب والمبدعين وهيئات السلام والتضامن مع الشعوب والجمعيات التعاونية والروابط الإقليمية والخيرية وجمعيات حماية البيئة والمنظمات الأهلية الطوعية ومنظمات حقوق الإنسان وغيرها من منظمات المجتمع المدني التي تبتدعها وتبنيها الجماهير لخدمة مصالحها وتحسين مستوى حياتها المادية والروحية .
    3- يلتزم عضو الحزب إزاء هذه المنظمات بالآتي:
    أ‌- يسهم في دراسة قضاياها وأهدافها ومطالبها وتنمية قدراتها التنظيمية والسياسية لتؤدي دورها بكفاءة.
    ب‌- يحترم أهدافها ويسمو عن تسخيرها لأعمال خارجه عنها.
    ج- يحافظ على نظامها ووحدتها واستقلالها وأن يكون قدوة في تنفيذ قراراتها والدفاع عنها وصيانة ممتلكاتها وأموالها.
    د- لا يتهاون مع الاتجاهات الانتهازية والفوضوية التي تخرق نظامها وتقوض وحدتها وتضر بنموها.
    3- لا يتسامح الحزب مع جماعة أو فرد من أعضائه يحتل موقعاً قيادياً في هذه المنظمات التي وصل إليها بنفوذ الحزب ويتصرف كما لو كان ذلك الموقع نتاج نفوذه الشخصي ، ويسئ من فوقه لسمعة الحزب بسلوك يتناقض وخط الحزب وتقاليد الشعب الطيبة .


    المادة(25):
    المنظمات الديمقراطية :
    المنظمات الديمقراطية هي منظمات جماهيرية نشأت تاريخياً على أرضية التحالف الثابت بين أعضاء الحزب والديمقراطيين وسط طبقة أو فئة اجتماعية ويتحمل أعضاء الحزب مسئولية خاصة في توطيدها وتوسيعها وتطوير برنامجها ونشاطها على الأسس التالية :
    1- المساواة الكاملة بين أعضاء التنظيم .
    2- الإلتزام ببرنامج وقرارات التنظيم دون فرض وصاية أو رأي من فروع الحزب أو أي هيئة حزبية .
    3- أعضاء الحزب يعملون لإقناع الأطراف الأخرى بوجهة نظر الحزب بطرق ديمقراطية وأساليب واضحة ومباشرة .

    المادة(26):
    إعلام الحزب :
    1- يصدر الحزب صحفاً ودوريات ووسائط إعلام أخري ويؤسس دوراً ومراكز للمعلومات تحت إشراف المكتب السياسي.
    2- إعلام الحزب أداة فاعلة للتوجيه وتنظيم وتعبئة الجماهير حول أهدافه وسياساته وشعاراته ويقوم بدور إيجابي في تطوير حركة المجتمع السياسية والفكرية .
    3- على إعلام الحزب أن يلتزم بالمبادئ الأساسية التالية :
    أ‌- أن يدافع عن الديمقراطية والسيادة الوطنية والوحدة الوطنية
    ب‌- أن يعمل على تنمية قيم التضحية ونكران الذات في سبيل الأهداف والقيم الإنسانية الأصيلة.
    ج- أن يدافع عن السلم العالمي والصداقة والتآزر بين الشعوب وعن سياسة حسن الجوار ويفضح الخطط الامبريالية والأفكار التي تشيع الانهزامية والانحلال والفساد.
    4- يسلك إعلام الحزب في أداء مهمته طريق المعلومة الصحيحة والتوضيح المنطقي والسمو عن المهاترات والافتراء والابتزاز.
    5- يستمع العاملون في إعلام الحزب إلى أراء وملاحظات وانتقادات أعضاء الحزب والجماهير عموماً وأن يستجيبوا للمقنع منها.
    6- يسعى الحزب لاستخدام الوسائل المتقدمة في الطباعة والنشر والتوزيع في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وإنشاء مكتب مركزي لهذه المهام .

    الفصل السادس
    علاقات الحزب الخارجية
    المادة(27):
    يمارس الحزب علاقاته الدولية على الأسس التالية :
    1- احترام المواثيق الدولية والإقليمية .
    2- السعي لتنمية العلاقات مع الأحزاب الشيوعية والتقدمية في إطار التضامن والنضال المشترك دون تفريط أو مساس باستقلاليته.
    3- دعم نضالات الشعوب التي تتعرض للقهر والاضطهاد.
    4- التضامن مع شعوب العالم المناضلة في سبيل الحرية والديمقراطية والتقدم الاجتماعي والسلم ولدرء نشوب حرب عالمية ، ومن أجل المحافظة على البيئة وفي سبيل نظام دولي عادل وضد القهر والتمييز الأثني والنوعي ولمكافحة الأوبئة والمخدرات وحق كل شعب في استغلال موارده وتقرير مصيره .
    5- يسخر الحزب علاقاته الخارجية والدولية لمصلحة الشعب السوداني .

    الفصل السابع
    مالية الحزب
    المادة (28):
    المالية :
    1- تتكون مالية الحزب من اشتراكات أعضائه وتبرعاتهم وعائد بيع المطبوعات الحزبية وتبرعات أصدقاء الحزب والمتعاطفين معه ومن مال التضامن ومن دخل المؤسسات الحزبية.
    2- يدفع كل عضو اشتراكاً شهرياً يعادل 3% من مجموع دخله كحد أدنى .
    3- الأعضاء الذين يتقاضون أجراً إضافياً بجانب عملهم الثابت يدفعون عنه نفس النسبة المقررة في البند(2).
    4- الأعضاء الذين لا يعملون بمرتب ثابت يقرر فرع الحزب أو الهيئة التي يعملون فيها وبوجودهم متوسط الدخل الذي يحصلون عليه لدفع النسبة المقررة في البند(2).
    5- الأعضاء الذين يحصلون على مرتبات أو مكافآت بفضل موقع يحتلونه كممثلين للحزب تحدد اللجنة المركزية النسبة التي يسهمون بها في مالية الحزب وفقاً لظروف كل عضو.
    6- اللجنة المركزية هي المسئولة عن اموال الحزب وتجيز ميزانيته السنوية .
    7- ينشأ مكتب للمالية والموارد يتولى جمع أموال الحزب والصرف حسب احتياجات الحزب تحت أشراف اللجنة المركزية و يقدم تقريراً شهرياً للمكتب السياسي وينشر التقرير السنوي المقدم للجنة المركزية بالشكل الملائم .
    8- يجوز وفق احتياجات الحزب تنظيم حملات تبرعات عامة بموافقة اللجنة المركزية أو جزئية بموافقة المكتب السياسي وفي نهاية كل حملة تقدم تقارير وافيه ودقيقة بما أنجز من أهدافها.
    9- تحدد كل منطقة نفقاتها السنوية ومساهمتها الشهرية في مالية مركز الحزب وذلك بموافقة اللجنة المركزية .
    10-كل أوجه الصرف الحزبي تعتمد في الهيئات الحزبية .
    11-تحدد نسبة من دخل الفروع لتغطية مصروفاتها وذلك وفق مناقشة تتم سنوياً بين لجنة المنطقة والفروع.
    12-كل أموال الحزب في كل المستويات خاضعة للمراجعة سنوياً بواسطة فريق مراجعة تكونه اللجنة المركزية .
    13-أ. اللجنة المركزية مسئولة عن ممتلكات الحزب وتنتخب من بين أعضائها ومن الكادر المتخصص لجنة للإشراف على ممتلكات الحزب ومؤسساته .
    ب. تقدم اللجنة تقريراً سنوياً عن نشاطها.

    الفصل الثامن
    إجراءات دستورية
    المادة(29):
    احترام دستور الحزب :
    1- دستور الحزب هو الذي يحدد العلاقة بين أعضاء الحزب ومنظماته وبين الجماهير وهو الذي يصون وحدته ووحدة الإرادة والعمل داخله ويؤمن بقاءه وتطوره ولذلك فإن احترامه والالتزام به وفق أحكامه شرط أساسي لعضوية الحزب .
    2- يجوز تقريظ أي عضو هيئة حزبية إذا ضرب مثلا في احترام الدستور وقام بأعمال تتسم بالإخلاص لقضايا الحزب والشعب ويجوز نشر هذا التقريظ على بقية الأعضاء والهيئات.
    3- في حالة الإخلال بالدستور أو خرقه من جانب عضو أو هيئة تتخذ الإجراءات التنظيمية بحقه أو حقها حسب كل حالة وتشمل تلك الإجراءات التوجيه ، الانتقاد والتوبيخ ويجوز نشرها إن دعي الحال.
    4- أعمال التكتل والانقسام هي أخطر حالات خرق الدستور تتخذ الإجراءات التالية بعد التقصي:
    أ‌- الإنذار بالفصل أو الفصل.
    ب‌- حل الفرع أو الهيئة أو لجنة المنطقة وإعادة تكوينها على أسس ديمقراطية .
    ج- يتم حل الفرع بواسطة الهيئة القائدة له بعد التشاور مع الهيئة القيادية الأعلى من المنطقة المعنية وتنشر أسباب الحل على الأعضاء .
    د- حل الهيئات والمكاتب المركزية ولجان المناطق تقوم به اللجنة المركزية بعد التقصي الشامل والدقيق للحقائق ونشر حيثيات الحل وإعادة التكوين على أعضاء الحزب .

    المادة (30):
    تعديل الدستور : يتم تعديل الدستور بثلثي أعضاء المؤتمر العام .


    المادة(31) :
    رفع بعض بنود الدستور :
    في الظروف الاستثنائية التي تُفرض على الحزب يحق للجنة المركزية استناداً للظرف السياسي المحدد رفع تلك البنود من الدستور التي تعرض ممارستها سلامة الحزب للخطر وذلك بأغلبية ثلثي أعضائها وأن تضع ضوابط مؤقتة للعمل وفقاً للشروط التالية :
    1- لا يمس رفع تلك البنود بقية حقوق الأعضاء الديمقراطية .
    2- أن يراعي رفع البنود ظروف المناطق المختلفة خاصة النائية وبعض فروع الخارج .
    3- ينشر قرار الرفع بالتحديد الواضح للبنود المرفوعة وأسباب وحيثيات رفعها على أعضاء الحزب.
    4- تلغي اللجنة المركزية قرار رفع البنود مباشرة بعد زوال الظروف الاستثنائية التي فرضته وينشر ذلك على أعضاء الحزب .

                  

08-13-2009, 09:09 PM

Badreldin Ahmed Musa
<aBadreldin Ahmed Musa
تاريخ التسجيل: 07-03-2008
مجموع المشاركات: 1467

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: elsawi)

    سلام

    بس ارجع الشباب شوية للجذور، معليش بالانجليزي لكن بنفع لمن يريد ان ينتفع.

    هذا ما كتب انجلز عن الموضوع:

    Second Article
    Deutsche-Brüsseler-Zeitung No. 80, October 7, 1847
    The Communists — this we established in the first article — are attacking Heinzen not because he is no Communist, but because he is a bad democratic party writer. They are attacking him not in their capacity as Communists but in their capacity as democrats. [..............]As long as democracy has not been achieved, thus long do Communists and democrats fight side by side, thus long are the interests of the democrats at the same time those of the Communists. Until that time, the differences between the two parties are of a purely theoretical nature and can perfectly well be debated on a theoretical level without common action being thereby in any way prejudiced. Indeed, understandings will be possible concerning many measures which are to be carried out in the interests of the previously oppressed classes immediately after democracy has been achieved, e.g. the running of large-scale industry and the railways by the state, the education of all children at state expense, etc.

    http://www.marxists.org/archive/marx/works/1847/09/26.htm

    سارجع بالمزيد وربما بالترجمة نهاية اليوم.
                  

08-13-2009, 09:09 PM

elsawi
<aelsawi
تاريخ التسجيل: 06-13-2003
مجموع المشاركات: 4340

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: elsawi)

    وده التقرير السياسي المقدم للمؤتمر الخامس
    و كان الله وداك السودان امشي مركز الحزب في نمرة 2
    وادفع ليهم العشرة جنيه بتاعة المطبوعات دي
    وكان ما دفعتها زول بسألك مافي
    اها قصرنا معاك؟

    Quote:
    التقرير السياسي العام
    المجاز من المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوداني يناير 2009م

    إضاءة حول التقرير العام:
    • اعُتمد لأعداد التقرير العام للمؤتمر الخامس، ذات الوجهة والمواصفات التي تم على ضوئها إعداد التقرير العام للمؤتمر الرابع (الماركسية وقضايا الثورة السودانية). ذلك ان تلك الوجهة لا تزال بصورة عامة سليمة. مفردات هذه الوجهة هي:
    أ‌- التقرير العام لن يكون سرداً للأحداث فما أكثرها.
    ب‌- يهتم التقرير بالأحداث الكبرى التي أثرت ولا تزال تؤثر على مجريات الحياة في بلادنا.
    ج‌- يهتم بالقضايا الفكرية ذات الأثر على سير العمل الثوري في بلادنا.
    د‌- يناقش تجاربنا سلباً وإيجاباً بهدف توسيع الحركة الثورية وإجراء تحسينات أساسية في أدوات نضالها.
    هـ- يوضح آفاق الثورة.
    • وبعد الوقوف على المناقشات التي دارت في سكرتارية اللجنة المركزية للحزب حول هذه الوجهة والمواصفات، وعلى المساهمات الواردة في الأوراق التي رفعها بعض الزملاء والزميلات التي تضمنت بعض المقترحات لما يجب ان يشمله التقرير العام، طُرحت ضوابط إضافية للوجهة العامة لتقرير السياسي وهي:
    1- عدم التصدي لطرح مهام برنامجية في التقرير العام. فهذه مكانها الطبيعي المناسب هو البرنامج. التقرير العام يركّز على الأساس النظري والوجهة العامة لبرنامج الحزب وأساليب عمله استناداً إلى الدراسة النقدية لما هو واقع.
    2- تجاوز الأسلوب السوفيتي الذي يركّز بصفة خاصة، في كتابة التقارير للمؤتمرات، خاصة المنشورة أو المعلنة أو عموماً تلك التي يتاح لنا الإطلاع عليها، على العملية الثورية العالمية أكثر من تركيزها على الأوضاع الداخلية، من منطلقات التقدم في العملية الثورية العالمية إبان فترة القطبية الثنائية للعالم. وبطبيعة الحال اتضح ان هنالك قضايا داخلية عديدة نوقشت داخل تلك المؤتمرات، لكنها عادة لا تتاح لنا الوقوف عليها.
    ولكن هذا التجاوز، بما يتطلبه واقع الحركة اليوم، يجب ان لا يحجب عنا ان الأوضاع الداخلية التي تجري في إطار صراعات عالمية وإقليمية تؤثر فيها بهذا القدر أو ذاك. أضف إلى ذلك ان هناك اليوم متغيرات نوعية جديدة، سلبية وإيجابية، في الساحة العالمية، تتطلب ان نعطيها الأسبقية في التقرير، كالانهيار في المعسكر الاشتراكي، والعولمة، والتطورات الإيجابية في بعض بلدان أمريكا اللاتينية، خاصة وهي تلقي بظلالها وآثارها على معظم أبواب التقرير، غير أن معالجة هذه المتغيرات النوعية الجديدة يجب أن لا تقود إلى اختزال معالجة الأوضاع الداخلية في السودان .
    * وبناءاً على ذلك فان التقرير يسعى لمعالجة المتغيرات الأساسية في الوضع العالمي والإقليمي، وفي الواقع السوداني، ويطرح المهام التي تواجه العمل الثوري في الفترة القادمة. ويحدد بدقة التصور للأفق الاشتراكي، كما يطرح قضية تأهيل الحزب فكرياً وسياسياً وتنظيمياً ليجدد نفسه ويواكب هذه المتغيرات، ويواصل مشواره في البناء استناداً إلى أفكار ومفاهيم الخط التنظيمي.
    * لن يكون التقرير العام، بمثابة رصد لنشاط مركز الحزب منذ المؤتمر الرابع، من زوايا: اجتماعات اللجنة المركزية للحزب ونشاطها بين المؤتمرين، وما طرحته من قضايا ومواقف الخ، مثل هذه المتابعة والتقويم مكانها تقرير منفصل بعنوان: "التقرير التنظيمي".
    * كذلك لن يكون التقرير تاريخاً للحزب منذ المؤتمر الرابع، ولكن طبيعي ان المؤتمر من صلاحياته تكوين لجنة أو تحديد جهة ما لاستكمال كتابة تاريخ الحزب الذي بدأه الشهيد عبد الخالق بكتيب "لمحات من تاريخ الحزب". وحقيقة يفتقر الحزب إلى توثيق واف وصحيح ودقيق لتاريخه. وطبيعي ان مثل هذا التوثيق يصبح أكثر مشقة مع مضي الزمن.
    ونحن الآن فقدنا كل مؤسسي الحزب باستثناء أفراد قلائل. وهناك مناطق حزبية رحل جُلَّ الذين شاركوا في تأسيسها. إن مهمة التأريخ لحزبنا ليست مهمة ثانوية. بل لها قيمة تاريخية وفكرية ونضالية عظمى.( الما عندو قديم يشتري ليهو واحد). ونحن عندنا قديم عظيم . إن المأثرة التي حققها من أسسوا الحزب الشيوعي السوداني، ومن واصلوا بناء الحزب ونضاله، تستحق ان تسجل وتنشر. فهي ذات قيمة لنا وللبلدان ذات الظروف والواقع المشابه لواقعنا. إنها تؤكد قدرة المنهج الماركسي على التعامل مع هذا الواقع وبناء حزب متقدم فيه والحفاظ عليه.كما إنها تؤكد القدرات الفكرية والنضالية الكبيرة التي أبداها مؤسسو الحزب وأعضاؤه رغم ما تعرضوا له.
    * واتُخذت المراجع الآتية كأساس لصياغة هذا التقرير .
    1- كتيبات الحوار الداخلي والسمنارات التي تضمنت آراء الزملاء والهيئات الحزبية والفروع لتجديد الحزب.
    2- تقرير المؤتمر الرابع "الماركسية وقضايا الثورة السودانية" كهمزة وصل بين المؤتمرين الرابع والخامس (إثبات ما له راهنيته وإضافة ما طورنا أفكارنا حوله، خاصة بالنسبة لبناء الحزب).
    3- الدراسات التي أُعدت لصياغة البرنامج الذي سيقدم للمؤتمر الخامس.
    4- دورات اللجنة المركزية ( وبصفة خاصة دورة أغسطس 2001).
    5- مطبوعات حزبية متنوعة (حول البرنامج، قضايا ما بعد المؤتمر، لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي السوداني، الخطابات الداخلية التي أصدرها مركز الحزب خلال السنوات الماضية .. الخ).

    أُتبع المنهج الآتي لصياغة التقرير :
    أ‌- سيادة النظرة الانتقادية التي لا يتطور العمل بدونها.
    ب‌- وفق قدرات الحزب حالياً في هذه الظروف، وكسباً للوقت، فان مشروع التقرير للمؤتمر الخامس لن يغطّي كل القضايا بصورة شاملة ومكتملة. لذا نركّز على القضايا الجوهرية وقضايا الساحة السياسية الراهنة. وطبيعي ان المؤتمر السادس سيستكمل النقص في ظروف أفضل واحسن تتمكن فيها تنظيمات الحزب على المستوى الوطني من تطوير الدراسة الباطنية للمجتمع السوداني التي بدأها المؤتمر الرابع.
    ج‌- لا يكفي ان نقول أو نعلن على رؤوس الأشهاد اننا سنجدد الحزب، بل لابد ان تتخلل التقرير كله، كوجهة محددة مدعومة بأكبر قدر من الحيثيات والأسانيد، سياستنا لتجديد الحزب فكراً وبنياناً وممارسات، إستناداً إلى دراستنا الانتقادية لتجربتنا وإلى دروس تجربة الانهيار في المعسكر الاشتراكي. وعلى سبيل المثال يشمل هذا: الانفتاح والإستنارة في التعامل مع المنهج الماركسي، مفهوم التغيير الاجتماعي والتحول الاشتراكي في الماركسية الديمقراطية وحقوق الإنسان ..... الخ . نبذ أفكار الطليعية والموروث الستاليني،
    د- لضرورة توسيع المشاركة طرحت تكليفات محددة لعدد من الزملاء والزميلات والهيئات الحزبية داخل وخارج السودان، على سبيل المشاركة في إعداد بعض مواد التقرير من بينها البحث في علاقة الحزب الشيوعي بالطبقة العاملة وحركة الشباب والنساء وقضايا التعليم العالي والعام والملامح والأساليب الجديدة الملائمة للعمل بين الطلاب، والأوضاع السياسية والاجتماعية في جنوب الوطن بعد نيفاشا وآفاق الوحدة والعمل الديمقراطي في الجنوب، والتحالفات الديمقراطية ضد الاحتكارات في البلدان الصناعية المتطورة، والمنبر العالمي لمناهضة الوجه المتوحش للعولمة، وتجربة التجمع الوطني الديمقراطي وتجربة مجد، وجبهة حقوق الإنسان وقضايا التضامن .. الخ.
    وبصورة مباشرة شاركت مكاتب: الجنوب، الشباب، الدراسات النقابية، طلاب الجامعات، الثانويات، العلاقات الخارجية. وكذلك عدد من الزميلات تم تحديدهن عن طريق تنظيم الحزب بالعاصمة القومية. ومما يجدر ذكره عقدت لقاءات مشتركة مع ممثلين لمعظم هذه الجهات لمناقشة الأوراق التي تم إعدادها بناءً على طلبها.
    ان توسيع المشاركة يكفل ان يأتي التقرير – إلى جانب المادة الواردة في كتيبات الحوار الداخلي – نتاجاً لعمل وجهد جماعيين يغطيان الأطر والمحاور الثلاثة: متغيرات العصر والوضع العالمي الراهن ومتغيرات المجتمع السوداني وتأهيل الحزب فكرياً وتنظيمياً وسياسياً لمهامه. وبطبيعة الحال ستظل هذه المحاور والأطر مفتوحة للتطوير النظري والفكري أمام العقل الجمعي للحزب بعد المؤتمر بمختلف الأشكال والأساليب الواجب ابتداعها: مركز دراسات ودوريات فكرية وورش عمل تتمتع بإدارات ذات استقلال واسع وتصبح سمة ثابتة في حياة الحزب ونشاطه.
    واستناداً إلى ان يكون التقرير متضمناً القضايا والمواضيع التالية:
    واستناداً إلى ذلك يكون التقرير متضمنا للقضايا والمواضيع التالية :-
    1- الوضع العالمي والإقليمي
    2- الأوضاع الداخلية في السودان
    3- قضايا فكرية وسياسية
    4- بناء الحزب


    قدمت اللجنة المركزية النقد الذاتي الآتي و أجازه المؤتمر
    * نقد ذاتي حول تأخير انعقاد المؤتمر الخامس:
    40 عاماً بدون مؤتمر !!
    من قضايانا الكبيرة التي تنتظر العلاج في المؤتمر الخامس ان حزبنا لم يعقد مؤتمراً طيلة الأعوام الأربعين الماضية، علماً بان النظام الداخلي ينص على عقد المؤتمر مرة كل عامين.
    ان مؤتمرات الحزب هي مواسم التشمير عن ساعد الجد واستنهاض الهمة والفكر لمراجعة أداء الحزب في كل مفاصله وتصحيح الأخطاء وحل المشكلات النظرية والعملية التي تعترض نشاطه ولمحاسبة اللجنة المركزية للحزب عن أعمالها . إن المؤتمرات الحزبية تحتل موقعاً مفصلياً في ممارسة الرقابة الجماعية والديمقراطية الداخلية والحياة المعافاة داخل الحزب . ان عدم عقد المؤتمر الخامس وغياب المؤتمرات طيلة أربعين عاماً تقصير جسيم لابد من النظر في أسبابه ومعالجتها وتحديد المسئولية فيها واتخاذ كل ما يلزم لمنع تكرارها. ان عقد المؤتمرات في مواعيدها من شروط ترسيخ الديمقراطية في الحزب.
    وحسب النظام الداخلي فان مسئولية دعوة المؤتمر للإنعقاد والتحضير له تقع على عاتق اللجنة المركزية. ويجيز النظام الداخلي أيضاَ دعوة المؤتمر للإنعقاد بناءً على طلب من منظمات حزبية تمثل ما لا يقل عن ثلثي أعضاء الحزب، إلا انه لم يبين كيفية عقد المؤتمر في هذه الحالة.وهي حالة تعني وجود مشكلة داخل الحزب تحتاج لحل . ويبدو انه ترك ذلك للظروف وقدرات الكادر.
    فما الذي عطل عقد المؤتمر الخامس؟
    نأخذ في الاعتبار أنه لم يتبق من أعضاء اللجنة المركزية التي انتخبها المؤتمر الرابع في مواقعهم سوى 6 . وخلال الأعوام الأربعين الماضية جرت أحداث غيّرت من وجه البلاد ومن حالة الحزب بصورة شاملة . وقد تغيّرت تركيبة اللجنة المركزية عدة مرات . ومع ذلك فأن اللجنة المركزية بتركيبتها القائمة الآن تتحمل مسئولية كامل الإجابة على السؤال عن أسباب عدم انعقاد المؤتمر الخامس . ذلك إن المسئولية هنا تضامنية ، وفق النظام الداخلي ، يتحملها فردياً وجماعياً كل من قبل أن يكون عضواً في اللجنة المركزية .
    ونأخذ في الاعتبار أيضاً ما استجد في حزبنا وبلادنا من تطورات وأحداث منذ المؤتمر الرابع كان من أبرزها إن تياراً يمينياً تصفوياً أخذ في التشكّل والتكّون داخل اللجنة المركزية ووسط الكادر القيادي الجماهيري والتنظيمي المحيط بها خلال الصراع السياسي والاجتماعي الذي احتدم في البلاد بين القوى الوطنية الديمقراطية والحلف اليميني الرجعي .وكان صوت ذلك التيار خافتاً من الناحيتين الفكرية والعملية. ثم وقع انقلاب 25 مايو 1969، الذي سرعان ما تمخض عن سلطة من البرجوازية الصغيرة أرادت الاستقواء بالشيوعيين دون حزبهم . ووجد التصفويون في السلطة الجديدة سنداً شجعهم على رفع صوتهم . ونشب صراع حاد داخل الحزب الشيوعي. وفي أغسطس 1969 قررت اللجنة المركزية بناء على اقتراح من عبد الخالق عقد مؤتمر تداولي لكادر الحزب لحسم الخلاف حول التكتيكات، وأستمر التحضير للمؤتمر عاماً كاملاً احتدم العداء أثناءه بين الحزب من جهة والسلطة وحلفائها التصفويين من جهة أخرى ، وتم خلاله نفي عبد الخالق إلى مصر ثم اعتقاله تحفظياً لفترة ثم أطلاق سراحه . وعقد المؤتمر في 21 أغسطس 1970، وانتهى بهزيمة ساحقة للتصفويين الذي انتهى بهم الأمر إلى الخروج من الحزب في انقسام هو الأكبر في تاريخه ضم 40% من أعضاء اللجنة المركزية وعشرات من كادر الحزب. وفي 16 نوفمبر التالي نفذت السلطة نصيبها من ردة الفعل بإبعاد بابكر النور وهاشم العطا وفاروق حمد الله من جميع مناصبهم ، كما اعتقلت عبد الخالق وعز الدين على عامر . ومضى الصراع في طريق التصعيد إلى نهايته المعلومة في 19 يوليو ومذابح 22 يوليو واعتقالات الشيوعيين ومطارداتهم والتنكيل بهم .
    ولم تكن الأوضاع تسمح حتى نهاية حكم نميري بعقد مؤتمر ، بما في ذلك خلال الفترتين القصيرتين للاسترخاء السياسي اللتين صاحبتا إجازة الدستور عام 1973 والمصالحة عام 1977.
    ونفس الشيء يمكن أن يقال عن الأوضاع بعد 30 يونيو 1989 حتى يناير 2005 . غير أن الصورة تغيرت بعد انتفاضة أبريل 1985 التي أسقطت ديكتاتورية نميري واستعادت الديمقراطية . وصار ممكنا بالفعل ضمن أمور أخرى ، عقد المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي متأخراً 20 عاماً تقريباً .
    كما يمكن القول إنه منذ 2005 صار ممكناً الشروع في الإجراءات العملية لعقد المؤتمر . وكانت المناقشة العامة التي أُفتتحت بقرار من اللجنة المركزية عام 1992 قد عكست رغبة حقيقية لدى الأغلبية الساحقة من الشيوعيين للتداول حول القضايا التي تشكل جدول أعمال المؤتمر الخامس . وتقدم نتيجة المناقشات أساساً متيناً لتطوير حزبنا وتعزيز وحدته .
    يمكن القول أن السبب الرئيسي لتعطيل انعقاد المؤتمر كان تغليب الاعتبارات التأمينية لسلامة الحزب وكوادره على ضرورات التمسك بقواعد النظم الحزبية ومبادئها. ولقد كان في الإمكان اختيار وتطبيق بدائل تتيح عقد المؤتمر بتنازلات في بعض الجوانب ( مثل عدد أعضاء المؤتمر) بأشكال التفويض ، تجنباً لغيابه أكثر من أربعين عاماً . وهو تقصير جسيم تتحمل مسئوليته دون شك اللجنة المركزية .

    الفصل الأول
    الوضع العالمي والإقليمي

    أ-التجربة الاشتراكية السوفيتية
    ب-تجربة النمط السوفيتي والماركسية
    ج- العولمة
    د- العالم الثالث: أفريقيا والعالم العربي والتطورات في بعض بلدان أمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا

    أ- التجربة الاشتراكية السوفيتية:
    مترسمين خطى المدرسة الموضوعية في علم التاريخ، نبتعد عن حرف "لو" الشرطي في تقويمنا للتجربة الاشتراكية السوفيتية، التي أمتدت في الزمان لما يقرب من ثلاثة أرباع القرن (1917- 1991). وقد حققت هذه التجربة خلال هذا المدى الزمني انتصارات كبيرة وباهرة، وكذلك ارتكبت أخطاء كبيرة ومدمرة. فهي تجربة إنسانية رائدة جديرة بالتقويم الموضوعي واستخلاص الدروس المناسبة منها للتزود بها مستقبلاً. فالتاريخ نفسه يعلمنا ان الهزيمة والفشل ما هما إلا مأساة كارثية تثير كوامن الأسى والحزن والغضب الثوري النبيل. والنضال ، كما قال كارل ماركس، لا يسير دوماً في خط صاعد إلى النجاح. ولكن تكرار الهزيمة والفشل مرة بعد أخرى بأثر ذات العوامل والأسباب التي قادت لهما في المرة الأولى، فهو ملهاة بائسة لا تثير إلا الرثاء والسخرية ولا تستحق غير اللعنات.
    والواقع ان هناك محاولات عديدة جرت، ولاتزال تجري، لقطع الطريق أمام التقويم الموضوعي لتلك التجربة. فهناك مثلاً الدعوة لفتح ملف صراعات البلاشفة مع خصومهم السياسيين مجدداً، ومن ثم الوصول لإستنتاج مفاده ان ثورة اكتوبر الاشتراكية كانت خطأً تاريخياً كبيراً وكفى !! وفي ذات السياق هناك الزعم بان الاشتراكية السوفيتية لم تولد من رحم رأسمالية متطورة، وبالتالي لم يكن هناك مجال لإصلاحها من الداخل وتصحيح مسارها، بل انه كان مكتوباً لها الهلاك المحتوم والأكيد في نهاية الأمر.
    ومن ناحية أخرى هناك المنبهرون بالتجربة السوفيتية للدرجة التي يستبعدون معها كلية وجود أية أسباب داخلية للإنهيار. ويعزون بالتالي ما حدث من انهيار للتآمر والضغوط الخارجية وخيانة بعض القادة السوفييت. وبطبيعة الحال ما كان بإمكان تآمر وضغوط الامبريالية، وسباق التسلح الذي كان يمتص ثلث الدخل القومي السوفيتي سنوياً، ونشاط أعداء الاشتراكية داخلياً ان ينجح في مرماه لو لا وجود أخطاء داخلية في تجربة النمط السوفيتي.
    وهناك التقويم الذي يروّجِ له مفكرو الامبريالية الذين طووا جميع الصفحات، وزعموا ان الصنم الماركسي بالذات قد سقط بصوت أكثر دوياً في الانهيار الاشتراكي الكبير، وان المسمار الأخير قد تم دقه في تابوت البديل الماركسي لليبرالية الغربية. ثم ينشط هؤلاء المفكرون في إرساء منظومة مفاهيم وطروحات ما بعد الماركسية والصراع السياسي / الاجتماعي على حد زعمهم.
    مهما يكن الأمر، فان البحث والتقصي سيستمر لسنوات عديدة في التجربة الاشتراكية السوفيتية، للوقوف على مجمل العوامل الداخلية والخارجية التي أودت بها للانهيار. وهناك حالياً رؤية جديدة لأسباب الانهيار عبّرت عن نفسها في عدد من المؤلفات الحديثة، وعموماً الموضوع برمته يحتاج منا لتمحيص شديد خاصة ونحن لم نلامس تلك التجربة بعمق. ولكن ما يمكن قوله بكل اطمئنان، إن انهيار التجربة الاشتراكية السوفيتية جاء نتيجة لانعدام الديمقراطية الذي قاد لتفاقم أخطاء لا مفر منها مع تجربة جديدة. إن ما انهار حقيقة هو النموذج الستاليني للاشتراكية وليس الحلم الاشتراكي والنظرية الاشتراكية التي تحتاج طبعاً للتجديد الثوري الجذري بما يجعلها قادرة على تقديم بديل اشتراكي علمي، واقعي وديمقراطي.
    غير ان تزامن التصدع والانهيار في بلدان اشتراكية عديدة، وفي نماذج التطور اللاراسمالي المترسم خطى النمط السوفيتي في انحاء مختلفة من العالم، كفيل بان يلفت الانتباه لوجود سلبيات وأخطاء داخلية مشتركة في تلك التجارب مهدت الطريق للهزيمة وقادت لها.

    فما هو الإطار العام الذي نقّوم على ضوئه تلك التجربة الرائدة؟
    لقد كانت ثورة اكتوبر الاشتراكية ثورة عمالية وشعبية حقيقية باعتراف خصومها جميعاً. ورغم حروب التدخل والحصار الاقتصادي من الدول الإمبريالية، ومن القوى الطبقية الداخلية التي كانت تشكل دعامات اجتماعية للنظام القيصري شبه الإقطاعي، صمدت وانتصرت. ثم خاضت معارك بناء مستقلة تمكن بأثرها الاتحاد السوفيتي من اختراق جبهة الرأسمالية العالمية ووصل إلى مصاف قوة عالمية عظمى في زمن قياسي وجيز. واستناداً إلى انجازاته الاقتصادية الكبيرة تمكّن من تحقيق قدر ملموس من العدالة الاجتماعية والرفاه لشعوبه، كما تجلى في كفالة حق العمل وتلبية الاحتياجات المعيشية والخدمية. كما تمكن من الإسهام الأكبر في دحر الفاشية والنازية، ومن دعم حركات التحرر الوطني في النضال ضد الاستعمار. لقد خسر الاتحاد السوفيتي عشرين مليوناً من البشر, غير الخسائر المادية الرهيبة في الحرب العالمية الثانية التي كانت امتدادا لحروب التدخل ضد الثورة البلشفية. وفقد مئات الألوف من الشيوعيين أرواحهم في القتال ضد العدوان النازي والفاشي. وحقيقة هزت الثورة البلشفية العالم ووضعت حداً لقطبيتة الأحادية، وحركت ساكن وكوامن الثورة في كل أرجائه.
    غير ان حالة الحصار التي فرضت على الاتحاد السوفيتي، وتخلف الريف السوفيتي، وفشل الثورة في بلدان غرب اوربا المتطورة صناعياً، وفي ألمانيا بالذات، قادت جميعها لأن يراجع البلاشفة حساباتهم وأسبقياتهم استناداً إلى معطيات الواقع الداخلي المحدد والملموس حفاظاً على تأمين انتصارهم التاريخي. فقدم لينين على سبيل تصحيح المسار والخروج من المأزق الذي وجد البلاشفة أنفسهم فيه، ما عُرف بالسياسة الاقتصادية الجديدة لتحل محل الشيوعية الحربية التي فرضها التدخل الأجنبي لتنكيس رايات ثورة أكتوبر . ورمت السياسة الاقتصادية الجديدة للتراجع المحسوب عن بعض قضايا التحول الاشتراكي المباشر، ولإفساح المجال للرأسمالية المحلية والاستثمارات الأجنبية، بهدف توسيع القاعدة الاقتصادية والاجتماعية لنظام اكتوبر في المدينة والريف. واستناداً إلى هذه السياسة تم إحراز نجاحات لا يستهان بها اقتصاديا واجتماعياً. غير ان قصور السياسة الاقتصادية الجديدة تجلّى بصفة خاصة في الجانب السياسي،إذ لم يصاحب التعددية الاقتصادية والاجتماعية التي اعتمدتها تعددية سياسية بأي مستوى من المستويات.
    وبديلاً لمواصلة السياسة الاقتصادية الجديدة، واستكمال نقائصها في الجانب السياسي، عمد ستالين بعد وفاة لينين المبكرة، إلى تجاوز هذه السياسة كلية، وبدأ السير قدماً في فرض التحول الاشتراكي المباشر عن طريق:
    - ضرب مصالح البرجوازية في المدينة والريف.
    - فرض المزارع الجماعية والتعاونية في الريف السوفيتي بالقوة والقسر.
    - إعطاء الأسبقية للصناعة الثقيلة.
    - تجاوز أسس الحل الماركسي الديمقراطي للمسألة القومية وفرض اتحاد فدرالي لقوميات وشعوب الإمبراطورية القيصرية.
    وهكذا قطع ستالين الطريق أمام تصحيح المسار، وتخطى القوانين الموضوعية الماثلة وقتها للتطور الاقتصادي والاجتماعي وقفز فوقها. ثم أقدم على ضرب واحتواء المعارضة العمالية والحزبية لسياساته بفرض تعميمات نظرية مغلوطة على غرار: " تنامي شراسة العدو الطبقي كلما تصاعد البناء الاشتراكي"، وجرى اتخاذ مثل هذه التعميمات النظرية تكأة لتصفية الخصوم السياسيين داخل الحزب نفسه بوصفهم امتداداً للعدو الطبقي. وضرب الديمقراطية وفرض الشمولية والدولة البوليسية ومن ثم سلب حق العاملين في الإضراب وحوّل النقابات والسوفيتيات إلى تنظيمات سلطوية، بل أن شعار ( كل السلطة للسوفيتيات ) تحول في واقع الأمر إلى شعار كل السلطة للحزب الذي لم يسلم هو الآخر من السلطوية .
    إن غياب الملكية الاجتماعية لوسائل الانتاج والتسيير الذاتي للعملية الانتاجية والحريات السياسية والنقابية والقومية جعل النظام الاقتصادي / الاجتماعي للاشتراكية السوفيتية أقرب إلى رأسمالية الدولة وليس نظاماً اشتراكياً. لقد قادت الستالينية في الواقع لتكريس التطابق المتعسف بين مفهوم ملكية الدولة ومفهوم الملكية الاجتماعية لوسائل الانتاج. ان حجب الإرادة المستقلة لحركة الجماهير افقد النظام السوفيتي جهازه المناعي الكفيل بتقويم السلبيات وتصحيح المسار، وأدخله في متاهات الجمود والانغلاق. ورفد هذا العامل ودعمه اجتماعياً، تشكل وتخلق فئات بيروقراطية مميزة ومحافظة في إدارات الاقتصاد والدولة.
    لقد قاد زخم الثورة البلشفية ومنجزاتها وحروب التدخل ضدها إلى توحيد الجبهة الداخلية لكل قوميات وشعوب الاتحاد السوفيتي. ولكن هذه الحقيقة يجب أن لا تحجب عنا أنه ونقيضاً للطرح الماركسي بالحل الديمقراطي للمسألة القومية اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وثقافياً، وكفالة حق تقرير المصير كحق ديمقراطي أصيل، فرضت الستالينية اتحاداً فدرالياً لا مكان فيه لحق تقرير المصير إلا بصورة شكلية وبعد انجاز التحول الاشتراكي! ومهّد هذا الطريق لتنامي شوفينية القومية الروسية الأكبر وإلى تعقيدات خطيرة في المسألة القومية.
    وبعد الحرب العالمية الثانية، وعلى ضوء نتائجها، أخذ الاتحاد السوفيتي يلعب دور العّراب لإلهام أو فرض النمط السوفيتي بحذافيره على بلدان شرق أوربا الاشتراكية. وذلك رغم ان المنهج الماركسي الجدلي يشير إلى ان القوانين العامة التي تحكم مسار تطور المجتمعات البشرية، تتجلى بصور مختلفة ومتنوعة باختلاف وتنوع الواقع الموضوعي. وتحركت الجيوش والدبابات السوفيتية مرات عديدة لسحق وتنكيس رايات الانتفاضات الشعبية التي رمت للإصلاح والديمقراطية وتقويم سلبيات النمط السوفيتي في تلك البلدان. وكغطاء وتبرير لذلك التدخل الفظ كان يتم تشويه وابتذال الأهداف الحقيقية لتك الانتفاضات وطمس أهدافها وقواها الاجتماعية والسياسية. فهي حيناً أعمال تخريب نظمتها حفنة مرتدة تم طردها من قيادة الحزب، وحيناً آخر يتم إرجاعها لأثر الكنيسة المناوئ للاشتراكية لعدم انجاز الإصلاح الزراعي بصورة جذرية. وفي كل الأحيان يتم الترويج لدور المخابرات الأجنبية واتجاهات العداء للاشتراكية كمحرك لتك الانتفاضات الشعبية.
    وبطبيعة الحال كان القهر والبطش يطول القوى الرامية للإصلاح والتجديد داخل الأحزاب الشيوعية نفسها. إن إفرازات الجمود والانغلاق والرأي الواحد الأحد في تجربة النمط السوفيتي لم تقد فحسب إلى طمس النظرة الانتقادية التي لا يتم إصلاح الخطأ وتصحيح المسار بدونها، بل أيضاً إلى رفضها كلية ومحاربتها.
    صفوة القول ان النمط السوفيتي الذي جرى تسويقه بوصفه تجسيداً حياً للماركسية بلحمها ودمها، اكتنفته أخطاء عديدة. وان الذي قاد للإنهيار في نهاية المطاف لم يكن الماركسية، بل كان الابتعاد عن بعض مبادئها الأساسية. فالماركسية في جوهرها منهج علمي يتم الاسترشاد به في الوصول للقوانين التي تحكم التغيير الاجتماعي في هذا الواقع أو ذاك. انها نظرية تتنافى تماماً مع الأحادية والنمط الواحد والنموذج الصالح لكل زمان ومكان. ان فشل واخفاق مشروع تاريخي كان يدعي الانتساب للماركسية لا يعني ان الماركسية قد عفا عليها الزمن وتجاوزها.
    لقد كانت هناك امكانية حقيقية للعلاج والإصلاح وتصحيح المسار في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي عام 1956. ولكن ما حدث في ذلك المؤتمر كان تعداد جرائم الستالينية دون تشخيص عميق لمسوغاتها النظرية والفكرية، ودون وضع اليد على مرتكزاتها الدستورية والقانونية القائمة في تجربة النمط السوفيتي. صحيح ادخل المؤتمر بعض الاصلاحات الديمقراطية الهامشية، وتم رد الاعتبار، دون شفافية تذكر لضحايا القهر الستاليني، غير ان النظام الشمولي المنغلق ظل قائماً بكل ركائزه ودعائمه النظرية والسياسية والقانونية بدون شخص ستالين. وأيضاً رغم ما توصل له ذلك المؤتمر حول امكانية الوصول للإشتراكية بطرق متعددة، تواصل التدخل الفظ في بلدان شرق أوربا الاشتراكية.
    ثم هبت قوى الحرس القديم المنتفعة بسلبيات النظام (النومنكلاتورا)، مستفيدة من بقاء أركان وركائز النظام دون تغيير، لإلغاء إصلاحات المؤتمر العشرين على ضعفها وهشاشتها. فكانت المحاولة الانقلابية للإطاحة بخرتشوف عام 1957، ثم كانت المحاولة الانقلابية الناجحة التي أطاحت به في اكتوبر 1964.
    وكذلك ذهبت أدراج الرياح كل محاولات الإصلاح الأخرى في ظل بقاء ركائز النمط السوفيتي. وكان جوهر تلك المحاولات يرمي إلى معالجة موجات الركود الاقتصادي المصاحبة لنمط رأسمالية الدولة والمركزة الصارمة بفتح هامش ضيق جداً لاقتصاد السوق الذي يحتمه واقع تعدد الانماط الاقتصادية، وبوضع خطط قصيرة المدى تفسح مجالاً لدور المنتجين في التخطيط والإدارة والحوافز المادية في حالة زيادة الانتاجية.
    غير انه كما يقولون: لا يستقيم الظل والعود اعوج! لقد استعصى الخلل على الإصلاح لأنه خلل هيكلي وأساسي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بركائز نظام النمط السوفيتي.
    وإذا امعنا النظر في حركة البريسترويكا والغلاسنوست، أو إعادة البناء والصراحة والشفافية، نجدها لا تخرج من الإطار العام لترقيع نظام النمط السوفيتي. ما تميزت به حقاً هو ان جرعتها الإصلاحية كانت أكبر وأشمل وانها أتت متأخرة جداً وبعد ان اتسع الفتق على الراتق. وكان أقصى ما رمت إليه البريسترويكا هو إزالة أثار الستالينية من جمود وبيروقراطية وفساد. ولكنها انتهجت للوصول إلى هذا الهدف، ليس الطريق الثوري الراديكالي، بل طريق تمويه سوءات النظام الأساسية. فهي قد ألقت تبعات الجمود على برجنيف بينما هي عيوب هيكلية في النظام نابعة من رأسمالية الدولة والشمولية والمركزة الصارمة اقتصاديا وسياسياً وغياب الارادة المستقلة لحركة الجماهير المنظمة في الحزب والنقابات والسوفيتات والتي تحولت جميعها إلى تنظيمات سلطوية مسلوبة الإرادة.
    لقد سعت حركة البريسترويكا في الواقع، مع الإبقاء على ركائز النظام الشمولي وحزبه الواحد، لتفكيك المركزة اقتصاديا. فعمدت لتوسيع النظام التعاوني واتاحة الفرصة للقطاع الخاص واقتصاد السوق في حدود بعينها واضفاء مسحة ديمقراطية على إدارات الاقتصاد والانتاج.
    غير ان البريسترويكا فجّرت حركة نشطة لتفكيك وتغيير كل اركان النظام السوفيتي. وفي الواقع كانت الأمور في الاتحاد السوفيتي وبلدان شرق أوربا الاشتراكية كذلك، قد وصلت إلى درجة الأزمة المركبة والمتفاقمة والتي كان من الصعب، بل ومن المستحيل فيها، ألا يقود الشروع في تفكيك المركزية الاقتصادية لتفكيك الأنظمة بأسرها ومن جذورها.
    ومن زاوية معينة فان حركة البريسترويكا، ركّزت على الإصلاح في الجانب الاقتصادي/الاجتماعي واهملت الجانب السياسي. فالغاء المادة 6 من الدستور والخاصة بالدور القيادي للحزب في السلطة والدولة والمجتمع في جمهورية روسيا الاتحادية مثلا لم يقرره الحزب وإنما تم إقراره رغماً عنه من قبل البرلمان الروسي. وفي هذا السياق فقد أتت لاحقاً وبعد فوات الأوان، الطروحات المستنيرة للمؤتمر 27 للحزب الشيوعي السوفيتي، حول الديمقراطية والرأي الآخر وعدم احتكار الحقيقة.
    لا نقول ان البريسترويكا لو أهتمت بالجانب السياسي لتغير مسار الأمور، فما كان ذلك ممكناً. فقد تخطت أزمة الجمود والركود والفساد التي غرست بذرتها الستالينية، والتي ارتدت أبعاداً نوعية وصلت لكل خلايا المجتمع، نطاق الإصلاح من الداخل مهما كانت درجة ونوعية هذا الإصلاح الباطني.
    والجدير بالذكر ان قوى الحرس القديم المحافظة والمنتفعة بالنظام وجموده وفساده (النومنكلاتورا)، والتي حاولت أجيالها السابقة قطع الطريق امام إصلاحات خرتشوف منتصف الخمسينات، ثم أطاحت به في منتصف الستينات، كررت ذات السيناريو مع قورباتشوف في منتصف الثمانينات. فقد سعت إلى عرقلة مسار البروسترويكا وإضعافها وإلى تعويق مسار الاصلاحات الاقتصادية ثم أخيراً لجأت للمحاولة الانقلابية الحمقاء الفاشلة في أغسطس 1991 والتي أعطت الضوء الأخضر ليس للإطاحة بقورباتشوف وحده، وانما أيضاً بسلطة الحزب وبالاشتراكية وبالاتحاد السوفيتي جميعاً.
    ان جوهر ما يجب ان نتعلمه من التجربة السوفيتية، ونحن نناضل من أجل التغيير الوطني الديمقراطي وصولاً للأفق الاشتراكي، يرتبط مباشرة بقضية الديمقراطية. ونعني تحديداً الديمقراطية داخل الحزب والديمقراطية كحقوق لحركة الجماهير، والنأي بالحزب من السلطوية.، والاندغام في جهاز الدولة كشرط موضوعي لمواصلة العمل الثوري وتصحيح مساره.

    ب-التجربة السوفيتية والماركسية:
    لقد صدق تماماً من قال "ان النظرية رمادية، وشجرة الحياة خضراء يانعة ومتجددة ابداً"
    ان الانهيار الاشتراكي الكبير قد اوضح بجلاء ان الفكر الاشتراكي يمر بأزمة عصيبة. وكان من الطبيعي ان يجري التساؤل في ظروف مثل هذه الأزمة عن جدوى النظرية الماركسية ذاتها التي انتجت وأفرخت مثل ذلك الفكر.
    وسرعان ما بادرت ماكينة الدعاية الامبريالية، على سبيل التبشير بسرمدية وأبدية الرأسمالية والليبرالية الغربية، للترويج لدعاوي ومزاعم نهاية الأيدولوجيات والصراعات السياسية والاجتماعية. وقدمت بديلاً لها البراغماتية وصراع الحضارات والاستنزاف الحسابي،وغير ذلك من النظريات والمناهج التي تعبر في جوهرها عن موقف طبقي ماكر وناعم يسعى لتغبيش وتعمية الوعى الاجتماعي والسياسي . وقد درجت القوى الرأسمالية منذ نشأتها على صياغة مصالحها كما لو أنها مصالح كل الشعب .
    ومن المعروف ان الماركسية ليست علماً تطبيقياً، وإنما هي منهج يتم الاسترشاد به لدراسة الواقع . وقد غدا المنهج الماركسي جزءاً من التراث البشري، وتختلف نتائج الاسترشاد به من بلد لآخر على ضوء خصائص واقعه. وقد أكد لينين أن كل بلد سيصل إلى الاشتراكية بطريقه الخاص . ونصح شيوعيي الشرق بترجمة الماركسية التي كتبت لشعوب غرب أوربا إلى لغاتها الخاصة التي يمكن أن تفهمها بها شعوبها. كما أكد ان التشكيلات الاقتصادية الاجتماعية التي تحدثت عنها المادية التاريخية لا تحكم تطور كل المجتمعات وقع الحافر على الحافر.و دعي مؤسسو الاشتراكية العلمية للاستفادة من كل الومضات الايجابية في التيارات الفلسفية والفكرية الأخرى . ومعروف أن فردريك انجلز قد أستند في كتابه ( أصل العائلة ) إلى أعمال المؤرخ والكاتب الإمريكي مورغان .
    فالماركسية ليست هي فصل الخطاب، ولا هي الكلمة النهائية التي تطوى بعدها الصحف وتجف الأقلام. جوهر الماركسية هو منهجها الجدلي لدراسة الواقع. انها ليست عقيدة جامدة تتحجر في اصول نمطية عقيمة. والمنهج الماركسي لدراسة الواقع، وصولاً للقوانين العامة التي تتحكم في مسار هذا الواقع، قادر على تجديد نفسه على الدوام. انه منهج قابل للتعديل حذفاً وإضافة وفق ما تمليه ضرورات تجدد الواقع وحصاد التجارب النضالية والتطورات في العلوم الطبيعية والإنسانية.
    يقول مؤسسا الماركسية، على سبيل المثال، عن هذا المنهج:
    - انه حجر الزاوية لبناء يجب ان يشيد في جميع الاتجاهات ، ويجب ان يتجدد مع كل اكتشاف علمي جديد.
    - انه منهج يتحول إلى نقيضه عندما نستخدمه كنمط جاهز نقيس عليه وقائع التاريخ، ونغصبها فيه غصباً لنرضي أهواءنا.
    - ان الافتراضات النظرية ليست حتميات قدرية جبرية. انها لن تنزل إلى أرض الواقع دون توفر الشروط والظروف الموضوعية والذاتية اللازمة والضرورية لذلك.
    - وقد قال كارل ماركس قولته الشهيرة رفضاً للجمود الذي يجرٍّد المنهج الماركسي من ديناميكيته ويجعله يدير الظهر للواقع المحدد والملموس... " إذا كانت هذه هي الماركسية فكل ما اعرفه انني لست ماركسياً".
    فالماركسية استناداً لمنهجها ذاته، تقتضي النظر إليها في تاريخيتها، وليس كنصوص مذهبية لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها.
    ويتفق الكثيرون في ان الخطاب الستاليني الشمولي المنغلق، قد اختزل الماركسية في برشامات نظرية ووصفات جاهزة وصالحة لكل زمان ومكان. وهذا أمر حولها إلى عقيدة جامدة تنضح بالاستعلاء والانغلاق والغرور المهلك.
    الستالينية ، على سبيل المثال، اختزلت قوة الدفع للتطور التاريخي في الصراع الطبقي، بينما لم تسقط الماركسية وجود عوامل أخرى فاعلة ومؤثرة في ذلك التطور: ثقافية وقومية وغيرها. صحيح ان الاقتصاد محرك للتاريخ، ولكن هذه مقولة عامة ونسبية وتتطلب رفدها بعوامل أخرى ذات فعل وتأثير في الزمان والمكان حسب خصائص الواقع الماثل. وتأثر الحزب بالفعل بكتيبات ستالين المختزلة والمبتسرة حول المنهج المادي الجدلي والمادية التاريخية والاقتصاد السياسي.
    ان الستالينية قد طمست بالفعل جوهر الماركسية. فبينما تقول الماركسية ان الحقيقة دائماً وأبداً نسبية، وان التطور دائماً وأبداً مطلق ولا سقف له، يدّعي الخطاب الستاليني الذي تبلور في ظل السلطة الشمولية والتسلط لنفسه الكمال والإحاطة الشاملة وتملك علم الماضي والحاضر والمستقبل. ولن تفضي مثل هذه النظرة الضيقة المتعصبة وغير العلمية إلاّ إلى ضرب الديمقراطية وهيمنة القلة وإلى رفض وتجريم الرأي الآخر. وحقيقة ما جدوى وما فائدة الرأي الآخر مع مثل هذا الخطاب الشمولي المنغلق؟!
    والواقع ان المفاهيم الأساسية للماركسية غدت اليوم جزءاً لا يتجزأ من نسيج العلوم الاجتماعية المعاصرة. فالمفهوم المادي للتاريخ مثلاً قد أصبح أساساً للمدرسة الموضوعية في التاريخ بتيارها الكاسح الذي غمر كثيراً من الجامعات ومراكز البحث المتخصصة في جميع أنحاء العالم. ويتزايد الاعتراف بأثر اسلوب الانتاج المادي على البناء الفوقي. وفي العلوم السياسية يتأكد ان العوامل الداخلية لها قصب السبق والصدارةفي استقرار وتطور أنظمة الحكم قبل العوامل الخارجية.
    ان اطلاق القول، بعد تجربة الانهيار في المعسكر الاشتراكي، بالاحتياج لنظرية جديدة بديلة للماركسية، مفارق للحقيقة تماماً. ان الاحتياج الماثل ليس هو التخلي عن الماركسية، بل هو القيام باختراق جديد في حقل النظرية، استناداً للمنهج الماركسي ذاته، للوصول إلى ماركسية عصر الثورة التكنولوجية والقرن الحادي والعشرين. وغني عن القول ان التخلي عن الماركسية لن يقود إلاّ للرجعية السياسية والاجتماعية، فلا حركة ثورية بدون نظرية ثورية. كما ان دعوة بعض الماركسيين للتواضع، واعتبار الماركسية كسواها من الفلسفات السابقة التي تجاوزها الزمن وانتهي عمرها الافتراضي، دعوة باطلة تعكس بصورة مزدوجة التمويه لتغطية الهروب والرعب والهلع الناجمين عن تراجع وانحسار الحركة الثورية في العالم. إن الاختراق الذي نطرحه في حقل النظرية يشمل جوانب عديدة منها ، بما في ذلك أسهام لينين بنظرية الاستعمار كمرحلة أعلى في تطور الرأسمالية . ومعروف أن أسهام لينين هنا كان محكوماً بعصره حيث أعتبر الامبريالية رأسمالية محتضرة . لكن الرأسمالية استطاعت أن تمدد عمرها وتنجز الثورة العلمية التقنية وتسخر انجازات هذه الثورة في تطوير إنتاجية العمل .

    الحقوق الديمقراطية ودور حركة الجماهير
    مفاهيم محورية في التحول الاشتراكي:
    تشير الماركسية إلى ان التحول الاشتراكي عملية تطور اجتماعي/تاريخي وليس هندسة اجتماعية يتم إخضاع الواقع الموضوعي وقوانين سيره الموضوعية قسريا لها. فالتحولات الاجتماعية في الماركسية لا تصنعها الأقليات الفدائية أو الطليعية، وانما تأتي من خلال الصراع الطبقي والاجتماعي والسياسي. وبطبيعة الحال كذلك لا يحققها مستبد عادل يمتطي صهوة نظام شمولي لإحقاق الحق وانصاف المظلوم. فلا حق ولا عدالة تحت مظلة الاستبداد والطغيان. كما لا تعتمد التحولات الاجتماعية على دور فردي لقائد فذ أو نخبة صفوية تمسك حركة التاريخ والتطور الاجتماعي بين يديها من جميع النواصي وتطوٍّعها لإرادتها الثورية. بل تقول المفاهيم الماركسية ان الجماهير هي القوى المحددة في صنع التاريخ وفي انجاز التحولات الاجتماعية. ومن أجل هذا تقوم اركان التكتيك الماركسي وأساليب عمله على تنمية حركة الجماهير، والحضور الفاعل للجماهير المنظمة ومراكمة العمل الثوري بصورة مثابرة وصبورة.
    ان الإمكانية للتحول الاشتراكي لا تتوفر إلا عندما تنضج الظروف موضوعياً وذاتياً لذلك. ولذا يقول كارل ماركس في مقدمة كتابه"اسهام في نقد الاقتصاد السياسي":
    "ان تشكيلاً اجتماعياً معيناً لا يزول قبل ان تنمو كل القوى الاجتماعية التي يتسع لاحتوائها. ولا تحل قط محل هذا التشكيل علاقات انتاج جديدة ومتفوقة ما لم تنفتح شروط الوجود المادي لهذه العلاقات في صميم المجتمع القديم نفسه. ومن أجل ذلك لا تطرح الإنسانية على نفسها قط سوى مسائل قادرة على حلها. ذلك انه إذا نظرنا إلى الأمر عن كثب، وجدنا ان المسألة نفسها لا تظهر إلاّ حين تتوافر الشروط المادية لحلها، أو حين تكون على الأقل على أُهبة التوافر".
    فالتحول الاشتراكي في الماركسية لن يكتب له النجاح إلاّ إذا أتى لضرورة موضوعية اختمرت عناصرها وشروطها ومقوماتها في احشاء المجتمع القديم. وبالتالي تضحى أية محاولة لفرض التحول الاشتراكي في واقع لم ينضج له بعد، مجرد معاندة لقوانين التطور التاريخي والاجتماعي الموضوعية وقفزاً فوق المراحل ولن يكتب لها النجاح والاستمرارية. وبالإمكان القول بكل اطمئنان ان القفز للثورة الاشتراكية دون توفر المقومات الضرورية لها لن يفضي إلى الاشتراكية بل سيقود بالضرورة إلى طغيان الأقلية والبيروقراطية. إن التعميمات النظرية الخاطئة للنمط السوفيتي حول الأزمة العامة الثالثة للنظام الرأسمالي وعصر الانتقال للإشتراكية وقدرات الديمقراطيين الثوريين في هذا الصدد، لم تقد إلاّ لتشجيع التكتيك الانقلابي.
    وينبغي الإشارة هنا إلى انه لا توجد في مؤلفات مؤسسي الماركسية تأكيدات أو حتى تلميحات بان الاشتراكية ترفض الديمقراطية التعددية أو تستبعد نظام تعدد الأحزاب. صحيح انهما أشارا لأوجه القصور في الديمقراطية البرجوازية وخاصة تحكم الرأسمالية في آلياتها وإغفالها للديمقراطية الاجتماعية، ولكن الواقع ان مؤلفات ماركس وانجلز بدءاً من كتاب "الأيدلوجية الألمانية" تعج بالحديث عن مفهم "الديمقراطية" و "الرقابة الشعبية" و"الرقابة الشعبية المباشرة". وطبيعي إنه لا مكان لرقابة شعبية من أي نوع وبأي درجة في ظل الشمولية، بل ان الرقابة الشعبية في مختلف تجلياتها وأشكالها لا تزدهر إلا في ظل الديمقراطية والإرادة المستقلة لحركة الجماهير المنظمة. ان ما حرص عليه مؤسسا الماركسية أكثر من غيره هو التأكيد بان الديمقراطية البرجوازية، بحكم سيطرة رأس المال على كل آلياتها وفعالياتها، لا تجسد سوى ديكتاتورية البرجوازية. وان الديمقراطية لن تقف على رجليها دون استكمالها بالديمقراطية الاجتماعية وستنبثق عن هذا الاستكمال في نهاية المطاف دكتاتورية البروليتاريا. أي ان دكتاتورية البروليتاريا من منظور مؤسسيْ الماركسية، لا تعني مطلقاً الشمولية وهيمنة الحزب الواحد وغيرها من سمات تجربة النمط السوفيتي. بل تفتح الطريق لأكثر النظم ديمقراطية في تاريخ الإنسانية. ويرفد هذا ما أشار له كارل ماركس بصفة خاصة عن ضرورة توفر القواعد والأسس الديمقراطية التي طبقتها كومونة باريس في الدولة الاشتراكية، مثل انتخاب جميع شاغلى المسئوليات بمن في ذلك القضاة مع كفالة حق سحب الثقة منهم في أي وقت . صحيح أنه وباستثناء ما ورد حول تجربة الكومونة ، لم تطرح الماركسية تعميمات نظرية مكتملة حول الدولة الاشتراكية . وبالتالي هناك احتياج ماس لتأصيل نظري جديد للدولة الاشتراكية في الظروف المعاصرة يتجاوز سلبيات تجربة دولة النمط السوفيتي .
    ومعلوم أن ماركس كان قد أشاد بتجربة الكومونة في 1871 كأول سلطة عمالية في العالم، وذلك رغم تعدد الاتجاهات الفكرية والسياسية لقادتها، ورغم ضعف التيار الماركسي بالذات بين هذه الاتجاهات.
    وتثبت الماركسية مفهوم التعددية في كل مؤلفاتها منذ البيان الشيوعي في عام 1848. لقد أشار ذلك البيان إلى أحزاب الطبقة العاملة في البلد المعين وليس إلى حزبها الوحيد.
    وكذلك معلوم ان ثورة اكتوبر الاشتراكية لم تحجر نشاط حزب الاشتراكيين الثوريين وحزب المناشفة. وظل هذان الحزبان يتمتعان بالشرعية ويمارسان نشاطهما العلني بين الجماهير, وكان لهما وجود كثيف في السوفيتات المحلية والمركزية. بل أكثر من ذلك اشترك حزب الاشتراكيين الثوريين في السلطة السوفيتية واستنكف حزب المناشفة رغم دعوته للمشاركة.
    ولا جدال حول ان الماركسية طرحت نظرياً وعملياً قيادة الحزب الماركسي للتحول الاشتراكي. ولكن هذا الطرح يقف، ليس كضربة لازب، وانما كفرضية نظرية وعملية واردة في ظل الانحسار الطبيعي في الصراعات الطبقية والاجتماعية والثقافية أبان التحول الاشتراكي، وهو أمر يطرح في جدول عمل الثوريين إمكانية توحيد الأحزاب العمالية والماركسية والديمقراطية. ولكن طالما ظل التعدد والتنوع قائما
    قتصاديا واجتماعياً وثقافياً، ستكون الإمكانية مفتوحة لتعدد الأحزاب.
    ج- العولمة:
    العولمة فترة جديدة في تطور النظام الرأسمالي.وقد أرتبط هذا النظام منذ بداية تشكله وتخلقه بالحاجة للأسواق في كل أنحاء المعمورة، وبالتالي أسبغ طابعاً عالمياً علي الإنتاج والاستهلاك. فالعولمة في جوهرها هي تعبير عن اتجاه موضوعي في مسار اقتصاديات وأسواق العالم نحو التكامل تحت هيمنة الاحتكارات العالمية، فالمدخلات الخارجية عبر الاستغلال الاستعماري للمواد الخام، والسيطرة على أسواق التصريف، ضربة لازب للنظام الرأسمالي ليعيد انتاج ذاته ويتجاوز أزماته.
    وكان كارل ماركس قد تنبأ بمثل هذا التكامل العالمي غير المتكافئ، وأشار إلى انه سيسير في اتجاه إيجابي، وسيكون آلة رافعة للتقدم الإنساني والعدالة الاجتماعية في العالم تحت مظلة الاشتراكية. أما في ظل الرأسمالية فلن يقود إلاّ لتفاقم تناقضها الرئيسي وهو التناقض بين الطابع الاجتماعي العالمي للإنتاج، والتملك الخاص لوسائل الإنتاج.
    وتستند العولمة إلى منجزات الثورة العلمية التكنولوجية التي أحدثت قفزة نوعية في وسائل الانتاج وفي الانتاجية. غير ان فيض الانتاج بأثر هذه القفزة لم يغير البتة، تحت مظلة العولمة، من طبيعة النظام الرأسمالي. فرغم ازدياد الطابع الاجتماعي للعملية الانتاجية عالمياً، بتنامي الاحتكارات الضخمة والشركات الكونية العملاقة عابرة القارات، إلاّ ان الملكية الخاصة لوسائل الانتاج تبقى وتتعزز. وقاد هذا إلى تجسيم التناقض الأساسي للرأسمالية، وإلى استقطاب طبقي أكثر حدة ووضوحاً. ان الحقائق الماثلة في الساحة العالمية تشير إلى ان العولمة لم تقد إلاّ لتغيرات سلبية كبيرة في الخرائط الطبقية والاجتماعية في العالم بأثر الغياب التام للعدالة الاجتماعية.
    ان الفقراء يزدادون فقراً وعدداً، والأغنياء يزدادون غنىً ويقل عددهم. وهو أمر يفاقم ويعمق التفاوت الاجتماعي.
    لقد تدهورت الأحوال المعيشية للطبقة العاملة، وكذلك الفئات الوسطى التي تعرضت أقسام واسعة منها للبطالة. وقد قاد التقدم التكنولوجي بفنونه ووسائله الانتاجية الجديدة تحت مظلة حركة العولمة إلى إلغاء ملايين الوظائف والمهن والى ارتفاع نسبة العطالة، وإلى زيادة استغلال الطبقة العاملة وزيادة فائض القيمة النسبي.
    ووجدت حركة العولمة مناخاً ملائماً لها في عالم القطب الواحد بعد اختلال موازين القوى العالمية بانهيار التجربة الاشتراكية في بلدان المعسكر الاشتراكي. كما استفادت هذه الحركة للحد الأقصى من الحملة العالمية التي اطلقتها تحت أسم مكافحة الارهاب بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 في أمريكا. وقد أصبح شعار مكافحة الارهاب تكأة وتبريراً لتنفيذ أهداف حركة العولمة. وبالإمكان القول ان الرأسمالية اليوم قد عادت سيرتها الأولى على سنوات سطوة الامبريالية وتحرك الجيوش والأساطيل عبر المحيطات لشن حروب التدخل والغزو والاحتلال.ولعل ابرز درس نستخلصه من التطورات في النظام الرأسمالي اليوم هو صمود الرأسمالية وقدرتها على تجديد نفسها و تجاوز أزماتها . وهو درس يقتضي مراجعة التعميمات النظرية للنمط السوفيتي حول الأزمة العامة الثالثة والأخيرة للنظام الرأسمالي ، وكذلك مراجعة مقولة لينين حول أن الاستعمار هو أعلى مراحل الرأسمالية .
    وتسعى حركة العولمة لدمج اقتصاد كل بلد رأسمالي في الاقتصاد العالمي بتقوية الموقف التنافسي للصادرات في الأسواق الخارجية، وبالتالي تنتهج سياسات حرية التجارة وتكسير الحواجز والعقبات التي تقف أمام تدفق الرساميل والاستثمارات والسلع والخدمات.
    وللعولمة خصائصها البنيوية وآلياتها المالية والاقتصادية والسياسية والعسكرية للوصول إلى هذه الغايات. وتتمثل هذه الآليات في البنك الدولي وصندوق النقد العالمي ومنظمة التجارة الدولية وحلف الاطلسي.
    وداخل البلدان الرأسمالية المتطورة يسعى التحالف السياسي والاجتماعي لحركة العولمة المكّون من الليبرالية الرأسمالية الجديدة واليمين الديني، لتحميل اوزار الأزمات الرأسمالية على عاتق العمل والعاملين. ويستهدف هذا التحالف في المقام الأول ضرب المكاسب التاريخية للعاملين ... دولة الرفاه الكينزية، والانفاق الحكومي العام على الخدمات والأشغال العامة، تحت زعم انها قادت إلى انخفاص اسعار الفائدة و بالتالي إلى انكماش وتأزم النظام الرأسمالي. واستناداً إلى ذلك يسعى هذا التحالف اليميني داخل كل بلد رأسمالي إلى سلب حقوق العاملين الاجتماعية والسياسية بما في ذلك الضمان الاجتماعي وكفالة حق العمل وحقوق المرأة والأقليات والعمالة المهاجرة. وفي الواقع العملي عصفت حركة العولمة بدولة الرفاه الكينزية، ونبذت افكار العدالة الاجتماعية، وقلّصت إلى أدنى حد الدور الاجتماعي للدولة.
    وبين اركانحرب حركة العولمة المكّّون من البلدان الصناعية المتطورة تلعب أمريكا دور العراب والقائد الفعلي. وتسعى أمريكا من خلال هذه الحركة لتوسيع الحيز الجغرافي لمفهوم الأمن القومي لأمريكا عبر التدخلات العسكرية والضربات الوقائية تحت مسمى الحرب العالمية ضد الارهاب. ولتنفيذ هذه السياسة العدوانية ستتجاوز الميزانية العسكرية للجيش الأمريكي 500 مليار دولار هذا العام (2007) وتتمتع الولايات المتحدة بوجود عسكري في 140 دولة، وتربطها بما مجموعه 36 دولة معاهدات للتعاون العسكري، وينتشر 400 ألف من جنودها في 800 قاعدة خارج الأراضي الأمريكية.
    هذا إلى جانب ما تضطلع به أمريكا من دور في توسيع حلف الأطلسي وتوسيع نطاق ميادين عمله لتشمل كافة مناطق العالم.وتزامنت هذه السياسة مع استراتيجية منهجية لأمريكا لإضعاف الأمم المتحدة وتطويعها لتتماشى مع الإرادة الأمريكية غض النظر عن القانون الدولي والمعاهدات الدولية.
    وفي العالم الثالث تسعى حركة العولمة لفرض طريق التبعية والنهج الرأسمالي وصولاً إلى أهدافها. وقادت مجمل عوامل دولية ومحلية للضغط على بلدان العالم الثالث للسير في ركاب ومعية حركة العولمة، وانتهاج ما عرف بطريق التحرير الاقتصادي أو الانفتاح الاقتصادي. أهم هذه العوامل هي:
    * برامج التثبيت و التكيف الهيكلي لصندوق النقد والبنك الدولي.
    * الشروط غير المتكافئة في التجارة الدولية.
    * ارتفاع اسعار الفائدة على القروض.
    * تدهور حجم المعونات الخارجية غير المشروطة.
    * تبديد الفوائض الاقتصادية المحلية عبر الصرف البذخي والفساد.
    * المديونية الخارجية التي بلغت أرقاماً فلكية.
    وقادت مجمل هذه العوامل، وما يصاحبها من ضغوط وتهديدات وإملاءات ، خاصة مع غياب الديمقراطية وتسلط الأنظمة الدكتاتورية والشمولية، إلى فرض نهج التبعية، ونمو القوى الاجتماعية الداعمة لهذا النهج وخاصة فئات الرأسمالية الطفيلية في المدينة والريف.
    وأسفرت تجارب التطبيق، بطبيعة الحال، عن تراجع القفزة الكبيرة في وزن الفئات الوسطي والطبقة العاملة، وتقلص وانحسار دورهما الاجتماعي والسياسي المؤثر والفعال في سنوات ما بعد الاستقلال الوطني في بلدان العالم الثالث. وكانت تلك القفزة قد تحققت بأثر دور الدولة في التنمية الاقتصادية ورفع مستوى المعيشة وزيادة الانفاق الحكومي على التعليم والصحة والإسكان، والتدخل الحكومي في آليات السوق عبر سياسات الدعم والتركيز والرقابة على الأسعار وقوانين الحد الأدني للإجور.

    الفشل هو المصير المحتوم لسياسات العولمة:
    بداية نشير إلى أن الفشل المحتوم مقصود به سياسات العولمة الراهنة وليس العولمة نفسها . فقد تجد الرأسمالية مخرجاً جديداً مثلما وجدته رأسمالية المنافسة الحرة في القرن التاسع عشر، ثم مخرجاً من الاستعمار القديم إلى الاستعمار الحديث ، ثم في العولمة ، ثم التوظيف المكثف لمنجزات الثورة العلمية التقنية .
    لقد أسفرت حركة العولمة في سعيها لفرض النظام العالمي الجديد، عن صراع مستفحل بين المراكز الرئيسية الثلاثة للرأسمالية العالمية: الولايات المتحدة الأمريكية، غرب أوربا، اليابان. وتركّزت هذه الصراعات بصورة خاصة في مجالات الاستثمارات والتجارة. ويشهد العالم المعاصر صراع الضواري الإمبريالية في سعيها وراء مناطق النفوذ في مختلف انحاء العالم.
    وتؤكد التطورات الجارية في العالم، ان سياسات العولمة لم تنقذ العالم الرأسمالي من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية مثل الأزمة المزدوجة للتضخم والكساد في آن معاً وأزمة انهيار اسعار العملة والأزمة السياسية والاجتماعية الناجمة عن ازدياد حدة التفاوت الاجتماعي.
    وتدور الصراعات الطبقية والاجتماعية في البلدان الصناعية المتطورة وتتنامى باضطراد وتائر الحركة النقابية والسياسية المناوئة لهيمنة الاحتكارات.ومن خلال هذا الصراع يتم إحراز مكاسب هامة لا يستهان بها لمصلحة العمل والعاملين. مثل الضمان الاجتماعي وحق العمل وغل يد الدولة عن التراجع عن الانفاق العام على الخدمات.وفي أكثر من بلد تم احياء التضامن النقابي بين العمال والفئات الوسطى والطلاب كما يتجلى في الحركة الإضرابية والمظاهرات وفي سيل المسيرات ضد البطالة والفقر والتهميش. لقد ارتدت المطالب النقابية في هذه البلدان أبعاداً أكثر راديكالية في مضامينها الاجتماعية. فإلى جانب المطالب التقليدية بزيادات الإجور وتحسين شروط الخدمة، أطلت برأسها مطالب جديدة مثل زيادة الانفاق الحكومي العام على الأشغال العامة والخدمات، والضمان الاجتماعي، وسن قوانين ديمقراطية للعمل تحول دون تشريد العاملين، وحماية البيئة وغيرها. ولكن الجوهر والأساس بالنسبة لكل المطالب يظل واحداً وهو انتزاع جزء أكبر من فائض القيمة لمصلحة العمل والعاملين.
    وقاد تنامي الحركة النقابية وإحياء التضامن النقابي إلى عودة الحيوية إلى أوصال الأحزاب اليسارية والديمقراطية. وعلى المستوى السياسي قامت في العديد من البلدان الرأسمالية تحالفات سياسية عريضة مناوئة لهيمنة الاحتكارات.
    ومن ناحية أخرى تنامت الحركة الجماهيرية المناوئة لسياسات العولمة الخارجية كما تجلى في الحملات العالمية الواسعة ضد غزو العراق، وفي التضامن مع الشعب الفلسطيني، وكذلك في التضامن مع بعض بلدان أمريكا اللاتينية التي رفضت نهج التبعية والخضوع للإمبريالية، وحققت مكاسب ملموسة لشعوبها بالسير على طريق التطور المستقل.
    وفي العالم الثالث عامة تنمو وتزدهر حركة واسعة ونشطة تستهدف تكامل مقومات التنمية الإقليمية وإلغاء الديون وتعديل اتفاقات التجارة الدولية وإنشاء كتل تجارية إقليمية. وتتسع الدوائر الاجتماعية والسياسية التي تستبين مخاطر نهج التبعية على نهضة بلدانها وسيادتها الوطنية،وتستجمع هذه القوى قدراتها للإطاحة بالأنظمة الدكتاتورية والشمولية التي تكرس نهج التبعية وتدير الظهر لكافة الأبعاد الاجتماعية والبيئية.وهناك ثمة تحول يتسع مداه عاماً بعد عام من الحكم العسكري للحكم المدني في أكثر من بلد.

    الآفاق مفتوحة أمام حركة الشعوب:
    صحيح ان ما حدث من انهيار للتجارب الاشتراكية في المعسكر الاشتراكي السابق، قاد إلى اختلال حاد في موازين القوى العالمية، وإلى إضعاف حركة الطبقة العاملة والحركة الثورية على المستوى العالمي. ولكن ما راكمته البشرية من الوعي والتجارب وأدوات النضال في صراعها ضد الرأسمالية وإفرازاتها باق وراكز. ان غياب المعسكرالاشتراكي السابق لا يعني الانهيار التام والشامل والنهائي الذي لا قيامة بعده للقوى الثورية والاشتراكية وقوى التحرر الوطني. وحتى في بلدان المعسكر الاشتراكي السابق تستنهض القوى المعادية للنظام العالمي الجديد صفوفها بعد الهزيمة وتقِّوم تجاربها وتراجع وتنتقد أخطاءها وتعمل على تجديد نفسها. كما تقوم بطرح مطالب متجددة على رأسها الديمقراطية التعددية والتداول الديمقراطي للسلطة وحقوق الإنسان. وسجلت هذه القوى في أكثر من بلد انتصارات انتخابية برلمانية ورئاسية كبيرة.
    ان زوال دولة الرفاه الكينزية وتقلص دور الدولة الاجتماعي إلى أدنى حد، وانزلاق الطبقة الوسطى إلى عداد الطبقة العاملة وسائر المحرومين، سيفاقم المشكلة الاجتماعية ويطرح في كل العوالم: الأول والثاني والثالث، ضرورة تجاوز النظام العالمي الجديد القائم على حركة العولمة. وهذا عامل موضوعي لنمو حركات رفض واحتجاج للوجه المتوحش لسلبيات حركة العولمة والنظام العالمي الجديد. ولقد تفجرت بالفعل حركة عالمية مناهضة للعولمة في انحاء مختلفة من العالم وبصفة خاصة في اوربا وأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية وتكّون منبر عالمي واسع فكرياً وسياسياً واجتماعياً، ويتميز بمرونة تنظيمية عالية قاد تحركات جماهيرية واسعة ضد سياسات العولمة وآلياتها. ويطرح هذا المنبر مطالب اقتصادية واجتماعية وسياسية عديدة يرد بينها: إلغاء الديون، أسس عادلة ومتكافئة في التجارة الدولية، مناهضة العدوان والغزو والاحتلال، تقويم الاختلال في آليات الشرعية الدولية القائمة بانجاز إصلاحات في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، تحديد دقيق لمصطلح الإرهاب يتم الاتفاق عليه من قبل كل الأطراف في مؤتمر للأمم المتحدة، إصحاح البيئة، نزع الالغام، محاربة الجفاف والتصحر، وغير ذلك من المطالب.
    وتناضل مختلف الأحزاب الشيوعية والعمالية واليسارية والديمقراطية في العالم لدعم توجهات هذا المنبر وتوسيع آفاقه ورفع قدراته، لا لرفض ومناهضة حركة العولمة، ولكن لرفض الوجه المتوحش للعولمة والنظام العالمي الجديد، ولدعم وتغذية أعمال التضامن العالمي ضد العدوان. انه في الأساس،منبر إصلاحي ولا يشكل أممية اشتراكية جديدة . ويرفد التوجه العام ضد سياسات العولمة والحرب والعدوان. ما يواجهه الغزو الإمبريالي للعراق وافغانستان من صعوبات، فلم تستطع، لا القوات الغازية، ولا السلطات التي قامت تحت ظل الاحتلال، من إيقاف المقاومة والعنف ومن عودة الاستقرار والديمقراطية.
    ومن ناحية أخرى تتهاوى على نطاق واسع، مزاعم مفكري الأمبريالية لتغبيش وعي الشعوب على شاكلة زوال بروليتاريا كارل ماركس من المسرح السياسي/ الاجتماعي العالمي، وبالتالي زوال الدعامات الاجتماعية لدعوة الاشتراكية، وتراجع شعارات ومفاهيم الوطن والوطنية بأثر العولمة، وغير ذلك من الأباطيل.
    ويتأكد اليوم ان المحرك للصراعات في العالم ليس هو صراع الحضارات، بل هو الصراع السياسي/الاجتماعي الدائر تحت أبصارنا بلحمه ودمه في البلدان المختلفة وعلى المستوى العالمي.
    كما يتاكد ان الحراك الاجتماعي المصاحب للثورة التكنولوجية لم يقد لزوال الطبقة العاملة ولا لنهاية الطاقات الثورية للفئات الوسطي. وبالتالي فان الدعوة لرأسمالية شعبية عن طريق التفاهم بين الطبقات في المجتمع الليبرالي لا تستقيم. وطبيعي جداً ان يقود التطور التكنولوجي إلى تغيرات هيكلية في بنية الطبقة العاملة تماماً كما أفرز تغيرات ملحوظة في بنية الرأسماليين والانتاج الرأسمالي. ان فترة المخاض الجديدة التي تعايشها الطبقة العاملة والتغيرات في بنيتها لا تبرر الزعم بنهايتها وزوالها. فالتغيرات البنيوية في تركيب الطبقة العاملة لن تغير من طبيعة الاستغلال الرأسمالي، ولا من الرسالة التاريخية للطبقة العاملة الجديدة وحلفائها لإقامة المجتمع الاشتراكي.
    وقد قاد الحراك الاجتماعي المصاحب للثورة التكنولوجية إلى نشوء تحالفات أوسع للعاملين يدوياً وذهنياً. ان هذه التحالفات العريضة لقوى العمل تشكل دعامات اجتماعية اكثر قدرة على انجاز التحولات الاجتماعية والتغيير الاجتماعي.
    كما ان قيٍّم ومفاهيم الوطن والذود عن السيادة الوطنية والتراث الحضاري تتنامى أمام خطر الذوبان في نهج الحضارة الغربية. ويتصاعد هذا النمو طرداً مع اتساع الحركة المناوئة لنهج التبعية ودعاماته الاجتماعية المحلية التي ترضخ لإملاءات وشروط النظام العالمي الجديد.

    د‌- العالم الثالث:
    لمحات من أفريقيا والعالم العربي وأمريكا اللاتينية وآسيا:
    (1) أفريقيا:
    القارة الأفريقية غنية بمواردها وخيراتها في ظاهر الأرض وباطنها. فهناك الثروات النفطية والغاز الطبيعي. وهناك المعادن بما في ذلك النحاس والذهب والماس واليورانيوم وغيرها. وهناك الثروات المائية والزراعية والحيوانية التي لا ينضب لها معين. ورغم ذلك تعاني البلدان الأفريقية من واقع التخلف، وتثقل كاهلها الاقتصادي المديونية الخارجية بارقام فلكية، ويعاني المواطن الأفريقي في معظم البلدان الأفريقية من الفقر والجهل والمرض وتحصده الأوبئة والمجاعات والحروب.
    ولم يقد انتاج النفط في بعض البلدان الأفريقية، وارتفاع أسعاره عالمياً، إلاّ إلى زيادة الفساد وتقوية القبضة الاستبدادية للأنظمة الشمولية الحاكمة، وإلى إهمال تنمية الثروات التقليدية الزراعية والحيوانية. وفي معظم البلدان الأفريقية المنتجة للنفط لا يتم إلاّ تكريس نسبة ضئيلة للغاية من عائداته في رفع مستوى حياة الملايين من الفقراء. والواقع ان البلدان الأفريقية المنتجة للنفط جنوب الصحراء تنتج أكثر من 11% من جملة الانتاج النفطي العالمي. وتحتل نيجيريا مكان الدولة الأعلى انتاجاً بين هذه الدول (2.5 مليون برميل في اليوم)، ورغم ذلك نجد ان اكثر من 90 مليون من سكانها البالغ عددهم 130 مليون يعيشون تحت خط الفقر. كما يرتفع التساؤل في تشاد والسودان وغيرهما عن أين تذهب أموال النفط المتزايدة في وقت تتدنى فيه أحوال المواطنين المعيشية.
    لقد حالت عدة عوامل وأسباب دون التنمية والتغيير الاجتماعي في البلدان الأفريقية على رأسها:

    * التدخلات الاستعمارية لنهب الثروات الأفريقية من المعادن ومواد الطاقة، وقطع الطريق في وجه سير البلدان الأفريقية في طريق التطور المستقل والنهضة الزراعية الصناعية الثقافية الشاملة. وتتبارى الضواري الاستعمارية حالياً، وفق سياسات العولمة والنظام العالمي الجديد، لبسط مناطق النفوذ والسيطرة من جديد على موارد أفريقيا النفطية والمعدنية، تماماً كما كان عليه حال الصراع حول النحاس في إقليم كاتنقا في الكنغو مطلع ستينات القرن الماضي.

    * الأنظمة الانقلابية والشمولية التي تصادر أي دور مستقل للجماهير الشعبية وتنتهج طريق التبعية والرضوخ لإملاءات النظام العالمي الجديد، وتفتح الباب لاستشراء الفساد وسياسات المحاباة التي تؤجج النزاعات العرقية والدينية، بل وتقود إلى انهاء وجود الدولة ذاتها كما حدث في الصومال.

    * الطريق المسدودالذي وصلت إليه طروحات الاشتراكية الأفريقية أو اشتراكية القرية، وعجزها عن تقديم نموذج عملي على أرض الواقع للتطور المستقل. وكذلك الفشل في انجاز التحول الديمقراطي والتغيير الاجتماعي على أيدي الأحزاب اليسارية التي تتمسك بالقشور دون اللباب في طروحاتها الاشتراكية وتترسم خطى الشمولية والحزب الواحد في تجربة النمط السوفيتي المنهارة.

    * النزاعات الدامية باسباب تعدد الإثنيات والأعراق والأديان والخلاف حول ترسيم الحدود، والفشل في حل المسألة القومية حلاً ديمقراطياًُ عادلاً، وما يقود له كل ذلك وغيره من هشاشة وضعف المجتمع المدني.

    خارطة الطريق لمواجهة مشاكل أفريقيا
    ان المفتاح لحل مشاكل أفريقيا المزمنة يكمن في قيام تحالفات واسعة لكل القوى والتنظيمات السياسية والنقابية والجهوية والقومية بما يمليه واقع التعدد والتنوع في بلدان أفريقيا، لانهاء الأنظمة الشمولية الاستبدادية وفتح الطريق لقيام أنظمة ديمقراطية تعددية تضطلع بمهام:
    - انجاز التحول الديمقراطي وكفالة حرية التنظيم والتعبير واستقلال وحرية النقابات وسائر منظمات المجتمع المدني، بما يرسي آليات فعالة للتنمية المتوازنة ورتق النسيج الاجتماعي ومحاربة الفساد. ذلك ان الرقابة الشعبية التي يوفرها التحول الديمقراطي هي الكفيلة حقاً بانجاز التنمية ومحاصرة الفساد. وفي هذا الإطار، وليس خارجه، يستقيم مقترح النيباد (الشراكة من أجل التنمية في أفريقيا) حول تكوين آلية للمراقبة والمحاسبة الذاتية للبلدان الأفريقية.
    - الحل الديمقراطي للمسألة القومية والإثنية بما يقود للوحدة الراسخة والطوعية في إطار التعدد والتنوع. فالإثنية ليست لعنة أو قدراً مسطراً لا فكاك منه، وفي الواقع لعبت الإثنية دوراً كبيراً في معارك التحرر من السيطرة الاستعمارية المباشرة في الكثير من البلدان الأفريقية. غير ان السياسات الخاطئة للأنظمة الشمولية، وخاصة قطع الطريق أمام التحول الديمقراطي في قاع المجتمع، والكيل بمكيالين في التعامل مع الاثنيات والجهويات كالمحاباة من جانب والتهميش من الجانب الآخر قاد لان تتحول الاثنية إلى بؤرة ملتهبة للفرقة والشتات والنزاعات المتواصلة.
    وتتحول الاثنية إلى مصدر فوة ووحدة باعتماد صيغ الحكم اللامركزي والفدرالية والحكم الذاتي حسب واقع الحال والاقتسام العادل للسلطة والثروة، وانجاز التحول الديمقراطي. أي بالحل الديمقراطي للمسألة القومية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً.
    إن الحل أحادي الجانب للمسألة القومية، والذي يتلخص فقط في التمدد في الحكم اللامركزي بزيادة عدد الأقاليم والولايات كما في نيجيريا، لن يقود إلى حل ديمقراطي عادل للمسألة القومية. فقد ارتفع عدد الولايات في نيجيريا من 3 إلى أكثر من 30 دون ان يقود مثل هذا الحل الاحادي إلى وضع نهاية للصراعات الدامية في هذا البلد على أسس عرقية ودينية.
    - يقف التكامل الاقتصادي الأفريقي بين البلدان المتجاورة وخاصة في مجال تصنيع المدخلات الضرورية عالية التكلفة للتنمية الزراعية، رافداً هاماً على طريق انتهاج هذه البلدان لطريق التطور المستقل.
    - رفع قدرات البلدان الأفريقية على مواجهة سياسات العولمة والنظام العالمي الجديد،بما يقتضي دعم التكتلات الإقليمية القائمة وتطويرها، وإقامة تكتلات جديدة أوسع، على سبيل تقوية ضغوط أفريقيا بصورة جماعية من أجل تعديل شروط التبادل التجاري العالمية غير المتكافئة وفرض أسعار مجزية وعادلة للمحاصيل الزراعية الخامة والمحوّلة وإلغاء الديون .. الخ.
    - تفعيل بنك التنمية الأفريقي.
    - تطوير ميثاق الاتحاد الأفريقي ليشمل التضامن بين شعوب القارة في قضايا الحريات وحقوق الإنسان ومواجهة الأنظمة الشمولية والتدخلات الأجنبية. ولعل قراريْ مؤتمريْ الاتحاد الأفريقي الأخيرين بالخرطوم 2006 وباديس أبابا في 2007 برفض رئاسة السودان للإتحاد من منطلق إهدار حكومة السودان لحقوق الإنسان وارتكابها جرائم حرب في دار فور، يقفان دليلاً على إمكانية تطوير الميثاق. كما يعيدان لأذهان الشعوب الأفريقية أصداء حملة التضامن الواسعة، على المستويين الرسمي والشعبي، مع شعب الكنغو على أيام اغتيال بطل أفريقيا باتريس لوممبا مطلع ستينات القرن الماضي. كما يتطلب تطوير الميثاق، تقوية العلاقات البرلمانية وجعلها مستقلة عن الحكومات والأجهزة التنفيذية .
    والواقع ان الأعوام الأخيرة شهدت بعض التحولات في أفريقيا من الحكم الشمولي إلى الحكم الديمقراطي التعددي.وفي هذا الإطار يقف انتصار شعب جنوب أفريقيا بقيادة نلسون مانديلا على نظام التفرقة العنصرية، على رأس هذا التحول. وتمكنت ليبيريا بعد طول معاناة وصراعات دموية من إقامة نظام ديمقراطي تعددي فتح الطريق لإصلاحات ديمقراطية وتنموية. وكذلك جرى تحول ديمقراطي بهذا القدر أو ذاك في عدد من دول القارة مثل أثيوبيا ونيجيريا وكينيا ويوغندا وتنزانيا والكنغو والسنغال وموريتانيا.

    (2) العالم العربي:
    وفي العالم العربي تتربع على دست الحكم في الكثير من بلدانه، انظمة استبدادية تعبٍّر عن مصالح شبه الاقطاع والرأسمالية الطفيلية والكمبرادورية. وتنتهج هذه البلدان نهج التبعية للنظام العالمي الجديد. وبأثر هذا جرى التراجع عن مكاسب هامة احرزتها الشعوب العربية ابان النهوض في حركة التحرر الوطني العربية، بما في ذلك دعم وتوسيع القطاع العام وانجاز الإصلاح الزراعي بهذه الدرجة أو تلك من الراديكالية، وزيادة الانفاق الحكومي على الخدمات والاشغال العامة، وكذلك المواقف الإيجابية من الامبريالية والاستعمار الإستيطاني الاسرائيلي لفلسطين.
    ورغم ان السنوات الأخيرة شهدت ارهاصات لتحولات ديمقراطية بأثر نضال الشعوب العربية في الجزائر والمغرب وموريتانيا وتونس ومصر إلا انها لاتزال هشة وفوقية. وتتأكد في بلدان العالم العربي ضرورات:
    * النضال مع الشعوب العربية لاستعادة قدرات حركة التحرر الوطني العربية كأداة أساسية في النضال من أجل انهاء السيطرة الامبريالية ورفض طريق التبعية. وفي هذا المقام تبرز أهمية مواجهة خطر التفتت عبر الانقسام السني/الشيعي الذي يضعف طاقات الشعوب العربية في مواجهة الإمبريالية، والتصدي لإهدار حقوق الأقليات القومية والدينية. كما تبرز أهمية تنمية وتطوير العلاقات بين التيارات اليسارية والديمقراطية والقومية والاسلامية المستنيرة.
    * قيام تحالفات عريضة على طريق النضال لإنهاء الأنظمة الشمولية واستعادة الديمقراطية والحريات وتدشين طريق التطور المستقل. ان المشروع الأمريكي للإصلاح الديمقراطي في بلدان الشرق الأوسط يظل فوقياً وخارجياً وضعيف المردود دون قيام مثل هذه التحالفات الشعبية العريضة.
    * استثمار العامل القومي العربي في استجلاب أوسع تضامن لدعم خيار شعب فلسطين وتوحيد الجبهة الفلسطينية الداخلية.
    * حشد أوسع الطاقات السياسية والدبلوماسية لفك الجمود أمام التسوية السلمية للصراع الفلسطيني/الإسرائيلي بتصفية الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967 وعودة اللاجئين من المخيمات وإطلاق سراح المعتقلين.
    وقد فرض هذه التسوية وجعلها ممكنة، نضال شعب فلسطين التحرري وانتفاضاته المتواصلة ضد الاحتلال، وتضامن الشعوب العربية وشعوب العالم مع هذا النضال التحرري، وبأثر هذا تحركت آليات الشرعية الدولية، فكان القرار رقم 242 والقرار 338 وكانت مدريد 1991 واوسلو1993 ثم خارطة الطريق التي ترعاها الأمم المتحدة وأمريكا وروسيا والاتحاد الأوربي.
    ان أسرائيل بالتواطؤ مع أمريكا تسعى كما درجت دائما لإفراغ قرارات الشرعية الدولية من مضامينها، فبديلاً لشعارات مدريد: "الأرض مقابل السلام"، ظلت ترفع شعار: "أمن أسرائيل"، وبديلاً للسلام العادل رفعت شعار السلام الآمن لإسرائيل. بل ان الاستراتيجية الإسرائيلية تهدف لقيام الدولة الفلسطينية في مساحة صغيرة من أراضي الضفة والقطاع مجردة من السيادة الوطنية. ويا حبذا لو دخلت هذه الدويلة الصغيرة في اتحاد كونفدرالي مع الأردن. كما تسعى إسرائيل للتوسع في إقامة المستوطنات اليهودية في الأراضي الفسلطينية ولبناء الجدار الفاصل الذي يخترق الأراضي الفلسطينية، ولتهويد القدس لتكون عاصمة أبدية لإسرائيل! وللحيلولة دون عودة اللاجئين الفلسطينيين. بل انها تتحدث عن تحالف إقليمي بينها والبلدان العربية المجاورة لها يفضي لقيام السوق الشرق أوسطية. كما تتحدث بلسان واحد مع أمريكا عن مشروع الشرق الأوسط الكبير.
    إن طموحات إسرائيل الصهيونية للحصول على مكاسب جديدة تتطلب أوسع تضامن عربي وعالمي مع الشعب الفلسطيني لفرض قرارات الشرعية الدولية.
    * إجلاء الجيوش الأجنبية من العراق وتمكين شعب العراق من تصفية آثار الغزو والاحتلال وبناء دولته الديمقراطية المستقلة.
    * تفعيل دور الجامعة العربية ليشمل إلى جانب استنفار كل الجهد القومي الممكن، التضامن مع الشعوب العربية ضد الأنظمة الانقلابية ومع سجناء الرأي والضمير والأقليات الدينية والعرقية، وتحرير المواطن العربي من ربقة الفقر والجهل والمرض باستثمار عائدات البترول العربية في التنمية في البلدان العربية.
    * التفاعل بين العالم العربي وأفريقيا عبر التكامل والتعاون الاقتصادي وتفعيل دور المصرف العربي للتنمية في أفريقيا والاستفادة من إمكانات وقدرات البلدان المتطورة نسبياً مثل مصر وجنوب أفريقيا في هذا المضمار.
    * وبصورة عامة فإن المهام الآنية في العالم العربي هي النضال من أجل التحول الديمقراطي والتضامن بين الشعوب العربية.

    (3) أمريكا اللاتينية:
    أبرز ما يميز الأوضاع السياسية والاجتماعية في بلدان أمريكا اللاتينية هو صمود الثورة الكوبية، والتحولات الديمقراطية المناهضة للإمبريالية الأمريكية بدرجات متفاوتة في البرازيل وفنزويلا وبوليفيا وشيلي والأرجنتين والإكوادور ونيكاراغوا وبيرو .. الخ
    لقد قاد التراكم النضالي طويل الأمد ضد الهيمنة والتدخلات الأمريكية في بلدان أمريكا الجنوبية، لأن يشق عدد متزايد من البلدان، بسند جماهيري عبر صناديق الاقتراع والصراع السياسي/الاجتماعي، عصا الطاعة على مبدأ مونرو الذي جعل من أمريكا اللاتينية منطقة نفوذ تابعة للولايات المتحدة الأمريكية. وكان لسان العنجهية الاستعمارية لأمريكا يتحدث عن بلدان هذه القارة كمجرد حدائق خلفية للبيت الأمريكي! وفي أحسن الحالات كمجرد جمهوريات للموز! بل ان توازن القوى العالمي الذي كان قائما عام 1919 مكّن الامبريالية الأمريكية من تسجيل مبدأ مونرو في ميثاق عصبة الأمم. وحتى بعد نصف قرن من ذلك صرح هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكية الأسبق حول تشيلي على أيام الرئيس الاشتراكي الليندي ... "لا أرى لماذا علينا ان نترك بلداً يتجه إلى الماركسية فقط لأن شعبه غير مسئول"!!
    وتسير بلدان أمريكا اللاتينية التي تمردت على الهيمنة الأمريكية على طريق التطور المستقل ودعم القطاع العام كقاعدة لهذا التطور، بهذه الدرجة أو تلك من الراديكالية بسند جماهيري واسع وفعال وتضامن عالمي. ويستند هذا الطريق على اتجاه سياسي وتحالف اجتماعي عريض رافض للبرنامج السياسي والاقتصادي لليبرالية الجديدة ولمخطط الخصخصة العشوائية وسيطرة آليات السوق الذي تسبب في إفقار الطبقات الشعبية. وتقيم هذه البلدان علاقاتها الخارجية باستقلال وبعيداً عن الهيمنة الأمريكية.
    ويتجلى هذا الطريق المستقل وصولاً للتحول الديمقراطي والتقدم الاجتماعي، في رفض المخطط الأمريكي لإقامة تكتل تجاري جديد لبلدان أمريكا اللاتينية تحت هيمنتها ولخدمة مصالحها، وفي الاتفاق التجاري بين كوبا وفنزويلا وبوليفيا، وانهاء الاحتكار بتأميم حقول وصناعة الغاز الطبيعي في بوليفيا، وامتلاك زمام السيطرة على صناعة النفط في فنزويلا، وكذلك في التكامل الاقتصادي ومحاربة الفقر ودعم الخدمات الصحية ورفع المستوى التعليمي والثقافي للشعب.
    وتصمد هذه البلدان في وجه عقوبات أمريكا مثل عقوبة حظر الأسلحة الأمريكية عنها أو التلويح بعدم شراء نفطها .. الخ.

    (4) النمور الآسيوية:
    وترفد السير على طريق التطور المستقل والتحرر من التبعية وإلزامية التحول الديمقراطي والحريات السياسية والنقابية، والتضامن بين الشعوب وتفعيل المنظمات الإقليمية، تجربة النمور الآسيوية في جنوب شرق آسيا وكذلك تجربة رصيفاتها في بعض بلدان أمريكا اللاتينية. وقد أكدت هذه التجربة على أرض الواقع ان نهج التبعية وغياب البعد الاجتماعي للتنمية وطريق استجلاب التكنولوجيا والديون بأرقام فلكية لن يقود في الواقع العملي إلاّ لإفراز العطالة والفساد والأزمة الاقتصادية/المالية وانهيار أسعار العملة وعدم الاستقرار السياسي. ولعل في هذه التجربة السلبية ما يدعم ويعزز ضرورة السير على طريق التطور المستقل. لقد انبهر الدائرون في الفلك الرأسمالي بتلك التجربة ووصفوها بانها تجربة رائدة قبل ان تنهار. وفي الواقع لم تقد الجهود الهائلة والتوظيفات الضخمة بعشرات المليارات من الدولارات لصندوق النقد الدولي إلاّ لعلاج جزئي ومؤقت للأزمة، تواصلت معه المقاومة الشعبية لطريق التبعية بالانتفاضات العمالية والطلابية.

    الفصل الثاني

    الأوضاع الداخلية في السودان

    أ‌- أثر المنهج الماركسي في صياغة قضايا الثورة السودانية.
    ب‌- الأزمة السودانية: الجذور والتطورات والمخرج.
    ج- إتفاقية السلام الشامل في التنفيذ.
    د- الوضع في الجنوب.
    هـ- ملامح ومؤشرات جديدة في العمل بين العمال والطلاب والنساء والشباب والمنظمات الطوعية:
    1- الحزب الشيوعي والطبقة العاملة.
    2- قضايا التعليم والطلاب.
    3- الحزب الشيوعي وقضية المرأة.
    4- علاقة الحزب الشيوعي بحركة الشباب.
    5- المنظمات الطوعية.
    هـ- التجمع الوطني الديمقراطي وتجربة مجد.

    أ/ اثر المنهج الماركسي في صياغة قضايا الثورة السودانية
    تمكّن الحزب الشيوعي السوداني، مسترشداً بالمنهج الماركسي، من تأكيد وتعزيز ضرورته التاريخية والموضوعية لتطور الثورة السودانية، تلك الضرورة التي افرزها واقع وموازين الصراع السياسي والاجتماعي في السودان في منتصف اربعينيات القرن الماضي، ودعمتها التطورات اللاحقة في مسار ذلك الصراع (راجع كتيب: لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي السوداني) وقد ساعد الاهتداء بذلك المنهج، وصولاً الى صياغة استراتيجية وتكتيكات الحزب وبرامجه واشكال واساليب عمله، في تعميد وترسيخ جدوى الحزب الشيوعي في الساحة السياسية والاجتماعية في السودان.
    ولعل مأثرة الحزب الشيوعي السوداني تكمن في استطاعته، عبر اجتهاداته المتواصلة، ترجمة النظرية الماركسية الى لغة مفهومة لجماهير شعبنا رغم واقع التخلف وضعف الطبقة العاملة الصناعية وغلبة فئات البرجوازية الصغيرة في المجتمع. وقد دللت عديد التجارب، منذ نشوء الحلقات الاولى للحركة السودانية للتحرر الوطني، ان الطبقة العاملة السودانية هي الأكثر نشاطاً في ميادين الصراع السياسي والاجتماعي، فإلى هذه الطبقة بالذات يرجع الفضل في تفجير حركة التنظيم النقابي وتحسين مستوى المعيشة والنضال ضد الاستعمار والدكتاتورية، وفي التضامن مع فئات الشعب الاخرى كالمزارعين والطلاب.
    لقد اثبت نضال الطبقة العاملة السودانية خطل المزاعم التي تربط وجود الحزب الشيوعي باستلاب البروليتاريا الصناعية كما في البلدان الرأسمالية المتطورة. اما الدور القيادي للطبقة العاملة فهو قضية نضالية تحسمها في نهاية الامر القناعات الشعبية ويحكمها مسار الصراع السياسي والاجتماعي وازدياد وزن الطبقة العاملة في التركيب الاجتماعي للسكان بأثر التنمية.
    كما ان الاصرار على تطبيق المنهج الماركسي بإستقلال على الواقع السوداني، وفق تفرده وتنوعه وتطوره غير المتساوي، دفع الحزب الشيوعي السوداني للصراع قدر استطاعته، لتأكيد استقلاليته وللانفلات من اسار النمط السوفيتي وجموده. وهو صراع حدا بكثير من المهتمين بالشأن السوداني للحديث عن استقلالية الحزب الشيوعي السوداني عن النمط السوفيتي. وقد مكّنت الاستقلالية ومحاولات الاختراق المبكر لجبهة الجمود والانغلاق من تقديم الحزب لطروحات واسهامات مستنيرة عبر الصراع مع السوفيت حول طبيعة انقلابي 17 نوفمبر 1958 و25 مايو1969، وما يتفرع عن ذلك من قراءة للاوضاع السياسية والاجتماعية في السودان.
    غير ان ذلك الصراع كانت تحد منه وتضعفه اعتبارات تغليب العداء للرأسمالية والاستعمار في التحالف مع المعسكر الاشتراكي، على اعتبارات اختراق الجمود.
    وفي الواقع العملي ظلت محاولات الاستقلالية والتمايز محاصرة دوماً بمحيط الجمود، رغم الاقرار العام بأحقية كل حزب في اتخاذ القرار في اوضاع بلاده الداخلية. فأهل مكة ادرى بشعابها، وكل حزب مسئول امام شعبه وطبقته العاملة عن نتائج استرشاده بالمنهج الماركسي.
    قراءة الحزب الشيوعي السوداني للمنهج الماركسي
    المنهج الماركسي منهج منفتح ولا يجمعه جامع مع الجمود والانغلاق. انه منهج يغتني ويتطور بدراسته واستيعابه وتمثله لكل ومضات الفكر العالمي المستنير. والمنهج الماركسي ليس عدمياً ولا يدعو للانبتات عن الواقع الموضوعي ولا عن قضايا التراث. بل ينظر في تلك القضايا بوصفها رافداً للواقع في حركته وتطوره التاريخي. فالاصالة والمعاصرة وجهان لعملة واحدة ويشكلان معاً الترابط الجدلي لعناصر ومكونات الواقع المتجدد الذي يبحث فيه ذلك المنهج. وكما هو معروف فإن المنهج الماركسي يقرأ التراث في تاريخيته، لا في سكونه وسلفيته، ومن ثم يسعى لمد حبال الوصل بين الماضي والحاضر. اي انه لا يقوم بإسقاط الماضي على الحاضر، فللحاضر والراهن دوماً جديده الذي يسعى الثوريون للتأصيل له من بين ثنايا التراث. وينتصب دوماً أمام الحزب الشيوعي السوداني، الشرط الموضوعي لتحوله إلى حزب جماهيري. وهو شرط ربط طروحاته بجذور عميقة بكل ما هو ثوري في مجرى تراث شعب السودان الحضاري. والواقع ان الحزب الشيوعي السوداني درج على الدوام للتأصيل لطروحاته من بين ثنايا التراث السوداني بكل تنوعه وتعدده.
    وجاءت الدعوة في دستور الحزب المجاز في مؤتمره الرابع (اكتوبر1967) لربط المنهج الماركسي بجذور عميقة بكل ماهو ثوري في مجرى انجازات شعبنا السياسية والاجتماعية وفي سماته الحضارية. وعلى سبيل المثال طرح ذلك الدستور ضرورة الاستفادة من جوهر تعاليم الدين الاسلامي الحنيف ومقاصده الكلية الداعية للتحرر والعدالة والمساواة، في خدمة قضايا تقدم وتطور الثورة السودانية، وسحب البساط من تحت اقدام القوى التقليدية في السودان في استغلالها الدين لفرملة واعاقة تطور تلك الثورة.
    وتحت مظلة نظام الانقاذ اثمر غرس الشمولية المتأسلمةٍ، العديد من جماعات التطرف والهوس الديني المعادية للتحول الديمقراطي والتغيير الاجتماعي. وفي وجه النشاط الارهابي لهذه الجماعات، تكفيراً واهدار دم وحصداً لارواح المصلين في المساجد، ثابر الحزب الشيوعي على كشف وفضح هذا النشاط ومراميه، وظل الحزب يدعو لتقنين الحقوق الدستورية للجماهير، ولمنبر واسع لمواجهة خطر هذه الجماعات، بوصف هذا شرطاً اساسياً في محاصرة الارهاب وعزله في ركن قصي وهامشي تمهيداً لهزيمته ودحره. كما دعم الحزب الدعوة لتوحيد قوى الاستنارة في النضال ضد جماعات الهوس الديني ونشاطها.
    ومنذ مؤتمره الثاني استقر أسلوب الحزب في الرصد الشامل لمقاومة الشعب ضد الاستعمار البريطاني ، مثل مقاومة الدينكا والزاندي وجبال النوبة وغيرها .
    وفي مقدمة تقويم الحزب الشيوعي لثورة أكتوبر 1964 طرح الحزب انها أهم حدث في تاريخ السودان بعد الثورة المهدية. ومستلهماً تجارب التحالفات الجبهوية العريضة في التاريخ السوداني، القائمة على واقع التعدد والتنوع في السودان، والتي افضت الى قيام مملكة سنار مطلع القرن السادس عشر الميلادي، والى انتصار الثورة المهدية في 1885، ثابر الحزب عبر تاريخه في رفع الشعارات والدعوات لقيام التحالفات الجبهوية الواسعة على سبيل تمكين الشعب من تحقيق الانتصارات لاهدافه وقضاياه . وكان من ابرز تلك التحالفات التي ساهم الحزب في تأسيسها أو الدعوة لها:- الجبهة المتحدة لتحرير السودان على ايام المستعمر الاجنبي، الجبهة المعادية للاستعمار، الجبهة الوطنية الديمقراطية، الجبهة الاستقلالية عشية الاستقلال في مواجهة الدعوة لوحدة وادي النيل ، جبهة الهيئات في اكتوبر 1964، جبهة عريضة للديمقراطية وانقاذ الوطن على ايام نميري، التجمع الحزبي والنقابي تحضيراً للانتفاضة، التحالفات القاعدية بين الطلاب والعمال والمهنيين..الخ، وحدة قوى الانتفاضة بعد انتفاضة مارس ابريل 1985، التجمع الوطني الديمقراطي لمقاومة نظام 30 يونيو1989، واليوم ايضاً يطرح الحزب الشعار، ويوجه الدعوة النضالية، لوحدة قوى المعارضة عبر التنسيق والعمل المشترك بين فصائلها لانزال نيفاشا والاتفاقيات الأخرى إلى ارض الواقع وعقد المؤتمر الجامع لتحويلها من الثنائية الى رحاب القومية.
    ولا تغيب عن الحزب في دعوته لهذا التحالف الواسع او ذاك، الطبيعة الاجتماعية للقوى المشاركة فيه. فقد دللت تجارب التحالفات منذ فجر الحركة الوطنية في السودان وقيام الحركة السياسية الحديثة فيه، ان القوى التقليدية، حفاظاً على مصالحها وامتيازاتها، تجنح دائماً لخفض سقف الحد الادنى لبرنامج التحالف عكساً مع تنامي حركة الجماهير واقترابها من تحقيق التغيير المنشود. كما لا تغيب عن الحزب حقيقة أن هذه التحالفات الفوقية لا تكتمل دون استنادها الى تحالفات قاعدية راسخة بين الجماهير، ودون توفر الاسس الديمقراطية وصيغة التراضي في عملها وكفالة حق العمل المستقل لأطرافها. إن هذه الاستنتاجات الهامة المستخلصة من تجارب التحالفات أبرزت مقدرة الحزب ، استناداً إلى المؤشرات العامة للمنهج الجدلي ، على القراءة الصحيحة للواقع السوداني .
    ورغم أن الحزب الشيوعي لا يعترض من ناحية المبدأ على شعار وحدة قوى اليسار رغم ارتباط هذا الشعار عن طريق الخطأ في أذهان الجماهير بالتكتيك الانقلابي ، إلا انه يرى ان المهام والقضايا التي تواجه الشعب والوطن حالياً، تجعل الاسبقية والصدارة في جدول العمل، ليس لوحدة قوى اليسار، وانما لوحدة كل القوى الراغبة في التحول الديمقراطي وحل الازمة السودانية في تجلياتها المختلفة حلاً ديمقراطياً عادلاً، والوصول الى وحدة السودان عبر الاستفتاء على تقرير المصير في نهاية الفترة الانتقالية.
    ومن ناحية اخرى، واستناداً الى الدراسة الباطنية للمجتمع السوداني على ضوء المنهج الماركسي، افسح الحزب حيزاً مناسباً في برامجه لحقيقة ان التغيير الاجتماعي في الواقع السوداني يستوجب ان يكون الاصلاح الزراعي الديمقراطي والحل الديمقراطي للمسألة القومية والجهوية ركنين اساسيين في ذلك التغيير. كما وضع اعتباراً لحقيقة التطور غير المتساوي في السودان اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً ومن ثم تفاوت درجات الوعي الاجتماعي والسياسي. واستناداً الى ذلك تصدى لمعالجة التحديات التي تواجه العمل الثوري في مناطق القطاع التقليدي، وصاغ افكار وتوجهات الخط التنظيمي المتنوع من منطقة لاخرى وفق ما يمليه واقع التطور غير المتساوي.
    وظل الحزب الشيوعي يطرح دائماً ويؤكد الارتباط الوثيق الذي لا تنفصم له عرى، بين الدعوة للاشتراكية والحقوق الديمقراطية للجماهير والتداول الديمقراطي للسلطة عبر صناديق الاقتراع. واوضح الحزب مراراً ان مفاهيم وشعارات طليعية الطبقة العاملة وطليعية الحزب الشيوعي وغيرها، لا تأتي بالطلب، او برغبة ذاتية، او استناداً الى حتمية قدرية.
    إن سيادة مثل هذه المفاهيم والشعارات لن تقود في الواقع العملي إلاّ للغرور المهلك والى اضعاف الحزب. كما اعلن الحزب الشيوعي انه حزب بين الاحزاب السياسية السودانية، وان فعاليته تتضاعف بإستقامته في الدفاع عن الديمقراطية والتحول الديمقراطي، وبتوفر الاسس الديمقراطية داخله وكذلك بمراعاته لتلك الاسس في تعامله مع حركة الجماهير وتنظيماتها.
    رائد لا يكذب أهله
    إن استرشاد الحزب بالمنهج الماركسي ساعد في وقوف الحزب على الاسباب وراء تطورات وتجليات الاوضاع السياسية والاجتماعية في السودان، وهذا امر جعل طروحات الحزب ودعواته النضالية في مختلف القضايا التي طرحها الحزب، مصدر إلهام وجذب لجماهير واسعة من الشعب.
    ونتيجة لذلك اثبت الحزب أحقيته في الحياة ورسّخ جدواه النضالية وضرورته في الواقع السوداني على مدى اكثر من ستين عاماً من الزمان (1946-2007).
    لقد سطّر الحزب الشيوعي السوداني والقوى الديمقراطية المتحالفة معه ملحمة نضالية غنية ومفعمة بالتجرد والاخلاص والحب لشعبنا العظيم.
    لقد افاد التحالف الشيوعي/ الديمقراطي حركة شعبنا في مسيرتها من اجل التحرر الوطني والنهضة الوطنية الديمقراطية، خطاباً سياسياً واجتماعياً ملهماً ومعبراً عن آمال وتطلعات تلك الحركة، وبرامج للتغيير الاجتماعي، وشعارات جاذبة، وادوات صراع واشكال نضال وتحالفات، دعمت منهج النضال السياسي الجماهيري في السودان.
    وقدّم الحزب على ضوء ذلك المنهج مبدأ اللامركزية والحكم الذاتي الاقليمي والتنمية وتقرير المصير لجنوب الوطن، على سبيل الحل الديمقراطي للمسألة القومية وانهاء التهميش في السودان. وصاغ الحزب شعار الاضراب السياسي العام والعصيان المدني الذي كان سلاح الجماهير الفعال في ثورة اكتوبر1964، وكذلك في انتفاضة مارس ابريل1985.
    وبفضل دراسته للواقع السوداني دراسة باطنية على ضوء المنهج الماركسي، تمكّن الحزب الشيوعي من صياغة وثائقه الاساسية التي أثّرت إيجابا على الفكر السياسي والاجتماعي في السودان وعلى مسار العمل السياسي فيه، مثل وثائق:- سبيل السودان نحو تعزيز الاستقلال والديمقراطية والسلم في 1956، وكتاب المؤتمر الرابع للحزب: الماركسية وقضايا الثورة السودانية في 1967، وبيان الديمقراطية مفتاح الحل: جبهة عريضة للديمقراطية وانقاذ الوطن في 1977، والورقة التي أعدها الحزب للمؤتمر القومي الدستوري قبيل انقلاب 30 يونيو، وغير ذلك من الوثائق التي تقترح لجنة إعداد مشروع التقرير السياسي إعادة طبعها ونشرها على شرف انعقاد المؤتمر. وعند قيام اول حكومة وطنية في فترة الحكم الذاتي عام 1953 قاد الحزب نشاطاً جماهيرياً واسعاً من اجل الغاء القوانين المقيدة للحريات،وطالب بإلغاء قانون النشاط الهدام والمواد الاخرى في القوانين التي تمنع التنظيم والتظاهر مثل المواد 105 و107 وغيرهما. وارتفع صوت النائب الشيوعي حسن الطاهر زروق في مجلس النواب في اغسطس1955، عند مناقشة تقرير المصير في البرلمان: .. (المصير الذي نريده لاهلنا يجب ان يختلف اختلافاً جوهرياً عن المصير الذي اراده ومازال يفرضه علينا الاستعمار، اننا نريد في المكان الاول ان نقيم في بلادنا حكماً ديمقراطياً يمثل المصالح الكبرى للشعب على اساس النظام الجمهوري البرلماني، اننا نريد مصيراً جديداً لشعبنا تطلق فيه الحريات الديمقراطية، وفي يد المجلس ان يغير الوضع التشريعي وقانون عقوبات السودان وقانون التحقيق الجنائي الذي صفّدنا به الاستعمار. والمصير الذي نريده لبلادنا ياسيدي الرئيس يجب ان يضع في اعتباره وحدة شعبنا وتوحيده في الكفاح من اجل التحرر. ونحن نعلم ان هناك في المديريات الجنوبية تجمعات قبلية وقومية قهرها الاستعمار وخلّفها في وضع متأخر بدائي ظالم، فعلينا ان نخلصهم من هذا التأخر والقهر القومي ونعطيهم حقهم في وضع نظمهم المحلية وتنظيم وضعهم الخاص في نطاق وحدة البلاد ومصلحتها العليا.. والمصير الذي نريده لبلادنا يجب ان يكفل لكل المواطنين من زراع وعمال وموظفين وطلبة وارباب حرف ونساء مستوى لائقاً من المعيشة والحقوق الديمقراطية، فهؤلاء هم العنصر المتطور صاحب المستقبل في بلادنا وهم صانعو تاريخه.) (راجع كتاب الاستاذ محمد سليمان: اليسار السوداني في عشر سنوات ص 137). وبأثر كل هذا استيقظت ودخلت الى دائرة الوعي والنشاط السياسي والاجتماعي اقسام واسعة من الشعب في كل انحاء الوطن. واسهم الحلف الشيوعي الديمقراطي بقسطه من الحضور الفاعل والنشط في اهم الانتصارات والمكاسب التي انجزها شعبنا في مسيرته النضالية:.. الاستقلال السياسي، ثورة 21 اكتوبر1964، انتفاضة مارس ابريل1985، ومقاومة نظام 30 يونيو وسلطته الشمولية الانفرادية.
    واستناداً الى هذا التراث النضالي، تمكّن الحزب الشيوعي من الصمود رغم كل المخططات لتصفيته وايقاف نشاطه ومحو آثار ذلك النشاط منذ قوانين النشاط الهدام و قانون الجمعيات غير المشروعة على أيام المستعمر الاجنبي. وواجه الحزب بعد ثورة اكتوبر 1964، بسند جماهيري واسع وفعال، مؤامرة خرق الدستور واصدار قرار برلماني يقضي بحل الحزب وتحريم نشاطه ومصادرة ممتلكاته وقفل دوره وتعطيل صحيفته وإبعاد نوابه المنتخبين من البرلمان. ونجح الحزب الشيوعي في تخطي وتجاوز خطر التصفية على الطراز المصري الناصري على ايام دكتاتورية السفاح نميري . ونحن واثقون كل الثقة في انه، بصمود وارادة الشيوعيين والديمقراطيين وكل الوطنيين سيكون في مقدمة الصفوف لهزيمة المخطط الإنقاذي الممتد عبر 17 عاماً لأضعافه وتصفيته تارة بالتصفيات الجسدية والتعذيب والفصل للصالح العام والاعتقال، وتارة بتجفيف المنابع المالية اللازمة لمواصلة نشاطه، وتارة ثالثة بمحاولات اختراق صفوفه وزرع الفتن والفوضى داخله وقسمه، وفي كل الاحيان بإستخدام سلاح الارهاب الديني لمنع تلاحمه مع الجماهير بفتاوي التكفير والالحاد واهدار الدم والخروج عن الملة. إن واحداً من الشروط والمقومات الهامة لتجديد الحزب هو مواصلة الصراع ضد اتجاهات التصفية والانقسامات.
    إن سر بقاء الحزب الشيوعي رغم كل هذه المحاولات يكمن في استناده إلى قوى اجتماعية موجودة في المجتمع السوداني ، وتعبيره عن مصالح هذه القوى . إن بقاء الحزب على الأرض السودانية يستند إلى ضرورة موضوعية قائمة في المجتمع السوداني .
    وتمتد جذور التحالف الديمقراطي عميقاً في المجتمع السوداني، وتتسع كل يوم الدوائر الاجتماعية والسياسية المؤمنة حقاً بأن وجود هذا التحالف ضرورة موضوعية لا غنى عنها للتحول الديمقراطي والتغيير الاجتماعي المستشرف آفاق العدالة الاجتماعية والاشتراكية.
    واستناداً إلى ذات التراث النضالي فإن الضرورة الماثلة بعد تجربة الانهيار المأساوية في الاتحاد السوفيتي وبلدان شرق اوربا الاشتراكية، تقتضي تجديد الحزب فكراً وبنياناً وممارسات. صحيح انه لابد من التمسك بما ظل صحيحاً في الفكر والتطبيق والمناهج، ولكن صحيح ايضاً انه لا بد من دعم المسار بالدراسة الانتقادية لتجربتنا في الواقع السوداني، وتجديد برنامجنا ونظامنا الداخلي وفق اسس جديدة تؤكد الديمقراطية والتحرر من النواقص والعيوب. وهذه على وجه التحديد هي المهمة التي كانت محور الاهتمام في الحوار الداخلي في الحزب الذي امتد لسنوات والتي يسطر مؤتمرنا الخامس هذا الآلية المناسبة لإعتمادها وترسيخها وتطويرها.
    لقد رفعنا راية تجديد الحزب ليواصل مشواره بخطى واثقة على طريق حشد الجماهير السودانية تحت رايات النهضة الوطنية الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والاشتراكية.
    وسيكون مؤتمرنا الخامس ناجحاً اذا تمكن من تدشين الطريق لتجديد الحزب. ان الخيار المصيري الذي لا مهرب منه ولا محيد ينتصب امام الحزب الشيوعي السوداني، اما ان يقوم بتجديد ملموس في فكره وبنيانه وممارساته ليواكب العصر، واما ان يتعرض لاحتمالات الضعف والانكماش. إن الإرادة الغلاّبة لكادر وأعضاء الحزب والديمقراطيين تقف بوضوح كما تؤشر وتؤكد كتيبات الحوار الداخلي في الحزب، الى جانب تجديد الحزب وبقائه حزباً ذا فائدة لحركة شعبنا النضالية في مسيرتها نحو النهضة الوطنية الديمقراطية وافقها الاشتراكي. وهذه على وجه التحديد، هي المهمة التاريخية المطروحة أمام المؤتمر الخامس.

    ب/ الأزمة السودانية: الجذور والتطورات والمخرج
    تواجه الحياة السياسية والاجتماعية في السودان متغيرات جديدة، في ظرف عالمي واقليمي ومحلي بالغ التعقيد. وها نحن بعد نصف قرن من الاستقلال 1956-2007 نواصل تلخيص وتركيز رؤانا حول قضايا السودان المصيرية، بما في ذلك وضع هياكل ومؤسسات وتشريعات الدولة السودانية المستقلة وقومية اجهزتها والحل الديمقراطي للمسألة القومية والجهوية والتنمية المتوازنة وغير ذلك من القضايا.
    لقد ارتدت الازمة السودانية التي غرست بذرتها القوى التقليدية منذ فجر الاستقلال ابعاداً نوعية جديدة، ولم يعد بالامكان تبسيطها او تجزئتها، فقد اصبحت ازمة وطنية عامة، مركّبة وشاملة ومتفاقمة. وتحتاج بهذه المواصفات لحل شامل لها تتوافق عليه كل القوى والفعاليات السياسية السودانية، ذلك ان الحلول الجزئية والثنائية بمختلف الوانها واشكالها قد تقود لهدنة يطول او يقصر مداها، ولكنها لن تقود لسلام مستدام يحمل فوق ظهره التحول الديمقراطي والتنمية المتوازنة ووحدة الوطن.
    ان أسباب نشوء وتطور الأزمة السودانية وتراكم عناصرها عبر السنوات تكمن في:-
    1) رفع القوى التقليدية ايديها عن اهداف ومواثيق وشعارات تحالفها مع حركة الجماهير إبان النضال الوطني لطرد المستعمر والنضال لاحقاً لتغيير الانظمة الدكتاتورية يسارية كانت أم يمينية ، ومن ثم بقاء وتراكم عناصر الازمة دون معالجة بعد التغيير وعودة الديمقراطية، تماماً كما حدث بعد ثورة اكتوبر 1964 وبعد انتفاضة مارس ابريل 1985.
    2) سيطرة الانظمة الدكتاتورية والشمولية على مقاليد الحكم بما في ذلك دكتاتورية النظام المايوي لمدى زمني يبلغ 76% من سنوات استقلال السودان (38 سنة من مجموع سنوات عمر الاستقلال البالغ خمسين عاماً) واذا وضعنا في الاعتبار ان اطول فترة من فترات التطور الديمقراطي الثلاث بعد الاستقلال كانت 4 اعوام ونصف (بعد ثورة اكتوبر1964 وحتى انقلاب مايو1969) لإتضح لنا الاثر الكبير للانظمة الشمولية في تطور وتفاقم الازمة.
    3) غياب الإقتناع الراسخ، نظرياً وعملياً، لدى القوى التقليدية بواقع التعدد والتنوع في السودان دينياً وعرقياً وثقافياً، وسعيها المتكرر لاقحام الدين في السياسة، وللسير في دروب التحالف العروبي/الاسلامي، والحديث عن اهل القبلة وقبائل اليسار وما شابه ذلك. وهو سعي ضار بوحدة وتلاحم كل مكّونات شعب السودان الحضارية.
    4) فشل هذه القوى في إحداث أية تنمية يؤبه لها اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، والابقاء على التفاوت التنموي الحاد بين اقاليم السودان في مضمار التنمية. وقاد هذا الفشل بدوره لقدوم الانظمة العسكرية لمواصلة ذات الطريق التقليدي.
    وعلى رأس الابعاد النوعية الجديدة العالقة بتطور الازمة السودانية الوطنية العامة، ان واقع التعدد والتنوع في السودان لم يعد مجرد أطروحة يتم تداولها في الجامعات ومراكز البحث وبين طلائع الشعب المستنيرة وحسب، بل اصبح يسجل حضوراً كثيفاً في الصراعات السياسية والاجتماعية الدائرة بمختلف الاشكال بما في ذلك شكل الصراع المسلح والحروب الاهلية. ان تجليات ومظاهر هذا الحضور الكثيف ماثلة وشاخصة في التنظيمات والبرامج لحركة الاقليات القومية والجهوية المهمشة في مختلف انحاء السودان. وتطرح هذه الحركة مطالب عادلة ومشروعة لحمتها وسداها الحقوق الديمقراطية واللامركزية لفتح الطريق امام المشاركة الفاعلة في ادارة شئون البلاد محلياً وعلى المستوى الوطني العام، وانجاز التنمية المتوازنة، وبإختصار تطرح هذه الحركة الاقتسام العادل للسلطة والثروة والحل الديمقراطي العادل للمسألة القومية والجهوية في السودان.
    لقد اتهمت القوى التقليدية هذه الحركة بأنها عنصرية تقود لتمزيق وحدة الوطن وسعت لاحتوائها والاستقواء بها في الصراع السياسي والاجتماعي الدائر في البلاد. كما سعت في كل الاحوال لإجهاضها وطمس معالمها واهدافها على سبيل انقاذ الكيانات الطائفية من خطر التحلل وانحسار النفوذ بأثر النهوض الاجتماعي والسياسي في كل انحاء السودان كناتج نوعي وطبيعي لتراكم التهميش المزمن.
    وكانت القوى التقليدية من منظورها الطبقي الضيق، تنظر لمبدأ فصل الدين عن السياسة، ومبدأ الحل الذاتي الاقليمي، ناهيك عن تقرير المصير لجنوب الوطن، كمطالب دونها الموبقات والكبائر. ولا سبيل بالطبع لدولة المواطنة المدنية في واقع التعدد والتنوع القائم في السودان دون فصل الدين عن السياسة، وطبيعي ان معيار الاغلبية والاقلية معيار سياسي لا ينسحب على قضايا المعتقد الديني والفكر والثقافة. ولا سبيل كذلك لوحدة الوطن الطوعية دون تكافؤ الفرص امام مختلف التوجهات الحضارية في السودان وتعبيد الطريق للوحدة في اطار التنوع.
    وفيما يختص بالتنمية اهملت القوى التقليدية، مدنية وعسكرية، المطالب الشعبية الرامية للاصلاح الديمقراطي ولإنجاز نهضة وطنية ديمقراطية، اقتصادية/ثقافية شاملة لدعم الاستقلال السياسي.
    ومارست هذه القوى سياسات:-
    * تغبيش وعي الجماهير في سنوات الاستقلال الأولى، بالتنمية عن طريق اطلاق شعارات " تحرير لا تعمير وشد الاحزمة على البطون". كتبرير وتغطية لعجزها عن السير على دروب التنمية.
    * عدم المساس بالتركة الاستعمارية التي جنحت، لتلبية مصالح بريطانيا، لتركيز التنمية على ضعفها وهشاشتها في مثلث الخرطوم/كوستي/ سنار والطريق للميناء. ولعل فشل هذه القوى في تجاوز هذه التركة الاستعمارية وفي احداث التنمية المتوازنة يتجسد بصورة لافتة للنظر في تباهيها بتحقيق الاكتفاء الذاتي في بعض المنتجات الزراعية وفي توفير مخزون احتياطي من الذرة على ايام الجفاف والتصحر. وكأن مهام الدولة في توجيه وقيادة التنمية والخروج من فلك التبعية يمكن اختزالها في مجرد الابقاء على الشعب على قيد الحياة ليس إلاّ.
    * تحفيز الاستثمار الاجنبي والقطاع الخاص المحلي على حساب القطاع العام بترسانة كاملة من التسهيلات التي لا حصر لها وقوانين تشجيع الاستثمار الاجنبي.
    * انتهاج سياسات الاصلاح اليميني الأحادية بالنسبة للبنوك وشركات التأمين والتجارة الخارجية والاصلاح الزراعي، تلك السياسات التي رمت الى السودنة وتعويض اصحاب مشاريع القطن الخاصة، دون اية ابعاد اجتماعية لصالح القطاع العام، والقطاع التعاوني، وبديلاً لإحكام قبضة الدولة على النشاط المصرفي وشركات التأمين والتجارة الخارجية.
    * إهدار وتبديد الفوائض الاقتصادية المحلية واللازمة للتنمية بالصرف البذخي والفساد.
    * وتحت مظلة نظام الانقاذ قاد الخضوع لروشتة التثبيت والتكييف الهيكلي لصندوق النقد والبنك الدولي الى برنامج التحرير الاقتصادي الذي اطلق آليات السوق الحرة كما قاد لتفكيك اوصال القطاع العام وتحويل مؤسساته لرأٍس المال الخاص المحلي والاجنبي، ولتقليص دور الدولة الاقتصادي والاجتماعي الى ادنى حد.
    وفي الواقع انتهج نظام الانقاذ مجمل سياسات اقتصادية/مالية للدفع الرأسمالي في البلاد. على رأس هذه السياسات توفير مزايا تفضيلية للرأسمالية الطفيلية على غرار أسلمة النظام المصرفي وتعديل قانونه وتشويه وظيفة النظام الضريبي وتصفية ركائز القطاع العام عن طريق الخصخصة، وتمليك مؤسسات استثمارية خاصة للقوات النظامية والدفاع الشعبي، وتمويل المنظمات السلطوية من الميزانيات العامة للدولة ....الخ.
    وقد رفد البترول والمعادن مصادر دعم اضافية للتراكم الرأسمالي.
    وبأثر الدكتاتورية والقهر والاستبداد، وتحويل جهاز الدولة الى جهاز حزبي لذوي الولاء والمحاسيب، وتصفية الدور الرقابي للعاملين بآليات الفصل للصالح العام وقانون نقابة المنشأة وسلطات المسجل المطلقة، استشرى الفساد والاختلاسات بأرقام فلكية.
    ما يمكن قوله في الواقع العملي بإيجاز ان الرأسمالية الطفيلية الاسلامية قد احتكرت السلطة والنظام المصرفي والسوق، وأسفرت سياساتها عن تكريس الفشل التنموي في المدينة والريف، وقادت لترييف المدن، ولتفاوت اجتماعي حاد اذ غدا اكثر من 95% من شعب السودان تحت خط الفقر، واصبح السودان في مقدمة قائمة الدول الاكثر فقراً وفساداً في العالم، وانتشرت الامراض والاوبئة والمجاعات.
    ولعل الصورة التالية تساعد في توضيح ما قادت اليه سياسات التحرير الاقتصادي:
    * متوسط معدل النمو السنوي الإجمالي 1.4%.
    * متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي 06.%.
    * صناعة النسيج والصناعات الغذائية بإستثناء صناعة السكر تعمل بطاقة انتاجية لا تتجاوز الـ15%،
    * ازدياد عدد المنشآت الصناعية المتوقفة عن العمل بين صناعات الاحذية والمصنوعات الجلدية والملابس الجاهزة،
    * انهيار مشاريع التنمية في الولايات بآثار الفساد والخصخصة (في دارفور مثلاً انهارت مشاريع: حزام السافنا، ساق النعام،النسيج، جبل مرة، طريق الانقاذ الغربي..الخ.).
    * إهمال القطاع الزراعي رغم أهميته في الاقتصاد السوداني وهو قطاع يسكنه 65% من سكان السودان ويسهم بنسبة 12.2% من الناتج المحلي الإجمالي. وتجري الخصخصة فيه لغير صالح المنتجين الحقيقيين. كما يواجه القطاع الحيواني إهمالاً مماثلاً رغم إسهامه بنسبة 21.7% من الناتج المحلي الإجمالي.
    وتسعى الرأسمالية الطفيلية الاسلامية، على سبيل فك العزلة من حولها وتوسيع القاعدة الاجتماعية والسياسية لنظامها، للالتفاف حول نيفاشا وعرقلة تنفيذها، وبالسعي للتحالف مع فئات الرأسمالية التقليدية تارة بإطلاق شعارات الوفاق والتصالح والتوالي، وتارة اخرى بإعتماد مخصصات مالية ضخمة وامتيازات لشاغلي المناصب الدستورية وأسرهم منذ الاستقلال، وفي كل الاحيان بقسم واضعاف كل التكوينات السياسية المناوئة لها.
    ومن ناحية اخرى قادت هذه السياسات الى تفاقم المسألة القومية والجهوية والهبت نيرانها، فأطلت برأسها، كإفرازات طبيعية للتهميش والتوجه الحضاري الأحادي ومن ثم تعذر الحياة المشتركة لمكونات شعب السودان الحضارية، دعاوي الانفصال التي يغذيها اهل الانقاذ من جهة وغلاة القوميين في حركة الاقليات القومية والجهوية المهمشة من جهة اخرى.
    إن هذا الوضع يهدد وحدة السودان، ويضعف من قدرات شعب السودان على مواجهة التحديات الماثلة من قبل حركة العولمة والنظام العالمي الجديد في سعيهما لفرض نهج التبعية وتكريسه وتمزيق وحدة البلاد. وهذا واقع يتطلب المشاركة النشطة في المنبر العالمي المناهض لسياسات العولمة وتوجهاتها.

    رؤية الحزب الشيوعي للخروج من الازمة
    يواصل الحزب الشيوعي، على سبيل الخروج من الازمة وتجاوزها، طرح برنامجه للتغيير الاجتماعي الوطني الديمقراطي، وللحل الديمقراطي العادل للمسألة القومية والجهوية، بما يقود الى تكامل عناصر ومقومات التنمية في السودان، ومن ثم الى وحدة متينة وراسخة للوطن في اطار التعدد والتنوع. كما يقود ايضاً الى تمكين شعب السودان من الانفلات من مخاطر النظام العالمي الجديد الذي يهدد وحدة الوطن وسيادته وهويته الحضارية والثقافية وخياره الذي لا بديل له في التطور المستقل بعيداً عن نهج التبعية.
    وينطلق الحزب الشيوعي في تحديد ملامح برنامج التغيير الوطني الديمقراطي من حقيقة ان القضية المركزية ذات الاسبقية هي قضية الاصلاح الديمقراطي والتنمية. ويرمي البرنامج الى إحداث نهضة صناعية/ زراعية/ ثقافية شاملة. وفي هذا ينطلق الحزب من مبدأ ان كل الثروات في السودان، في ظاهر الارض وباطنها، ثروات قومية ويجب التعامل معها على هذا الاساس. ذلك ان تجزئة الثروات الحالية إقليمياً قصير النظر ويقود الى المساس بوحدة الوطن وتكامل مقومات التنمية فيه، ناهيك عن ان كل الفرص متوفرة في السودان لاكتشاف وتنمية ثروات جديدة في باطن الارض في هذه الولاية او تلك.
    ويدعو الحزب الشيوعي لأن يتم ردم الفجوات التنموية القائمة بين الاقاليم، في قطاعات الاقتصاد المختلفة: صناعية وزراعية وثقافية وخدمية، عن طريق المعاملة التفضيلية للاقاليم والمناطق المهمشة عبر آلية الميزانية السنوية العامة وميزانية التنمية، ولابد من الانتباه هنا لما يواجه هذا المبدأ في التنفيذ بعد اتفاقات نيفاشا والشرق والغرب . كما ان وحدة الوطن تتطلب آنياً دعم التنمية القومية في الاقليم الجنوبي واعادة البناء في دارفور وشرق السودان وجنوب النيل الازرق وجبال النوبة.
    ويستهدف الحزب الشيوعي عبر خطه السياسي وتكتيكاته وتحالفاته السياسية، مراكمة المقومات الضرورية وصولاً لتنفيذ البرنامج الوطني الديمقراطي، ويقف على رأس هذه المقومات : بناء التحالف الوطني الديمقراطي وقيام سلطته السياسية وجهاز دولته الديمقراطي القريب من الشعب والذي يفتح الباب واسعاً، بدستوره وتشريعاته وهياكله القومية، للديمقراطية السياسية والاوالاجتماعية والاقتصادية وللتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الشاملة لتجديد بنية المجتمع السوداني.
    ج/ اتفاقية السلام الشامل وعقبات في التنفيذ..
    أيد الحزب الشيوعي السوداني اتفاقية السلام الشامل لأنها اوقفت الحرب التي كانت وبالاً على البلاد وصرفت فيها مليارات الدولارات التي كان من الممكن انفاقها على التنمية وتحسين حياة المواطنين. ولجمت آلة الحرب التي ازهقت ملايين الارواح من ابناء الشمال والجنوب، ودمرت ما كان جنينياً للتنمية والتطور والبنى التحتية في الجنوب، وشردت ملايين المواطنين. لكل ذلك فإن اتفاقية السلام الشامل تمثل نقطة تحول هامة في المسار السياسي للجنوب بشكل خاص.
    * منذ اتفاق مشاكوس الإطاري، انتقد الحزب ثنائية الاتفاقية وهشاشة بنودها في اكثر من موضع وقابليتها للانهيار في اي منعرج سياسي يفسر فيه احد الطرفين اياً من بنود الاتفاقية لصالحه كما هو الحال الان مع عدد من المواد وعلى رأسها برتوكول ابيي الذي تحول الى قنبلة موقوتة.
    * وانتقد كذلك التقسيم الشمولي للسلطة والثروة لصالح حزب المؤتمر الوطني، بما ادي الى انفراده بالسلطة وهيمنته على اهم مواقع اتخاذ القرارات، حيث يستحوذ وحده على 52% من مقاعد المجلس التنفيذي والتشريعي المركزيين و28% للحركة الشعبية و14% لكل القوى السياسية الشمالية و6% لكل القوى السياسية الجنوبية.
    هذا التقسيم يضمن سيطرته التامة حتى لو توحدت كل القوى السياسية الاخرى في الشمال والجنوب. وهذا يمثل إحدى أهم سلبيات الاتفاقية وابرزها، وقد اتضح ذلك في الممارسة العملية عند تنفيذها.
    اكدت التجارب سواء في اتفاقية ابوجا او السلام الشامل او الشرق ان اختصار التفاوض على طرفين رغم ان الازمة السودانية في خلفياتها التاريخية وتجلياتها السياسية والاجتماعية ازمة عامة وشاملة يستحيل حلها عبر الاتفاقيات الثنائية. ما حدث لا يأخذ في الاعتبار وضع السودان كثيف التنوع والتعدد حيث يصعب الحديث عن هوية وطنية عامة لازالت تتصف بالهشاشة. وهذا يستوجب اشراك كل اهل السودان بتنوعهم الحزبي والجهوي في الحل السياسي الديمقراطي الشامل لازمة الوطن.
    مخاطر الثنائية تتمثل ايضاً في ان مهمة بناء السودان واستقراره بعد الحرب مهمة شاقة لا يمكن ان يقوم بها حزبان كما اكدت تجارب الحكم في السودان منذ الاستقلال. فالشراكة التي تجمع بين حزبين يتقاسمان السلطة سرعان ما تنفض عند اول منعرج سياسي ليفضي صراع المصالح بينهما الى اتفاق ثنائي او ثلاثي آخر ليلتقيا في زاوية حادة من منحنيات الصراع السياسي لينهار الحلف امام المشاكل المعقدة لبلد في حجم قارة.
    فإذا كان هذا هو الحال مع احزاب شمالية بينها العديد من القواسم المشتركة طبقياً فما بالك في اتفاق ثنائي بين حزب الجبهة القومية المتأسلمة والحركة الشعبية اللذين لا يجمع بين برنامجيهما (على الاقل المعلنين) جامع .والآن الشراكة بينهما تستخدم للحفاظ على البنية التحتية ( الأمنية والاقتصادية ) لنظام الإنقاذ ، بعد أن خرقت الجبهة القومية منهج توزيع الحقائب الوزارية وهيمنت على وزارات الدفاع والداخلية والمالية والاقتصاد الوطني والطاقة، العمود الفقري لكل حكومة .
    * ويمثل تلكؤ الحكومة في تنفيذ الاتفاقية احد العوامل الرئيسية التي تهدد بإنهيارها. فقد ابطأت السلطة في انشاء مفوضية البترول والذي لا يعرف حقيقته وتفاصيله سوى القيادة العليا للجبهة القومية الإسلامية ، ومفوضية تقسيم الأراضي وفي حسم وضع انتشار القوات المسلحة في الجنوب، وفي تنفيذ برتوكول ابيي كما اشرنا من قبل وفي عدم تنفيذ بنود الاتفاقية المتعلقة بالمليشيات مثل الدفاع الشعبي والتي اصبحت تمثل تهديداً مباشراً للامن في كافة انحاء البلاد، وفي التباطؤ في نزع السلاح الذي اصبحت كثافة انتشاره تجسيداً للانفلات الامني. وكذلك وضع قوات جهاز الامن والمخابرات الذي يتعارض مع الاتفاقية وتحول –رغم اتفاقية السلام- الى قوى ضاربة لاتقل عدداً وعتاداً من القوات المسلحة، بينما تحصرها الاتفاقية في قوة محددة ينحصر دورها في جمع المعلومات ورفعها مع توصياتها للجهات المختصة لاتخاذ القرار..الخ..الخ..
    * ضمن المصاعب التي تواجه الاتفاقية في التنفيذ، القوى الداعية للانفصال. ففي الشمال هناك حزب انفصالي يدعو علانية لفصل الشمال عن الجنوب، معترف به من السلطة ومسجل في اضابيرها وله صحيفة ودار ودعم من السلطة. وهناك قوى جنوبية داخل الحركة وخارجها، عبرت عن معارضتها للوحدة بالحوار الجهير في اللقاءات التي قام بها د. جون قرنق في يونيو 2004 في معظم مدن وقرى جنوب السودان وهي بعد اتفاقية السلام راحت تدعو للإعلان الفوري لانفصال الجنوب من داخل مجلس تشريعي جنوب السودان وليس عبر الاستفتاء في العام 2011 كما حددته اتفاقية نيفاشا للسلام .
    هذه المصاعب الموضوعية التي احاطت بالاتفاق ولا زالت هي عقبات امام تنفيذ الاتفاقية، بل تهدد بنسفها اذا لم يتم تجاوزها بالتنفيذ الحقيقي لبنودها والشروع في ردم فجوة عدم الثقة ونقض العهود والمواثيق ووضع الاسس لاستقرار وتطور وتنمية الجنوب، في ظل تحول ديمقراطي قولاً وفعلاً.

    د- الوضع في الجنوب وعقبات تنفيذ الاتفاقية:
    هناك عقبات كثيرة تتمثل ابرزها في:
    اولاً: الوضع السياسي في الجنوب بعد اتفاقية السلام :
    * تستأثر الحركة الشعبية كما المؤتمر الوطني بـ70% من نسبة التمثيل في الاجهزة الدستورية وفرضت هيمنتها الشاملة على كل مفاصل الحياة في الجنوب. وهذه حقيقة ترفد الشمولية في النظام السياسي السوداني بأسره رغم كل الحقوق الواردة في الدستور الانتقالي.
    * المؤتمر الوطني يكتفي بوجود في الجنوب خلال نسبة الـ15% التي نصت عليها الاتفاقية لمتابعة تطورات الاوضاع ومحاولة التأثير فيها.
    * القوى السياسية الاخرى تهمش. ومن الواضح ان الحركة الشعبية قررت الا تسمح لاي فصيل جنوبي اخر ان يلعب دوراً ذا شأن همشت القوى السياسية الجنوبية الأخرى عندما قبلت بنسب التمثيل التي جاءت ضمن اتفاقية السلام الشامل ، فحالت دون مشاركة التيار التقدمي الديمقراطي في المؤتمر الجنوبي الجنوبي وفي الاجهزة الدستورية بأي مستوى بل تراجعت عن اجراء اي حوار معه رغم انها كانت المبادرة بذلك قبل التوقيع النهائي على اتفاقية السلام الشامل.
    ورغم كل الحقوق الواردة في الدستور الانتقالي لجنوب السودان مثل إطلاق الحريات العامة والتأمين على حكم القانون .... الخ . إلا أن الممارسات العملية تكتنفها بعض الشوائب كاللجوء للعنف لفض مظاهرات سلمية واعتقال ناشطين في حقوق الإنسان واقتحام الجامعات وجلد القضاة ، هذه التجاوزات قد تدفع إذا لم يتم الالتفات إليها وإيقافها في مهدها إلى مواصلة السير في خنق واغتيال الديمقراطية، الأمر الذي اتبعته حكومات ما قبل السلام .
    ثانياً: الوضع الاقتصادي في الجنوب :
    أسبقيات حكومة الجنوب في السياسة الاقتصادية لا تبشر بنتائج حسنة في نهاية المطاف رغم المجهودات التي تبذل هنا وهناك في مجال الصيانة وتعبيد الطرق. فبدلاً من مواجهة القضايا والمشاكل المستعصية التي يعاني منها المواطنون مثل الغلاء والارتفاع الخرافي في اسعار السلع الضرورية، سداد المرتبات المتراكمة التي قادت للعديد من الاعتصامات و الإضرابات، تعويض الأهالي المتضررين من الاثار الضارة للتنقيب عن البترول في مناطقهم، قضايا التعليم وتدهور الوضع الصحي الذي ادى الى انتشار امراض الكوليرا والسحائي والملاريا..الخ.. بدلاً من مواجهة هذا الواقع كرست الحكومة اول ميزانية للاشهر الثلاثة الاولى لها (87 مليون دولار) لتغطية احتياجات مكتب الرئيس ومجلس الوزراء والوزارات المختلفة والمجلس التشريعي ، وجلبت افخر الأثاث والعربات باهظة الثمن .
    * الصرف البذخي في تأسيس أجهزة السلطة الانتقالية.
    * وتمتص الإعتمادات المالية لسفر موظفي حكومة الجنوب داخل البلاد وخارجها نسبة كبيرة من الميزانية العامة للإقليم .
    * كما تم رفع ميزانية الجيش الشعبي بنسبة 40% (حوالي 536 مليون دولار) بحجة حماية الاتفاقية.
    تجربة ودروس الحكم الذاتي الإقليمي أكدت أن الصرف ألبذخي على جهاز الدولة الإقليمي والفساد بكل أنواعه يمتصان الفائض للتنمية ويلحقان بمسيرتها إضرارا وآلاما . إن الجماهير الجنوبية التي تنتظر أن تتنزل لأرض الواقع كل ما خاطبته الاتفاقية من قضايا تخصها حول معناه الحياة اليومية، لن تسمح بتكرار التجارب المخيبة للآمال والتي سادت خلال الثلاثين عاماً الماضية من عمر الحكم الذاتي ، وهي تبحث عن طريق جديد تماماً يلبي طموحاتها المشروعة في الحياة الحرة الكريمة .
    بالرجوع لتجربة الثلاثين عاماً نجد قيادات الانيانيا التي وصلت السلطة بعد اتفاقية أديس أبابا ، شكلت النواة الصلبة للبيروقراطية الرأسمالية الطفيلية النامية من المتعلمين الجنوبيين (ساسة وعسكريين وموظفين كبار في أجهزة السلطة والخدمة المدنية ). وأصبح جهاز الدولة الإقليمي وإداراته مصدراً أساسياً لتراكم رأس المال في يدها بالمرتبات العالية والرشوة والامتيازات وباقتسام العمولات والأرباح مع رجال الأعمال والتعامل مع الشركات الأجنبية العاملة في الجنوب واستحواذ على الرخص والمشاريع والعقارات . هذه النواة قادة لأول مرة في الجنوب عملية خلق طبقة رأسمالية طفيلية متجاهلة أن هذا الطريق لن ينقذ الجنوب . والآن بعد التوقيع على اتفاقية السلام الشامل ، يتشكل المجتمع الجنوبي وتبدأ ملامح الانقسام والتمايز الطبقي بالظهور . إفراد وجماعات تتراكم في أيديها الملايين والمليارات من الجنيهات . وتتنافس في تشييد الفنادق والشركات ووكالات السياحة وامتلاك الأراضي والعقارات وفي تهريب الدولار عبر الحدود . وهي تستهدف جهاز الدولة الإقليمي كأحد أهم أدواتها لمراكمة رأس المال . وليس ببعيد مشاركة عدد من القيادات النافذة في حكومة الجنوب في الاعتداء على المال العام والفساد مما أدى إلى إبعاد بعضهم من مناصبهم الرسمية وإيقاف البعض الأخر . أما في الجانب الآخر فيصطف الملايين من الفقراء الجنوبيين يعانون من الفاقة والجوع والمرض. فالفقر كان ولا يزال يشكل الهاجس الرئيسي لمواطني جنوب السودان ، وهو جزء من الفقر العام الذي يعم البلاد بأسرها . وسيبقى كذلك ويتزايد اذا غاب عن بال من هم في السلطة ولو للحظة واحدة مهمة مكافحته وتوجيه كل الجهود والإمكانات المتاحة لهزيمته عن طريق التنمية القومية الشاملة .
    إن ميدان التنمية الرئيسي هو الريف الجنوبي بأكمله الذي يسوده اقتصاد معيشي تقليدي قائم على الزراعة التقليدية بشقيها الحيواني والنباتي وذلك من خلال عدة محاور يتصدرها تجميع صغار المزارعين وخلق تعاونيات زراعية طوعية لهم ، ووضع خطط ممكنة التنفيذ لتشييد البني التحتية من تعبيد للطرق وكهربة الريف وتوفير مياه الشرب النقية وتوجيه عائدات البترول لدعم الزراعة . ودفع الحكومة المركزية لتتحمل مسئولية أكبر لتنمية الجنوب من خلال برنامج التنمية القومية .
    التنمية في نهاية المطاف تتحقق من خلال اعتماد سياسة تقشفية صارمة يضرب لها المثل من هم في قمة السلطة وذلك من خلال تقليل الصرف على جهاز الدولة وتوجيه كل مواردها لما ينفع الناس جميعاً .
    هناك مؤشرات عديدة تنذر بمخاطر حقيقة تجاه الجنوب :-
    - خطة التنمية التي تسعى حكومة الجنوب لتطبيقها تشرف عليها مؤتمرات المانحين وتوضع مؤشراتها تحت الاشراف المباشر للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في اطار توجهات سياساتهما مما يفتح الباب امام الاستثمارات الاجنبية، البرنامج الذي التزمت به حكومة الجنوب تحت مراقبة صندوق النقد الدولي يتبنى اجراءات تفرض خفض الدعم المخصص للوقود.
    - يفاقم من هذا الوضع انخفاض عائدات صادرات البترول الخام كما تشير موازنة العام2007 . حيث تدنى العائد من 743.4 مليار دينار في 2006 الى 663.1 مليار دينار في 2007 هذا الانخفاض له اثره على ميزانية حكومة الجنوب والتي انخفضت في موازنة 2007 الى 296.2 مليار دينار مقارنة بـ319.4 مليار دينار في موازنة 2006.
    هذا الانخفاض يؤثر سلباً على المواطنين في جنوب البلاد ويعيق اعادة اعماره ويصب في مصلحة القوى المعادية للوحدة.
    * مع هذه السياسات بدا يتحول بعض قادة حركة الجنوب الى وكلاء للشركات متعددة الجنسيات التي سمح لها بالعمل في الجنوب وستنهب ثرواته وستخلق هذه السياسة الاقتصادية رأسمالية طفيلية تحوز على كل شئ وتكرس الفقر الماثل للاغلبية الساحقة من ابناء الجنوب.
    * لهذا تصبح التنمية القومية في الجنوب كما هو منصوص عليه في اتفاقية السلام الشامل جزءاً لا يتجزأ من خطة التنمية العامة للبلاد خاصة تلك التي عانت بسبب الحرب او التهميش.

    ثالثاً: هنالك مصاعب أخرى مختلفة ومتعددة تواجه الوضع في الجنوب :
    - جهاز الخدمة المدنية في الجنوب على مستوى قياداته الوسيطة والدنيا تدرب وتربي في احضان حكم الانقاذ ولهذا فهو يمثل عائقاً في التنفيذ.
    - التأثير القوي والفعال للتعصب القبلي خاصة بين بعض قبائل الاستوائية وغيرها.
    - الوجود الكثيف للمليشيات التي لم تحسم الاتفاقية امرها وجزء كبير منها خاصة في القطاع القيادي موالِ للمؤتمر الوطني وتم تعيين عدد منهم في قمة الجهاز السياسي والتنفيذي.
    لكل تلك العوامل الأسباب نقول إن تنفيذ الاتفاقية في اهم محاورها التي تؤسس لتعمير ما دمرته الحرب واصلاح البيئة والبنى التحتية والتنمية والتحول الديمقراطي الفعلي والاهتمام بمطالب استقرار ومعيشة الاغلبية الساحقة من كادحي الجنوب يسير ببطء شديد. ومع اقتراب نهاية الفترة الانتقالية واجراء الاستفتاء فإن ذلك يعرض خيار الوحدة لمخاطر حقيقية.
    آفاق الوحدة او الانفصال:
    نحن وقفنا مبدئياً وسنظل نقف مع وحدة السودان .ونسعى للعمل من أجل ذلك مع كافة الجنوبيين داخل البلاد وخارجها ، لأن قضية الجنوب ستظل مثقلة بالكثير من القضايا الشائكة والمتغيرات التي تلقي بظلالها على المستقبل .
    انه رغم شراسة الانفصاليين سواء في الشمال او الجنوب. ورغم مواقف المؤتمر الوطني السالبة والمتعددة للتباطؤ في تنفيذ الاتفاقية وغم سلبية حكومة الجنوب في مواجهة القضايا التي تمس حياة جماهير الجنوب وتهميش دورها في دست رئاسة الجمهورية والحكومة الاتحادية رغم كل ذلك فإن فرص الوحدة ما زالت متوفرة اذا تمكنت حركة الجماهير الشعبية في الشمال والجنوب وعلى رأسها القوى الوطنية والديمقراطية من تنفيذ المهام الاتية:
    اولاً: تجميع اوسع واشمل جبهة من الحادبين على وحدة الوطن والعمل المثابر لتنفيذ كل مالم يتم تنفيذه في اتفاقية السلام الشامل والالتزام بتنفيذ بروتوكول ابيي وفقاً لما جاء في الاتفاقية .
    ثانياً: اعادة النظر في السياسات الاقتصادية بشكل عام ولحكومة الجنوب في تفاصيلها المختلفة التي تؤدي في نهاية المطاف الى الاهتمام بجميع الثروات التي يزخر بها الجنوب لتصبح ردفاً للبترول،وان تنتهج حكومة الجنوب نهجاً يؤدي الى ديمقراطية الاقتصاد والتوزيع العادل لعائداته بين المنتجين للثروة ووضع الاسس والسياسات التي تؤدي الى النهضة الصناعية الزراعية في الجنوب لمصلحة المواطن الجنوبي والتنمية والاستقرار بما يجعل العودة الطوعية امراً متيسراً ومقنعاً.
    ثالثاً: الالتزام بتنفيذ الدستور الانتقالي للجنوب ومساواة المواطنين وفقاً لنصوصه والقوانين المنبثقة منه لجعل التحول الديمقراطي امراً واقعاً في التطبيق العملي وليس شعاراً اجوف لخداع الجماهير.
    رابعاً: القيام بكل ما من شأنه ان يوقف الصراعات بين قبائل الجنوب المختلفة ويوحدها خلف اتفاقية السلام الشامل لضمان عدم استئناف الحرب من جديد وذلك بحل الخلافات المتفجرة بين القبائل على عدد من القضايا الهامة.
    خامساً: ردم الفجوة الكبيرة بين واقع الحكم ومعاناة المواطنين خاصة بعد استشهاد د. جون قرنق وتفاقم الخلافات ومغادرة بعض قادة الحركة النافذين لصفوفها والتوحد حول الاسبقيات المتعلقة بالمواطن الجنوبي ووحدة الوطن.
    سادساً: خلق ارضية للعمل المشترك مع كل التنظيمات الجنوبية التي تدعو للوحدة وتنمية وتطوير الجنوب. والسير في الطريق الذي درجنا عليه في الخارج ومواصلته في الداخل لخلق صلة ثابتة بالحركة الشعبية دعماً لايجابياتها ونقداً لسلبياتها في وجهة الاقتراب من البرنامج الوطني الديمقراطي.
    سابعاً: الاستفادة من كل المواقف الداعمة لخيار الوحدة بين مؤسسة السلاطين والكنيسة وغيرهما.
    واجبنا كحزب له تجاربه الثرة في النضال السياسي يتحمل أكثر من غيره مسئولية تجميع اوسع جبهة من القوى الديمقراطية في الشمال والجنوب للمحافظة على وحدة البلاد والتطور التنموي المتوازن في مناطقها المختلفة خاصة في جنوب البلاد لضمان تنفيذ اتفاقية السلام الشامل بإعتبارها قضية كل السودان وليس مهمة الحركة الشعبية وحدها.
    حزبنا.. وهو يستعيد نضاله في تجميع كافة فعاليات ومنابر القوى الديمقراطية كأساس للوحدة الواسعة لا يبدأ من الصفر بل هناك تقاليد راسخة للعمل الديمقراطي والتقدمي ما زالت باقية ولم تندثر رغم الحرب. وهذا يستوجب بذل جهود مضاعفة لقراءة مستجدات الواقع في الجنوب بعد اتفاقية السلام الشامل والاستفادة من تجارب الماضي بكل سلبياتها وايجابياتها لبعث عمل القوى الديمقراطية في الجنوب من جديد على اسس وقواعد تستند على دراسة علمية للواقع.
    ان العمل الجماهيري المتعدد الاشكال والاساليب يجب ان يكون ضمن اهدافه نشر ثقافة السلام لدعم الاتفاقية ولجعل الوحدة امراً متيسراً.

    هـ/ ملامح ومؤشرات جديدة في العمل بين العمال والطلاب والنساء والشباب والمنظمات الطوعية:
    1- علاقة الحزب الشيوعي بالطبقة العاملة:
    سياسات التحرير الاقتصادي، ومصادرة الحريات السياسية والنقابية، أسفرت عن تدمير ركائز الاقتصاد الوطني، وتخريب الحركة النقابية وضرب استقلاليتها، واستنزاف كوادرها المجربة بالتشريد السياسي والنقابي والاقتصادي واسع النطاق. وقاد هذا الواقع إلى حدوث متغيرات كمية ونوعية في تركيب الطبقة العاملة السودانية، وأضعف من حركتها التي كان لها دورها الرائد في النضال ضد الاستعمار الأجنبي والأنظمة الدكتاتورية، وفي التصدي للقضايا التي تهم الوطن والمواطنين.لقد قاد التشريد وقفل المصانع و فتح باب الاستيراد على حساب الصناعة الوطنية إلى تدهور التركيب العضوي والتقني للطبقة العاملة . ومن ناحية أخرى نشأت فئات عمالية جديدة كعمال البترول ومستودعاته ومناجم التعدين وأسطول الشاحنات .
    غير أن هذه المتغيرات لا تبدل من أهدافنا الاستراتيجية تجاه الطبقة العاملة، ولكنها بطبيعة الحال، تستوجب ان نطور تاكتيكاتنا لمواكبتها. وكذلك ان نضاعف جهدنا لتزويد الوافدين الجدد إلى صفوف العمال بتاريخ وتجارب وتقاليد الحركة النقابية والسياسية للطبقة العاملة.
    فالطبقة العاملة في بلادنا، رغم السياسات الرامية لشل وإضعاف قدراتها على خوض الصراع السياسي/الاجتماعي والنقابي، تواصل نضالها بهذا المستوى أو ذاك من أجل حقوقها وحرية واستقلال تنظيماتها النقابية، ومن أجل دعم القطاع العام ورفض الخصخصة العشوائية وسياسات التحرير الاقتصادي.
    ان علاقة الحزب الشيوعي بالطبقة العاملة السودانية علاقة تاريخية راسخة تمتد جذورها لبدايات تكوين تنظيماتها النقابية منتصف أربعينات القرن الماضي. وقد ظل العمال يجددون ثقتهم في أعداد متزايدة من العمال الشيوعيين وحلفائهم الديمقراطيين ليحتلوا مواقعهم بين قيادات الحركة النقابية لعشرات السنين. والواقع ان نضال العمال وانتصارهم في تأسيس حركتهم النقابية، ومدهم يد الأخوة الطبقية والتضامن للمزارعين والطلاب وغيرهم، كان هو نقطة الانطلاق لتفجير حركة واسعة للتنظيم بين كل فئات الشعب، على ضوئها استقام أمر النضال السياسي والاجتماعي الجماهيري في السودان ضد الاستعمار الأجنبي وضد الأنظمة الدكتاتورية المعادية لمصالح الشعب والوطن فيما بعد، ومن أجل الديمقراطية وتحسين مستوى المعيشة والعدالة الاجتماعية.
    وهناك ضرورة ماثلة اليوم تستوجب مواصلة علاقة الحزب الشيوعي بالطبقة العاملة وترقية هذه العلاقة وتجويدها. وتتأكد هنا بصورة أكثر إلحاحاً مما مضى، الصلة المباشرة بجماهير العمال عبر اللقاءات والندوات، وكذلك عبر الدراسات حول الإجور ومستوى المعيشة والأوضاع الاقتصادية في البلاد وتاريخ الحركة النقابية السودانية. كما تتأكد ضرورة دراسة خريطة المتغيرات في البنيان الاقتصادي وما طرأ من تغير في التركيب العضوي لجماهير العمال. ان هذه الدراسة للمتغيرات تساعد كثيراً في ابتداع أشكال وأساليب ومناهج العمل المناسبة لمواكبتها.

    المعالم العامة لخريطة المتغيرات
    لقد حدتث بالفعل تغيرات هامة في تركيب الطبقة العاملة السودانية منذ المؤتمر الرابع للحزب في أكتوبر 1967. وكان قد ورد في التقرير العام لذلك المؤتمر "الماركسية وقضايا الثورة السودانية" ص (175-176) ما يلي: ..."فالطبقة العاملة مثلاً، وهي الطليعة التي يتوجه إليها الحزب الشيوعي ليركّز‏ عليها في مؤسساتها، نمت خلال هذه السنوات وتحت الدفع الرأسمالي عددياً ونوعياً. فعمال الانتاج الصناعي الذين يشكلون مستقبل الطبقة العاملة نما عددهم من حوالي 12 ألفاً إلى أكثر من 20 ألف عامل، ووجدت صناعات جديدة حديثة على رأسها صناعة الغزل والنسيج.
    وهذه سمة جديدة للطبقة العاملة تضع قضية الطلائع بينها في وضع جديد. وقد أدى هذا النمو في الطبقة العاملة – بين الانتاج الصناعي وبين الخدمات – إلى الارتفاع في المستوى المهني للطبقة العاملة فاتسع نطاق التعليم المهني والفني. وبهذا جرى تطور في تركيب الطبقة العاملة نفسها واتسع نطاق الكادر الفني المؤثر على الانتاج. وهذا الكادر في الصناعات الجديدة يشكل قلبها ويؤثر في جماهير العمال ويمكن إذا تم تدريبه طبقياً على الماركسية اللينينية ان يلعب دوراً فعالاً في ربط جماهير الطبقة العاملة نهائياً بقضية الحزب الشيوعي السوداني".
    وبعد المؤتمر الرابع حدثت قفزة نوعية في وزن الطبقة العاملة السودانية بأثر التوسع في صناعة النسيج والسكر والصناعات الغذائية وقطاع الصناعات الكيمائية التحويلية (بلاستيك، بوهيات) وكذلك بأثر التوسع في استعمال الآليات في الانتاج الزراعي.
    وفي 1995 كانت نسبة الصناعة في الناتج القومي المحلي 7.7% وارتفعت حالياً إلى أكثر من 8.2% بأثر صناعة البترول والتعدين وقيام مجمع جياد الصناعي.
    غير ان هناك ثمة معوقات أمام تطور الصناعة برزت تحت مظلة نظام الإنقاذ وسياسات التحرير الاقتصادي.وتتلخص هذه المعوقات في غياب التخطيط والتركيز على الربحية دون مراعاة للنهوض بالاقتصاد الوطني، وارتفاع تكلفة مدخلات الانتاج ، وازدياد الرسوم والضرائب والجمارك، وعدم حماية المنتج المحلي، وغياب الإدارات المؤهلة، وعدم توفر التدريب للعمالة.
    وقد أسفرت هذه المعوقات عن:
    أ‌- ازدياد عدد المنشآت الصناعية المتوقفة عن العمل بين صناعات الزيوت والأحذية والمصنوعات الجلدية والملابس الجاهزة وبعض الصناعات الغذائية.
    ب‌- صناعة النسيج والصناعات الغذائية عموماً، باستثناء صناعة السكر، تعمل بطاقة إنتاجية لا تتجاوز15%.
    ج‌- انهيار معظم مشاريع التنمية في الولايات بأثر الفساد والخصخصة العشوائية.
    د‌- تدهور بعض الصناعات والخدمات ذات التقاليدالراسخة في الصراع السياسي والنقابي، وتقلص عمالتها بأثر التخريب الإنقاذي المتعمد لها عن طريق الخصخصة والتشريد السياسي والنقابي (السكة حديد، النسيج .. الخ) وعلى سبيل المثال نورد الأرقام التالية للقوى العاملة بالسكة جديد :

    السنة 1986 1992 2007
    العدد 30 ألف 17 ألف 11 ألف

    وتوضح هذه الأرقام ان نسية التقلص في العمالة بلغت أكثر من 63% بالنسية لحجم العمالة في السكة جديد.
    وبأثر عوامل عديدة سلبية تقلص عدد العمال الصناعيين في الصناعة التحويلية والتعدين والكهرباء والمياه والبناء والتشييد من حوالي 320 ألف في 1992 إلى حوالي 130 ألف في 2003.
    وإذا قارنا الصورة التي كان عليها الأمر عند انعقاد المؤتمر الرابع للحزب (20 ألف عامل صناعي عام 1967 حين كان عدد سكان السودان 13 مليون) مع الصورة الراهنة (130 ألف وارتفاع عدد سكان السودان إلى أكثر من 33 مليون) نجد ان عدد الطبقة العاملة الصناعية تضاعف أكثر من 6 مرات، ولكنه لم يتضاعف بالنسبة لوزن الطبقة العاملة للسكان إلآّ إلى أقل من 3 مرات.
    وكذلك تقلصت نسبة المرأة بين القوى العاملة في الصناعة من 10% عام 1992 إلى 8.5% عام 2003، وذلك بسب التدهور في صناعات النسيج والإغذية.
    غير ان ترميم وإصلاح الاقتصاد الوطني السوداني كفيل بان يقود لإعادة العمل في المؤسسات الصناعية المتوقفة عن العمل، ورفع الطاقة الإنتاجية في المؤسسات التي تعمل بطاقة إنتاجية متدنية، ومعالجة ما حدث من تدهور في قطاع الخدمات، ومن ثم الانتقال للتنمية المستدامة والمتوازنة اتحادياً وولائياً، وهذا سيفتح الطريق في المستقبل المنظور لزيادة نسبة الصناعة في الناتج القومي المحلي وتجاوز التقلص الذي حدث في عدد عمال الصناعة والخدمات.
    ويرد هنا ما يمكن تحقيقه، عبر الصراع السياسي والاجتماعي، بصدور قرار سياسي بارجاع المحالين للصالح العام. ويصب في ذات الوجهة النضال لكفالة الحريات النقابية وإلغاء قانون نقابة المنشأة. ونؤكد هنا ضرورة الاستفادة من قدرات كل الكوادر النقابية، الشيوعية والديمقراطية، المشردة في هذا المضمار.

    خارطة الطريق لدعم علاقة الحزب الشيوعي بالطبقة العاملة
    ان مواجهة ما حدث من تخريب في الحركة النقابية العمالية، ومقاومة السياسات الرامية لطمس معالم استقلال حركة الطبقة العاملة، تتطلب بصورة محددة:
    أ‌- الوقوف بثبات إلى جانب النقابة الفئوية في البنيان النقابي، ورفض نقابة المنشإة التي تهدف إلى مصادرة الوجود النقابي المستقل للطبقة العاملة. ان واقع الاقتصاد السوداني الذي تكثر فيه المصانع والورش الصغيرة يقتضي كفالة الشخصية الاعتبارية لكافة التكوينات النقابية القاعدية في قوانين العمل.
    ب‌- انتهاج طريق التحالفات النقابية الواسعة التي ترفع من قدرات جماهير العمال على تحرير حركتهم النقابية من قبضة السلطة ومكتب المسجل وجهاز الأمن. فالحركة النقابية هي في نهاية الأمر جبهة عريضة لكل العاملين الحادبين على مصالح العمال صرف النظر عن انتماءاتهم السياسية والفكرية.
    ج‌- إعادة الروح إلى تقاليد ومناهج ديمقراطية العمل النقابي بتنظيم عقد الجمعيات العمومية وإصدار النشرات النقابية، والتحضير القاعدي الواسع للمعارك النقابية مهما صغرت، والسعي لاستجلاب أوسع تضامن نقابي مع كل معركة، وتفادي تصعيد أو تمديد أجل أية معركة دون الرجوع للجمعية العمومية، والمحاسبة في نهاية كل دورة نقابية على خطاب الدورة والميزانية .. الخ.
    د‌- إن النضال ضد تفاقم شظف العيش إلى حد الإملاق (أكثر من 95% من الشعب تحت حد الفقر) يستوجب ان تكون المطالب النقابية أكثر راديكالية في أبعادها ومضامينها الاجتماعية. إلى جانب تحسين الإجور وشروط الخدمة وصرف الاستحقاقات في مواعيدها، هناك مطالب الدفاع عن القطاع العام ورفض الخصخصة العشوائية والتشريد، وزيادة الانفاق الحكومي على الخدمات، وتركيز ودعم أسعار السلع الاستراتيجية، وكذلك المطالب الخاصة بالمرأة العاملة كالأجر المتساوي للعمل المتساوي وإجازة الحمل والوضوع مدفوعة الأجر والإعفاء من الخدمة الليلية ..الخ.
    هـ- رفع الاهتمام بتوسيع العمل النقابي، كمدرسة أولية للصراع الطبقي، ليشمل كل ما هو جاذب للوافدين الجدد إلى صفوف العمال للنشاط النقابي مثل المنتديات العمالية وفصول محو الأمية والنشاط التعاوني ..الخ إذ ان غياب الحريات النقابية والتشريد السياسي والنقابي واسع النطاق حال دون تشرب شباب الطبقة العاملة بتقاليد وأسس العمل النقابي والحركة النقابية .
    و‌- إحياء " الجبهة النقابية" التحالف القاعدي بين العمال لمعاودة تنظيم كتلة العمال الديمقراطيين والشيوعيين بما يرفع من أثر نضالهم، وذلك استناداً إلى تقييم التجربة السابقة، وإعادة النظر في البرنامج والاسم، بعد التشاور الواسع مع العمال الديمقراطيين.
    ز‌- التصدي لموضوع العمالة الأجنبية الوافدة في الصناعة والخدمات، وذلك بالمطالبة بنص دستوري ومواد في قوانين العمل والخدمة العامة يعطي الأسبقية في التخديم للعمالة المحلية ، ويقصر تخديم العمال الأجانب في أضيق نطاق ممكن لا تتوفر به مهارات وطنية.
    ح‌- مواصلة الجهد لتدريب النقابيين الجدد من الشيوعيين والديمقراطيين بكل أساسيات وأركان العمل النقابي، والمواظبة على إعداد الدراسات والنشرات التي تخدم هذا الهدف.
    ط‌- وضع خطط مناسبة لتركيز البناء الحزبي وسط الطبقة العاملة حسب واقع المجالات والقطاعات العمالية المختلفة في العاصمة والأقاليم ، مع وضع اهتمام خاص لدعم البناء الحزبي والديمقراطي بين العمال الفنيين والمهرة بوصفهم طلائع لجماهير العمال.
    ي-علاقة الحزب الشيوعي التاريخية والفكرية والسياسية والاجتماعية بالطبقة العاملة تشكل أساساً مساعداً لعملية البناء الحزبي بين جماهير العمال بما يمكّن طلائعهم من احتلال مواقع قيادية في الحزب في كافة المستويات.
    ك‌- ضرورة توسيع التضامن النقابي العالمي والإقليمي لدعم نضال عمال السودان في معركتهم من أجل الحريات النقابية، وبالتالي هناك ضرورة لان تمتد علاقات عمال السودان مع كافة المراكز التي ترعى شئون العمل والخدمة ومع الاتحادات والتكوينات النقابية دولياً وإقليمياً.

    2/ قضايا التعليم والطلاب
    ظلت قضايا التعليم مطروحة في السودان حتى قبل الاستقلال لارتباطها بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلادنا وكان الصراع يدور، من بين اشياء اخرى حول التوسع فيه جغرافياً لاستيعاب اكبر عدد ممكن من الاطفال حتى المدارس الثانوية. فديمقراطية التعليم تستند الى توفير التعليم للجنسين في كل ارجاء الوطن وربط محتواه ومناهجه بخطة تنمية قومية شاملة لتحقيق التطور المتكامل للوطن ولشخصية الفرد فكراً وبدناً وخلقاً ومهارة وعلماً.
    غير ان التعليم لازمه التخريب طوال فترتي الحكم العسكري الثاني (مايو) والثالث (الانقاذ) من حيث التخطيط لكافة مراحلة فلسفة واهدافاً وتطبيقاً، في الواقع العملي نلاحظ تفاوت نسب الاستيعاب للاطفال بين الاقاليم وبين الذكور والاناث فأعلاها في الخرطوم واقلها في الولايات الجنوبية والبحر الاحمر وغرب دارفور وكردفان ثم النيل الازرق . ترتب على ذلك زيادة نسبة الامية خصوصاً وسط النساء حيث بلغت في المدن أ كثر من 60% وفي الريف اكثر من 80%.
    فالفلسفة التعليمية والاهداف التربوية لحكومة الانقاذ تفتقر للمصداقية والديمقراطية لان بنيته تعتمد على القهر والقرارات الفوقية ومحتواه قائم على التلقين وحفظ النصوص قسراً بالجلد وادارته قائمة على تهميش دور المعلمين وتدريبهم بالغاء كل معاهد التربية في بخت الرضا وشندي والدلنج ومريدي وكل كليات المعلمات في امدرمان ومدني والابيض مع ان التدريب المتواصل وسيلة رئيسية للاعداد لممارسة هذه المهنة. وهذا الجدول يوضح الوضع في عام 2003 حسب تقرير الوزارة.


    المرحلة المعلمين غير المدربين المعلمات غير مدربات
    الاساس 46.226 39.9% 90.175 66.1%
    الثانوي 18.975 56% 14892 44%

    مع ملاحظة ان اعلى نسبة تدريب للمرحلة الثانوية توجد في الخرطوم حيث بلغت 45% تليها الجزيرة 15% وباقي الولايات اقل من ذلك بكثير.

    مناهج التعليم العام ..
    تميزت كل الدكتاتوريات الثلاث بالمحاولات المتكررة لتغيير محتوى التعليم العام بمختلف مراحله بهدف تربية اجيال موالية لفكرها وتوجهها لان التعليم غير محايد وهو احد مجالات الصراع الاجتماعي الهامة.
    ففي مرحلة الاساس فرضت حكومة الانقاذ الاسلامية تغييرات كثيرة في مناهجها وكتبها الدراسية فتلميذ الصف السابع والثامن يدرس ثمانية مواد ضعيفة المحتوى وفيها تكرار وكل مقررات المنهج تغلب عليها المواد النظرية للحفظ الاعمى بدون ممارسات عملية تربوية مهمة لهذه الفئة العمرية .
    كما فرضت حكومة الانقاذ الاسلامية تغييرات كثيرة في المناهج والكتب الدراسية للمرحلة الثانوية فاضافت مواداً دراسية بلغت السبعة عشر مادة دراسية اكاديمية اجبارية بالنسبة للصف الاول والثاني ثانوي واختيارية بالنسبة للصف الثالث. وهذه الكتب الكثيرة لا يستطيع الطالب حملها دعك من فهمها واستيعابها. زد على ذلك توجيه المنهج وتوظيفه ليخدم هيمنة الفكر الشمولي الاحادي متجاهلة مختلف الثقافات والاديان التي يعج بها السودان مثلما تجاهلت المعامل والمكتبات المدرسية والمناشط الثقافية.
    عليه لابد من تطوير خطابنا السياسي نحو طلبة الثانويات وتطوير اساليب تقديمه انطلاقاً من ان الفئة العمرية لطلاب الثانويات هي فئة اجتماعية مهملة في سياسات الدولة والمجتمع وغير مخطط لها كفئة عمرية مستقلة والبرامج الموجهة غالباً ما تركز على من هم دون الـ14 سنة بإعتبارهم الاطفال، بينما تركز السياسات الشبابية على من هم فوق الـ18 سنة وبهذا المعنى فالاشخاص في الفئة العمرية مابين 14 الى 18 سنة ينتمون الى فئة اجتماعية مهملة ومنسية رغم ان لها اهميتها وخصوصيتها التي تستحق الاهتمام، فالعمل في الثانويات يتطلب محاصرة وتصفية وكالات النشاط الطلابي واستعادة ثقة الناس في العمل السياسي المدني وعودة المسئولية للطلاب والادارات المدرسية والاسر وتشجيع الطلبة على ممارسة حقهم في التنظيم النقابي والنشاط الثقافي والتعبير السياسي. ذلك لان متغيرات المجتمع السوداني جعلت من الضروري مناقشة اسباب عزوف طلاب الثانويات عن المشاركة في الحياة المدرسية والحياة العامة وتأكيد ان النضج العقلي والمعرفي المتراكم لطلبة الثانويات يؤهلهم لادوار اكبر من تلك التي لا تزال تنسب اليهم باعتبار انهم صغار السن لأن المشكلة ليست في صغر سنهم انما في الظروف القهرية المفروضة عليهم. علينا ان نقترح لهم الادوار الايجابية اللازمة في هذه الظروف على مستوى الاسرة والمدرسة والدولة بتأكيد ان طلبة الثانويات يمكنهم مواجهة المشاكل التي يعانون منها بصورة إيجابية بطرح القضايا بأشكال متنوعة واستخدام الاساليب والادوات التوضيحية الملائمة بالرسومات والصور والكتيبات والافلام والمسرحيات..الخ..
    ازاء كل هذه المتغيرات للمعلمين دور مهم في تهيئة المناخ السليم في المدارس وتقديم الدعم الاكاديمي، تنظيم معسكرات الاستعداد للامتحانات. فروع السكن لها دور في ذلك بالاهتمام بالطلائع من الشباب إضافة إلى إعداد الدليل السياسي وتوفير المحطات، تبادل الاصدارات..الخ

    التعليم العالي..
    يتم انتقاء بعض نتاج التعليم العام من المؤهلين لولوج مؤسسات التعليم العالي الذي اختار نظام الانقاذ التوسع الافقي فيه ففتحت الابواب واسعة امام الجامعات الخاصة حتى وصل عددها الى 78، وانشأت في البلاد 26 جامعة حكومية وحولت المعاهد التربوية والدينية والفنية الى كليات جامعية أكاديمية فأصبحت في كل ولاية او مدينة جامعة دون اعتبار حقيقي للامكانات من اساتذة ومعامل ومكتبات وبعض هذه المؤسسات بها كليات مثل الطب والهندسة ...الخ وهي عوضاً عن تكلفتها الباهظة تحتاج الى اساتذة مؤهلين ومعامل ومكتبات غالبيتها غير متوفر نحن لسنا ضد توسع التعليم العالي ولكنه يجب ان يستند الى توسيع قاعدة التعليم العام لتشمل جميع الاطفال في كل ارجاء الوطن لكي يكون توسع التعليم العالي عقلانياً وليس للربح المادي ولا للدعاية السياسية واستجداء التكبير والتهليل.
    وقد تم انشاء (وزراة التعليم العالي) اي انه اخضع الجامعات بالضرورة لسياسات الحزب الحاكم وصودرت الديمقراطية فيها مما افقدها اخص خصائصها وسبب تميزها وهو الاستقلال الاكاديمي والاداري. فالوظائف القيادية يتم ملؤها في جميع المستويات لا يستند الكفاءة العلمية واصبح التعيين في هيئة التدريس من اهم شروطه الولاء السياسي وليس التميز الاكاديمي.
    لقد تعامل نظام الانقاذ مع التعليم العالي في السودان كوسيلة للتمكين في التسعينات فاستولت السلطة على أجهزة الجامعات الأكاديمية والإدارية، وشردت أساتذتها والإداريين فيها، وفرضت التعريب قسراً وانتقائياً دون استعداد بإسم اسلمة التعليم رغم عدم توفر كل المراجع العلمية باللغة العربية ثم اضافت بدعة لا مثيل لها في كل جامعات العالم تتمثل في الاستغناء عن الاساتذة الذين بلغوا سن الستين مع ان الاستاذ الجامعي عالم لا يتقاعد عن التدريس والبحث طالما هو قادر على العطاء.
    وفي التسعينات ادخلوا بدعة جديدة وهي منح الطلاب المجاهدين 7% اضافة الى النسب التي حصلوا عليها في الشهادة الثانوية وهم بالطبع الطلاب الموالون للحركة الاسلامية فإمتلأت الجامعات بعناصرهم وتدنى مستوى الطلاب الاكاديمي وهذا عوضاً على انها خرق فظ لقواعد المنافسة الاكاديمية الشريفة يرى الان بالعين المجردة في الجامعات السودانية مما تسبب في زرع الفتنة بل والحقد احياناً بين طلاب الجامعات، فهؤلاء الطلاب اصبحوا يشعرون بانهم مميزون عن اقرانهم ويتوقعون معاملة خاصة حتى في الامتحانات ولا تطبق عليهم لوائح الحضور المطبقة في كل جامعات العالم بل وفرضت على الكليات وبقرار وزاري عقد دورات امتحانات خاصة متى ما يعودون من (الجهاد) وان لم يستوفوا شروط النسبة المقررة من المحاضرات والساعات التطبيقية والويل للاستاذ الذي يرسب على يده هذا (المجاهد).
    فالتعليم العالي في ظل الانقاذ اصبح سلعة لمن يستطيع شراءها فأمست الرسوم الدراسية بالملايين في بلد يعاني شعبة من وطأة الفقر المدقع، وتمادياً في هذا الاتجاه وتكريساً له قاموا بتقليص الدعم الحكومي لميزانيات الجامعات، وحرموا الطلاب من السكن والاعاشة المجانية بعد انشاء صندوق دعم الطلاب الذي يعتبرونه قومياً ولا علاقة لادارات الجامعات في سياساته بعد نزع جميع الداخليات التي كانت مخصصة لكل جامعة منفردة، وجعلوا السكن والاعاشة لمن استطاع اليه سبيلا ولذلك يعاني الكثير من الطلاب من سوء التغذية وفقر الدم والسل، اما طالبات الاقاليم فمعاناتهن لا تحدها حدود. تبعاً لسياسة التحرير الاقتصادي حيث اصبحت خدمات الدولة سلعة تباع للمقتدرين. ادخلوا ما اسموه بالقبول الخاص في الجامعات الحكومية مقابل آلاف الدولارات وتمدد حتى اصبح يشكل اكثر مما تجيزه اللائحة وهو ربع اعداد المقبولين في الوقت الذي يحرم من الامتحان او استلام شهادة التخرج اي طالب عجز ولي امره عن تدبير الملايين هي رسومه الدراسية وفي وقت معلوم، فمئات الطلاب اما يتركون الدراسة او يعيدون السنة مضيفين عبئاً جديداً على اولياء الامور بعد تخلي الدولة عن ديمقراطية التعليم ومجانيته.
    ومن بين افرازات سياسات التحرير الاقتصادي المتبعة في السودان منذ العام 1992 ان فتح الباب واسعاً امام الاستثمار الخاص في مجال التعليم العالي حتى بلغت اكثر من ثلث المقبولين في المتوسط، بل وافتتحت فروع لجامعات اجنبية. هذه ظاهرة يتعين ان يكون لها ضوابط واضحة. اولها ان لا تكون هذه المؤسسات الخاصة هدفها الربح للثراء مما يعزز الاتجاه السائد الان لتقديم هذه الخدمة على اسس تجارية، وثانياً ان ترتبط مناهجها باحتياجات التنمية في بلادنا اي تخضع لرقابة صارمة من مجلس قومي للتعليم العالي المفروض ان يكون مستقلاً والا فإن هذه المؤسسات سوف تكون مصدراً اضافياً لتفريخ شباب وشابات لا يستوعبهم سوق العمل الضامر اصلاً.
    كما ادخلوا بدعة اخرى بدلاً عن نظام الخفراء الذي كان سائداً لحماية مباني الجامعات وممتلكاتها تسمى الحرس الجامعي المرتبط باجهزة الامن وليس ادارات الجامعات ومهمتهم الرئيسية هي مراقبة الاساتذة وقمع الطالبات والطلاب غير المنتمين لحزب المؤتمر الوطني، عليه لابد من الاستعاضة عن الحرس الجامعي الحالي بآلية تتبع لادارات الجامعات للحفاظ على ممتلكات ومباني الجامعات فقط . هناك ايضاً انتشار ممارسة العنف وسط طلاب الجامعات مما يتنافى مع الاسس التربوية السليمة ومن اثاره السلبية عزوف اعداد كبيرة من الطلاب من المشاركة في المناشط في الجامعات بسبب تخوف اسرهم مما قد ينجم عنه من اضرار. ويقع على عاتق الحزب واجب الاهتمام بالجبهة الديمقراطية في الجامعات لتأكيد دورنا في التميز الاكاديمي والدفاع عن مصالح الطلاب وقضاياهم ونبذ العنف مع المشاركة الفاعلة في مختلف اوجه النشاط الطلابي.

    مؤشرات اصلاح التعليم:
    1. إعادة النظر في مناهج ومقررات التعليم العام اساس وثانوي بمشاركة المعلمين الواسعة.
    2. تخصيص ميزانيات كافية للتعليم العام لجعله مجانياً ولتوفير احتياجات المدارس والمعلمين والتلاميذ.
    3. مراجعة السياسات التي قضت على معاهد التربية والتعليم الفني والمهني الوسيط
    4. الغاء قوانين الجامعات الحالية واستبدالها بقوانين ديمقراطية تحقق استقلالها ادارياً ومالياً وتوفر للطلاب فرصاً حقيقية لممارسة النشاط الفني والثقافي المستقل بإعتبار ذلك وسيلة ناجعة لدرء العنف الطلابي السائد في الجامعات ومكون هام في العملية التربوية تشجع التميز الاكاديمي والحوار الفكري بين الطلاب.
    5. إلغاء وزارة التعليم العالي والاستعاضة عنها بمجلس قومي يراعي في تكوينه النظرة القومية وليس الحزبية لوضع السياسة العامة للتعليم العالي ، وتشارك اسرة كل جامعة في صنع هذه السياسات.
    6. توفير ميزانيات الجامعات من الدولة وربط التوسع باحتياجات الاقتصاد الوطني مما يتطلب تقليص عددها بالدمج.

    3-الحزب الشيوعي وقضية المرأة
    ينطلق الحزب الشيوعي من ان قضية المرأة رغم خصوصيتها النوعية الانثوية، قضية صراع طبقي في كل المجتمع. انها قضية اقتصادية/ اجتماعية/ سياسية/ ثقافية من الدرجة الاولى. فالمرأة يقع على عاتقها اضطهاد واستغلال مزدوجان : طبقي/ اجتماعي ومن ناحية الجنس. وعلى هذا النحو فإن قضية تحرير المرأة تندرج بين قضايا التغيير الاجتماعي والتقدم في السودان.
    وكغيرها من القضايا المحورية في هذا التغيير فإن الرؤى لحلها تختلف حسب المنظور الطبقي للقوى المصطرعة في المجتمع السوداني، وتأثيرات الاتجاهات الوافدة عالمياً واقليمياً حول تحرر المرأة على هذا المنظور، وترد بين هذه الاتجاهات كتابات سيمون دي بوفوار ونوال السعداوي ومدارس الانثوية والجندر التي تنطلق في معالجتها لقضية المرأة اساساً من الخصوصية النوعية الانثوية لها. وهذا هو المعيار الحقيقي لفحص طروحات وامتحان صدقية مختلف المدارس والاتجاهات التي تتصدى لقضية تحرير المرأة وانهاء كافة اشكال التمييز ضدها.
    وفي الواقع قادت طروحات المنظور الديني السلفي لقضية المرأة، التي تركز على المظهر دون الجوهر، وعلى فصل الحجر عن البيضة، للمفاصلة منذ وقت باكر، بين اليمين واليسار داخل حركة المراة في السودان. ولم تكن هذه الحركة موحدة عند تأسيسها مطلع خمسينات القرن الماضي، إلآّ حول برنامج عام وفضفاض، يشمل قضايا تعليم المرأة ومحاربة العادات الضارة ودعم الاسر الفقيرة بتعليم المرأة بعض الحرف وغير ذلك من القضايا.
    وكما هو معروف فقد مكّن النهوض الاجتماعي الكاسح بعد ثورة اكتوبر 1964 ومناخها الديمقراطي الحركة الديمقراطية في السودان، من انتزاع بعض حقوق المرأة السياسية والاجتماعية حتى قبل الكثير من رصيفاتها في البلدان العربية والإفريقية.

    المنظور السلفي يُكّبل تحرر المرأة..
    لقد رفدت الطرح السلفي ودعمته في السودان قوانين سبتمبر1983 ولعب هذا الطرح بصفة خاصة تحت مظلة نظام الانقاذ، دوره في تكبيل المرأة بالمزيد من القيود، وفي توجيه ضربات موجعة لقضية تحريرالمرأة. وعانت المرأة من سياسات التحرير الاقتصادي الانقاذية واندلاع الحروب الاهلية وتصدع القطاع التقليدي وتدهور الخدمات الاساسية، ولجأت لمعسكرات النازحين والمهن الهامشية. وتعرضت المرأة للاعتقال والتعذيب والفصل للصالح العام والابعاد من مواقع العمل العام في القضاء والبنوك وغيرها، ولجأت للهجرة خارج الوطن.
    وتحت قوانين الاحوال الشخصية الانقاذية والنظام العام وامن المجتمع، عانت المرأة من مختلف ضروب الذل والمهانة.
    وكان طبيعياً، من المنظور الديني السلفي، ان يرفض نظام الانقاذ التوقيع على اتفاقية سيداو التي طرحت وضع حد لكافة اشكال التمييز ضد المرأة .
    ورغم ان المرأة تشكل نصف المجتمع (نسبة النساء من شعب السودان حالياً 49%) إلاّ انه وبعد 17 عاماً من حكم الانقاذ، لا تزال نسبة الامية بين النساء في الريف 85% وفي المدن 60% ولا يغيِّر من هذه النسب شيئاً حقيقة ازدياد عدد الطالبات في الجامعات.
    وفي اطار المنظور السلفي ايضاً، تجدر الاشارة للصيغة الواردة في المادة الخامسة من ميثاق التجمع الوطني الديمقراطي (فصل الدين عن الدولة) حول حقوق المرأة والتي فتحت مجالاً واسعاً للاعتداء على هذه الحقوق وسلبها بقيد (بما لا يتعارض مع الاديان السماوية).

    منهج الحزب الشيوعي في قضية تحرر المرأة
    درج الحزب الشيوعي منذ وقت باكر، في كل طروحاته البرنامجية وخطوطه السياسية ومواقفه العملية، على دعم قضايا تحرر المرأة. وكان الحزب في طليعة المبادرين بطرح مطالب : قانون ديمقراطي للاحوال الشخصية، وكفالة حق التعليم والعمل للمرأة، والاجر المتساوي للعمل المتساوي، واجازة الحمل والوضوع مدفوعة الاجر، الى جانب حقوق المرأة السياسية، وغير ذلك من المطالب.
    وقد اسفر الرصيد النضالي للحزب بين حركة النساء، على سبيل المثال عن ان تنضم لعضويته اول طبيبة سودانية رائدة في عام 1949 ، وعن صعود عدد من عضويته النسائية لمراكز قيادية في نقابات العاملين، ولموقع اول نائبة برلمانية في السودان في انتخابات 1965، ولانتخاب المؤتمر الرابع للحزب 4 من عضويته النسائية لعضوية اللجنة المركزية للحزب.
    وقامت علاقة الحزب بحركة النساء على استنهاض هذه الحركة باشكال واساليب العمل الجماهيري لانتزاع حقوقها، وعلى كسب طلائعها لعضوية الحزب بما يرفع من قدراتها ويوسع صفوفها وافقها. وفي منحنى ثورة اكتوبر 1964 قام الحزب بربط عضويته النسائية بفروعه في مجالات العمل والسكن مباشرة وبقرار من اللجنة المركزية للحزب. ولاحقاً حذف المؤتمر الرابع للحزب في اكتوبر 1967 رسمياً بند لائحة الحزب الذي كان ينص على قيام رابطة خاصة مستقلة للنساء الشيوعيات، والذي كانت قد املته اعتبارات المنظور الاجتماعي الرافض لاختلاط الجنسين قبل ثورة أكتوبر.

    ترقية وتطوير علاقة الحزب الشيوعي بحركة النساء
    وعلى سبيل تمتين علاقة الحزب الشيوعي بالنساء وحركتهن الديمقراطية، ودعم هذه العلاقة لتصل الى عمق المجتمع ولكل شرائح المرأة في المدينة والريف، دأب الحزب على فتح حوار ومناقشة عامة داخله من وقت لآخر، ونشير هنا بصفة خاصة للاجتماعات الموسعة التي انعقدت سابقاً ثم تواصلت حالياً لمناقشة وثيقة: ظروف مواتية لتطوير العمل وسط النساء. ولوثائق الحوار الداخلي في الحزب بهدف تجديده ليواكب العصر عبر الدراسة الانتقادية لتجربته خلال نصف قرن من الزمان في الواقع السوداني. ومن نافلة القول ان مواصلة الحوار وصراع الافكار حول علاقة الحزب الشيوعي بحركة النساء، وفق قواعد واسس الصراع الداخلي في الحزب، شرط هام ولا غنى عنه لدعم وتطوير هذه العلاقة
    واستناداً الى الحصيلة التي راكمها تبادل وصراع الافكار والتجارب العملية، فإن تعزيز علاقة الحزب الشيوعي بجماهير النساء رهين بـ:-
    * تكوين لجنة دراسات متخصصة من زملاء وزميلات تأخذ في الاعتبار أننا ما عدنا الحزب الوحيد الذي يهتم بقضية وحركة المرأة . تهتم هذه اللجنة بتنمية وتطوير خطوط الحزب وطروحاته في قضايا تحرر المرأة، والدراسة الانتقادية الموضوعية لمختلف المدارس والاتجاهات العالمية والاقليمية التي تتصدى لهذه القضايا، والاستفادة في هذا الخصوص من تيار النهضة والتجديد في الفكر الاسلامي المستنير. إن هذا سيساعد في تطوير خطاب الحزب لجماهير النساء.
    * انتهاج اسلوب البحوث والدراسات الميدانية للوقوف تفصيلاً على واقع المرأة السودانية وما طرأ عليه من متغيرات ومستجدات.
    * ارتباط فرع الحزب في كل المواقع بصورة مباشرة بجماهير النساء بهدف توسيع دائرة نفوذ الحزب بينهن. وفي هذا الاطار هناك ضرورة لارتباط كل عضوات الحزب بالفروع. لا اعتراض بالطبع على مواصلة العمل الاصلاحي في المنظمات الطوعية ومنظمات المجتمع المدني ولكن الاسبقية والصدارة يجب ان تكون للعمل الثوري في فرع الحزب.
    * اتخاذ الترتيبات والتدابير المناسبة، التي تكفل وصول اعداد متزايدة من الكوادر النسوية للمواقع القيادية في الحزب في كافة المستويات.
    * استنهاض وتوسيع الحركة الديمقراطية للمرأة لتلبية الضرورة الماثلة في جدول العمل السياسي والتي تقتضي رفع قدرات شعبنا على مواجهة حركة العولمة ونهج التبعية.
    وهذا يستوجب توضيح طبيعة الاتحاد النسائي على ضوء برنامجه ولوائحه.
    وامر توسيعه ومضاعفة آثار نشاطه، رهين بإفساح الحيز المناسب في عمله للقضايا المرتبطة بالمرأة مباشرة وتعدد اشكال ومنابر ومستويات النشاط وفق خريطة جديدة لواقع المرأة السودانية، ومراعاة الاسس الديمقراطية في سائر اوجه العمل، واصدار مجلة نسائية تنطق بإسمه.
    * الوضوح بالنسبة للقضايا التي تستوجبها التحديات الماثلة التي تواجه المرأة السودانية خلال الفترة الانتقالية. يرد على رأس هذه القضايا : النضال من اجل التحول الديمقراطي على ضوء نيفاشا والدستور الانتقالي، تغيير القوانين السارية التي تحد من نشاط المنظمات الطوعية، ومنظمات المجتمع المدني، قانون ديمقراطي للاحوال الشخصية على ضوء الانتقادات لقانون 1991، توقيع الاتفاقات الدولية بما يكفل الغاء كافة اشكال التمييز ضد المرأة ويصون ويعزز مبدأ الحقوق المتساوية، ضمان حق المرأة في احتلال المواقع القيادية ومواقع اتخاذ القرار. الغاء قوانين وتشريعات الانقاذ : النظام العام ، وامن المجتمع ، وضبط الشارع ..الخ، مواجهة آثار الحروب من نزوح وهجرة وطفولة مشردة، درء المظالم التي ارتكتبتها سلطة الانقاذ الانفرادية الشمولية ( الصالح العام، شهداء رمضان، ضحايا التعذيب الخ).
    * تعدد التنظيمات النسوية في الساحة السودانية يستوجب التنسيق والعمل المشترك بينها وفق برنامج حد ادنى يتم الاتفاق عليه بالنسبة لقضايا الفترة الانتقالية. وفي هذا الاطار هناك ضرورة لتقويم تجربة العمل في التجمع النسوي الوطني الديمقراطي والاستفادة من دروسها ومؤشراتها.

    4/ علاقة الحزب الشيوعي بحركة الشباب
    يهتم الحزب الشيوعي بالشباب من الجنسين، بوصفهم قوى عمرية ديناميكية بإمكانها ان تلعب دوراً كبيراً في مسار حركة التقدم والتنمية في المجتمع السوداني، غير ان الانظمة الشمولية وخاصة نظام الانقاذ، اعاقت نمو حركة الشباب الديمقراطية التي انطلقت منذ فجر الحركة الوطنية في السودان، وبلغت ذروتها بعد ثورة اكتوبر 1964 وبعد انتفاضة مارس ابريل 1985 لقد حاربت هذه الانظمة تنظيمات الشباب الديمقراطية المستقلة وفرضت التنظيمات الشبابية السلطوية الخاوية والمظهرية. ومن جراء ذلك انحسرت حركة الشباب الديمقراطية وعزفت عن قضايا العمل العام. وتقلصت ضروب نشاط الشباب ومساحات عمله، وفق ارادة الانظمة الشمولية، في العمل العسكري والرياضة والفن والتأييد الاجوف لسياسات السلطة. بينما يزخر الواقع السوداني بعشرات الاجندة الحية لحركة شبابية ديمقراطية معافاة ومشبعة بالاحساس بالعمل العام. اذ تنتصب امام الشباب في السودان : قضايا الحقوق الديمقراطية وحرية عمل المنظمات الطوعية، وتوفير فرص التعليم ومحو الامية، والعمل والزواج والسكن، والتصدي لإنهيار القيم الاخلاقية وتفشي الايدز وغيره من الاوبئة، ومواجهة حركة العولمة التي تبشر بإنهيار قيم الوطن والوطنية والتراث الحضاري.

    المؤشرات العامة للحركة الشبابية
    يهدف الحزب الشيوعي في نشاطه الجماهيري الى بناء حركة شبابية، غنية المحتوى ومتعددة المنابر، حسب ما تملية الاجندة الماثلة في المجتمع السوداني اليوم وواقع التعدد والتنوع في السودان. حركة مستقلة تجعل من طاقات الشباب رافداً لتفجير النهوض الاجتماعي الوطني الديمقراطي، ثقافياً وفنياً ورياضياً، ولنشر ثقافة السلام والتسامح والديمقراطية وقبول الرأي الاخر في كل خلايا المجتمع السوداني.
    كما يدعم الحزب الشيوعي مبدأ مد حبال الوصل والترابط وتبادل التجارب بين حركة الشباب السوداني ورصيفاتها اقليمياً وعالمياً، ومواصلة علاقات ومبادرات التضامن مع حركة الشباب الديمقراطية إقليميا وعالمياً.
    ومن اجل ذلك يهتم الحزب الشيوعي بإعداد الدراسات المناسبة التي تساعد في تطوير حركة الشباب واغنائها واستقامتها على اجندتها الديمقراطية، كما يناضل الحزب لسيادة الاسس الديمقراطية في سائر اوجه عمل حركة الشباب، ويلزم اعضاءه العاملين داخل هذه الحركة بالتقيد ببرامجها ودساتيرها، وعدم استغلالها لاغراض سياسية، او جرها لتنساق وراء تفاصيل العمل الحزبي اليومي، او فرض مناهج واساليب العمل الحزبي الحلقي داخلها. ذلك ان حركة الشباب حركة جماهيرية ديمقراطية واسعة، لا تجذبها وتستنهضها وتفجر طاقاتها سوى اشكال العمل الجماهيري الواسعة.
    ويتعاون الحزب الشيوعي بحكم العلاقة التاريخية، مع اتحاد الشباب السوداني، كتنظيم ديمقراطي مستقل، يعنى بقضايا الشباب وحقوقه واهتماماته المتنوعة. ان خرائط اسماء المشاركين في انشطة اتحاد الشباب داخل السودان، وفي مهرجانات الشباب العالمية التي اشترك فيها اتحاد الشباب منذ الخمسينات من القرن الماضي ، توضح بجلاء ان هناك طيف واسع من العناصر والشخصيات الديمقراطية والمستقلة الشابة يجذبها النشاط المتنوع لاتحاد الشباب السوداني.
    وغني عن القول ان اتحاد الشباب السوداني، مواجه اليوم لمواصلة عمله على اسس سليمة، بتلخيص تجاربه السابقة وكذلك بدراسة خريطة المتغيرات في واقع الشباب السوداني على المستوى الوطني وتأسيس عمله على ضوئها.
    وهناك ضرورة ايضاً لمواءمة نشاط اتحاد الشباب مع واقع بروز تنظيمات متعددة للشباب في السودان اليوم.
    وهذا امر يستوجب تنسيق العمل فيما بينها على ضوء برنامج حد ادنى يشمل القضايا القومية النابعة من مستلزمات السلام والتحول الديمقراطي وعبور الفترة الانتقالية الى بر وحدة الوطن.

    5-الجمعيات الطوعية ومنظمات المجتمع المدني
    خلال العقدين الاخيرين تصاعد نشاط ونفوذ عدد كبير من الجمعيات الطوعية ومنظمات المجتمع المدني التي استكملت شروط ومقومات تكوينها وتسجيلها حتى تجاوز عددها الالف . وقد ارتبط الكثير منها بأهداف ديمقراطية انسانية ومناشط متنوعة، وكان لها دور فعال في استقطاب التضامن مع شعب السودان في جبهة حقوق الانسان واستجلاب الدعم لمعسكرات النازحين، ورعاية المرأة والطفل، وانشاء مراكز البحث والثقافة والنشر...الخ.
    وقد اولى الحزب الشيوعي الجمعيات الطوعية ومنظمات المجتمع المدني اهتماماً مستحقاً هي جديرة به بدعم نشاطها في حدود مهامها المعلنة ويسعى لأن تتقيد بضوابط وعلى رأس هذه الضوابط ترد الدساتير واللوائح التي تحدد الاهداف ومجالات النشاط واساليب العمل ووسائل التمويل وكيفية اختيار القيادات والتمسك بالديمقراطية في سائر اوجه العمل وقد تناولت اللجنة المركزية للحزب الموضوع في دورة اغسطس2001 ص14-15 بإعتبارها:
    } ظاهرة عالمية متعددة الاهداف مراكزها ومصادر تمويلها غرب اوروبا والولايات المتحدة وكندا..... ما زال المجتمع السوداني يفتقر لخدماتها ومساعداتها شريطة ان تصل مباشرة للمحتاجين اليها، او الشرائح المستهدفة دون سماسرة ووسطاء ومنتفعين وشبهات فساد وسياحة واسترواح. ولعل في هذه المحاذير ما يفسر الصراعات الشخصية والمناقشات العبثية التي تتناقلها المجالس، وتنحدر احياناً الى درجة المقاضاة في المحاكم، كأنما التجربة الوليدة لم يكفها تشوهاً واعاقة ما لحق بها من ممارسات حزب الجبهة الاسلامية الحاكم وسلطته السياسية التي انشأت مئات الجمعيات والمنظمات الطوعية –اسماً- واعفتها من الرسوم والضرائب والجمارك، وانعمت عليها (بالايلولة)، وملّكتها بعض مؤسسات القطاع العام المخصخصة وغير ذلك مما كشفه وزير المالية الاسبق، الدكتور عبد الوهاب عثمان، من بين عوامل تدهور الايرادات{.
    وفي عام 2003 اصدر الحزب بياناً داخلياً عن نفس الموضوع اورد فيه مايلي:.... وبما ان هذه الجمعيات والمنظمات قد ارتبطت بأهداف انسانية وديمقراطية تلبي احتياجات ماسة للمجتمع السوداني يصبح لزاماً عليها ان تتقيد بضوابط ذاتية تسمو بأهدافها، وتحمي سمعتها من التجريح .. ومن تلك الضوابط:
    1) ان تسجل كجمعية طوعية لاداء نشاط طوعي لا يشترط المكافأة او العائد المالي في صيغة اجور ومرتبات او حوافز.
    2) ان تمتنع عن التسجيل كإسم تجاري او شخصية اعتبارية وهمية، وان تلتزم بكافة اجراءات التسجيل حتى الاشهار.
    3) ان تظل عضويتها مفتوحة لكل راغب في المشاركة وفق اهدافها ونظمها، وان تعقد جمعياتها العمومية الدورية وتجري انتخاباتها وتعلن نتيجتها في الصحف او اي وسيلة اعلامية اخرى- هذا تقليد راسخ في مؤسسات النشاط الاهلي في المجتمع السوداني: الاندية، الهيئات الخيرية، اتحادات الطلاب...الخ.
    4) ان تنشر ميزانيتها وتوضح اي دعم مالي او عيني تتلقاه من الداخل او الخارج وان تخضع ميزانيتها وحساباتها لمراجعة قانونية يتولاها، مقابل اجر زهيد، مكتب مراجعة قانوني ناشط في الجمعيات الطوعية او منظمات المجتمع المدني او تحت اشراف اتحاد المراجعين القانونين بوصفه احد منظمات المجتمع المدني.
    5) ان تعلن التزامها بتقاليد النشاط الاهلي الطوعي، ذي الجذور الضاربة عميقاً في نسيج المجتمع السوداني، والذي شيَّد صروح تنظيماته ومؤسساته الاهلية بالجهد الذاتي وتبرعات المجتمع الذي اقتنع بجدوى تلك المؤسسات.
    فإستناداً الى تجربة الجمعيات الطوعية في الاعوام الماضية، والى جانب مراعاة الاسس والقواعد الديمقراطية في كافة مؤسسات المجتمع المدني، لابد من مراعاة الدروس والاستنتاجات التالية:
    1- لا يزال العديد من الجمعيات الطوعية ومنظمات المجتمع المدني، لحداثة التكوين والتجربة في حيز النخبة والصفوة واحياناً (الشلة) وعليها ان تجتاز تحديات الالتصاق الحميم ببسطاء الناس الذين نشأت اصلاً لخدمتهم.
    2- ضرورة الوضوح الفكري حول ان المنظمات الطوعية ليست بديلاً عن التنظيمات السياسية والنقابية والتعاونية والشبابية والنسائية.. فالمنظمات الانسانية لها اهدافها وجبهات عملها المحددة.
    3- ضرورة (اقلمة) التدريب الذي توفره بعض هذه المنظمات وفق احتياجات السودان وظروفه مما يتقتضي التركيز على قضايا ملموسة في الواقع السوداني مثل تقنين وممارسة الحقوق الدستورية، وتنظيم العمل التعاوني ديمقراطياً ..الخ.
    4- تفادي جمع المعلومات عن الاحزاب السياسية في الاستبيانات وورش العمل التي تنظمها بعض هذه الجمعيات والمنظمات. فالمعلومات المتعلقة بعدد الاعضاء ومصادرالتمويل وما شابه ذلك لا غبار عليها في النظم الديمقراطية الراسخة. اما في العالم الثالث حيث يسود عدم الاستقرار وقفز العسكر لسدة الحكم مثل هذه المعلومات قد تستغل في توجيه ضربات قاسية للحركة السياسية.
    في الختام، من المهم الحفاظ على استقلال هذه المنظمات الطوعية وحرية نشاطها لذلك نرى انه لابد من:
    1/ التكوين القومي لمفوضية العون الانساني بدلاً عن الاحادية التي فرضتها سلطة الانقاذ الشمولية منفردة وبصورة احادية لخدمة مؤسساتها. لتحقيق ذلك لجأت المفوضية الحالية لوضع عراقيل عديدة في وجه الجمعيات والمنظمات الطوعية ومراقبة نشاطها والحد منه بواسطة الاجهزة الامنية.
    2/ اجراء تعديلات اساسية في القانون الذي صدر من المجلس الوطني عام 2006 المتعلق بالمنظمات الطوعية بحيث يصبح تشريعاً داعماً لهذه المنظمات بتسهيل اجراءات التسجيل وكفالة حق النشاط المستقل عن الدولة في كافة ارجاء الوطن، وينبغي ان يدرج هذا الحق بنصوص واضحة وقاطعة في دستور البلاد.

    هـ/ التجمع الوطني الديمقراطي وتجربة (مجد).
    • تبلورت فكرة التجمع الوطني الديمقراطي في سجن كوبر، بمشاركة قادة الاحزاب الذين جمعهم الاعتقال عقب انقلاب الجبهة الاسلامية القومية في 30 يونيو1989. مشروع ميثاق التجمع اخضع للنقاش والتشاور في خارج المعتقل مع ممثلي النقابات والعسكريين والقيادات الحزبية وتم التوقيع عليه في 21 اكتوبر1989. وتجدر الاشارة الى ان هذه الفكرة يربطها خيط وثيق بتجربة التجمع الوطني لانقاذ البلاد بشقيه الحزبي والنقابي، والذي تأسس قبيل انتفاضة 1985.
    • التجمع الوطني الديمقراطي اوسع جبهة سياسية عرفها تاريخ السودان الحديث، ضم الاحزاب والنقابات وممثلي القوات المسلحة والشخصيات الوطنية، وذلك كصيغة جديدة في التجربة السياسية السودانية، نبعت من جملة من التناقضات الملازمة للممارسة السياسية في السودان منذ الاستقلال، مثل تلك التناقضات التي تتجسد في ما عرف في الادب السياسي السوداني بالحلقة الشريرة: انقلاب عسكري- انتفاضة- حكم ديمقراطي- انقلاب عسكري. والتناقضات المرتبطة بالسلبيات الملازمة للممارسة الحزبية والبرلمانية وكذلك التناقضات الناتجة من تهميش قوى مراكز الانتاج الحديث (القوى الحديثة) وفي نفس الوقت تهميش قوى الاطراف (مراكز التوتر القومي). وهذه التناقضات تتقاطع هنا وهناك مع دور كل مكّون من مكّونات التجمع في مسار التطور السياسي والاجتماعي للسودان. ومن هنا نشأت المكّونات الثلاثة للتجمع، او اضلاعه الثلاثة: المؤسسة الحزبية والمؤسسة النقابية والمؤسسة العسكرية.
    • بالنسبة للحزب، لم يكن التجمع مجرد جبهة معارضة من اجل ازالة نظام الجبهة الاسلامية وحسب، وانما صيغة تمثل احد اوجه الصراع الاجتماعي في السودان وذلك على ارضية الصراع في اطار التحالف، وفي هذا السياق فإن الانجاز الاكبر للتجمع هو عقد مؤتمر القضايا المصيرية في اسمرا يونيو1995 كشكل مصغر للمؤتمر الدستوري حيث تم الاتفاق على قضايا فصل الدين والسياسة، شكل الحكم في الفترة الانتقالية بعد ازالة الدكتاتورية،ايقاف الحرب والسلام، البرنامج الاقتصادي الانتقالي، عقد المؤتمر القومي الدستوري خلال الستة اشهر الاولى من الفترة الانتقالية وصولاً لصياغة دستور دائم للبلاد، كيفية تنظيم الانتخابات في نهاية الفترة الانتقالية على اساس النظام الديمقراطي التعددي ...الخ. وقد التزمت كافة اطراف الحركة السياسية السودانية بإعتبار ميثاق التجمع وملحقاته من قرارات مؤتمر اسمرا التاريخي بمثابة الثوابت التي ستبنى عليها الدولة السودانية الحديثة الموحدة والمستقرة. لقد كانت مقررات أسمرا بالفعل تجسيداً لإمكانية إدارة حوار بين أطراف الحركة السياسية السودانية حول قضايا الوطن المصيرية . إن تجربة التجمع تحتاج بالفعل إلى تقييم شامل يتطرق لكل الجوانب الإيجابية والسلبية في علاقة الحزب الشيوعي بالتجمع ودوره فيه .
    • ولأن التجمع كان يلبي حاجة موضوعية للشعب السوداني، وانبثق من معاناته الطويلة فقد التفت حوله الجماهير وعقدت عليه آمالها لا في الخلاص من نظام الجبهة فحسب وانما في اخراجها من حالة الاحباط المزمنة منذ فجر الاستقلال وتحقيق تطلعاتها الى وطن تترجم فيه الديمقراطية والحرية السياسية الى حياة تزدهر مادياً وروحياً بإطراد. ورغم ان التجمع لم يتمكن من تلبية وتحقيق هذه الامال والتطلعات، الا انه ساهم بقسط وافر في النضال الذي افضى الى الواقع الراهن. هذه التجربة تحتاج الى تقييم واسع وشامل بما في ذلك التطرق الى النتائج الايجابية والسلبية في علاقة الحزب الشيوعي بالتجمع ودوره فيه. ونسبة لفشل التجمع في اتخاذ قرار موحد من قبل كل فصائله حول المشاركة في السلطتين التشريعية والتنفيذية بعد نيفاشا والسلام، اختار الحزب المشاركة في السلطة التشريعية واستنكف عن المشاركة في السلطة التنفيذية. وتقدم الهيئة البرلمانية للحزب تقارير منتظمة للجنة المركزية عن أدائها المستقل وكجزء من كتلة نواب التجمع في المجلس الوطني. ولا يزال الموقف من درجة المشاركة سليماً حسب تقدير اللجنة المركزية للحزب.

    تجربة مجد
    • في 25 يناير 1997 عقدت المجموعة المؤسسة لمجد اول اجتماع لها في اسمرا حيث اجازت مشروع لائحة المعسكر، واختارت اسم "مقاتلو الجبهة الديمقراطية السودانية (مجد)" كما انتخبت هيئة قيادة المعسكر. وفي 2 فبراير1997 أعلن رسمياً افتتاح المعسكر وصدر بذلك تصريح صحفي. ومنذ البداية تم التمسك بالموجهات التالية في العمل:-
    1-أن يكون للمعسكر نشاطه المستقل وتحت اسمه الخاص.
    2- ومن الموقع المستقل يعلن استعداده للتعاون مع كل من في الميدان.
    3- لا يضع المعسكر نفسه تحت قيادة آخرين واقترح لجنة سياسية عسكرية مشتركة كصيغة للقيادة الموحدة لفصائل التجمع.
    4-لم يكن هناك اي لبس او غموض او ارتباك تجاه فكرة العمل العسكري في الخارج، فمجد معسكر سياسي طوعي يضم مقاتلين من الحزب الشيوعي السوداني والقوى الديمقراطية المتحالفة معه، برنامجه هو مواثيق التجمع الوطني الديمقراطي وقرارات مؤتمر اسمرا للقضايا المصيرية التي سعت للانتفاضة الشعبية المحمية بالسلاح. وبينما يلتزم مقاتلو الجبهة الديمقراطية السودانية بالمشاركة مع قوات التجمع في العمليات المسلحة بالخارج فإن معسكر (مجد) لم يكن يرى في العمل المسلح بديلاً للانتفاضة الشعبية في الداخل
    5-لكن تظل الحقيقة الواضحة هي قصور معسكر (مجد) في تحقيق أهدافه المتفق عليها عند تأسيس المعسكر. فقد ظل المعسكر وحتى تصفيته في نوفمبر2005 محدوداً لا يتناسب مع حجم وتاريخ الحزب.
    6-وبالرغم من ان هذا الوجود المحدود، وبالرغم من اي سلبيات شابته، فإن تجربة "مجد" افرزت ايجابيات عديدة منها:
    7-التجربة في حد ذاتها تشكل معلماً هاماً في تاريخ الحزب. اضف الى ذلك ان التجربة راكمت ثروة معرفية قيمة سواء من الناحية السياسية او الثقافية او العسكرية او الاستخباراتية.
    ٍمعسكر (مجد) ارسى تقاليد جديدة في العمل العسكري. من هذه التقاليد:
    - المجموعة المؤسسة للمعسكر هي التي اختارت اسمه ووضعت لائحة ذات طابع سياسي وعسكري لضبطه، وعبر التصويت المباشر تم انتخاب قائد المعسكر وهيئة قيادته.
    - أنشأ المعسكر مستشفى وقام ببنائها وأوفد أطباء أخصائيين عملوا بها لفترات طويلة دربوا خلالها عدد كبيراً من المقالتين من الفصائل الأخرى على أعمال الإسعاف والتمريض.
    - وأنجز الأطباء عمليات جراحية ضرورية لأسر المقاتلين.
    - ونظموا مجموعة شبيه بالسلاح الطبي قامت بدور كبير في إخلاء الجرحى والشهداء من ميدان القتال.
    - كما بنى المقاتلون مدرسة.
    - ميزانية المعسكر وكل معاملاته المالية كانت تناقش في الاجتماع العام الدوري للمعسكر.
    - نبذ المعسكر بحزم كل التجاوزات المتبعة في المعسكرات الاخرى مثل: ضرب المجندين، معاقبة المخطئين بالاعتقالات او الجزاءات المهينة للانسان..الخ.
    التجربة أفرزت عائداً سياسياً كبيراً جداً اشتمل على: خلق علاقات قوية مع عدد كبير من القيادات الدينية في شرق السودان وتعريفها بالحزب الشيوعي وبرنامجه واهدافه ومحو ما في اذهانهم من صور سلبية مرتبطة بالالحاد ومفارقة الحزب للقيم السودانية..الخ، القيام بنشاط سياسي وثقافي وفكري ونشر ادب الحزب وسط سكان المنطقة من بجا وجنقو وكذلك وسط قواعد الفصائل الاخرى خاصة مجموعات الجنوبيين، خلق صلات بين الحزب وقواعد الفصائل الاخرى خاصة البجا والحركة الشعبية، خلق صلات عميقة مع القيادات الارترية في مواقعها المختلفة في الحزب واجهزة الدولة المختلفة.
    غير أن هناك في هذه التجربة ما يستوجب المزيد من الدراسة والتقويم خاصة بالنسبة لقضايا :-
    العوامل التي استوجبت أنشاء التنظيم ، والحيثيات التي تم بموجبها تعطيله بعد 8 سنوات من إنشائه ( 97-2005) . إن الحاجة ماسة وضرورية لاستكمال تقويم هذه التجربة ، فقد تنشأ الضرورة لإعادة تأسيس ( مجد) مرة أخرى
    الفصل الثالث
    قضايا فكرية وسياسية

    أ- 25مايو 1969
    ب- 19 يوليو 1971.
    ج- انتفاضة مارس/ ابريل 1985.
    د- الإضراب السياسي العام والعصيان المدني .... أداة مجربة للثورة والانتفاض.
    هـ- المشروع الوطني الديمقراطي والأفق الاشتراكي .
    و- الإسلام السياسي .
    ز- حقوق الإنسان .

    (أ) 25 مايو 1969 :
    عندما وقع الانقلاب فجر25 مايو 1969 لم يكن الحزب قد بلور بشكل نهائي موقفاً ثابتاً ضد التكتيكات الانقلابية،رغم الجهد الذي بذله قائده عبد الخالق محجوب منذ المؤتمر الرابع للحزب،قبل الانقلاب المايوي بعامين .
    وفي اجتماع اللجنة المركزية دورة مارس 1969 طرح عبد الخالق الصيغة التالية : لا بديل للعمل الجماهيري ونشاط الجماهير وتنظيمها وإنهاضها لاستكمال الثورة الديمقراطية ، وليس هذا موضوعاً سطحياً عابراً فهو يعني أن الحزب الشيوعي يرفض العمل الانقلابي بديلا للنضال الجماهيري اليومي الصابر والدؤوب ، وبين النضال الجماهيري يمكن أن تحسم قضية قيادة الثورة ووضعها بين قوى الطبقة العاملة والشيوعيين وهذا هو الأمر الحاسم لمستقبل الثورة الديمقراطية في بلادنا .
    إن التخلي عن هذا الطريق واتخاذ تكتيك الانقلاب هو إجهاض ونقل لمواقع قيادة الثورة في مستقبلها وحاضرها إلى فئات أخرى من البرجوازية والبورجوازية الصغيرة ، وهذه الفئات يتخذ جزء منها موقفاً معادياً لنمو حركة الثورة ، كما أن جزءاً منها ( البورجوازية الصغيرة ) مهتز وليس في استطاعته السير بحركة الثورة بطريقة متصلة ، بل سيعرضها للآلام ولإضرار واسعة.
    وإن واقع أن هذه الأفكار صيغت قبل 25 مايو بأكثر من شهرين يؤكد أن عبد الخالق لم يفصّلها للتعامل مع الانقلاب المايوي، وإنما كانت حصيلة لدروس الحركة الثورية السودانية واحتمالها ، وبينها احتمال اللجوء إلى تنظيم انقلابات عسكرية ، بواسطة قوى يمينية أو فئات أخرى بين قوى الجبهة الوطنية الديمقراطية .
    وعندما وقع الانقلاب بالفعل كان اختباراً حقيقياً لمبدئية الحزب. فما كان أسهل من أن يؤيده ويطلب الثمن ويحصل عليه .لكن في اجتماع اللجنة المركزية مساء يوم 25 مايو ، قدم عبد الخالق تقريراً ، عرف فيما بعد بالخطاب رقم(1)، تضمن تحليلاً علمياً موضوعياً لأحداث ذلك اليوم، وافقت عليه اللجنة بالإجماع . وجاء في الخطاب أن ما حدث صباح ذلك اليوم كان إنقلاباً عسكرياً لا عملاً شعبياً مسلحاً قامت به قوى الجبهة الوطنية الديمقراطية عن طريق قسمها المسلح. واستناداً إلى التكوين الطبقي لقيادة الانقلاب خلص الخطاب إلى أنها تتشكل من فئة البرجوازية الصغيرة .
    الانقلاب أزاح الثورة المضادة من قمة السلطة في البلاد ووضع مكانها فئة اجتماعية هي بمصالحها النهائية جزء من قوى الثورة الوطنية الديمقراطية ، ومن ثم حدد البيان مهام الحزب الشيوعي في التالي :
    (1) أن يدعم السلطة الجديدة ويتضامن معها أمام خطر الثورة المضادة .
    (2) أن يحتفظ باستقلاله بما في ذلك حقه في نقد وكشف مناهج البرجوازية الصغيرة وتطلعاتها غير المؤسسة لنقل قيادة الثورة إلى يدها .
    (3) دعوة الشيوعيين لدعم وحدة الحزب الفكرية والسياسية والتنظيمية وتأمينه من الأفكار الضارة وأن يكرسوا كل جهودهم ووقتهم لتنظيم الجماهير ورفع مستوى الحركة الشعبية في البلاد للسير في طريق استكمال الثورة الوطنية الديمقراطية .
    ويتضح من كل ذلك ان الحزب كان يستهدف إقامة تحالف متكافئ مع قادة الانقلاب بما يفتح الباب أمام مسيرة الثورة الوطنية الديمقراطية .
    وقد أكد تطور الأحداث لاحقاً أن القرار الذي كان يعبر حقيقة عن إستراتيجية وتكتيكات الحزب هو رفض المشاركة في سلطة الانقلاب مع الاحتفاظ بحق التأييد أو الانتقاد حسب مواقف هذه السلطة السياسية والاجتماعية .
    بيان اللجنة المركزية أغضب قادة الانقلاب والعناصر اليمينية في قيادة الحزب ، وخلال فترة وجيزة تبين أنهم كانوا يطلبون تأييداً مطلقاً من الحزب ، بينما كان الحزب جاداً في موقفه كما يتضح من الخطوات التي أتخذها :
    (1) لم يكشف سرهم.
    (2) جاءت فكرة موكب 2يونيو 1969 النقابي /الجماهيري من الحزب.
    (3) كما جاءت فكرة بيان 9 يونيو 1969 بشأن الجنوب من الحزب .
    لكن الصراع داخل الحزب تفاقم واحتدم خصوصاً داخل اللجنة المركزية ، وفي أغسطس 1969 أجازت اللجنة المركزية اقتراحاً من عبد الخالق بفتح مناقشة عامة حول التكتيكات تحضيراً لمؤتمر تداولي من كادر الحزب لحسم الخلافات حولها. ومضى عام كامل قبل أن ينعقد المؤتمر. وكان عاماً مكتظاً بالأحداث والصراعات. وشاركت السلطة بقسط وافر في صراعات الحزب الداخلية وبمختلف إشكال الدعم المادي والسياسي للعناصر اليمينية التصفوية، وهناك شواهد عديدة على تدخلات من قوى دولية أيضاً في اتجاه تمزيق وحدة الحزب .
    وفي 21 أغسطس 1970 أنعقد المؤتمر التداولي للكادر ، صوتت أغلبية المؤتمر لورقة عبد الخالق(69-15)، ولم يقبل التصفويون بالنتيجة ونظموا أكبر واخطر انقسام في تاريخ الحزب، شارك فيه 12 من أعضاء اللجنة المركزية والعشرات من الكوادر الحزبية وانضم إليهم محمد احمد سليمان الذي كان قد استقال من اللجنة المركزية في مارس 1969.
    وكان المؤتمر التداولي المحاولة الأخيرة لإصلاح التحالف الشائه بين الحزب الشيوعي والسلطة المايوية . لكن نداءات المؤتمر وقعت على آذان صماء واختارت السلطة المايوية طريق المجابهة العدوانية بتحريض من المنشقين . وفي 16 نوفمبر 1970 أتخذ ( مجلس قيادة الثورة ) قراراً بأبعاد بابكر النور وهاشم العطا وفاروق حمد الله من مجلس الثورة ، واعتقال عبد الخالق محجوب وعز الدين على عامر ، وتطورت الأمور في اتجاه صدام 19 يوليو .
    خلاصة :
    أن العقلية الانقلابية لصيقة بالبرجوازية الصغيرة التي تتعجل النتائج وتضيق بالمهام التي تحتاج إلى العمل الصبور والدؤوب الذي لا يفرز عائداً سريعاً . ومن ثم فأن النضال ضد جميع الإفرازات الفكرية للبرجوازية الصغيرة يشكل واجباً مهماً ومتواصلاً داخل الحزب ، كما ينبغي عدم إغفال الصراع المثابر ضد العقلية الانقلابية في تكتيكات الثورة الوطنية الديمقراطية .
    وطالما بقي المجتمع السوداني بتركيبته الاجتماعية الراهنة ، فأن العقلية الانقلابية تظل خطراً حقيقياً وقريباً داخل الحزب . بما يحتم اليقظة ضدها ومحاصرتها بمثابرة وصرامة بتنمية وتطوير القدرات الفكرية الماركسية لأعضاء الحزب ضدها.

    (ب) 19 يوليو 1971:
    * بلغ الصراع بين الحزب الشيوعي وانقلاب 25 مايو ذروته في انقلاب 19 يوليو 71. تسلسل هذا الصراع خطوة أثر خطوة معلوم وموثق .
    * وقائع انقلاب 19 يوليو في مجملها معلومة ،( تخطيطاً وتنفيذاً ونتيجة)، بما في ذلك أدوار الافراد وحتى المجهول منها أو الغامض أو المختلف حوله يمكن كشفه والتحقق منه ، وقد يستغرق ذلك زمناً. في كل الأحوال سيعود الدارسون والمحققون إلى أحداث ذلك الانقلاب تكراراً، كما سيظل الانقلاب ودوافعه ونتائجه قضية صراع سياسي وفكري لآمد طويل.
    * وتحديد المسؤولية بالنسبة للهيئات الحزبية والأفراد ممكن أيضاً ، مع كل الحساسيات الذاتية والشخصية التي لازمت ولا زالت تلازم أحداث الانقلاب وتفاصيله رغم مضي الزمن .
    * من تجارب نضاله ودروسها واهتداء بالمنهج الماركسي توصل الحزب الشيوعي إلى رفض العقلية والتكتيكات الانقلابية . لكن هذا الموقف واجه مقاومة من داخل الحزب بأشكال مختلفة ، منها السافر ومنها الخفي والملتوي . وكثيراً ما أدت مصاعب العمل الثوري إلى إيجاد منافذ للعقلية الانقلابية حتى بين الذين يرفضونها فكرياً.
    ولاشك أن العمل الفكري لدحر تلك العقلية لم يكن مثابراً ، بينما كانت نظريات ومفاهيم انقلابية تبث من خلال كتابات " المنظرين " السوفيت وغيرهم .
    * تعريف للعقلية الانقلابية والتكتيكات الانقلابية . الوهم بإمكان تغيير الواقع الموضوعي باختراق توازن القوى القائم من خلال توازن ذاتي عابر.( هناك بالطبع دور للذكاء والحيلة والتآمر ... الخ ، لتوجيه ضربة خاطفة). كما يرد في إطار العقلية الانقلابية الاستناد فقط على حالة السخط والعزوف العام بين الجماهير دون وضع الاعتبار الكافي لحالة النهوض الثوري بين الجماهير وتطوراتها.
    * 19 يوليو نتج عن تفكير انقلابي ، هدفه إحداث تغيير جذري في الوضع القائم من خلال توازن ذاتي عابر ، ( في مواجهة توازن قوي فعلي معاكس داخل القوات المسلحة ، وفي المجتمع السوداني ، والوضع الإقليمي والدولي آنذاك ).( 19 يوليو انقلاب عسكري ، نظمته وبادرت بتنفيذه مجموعة وطنية ديمقراطية ذات وزن وتاريخ من الضباط والصف والجنود الذين ارتبطوا بالحركة الثورية السودانية وتأثروا بها وشاركوا في نشاطها بقناعة ووعي قبل دخولهم صفوف الجيش وواصلوا ارتباطهم بها طيلة فترة حياتهم العسكرية – بينهم أعضاء في الحزب الشيوعي ، وبينهم ماركسيون دون التزام حزبي ، وأغلبهم وطنيون ديمقراطيون ).
    (راجع كتيب تقييم 19 يوليو الذي أصدره الحزب).
    ومثل حركات أخرى مماثلة في التاريخ الإنساني ، كانت 19 يوليو حركة بأسلة ذات طموح نبيل.(انتفاضات لا حصر لها ، بعضها كان ضد ظروف معاكسة معلومة سلفاً، نتجت منها خسائر جسيمة أثرت على مسار الحركة الثورية في بلدانها لآماد مختلفة ).
    * خسائر 19 يوليو كانت جسيمة. وكانت تضحياتها أيضاً جسيمة ، أعدم ابرز قادة الحزب الشيوعي من المدنيين والعسكريين رمياً بالرصاص وعلى أعواد المشانق بعد محاكمات صورية واستشهد العشرات نتيجة عسف النظام المايوي وضاعت سنوات غالية من حياة مئات الشيوعيين والديمقراطيين في سجونه ومعتقلاته وخسر الحزب الشيوعي والقوى الوطنية الديمقراطية مواقع متقدمة بنيت بصبر عبر نضالات عديدة.
    * تفاوتت ردود الفعل لانقلاب 19 يوليو بين التمجيد والتنديد ، فبينما يعتبره كثيرون حركة ثورية مجيدة ، يعتبره آخرون خطاً تاريخياً غير مبرر. وبلغ الأمر بأعدائها حد التزييف واختلاق الوقائع . وينعكس كل هذا في مقالات لا حصر لها نشرت وما زالت تنشر داخل البلاد وخارجها. ويحتل موقعاً مهماً في هذا النشر الاختلاف الحاد أحياناً في تقييم الحركة بين الشيوعيين أنفسهم مما أنعكس في المناقشة العامة .

    الخلاصة التي نتوجه إلى المؤتمر كي يتبناها:
    (1) تشكيل لجنة لتوثيق وقائع الانقلاب بتفاصيلها . بما في ذلك ما حدث في بيت الضيافة ، وتفاصيل الردة الدموية ضده وضد القوى الديمقراطية ، وأن يشمل التوثيق مظاهر التضامن معه ومشاركة الدول الاستعمارية والرجعية مع السلطة المايوية في جرائمها.
    (2) أن يستكمل الحزب تقييم الانقلاب ويستخلص تجاربه ودروسه.
    (3) تقدير دوافع وأهداف انقلاب 19 يوليو وبطولة وجسارة الذين قاموا به، من استشهد منهم ومن بقي منهم على قيد الحياة. والإشادة كذلك بمأثرة النساء والرجال الذين حموا الحزب وكادره أيام الردة الكالحة .

    (ج) انتفاضة مارس/ ابريل 1985:
    تؤكد التجارب في السودان وفي العالم ، أنه ما من قوة تستطيع ان تقمع الشعب إلى ما لا نهاية . كما أكدت أن مقاومة الجماهير وقدراتها تتراكم ، وتتراكم أيضاً خبراتها، وقد تلجأ القوة الحاكمة إلى أساليب التضليل والخداع أو إلى القهر والبطش ، ولكن برهن التاريخ بوقائع كثيرة أنه تأتي أوقات ترفض فيها الجماهير العيش بالطريقة القديمة وتعجز فيها القوى الحاكمة عن الاستمرار في الحكم بالأساليب والوسائل القديمة . وهذا ما يسمى في الأدب السياسي بالأزمة الثورية. وعندها إذا توفر للجماهير التنظيم والوحدة واختارت الوسائل المناسبة وكانت على رأسها قيادة مدركة ، فأن الثورة ستنفجر.
    غني عن القول أنه ما كل ثورة تتفجر لابد أن تنتصر حتما. لكن خوض الثورات بنجاح إلى الانتصار له قواعد وفنون لابد من حذقها ، ليس من بينها الهواية أو التردد أو عدم الاستعداد . فما أكثر الثورات والانتفاضات التي فشلت رغم عدالة قضيتها وشجاعة جماهيرها وقياداتها. ومن الممكن دراسة كل حالة والتوصل إلى أسباب النجاح والفشل .
    غير أنه من المهم التأكيد على أن القوة التي يتمتع بها نظام ما مهما بلغت لا تمنع مقاومته ومنازلته ومعارضته ، مرة ومرتين وأكثر وأخيرا هزيمته، وقد كان نظام عبود مسلحاً وكان الجيش نفسه بمثابة حزبه السياسي ، وكان محمياً بترسانة من القوانين المقيدة للحريات وكانت الأحزاب محظورة والنقابات مقيدة ومع ذلك جاءت ثورة أكتوبر . وكان نظام مايو محمياً أيضاً بالجيش والشرطة وأجهزة بوليسية وله حزب سياسي ، ومنح الدستور نظام نميري سلطات استثنائية واسعة مدنية ودينية ، فكان الرئيس القائد والأمام المجاهد . لكن الشعب صارعه ولاحقه بصرخة لن ترتاح ياسفاح ! حتى صرعه. ولم يكن ذلك بمعركة وحيدة ، ولم تأت الانتفاضة ضد النظام المايوي من عدم : فقد كانت هناك 19 يوليو 1971 وشعبان 1973 وسبتمبر 1975 ويوليو 1976 وإضرابات عمال السكة الحديد والطلاب والمظاهرات والتمردات في الجنوب وانتفاضة دار فور وغيرها. رغم لجوء السفاح إلى التطهير الدوري لأجهزة الدولة من الشيوعيين والديمقراطيين وتعديل الدستور لمنح نفسه أوسع الصلاحيات ورغم التعذيب وقوانين الشريعة واستخدام سلاح الإعدام .
    إن النضال المرير الذي خاضته قوى المعارضة طيلة 16 عاماً أنهك السلطة المايوية وأدى إلى انهيارها النهائي . لكن عدم توحد المعارضة منح نميري لوقت طويل فرصة استغلال الانقسام وضرب كل جماعة منفردة وكانت ( الجبهة الوطنية) قد أنجزت عملها الموحد الأخير في يوليو 1976. لكن في يناير التالي كانت محادثات المصالحة الوطنية قد بدأت بين نميري والصادق المهدي لتنتهي بتمزيق الجبهة وانضمام الأخوان للنظام ومقاطعة الشريف الهندي وموقف مضطرب لحزب الأمة . وحققت المصالحة للسلطة المايوية مخرجاً من أزمتها السياسية والاقتصادية استمر سنوات .
    لكن ديكتاتورية نميري ما كان بوسعها في أي حال تحقيق نظام مستقر . فلم تستطع الصبر على اتفاقية أديس ابابا وسعت إلى فرض هيمنة شاملة على الجنوب عبر تدخل فظ في الموازنات القبلية والسياسية ، وفي الشمال تدهور الإنتاج وتجاوزت الديون الخارجية عشرين بليون دولار مع انتشار فساد واسع شاركت فيه كل الطغمة المايوية والرأسمالية الطفيلية المستشرية. وانكشفت فضيحة نقل الفلاشا إلى إسرائيل.
    وشهد العامان الأخيران من عمر النظام تسارعاً في مقاومته : ففي الجنوب ظهرت حركة / جيش تحرير شعب السودان ، وفي الشمال لقيت قوانين سبتمبر مقاومة عامة متصاعدة . وتأسس التجمع النقابي، وبدأت المحادثات بين أحزاب المعارضة تعالج بصورة أكثر جدية قضايا العمل المشترك لإسقاط النظام .
    وكان إعدام الأستاذ محمود محمد طه قاصمة الظهر لدكتاتورية نميري.
    تفجرت المظاهرات في أطراف العاصمة في الأسبوع الأخير من مارس 1985، وسرعان ما انتشرت (تستحق "تكتيكات" الانتفاضة دراسة متخصصة ، فقد كان لانتشار المظاهرات في أحياء العاصمة والمدن الأخرى دوره في إنهاك قوات الشرطة و" قوات مكافحة الشغب". وفي أحياء امدرمان ذات الخبرة في فن التظاهر ، لجأ المتظاهرون إلى الانتقال من شارع أبور وف الرئيس إلى الأزقة المتفرعة عنه حيث تصعب ملاحقتهم بالعربات وتتفرق قوات الشرطة في مجموعات صغيرة يسهل التعامل معها ، وكان المواطنون في الأحياء ، وخاصة النساء يوفرون الماء والطعام وأحياناً المأوى لحماية المتظاهرون ). وشارك طلاب الجامعات في المظاهرات ، وأنفضح موقف السلطة بالموكب الهزيل الذي سيرته قيادات الاتحاد الاشتراكي ، وفي اليوم التالي خرج موكب النقابات الحاشد الذي شاركت فيها جماهير غفيرة من المواطنين والمواطنات . وتنادت قيادات التحرك الجماهيري ( التجمع النقابي والتجمع الوطني( الحزبي)). إلى تنظيم عصيان مدني وإضراب سياسي يبدأ يوم السبت 6 أبريل . ولكن كبار ضباط القوات المسلحة استبقوا ذلك التاريخ وأعلنوا تكوين المجلس العسكري الانتقالي والانحياز للانتفاضة فجر السادس من أبريل نفسه .( استبق كبار الضباط أيضاً تحرك الضباط لصغار . الذين كانوا يميلون إلى دعم الانتفاضة . ولكن – كما أشارت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في دورتها في أيريل 1985 – فأن صغار الضباط يسود بينهم مفهوم أن الدعم الوحيد الذي يمكن أن يقدموه للشعب هو القيام بانقلاب عسكري بينما هناك خيارات أخرى .
    استقبلت جماهير العاصمة إعلان القوات المسلحة كنصر لها وخرجت إلى الشوارع احتفاء بإسقاط النظام المايوي . ولكن بينما كانت أقسام كبيرة منها تدعو لاستمرار الانتفاضة وتنفيذ الإضراب السياسي والعصيان المدني( وبينها المجموعات التي حاصرت مباني جهاز الأمن وانتزعت قرار حله). وهي تهتف " لن تحكمنا بقايا مايو " صدر نداء بأسم التجمع النقابي بإيقاف الإضراب . ومهما كانت الشكوك في مصدر ذلك النداء فقد توقف الإضراب بالفعل . . إن حصار جهاز الأمن يوم السبت يرجح أن الانتفاضة كان بمقدورها الاستمرار . لكن ما تكشف من خلافات في نفس اليوم يؤكد من الناحية الأخرى أنها عانت من ضعف كامن في قيادتها . لقد أدى وقف الإضراب قبل تكوين السلطة الانتقالية إلى إضعاف خطير في مواقع التجمع الوطني وإلى دعم " من السماء للمجلس العسكري الانتقالي سهل له مهمة اختطاف السلطة .
    لقد نجحت الانتفاضة بالفعل في إسقاط النظام المايوي وحل جهاز الأمن القومي والقضاء على رموز النظام من اتحاد اشتراكي ومنظمات مزيفة . واستعادت الانتفاضة الديمقراطية وفتحت الباب أمام حرية النشاط السياسي.
    مع ذلك عانت الانتفاضة من مواطن ضعف . فعلى الأرض لم يتمكن التجمع الوطني من الإنفاق على ميثاق إلا في ساعة متأخرة من صباح يوم 6 ابريل . وعندما بدأت المحادثات مع المجلس العسكري الانتقالي كان ممثلو التجمع ما يزالون مختلفين على برنامج الفترة الانتقالية ومدتها وصلاحيات السلطة الانتقالية ، ناهيك عن علاقتها مع المجلس العسكري الانتقالي الذي لم يحسب له حساب من قبل.
    وقد تمخض الموقف على الأرض عن سلطتين ، أحداهما المجلس العسكري الذي انبثق كممثل لسلطة مضروبة ومهزومة ، والتجمع الوطني( النقابي والحزبي) الذي قاد الانتفاضة. في البداية كان التجمع في مركز معنوي اقوى لكن الخلافات بين ممثليه فتحت ثغرة واسعة لكي ما يتقدم العسكر ليصبحوا أصحاب السلطة السيادية والتشريعية ، تاركين ممثلي التجمع لكي ما يقبلوا دون مقاومة أن يتعاركوا على مناصب تنفيذية منزوعة السلطات .وقد لعب ممثلا حزب الأمة والاتحاد الديمقراطي دوراً سلبياً ملحوظاً بموقفهما العدائي ضد الحزب الشيوعي والقوى الديمقراطية ، مما أتاح – حتى في حيز اختيار رئيس الوزراء والوزراء– للإخوان وحلفائهم احتلال عدد هام من الواقع دون أي استحقاق ، في حين كانوا معزولين تماماً وكان سهلاً توجيه ضربة قاسية لهم.
    وكان لكل ذلك أثره :
    أولاً: في تقصير فترة الانتقال إلى سنة واحدة – وقد تقرر في المفاوضات قبل 6 أبريل ان تكون طويلة نسبياً – ثلاث سنوات على الأقل.
    ثانياً: في اختلال توازن القوى في مؤسسات الانتفاضة – بين المجلس العسكري والحكومة ، وداخل الحكومة نفسها ، وقد قاد هذا إلى عزل القوى الديمقراطية والشيوعيين وقوى الانتفاضة عموماً عن المشاركة في صياغة الدستور وقانون الانتخابات وتقسيم الدوائر الانتخابية والقواعد التي تحكم انتخابات الخريجين . كما أن ذلك الاختلال وإضعاف مواقع القوى الديمقراطية أدي إلى استمرار الحرب الأهلية في الجنوب على ذات النهج المايوي، بينما كان إسقاط النظام المايوي قد أتاح فرصة لا تقدر بثمن للتوصل إلى حل لصالح الديمقراطية والوحدة والتقدم .
    وفي هذا الصدد تجدر الإشارة إلى موقف الحركة الشعبية التي دعت العمال والطلاب إلى استمرار الانتفاضة ووصف ما تمخض عنها بأنه مايو 2 . لكن الانتفاضة لم تجئ استجابة لنداء من الخارج أو من خارج صفوفها . غير أن الظروف كانت في كل الأحوال قد تغيرت ونشأت معطيات جديدة في الساحة . وقد سعى الحزب الشيوعي والتجمع النقابي والحزبي لإقناع الحركة بالانضمام لقوى الانتفاضة في المناخ السياسي الجديد . مهما كان رأيها فيه ، وبدون أن تلقى سلاحها. وكان ذلك أمراً ممكناً ، ولكنها رفضت .
    ويمكن القول أن الخريطة السياسية في أعقاب سقوط النظام المايوي تمثلت في :
    - التجمع الوطني لإنقاذ الوطن( بشقيه النقابي والحزبي ) ببرنامج ديمقراطي عام ، ولكن بتكوين هش واختلافات ليست هينة.
    - تمرد مسلح في الجنوب بقيادة الحركة الشعبية ، إضافة إلى الكيانات السياسية الجنوبية القديمة ورغم تعاطف واسع بين القوى الديمقراطية في الشمال مع الحركة إلا أنه لم يتأسس عمل مشترك فعال.
    - مجلس عسكري انتقالي يمثل كبار الضباط( يمين).
    - الجبهة القومية الإسلامية بقدرات مالية كبيرة ومواقع مؤثرة في أجهزة الدولة .
    * وكان طبيعياً مع كل هذا ( وفوق بقايا النظام المايوي ) أن تندلع الصراعات القديمة وصراعات أخرى جديدة.
    أهم القضايا التي دار حولها الصراع كانت :
    - تصفية آثار مايو. وعلى رأسها قوانين سبتمبر ومؤسسات تركها النظام وراءه.
    -تصحيح مسار الاقتصاد ورفع الضائقة المعيشية .
    - وقف الحرب الأهلية في الجنوب وحل المشاكل التي قادت إليها.
    * ويمكن تلخيص توازن القوى في فترة ما بعد الانتفاضة على النحو التالي :
    - تعاطف جماهيري واسع مع أهداف الانتفاضة ، تجلي في مواصلة الضغط حتى حل جهاز الأمن .والبهجة العارمة بسقوط نميري ، وإسقاط الترابي في " دائرة الانتفاضة " ورفض أقسام واسعة من جماهير حزب الأمة وقياداته الوسيطة للتحالف مع الجبهة الإسلامية .
    - خرجت القوى الديمقراطية مثخنة ومنهكة من الضربات التي وجهها النظام المايوي لها جراء مقاومتها المتصلة( الحزب الشيوعي – النقابات – الضباط الوطنيون – القوى الديمقراطية في جهاز الدولة الخ ).
    - تمخضت نتائج الانتخابات عن جمعية تأسيسية تطغى عليها شعارات التأسلم وعلى رأسها إبقاء قوانين سبتمبر والتوجه نحو دستور إسلامي وسن التشريعات معادية للديمقراطية والتقدم.
    - ساد مناخ هزيمة عام في المنطقة العربية ودور الجوار.
    - وفر استمرار الحرب الأهلية صيحة "إنقاذ القوات المسلحة والوطن " لقوى اليمين عامة ، وراية لانقلاب 30 يونيو فيما بعد.
    (د) – الإضراب السياسي العام والعصيان المدني .. أداة مجربة للثورة والانتفاض :
    ورد في ( ص124) من كتاب المؤتمر الرابع للحزب "الماركسية وقضايا الثورة السودانية" عن ثورة أكتوبر التالي :....." فالعناصر الساذجة سياسياً، أو العناصر اليمينية التي تحاول التقليل من الثورة والحيلولة دون تحوّل تجاربها إلى رصيد للحركة الشعبية ( الجماهيرية)، تعرض للثورة وكأنها بدأت بين أحداث جامعة الخرطوم ، وهذا مسلك خاطئ ".
    فالثورة لا تأتي بالصدفة أو بالطلب ، ولا تقود كل مظاهرة أو إضراب للثورة أو الانتفاضة . جوهر الأمر ان التراكم النضالي ضد القهر والاستبداد والسياسات المعادية للشعب والوطن ، يجعل في نهاية المطاف خيار الثورة والانتفاض أمراً حتمياً لا مناص عنه ولا مرد له .
    وفي الواقع ظلت القوى المعادية لتطور الثورة الديمقراطية والتغيير الاجتماعي في السودان. تسعى لطمس تجربة الإضراب السياسي العام والعصيان المدني كأداة مجربة للثورة والانتفاض، والحيلولة دون ترسخها في ضمير ووجدان ووعي الشعب ، بين تجاربه النضالية التي يتزود بها للإطاحة بالأنظمة الدكتاتورية والشمولية ، وجرى الحديث للوصول إلى هذا الهدف عن أن انتصار الشعب في ثورة 21 أكتوبر64 ، كان مجرد صدفة نادرة لا تتكرر وفلته من فلتات الزمان.
    ورغم أن انتصار الشعب تكرر في الواقع العملي بذات سلاح الإضراب السياسي العام والعصيان المدني في انتفاضة مارس/ أبريل 1985، إلا أن اسطوانة الصدفة في إنتاج الثورة والانتفاضة لا يزال يتردد صداها . ويتم دعم وتأكيد مثل هذا الزعم بترسانة كاملة من الافتراضات والأباطيل المسيئة للشعب وتاريخه النضالي البطولي ودماء شهدائه الأبرار على شاكلة أن ثورة أكتوبر كانت خطأ كبيراً لأنها أطاحت بنظام وطني أهتم بالتنمية !. وأن عودة السفاح نميري أبان الانتفاضة كانت كفيلة بالقضاء عليها ، وأن الانتفاضة نفسها كانت مجرد انقلاب قصر قام به كبار جنرالات السفاح !.
    وهكذا يتحدث أعداء الثورة والانتفاضة عن كل شيْ ويتحاشون الحديث في بيت القصيد ومربط الفرس. أنهم يسقطون من اعتبارهم الطبيعة الدكتاتورية المعادية للديمقراطية والشعب والوطن في سياسات هذين النظامين وعدائهما المتأصل للشعب والتقدم وفسادهما وإفسادهما والتراكم النضالي والنهوض الثوري لحركة جماهير الشعب وقواه السياسية والنقابية ضدهما وضد جرائمهما الذي قاد في نهاية الأمر للثورة وللانتفاض بسلاح الإضراب السياسي العام والعصيان المدني، وأودى بالنظامين إلى موارد الهلاك .
    إن تمكن شعب السودان من الإطاحة بنظامين دكتاتوريين معاديين للشعب والوطن في أكتوبر 1964 ثم في مارس/ أبريل 1985، أي بعد أقل من 21 سنه، بالنضال السياسي الجماهيري والإضراب السياسي العام والعصيان المدني، أصبح مأثرة نضالية لشعب السودان. ذلك أن تجربة اسبانيا والبرتغال في الإطاحة بفرانكو وسلازار دشن لهما في البداية التمرد العسكري واسع النطاق خلال سبعينات القرن الماضي .

    رافد جديد لمزاعم قديمة
    وتحت مظلة نظام الإنقاذ الشمولي ، أطلت برأسها من جديد ، المزاعم القديمة المتجددة بعجز شعب السودان وقواه السياسية عن الإطاحة بنظام عسكري، أهم الحيثيات والأسانيد التي يقدمها مفكرو الانقاذ في هذا الصدد، هي أن الأخوان المسلمين الذين حرّكوا الشارع مع الشيوعيين في ثورة أكتوبر وفي الانتفاضة (!) أصبحوا بعد انقلاب الإنقاذ أهل سلطة. وأن سلاح الإضراب فقد بريقه ولمعانه ولم يعد العاملون يلجأون له ( هكذا) .
    إن الواقع الماثل يمد لسانه على طوله على هذا الزعم الباطل . فقد وقع أربعون إضراب للعاملين خلال أقل من 6 شهور في الفترة من ديسمبر 2006 وحتى منتصف يونيو 2007. وبعض هذه الإضرابات عم ولايات بأسرها . كما هدد أصحاب العمل في الأسبوع الأول من يونيو 2007 بإعلان إلاضراب اعتراضاً على زيادة القيمة المضافة من 10% إلى 12%. كما يزعمون أن المعارضة الخارجية لا جدوى منها وليس بمقدورها تحريك الشارع بأي مستوى من المستويات ، وغير ذلك من الحيثيات .
    إنهم ، من منظورهم الضيق وغير الموضوعي ، يتوهمون أن وصولهم للسلطة عبر الانقلاب العسكري ، قد غيّر وبدّل في قوانين الحركة الاجتماعية والسياسية التى تحكم بقاء واستقرار ، أو تأزم وزوال الأنظمة الحاكمة. كما أنهم يتجاهلون الواقع السياسي/ الاجتماعي السوداني المحدد والملوس الذي أنتج تجربتي أكتوبر والانتفاضة ، إن جوهر هاتين التجربتين يشير إلى أن التراكم النضالي ، عبر العمل اليومي الصبور ، ضد الأنظمة الاستبدادية وسياساتها ، يقود للنهوض الثوري بين الجماهير، وأن هذا النهوض يتطور صوب الأزمة الثورية التي يصبح التغيير في متناول اليد حين نضوجها وتبلور كل معالمها واستحكام حلقاتها . إن المدى الزمني للوصول لمرحلة الأزمة الثورية الناضجة تحدده عوامل موضوعية وذاتية متنوعة ، قد يطول أو يقصر هذا المدى الزمني ولكنه في النهاية آت لا محالة ، والواقع أن التراكم النضالي الذي قاد للإطاحة بنظام السفاح نميري استمر كما هو معروف لما يقرب من ستة عشر عاماً.
    وقد تضافرت عدة عوامل موضوعية وذاتية في واقع الأمر لأن يطول هذا المدى الزمني بعض الشيء تحت مظلة نظام الإنقاذ . أهم هذه العوامل هي :
    - الطبيعة الفاشية لنظام الإنقاذ الشمولي واستناده إلى قدرات تنظيم حزبي محلي وحركة إسلامية عالمية تمتلك قدرات كبيرة .
    - انتهاج الإنقاذ لحزمة كاملة من التدابير والسياسات قادت لإضعاف حركة الجماهير وشل أدواتها النضالية ، المدنية والعسكرية ، على رأسها : مصادرة الحريات السياسية والنقابية ، سياسات التحرير الاقتصادي وإفقار الشعب ، التصفيات الدموية والتعذيب والاعتقال في بيوت الأشباح والفصل للصالح العام وضرب قومية كل أجهزة الدولة ومصادرة الممتلكات الشخصية .. الخ .
    - التمكين بإضعاف حركات وتنظيمات و أحزاب قوى المعارضة وقسمها وشل نشاطها ، هذا إلى جانب أن أقساماً هامة ومؤثرة من حركة المعارضة غلّبت العمل الخارجي على العمل الداخلي ، والعمل الفوقي على العمل القاعدي ، وهما أمران اضعفا من التراكم النضالي بين حركة الجماهير.
    ولكن ما يجب تأكيده والعض عليه بالنواجز، رغم كل هذه الظروف المعاكسة ، هو أن شعب السودان سار على درب الآلام والجمر الملتهب ، وشق طريقه بالناب والظفر رغم كل التضحيات، لتعميد طريق التراكم النضالي وتنمية حركة الاحتجاج ضد سياسات الإنقاذ ولاستجلاب التضامن ألأممي عالمياً وإقليمياً ، مع هذه الحركة .
    فقد قاوم شعب السودان بالنضال المسلح في جنوب الوطن وفي جبال النوبة وفي شرق السودان ثم في دار فور. كما قاوم بمختلف أشكال النضال السياسي الجماهيري . فكانت مذكرة القادة النقابيين لرئيس مجلس قيادة الانقلاب في 30 يونيو 1989 من أجل استعادة الحريات النقابية وشرعية النقابات . وكانت إضرابات المهنيين وعلى رأسها إضراب الأطباء في نوفمبر 1989، وكذلك الإضرابات المتتالية للعاملين بالسكك الحديدية خلال 1990/1991 . وكانت مظاهرات الطلاب ضد الشمولية والقهر وسلبيات ثورة التعليم العالي ومن أجل ديمقراطية التعليم ، التي وصلت ذرواتها في سبتمبر 1995 وسبتمبر 1996. ثم تواصلت مقدمة الشهيد تلو الشهيد . ثم انتظمت السودان بأسره طيلة السنوات الماضية الحركة الاحتجاجية الواسعة والإضرابات من قبل العاملين والمزارعين من أجل حقوقهم المشروعة ومن أجل إرجاع المشردين وضد الخصخصة العشوائية
    ولعب التجمع الوطني الديمقراطي ، وأحزاب المعارضة خارجه ، دوراً داخل وخارج السودان ، في فضح النظام و مقاومته واستجلاب .التضامن والدعم لحركة المقاومة الشعبية .
    وأرتفع صوت المرأة السودانية في التجمع النسوي، وفي الجامعات وخارجها ضد ممارسات النظام العام وقوانينه ومحاكمه الممتهنة لكرامة المرأة.
    وتنادت قوى المعارضة جميعاً، في محافل مشهودة كالاحتفال الجماهيري الكبير لتوقيع مذكرة 20 أغسطس 2002 حول اتفاق مشاكوس الإطاري ، وفعاليات منبر السودان أولاً التي رمت لتقديم تصور مشترك لحل الأزمة السودانية ، واللقاء الذي وقّع نداء الخرطوم الداعم لإعلان القاهرة حول قومية العاصمة. وتواترت لقاءات قوى المعارضة مع مقرري حقوق الإنسان للسودان ، ومع مبعوثي الاتحاد الأوربي وغيرهم .
    وفي وجه نشاط جماعات الهوس الديني الخارجة من تحت عباءة الإنقاذ ، رفع أكثر من 500 من الكتاب والأدباء والمفكرين والصحفيين مذكرة لرئيس الجمهورية ، تطالب بوضع حد لنشاط هذه الجماعات التي اشهرت سيوف التكفير وإهدار الدم ، لقطع الطريق أمام الانفراج الذي تحقق بصمود ونضال الشعب والتحول الديمقراطي المرتقب بعد السلام .
    ولعب الصحفيون دوراً مقدماً في فضح هذه الجماعات وفي انتقاد سياسات الإنقاذ بما في ذلك سياسة الرقابة على الصحف ومصادرة الحريات الصحفية .
    وكانت طروحات قوى المعارضة لحل الأزمة من التواتر والشمول والموضوعية للدرجة التي تبنت بعضها الأمم المتحدة مثل المؤتمر الجامع والحل السياسي القومي للأزمة السودانية في كافة تجلياتها ومظاهرها بما في ذلك أزمة دار فور وأزمة الشرق . ومعروف أن هذه الطروحات وجدت طريقها للنشر في دوريات مراكز الدراسات الإستراتيجية في العالم.
    وعبر هذا الطريق سجل شعب السودان انتصاره الأول على الإنقاذ وسياساتها كما تجلى في اتفاق السلام واجازة الدستور الانتقالي ونهاية السلطة الانفرادية وقيام حكومة الشراكة الجديدة فالثابت والأكيد أن هذا الانتصار لم يأت بضربة حظ مواتية أو بأثر صدفة عرضية ، بل أتى تتويجاً لصمود ومقاومة وصراع شعب السودان ضد سياسات الإنقاذ المعادية للشعب وللوطن .
    وبالإمكان القول ، بكل اطمئنان أن التراكم النضالي عبر السنوات ، والتضامن العالمي والإقليمي مع صمود ومقاومة شعب السودان ، قاد لتفاقم واستفحال أزمة الإنقاذ. ومن هنا جاءت المساعي والجهود الدولية والإقليمية لحل الأزمة السودانية ، و هذا طبيعي في عالم اليوم . غير إن للمساعي والجهود الخارجية حدوداً لا تتخطاها ، وهي إطفاء البؤر المشتعلة وإيقاف نزيف الدم والحرب والاقتتال . والوصول لقدر معلوم من الاستقرار وحقوق الإنسان. حل الازمة من جذورها شأن داخلي يحسمه شعب السودان عبر الصراع السياسي والاجتماعي الكفيل بترجيح موازين القوى لصالحه في النهاية .
    ويبقى الزعم بان شعب السودان عجز عن الإطاحة بنظام الإنقاذ زعماً لا يستند إلى اسس موضوعية أو إلى حيثيات كافية . فالصراع السياسي والاجتماعي لحل الأزمة من جذورها يدور تحت أبصارنا ، بما في ذلك تجليات الأزمة في دارفور وفي شرق السودان ، وبرد على رأس جدول الأعمال بالنسبة لحركة المعارضة إنزال نيفاشا إلى أرض الواقع بعقد المؤتمر الجامع لكل القوى والفعاليات على طريق الحل السياسي القومي للأزمة وتنفيذ اتفاق الشرق وحماية المدنيين في دارفور وفك الثنائية والجزئية من اتفاق ابوجا وتجاوز حلول الهيمنة الانفرادية والثنائية التي حوّلت السودان إلى دولة اتفاقيات . إن هذا هو المخرج العملي الذي يمكّن السودان من تجاوز وتخطي التلكؤ والتباطؤ الذي يكتنف تنفيذ نيفاشا حالياً والاختناقات الماثلة والخلافات بين شريكي الحكومة .
    ويدور الصراع بصورة محددة حول قضايا التحول الديمقراطي ، بمراجعة وإعادة صياغة كل القوانين السارية لتتلاءم مع الدستور الانتقالي ، بما في ذلك قوانين الأمن الوطني والنقابات والصحافة والأحزاب و غيرها من القوانين المقيدة للحريات .
    كما يدور الصراع حول سياسات التحرير الاقتصادي وأثارها، وحول خصخصة مشروع الجزيرة وإلغاء نظام الشراكة في علاقات الإنتاج به وبغيره من المشاريع الزراعية، بما فتح الطريق لإقامة سوق للأرض والماء في هذه المشاريع لمصلحة الرأسمالية الزراعية والتجارية على حساب فقراء المزارعين ، وحول التعويضات المجزية والعادلة للمتأثرين بسد مروي وأحقيتهم في تملك جزء من الأراضي حول بحيرة السد وكذلك حول إصلاح وضع التعليم في كل مراحله، وحول المظالم التي ارتكبتها سلطة الإنقاذ الانفرادية الشمولية ، وترتفع المطالب المسنودة بجماهير واسعة من أجل صدور قرار سياسي بإرجاع المحالين للصالح العام مدنيين وعسكريين وتسوية أوضاعهم ، ورد الاعتبار للشهداء وضحايا التعذيب.
    وهناك تفاقم الضائقة المعيشية وانفلات الأسعار والرسوم والجبايات ، في السكن والمأكل والتعليم والصحة وكل الخدمات . وهناك الاحتجاج في الشمالية ضد التخطيط الجاري لإقامة السدود والخزانات في المنطقة لمصلحة الرأسمالية الطفيلية الحاكمة .وهو تخطيط يقود لإغراق المزيد من أراضي النوبيين وطمس معالم الحضارة النوبية .
    وهكذا فأن التراكم النضالي يشق طريقه يومياً في كل الجبهات ، وعلى ضوء نتائج هذا التراكم ستتغير تدريجياً موازين القوى . وبمدى الاستجابة لمطالب الشعب وإنزال نيفاشا إلى ارض الواقع ، يتخلق ويتشكل الرأي العام والموقف في الشارع السياسي السوداني ، ويبقى الإضراب السياسي العام والعصيان المدني، في نهاية الأمر ، سلاحاً مجرباً بين أسلحة الشعب التي يلجا إليها إذا بلغت الأزمة الثورية مداها، وأصبح لا أفق مرئي أمام الجماهير سوى تغيير النظام ، وهذا حق مشروع لجماهير الشعب كفلته مواثيق الأمم المتحدة وأكدته عن طريق البيان بالعمل تجربة شعب السودان مرتين .

    (هـ)- المشروع الوطني الديمقراطي والتحول الاشتراكي
    ظلت القضية المركزية لدى حزبنا هي قضية الثورة السودانية، في تجلياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وفي تدرجها صعوداً وهبوطا ، عبر الفترات المختلفة في مسار هذه الثورة. وجرت تسمية هذه القضايا في وثيقة المؤتمر الثالث للحزب ، المنعقد في فبراير 1956، بالمشروع الوطني الديمقراطي . وهو برنامج نضالي للتغيير الاجتماعي وتحالف اجتماعي/ سياسي عريض في المدينة والريف حسب واقع التعدد والتنوع في السودان ، وسلطة سياسية لهذا التحالف تضطلع بأعباء تنفيذ البرنامج الوطني الديمقراطي .
    ثم اسهم المؤتمر الرابع للحزب في أكتوبر 1967 ، في معالجة وتطوير قضايا هذا المشروع استناداً إلى دراسة باطنية للمجتمع السوداني . وإلى التجارب التي تراكمت عبر نضال جماهير الشعب على طريق بناء الحلف الوطني الديمقراطي وقيام السلطة السياسية لهذا التحالف . وكان ذلك النضال قد بدأ في التبلور منذ فترة الحكم الذاتي (1954-1956) حول قضايا دعم الاستقلال السياسي بالديمقراطية والتنمية والإصلاح الزراعي والثورة الثقافية وديمقراطية التعليم وتوفير الخدمات والحل الديمقراطي للمسالة القومية ... الخ .
    وقد مرت مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية بعدة فترات امتحنت خلالها الجماهير الوطنية الديمقراطية بصورة ملموسة ، صحة طروحات وقضايا البرنامج الوطني الديمقراطي وإمكانية تحقيقها على أرض الواقع . على سبيل المثال هناك فترة ثورة أكتوبر 1964، وفترة انتفاضة مارس/ ابريل 1985.
    وظلت ، في الجانب الآخر من المتاريس ، قوى المنتدى التقليدي تواصل قطع الطريق أمام تبلور وتطور المشروع الوطني الديمقراطي بالدكتاتوريات المدنية والعسكرية واستغلال الدين في السياسة ، وباختزال التنمية في إصلاحات هامشية ، وبالتفريط في السيادة الوطنية ، وباللجوء للحل العسكري في مواجهة المسألة القومية والجهوية في السودان.
    وقد وصل نهج المنتدى التقليدي قمته في سياسات نظام 30 يونيو 1989 الشمولي بالدولة الدينية والتحرير الاقتصادي والخصخصة العشوائية والحرب الجهادية .

    مستقبل المشروع الوطني الديمقراطي
    خلال أربعين عاماً طرأت مستجدات ومتغيرات محلية وإقليمية وعالمية ألقت بظلالها وآثارها على المشروع الوطني الديمقراطي كما أقره المؤتمر الثالث وطوره المؤتمر الرابع لابد من وضعها في الاعتبار . ولكن الزعم بفشل المشروع في السودان ، زعم لا يستند إلى أسس موضوعية . فطالما ظلت قضايا هذا المشروع دون إنجاز ، ستتجمع قواه لانجازها . ولا سبيل لتقدم وازدهار السودان اقتصادياً وثقافياً ولا سبيل لمواجهة نهج التبعية للنظام العالمي الجديد دون تنفيذها.إن هذا المشروع تجسيد عملي للسؤال: أي طريق تسلك بلادنا؟ هل تنكفئ على الطريق التقليدي .... طريق التبعية ؟ أم تلج الطريق المستقل الذي يفضى لرفاه شعبنا وتحرره من الاستبداد والفقر والجوع ويقود لوحدته المتينة والراسخة في ظل التعدد والتنوع ؟ لقد أكدت تجارب شعبنا منذ الاستقلال إن الطريق التقليدي قاد للأزمة الوطنية العامة والمتفاقمة .
    إن أهم معالم البرنامج الوطني الديمقراطي هي :
    1- الدستور الديمقراطي والحريات السياسية والنقابية وقيام دولة المواطنة المدنية والجمهورية البرلمانية وقومية أجهزة الدولة جميعها .
    2- السيادة الوطنية .
    3- دعم وتطوير القطاع العام والتنمية المتوازنة والتصنيع .
    4- انجاز الإصلاح الزراعي بشقية الزراعي والحيواني وانتهاج علاقات أنتاج الشراكة دون إسقاط للحساب الفردي في إطارها بما يفتح الباب لتطور الإنتاج بتحديد الحد الأدنى لإنتاجية الفدان استناداً إلى ريعية الأرض في المناطق المختلفة لكل مشروع ، وإدخال نظام الحافز التصاعدي في حالة زيادة الإنتاجية عن الحد الأدنى . فالثورة الوطنية الديمقراطية هي في نهاية الأمر ثورة التقدم والإصلاح الزراعي .
    5- تجميع صغار المنتجين والحرفيين وتمويلهم .
    6- الثورة الثقافية .
    7- الحل الديمقراطي للمسالة القومية والجهوية .
    8- وضع حد لكافة أشكال التمييز ضد المرأة .
    * أن الواقع الماثل في بلادنا ، ومجرى الصراع السياسي والاجتماعي حول قضايا هذا الواقع ، يؤكدان ويعززان ضرورة المشروع الوطني الديمقراطي .
    * فمطالب جماهير الشعب في مختلف أنحاء البلاد تطرح بصورة مباشرة مفردات هذا المشروع ... دولة المواطنة المدنية والحقوق المتساوية ، التحول الديمقراطي ، إنهاء التهميش ، التنمية المتوازنة ، ديمقراطية التعليم ، الإصلاح الزراعي ، وضع حد للخصخصة العشوائية ، الحل الديمقراطي للمسالة القومية والجهوية في السودان ... الخ .
    * وعلى المستوى العالمي والإقليمي يتأكد باستمرار أن انحسار حركة الثورة عالمياً وإقليمياً في ظل حركة العولمة وانهيار المعسكر الاشتراكي وعالم القطب الواحد . لم يقد لانسداد الأفق أمام التغيير الاجتماعي . والواقع أن هناك تجارب إيجابية وسلبية عديدة تسند جميعها خيار المشروع الوطني الديمقراطي والطريق المستقل . فهناك تجارب النمور الآسيوية التي انهار بعضها وفشلت في أن تكون نموذجاً للتنمية والنمو المستقل في بلدان العالم الثالث ، وهناك التجارب الايجابية في بلدان أمريكا اللاتينية التي سلكت طريق التطور المستقل بعيداً عن نهج التبعية وحققت مكاسب ملموسة لشعوبها .

    القوى المنوط بها تنفيذ المشروع الوطني الديمقراطي
    إن القوى المؤهلة لتنفيذ المشروع الوطني الديمقراطي تضم أغلبية جماهير شعبنا، انها قوى الجماهير العاملة في المصانع والمعامل والحقول والمراعي، وقوى المثقفين ، وكل الطبقات والفئات الاجتماعية التي لها مصلحة في إنجاز البرنامج الوطني الديمقراطي بما في ذلك فئة الرأسمالية الوطنية المنتجة وغير المرتبطة بالاستعمار في الصناعة والزراعة والخدمات .
    غير أن تحالف هذه القوى في جبهة وطنية ديمقراطية لا يتم بشكل هندسي عمودي، وإنما يتشكل هذا التحالف عبر حركة نضال يومي تتشابك فيها التحالفات السياسية الرأسية مع التحالفات القاعدية وعبر انتشار حركة التنظيم وتقديم البديل في مختلف آفاق الحياة . وطبيعي أن تحالف هذه القوى الجبهوي مهما أتخذ من أشكال ، هو تكتيك إلزامي في المشروع الوطني الديمقراطي .
    صحيح أن سياسات التحرير الاقتصادي ونهج التبعية قاد لتدهور أوضاع الراسمالية الوطنية المنتجة ، وحلت محلها فئات جديدة من الرأسمالية الطفيلية الإسلامية والكمبرادورية ، ولكن الرأسمالية الوطنية المنتجة لم تختف من مسرح الأحداث كقوى اجتماعية لها دعاماتها القاعدية بين أثرياء ومتوسطي المزارعين وفي الصناعة والتجارة والخدمات . ومن ناحية أخرى فإن الإصلاح الاقتصادي وترميم وعلاج التدهور في الاقتصاد سيساعد في استعادة مواقعها وتحفيزها لاستثمار أموالها في التنمية .و صحيح أيضاً إن مواقع الرأسمالية المرتبطة بالاستعمار قد تنامت بأثر الدفع الرأسمالي العام في البلاد ، ولكن تشابك المصالح الاقتصادية تحت مظلة العولمة لا يعبر كله في أطلاقه عن ارتباطات عمالة وتبعية. كما إن للرأسمالية الوطنية على ضوء البرنامج الوطني الديمقراطي إسهاماً في الإنتاج حسب خطة التنمية مع مراعاة الضوابط الاقتصادية والقانونية .
    وكان المؤتمر الرابع لحزبنا في أكتوبر 1967 قد توصل لاستنتاجات هامة خاصة بالرأسمالية الوطنية المنتجة ، على رأس هذه الاستنتاجات :-
    • إنها معادية للاستعمار ولها مصلحة في التنمية الوطنية .
    • إنها مشتتة بين أحزاب عديدة، ذلك أن الأحزاب السياسية السودانية لم تقم على أساس حديث ، بل استندت إلى تنظيمات طائفية وعشائرية ومعلوم أن الطائفة أو العشيرة تضم الجماهير من مختلف المواقع الطبقية والاجتماعية .
    • إن الصراع السياسي والاجتماعي سيقود تدريجياً إلى فرز اجتماعي وسياسي بين فئة الرأسمالية الوطنية ، وإلى اتضاح معالم قسمها الذي ينحاز للتحول الوطني الديمقراطي والعداء للاستعمار .
    • ضرورة كفالة مصالح الرأسمالية الوطنية المنتجة في البرنامج الوطني الديمقراطي ، وإفساح المجال لها في خطة التنمية مع تحفيزات لها في قوانين الاستثمار ، وضمانات بعدم المصادرة إلا بإحكام قضائية .
    وقد أكد مسار الأحداث صدق هذه الاستنتاجات

    التحول الاشتراكي
    هناك شروط هامة وأساسية للتحول الاشتراكي لابد من تحقيقها :-
    1- بقاء الحزب الشيوعي السوداني حزباً ماركسياً يستعين بالنظرية الماركسية كمرشد في استقرائه للواقع السوداني للوصول لاستنتاجات سليمة مستندة إلى ما هو إيجابي في تراث شعبنا النضالي وتجاربه الحية وكذلك تجارب الشعوب الأخرى . فمن الماركسية يستمد الحزب بقاءه وتطوره وتميزه عن بقية الأحزاب وبدون هذا الانتماء الأيدلوجي العلمي يفقد الحزب الشرط الأساسي لوجوده معبراً عن الاشتراكية .
    2- إن تنفيذ مشروع البرنامج الوطني الديمقراطي هو الذي يضع حجر الأساس للبناء الاشتراكي، وهو غير منفصل عن راهنية النضال من أجل التحول الوطني الديمقراطي.
    3- لن تصل الثورة في بلادنا إلى آفاق الاشتراكية مروراً بانجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية إلاّ عبر الديمقراطية التي تفتح الباب أمام تلاحم أوسع جبهة جماهيرية تؤمن بالبرنامج الوطني الديمقراطي.
    4- وضع الأسس المادية التي تسهم في تطور قوي الإنتاج و علاقات الإنتاج لتجاوز الواقع المتخلف الحالي ، وذلك بقيام الصناعة والزراعة المتطورة والمستوى الرفيع في الخدمات وكل ما يحتاجه البناء التحتي من تطوير .هذا التغيير في الواقع بكل مكّوناته هو الذي يجعل الاشتراكية هدفاً يمكن رؤية قسماته وملامحه بالعين المجردة ، وهذا لن نصل إليه دون تنفيذ المشروع الوطني الديمقراطي .
    لقد توصلنا عبر نضالنا لعشرات السنين في الواقع السوداني إلى أن العلاقة بين المشروع الوطني الديمقراطي والوصول للاشتراكية علاقة جدلية يصعب الفصل بينهما إلا فيما يتعلق بالتنفيذ العملي . بمعنى أن وصولنا إلى الاشتراكية في واقع بلادنا المتخلف لابد أن يسبقه تحضير واسع وجاد ومدروس دراسة علمية لتنمية المجتمع ورفع قدرات القوى المنتجة والتطور المتسارع لعلاقات الإنتاج نحو الأفضل بما يجعلها تصل إلى البناء الشامل للمجتمع الزراعي الصناعي المتقدم ويجعل الدخول في مرحلة الرخاء والتوزيع العادل للدخل القومي أمراً ميسوراً . عليه فأن ما أشرنا إليه من مؤشرات مقتضبة في عرض مشروع البرنامج الوطني الديمقراطي يمثل المقدمات اللازمة والضرورية والتي بعد تنفيذها يمكن ملامسة الأفق الاشتراكي .
    بالإضافة إلى ذلك فإن الأفق الاشتراكي في بلادنا غير مفصول عن التطورات والتغييرات عالمياً وإقليمياً. وفوق ذلك كله بل وأهم منه ما يحدث من تغيرات ومستجدات في بلادنا وكيفية نجاحنا في التعامل معها من أجل التغيير الأمر لذي سيكون له أثره في تطويل أو تقصير طريق وصولنا إلى الاشتراكية. يقول لينين: ان كل شعب سيكون له طريقه الخاص به للبناء الاشتراكي ويسهم بنوع جديد من الديمقراطية . لذا فإن خصائص المجتمع السوداني وما ستكون عليه الاشتراكية التي تميزه عن بقية التجارب الاشتراكية . كما قال الشهيد عبد الخالق محجوب... إنها مسالة لا يمكن التكهن بها الآن . إلا من زاوية واحدة هي التخلف العام في بلادنا وأثر ذلك على هذه القضية، ولكن هذه الخصائص ستنبع قطعاً من خصائص مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية ، وقدرة القوى الوطنية السودانية على تطبيق المنهج العلمي ، وعلى اكتشاف ما هو فريد حقاً في بلادنا .

    (و) الإسلام السياسي
    الإسلام السياسي في السودان
    • اتسمت الحركة الوطنية والسياسية السودانية بطابع علماني عام حتى إعلان الاستقلال مطلع 1956 بل وبعده بسنوات .
    • لكن الاستقلال دشن صراعاً احتدم مع الزمن بين نهجين لتطور السودان : نهج مارسته القوى الاجتماعية اليمينية التي تولت الحكم ، تجسد في وراثة سياسات دولة الاستعمار بأجهزتها وقوانينها ، ونهج مضاد طرحته القوى الوطنية والديمقراطية كان أبرز معالمه برنامج تعزيز الاستقلال والديمقراطية والسلم الذي أجازه مؤتمر الحزب الشيوعي في فبراير 1956.
    • الطريق الذي اختارته قوى اليمين كان مواصلة لطريق التطور الرأسمالي الشائه والتابع الذي فرضه الاستعمار لنهب الفائض الاقتصادي . وقد عبر ذلك الاختيار عن ضعف الكيانات الاقتصادية والفكرية والاجتماعية لقوى اليمين جميعها وبينها الرأسمالية السودانية . ومن البداية ارتبط ذلك الاختيار بمعاداة الديمقراطية واللجوء للقمع ( المواقف المعادية للنقابات العمالية واتحادات المزارعيين ومجزرة عنبر جودة كنماذج ).
    • أدت هذه السياسة إلى أزمة الحكم ثم انقلاب نوفمبر 1958 بقيادة اللواء عبود وكبار ضباط الجيش الذين كانوا في واقع الأمر من نفس النادي السياسي والاجتماعي الذي انتمى إليه عبد الله خليل وحكومته . وكان الانقلاب إشهارا للسلاح في وجه الشعب وحركته . وشهدت سنوات ديكتاتورية نوفمبر المزيد من العنف ضد الطبقة العاملة والجماهير الكادحة ( الاعتقالات والمنافي والمحاكم العسكرية والتعذيب) وبدايات ممارسة الاستعلاء العرقي والثقافي والديني وتصعيد الحرب الأهلية في الجنوب .
    • عبّرت القوى الوطنية الديمقراطية عن فهمها للعلاقة بين الديمقراطية والتقدم بصراعها الممتد ضد ديكتاتورية 17 نوفمبر . وكانت ثورة أكتوبر 1964 التي أطاحت بتلك الديكتاتورية ثورة حقيقية من أجل الديمقراطية ، وأظهرت انعطافاً جماهيرياً غير مسبوق نحو اليسار والحزب الشيوعي .
    • في مواجهة هذا الانعطاف تشكل تحالف يميني رجعي ضم حزب الأمة وجبهة الميثاق الإسلامي والحزب الوطني الاتحادي وقوى يمينية أخرى تحت برنامج ديني يلتحف زوراً بالإسلام ، وأسقط هذا التحالف حكومة أكتوبر الأولي وأجرى انتخابات نتجت عنها جمعية تأسيسية تطغي عليها اتجاهات التأسلم ودبرت مؤامرة معهد المعلمين التي حظر بسببها الحزب الشيوعي نهاية عام 1965، وسار التحالف اليميني في الشوط حتى صياغة مسودة دستور إسلامي عام 1968.
    • إن الاحتماء بالدين كان الطريق المريح لقوى اليمين التي عجزت عن التعامل الإيجابي مع المتغيرات التي صاحبت ثورة أكتوبر . ولقد كان ذلك الاحتماء في الحقيقية مجرد غطاء إيديولوجي للطريق الرأسمالي الشائه الذي اتبعته تلك القوى ولم يكن طريقاً إسلامياً للرأسمالية في السودان .
    • وتشير تجربة السودان في الفترة بين 1958 و 1968 إلى أن الحلف اليميني عجز عن إقامة نظام سياسي مستقر في ظل وجود الحقوق السياسية للجماهير والتي هي سلاح في يد تلك الجماهير . وظلت قوى اليمين تضيق بتلك الحقوق وتهدمها . ولذلك بدأت تتطابق في بلادنا عمليات التغيير الاجتماعي الثوري وعمليات التغيير الديمقراطي ، كما يقول عبد الخالق في مؤلفه ( حول البرنامج) . ثم رأينا كيف يستميت نظام 30 يونيو في عدم السماح بأية ثغرة للتحول الديمقراطي .
    • إن تجربة الإسلام السياسي في السودان طيلة ما يزيد عن 40 عاماً تشير إلى أن القوى التي تستخدمه ليس هدفها تحقيق ما تدعو إليه قيم الإسلام وإنما تحقيق أغراضها الضيقة الشريرة . وأمامنا : تجربة ما بعد ثورة أكتوبر 64، ثم التجربة المتكاملة تحت سلطة 25 مايو حتى نهايتها، ثم تجربة الجبهة الإسلامية .
    • وليست المشكلة في الدين ، " أي دين "، و أنما في الدين عندما يصبح سياسة ، كما يقول طه حسين . إن أية دولة دينية ، أياً كان دينها ، تتحول بالضرورة إلى ديكتاتورية . ذلك أن الخلافات في أحكام الأديان مهما صغرت تتضخم وتقود إلى التكفير وإلى صراعات دموية .
    • والطريق الرأسمالي لا يفرق في ضحاياه بين مسلم وغير مسلم . فالمحصلة النهائية لحصيلة مجتمع الرأسمالية الطفيلية منذ 30 يونيو 1989 لم تميز بين السودانيين على أساس ديني ، وإنما على أساس اجتماعي وسياسي، وأكثر من 90% من السودانيين ، جلّهم مسلمون ، هم الآن تحت خط الفقر .

    (ز)- حقوق الإنسان
    على المستوى النظري ، فأن الآراء والأفكار المعاصرة حول حقوق الإنسان ، تستند إلى ثلاثة مناهج فلسفية وسياسية عامة .... المنهج المحافظ . والمنهج الليبرالي ، والمنهج الجماعي الذي يعتمد التحول الديمقراطي والحقوق المتساوية . واستناداً إلى رؤية الحزب الشيوعي الفلسفية التي تبشر بأن الجماهير الشعبية هي القوى المحددة في صنع التاريخ وفي التغيير السياسي والاجتماعي . فأن الأساس بالنسبة لنا هو توفر الديمقراطية وحقوق الإنسان وازدهارهما . وفي مضمار هذه الحقوق نجد انفسنا في حالة وفاق تام مع المنطلقات النظرية والعملية لتوجهات المنهج الجماعي الذي يصون ويعزز الديمقراطية والحقوق المتساوية للجماهير .وبطبيعة الحال نؤكد رفضنا التام للتشوهات الكبيرة التي أدخلتها تجربة النمط السوفيتي في هذا المنهج بآليات الشمولية وأفكار طليعية الحزب الشيوعي ، التي أضعفت مبدأ الحقوق المتساوية وصادرت الرأي الآخر .
    وإلى جانب رؤيتنا الفلسفية ، فأن تجربتنا السياسية والعملية في الواقع السوداني على مدى أكثر من نصف قرن ، تؤشر إلى أن توفير الحريات الديمقراطية وازدهار حقوق الإنسان ، هما بيت القصيد في رفع قدرات شعب السودان لإنجاز ثورة التقدم والتغيير الاجتماعي . وقد دللت التجربة مرات عديدة ، أن القوى المعادية لتطور هذه الثورة , تضيق ذرعاً بهما وتلجأ لضرب الديمقراطية وحقوق الإنسان لقطع الطريق أمام هذا الإنجاز بآليات الديكتاتوريات المدنية والعسكرية .
    ودون إغفال أو إسقاط لأية رؤى وتصورات وطروحات إيجابية في المنهجين الآخرين . المحافظ والليبرالي ، نرفض بحسم كل ما يقود إليه المنهج المحافظ بشتى تفريعاته من حقوق غير متساوية تحت دعاوي المستبد العادل والحق الإلهي وشعب الله المختار وغيرها من الدعاوي التي تفرض الوصاية على حركة الجماهير ، والتي تقود لحرمان الأغلبية من أية حقوق . كذلك نرفض الفصل الميكانيكي بين الديمقراطية السياسية والديمقراطية الاجتماعية كما في المنهج الليبرالي الذي يقر بالحقوق المتساوية من جهة ، ثم يتراجع عنها من جهة أخرى بسبب فصله المتعسف بين الديمقراطية السياسية والديمقراطية الاجتماعية أنه تعبير عن موقف طبقي يصم الديمقراطية الليبرالية الغربية بالانحياز التام للرأسمالية .

    إن اعتماد الحزب الشيوعي للمنهج الجماعي والحقوق المتساوية ينطلق من عدة حقائق ماثلة
    أولها : الديمقراطية والحقوق المتساوية والحريات السياسية والنقابية والصحفية وغيرها غدت مهاماً نضالية جماهيرية في عالم اليوم كتتويج لنضال البشرية عبر القرون ضد الاستبداد والشمولية ، وأصبحت لها آلياتها ومؤسساتها داخل الأمم المتحدة وخارجها ، وفي حركة التضامن العالمية التي وصل عدد المشاركين فيها في السنوات الأخيرة أرقاماً فلكية.
    ثانيها :- أرباب النظام العالمي الجديد من محافظين جدد وغيرهم يكيلون بمكيالين مختلفين في جبهة الحريات وحقوق الإنسان صحيح إنهم يرفعون شعارات هذه الجبهة مجاراة لموجة العصر .ويشترطون توفر قدر من الديمقراطية وحقوق الإنسان ومن ثم الاستقرار السياسي ، لإسهامهم في الاستثمار والقروض . ولكنهم في الواقع العملي يقفون مع مصالحهم في نهاية الأمر ويرتكبون انتهاكات فظة لحقوق الإنسان حتى داخل بلدانهم . كما نجد مفارقات كثيرة في مواقفهم ، كدعم أنظمة دكتاتورية ومعاداة أنظمة ديمقراطية أتت بالإرادة الحرة للجماهير وعبر صناديق الاقتراع . كما يروجون في الجبهة الأيدلوجية لتراجع مفاهيم الوطن والثقافة الوطنية تحت مظلة العولمة .
    ثالثها:- واقع التعدد والتنوع في السودان عرقياً ودينياً وثقافياُ ، يجعل ما من طريق لوحدة الوطن الطوعية وللتعايش المشترك بين مكونات شعب السودان الحضارية، سوى سيادة الحقوق المتساوية والتحول الديمقراطي .
    وعلى سبيل المثال قادت رؤيتنا هذه المستندة إلى منطلقاتنا الفكرية والسياسية ، وإلى هذه الحقائق الماثلة لأن نطرح على الدوام مناهضة الاعتقال التحفظي والتضامن مع معتقلي الرأي والضمير المناضلين ضد الشمولية والاستبداد ، وتوحيدهم بهدف تحسين أحوالهم في المعتقلات ومن أجل اطلاق سراحهم . وفي هذا السياق سبق لنا أن انتقدنا موقفنا الخاطيء بعدم المطالبة بإطلاق سراح كل المعتقلين بعد انقلاب 19 يوليو 1971 الذي أطلق سراح المعتقلين الشيوعيين والديمقراطيين وحدهم .
    كما درجنا على تضمين مبدأ الحقوق المتساوية في طروحاتنا البرنامجية للتطور الوطني الديمقراطي في السودان. ويستهدف هذا التطور توفير المقومات المادية لهذه الحقوق على شاكلة.
    1- محو الأمية من جماهير شعبنا ، بوصف الأمية ركيزة أساسية لتكريس الحقوق غير المتساوية .
    2-ديمقراطية التعليم بتوسيع قاعدته وتغيير مناهجه وإلزامية مرحلة الأساس ، وربط التعليم بخطة التنمية ، والتوازن بين التعليم الأكاديمي والفني والتدريب المهني ، وبعث الثقافة الوطنية والتعامل الإيجابي مع التيارات الثقافية الإنسانية في العالم أخذاً وعطاءاً.
    3-قضايا تحرر المرأة وضمان حقوقها المتساوية مع الرجل في فرص التعليم والعمل والأجر المتساوي للعمل المتساوي ، ورفع كافة أشكال التمييز ضدها .
    4 وصول التحول الديمقراطي إلى أعماق المجتمع بسن قانون ديمقراطي للحكم المحلي بوصفه المدرسة الأولية للممارسة الديمقراطية وللحقوق المتساوية .
    5-الحل الديمقراطي للمسالة القومية والجهوية في السودان .
    وقد ظللنا دوماً نسعى لتطوير هذه اللبنة من الطروحات لتوسيع المشاركة الجماهيرية على ضوء تطور التجربة واستناداً إلى المتغيرات والمستجدات على أرض الواقع , وكان ابرز ما قدمناه تطويراً لأفكارنا :
    - الدولة المدنية الديمقراطية ، دولة المواطنة والحقوق المتساوية غض النظر عن المعتقد الديني او السياسي وكذلك عن الجنس واللون .
    - معيار الأغلبية والأقلية معيار سياسي لا ينسحب على قضايا المعتقد الديني والفكري والثقافي .
    - الفرص المتكافئة للأديان في التبشير والتعليم وغيرها.
    - اعتماد الأديان السماوية وكريم المعتقدات والعرف كمصادر للتشريع .
    - توسيع معادلة الحركة السياسية السودانية لتشمل أحزاب وتنظيمات وحركات المناطق المهمشة . فما عادت هذه المعادلة قاصرة فقط على الأحزاب القديمة والقوى الحديثة .
    - كفالة حقوق وحرية نشاط منظمات المجتمع المدني والمنظمات الطوعية في الدستور والقوانين السارية ، وسن قانون ديمقراطي للحركة النقابية بمشاركة جماهير العاملين أنفسهم يكفل حرية وديمقراطية واستقلال الحركة النقابية والشخصية الاعتبارية لتنظيماتها القاعدية
    - اعتماد التجربة السياسية السودانية منذ الاستقلال التي تخلو من أية قوانين لتنظيم الأحزاب والصحف. ذلك ان مواثيق الشرف التي يتوافق عليها رجالات الأحزاب والصحف تكفي والقانون الجنائي كفيل بمعالجة اية تجاوزات ومخالفات .
    - إدراج مبادئ ومفاهيم حقوق الإنسان والحقوق المتساوية وثقافة السلام والتسامح واحتمال الرأي الأخر . في المناهج التعليمية ، وقفل الباب في هذه المناهج أمام تخرج أجيال ذوى تعليم أحادي الجانب وأمام المناهج الدينية المستندة لإطروحات أي حزب سياسي, والتي تقود لتربية النشء على التعصب و الانغلاق والسعي لتدمير المجتمع بوصفه مجتمعاً جاهلياً.
    وفي مشروع دستورنا الجديد المقدم لهذا المؤتمر طرحنا :
    *احترام معتقدات الشعب ، وسعي الحزب للتأصيل لطروحاته السياسية والاجتماعية من التراث السوداني
    * ترسيخ مبدأ التداول الديمقراطي للسلطة ورفض الإرهاب ، والتصدي له كفكر وكممارسة ، ورفض الوسائل الانقلابية المدنية والعسكرية للوصول للسلطة .
    * الانفتاح على مختلف الاتجاهات الفكرية ، عالمياً وإقليمياً ومحلياً.
    * توفير الديمقراطية في حياة الحزب الداخلية بوصف هذا شرطاً جوهرياً لتطور فعالية الحزب النضالية .
    * استعادة مفهوم الحزب الثوري كحزب يسعى في إطار برنامج عمل يومي ، لتحقيق ما يمكن تحقيقه من مطالب وشعارات وأهداف لحركة الجماهير ، وابتداع أشكال التنظيم المناسبة لهذا الغرض.
    أن هذا هو المحك والفيصل بين إطلاق الشعارات السياسية الثورية الكبيرة وبين القدرة على تغيير الواقع المادي لجماهير الشعب . وهذا هو ما درج الأدب الثوري على تسميته بخط تغيير تركيب المجتمع ، وهو وثيق الارتباط بتوسيع وتعزيز حقوق الإنسان والحقوق المتساوية

                  

08-13-2009, 10:25 PM

محمد هشام
<aمحمد هشام
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 1163

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: elsawi)

    سلامات


    هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟

    يلا يا ناس الجبهة الديمقراطية أفيدونا

    !!!!!!!!



    السؤال لمنو بالضبط ؟
    ولا البوست هزلي ؟
    ولا صاحب البوست ما عارف طبيعةا لجبهة الديمقراطية ؟!!!!!
                  

08-13-2009, 10:25 PM

Sidgi Kaballo
<aSidgi Kaballo
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 1722

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: elsawi)

    شكرا الصاوي والله ما قصرت تب مع أخونا معتز وإرجو أن يكون أخونا محمد لقى الإجابة ونحن قريبين للأسئلة والأجوبة والمناقشة.
                  

08-14-2009, 05:25 AM

خالد العبيد
<aخالد العبيد
تاريخ التسجيل: 05-07-2003
مجموع المشاركات: 21983

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Sidgi Kaballo)

    نعم الحزب الشيوعي السوداني حزب ديمقراطي
    نمارس الديمقراطية داخل حزبنا بعمق وشفافية
    ونطالب بالديمقراطية لنا ولسوانا
    وفي سبيلها قدمنا الشهداء :
    منهم من قضى بحبال المشانق
    ومنهم حصده الرصاص وواجهو الموت بشجاعة واستبسال
    ومنهم استشهد في سجون السودان المختلفة
    ومنهم من ينتظر
                  

08-14-2009, 09:34 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: خالد العبيد)

    Quote: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟
    اكيد لا ..

    ليس عندهم تداول سلمي للسلطة
    فزعيمهم اما يقتلونه او يغتالونه معنويا (في السودان عبد الوهاب زين العابدين عبد التام وعوض عبد الرازق)
    او يكون رئيسا لهم حتى الموت كأي زعيم طائفي ( في السودان الراحل عبد الخالق محجوب ونقد مكنكش فيهم من عام 1971 وحتى الان )

    يعني نقد يا كافي البلا ما في ديكتاتور اطول منو في المنطقة الا رئيس ليبيا ...

    تانيا لا يعقدون مؤتمراتهم العامة في مواعيدها وحسب دستورهم وانما حسب مزاج القيادة ..

    مؤتمرهم الاول كان في 1949 والثاني في 1925 (فترة معقولة وحسب لائحتهم المؤتمر كل سنتين )
    المؤتمر التالت في 1956 (فترة برضو معقولة )

    المؤتمر الرابع في 1967 (يعني بعد 11 سنة ) عييك ..

    المؤتمر الخامس في ... 2009 ( يعني بعد 42 سنة )

    حزب ما يعقد مؤتمر 42 سنة وزعيمو متسلبط فيهو 38 سنة ديمقراطية شنو البعرفها ؟
                  

08-14-2009, 09:35 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Abdel Aati)

    هذا فوق ان الشيوعية نفسها تقوم على التسلط والقمع والحزب الواحد والرأي الواحد
    سواء كان في النظرية او في التطبيق العملي ..


    لا .. الشيوعيون ليسوا ديمقراطيون ولن يكونوا
    طالما ظلوا شيوعيين ....
                  

08-14-2009, 09:39 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Abdel Aati)

    Quote: نعم الحزب الشيوعي السوداني حزب ديمقراطي
    نمارس الديمقراطية داخل حزبنا بعمق وشفافية
    ونطالب بالديمقراطية لنا ولسوانا
    وفي سبيلها قدمنا الشهداء :
    منهم من قضى بحبال المشانق
    ومنهم حصده الرصاص وواجهو الموت بشجاعة واستبسال
    ومنهم استشهد في سجون السودان المختلفة
    ومنهم من ينتظر
    كذبا كاذب

    اغلب شهداؤكم قتلوا في انقلابات عسكرية او نتيجة انقلابات عسكرية

    تناضلون من اجل ديكتاتورية الطبقة العاملة وتدعمون الانظمة الديكتاورية من كوبا شرقا وحتى روسيا البيضاء شرقا

    الشيوعيون السودانيون ودعم الانظمة التسلطية : روسيا البيضاء نموذجا

    كل ما كتب اعلاه من تنظيرات الشيوعيين المملة هو مجرد هراء نظري تفضحه الممارسة ونظريتهم نفسها ..
                  

08-14-2009, 09:42 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Abdel Aati)
                  

08-14-2009, 09:46 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Abdel Aati)

    الشيوعيون في السودان تحولوا الى حالةى طائفية جديدة
    والطائفية - قديمة او جديدة - لا علاقة لها بالديمقراطية ......
                  

08-14-2009, 10:07 AM

Mohammed Haroun
<aMohammed Haroun
تاريخ التسجيل: 12-21-2005
مجموع المشاركات: 4836

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Abdel Aati)

    (هذا فوق ان الشيوعية نفسها تقوم على التسلط والقمع والحزب الواحد والرأي الواحد
    سواء كان في النظرية او في التطبيق العملي ..

    لا .. الشيوعيون ليسوا ديمقراطيون ولن يكونوا
    طالما ظلوا شيوعيين .... )


    الأخ عادل عبد العاطي أسعد الله صباحك

    كلامك أعلاه هو الإتهام الرئيسي الموجه للشيوعية بصفة عامة .... سؤالي هو هل يستطيع الحزب الشيوعي السوداني القفز فوق كل تلك الحواجز ليكون حزباً ديمقراطياً فاعلاً وملتزماً بقواعد الديمقراطية التي تحتم إجراء إنتخابات بعد كل فترة زمنية محددة؟؟

    وما هي الضمانات على ذلك؟؟

    تحياتي
                  

08-14-2009, 10:58 AM

Mohammed Haroun
<aMohammed Haroun
تاريخ التسجيل: 12-21-2005
مجموع المشاركات: 4836

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Mohammed Haroun)

    (السؤال لمنو بالضبط ؟
    ولا البوست هزلي ؟
    ولا صاحب البوست ما عارف طبيعةا لجبهة الديمقراطية ؟!!!!! )

    محمد هشام ازيك

    يا أخي عيب عليك ... يعني معقول ما عارف السؤال لي منو ... ولا دي حنكشة منك ساكت؟؟

    أنا في الحقيقة ما عارف طبيعة العلاقة بين الجبهة الديمقراطية والشيوعية عشان كده وجهت السؤال لناس المنبر ... عسى ولعل.

    تحياتي لك على كل حال وخليك متابع
                  

08-14-2009, 01:03 PM

Sidgi Kaballo
<aSidgi Kaballo
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 1722

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Mohammed Haroun)

    عزيزي الأستاذ عادل عبدالعاطي
    بعد السلام عليكم
    نحن قد وحه لنا سؤال وأجبنا عليه بوثائقنا وبسرد مفصل نقدي لتاريخ علاقتنا بالديمقراطية، أما أن تنتقد ما قدمنا وتبين أين أخطأنا تحديدا حتى يتم نقتش فكري هادئ يستفيد منه الجميع أو أن تكف أذاك عنا فنحن لا نرغب في الحوار غير الموضوعي، وكثير من نقاطك التي أثرتها لا تقول شيئا عن برنامجنا أو تاريخ مما رستنا عداثلاثة قضيايا سأتناولهما بالنقاش هنا:
    الأولى: أن الشيوعية مرتبطة بالحزب الواحد، وأنا لا أريد أن أدخل في مغالطة معك حول الشيوعية مجردا إذ أن الموضوع حول الشيوعيين السودانيين: والشيوعيون السودانيون يدعون للتعددية الحزبية منذ مؤتمرهم الرابع بوضوح فب برنامجهم ووثائقهم المنشورة، وهي أكثر وضوحا في برنامجهم الصادر عن المؤتمر الخامس كما واضح من الفصل الأول الذي أتينا به عاليه.
    ثانيا: مسألة عقد المؤتمرات وهذه قضية تتعلق بالقدرة التنظيمية والوضع السياسي السائد وليس الرغبة الذاتية، ولقد أقرت اللجنة المركزية السابقة بخطأها في عدم عقد المؤتمر الخامس خلال الديمقراطية الثالثة بحجة تحويد التحضير وبالإنشغال بالعمل السياسي اليومي خلال تلك الفترة,
    ثالثا: إنتخاب سكرتير الحوب تقوم به اللجنة المركزية وليس هناك ما يمنع إعادة إنتخاب سكرتير في اللوائح السابقة أكثر من مرة وهذا ما حدث لعبدالخالق محجوب، أما بالنسبة لنقد فقد حاز على أعلى أصوات المؤنمرين في المؤتمر الخامس وفاز بالتزكية في إجتماع اللجنة المركزي’، يبدو أنك لا تقبل نتائج الديمقراطية إلا إذا وفقت رأيك.
    ولك جزيل الشكر على أي حال بالإهتمام بقضايا الحزب الشيوعي مما يعني تقديرك لدوره المهم في نصال شعبنا,
                  

08-14-2009, 02:22 PM

Mohammed Haroun
<aMohammed Haroun
تاريخ التسجيل: 12-21-2005
مجموع المشاركات: 4836

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Sidgi Kaballo)

    (يسعى الحزب الشيوعي لتأسيس السلطة الوطنية الديمقراطية، بالنضال الجماهيري وبالوسائل الديمقراطية عبر آلياتها المعروفة وتتسم هذه السلطة بالملامح التالية:

    1. تعبر تركيبتها السياسية الاجتماعية عن تحالف عريض لكل القوي الاجتماعية التي تشمل عمال ، مزارعين، مثقفين وطنيين ، والرأسمالية المستثمرة في دائرة الإنتاج وامتداداتها ممثلين في تنظيماتهم السياسية و اتحاداتهم ونقاباتهم ومنظمات المجتمع المدني الأخرى .

    2. لا تتقيد السلطة الوطنية الديمقراطية بأيدلوجية بعينها.

    3. تعتمد السلطة الوطنية الديمقراطية سياسات ومبادئ الديمقراطية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

    4. الديمقراطية البرلمانية تدعم بالديمقراطية المباشرة التي تمارسها الجماهير عبر تنظيماتها.

    5. تبتكر مختلف الآليات والقنوات المحكومة بالقانون واللوائح من اجل تعميق المشاركة الشعبية في العملية الديمقراطية وإتاحة الفرصة إمام أوسع القطاعات للتعبير عن رأيها بحرية ولممارسة حقوقها في المواطنة وصنع القرار. )


    أخي دكتور صدقي كبلو أسعد الله أيامك

    النقاط الخمس التي أوردها سعادتكم أعلاه هي بيت القصيد .... الضمانات شنو يا دكتور بس ... إنت عارف السلطة (بضم السين) بتخلي الناس بتبقى سلطة (بقتح السين) ... المشكلة الضمانات شنو ضد العنف السياسي؟؟

    النقطة (2) لا تتقيد السلطة الوطنية الديمقراطية بأيدولوجية بعينها .... معقول الشيوعيين يقبلوا أن يعتمدوا أي أيدولوجية أخرى غير الماركسية؟؟ غايتو دا كلام ما قادر أفهمو كويس.

    تحياتي
                  

08-14-2009, 02:46 PM

رغيم عثمان رغيم الحسن
<aرغيم عثمان رغيم الحسن
تاريخ التسجيل: 04-22-2009
مجموع المشاركات: 1727

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Mohammed Haroun)

    ملاحظه بسيطه ممكن تجيبو اللنكات احسن من الماده نفسها لانو الموضوع ببقى اشبه بالاغراق



    لو السؤال عن الحزب الشيوعى السودانى فانا اعتقد انو اتعلم الدرس كويس وانو يمكن يكون وصل لمرحله قدر يتجاوز فيها الارث الشيوعى الاممى فى النظره للديمقراطيه واعتقد انو مرحله دكتاتوريه البولتاريا ما من الاهداف العاوز يصل ليها وببساطه الحزب الشيوعى بقى بطالب بالتحول الديمقراطى وانا بظن انو متصالح مع حاضروا فى المطالبه بيها ودى نقله جباره داخل الايدولجيه البتحرك منها الحزب الشيوعى بس اتمنى انو تصحبا نقله اخرى فى نظره الحزب الانيه للديمقراطيه كاليه تكتيكيه الى هدف استراتجى او بمعنى اخر اتمنى انو الحزب يتنازل نهائيا عن فكره احداث الثوره الوطنيه

    (عدل بواسطة رغيم عثمان رغيم الحسن on 08-14-2009, 02:48 PM)

                  

08-14-2009, 02:55 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Sidgi Kaballo)

    الاستاذ الدكتور صدقي كبلو تحياتي القلبية ..

    Quote: نحن قد وحه لنا سؤال وأجبنا عليه بوثائقنا وبسرد مفصل نقدي لتاريخ علاقتنا بالديمقراطية، أما أن تنتقد ما قدمنا وتبين أين أخطأنا تحديدا حتى يتم نقتش فكري هادئ يستفيد منه الجميع أو أن تكف أذاك عنا فنحن لا نرغب في الحوار غير الموضوعي، وكثير من نقاطك التي أثرتها لا تقول شيئا عن برنامجنا أو تاريخ مما رستنا عداثلاثة قضيايا سأتناولهما بالنقاش هنا:
    وثائقكم يا دكتور تقول شيئا وممارستكم تقول شيئا اخر وهذا هو شأن كل الاحزاب الشيوعية ونقاطي حول قيامكم ودعمكم للانقلابات العسكرية ودعمكم للانظمة الدكتاتورية توضح دائما مفارقتكم للديمقراطية فراق الطريفي لي جملو واراك تجاهلتها وعلى اي حال لا مانع لدي في نقاشك في كل ما اتيت به من تنظير يكذبه الواقع في علاقتكم بالديمقراطية والتي هي علاقة عدائية وعلاقة انتهاك للديمقراطية اينما وصلتم للسلطة.

    Quote: الأولى: أن الشيوعية مرتبطة بالحزب الواحد، وأنا لا أريد أن أدخل في مغالطة معك حول الشيوعية مجردا إذ أن الموضوع حول الشيوعيين السودانيين: والشيوعيون السودانيون يدعون للتعددية الحزبية منذ مؤتمرهم الرابع بوضوح فب برنامجهم ووثائقهم المنشورة، وهي أكثر وضوحا في برنامجهم الصادر عن المؤتمر الخامس كما واضح من الفصل الأول الذي أتينا به عاليه.
    اولا الشيوعية مربوطة بالحزب الواحد في كل الدول التي وقعت تحت سيطرتها؛ ثانيا اذا كان هذا طرحكم فلماذا ايدتم انقلاب مايو ونظمتم انقلاب يوليو 1971 بل وكنتم على علم بانقلاب مايو وكانت لكم حوارات كمع الانقلابيين .. ولماذا تؤيدون اليوم دكتاتورية الحزب الواحد في كوبا وتسلط لوكاشينكو في روسيا البسضاء ؟؟؟ الموية يا دكتور بتكذب الغطاس او مدعي الخبرة في الغطس.

    Quote: ثانيا: مسألة عقد المؤتمرات وهذه قضية تتعلق بالقدرة التنظيمية والوضع السياسي السائد وليس الرغبة الذاتية، ولقد أقرت اللجنة المركزية السابقة بخطأها في عدم عقد المؤتمر الخامس خلال الديمقراطية الثالثة بحجة تحويد التحضير وبالإنشغال بالعمل السياسي اليومي خلال تلك الفترة,
    هل هذه الظروف اقوى من دستور الحزب ؟؟ وهل انتهاك دستور الحزب هو مجرد خطأ ؟؟ وهل حاسبتم هذه اللجنة المركزية على خطأها هذا ام قبلتم اعتذارها والسلام ؟؟ ولماذا نظمتم مهرجان العيد الاربعين حينها ولم تنظموا مؤتمر ا ؟؟


    Quote: ثالثا: إنتخاب سكرتير الحوب تقوم به اللجنة المركزية وليس هناك ما يمنع إعادة إنتخاب سكرتير في اللوائح السابقة أكثر من مرة وهذا ما حدث لعبدالخالق محجوب، أما بالنسبة لنقد فقد حاز على أعلى أصوات المؤنمرين في المؤتمر الخامس وفاز بالتزكية في إجتماع اللجنة المركزي’، يبدو أنك لا تقبل نتائج الديمقراطية إلا إذا وفقت رأيك.
    يا اخوي لوائح شنو انتخاب شنو ؟؟ وياتو حزب ديمقراطي يفوز فيهو زول خرق دستور الحزب 10 مرات على الاقل (بعدم تنظيمه للمؤتمر الذي يفر ضه عليه الدستور بالتزكية ؟؟؟ يا اخي الاحزاب الشيوعية قائمة على عبادة الفرد وعلى ان يحكم حتى يبلغ ارذل العمر ولمن يبلغ ارذل العمر يسلما لي ولدو زي كيم ايل سونغ او مرتو زي خالد بكداش او لخوهو زي فيديل كاسترو ؛ وبرضو تقول لي انا لا اقبل نتائج الديمقراطية الا اذا وافقت رايي ؟؟

    لو كان في الطائفية ديمقراطية لكانت فيكم ؛ ولو كان انتخاب الصادق رئيسا لحزب الامة فيه ديمقراطية لكان اختيار نقد ديمقراطيا

    لك التحية ..
                  

08-14-2009, 02:57 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Abdel Aati)

    وبالمناسبى يا دكتور لماذا تعتقد ان رايي الموثق ومساهمتي في نقاش عام هي أذى ؟؟

    ما لا شك فيه انكم انتم قد كنتم اذى لكل الشعوب التي وقعت تحت قبضتكم ولتلك التي لا تزال ترزح تحتها وان حزبكم بقيادته الحالية يشكل اذاً كبيرا لشعب السودان وقضية الدمقراطية ..
                  

08-14-2009, 03:20 PM

ثروت سوار الدهب
<aثروت سوار الدهب
تاريخ التسجيل: 07-22-2003
مجموع المشاركات: 7533

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Abdel Aati)

    زول سأل سؤال بسيط يردوا عليهو باطان من الحروف!
    و حروف جوفاء
    جنس كضب
    و جنس استهبال
    لا حولا و لا قوة
                  

08-14-2009, 03:41 PM

Al-Mansour Jaafar

تاريخ التسجيل: 09-06-2008
مجموع المشاركات: 4116

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: ثروت سوار الدهب)

    Respect



    No Communist are Communist with method of Communism



    What you like?

    Because there are two types of ‘Democracy’ one is ‘Liberal’ and the other one named as ‘Popular’ , both they (officially) respect the human rights general method, but the big different between them is the situation of the Private Ownership of Social production resources


    (حق) الملكية الخاصة of Social production resources


    -------
    جميع الحقوق الأساسية الأخرى في ما يسمى بحقوق الأنسان هي نتاج لنضال الجماهير الشعبية والطبقة العاملة سواء تم هذا النضال تحت قيادة البرجوازية او في النضال ضدها.
                  

08-14-2009, 04:39 PM

Sidgi Kaballo
<aSidgi Kaballo
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 1722

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Al-Mansour Jaafar)

    يا أخي عادل كالعادة النقاش معك يكاد يكون مستحيل، فأنت وضحت وجهة نظرك وأنا أوضحت وجهة نظري، ولن أسعى لأكثر من ذلك معي.
    أم الأخ ثروت فلا تعليق لي على ما يكتبه!

    الأخ رغيم أظن رأيك حول اللنكات صحيح.
    أوافق وجهة نظرك حول الموضوع. وسآتي لمناقشة الأستاذ محمد هارون برواقة.
                  

08-14-2009, 04:45 PM

Sidgi Kaballo
<aSidgi Kaballo
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 1722

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Sidgi Kaballo)

    الأخ محمد
    سلطة الجبهة الوطنية الديمقراطية ليست هي سلطة الحزب الشيوعي، هي سلطة تحالف لفئات وطبقات مختلفة تمثلها منظمات سياسية متعددة ومتفقة علا برنامج، وكأي تحالف يحكمهالبرنامج وليس الأيديولوجيا.
    وكيف يدير الحلفاء الصراع بينهما بالإحنكام لبرنامج التحالف وللهيئات التشريعية التي أنتخبت السلطة.
    وهل من الممكن أن ينهار التحالف: ممكن جدا فقد حدث مثلا في ايطاليا قبل سنوات أن إنهار التحالف وكانت النتيجة عودة اليمين للسلطة. ما دام قبلنا التداول السلمي للسلطةفما في طريقة للكنكشة في السلطة بالقوة أو حسم الخلافات بالقوة.
                  

08-14-2009, 11:05 PM

الجيلى أحمد
<aالجيلى أحمد
تاريخ التسجيل: 03-27-2006
مجموع المشاركات: 3236

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Sidgi Kaballo)

    كتب الصديق عادل عبدالعاطى:

    الشيوعيون في السودان تحولوا الى حالةى طائفية جديدة
    والطائفية - قديمة او جديدة - لا علاقة لها بالديمقراطية ......


    فى حديثك عاليه ياعادل مفهوم نقدى جيد,
    اتمنى ان ان تحاول تقديم فكرتك "برواقة"..

    الحزب الشيوعى ياعادل نتاج لتيارات رفض وتغيير من داخل المجتمع السودانى , لذلك ليست معفيه من التشوهات الدميمة والمُنفرة احيانآ..

    هنالك مشاكل كبرى تتعلق بالديمقراطية فى التكوين الداخلى للحزب وايضآ على مستوى السلوك يجب معالجتها, فانعقاد المؤتمر الخامس لايعنى ان الطريق معبد داخل الحزب الشيوعى لمعالجة المشكل الديمقراطى,
    لاذلت ارى فى انتخاب الزميل نقد سكرتيرآ عامآ -انتقاص لمفهوم الديمقراطية - اذ لايعقل ان يجلس رجل قرابة الاربعين عامآ سكرتيرآ لحزب ما..!!
    لقد اتى نقد للسكرتارية فى المؤتمر الخامس عبر اقتراع ديمقراطى,
    لذلك فالآلية لم تعد تهم كثيرآ , بل العقلية..
    ذات العقلية التى اتت بمحمد ابراهيم نقد , ستأتى بالصادق المهدى
    او الميرغنى او الترابى فى اى مؤتمر عام تعقده تلك المؤسسات..

    هذا هو الواقع ياعادل..

    هل لديك رؤية حوله ام ستظل تصارع طواحين الهواء..??
                  

08-14-2009, 11:58 PM

نبيل عبد الرحيم
<aنبيل عبد الرحيم
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 3638

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: الجيلى أحمد)

    Quote: زول سأل سؤال بسيط يردوا عليهو باطان من الحروف!
    و حروف جوفاء
    جنس كضب
    و جنس استهبال
    لا حولا و لا قوة

    ياثروت
    قلنا بوضوح نعم الحزب الشيوعى والشيوعيين ديمقراطيين .
    لكن مع شخص مثلك عنده رأى مسبق سوف لا يعجبه الرد المباشر أو الرد بالوثائق
    وياريت تنقى ألفاظك وتحترم رأى الأخريين
                  

08-15-2009, 00:23 AM

نبيل عبد الرحيم
<aنبيل عبد الرحيم
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 3638

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: نبيل عبد الرحيم)

    الأخ عادل
    سلام
    لن أجادلك فى عنوان البوست لأنك لن تقتنع لأسباب بداخلك تجاه الشيوعيين وسوف يصبح حوار طرشان.
    ولكن عندى تساءل أليس أعداء اليوم هم أنفسهم من قاموا بحمايتك ومساعدتك عندما كنت مطارد من أجهزة الأمن فى قضية تهمة القتل المعروفه فى الفرع إلى أن حط بك المقام فى بولندا .

    حيث كنت شاهدعلى أحداث الفرع .
    وياريت تحدثنا شويه عن حزبك الليبرالى وهل هو أكثر ديمقراطية من الحزب الشيوعى ؟
    لك المودة

    (عدل بواسطة نبيل عبد الرحيم on 08-15-2009, 01:17 AM)

                  

08-15-2009, 01:04 AM

الجيلى أحمد
<aالجيلى أحمد
تاريخ التسجيل: 03-27-2006
مجموع المشاركات: 3236

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: نبيل عبد الرحيم)

    كتب القريش:

    لن يجيبك أحد يا حبيب
    وبعد شوية ح تجيك الشتائم







    لماذا هربت من النقاش :القديم:??
    دعك من ذلك,
    هل انت مستعد لإدارة حوار الآن
    حول:

    لماذا يتلصق الشيوعيون في الديموقراطيين؟؟؟

    (عدل بواسطة الجيلى أحمد on 08-15-2009, 01:17 AM)

                  

08-15-2009, 01:18 PM

معتز القريش
<aمعتز القريش
تاريخ التسجيل: 07-07-2006
مجموع المشاركات: 11343

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: الجيلى أحمد)

    جيت راجع للبوست لقيت الأخ عادل عبد العاطي قام باللازم

    أتفق معه في كل حرف من حروفه ..


    السؤال بسيط
    متى كان الحزب الشيوعي ديموقراطيا ؟؟
    ألم يكن دمويا متسلطا أينما حل وحكم

    الاجابة المطلوبة

    * الحزب الشيوعي كان ديموقراطيا في البلد الفلاني
    وسمح بتداول السلطة ولم يكن حزبا أحاديا
    ولم يكن دمويا وهذا هو الدليل .
    1- ..................
    2- ...................
    3- ..................
                  

08-15-2009, 01:21 PM

معتز القريش
<aمعتز القريش
تاريخ التسجيل: 07-07-2006
مجموع المشاركات: 11343

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: معتز القريش)

    Quote: 15-08-2009, 00:23 ص

    نبيل عبد الرحيم


    .

    تاريخ التسجيل: 27-11-2007
    مجموع المشاركات: 716
    Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: نبيل عبد الرحيم)

    الأخ عادل
    سلام
    لن أجادلك فى عنوان البوست لأنك لن تقتنع لأسباب بداخلك تجاه الشيوعيين وسوف يصبح حوار طرشان.
    ولكن عندى تساءل أليس أعداء اليوم هم أنفسهم من قاموا بحمايتك ومساعدتك عندما كنت مطارد من أجهزة الأمن فى قضية تهمة القتل المعروفه فى الفرع إلى أن حط بك المقام فى بولندا .

    حيث كنت شاهدعلى أحداث الفرع .
    وياريت تحدثنا شويه عن حزبك الليبرالى وهل هو أكثر ديمقراطية من الحزب الشيوعى ؟
    لك المودة
    (عدل بواسطة نبيل عبد الرحيم on 15-08-2009, 01:17 ص)



    بسم الله
    قول واحد ....
    مش قلت ليكم ح تجي الشتائم
                  

08-15-2009, 01:51 PM

نبيل عبد الرحيم
<aنبيل عبد الرحيم
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 3638

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: معتز القريش)

    Quote: بسم الله
    قول واحد ....
    مش قلت ليكم ح تجي الشتائم

    وين الشتائم ياأبليس ده مجرد تساءل وبطل تولعها.
    وبعدين أيه اللم الشامى على المغربى
    عادل حزبه علمانى وأنت حزبك ضلالى يعذب الشعب ويجلد المواطنيين بأسم الدين .
    لسه يرضه ياكذاب قريش مشغول بتودع الدبلوماسيين بتوع سفارة السحل والتعذيب وبتأخذ الصور معهم .
                  

08-15-2009, 10:50 PM

Sidgi Kaballo
<aSidgi Kaballo
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 1722

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: نبيل عبد الرحيم)

    الأخ العزيز نبيل
    تحياتي
    معتو في دي معاه حق.
    لا علاقة بين دفاع الشيوعيين والديمقراطيين عن الأستاذ عادل عبدالعاطي عندما أتهم جورا وبهتانا في جريمة ليس هو مرتكبها، فذلك واجب الشيوعيين سواء كان عادل يوافقهم الرأي أو يخالفهم.
    النقاش هنا واضح حول قضية واضحةفلا داعي للشخصنة حتى لو لم تكن شتيمة.
    أرجوك رجاءاً خاصة سحب أو نعديل نلك المساهمة.
                  

08-15-2009, 11:04 PM

Sidgi Kaballo
<aSidgi Kaballo
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 1722

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Sidgi Kaballo)

    يا معتز يا أخي كدي روق المنقة وما تخمنا ساكت ، صاحب ابوست كتب يسأل عن الحزب الشيوعي السوداني وقال بالحرف:
    Quote: يعني الحزب الشيوعي السوداني لو حكم السودان ممكن يطبق الديمقراطية ويدينا شوية حريات ... أقصد حريات صحافة وتنقل وهلم جرا....

    لو فعل ذلك ستكون هذه شيوعية من نوع جديد ... نوع غير مألوف.

    كل شيئ وارد

    نحن بالضبط عايزين نعمل الشئ الجديد وقدمنا لك ما يثبت أن الفكر الديمقراطي في حزبنا ليس منبتا وإنما نتيجة لصراع وتطور داخل الحزب وفي المجتمع، ولهذا السبب صاغ الحزب برنامجه الذي أتينا بفصله الأول ثم قطعنا لك النقاط المحسوبة بدل 3 لغاية 16، نعمل شنو بعد كدة. لو عايز تناقشنا في تجارب الإتحاد السوفيتي وشرق أوربا نقولها ليك بصراحة أن أحد أسباب إنهيارها إنعدام الديمقراطية ونحن متفقين معاك في نقدها ولن نسير في خطاها.
                  

08-15-2009, 11:20 PM

Sidgi Kaballo
<aSidgi Kaballo
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 1722

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Sidgi Kaballo)

    الأخ عادل
    قبل أن أختم مناقشتي معك هناك نقطتين يبدو أنني لم أرد عليهما
    الأولى حول الإنقلابات: نحن لم نخطط لإنقلابي مايو ويوليو، وقد أيدنا الأول بتحفظاتنا، وكان ذلك يعبر عن مرحلة في تطورنا وفهمنا للأمور تعديناها وتطورنا نظريا وفعليامنذ ذلك الوقت، والأحزاب تتطور وتطور مفاهيمها، كماأننا طورنا نظريتنا عن الديمقراطية وأعدنا صياغة برنامجنا وفقا لذلك. هذا بالمناسبة لا يمنعك من نقد تاريخنا فنحن ننقده أيضا ولكننا نتعلم من نقده ونصحح مواقفنا العملية والفكرية.
    الثانية حول الطائفية، ولنفترض أن الحزب الشيوعي أصبح طائفيا وأن شيخنا عبد الخالق وخليفته نقد، كيف نعالج ذلك بالديمقراطية أو بدونها وهل ننقبل بنتائج الديمقراطية أم نلقيها بقرار أقلية أو فرد؟ لقد حاول نميري أن يلغي الطائفية الأصلية فهل نجح أن يفعل ذلك بالإجراءات الإدارية وبالعنف؟ ماذا كان سيحدث للطائفية لو أستمر النظام الديمقراطي من 1989 وحتى الآن؟ إن الحل الوحيد لمحاربة المفاهيم والبنى الإجتماعية والإقتصادية المرتكزة عليها هي النضال الديمقراطي ضدها بنشر الإستنارة وكسب الجماهير لبرنامج وطني ديمقراطي، وأي مجموعة من الناس أو منظمات أو أحزاب تسعى لفعل ذلك فهي تضيف للنضال الديمقراطي وتعجل بذلك.
                  

08-15-2009, 11:25 PM

الجيلى أحمد
<aالجيلى أحمد
تاريخ التسجيل: 03-27-2006
مجموع المشاركات: 3236

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Sidgi Kaballo)

    كتب القريش:
    _________________________________________________________________________

    السؤال بسيط
    متى كان الحزب الشيوعي ديموقراطيا ؟؟
    ألم يكن دمويا متسلطا أينما حل وحكم

    الاجابة المطلوبة

    * الحزب الشيوعي كان ديموقراطيا في البلد الفلاني
    وسمح بتداول السلطة ولم يكن حزبا أحاديا
    ولم يكن دمويا وهذا هو الدليل .
    1- ..................
    2- ...................
    3- ..................
    __________________________________________________________________________________________________-

    مداختك ياقريش لم تعنون باسمى ولكنها اتت فى طى الرد على مداخلتى لهذا سأحاول جادآ الرد عليها.

    لديك ياقريش مشكلة فى صياغة الاسئيلة ,فهى معممة وتخلو من الدقة والتحديد,
    عندما تكتب (الحزب الشيوعى) فأنت تعنى حتمآ حزبآ شيوعيآ بعينه ,
    فهل سؤالك محصور عن (الحزب الشيوعى) السودانى ? أم انك تود لو يرد شيوعيى السودان عن كافة الحركة الشيوعية وتاريخها.?

    نرد على شنو ياقريش وانت أصلآ محضر الأجابة سلفآ.?
    "وكمان عامل ليها نقاط وبنود"!!


    يلا ياقريش نستعدل النقاش ,
    واهم حاجة تقرا الكلام المكتوب فى البوست والاوراق المطروحة,
    كى لانخوض فى معمعة تضيّع زمن الجميع..
                  

08-15-2009, 11:48 PM

الرفاعي عبدالعاطي حجر
<aالرفاعي عبدالعاطي حجر
تاريخ التسجيل: 04-27-2005
مجموع المشاركات: 14684

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: الجيلى أحمد)

    هنالك مرجع كبير وهو كتاب للاستاذ والكاتب الصنديد

    كمال الجزولي صادر عن دار عزة للنشر والنوزيع :

    الشيوعيون السودانيون والديموقراطية

    للشراكة أم لذود الطير عن مُرّ الثمر

    (دعوة إلى طقس عقلي بارد في هجير صيف نزّاع للشوى)

    دا عنونا الكتاب ليتك ترجع له وانا بهدي اخونا

    ود القريش نسخة ...وكان الله في عون اخوانا الشيوعيين !!!

    بين الديمقراطية والدين ضاع كل تاريخهم النضالي .



    ......................................................حجر.
                  

08-16-2009, 01:55 AM

نبيل عبد الرحيم
<aنبيل عبد الرحيم
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 3638

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Sidgi Kaballo)

    Quote: الأخ العزيز نبيل
    تحياتي
    معتو في دي معاه حق.
    لا علاقة بين دفاع الشيوعيين والديمقراطيين عن الأستاذ عادل عبدالعاطي عندما أتهم جورا وبهتانا في جريمة ليس هو مرتكبها، فذلك واجب الشيوعيين سواء كان عادل يوافقهم الرأي أو يخالفهم.
    النقاش هنا واضح حول قضية واضحةفلا داعي للشخصنة حتى لو لم تكن شتيمة.
    أرجوك رجاءاً خاصة سحب أو نعديل نلك المساهمة.

    الأخ العزيز صدقى
    فى إعتقادك أن القريشى معه حق !! طيب ممكن أتوقعها من قريش لكن منك غريبه وماكويسه فى حقك .
    وهل كلام قريش ماشتيمه وسؤالى شتيمه خليك حقانى.
    دى وجهات نظر .
    أنا أحترم عادل ولكن سؤالى كان لعادل لأعرف لماذا كل هذا الكره للشيوعيين بعد تاريخه الناصع فى الحزب الشيوعى وثوراته فى الفرع خاصة أن الشيوعيين لم يقصروا معه ووقفوا معه إلا أن ثبتت برائته .
    أما إدعائك وإتهامك المبطن لى بالشخصنه فيه تجنى لا أقبله
    لا تنهى شئ وتأتى بمثله ووفر نصائحك لنفسك

    (عدل بواسطة نبيل عبد الرحيم on 08-16-2009, 03:31 AM)
    (عدل بواسطة نبيل عبد الرحيم on 08-16-2009, 05:12 AM)

                  

08-16-2009, 12:18 PM

Mohammed Haroun
<aMohammed Haroun
تاريخ التسجيل: 12-21-2005
مجموع المشاركات: 4836

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: نبيل عبد الرحيم)

    الإخوة الأعزاء :

    - خالد العبيد
    - عادل عبدالعاطي
    - د. صدقي كبلو
    - معتز القريش
    - رغيم عثمان رغيم
    - ثروت سوار الدهب
    - المنصور جعفر
    - الجيلي أحمد
    - نبيل عبد الرحيم
    - الرفاعي عبد العاطي

    تحياتي لكم جميعاً فقد أثريتم الحوار ... نعم العالم متجدد ونحن أيضاً تتجدد وتتطور مفاهيمنا للأشياء كل يوم خاصة في هذا العصر السايبرلنكي. صراحة قرأت بعض الكتب التي تناولت تاريخ الحزب الشيوعي وأعجبني اسلوب دكتور محمد سعيد القدال في كتابه الشيق (ملامح في تاريخ الحزب الشيوعي السوداني).

    كما أعجبتني ردود الدكتور صدقي كبلو في هذا البوست ... الأمانة والشفافية هما جوهر الديمقراطية.

    فقط يا دكتور كبلو ... ماذا يقصد د. محمد سعيد القدال بالديمقراطيين الثوريين الذين آثر الحزب التعامل معهم؟؟

    تحياتي
                  

08-16-2009, 12:18 PM

Sidgi Kaballo
<aSidgi Kaballo
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 1722

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: نبيل عبد الرحيم)

    شكرا يا نبيل، توقعت ان البينا عامرة، لك إعتذاري إذا تآذيت من ملاحظتي. ولك العتبى حتى ترضى وسأوفر نصائحي في المستقبل، شكرا مرة أخرى
                  

08-16-2009, 12:24 PM

Mohammed Haroun
<aMohammed Haroun
تاريخ التسجيل: 12-21-2005
مجموع المشاركات: 4836

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Sidgi Kaballo)

    الإخوة الأعزاء :

    - خالد العبيد
    - عادل عبدالعاطي
    - د. صدقي كبلو
    - معتز القريش
    - رغيم عثمان رغيم
    - ثروت سوار الدهب
    - المنصور جعفر
    - الجيلي أحمد
    - نبيل عبد الرحيم
    - الرفاعي عبد العاطي

    تحياتي لكم جميعاً فقد أثريتم الحوار ... نعم العالم متجدد ونحن أيضاً تتجدد وتتطور مفاهيمنا للأشياء كل يوم خاصة في هذا العصر السايبرلنكي. صراحة قرأت بعض الكتب التي تناولت تاريخ الحزب الشيوعي وأعجبني اسلوب دكتور محمد سعيد القدال في كتابه الشيق (معالم في تاريخ الحزب الشيوعي السوداني).

    كما أعجبتني ردود الدكتور صدقي كبلو في هذا البوست ... الأمانة والشفافية هما جوهر الديمقراطية.

    فقط يا دكتور كبلو ... ماذا يقصد د. محمد سعيد القدال بالديمقراطيين الثوريين الذين آثر الحزب التعامل معهم؟؟

    تحياتي

    (عدل بواسطة Mohammed Haroun on 08-16-2009, 01:10 PM)

                  

08-16-2009, 01:14 PM

د.نجاة محمود


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Mohammed Haroun)

    اكيد لا يا محمد

    كيف حزب شمولي يكونو ناسو ديمقراطين؟؟؟


    الديمقراطية فقط للشيوعين بينهم وللبقية الدكتاتورية و قطم الرقبة..
    ما شايف النقاشات هنا كيف؟
    اسع دي نقاشات ناس ديمقراطين؟
    ناس يكذبوا ويشوهو سمعة الاخرين كيف يكونو ديمقراطين..



    مودتي لك
                  

08-16-2009, 01:25 PM

Sidgi Kaballo
<aSidgi Kaballo
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 1722

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: د.نجاة محمود)

    الدكتورة نجاة،
    تحياتي
    قلتي
    Quote: اسع دي نقاشات ناس ديمقراطين؟
    ناس يكذبوا ويشوهو سمعة الاخرين كيف يكونو ديمقراطين..

    عايوأود لو تخبرينا أي نقاشات في هذا البوست لك مأخذ عليها، وما هي المآخذ، وأي من المشاركين كذب أو شوه سمعة شخص هنا وكيف؟
                  

08-16-2009, 01:36 PM

Sidgi Kaballo
<aSidgi Kaballo
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 1722

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Sidgi Kaballo)

    الأخ محمد هارون
    شكرا لك على ما تفضلت به.
    مفهوم الديمقراطيين الثوريين أرتبط عند الشيوعيين في الستينات والسبعينات بتيارات البرجوازية الصغيرة الثورية والمثقفين الثوريين الذين يدعون للتغيير الإجتماعي مع مناداتهم بالديمقراطية التي كانت حينها توصف بالجديدة أحيانا والثورية أحيانا أخرى لتمييزها عن الديمقراطية الليبرالية التي توصف بالديمقراطية، وفي تقديري أن المفهوم يكتسب معاني جديدة بإنتقال فكر الشيوعيين خطوات واسعة في فهم الديمقراطية وإرتباطها بحقوق الإنسان فأصبح الديمقراطي الثوري يقاس على موقفه من التغيير الإجتماعي وإحترام حقوق الإنسان. والأخيرة إحتهاد مني.
                  

08-16-2009, 01:49 PM

معتز القريش
<aمعتز القريش
تاريخ التسجيل: 07-07-2006
مجموع المشاركات: 11343

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Sidgi Kaballo)

    Quote: وين الشتائم ياأبليس ده مجرد تساءل وبطل تولعها.
    وبعدين أيه اللم الشامى على المغربى
    عادل حزبه علمانى وأنت حزبك ضلالى يعذب الشعب ويجلد المواطنيين بأسم الدين .
    لسه يرضه ياكذاب قريش مشغول بتودع الدبلوماسيين بتوع سفارة السحل والتعذيب وبتأخذ الصور معهم .


    الشتائم في مداخلتك دي
    خليهو القبيل ...
    سؤال : ممكن توريني أنا حزبي شنو ؟؟؟
    هذه ليست أول مرة تشتمني فيها
    طبعا أسهل حاجة الشتيمة وممكن أشتمك من هنا لبكرة
    بس دا ما طبعي بس انت دا طبعك
    ودائما تحرف النقاش لشتائم



    النتيجة : انت لست جديرا بالحوار أو النقاش
                  

08-16-2009, 02:00 PM

معتز القريش
<aمعتز القريش
تاريخ التسجيل: 07-07-2006
مجموع المشاركات: 11343

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Sidgi Kaballo)

    كتب المهذب صدقي كبلو
    Quote: الأخ العزيز نبيل
    تحياتي
    معتو في دي معاه حق.
    لا علاقة بين دفاع الشيوعيين والديمقراطيين عن الأستاذ عادل عبدالعاطي عندما أتهم جورا وبهتانا في جريمة ليس هو مرتكبها، فذلك واجب الشيوعيين سواء كان عادل يوافقهم الرأي أو يخالفهم.
    النقاش هنا واضح حول قضية واضحةفلا داعي للشخصنة حتى لو لم تكن شتيمة.
    أرجوك رجاءاً خاصة سحب أو نعديل نلك المساهمة

    فرد عليه نبيل
    Quote: الأخ العزيز صدقى
    فى إعتقادك أن القريشى معه حق !! طيب ممكن أتوقعها من قريش لكن منك غريبه وماكويسه فى حقك .
    وهل كلام قريش ماشتيمه وسؤالى شتيمه خليك حقانى.
    دى وجهات نظر .
    أنا أحترم عادل ولكن سؤالى كان لعادل لأعرف لماذا كل هذا الكره للشيوعيين بعد تاريخه الناصع فى الحزب الشيوعى وثوراته فى الفرع خاصة أن الشيوعيين لم يقصروا معه ووقفوا معه إلا أن ثبتت برائته .
    أما إدعائك وإتهامك المبطن لى بالشخصنه فيه تجنى لا أقبله
    لا تنهى شئ وتأتى بمثله ووفر نصائحك لنفسك

    ثم رد المهذب كبلو
    Quote: شكرا يا نبيل، توقعت ان البينا عامرة، لك إعتذاري إذا تآذيت من ملاحظتي. ولك العتبى حتى ترضى وسأوفر نصائحي في المستقبل، شكرا مرة أخرى

    شكرا كبلو على أسلوبك المهذب
    وعلى انصافك ..
    ليتهم يقتدون بهذا الأسلوب الراقي
                  

08-16-2009, 02:47 PM

Hamid Elsawi
<aHamid Elsawi
تاريخ التسجيل: 09-22-2005
مجموع المشاركات: 3450

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: معتز القريش)

    العزيز Mohammed Haroun

    شكراً لهذا البوست و كلنا عندنا تساؤلات و تتولد الاجابة من
    النقاش الذي ارجو ان يكون مثمر و مفيد

    تحدثت عن ضمانات

    Quote: وما هي الضمانات على ذلك؟؟

    تحياتي


    الا تعتقد أن حرية الصحافة ضمانة باعتبارها السلطة الرابعة
    الا تعتقد أن حرية و استقلال القضاء هي ضمانة

    صدقني لو يحكمنا الشيطان الرجيم و في حرية قضاء و صحافة ح يمشي علي
    السراط المستقيم

    و احسن نوجة نضالنا كلة من اجل استقلال القضاء و حرية الصحافة لانهم مكملين
    لي بعض و يتفق حولهم كل الوطنيين و الشرفاء غض النظر عن انتماءهم السياسي
    فالوطنية و الامانة و الصدق و التضحية و حب الوطن ليست حكر لحزب بعينة
                  

08-16-2009, 02:55 PM

حيدر حسن ميرغني
<aحيدر حسن ميرغني
تاريخ التسجيل: 04-19-2005
مجموع المشاركات: 25380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Hamid Elsawi)

    Quote: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟


    لا
                  

08-16-2009, 03:09 PM

Hamid Elsawi
<aHamid Elsawi
تاريخ التسجيل: 09-22-2005
مجموع المشاركات: 3450

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: حيدر حسن ميرغني)

    Quote: Quote: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟



    لا


    لماذا؟؟؟

    عشان نستفيد من بعض يا حيدر
    و من مسار البوست و ضح بعض الاخوة او الزملاء الشيوعيون وجهة نظرهم
    باستفاضة؟ و الدور عليك. ياريت نعرف السبب
    لك الود
                  

08-17-2009, 03:25 PM

Mohammed Haroun
<aMohammed Haroun
تاريخ التسجيل: 12-21-2005
مجموع المشاركات: 4836

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Hamid Elsawi)

    (اكيد لا يا محمد
    كيف حزب شمولي يكونو ناسو ديمقراطين؟؟؟

    الديمقراطية فقط للشيوعين بينهم وللبقية الدكتاتورية و قطم الرقبة..
    ما شايف النقاشات هنا كيف؟
    اسع دي نقاشات ناس ديمقراطين؟
    ناس يكذبوا ويشوهو سمعة الاخرين كيف يكونو ديمقراطين..

    مودتي لك )

    دكتورة نجاة كل سنة وإنت طيبة

    الديمقراطية يجب أن تعم كل الناس وإلا فهي ديمقراطية مشوهة ... النقاشات لا بد أن تخلو من الإسفاف والشتائم ....

    في بعض الأحيان تصاب بإحباط شديد حينما يكيل لك شخص لا يعرفك الإتهام تلو الإتهام فقط لأنك تخالفه الرأي ....

    تحياتي
                  

08-19-2009, 12:25 PM

Mohammed Haroun
<aMohammed Haroun
تاريخ التسجيل: 12-21-2005
مجموع المشاركات: 4836

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الشيوعيون ديمقراطيون؟؟ (Re: Mohammed Haroun)

    (عشان نستفيد من بعض يا حيدر
    و من مسار البوست و ضح بعض الاخوة او الزملاء الشيوعيون وجهة نظرهم
    باستفاضة؟ و الدور عليك. ياريت نعرف السبب
    لك الود)


    الأخ حامد الصاوي أسعد الله نهارك

    عفواً سأرد لك بدل الأخ حيدر ... الإنطباع السائد هو أن الأنظمة الشيوعية في كل دول العالم ديكتاتورية ودموية لأبعد الحدود ... وهذا الإنطباع أصبحت تنطبق عليه مقولة (The first impression is the last impression).

    عموماً يا أخي الموضوع ليس سهلاً نظراً لوجود متطرفين في كل الأحزاب وهؤلاء هم الفرملة الحقيقية ....

    تحياتي
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de