عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين...

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-03-2024, 01:31 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-18-2009, 06:14 PM

بشري الطيب
<aبشري الطيب
تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 1157

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين...


    تمهيد:
    ظلت مسالة بناء الدولة السودانية منذ الإستقلال تعاني من إشكالات متعددة تمثلت في عدم المقدرة على إدارة التعدد الثقافي ولعرقي والديني الموجود في السودان ناهيك عن الإستفادة من هذا التعدد إذ ظلت التحديات التي واجهت اول حكومة وطنية هي نفسها التي تواجه بقية الحكومات. كل ذلك كان يرجع في المقام الأول لعدم وجود منهج قادر على قراءة الواقع السوداني ومحاولة حلحلة الإشكالات التي تواجهه وظلت النخب السياسية في حالة إعتلاف للجاهز على مستوى الفكر ولم تكلف نفسها عناء البحث المنهجي وصولاً لرؤى تقدم حلول تستوعب الإشكالات التي تواجهنا.

    نشأة المؤتمر .....

    Quote: تاريخ ما قبل المستقلين

    اختلفت آراء المؤرخين والمهتمين بحركة المستقلين داخل الجامعات في بدايتها الحقيقية فمنهم من يؤكد ان التجربة والأفكار وجدت داخل مؤتمر الخريجين إبان تشكيل الحركة الوطنية




    ومنهم من يقول انها ارتبطت بالمخاض الذي سبق ثورة أكتوبر 1964م التي عملت على تصحيح مسار المشروع الوطني الذي تمثل في التيار الديمقراطي الطلابي الذي كان يؤمن بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية ومن الممثلين له في تلك الفترة المهندس عبد الكبير نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني بالإضافة الى الديمقراطيين الأحرار الذين أصبحوا فيما بعد جزءاً من مؤتمر الطلاب المستقلين كطلاب وحزب المؤتمر الوطني المعارض كخريجين إبان تأسيسه 1/1/1986م.

    مؤتمر الطلاب المستقلين النشأة والتطور:

    تحولت روابط الطلاب المستقلين الى مؤتمر المستقلين خلال المؤتمر العام الشهير الذي عقد في 7/7/1977م كتنظيم سياسي طلابي يعمل على ترسيخ تجربة سياسية مغايرة داخل الجامعات ولعهود الحكم الوطني في السودان سواء ديمقراطية أو عسكرية ولإيجاد حقل للدراسات يعنى بإنتاج الفكر السياسي السوداني من واقع التجربة التاريخية والمادية للمجتمعات السودانية وواقع التعدد المعاش سابقاً والآن.

    استمر نشاط المؤتمر وتوسع وانتشر داخل الجامعات السودانية وشكلت المصالحة الوطنية نظام مايو والأحزاب السياسية مثل حزب الأمة والاتحادي والإخوان المسلمين قوة دفع للتنظيم ولصحة ما يقولون ومن خلال قراءاتهم وتحليلاتهم للعقل السياسي وللحركة السياسية التي تقوم على البنية التقليدية والطائفية بدأ نقدهم للنظام السياسي القائم ومشروع الدولة والقوة الاجتماعية مشكلاً له بذرة مفهوم الاستقلالية كاداة تنتج خطاب التنظيم.

    اوجد المؤتمر لنفسه موقعاً بمثابة الوسط في ظل الصراعات بين الإسلاميين والشيوعيين الذين عملوا على نفي بعضهم بعضاً منتقداً فلسفة اليسار واليمين والأفكار العقائدية مؤسساً بذلك حركة الاعتدال داخل الجامعة مرسخاً للديمقراطية وقبول الآخر وإعلاء قيمة العقل مما مكنه من اجتياح الانتخابات الدورية داخل جامعة الخرطوم ابتداءً من اتحاد 1979م-1980م الذي كان على رئاسته الأستاذ سليمان الأمين ثم اتحاد الانتفاضة 1985م - 1986م الذي كانت أغلب قياداته من كوادر مؤتمر الطلاب المستقلين.

    في هذه المرحلة لم يكتف المؤتمر بجانب سياسي فقط وإنما تعدى ذلك الى تطوير الأفكار والمبادئ من مرحلة الحوار المفتوح الى مرحلة التجويد والصياغة ومن ثم أصدرت كأوراق تعبر عن أفكار المستقلين ولعل أشهرها الأوراق التي كانت تتداول بين الطلاب العنونة بـ(اقرأ وفكر وناقش).

    والبديل الفكري المسمى المشروع الثقافي وفي هذه المرحلة ظهر المنهج الثقافي الذي شكل فيما بعد أسباب الخلافات داخل تيار المستقلين.

    واستمرت التجربة في التطور حتى سيطرت على كافة مناحي الحياة الجامعية في السودان ودليل على ذلك فوز المؤتمر باتحادات معهد الكليات التكنولوجية واتحاد طلاب جامعة الجزيرة منذ نشأة المؤتمر وحتى 1994م تاريخ حل آخر مؤسسة نقابية طلابية وكان رئيس الاتحاد الأستاذ بشير عبد الرحمن



    http://alakhbar.sd/sd/index.php?option=com_content&task...w&id=2730&Itemid=288
                  

07-19-2009, 01:28 PM

بشري الطيب
<aبشري الطيب
تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 1157

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين... (Re: بشري الطيب)


    قبل ما نتكلم عن المنهج ده جزء من تاريخ المؤتمر
    استطاع المؤتمر في فترة وجيزة الحصول على أغلب مقاعد الإتحادات الطلابية ونذكر منها

    1- إتحاد جامعة الخرطوم 1979
    2- إتحاد جامعة الخرطوم 1985 (21 مقعد للمؤتمر مقابل 19 لبقية القوى السياسية)
    3- إتحاد جامعة أم درمان الإسلامية 1985 (المؤتمر - حزب الأمة- الإتحادين).
    4- إتحاد جامعة سنار منذ التأسيس وحتى التجميد 1996.
    4- إتحاد جامعة الجزيرة حتى 1994 (التجميد).
    إتحاد جامعة الخرطوم في كل الدورات السابقة التي فاز بها تحالف القوى الوطنية.
    إتحاد جامعة كردفان في كل دورات القوى الوطنية.
    روابط جامعة دنقلا (كلية الآداب).
                  

07-19-2009, 01:30 PM

HAIDER ALZAIN
<aHAIDER ALZAIN
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 22434

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين... (Re: بشري الطيب)


    الاخ بشري الطيب ..

    لك التحايا يا ملك .. يبدو انك كتبت الموضوع لحظة هلال مريخ ولم اره الا الآن فقط بالصفحة الثانية ..

    شكراً للاستجابة في فرع هذا الخيط واصل وساعود لك بكل امتنان ..

    تحياتي
                  

07-19-2009, 01:35 PM

HAIDER ALZAIN
<aHAIDER ALZAIN
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 22434

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين... (Re: HAIDER ALZAIN)
                  

07-19-2009, 01:42 PM

بشري الطيب
<aبشري الطيب
تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 1157

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين... (Re: HAIDER ALZAIN)

    حيدر الزين سلامات...

    فعلاً الموضوع نزل لحظة الدافوري بتاع أمس ...

    تعال بي مهلتك ....

    وده ملخص لي تجربة المؤتمر في جامعة سنار كتبوا أخونا نزار عبد الوهاب رد الله غربته


    مؤتمر الطلاب المستقلين

    جامعة سنار نموذجا
    كان ميلاده فى العام 1993 وكان بمثابة التنظيم الطلابى الوحيد المعارض لسياسات النظام الإسلاموي فى تلك الفتره وكان غالبية عضويته من طلاب كلية الزراعه أبونعامه التى تعتبر النواه المكونه لمايسمى بجامعة سنار لاحقا فقد كان لتنظيم مؤتمر الطلاب المستقلين بجامعة سنار حضور سياسي عالي والذى تمثل فى إنتزاعه لكل مقاعد الإتحاد فى أول إنتخابات لإتحاد جامعة سنار وكان ذلك فى عام 1994 والذى كان يترأسه الشهيد ميرغنى النعمان وكان لهذا التنظيم اليافع فى تلك الفتره نشاطه الفعال من خلال حلقات النقاش ومنتدياته الفكريه ولما كان يمتاز به من وضوح فى الطرح مما ادى الى إلتفاف غالبية طلاب جامعة سنار حوله بالإضافه لكوادره فى تلك الفتره التى كان لهم القدح المعلى فى جذب العديد من الطلاب لماإمتازوا به من قوة فى الطرح وشفافيه فى الممارسه فمثلا عندما يتحدث الشهيد ميرغنى نعمان ينتابك إحساس بان الثورة آتيه من خلال فك هذا الشاب أو عندما يتحدث الأخوان محمد على شقدى وحسن دافورى ومحمد جزيره والصادق إدريس تحس بان ماذال هنالك خير فى بلادى وأن التغير آتى لامحال.
    فى عام 1994 بداءت حكومة ولاية سنار تشعر بخطر هذا التنظيم فكانت المضايقات لكوادره لتحجيم نشاطهم فكانت أول حادثة عنف ضد كوادر المؤتمر فى عام 94 عندما قامت مجموعه من صبية النظام بمهاجمة محمد عبدالرحمن الشهير بجزيره الكادر الخطابى لمؤتمر الطلاب المستقلين عندما كان نائما بغرفته فى إ حدى داخليات كلية الزراعه بأبونعامه ولكن برغم كل المضايقات واصل هولاء الشباب فى طريقهم وكان النصر حليفهم بفوزهم بكل مقاعد الإتحاد للمره الثانيه على التوالى فكانت دورة الصمود والتحدى التى ترأسها الاستاذ محمد على شقدى وتوالت إنتصارات المؤتمر بجامعة سنار المتمثله فى نجاح برنامج الإتحاد حيث قام بخلق رابط قوى بين طلاب الجامعه ومواطنى تلك القرى (العمارة -برنكوه _ أبونعامه) فكانت الأسابيع الثقافيه وحملات التوعيه ومشاركة الطلاب فى حصاد القوار والأسواق الخيريه بالإضافه لتطوع العديد من الطلاب بالتدريس فى المدارس الموجوده بالمنطقه.
    ففى عام 1996 إنتهجت حكومة ولاية سنار سياسة العنف المنظم ضد كوادر مؤتمر الطلاب المستقلين حيث تم الهجوم على كادر المؤتمرالخطابى ورئيس إتحاد الجامعه فى تلك الفتره الأخ محمد على شقدى الذى اصيب فى عدة مناطق بالرأس وكان ذلك اثر احداث عنف قد نشبت فى مجمع الكليات بسنار التى إستخدمت فيها الجبهه الإسلامويه طلاب الحركه الإساميه بالجامعه بالإضافه لطلاب الثانويات بمدينة سنار تحت غطاء وكالة النشاط الطلابى وجمعية القرآن الكريم وعلى اثر تلك الأحداث قامت إدارة الجامعه العرجاء بحل الإتحاد وإغلاق الجامعه وإعتقال الاخ محمد على شقدى بواسطة جهاز أمن سنار.
    بعد عام كامل من إغلاق الجامعه تم فتحها مره أخرى وفى محاوله جديده لإسكات صوت المؤتمر تم تعليق النشاط السياسي من جانب إدارة الجامعه ولكن قام مؤتمر الطلاب المستقلين بكسر حظر النشاط بإقامة مخاطبه سياسيه موقف التنظم من
    سياسات إدارة الجامعه واصفا ايها بالضعف وتمرريها لمخططات جهازالأمن بسنار

    وتواصل حكومة الجبهه الإسلامويه فى إستهدافها لمنظومة مؤتمر الطلاب المستقلين
    بزيادة جرعة العنف المنظم ضد كوادر المؤتمر فكانت حادثة إغتيال الشهيد ميرغنى محمود نعمان رئيس اول إتحاد لجامعة سنار والكادر الخطابى للمؤتمر وعضو حزب المؤتمر السودانى وكان ذلك فى يوم الأحد 200/6/18 عندما كان يتم التجهيز
    لاقامة ندوة سياسيه بجامعة سنار كان من المترض يتحدث فيها الإستاذ إبراهيم الشيخ عبدالرحمن وغاذى سليمان وساطع محمد الحاج وتوبى مادوت وبعد ان اكمل مؤتمر الطلاب المستقلين الخطوات اللازمه للإقامت ندوته من الحصول على تصديق من ادارة الجامعه وإخطار الحرس الجامعى فوجئ جموع الطلاب بقوات من الشرطه والأمن والجيش مختحمه ساحة الجامعه ومطلبه الطلاب بإخلاء الجامعه وأن الندوة تم إلغائها ورفضت جموع الطلاب المحتشده إخلاء الجامعه ودارت مواجهات بين الطلاب وتلك القوات اسفرت عن إصابة العديد من الطلاب ومقتل الشهيد ميرغنى أثر الإصابه برصاصه فى الرأس بالإضافه الى إعتقال عدد كبير من الطلاب
    وكالعاده إدارة الجامعه تمارس عجزها وتغلق الجامعه.

    ويتواصل مسلسل العنف ضد كوادر المؤتمر بجامعة سنار ففى إكتوبر من نفس العام
    تعرض كادر المؤتمر الأخ خالد حسن (قورو ) للإصابه برصاصه مخترقه منطقة الحوض عندما قامت قوات من الشرطه ولأمن من إقتحام مبانى كلية الزراعه أبونعامه لفك إعتصام للطلاب الزين كانوا قد رفعوا مزكره لإدارة الجامعه مطالبين فيها بالتحقيق فى عملية إغتيال الشهيد ميرغنى بإضافه لاعتقال الكوادر البارزه فى تلك الفتره وهم أريج عثمان وعلى عبد القادر والأمين جدو . وكالعادة مازالت إدارة الجامعه تمارس فى فشلها وتغلق الجامعه مره أخرى...

    وبعد كل هذا المسلسل من الإنتهاكات فى حق عضوية هذا التنظم تقوم إدارة جامعة سنار فى الأسابيع الماضيه بفصل إثنين من ابرز كوادر مؤتمر الطلاب المستقلين
    بالجامعه وهم الطالب اسامه على رئيس المجلس المركزي والطالب عمر عزالين عضو الإتحاد ..
    مع العلم أن فى هذه الأيام تتم محاكمة الدكتور ياسر ميرغنى عضو حزب المؤتمر السودانى وبإضافه لمحاكمة بعض كوادر المؤتمر فى أحداث النيلين والآن فصل بالجمله بجامعة سنار فالسؤال الذى يطرح نفسه لماذا المؤتمر ??????
    يبدو ان هذا النظام المأفون لم يتعلم من مواجهاته مع كوادر المؤتمر بأنه مهما قام من بطش وإرهاب وقتل لن يحيد هولاء المناضلين عن قضيتهم ولن تنكسر لهم شوكه بل هم ماضون فى فضحه يوم بعد يوم والظلم ليلته قصيره ...


    نزار عبدالوهاب
    أستراليا

    بجي راجع أكتب عن المؤتمر في ج. السودان
                  

07-20-2009, 08:25 AM

بشري الطيب
<aبشري الطيب
تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 1157

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين... (Re: بشري الطيب)


    الإستقلالية:

    لفترة طويلة من الزمان ظل التعامل مع مفردة "مستقل" على أنها تعني الشخص الذي ليس له علاقة بما يدور إلاّ أن هذا التفسير لا يستقيم على المستوى السياسي إذ أن عدم إبداء الرأي سواء مع أو ضد مع الوضعية القائمة يحمل في طياته موقفا يقبل على الأقل بهذه الوضعية وبالتالي عدم الحركة تجاه التغيير وفي رأينا أن موقف كهذا إنما هو موقف متواطئ سواء على المستوى المصلحي أو الأيدولوجي، وبناء على هذا فإن الإستقلالية في أبسط صورها يمكن تعريفها بأنها "العمل والتفكير من موقع الحرية" وبهذا فإنها تختلف تماما عن الحياد وهي محاولة للإنعتاق من الأطر الدينية والثقافية والأيدولوجية التي ظلت تؤثر سلباً على مسيرة بناء الدولة الحديثة في السودان.

    منهج التحليل الثقافي:

    عبارة عن منهج علمي مفتوح ومتعدد محاور الجدل تتم بواسطته معالجة وقراءة وضعيات تاريخية معينة من خلال مكنيزمات التمركز والتهميش التي يدار على أساسها الصراع.

    وتتمثل محاور الجدل داخل هذا المنهج في المحور السياسي الأيدولوجي والمحور الإقتصادي والمحور الإجتماعي وهي محاور لا تنفصل عن بعضها ولا يمكن معالجة الإشكالات الى عن طريق المعالجة الشاملة لهذه المحاور إذ أن العمل من خلال واحد من هذه المحاور يفضي الى رؤية ناقصة والى بروز إشكالات جديدة تضمن إستمرار الصراع وتعود بالأمور الى نقطة البداية. (جدلية المركز والهامش) د. أبكر آدم اسماعيل.




                  

07-20-2009, 12:39 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين... (Re: بشري الطيب)

    التحية لمؤتمر الطلاب المستقلين واعضائه وعضواته الاماجد

    تيسر لي الحوار مع بعضهم/ن من الجيل الجديد؛ فوجدت وعيا متقدا وحماسا دافقا وايمانا بما يفعلون يكاد يصل حدود السماء .


    لهم الانحناء.
                  

07-20-2009, 02:02 PM

Gafar Bashir
<aGafar Bashir
تاريخ التسجيل: 05-02-2005
مجموع المشاركات: 7220

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين... (Re: Abdel Aati)

    جدلية المركز والهامش وإشكال الهوية في السودان

    أبكر آدم إسماعيل
    مؤتمر الطلاب المستقلني

    لقد ظلت قضية الهوية في السودان، تطرح في الرواق المثقفاتي[1] من أيام المجادلات حول ما إذا كان (شعب السودان) "شعب عربي كريم"[2] أم "شعب سوداني كريم" في مباراة سليمان كِشّة وعلى عبد اللطيف، كقضية فكرية سياسية. وقد أخذت المسألة بعد ذلك منحى أدبيا يمكن تلمسه في محاولات حمزة الملك طمبل[3] لتأسيس خطاب (سوداني) موازِ أو مقابل للخطاب العروبي السائد، المتمثل في مذهب البنا والعباسي وغيرهما. واستمرت المسألة حتى الستينات، إذ ظهر جيل أكثر حداثة، حيث ذهب هؤلاء الإنتلجنسيا إلى افتراض خيارات لهوية (السودان). فمنهم من نزع إلى العروبة، ومنهم من نزع إلى الأفريقية، ومنهم من مضى في سبيل التوفيق بين الاثنين ليصل إلى ما عرف بمدرسة الغابة والصحراء أو الآفروعروبية[4]. وقد آثر آخرون غموض السودانوية[5]. وانصب جل أبناء هذا الجيل أخيرا فيما أسماه محمد جلال هاشم بالسودانوعروبية[6]. ولكن القضية عادت إلى حقل السياسة مرة أخرى مؤخرا، وهذه المرة من خارج (الخطاب الرسمي) أي خطاب أيديولوجيا المركز، وفرضت عليه بأجندتها الحربية، وبذلك تجاوز سؤال الهوية إطاره الأدبي المثقفاتي وسياقه الذاتي، وأخذ طابعاً شعبياً وبعداً موضوعيا، واعتلى سلم الأولويات في حلبة الشجار الدائر في السودان.

    إن الهوية ـ في رأينا ـ قضية أيديولوجية في المقام الأول. لأنها في الواقع جزء من محددات تحقيق المصالح المادية أو المعنوية أو الاثنين معا. لذلك مهما تدثر الناس حولها بالأكاديمية أو المدرسية والدرجات العلمية أو المناهج النقدية ـ وكل ذلك له قيمته ـ إلا أن المسألة تبقى في جوهرها هي هي، ولا تكون الأفضلية لباحث أو كاتب في هذا الموضوع إلا بمقدار ما يزودنا به من معرفة (بالواقع) وما يتميز به من شجاعة في الطرح.

    لكن يا ترى، ما هي هذه الهوية؟ وما مشكلتها في السودان؟

    فبالرغم من ولع الكتاب السودانيين بالتعريفات، وولع العروبيين منهم "بالمناجد" و"التأصيل"، فقد خاب مسعانا في الحصول على تعريف. وتبقى الحقيقة، وهي أن (الهوية) ليست بأي حال من الأحوال (شيئا) واضحا و(متفق عليه)، ومعروف سلفاً للدرجة التي لا تستدعي تعريفه. ومن هنا، توكلنا على الله، وحملنا فأسنا وقلنا نحتطب بالقدر الذي يضيء لنا الأبعاد الضرورية للمفهوم، وعلاقته بالقضية في السودان.


    مقاربة مفهومية:

    عتبة أولى: إنسان/حيوان: يقوم فعل الحيوان على الفطرة، والأسد لا يحتاج إلى مشروعية ليأكل الخروف، بل يكتفي بدافع الحاجة لأكله وكفى، ولكن الإنسان كنوع بيولوجي تأهل تاريخيا لامتلاك الوعي بنفسه وبالعالم من حوله. ربما كان هذا الوعي هو الدافع لاختلاق (أسطورة آدم) للتأكيد المعنوي على وقائعية تميزه عن الحيوانات الأخرى، وبالتالي مشروعية تسخيرها، والمشروعية هي التبرير العقلي للفعل، إذ لا تكفي الحاجة لوحدها كمبرر في وجود (العقل) و(الوعي). لماذا وكيف؟؟ فعندما يذبح الخروف مثلا فإن ذلك يبدو عادياً بالنسبة لغالبية الناس، ولكن إن ذبح شخص، فإن المسألة تأخذ طابعاً آخر، وتنشأ سلسلة من المواقف والأفعال تجاه هذا الفعل الأخير تبدأ من الشعور بالفظاعة، وتنتهي بالإنتقام. ومن مقاربة الحالتين يظهر اللامفكر فيه، وهو أن الألم الذي يحسه الخروف مساوٍ على الأقل لذلك الذي يحسه "الشخص" وأن الخروف يحب الحياة كما نحبها. وهذا ما يورطنا فيه وعينا. فالأسد لا يفكر في ذلك مطلقا. إذن كيف نجرؤ على ذبح الخروف؟ لأجل ذلك لابد من تغييب جزء من الوعي بآلية "اللاتفكير" في الموضوع ـ أي ألم الخروف وحبه للحياة ـ حتى تسلك المسألة وتأخذ مشروعيتها المعنوية بالإضافة للمشروعية المادية (الحاجة) أو الحيوانية ، سمها كما شئت، واستساغة ذلك بحكم العادة. وما يشجع على ذلك كله هو الفارق النوعي بين الإنسان والحيوان.

    عتبة ثانية: الشخص والقرابة: ففي حالة ذبح الشخص يتكون لدى الناس "شعور" بالفظاعة، ويبدون درجات متفاوتة من ردود الأفعال، بمقدار القرابة بمعناها العام. وهذه القرابة إما أن تكون انتماءا أساسياً في علاقة إثنية ثقافية بكل ما تحمله من مضامين؛ أو انتماءً ثانويا عرضياً في علاقة العمل والمهنة أو السكن أو الإقليم أو الطبقة الاجتماعية؛ أو انتماءً وضعيا في علاقة المواطنة والدولة.

    عتبة ثالثة: تعقيدات الوعي الجمعي: وقياساً على ما سبق، وفي أمور أخرى فقد تطورت علاقات البشر باتجاهات مختلفة ونشأت تقسيمات وفوارق عديدة. ففي وقت ما كان الناس ينقسمون إلى أحرار وعبيد، ونساء ورجال يهيمن بعضهم على البعض ويسخره، وقد تصل المسألة في النظر إلى الآخر إلى ما يقارب وضعية الخروف في مثالنا ـ كما في النظريات العرقية[7]، مثل شعب الله المختار والجنس الآري والرجل الأبيض والنازية والفاشية والعروبة والبراهمية.. إلخ ـ وهكذا حاول البعض إعادة إنتاج (أسطورة آدم) في الحقل الإنساني لتأكيد تفوقه الإثني/الثقافي. وفي كل ذلك هناك "لامفكر فيه" وهو (كينونة الآخر وحاجته الإنسانية). هذا اللامفكر فيه أدى إلى خلق (المشروعيات) عبر آليات التغييب وترسخها بحكم العادة أو الإرث حيث تشرعنت الفوارق بمرور الزمن في الوعي الجمعي.

    ومن أمثلة اللامفكر فيه في الوعي الجمعي؛ العقائد الدينية؛ فالمسلمون مثلا، لا يرون في بقرة الهندوس (المعبودة) إلا مضحكة، ولكن الهندوس يرونها بمقدار (الله) عند المسلمين. كما يرون (الله) من زاويتهم هم كما (البقرة) في عين المسلمين. أي أن الآلهة متساوين بعيون عابديهم، في الوعي الجمعي باللامفكر فيه. ولكنهم غير متساوين بالمفكر فيه وبالأحكام.

    عتبة رابعة: المواطنة والدولة: فالسوداني عندما يذهب إلى أي بلد آخر، فلنقل مصر مثلان فإنه يجد معاملة مختلفة عن المصريين في أمور كثيرة، فمثلا لا يمكن أن يجد نفسه في كشف المتقدمين للخطة الإسكانية لاعتبارات وضعيته الأجنبية.

    وفي كل ما سبق ذكره، فإن الشخص (هو) أو الجماعة (هم) بضمير الكينونة هذا لا يتحددون إلا إزاء (آخر) أو (آخرين)، وإلا لا يكون هناك معنى لهذا الضمير في الواقع، ما لم يوجد فارق موضوعي. وإذا جردنا الضمير بإرجاعه إلى المصدر (الهوية) فيمكن أن نعرفها في هذا السياق بأنها: كينونة وانتماء مبنيان على أساس فارق موضوعي يكون مبررا للتحيز (مع أو ضد) بلامفكر فيه أحياناً وبمفكر فيه أحيانا أو بالاثنين معا في أحيان أخرى. وقد يكون هذا الفارق الموضوعي:

    1ـ نوعياً: كما في حالة إنسان/حيوان. أو؛

    2ـ أساسيا: كما في حال كيان إثني ثقافي/كيان إثني ثقافي آخر. أو؛

    3ـ عرضياً ثانوياً: كما في حال علاقات العمل، السكن والطبقة الاجتماعية. أو؛

    4ـ وضعياً: كما في علاقة مواطنين/أجانب أي مواطن دولة/ دولة أخرى.

    وفي الحالة الأخيرة؛ فطالما أن الأمريكان أمريكان، والمصريين مصريون، والسودانيين سودانيون، فما هي المشكلة في السودان؟

    المشكلة في السودان هي أن علاقة المواطن بدولته مأزومة، فهي قائمة في داخلها على أساس فارق (أساسي) بتحيزها ـ أي الدولة ـ لكيان إثني ثقافي يقوم باستثمارها إقصائيا ويفرض توجهاته ضد كيانات إثنية ثقافية أخرى. وهذا لب موضوع بحثنا.


    خلفية تاريخية:

    السودان بحيزه الجغرافي، وحدوده السياسية القائمة اليوم، كان ـ وما يزال ـ فضاءا تقطنه مجموعات إثنية ثقافية متنوعة عرقياً وثقافيا ومتفاوتة تاريخيا ومتوزعة في أرجائه[8]. وما زال بعضها يعيش في بيئاته الطبيعية التاريخية بنمط عيشه الخاص وتركيباته الاجتماعية وقيمه وعاداته ولغاته وعقائده. وقد تطورت بعض الكيانات النيلية وأسست لها نظما حضارية متقدمة كما في الدولة المروية في شمال السودان. وعلى هذا الأساس، كان مفهوم الدولة جزءا من ثقافة تلك الكيانات، وهو وجه من وجوه التفاوت التاريخي مع الكيانات الأخرى التي لم تصل إلى مرحلة الدولة بعد. ويمكن افتراض تخالط تلك الكيانات مع بعضها بدرجات متفاوتة، كما يمكن افتراض انشقاق وتفرع بعضها واستقلالها تاريخيا، وقد لا يكون ذلك متأكداً منه (تاريخيا) ولكن الدراسات الاثنوغرافية والتحليلات الثقافية تدعو لأخذ هذه الافتراضات في الحسبان في سياق الحديث عن (تاريخ السودان القديم)، وخاصة في العصور المسيحية.

    أما في العهد الإسلامي، فقد دخلت إلى السودان الكيانات والثقافة العربية الإسلامية على شاكلة (الاستعمار الاستيطاني)، وظلت تكتسب لها مواقع فيه ضمن كياناته وثقافاته المتعددة. وهي في ذلك مسنودة بخلفيتها الإمبراطورية[9] من الناحية المادية، ومن الناحية المعنوية بما يعرف بـ(المد الحضاري) العربي الإسلامي، الذي من أهدافه بالطبع إعادة إنتاج الآخر داخل (الهوية) الإسلاموعربية أو على الأقل إلحاقه بسياقها الحضاري. هذا النهج الاستتباعي قد يبدو عاديا ومفهوما ومعقولا في إطاره العام في ذلك الوقت، ولكن استمراره بعد انهيار الحضارة العربية الإسلامية أصبح إشكالياً بالإضافة لإشكاليات أخرى في بنية ومحددات الثقافة العربية الإسلامية نفسها وكيانها الاجتماعي في السودان، مضافا إلى ذلك الملابسات التاريخية التي جعلت من هذه الثقافة (المأزومة) (مركزية) في الوضعية التاريخية للدولة السودانية. ويمكن مناقشة هذه الإشكاليات في الأبعاد التالية:

    أولا: الإشكاليات الداخلية أو أزمة الثقافة الإسلاموعربية: المتمثلة في نزعة الهيمنة والإقصاء المتشددة وتجليها في:

    أ/ البطرياركية الأبوية القائمة على التشدد العرقي: فعبر ميكانيزم النفي البيولوجي للرجال في معادلة التزاوج الأحادية الاتجاه، التي يأخذ فيها الكيان العربي ولا يعطي، تم طبع أجزاء عديدة من شمال وأواسط السودان بالطابع العربي عرقيا وثقافيا، وعبر الأسلمة ـ أي التحرك عبر المقدس ـ تم ويتم التوسع.

    ويقوم ميكانيزم النفي البيولوجي للرجال (الاستعراب العرقي/الثقافي) على تزوج الرجال العرب بنساء (الآخرين)، وتكون الذرية وفق البطريركية الأبوية (عربية) ولا يعترف بمكونها الآخر. البنات يتزوجن حصريا في الكيان العروبي، أما الأبناء الذكور فيواصلون طريق الأسلاف، وهكذا بمرور الزمن ينمو الكيان العربي على حساب الكيانات الأخرى التي تتآكل في نهاية المطاف.

    أما الأسلمة، فعبر الدعاة ـ الفكي، والطريقة الصوفية ومؤسسات التعليم الحديثة لاحقا ـ يدخل الناس الإسلام، وهو بالطبع يتضمن "أيديولوجيا العروبة" خاصة في تفسيراته السنية ومسوغاته لعلوية المؤمن والعربي وتشريعاته في حصر زواج المسلمة. وتلقائيا يصبح العرب (أو بالحد الأدنى يتم تصويرهم على أنهم) أعلى شأنا عرقياً باعتبارهم على الأقل "حاملي الرسالة الأصليين"، وهكذا يواصل الكيان العربي تغلغله. وتبقى المشكلة فيما يولده هذا النهج من وقائع الاستعلاء العرقي والاجتماعي خاصة في وجود التعددية والتباين العرقي والثقافي في ظل هيمنة الكيان الإسلاموعروبي على جهاز الدولة.

    ب/ نمط الاقتصاد الريعي العشائري (الطفيلي): ومعروف تاريخيا عن العرب والثقافة العربية ومن ثم الثقافة الإسلاموعربية احتقار المهن والحرف والعمل اليدوي باعتباره عمل العبيد أو الموالي. فحتى القطاع الحضري ـ غير الرعوي ـ يتبنى هذا النمط من الاقتصاد القائم على استثمار السلطة والتجارة التي لا تعنى بالإنتاج. ومن ثم التمسك بالجوهر العبودي في تقسيم العمل. وهذا النمط يتطلب بالطبع فرض (هويات) جزئية في المجتمع أي سادة (أحرار) وعبيد.

    ج/ النزعة الاستبدادية المتشددة: فبسبب نظام التراتبية الاجتماعية القائمة على التشدد العرقي، ونمط الاقتصاد الطفيلي الذي يستلزم ليس فقط امتلاك السلطة بل الاستبداد بها، فقد كان وما يزال وعي السلطة في هذه الثقافة وعياً استبدادياً، والاستبداد لزيم الإقصاء، والإقصاء يتطلب في الواقع فرض هويات جزئية حتى في المجتمع الواحد لتحجيم وعي التنافس على السلطة مثل ما كان يوضع من أحاديث لتبرير ذلك كـ(الأئمة من قريش).


    ثانيا: الإشكاليات المتعلقة بصيروة الكيان الإسلاموعروبي في السودان:

    فيما يختص بسؤال الهوية، فإن أهم الإشكاليات، هي آثار ما نسميه بـ(عقدة النقص)[10] تجاه العروبة لدى الكيانات الإسلاموعربية في السودان. وهذه ـ في رأينا ـ مرتبطة بظروف تاريخية معينة؛ حيث أن الغالبية الساحقة من الناقلين للثقافة الإسلاموعربية للسودان هم من (الأعراب) الذين يمثلون الكيانات الهامشية بين العرب، وهم ليسوا ذوي جاه ولا علم، فكان من الطبيعي أن ينقلوا معهم واقعهم مؤسطراً، وبالتالي اختلاط الحقيقة بالادعاء على مستوى الفكر والأنساب. ومع مرور الزمن وإعادة إنتاج "النوستالجيا" لذلك الزمان وذلك المكان الماورائيين المقدسين أصل و(مركز) الثقافة الإسلاوموعربية التاريخي، كان الناتج تضخم الوعي الأسطوري. بيد أن تطور العلوم في العصر الحديث كشف الحقائق المتعلقة بهم مما أدى في تقديرنا إلى خلق عقدة النقص تجاه العروبة، ومن ثم التشدد فيما لا يستدعي تشدداً، خاصة في قضية "الهوية السودانية" ومحاولة التأكيد على (عروبة) السودان بمناسبة وبدونها. وهناك طبعا أسباب أخرى لذلك سنناقشها لاحقاً.


    ثالثاً: أيديولوجيا الأصالة:

    فبعد انهيار الحضارة العربية الإسلامية، وظهور حضارة الغرب كمنافس وهيمنتها مؤخرا، تمت الاستعاضة عن الاعتراف بالواقع والسعي للتقدم بمحاولة إعادة إنتاج الزمن الحضاري العربي الإسلامي المقدس ـ بواكير الإسلام وأيام المد ـ أي (الزمن المستعاد) لاسترجاعه في الوعي على أمل استرجاعه في الواقع. وقد تلقف الكيان الإسلاموعروبي في السودان هذه الأزمة وزادها من عنده بوعيه الأسطوري وعقدة نقصه المذكورة، وصار الأمر كالتالي: فبالرغم من مركزية الكيانات الإسلاموعروبية في السودان، إلا أنها تعي نفسها وتتصرف كهامش لمركز ثقافي آخر يمثله زمانيا (الزمن المستعاد) ومكانياً الجزيرة العربية. فنشأت المركزية المركبة للإسلاموعروبية في السودان. ومن هنا يقوم عدم الاعتراف بمحصول الواقع، حتى المؤسلم والمستعرب نفسه، والسعي لتأصيله هو الآخر على أساس (الزمن المستعاد والجزيرة العربية). وتصبح نزعة الاستتباع في السودان مركبة، فهي ليست استتباعاً لواقع حضاري مشكوك في حضاريته فحسب، وإنما محاولة الاستتباع للماضي أيضا.
                  

07-20-2009, 02:04 PM

Gafar Bashir
<aGafar Bashir
تاريخ التسجيل: 05-02-2005
مجموع المشاركات: 7220

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين... (Re: Abdel Aati)

    جدلية المركز والهامش وإشكال الهوية في السودان (2)

    أبكر آدم إسماعيل
    مؤتمر الطلاب المستقلني

    جدلية المركز والهامش:

    هي منهجياً[11]، الوضعية التاريخية للدولة التي تجمع فيها كيانات (ماقبل برجوازية =ما قبل رأسمالية) متنوعة ثقافيا ومتمايزة عرقيا ومختلفة دينيا ومتفاوتة تاريخيا، في شكل الدولة الحديثة. وتقول الفرضية أنه غالبا ما تقوم بعض هذه الكيانات بالسيطرة على جهاز الدولة وتستثمره إقصائيا على مستويات عديدة، وتتحول المحددات الثقافية من لغة وآداب وفنون وعادات وتقاليد وعقائد وتراتبيات اجتماعية إلى أسلحة أيديولوجية، ويتمفصل العرق واللون مع الطبقة وتقسيم العمل، والديني مع السياسي، والمذهبي واللغوي مع الاجتماعي، وتكون النتيجة وضعية تاريخية مأزومة ويكون الصراع فيها صراعا شاملا، صراع هويات ضد هويات، صراع كل ضد كل، صراع ثوابت ومتحولات عند كيان اجتماعي ما ضد ثوابت ومتحولات عند كيان آخر. هذه الوضعية نسميها جدلية المركز والهامش التي هي ليست بالضرورة قائمة على البعد الجغرافي، بل هي جوهريا تمركز وتهميش عرقي وثقافي وسياسي واقتصادي وديني. وقد تأخذ أبعادا مذهبية في الدين الواحد، وتتطور بإعادة إنتاج نفسها في شكل أزمات متصاعدة. وتتعارض هذه الوضعية التاريخية جوهريا مع الديمقراطية والتنمية مما يقود إلى أقصى تجليات أزمتها في الحروب الأهلية وأزمات الهوية.

    فبعد صنع الدولة الحديثة في السودان، مع عهد الاستعمار التركي المصري 1820ـ1885م، نشأت فيه مركزية الكيانات الإسلاموعربية بسبب تفوقها النسبي على الكيانات الأخرى وبسبب توجهات الاستعمار في التعاون مع هذه الكيانات، وخاصة الحضرية منها، بالإضافة لرغبتها هي في التعاون معه لتمكين وضعها. وقد ملكها الاستعمار أهم أدوات السيطرة، ألا وهي جهاز الدولة الحديثة وفتح شهيتها من خلال تطوير الأسواق والتجارة على شاكلة الاقتصاد الطفيلي. وبسبب انتشار بعض أبناء الكيان الإسلاموعروبي من التجار المعروفين بالجلابة في أصقاع السودان واستنزاف ثرواته لمصلحة (أوطانهم) الطبيعية في أواسط وشمال السودان عبر تجارة الرقيق وجلب العبيد وتسخيرهم كأيدي عاملة، بالإضافة لأشكال التجارة الأخرى غير المتكافئة، مما زاد تفوق هذه الكيانات التي أسست لما يمكن أن نسميه قومية عربية في السودان. وتدشن ذلك في زمن المهدية بسبب التحولات الديموغرافية التي أحدثتها حروبها وأيديولوجيتها ومن ثم انكباب الكيانات الأخرى في ماعون الإسلاموعروبية بشروطه الإقصائية المذكورة آنفا. وبسبب ضآلة الوعي السياسي لهذه الكيانات والتزام أغلبها أنماط الاقتصاد الاكتفائي البسيط، فقد ظلت "مفعول به" وآلت إلى ما هي عليه الآن فيما يعرف بـ"الكيانات المهمشة" أو الهامش.



    التطورات:

    ولأن الاستعمار عادة لا يكون معنيا بتطوير المستعمرات على أسس (العدالة) كما يدعي، وإنما على أسس الاستغلال حسبما يقتضي الظرف، فإنه بالتالي تمسك بالسير مع التوجهات التي كانت تفرزها الديناميات الداخلية (الاستغلالية أصلا) في المستعمرات مع إجراء بعض التعديلات التي تخدم مصالحه بالدرجة الأولى.

    ولأن الرأسمالية الغربية قد بلغت سن الرشد في نهايات القرن التاسع عشر، فكان من استراتيجياتها تعديل توجهات الإنسان بشكل من الأشكال بما يتوافق مع مصالحها على المدى البعيد. وبما أن الأنظمة العبودية تتناقض مع توجهات الرأسمالية (التي تستلزم أفراداً مستقلين لسوق العمل ولسوق السلع)، فكان لابد من (تحرير العبيد) ـ ليس من أجل سواد عيونهم طبعا ـ وتأسيس نمط الدولة الوطنية (شكل الدولة الحديثة) الذي يتواءم مع تلك التوجهات كقناة تسلكها إجرائيا على الأقل. فكان من أولويات الاستعمار الإنكليزي في السودان أن قام بإلغاء مؤسسة الرق. وقد كان لذلك وقعاً صعباً على الكيانات الإسلاموعروبية بمساواتها ضربة لازب هكذا مع العبيد ـ شكلياً على الأقل ـ أمام الدولة والقانون. وهذا في رأينا من أهم الأسباب التي قادت إلى تشدد الخطاب في التأكيد على عروبة السودان ونفي الآخرين ـ أي العبيد ـ من (السيرة) و(الذات) السودانية (الرسمية)؛ أي الكيان المسيطر اجتماعيا فطالما لا مفر من (سودان) الدولة فليكن الشعب السوداني (شعب عربي كريم)، وليس فقط لأن الاستعمار الإنكليزي "هزم ثورتهم [المهدية] واغتصب بلادهم وكاد أن يحتويهم بحضارته الأوروبية" كما يقول يوسف فضل، فهم في ذلك متعاونون لحد كبير في عهده.

    وقد ظل خطاب المركزية الإسلاموعروبية المعبر عن أيديولوجيتها مواصلا تشدده في تعابير مثل "شعب عربي كريم" ليواجه بالخطاب الآخر (شعب سوداني كريم) ويستمر في مشاتمات[12] أولاد الهاشماب (محمد أحمد محجوب وأحمد يوسف هاشم ومحمد عبد الحليم) لأولاد الموردة ـ أو عبيد الموردة بالمسكوت عنه ـ (محمد وعبد الله عشري الصديق وآخرين) بعد الانشقاق ومواجهة الأخيرين لخطاب التشدد (الأرومي) بخطاب الموهبة. وقد اندثرت سيرة هؤلاء الأخيرين بسبب هيمنة خطاب المركزية ومآلات أصحابه بعد ذلك. فقد أصبح محمد أحمد محجوب رئيسا للوزراء وأحمد يوسف هاشم اعتلى رئاسة القضاء، أما محمد عبد الحليم فوصل إلى رئاسة الاتحاد الأفريقي لكرة القدم ممثلا للسودان مما يكشف دور الانتماءات الإثنية الثقافية في عملية الـ Access to Power.

    وقد ثار الجدال مرة أخرى في مجال الأدب، وقد انبرى حمزة الملك طمبل لمواجهة الخطاب العروبي الذي يمثله العباسي والبنا كما ذكرنا، في مقالاته التي جمعها في كتابه (الأدب السوداني وما يجب أن يكون عليه، 1928م) في محاولة للجم الغلو. ولا ننسى الخلفيات الاجتماعية الاقتصادية والسياسية التي تعبر عنها خطابات الأدب، فكل التعبيرات الهويوية هي في الواقع نابعة من الحراكات الاجتماعية. ويمكن أن نقول أن الخطاب الموازي أو اللاجم للخطاب العروبي هو نتاج صحوة الكيانات الأخرى (المدينية خاصة) التي لا يعبر عنها خطاب العروبة. ولكن بالإضافة لسطوة الكيانات العروبية وغياب التوازن الكمي للآخرين، فيمكن عزو ضعف الخطاب (السوداني) الموازي لعوامل أخرى. فأصحابه لم يجدوا في الواقع سنداً حضارياً أو ماضوياً يتكئون عليه للتباهي. فمبادئ المساواة المفترضة ضمنا في الهوية (السودانية) على أساس الدولة الوطنية لا تجد لها سنداً إلا في خطاب التنوير الغربي وهو في ذلك الوقت يمثل الاستعمار موضوعيا، ولا (يجوز) تبني نظرياته أو على الأقل يصعب تبنيها علناً. أما الاتجاه نحو الإسلام مجرداً هكذا فغير ممكن لأنه ملغم بالاعتراف بالتقسيم العبودي والاستعلاء العروبي اجتماعياً، على الأقل على مستوى تفسيراته الفقهية. لقد كان هذا التعقيد هو السبب وراء تبني النخب المدينية لشعار (وحدة وادي النيل) في محاولة لإسقاط صورة مصر على سودان متخيل أو التطلع لصورة مصر كسقف لوعي ذلك الجيل باعتبار أن المسائل العرقية لم تعد ذات وزن كبير، قدر ما هي الحال في السودان، بالإضافة للسطوة (الحضارية) لمصر على مثقفي السودان. وقد ظهرت في تلك الفترة تنظيمات مثل اتحاد القبائل الذي كان على عبد اللطيف عضوا فيه، والاتحاد السوداني واللواء الأبيض، والكتلة السوداء فيما بعد، تلك التنظيمات التي كان يغذيها شعبيا كيان المنبتين قبلياً[13] ـ أي الأجيال الأولى من أبناء العبيد المحررين ـ بالدرجة الأولى، تلك التنظيمات التي كانت تبحث عن هويتها ضمن هوية (شعب السودان) خارج الأطر العشائرية الطائفية السائدة التي تمثل المركزية الاسلاموعربية، وهذا البحث من قبل المنبتين قبلياً لابد أنه نابع من ومدفوع بوضعيتهم الشاذة كأبناء عبيد محررين، تعلموا واكتسبوا وعياً جديدا بذواتهم تجاوز عتبة التحرير الشكلية في وسط سادتهم القدامى المهيمنين اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا.

    وعلى هذا الأساس يمكننا افتراض عدم وضوح الرؤية بالقدر الكافي بالنسبة لخطاب (السودانية) الموازي لخطاب (العروبية) مما أوقعه في ماعونه في نهاية المطاف، الأمر الذي دفع الباحث محمد جلال هاشم إلى تصنيفه (جوهريا) كامتداد للخطاب الإسلاموعروبي. وذلك لعدم توفر الشروط التاريخية لاكتمال (خطاب مواز أو مقابل) في ذلك الوقت.

    أما فيما يتعلق ببعض الكيانات الإثنية الثقافية الأخرى، في جنوب السودان وجبال النوبة، فقد خضعت لسياسات المناطق المقفولة Closed District Policies في الفترة من 22ـ1947م. وفي تقييمنا لذلك، فنحن لسنا من أنصار (جملة وتفصيلا) لأن الاستعمار هو جوهريا استغلال مادي وإعادة إنتاج ثقافي أو إلحاق واستتباع حضاري، أي علاقة تابع بمتبوع. وبهذا الفهم فإننا ننظر إلى المسألة على أساس أن الكيانات الأثنية الثقافية غير الإسلاموعربية في السودان، كانت تتعرض لاستعمار مزدوج؛ الاستعمار الانكليزي الخارجي، والاستعمار الاسلاموعروبي الداخلي. وبالتالي، فإذا كان لابد من (نظر) للمسألة فليكن بمنظور هذه الكيانات المقفولة نفسها The Closed Entities Paradigm وليس بمنظور المركزية الأروبية Eurocentric Paradigm أو منظور المركزية الإسلاموعربية Islamoarabocentric Paradigm . فبمنظور الـClosed Entities ، وبعبر النتائج، فإن أهم (إيجابيات) الاستعمار الانكليزي في السودان، أنه قام بإلغاء مؤسسة الرق أولاً ثم ألحقها بسياسات المناطق المقفولة، مما ساهم في محافظة هذه الكيانات على هوياتها. والمنطق في ذلك هو أنه إذا كان لابد من (مسرحية الثعلب في حظيرة الدجاج)، فالأقل سوءاً هو (ثعلب واحد) وليس ثعلبين أو أكثر، خاصة إذا كان هذا الثعلب الواحد على شاكلة (العدو العاقل) وهو بكل تأكيد خير من (العدو الجاهل). ولنترك المنطق (الصرف) جانباً، لنتجه إلى ماهية هذه السياسات الخاصة بالمناطق المقفولة التي أصبحت شماعة الخطاب الرسمي يعلق عليها أخطائه في إدارة مشكلات السودان وتسببه فيها. وتتلخص أهم ثلاثة بنود منها في:

    1ـ محاصرة تجارة الرقيق. مع العلم بأن (الجلابة) الذين التزموا بهذا البند سمح لهم بالعمل في المناطق المقفولة طيلة سريانها.

    2ـ الحفاظ على هويات الكيانات المقفولة باعتبار واقعها، وتوجيهها (غرباً) في أسوأ الأحوال.

    3ـ منع تسرب الأمراض التناسلية Venereal Diseases المتفشية في شمال السودان إلى الجنوب (العذري) في ذلك الوقت. ونأمل أن نجد من بين البحاثة الشجعان من يستطيع أن يفتح لنا صفحات من تاريخ الدعارة في السودان وعلاقته بأركيولوجيا الثروات المسكوت عنها، حتى نستبين أهمية هذا البند في الواقع.

    وبالطبع ظل الخطاب الرسمي يغيّب مضمون هذه البنود ويصر على أن سياسات المناطق المقفولة هي السبب في مشاكل السودان ويعتبرها أساس أسس المنطق (التبريري). ولكن الواقع هو أن هذه السياسات قد عوقت مشروع الاسلاموعروبية الاستغلالي وفي لحظة حاسمة من لحظات نهوضه الاسترجاعي لبناء الدولة العبودية بآليات الحداثة. لذلك كان التباكي والعويل والصراخ، وتحميل هذه القوانين ما لا يمكن أن تحتمله. فإذا سلمنا جدلاً بأحقية المركزية الإسلاموعروبية في فرض هويتها على هذه الكيانات وحسب مزاجها؛ وهي التي احتاجت لما يزيد عن الاثني عشر قرناً لتعريب وأسلمة شمال السودان فحسب، وقد كانت هذه المناطق المقفولة مفتوحة أمامها في ظل الدولة الحديثة من 1821 وحتى 1922م، ولمدى قرن من الزمان كانت تقيم فيه الزرائب والأديام مثل ديم زبير ولم تعرب ولم تأسلم تلك المناطق والكيانات، فما الذي يجعلها قادرة على أسلمتها وتعريبها في 25 عاماً هي عمر هذه السياسات كقوانين وما لا يزيد عن 15عاما تنفيذاً؟ ثم ها هي الآن كيانات ومناطق أخرى في شرق السودان وغربه وأقصى شماله تقف نفس موقف المناطق المقفولة وكياناتها، في الحرب وفي السلم، فهل كانت هذه أيضاً مقفولة بقوانين سرية لم نسمع عنها؟ (الله أعلم).

    على كلٍ، فأنه بعد تأسيس نوع من الحياة الحضرية وانتشار التعليم وتخرُّج أجيال جديدة من أبناء الكيانات المهمشة ودخولها معترك الحياة المدينية، تم اكتشاف الفوارق وأسس السيطرة وربما أبعادها التاريخية وأشكال الهيمنة والإقصاء المادي والمعنوي. فكان الجنوبيون الأبدر صحوة بعد كيان المنبتين قبلياً وأبناء العشائر غير العربية من المدينيين والانتلجنسيا.

    وأثناء ذلك المخاض جاء الاستقلال، الذي يمكن أن نسميه "هجمة البدو"، فقد ورثت المركزية الاسلاموعربية جهاز الدولة وهشمت جو (العدالة النسبية) التي كانت توفرها دولة الحكم الانكليزي (الاستعمار) وبدأت تستثمره إقصائياً على كافة المستويات (الأمر الذي كان يمنعها منه الاستعمار الانكليزي نسبيا) وفرضت سيطرتها من خلال نخبها وطوائفها. أما على مستوى الهوية فقد سعت لفرض هويتها على السودان عبر مؤسسات التعليم وأجهزة الإعلام من خلال مشروع بوتقة الانصهار على أساس الثقافة الإسلاموعربية التي تغلف بإسم "القومية" بالمعنى السوداني للمصطلح كمصطلح من مصطلحات الترميز التضليلي للخطاب. وفي البداية كان لغياب التوازن الكمي والنوعي على مستوى الوعي أثره في اكتساح هذا التوجه الملغم ـ بتعبير الناقد حسن موسى ـ فقد كانت الغالبية الساحقة للمتعلمين والمسيطرين على مفاصل الدولة هم أبناء المركزية الإسلاموعروبية ومواليهم. ولكن كان لليسار دوراً لاجماً للغلو والتطرف نسبة لوعيه بـ(ديالكتيك) المسألة الذي يمكن أن يولد النقائض التي ستطيح بوضعية المركزية. ولكن هذا اليسار المنتمي اجتماعياً لهذه المركزية المهيمنة كان متواطئاً أيديولوجيا، إذ أن موقفه من فرض الهيمنة الإسلاموعربية هو موقف تكتيكي وإجرائي متستر (بالأممية) وليس موقفا مبدئيا.

    وبالرغم من كل شيء، فلم يكف الخطاب المتشدد عن الإطلال برأسه من هنا وهناك. وها هو السيد إسماعيل الأزهري ـ رئيس الدولة ـ يدلي بشهادته: " … أشعر في هذا المنعطف بأنني مضطر لأعلن أننا نعتز بأصلنا العربي، بعروبتنا، وبكوننا مسلمون .. العرب جاءوا إلى هذه القارة كرواد، لنشر ثقافة أصلية، وإعزاز مبادئ سامية، أشاعت العلم والحضارة في كل بقاع أفريقيا، وفي وقت كانت فيه أوروبا غارقة في دياجير الظلام والجهل والكهنوت والتخلف المريع.. أن أجدادنا هم الذين حملوا المشعل عالياً وقادوا قافلة التحرر والتقدم.."[14] أما التجاني عامر فيكون أكثر إفصاحا، وفي تبريره لعروبة السودان يقول "كان الغزو السلمي للقبائل العربية منتشراً في كل أرجاء السودان الشمالي والشرقي والغربي بالنسبة التي اقتضتها حياة العرب وطريقة عيشهم. فسكن المستقرون والزراع على ضفاف النيل. وانتشر الرعاة في شرق البلاد وغربها وقد ظلوا كما ذكرنا [يكرر هنا مدخل مقالته] يحررون ويعربون بين السلالات المحلية حتى صار السودان كله عربياً في ثقافته ومسلماً في عقيدته"[15]. وما بهذه المقولات من مغالطات تاريخية هو جزء لا يتجزأ من إكليشيهات الخطاب الرسمي. وتنفضح هنا نزعة الاستعلاء المسكوت عنها عند أطراف أخرى. ولكن المشكلة كما يرى د. موسى الخليفة هي أنه "إذا كانت ثقافة قد افترضت أن لغتها هي الأحسن، ودينها هو الأحسن، وعنصرها هو الأحسن [وهذا ما ظلت تشيعه المركزية الاسلاموعربية في مؤسسات التعليم وأجهزة الإعلام في السودان] فإنها تربي مواطنها بالإسقاط بأن الثقافات الأخرى أقل. وعند النظر للمشاكل الموجودة في السودان، خاصة المشاكل العنصرية، نجد أنها ناجمة عن هيمنة ثقافة معينة والنظر إليها على أنها متقدمة ومختارة. وهذا يتأسس على مفهوم أن هناك ثقافة أعلى Superior وثقافة أدنى Inferior، وبالتالي صار هناك مفهوم اجتماعي باختلاف درجة بين العناصر المختلفة"[16].

    وفي سياق التأرجح بين التشدد ولاجماته، برزت في الستينات خطابات داعية (للاعتراف) بالمكون الأفريقي للذات السودانية. وسنحاول تلمس الظروف التي تساوقت لبروز هذه الخطابات، والخلفيات التي شحذت همم "المثقفاتية" للاندفاع لهذا الاتجاه الذي تبدى توفيقياً؟

    هناك في رأينا عدة أسباب لذلك، منها ما هو داخلي في الحراك الاجتماعي، ومنها ما هو خارجي.

    على الصعيد الداخلي، فقد تنامى نوع من الوعي (القومي) لدى أبناء الكيانات المهمشة خاصة فيما يعرف (سابقا) بمشكلة الجنوب وبروز إشكالات الحرب الأهلية. وقد شهدت الستينات أيضاً تنامي وعي كيانات إثنية ثقافية (غير جنوبية) كقوى سياسية تجاوزت حاجز التخويف الأيديولوجي المجهّز في الدمغ وأختام الاتهام بالعنصرية، الذي كان وما يزال من أهم أسلحة أيديولوجيا الهيمنة المركزية الاسلاموعروبية. وقد خاضت تلك الكيانات الانتخابات في فترة الديمقراطية الستينية مثل مؤتمر البجا الذي تأسس عام 1958م، واتحاد جبال النوبة، ووحدة غرب السودان[17]، هذا من جانب، ومن جانب آخر، فإنه كما ذكرنا، من خلال توسع قاعدة التعليم والحياة الحضرية والتراكم الكمي والنوعي لأبناء الهوامش في حلبة الصراع فقد تطور وعيهم بذاتهم وبمصالحهم في ظل الهيمنة الثقافية والإقصاء المادي والمعنوي المتمثل في العنصرية الاجتماعية والاستعلاء العرقي، وتجلي ذلك في توزيع الثروة وتقسيم العمل، ومن ثم بينونة الطبقيات ذات الطوابع العرقية. هذا بالإضافة لاطلاع المتعلمين منهم على فلسفات التقدم عامة. ولما لتطور أجهزة الاتصال من أدوار، ومما لا شك فيه أن كان لذلك دور في محاصرة الأيديولوجيا المركزية وشروطها الإقصائية وإكساب الآخرين مساحة للتحرك. ولكنها بالطبع لها خبرة تاريخية كبيرة في المواجهة، فكان تنامي التيارات الدينية التي أصبحت تهدد الجناح العلماني داخل الأيديولوجيا المركزية نفسها، مما دفع هذا الجناح للاتجاه الآخر سواء تكتيكيا ـ على الأقل في سعيه للجم الجناح الديني من جهة، واحتواء نهضة الكيانات الإثنية الثقافية الأخرى من جهة ثانية. وبالطبع لكل أيديولوجيا نظام خطابها القادر على التوسع والامتداد دون أن يفقد اتصاله بمحوره متى ما تعرض للضغوط الداخلية أو الخارجية. وذلك من خلال (فضفضة) المعايير عبر سلسلة من الترميزات التضليلية لمجابهة التكاثر الكمي والنوعي (الواعي) للذين لا تنطبق عليهم أو يعدون خارج هذه المعايير الأيديولوجية السائدة في حلبة الصراع كاستراتيجية خطاب تمهد الطريق لإعادة الإنتاج(في بوتقة الانصهار على الأساس الاسلاموعروبي في حالة السودان) ومنع الاستقطاب الذي يمكن أن يطيح بمشروع الهيمنة برمته وبما يستضمنه من مصالح مادية ومعنوية.

    ولما كان ما هو(أفريقي) في الواقع مصدر (إشانة)، بسبب احتقار اللون الأسود، وبسبب تاريخ مؤسسة الرق قريبة العهد التي لا تتيح أي فرصة (للتباهي) بأصل أفريقي، أو كسب الوجاهة أو تحقيق مصلحة مادية على هذا الأساس لاعتبارات مرتبطة بالتقسيم العبودي في الوعي الاسلاموعروبي السائد؛ فلم يكن ممكنا بهذا الشرط التاريخي الاعتراف بأفريقية (العرب) و(أولاد العرب) أي (أولاد السراري بالمسكوت عنه)، ناهيك عن الإندغام في أفريقية العبيد أولاد العبيد أولاد الخديم "في بلد يتبرأ فيه الناس من العرق الزنجي تبرؤهم من الجذام" كما يقول عبد الله بولا.

    ولكن على الصعيد الخارجي، فقد كانت الستينات فترة للتحولات. فظهور نماذج القادة الأفارقة (المحترمين) أمثال الأب جوليوس نايريري، وجومو كينياتا، ونكروما ولوممبا الذين ملأت سيرهم الأناشيد التي باتت تغنيهم في أرجاء الدنيا، في أيام صعود الأممية، وباتوا مصدر احترام أكثر من غالبية قادة العرب والمسلمين والبيض، فكان لابد أن يكون لذلك أثرا، ودافعا نفسيا ومعنويا للوعي (الأفريقي) المكبوت للتعبير عن نفسه. خاصة بعد انفتاح الاسلاموعروبيين السودانيين على العالم واكتشاف هامشيتهم ومنقصة عروبتهم بالنسبة للعرب وحتى في مصر القريبة حيث يعتبرهم (الشارع) ليس أكثر من (سمارات). ثم تنامي خطاب الخصوصيات في مواجهة الهيمنة الحضارية الغربية وأثره حتى في الخطاب العربي. وفي هذا الجو كان لابد من إيجاد مخارج من هذه الورطة وردم الهوة النفسية، إما بالتشدد الخطابي لتأكيد الإدعاء (العروبة) ـ وهذا ما حدث على مستوى الوعي الجمعي الاسلاموعروبي في السودان ـ أو الاعتراف بمنطق الواقع بالنسبة لأقلية من المثقفين لا تستطيع تنكب طريق المغالطة (بالظاهر والمشكوف) في حال وضعيتها الجهيرة. وقد كانت تلك ـ في رأينا ـ هي الظروف التي تساوقت لبروز خطاب الآفروعروبية، تكتيكيا على الأقل كمحاولة لرسم الطريق لإعادة التوازن النفسي للكيان الإسلاموعروبي. وهذا يعني في الأساس الاعتراف بمكونهم (هم) الأفريقي، وليس بأفريقية الأفارقة في السودان. ويشاركنا في هذا الرأي الباحث محمد جلال هاشم الذي ذهب إلى ذلك من قبل[18]. هذا هو الأساس الذي قام عليه الوعي الآفروعروبي الذي تلقفه الآخرون من المثقفين المتحلقين حول حلبة الخطاب الرسمي واعتبروه تنازلا (ولا حتى تحلم بيه) وتعلقوا به (والغريق يتعلق بالقشة). وكانت النتيجة هزيمة الوعي القومي (الوطني) وإعادة إنتاج الأزمة. وبعبرة النتائج فقد كانت الآفروعروبية ليست أكثر من شكل من أشكال التواطؤ الأيديولوجي مع المركز محور الأزمة في الوضعية التاريخية للدولة السودانية ـ جدلية المركز والهامش. فمواقف أصحاب الألمعية صلاح أحمد إبراهيم ومحمد المكي إبراهيم المؤيدة للإنقاذ، وتوجه د. محمد عبد الحي نحو حزب الأمة وعودته في أواخر أيامه للحظيرة الإسلاموعربية وتحفّظ النور عثمان أبكر عن إكمال إفادته في قوله "لست عربياً … ولكن!" تكمّل الدلالة، أي التمهيد (الرصين) لسير الهيمنة الإسلاموعربية التي آلت في النهاية إلى (المشروع الحضاري).

    أما المتحلقون حول خطاب الآفروعروبية من دعاة السودانوية فقد تاهوا في سديم صنعوه بأنفسهم بتجاوزهم للواقع وأسس إشكالاته، وتغاضيهم عن ذكر حقائقه المتعقلة بآليات الهيمنة والإقصاء، إذ لم يمتلكوا الشجاعة في قول أن (أم المك عزباء) بالسوداني أي (ثيّب) بالعربي الفصيح. أو أن (البغلة في الإبريق)، واكتفوا بالحلم وبـ(الذاتي) في المسألة وتركوا ما هو موضوعي، فلم تأخذهم الرجل الواحدة بعيدا باتجاه الحلم.

    ولكن الواقع اليوم تجاوز أطروحات الآفروعروبية بالذات، لأن قضية الهوية في السودان لم تعد مسالة "ذاتية" سودانية يبحث لها عن متكأ عربي أو أفريقي أو آفروعروبي أو سودانوي. كما لم تعد مشكلتها محصورة في الترميزات الاستفزازية مثل إكليشيه "منذ دخول العرب السودان" في الإجابة على طلب الجنسية السودانية، أو تسمية شارع في العاصمة (القومية) باسم الزبير باشا أكبر تاجر رقيق في السودان، ولا حتى في تجاوز قوانين الجدوى الاقتصادية واختيار مسقط رأسه (الجيلي) لإنشاء محطة تكرير البترول المجلوب من آباره في الجنوب كما سبق وتم جلب العبيد. ولكن المسألة تبدت أبعادها في الواقع المادي المتعين: في التراتبية الاجتماعية، والـAccess to Power ، وفي تقسيم العمل، وفي تجليات ما يسميه د. منصور خالد بالتعالي العنصري المستتر والأبرتهايد الديني[19].

    وقد (جاهد) د. فرنسيس دينق لإبراز هذا الجانب ولكنه حصره خطيا في علاقة (شمال ـ جنوب) مما أنقص خطابه الماضي في سبيل الكشف عن الاشكالات الحقيقية للهوية في السودان المتعددة الخطوط.

    وسنحاول أن نسرد هنا بعض الأمثلة على ما ذهبنا إليه:

    فبالرغم من إلغاء مؤسسة الرق (رسميا) إلا أنها ظلت ممارسة شعبية في الكثير من المجالات.

    فاجتماعيا؛ ما زالت معادلة التزاوج الأحادية مستمرة لحد كبير. وإذا كانت المسألة مفهومة ومقدرة في القطاعات الريفية المغلقة، فإنها ما زالت تفعل فعلها في القطاعات المدينية وكان من آثارها الطبقية العرقية البائنة. واستمرار الوعي الاجتماعي على أساس التقسيم العبودي عبر ما أسميناه بميكانيزم النفي البيولوجي للرجال في معادلات التخالط الاجتماعي. هذا بالإضافة للتدجين المتصاعد للمرأة في السودان كأثر مباشر لهذا النمط من الوعي الاجتماعي.

    أما اقتصادياً؛ فما زال تقسيم العمل العبودي واقعاً، فقد تم إعلاء العمل الذهني على العمل اليدوي/الجسماني ـ باعتباره عمل العبيد ـ بما لا يقاس ووزع على كل فريق حظه. ومما لا يمكن أن تخطئه العين هو تجلي هذا الوعي في الواقع. فالغالبية الساحقة من (الخدامين) و(الخدامات) أي (العبيد بالمسكوت عنه) هم من أبناء الكيانات السوداء التي كانت مصدرا لتجارة الرقيق وللاستغلال العبودي. وكذلك الغسالين والكناسين ومنظفي المراحيض في كل مكان، والأعمال الحرة الشاقة في تشييد المباني والخفراء فغالبيتهم من الكيانات السوداء (جنوبيون ونوبة وغرّابة وبقارة). في الوقت الذي نجد فيه أن الغالبية الساحقة من (أصحاب الياقات البيضاء) وخاصة المراكز العليا، هم من المندوكروز Mandocoroos (جمع مندكورو ـ أي أصحاب الآذان الحمراء ـ بتعبير أهلنا في الجنوب)، بالإضافة للمنتمين إليهم قيمياً وثقافياً (مواليهم).

    وفي نفس السياق تدخل اللغة واللون في تقسيم العمل (الرسمي) فكل من لديه (لكنة) محروم من العمل في أماكن معينة مثل الأجهزة الإعلام والعلاقات العامة بسبب (الأحادية الرسمية للغة العربية) واحتقار اللغات الأخرى خوفاً من إبراز وجه السودان (غير الحضاري!) وهذا بالإضافة لتقلص أعداد (الملكونين) عامة في مؤسسات التعليم العالي وما يستتبعها من وظائف، بسبب اشتراط النجاح في اللغة العربية لمنح الشهادة السودانية ومن ثم تضاؤل فرص هؤلاء في عملية الـAccess to Power.

    أما موضوع اللون، فسواد لون الإنسان السوداني [كذا] كفيل بإبعاده عن العمل في جهاز مثل التلفزيون!! فهناك تواطؤ غير معلن على (الحد الأدنى من اللون) للعمل كمذيع أو مذيعة في البلد الإسمه السودان. هذا بالإضافة للتوجهات العشائرية في الخدمة العامة طبعاً.

    أما على مستوى الملكية وتوزيع الثروة في السودان، فمثلا في مشروع الجزيرة تم توزيع الأراضي الزراعية في المشروع على أبناء الكيانات ذات الأصول العربية بحجة أنهم ملاك سابقين للأرض قبل قيام المشروع. بينما ترك أبناء الكيانات الأخرى يعيشون في الكنابي كعمال منذ تأسيسه في العشرينات. وقد ظل هذا التوجه مستمرا بعد الاستقلال وحتى الآن دون أن تقوم الدولة (المستقلة) التي غيرت كل شيء بمراجعة وضعية توزيع وتمليك الأراضي الزراعية ومراعاة ظروف سكان الكنابي (المزارعين الحقيقيين) المستقرين منذ ذلك الوقت. وقد ظل هذا التوجه قائما عند تأسيس امتداد المناقل بعد الاستقلال. ولكن الحجج التي كانت تساق لتبرير عملية توزيع الأراضي وتمليكها في الجزيرة، تم التخلي عنها عندما تعلق الأمر بمناطق الزراعة الآلية في جبال النوبة والنيل الأزرق وأعالي النيل. بل قامت الدولة بإزالة القرى وطرد المواطنين لإقامة المشاريع التي تم توزيعها على تجار المدن وكبار (البيروقراطية) المدنية والنظامية، الذين في غالبيتهم ليسوا من تلك المناطق[20].

    أما تجليات القضية في السكن وتركيب المدينة السودانية، فواضح للعيان وزيارة واحدة إلى الأحياء (الراقية) ذات الطوابق وأخرى للغيتوهات Ghettos أي الأحياء الشعبية جداً تكفي للتأكد من الأزمة وتغني عن المجادلات. ومن أمثلة التوجهات المنحازة من قبل الدولة، عندما تم ترحيل كرتون شمبات إلى الحاج يوسف الجديدة، فقد قسمت الأراضي ووزعت إلى أسر كبيرة وأسر صغيرة ودرجة رابعة فيما سمي بـ(الوحدة الوطنية) ـ وهذه واحدة من الترميزات التضليلية ـ كان التقسيم في الواقع قائم على أسس عرقية وجهوية، إذ احتل أبناء المناطق المهمشة (الزنوج والبقارة) الذين هم في الواقع الأسر الكبيرة ـ بالمعيار العددي ـ مساكن الدرجة الرابعة ذات المساحات الضيقة (200متر مربع) والتي تخلو من خدمات الكهرباء والماء. بينما وزعت منازل الأسر الكبيرة وغالبية الأسر الصغيرة (الأوسع والأفضل المزودة بخدمات الكهرباء والماء) لأناس آخرين ذوي أصول عرقية وجهوية مختلفة.

    أما فيما يتعلق بما يسمى بالسكن العشوائي، فبالرغم من أن معظم الأحياء السكنية في العاصمة مثلا، غير مخططة وينطبق عليها عملياً تعريف السكن العشوائي، إلا أن التكسير والإزالة تطال غالباً المناطق التي يقطنها أبناء المناطق والكيانات المهمشة بالدرجة الأولى. وبطريقة مهينة، وبدون تعويضات على الخسائر المادية. في الوقت الذي تترك فيه مناطق أخرى مجاورة تنطبق عليها كل المعايير الموضوعية، لا لسبب إلا الأصول العرقية والجهوية لقاطنيها.

    ويتجلى تحيز الدولة على الأساس العرقي في ظاهرة (الكشات) (خاصة في أيام النميري)، حيث كان يتم القبض على المواطنين (السود) وترحيلهم (عراة إلا من سراويلهم الداخلية) إلى أقاليمهم بحجة تفريغ المدن من المتبطلين.

    وأخيراً، المماحكة في إيجاد حلول للحرب الأهلية لأنها ببساطة تدور في المناطق المهمشة، ويتضرر منها بالدرجة الأولى أبناء هذه المناطق. بل واتجاه الدولة إلى سياسة الإخلاء والتنزيح القسري بمد نطاق الحرب إلى مناطق كان في إمكان الحكومة السيطرة عليها ولكنها تتركها كمناطق علميات وتمنع وصول المساعدات الإنسانية إليها (بسبب مركزية الطرق ـ حيث أن الطرق دائماً تبدأ من المركز ـ وسيطرتها عليها) وكل ذلك بهدف تهشيم السياق الإثني الثقافي والجغرافي الطبيعي لهذه المجموعات بغرض مسح هويتها بواسطة سياسات هوامش المدن عبر المنظمات الإسلامية. وتكشف ذلك التقارير والدراسات المتعلقة بالحرب في جبال النوبة وإثارة الحكومات للفتن العرقية في غرب السودان، وأخيرا بالهيكلة المبتدعة للإدارة الأهلية وتحيزها لبعض القبائل ضد الأخرى.

    الصدام القومي ومأزق الإسلاموعروبية في السودان:

    إن الوضعية التاريخية للدولة السودانية ـ كما ذكرنا ـ هي وضعية مأزومة بسبب ميكانيزمات التمركز والتهميش القائمة على التحيز على أساس الفارق الإثني الثقافي، ومن ثم استثمار جهاز الدولة إقصائيا وتمفصل العرق واللون مع الطبقة وتقسيم العمل، والديني واللغوي والجهوي مع السياسي، فمن الطبيعي أن ينشأ صراع الهويات. ولأن هذه الوضعية تتناقض جوهريا مع الديمقراطية والتنمية، فكان لابد من أن تتولد المضادات الأيديولوجية للمركزية المسيطرة. والآن، بعد تتويج مشروع المركزية الإسلاموعربية في السودان نفسه في نظام الجبهة الإسلامية (المشروع الحضاري) الذي أخرج المسكوت عنه إلى حيز الممارسة العلنية، وتشديد الخطاب في قمة تجلياته الدينية لمواجهة نهوض القوميات وخاصة المسلمة منها، وبعد تفشي الحروب الأهلية، فقد وصلت الأزمة إلى قمة تجلياتها. والواقع هو أن ما تفعله الجبهة الإسلامية كان دافعه وعيها الحقيقي بمهددات هذا النهوض القومي للمركزية الإسلاموعربية وهيمنتها ومكاسبها التاريخية. إن الشراهة في النهب والتفكيك والاستيلاء والعنف الزائد هي في الواقع محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ـ لذلك سمو أنفسهم "ثورة الإنقاذ" ـ لإحساس النخبة الإسلاموية باحتمالات ما يمكن أن تؤول إليه الأحداث وحتى لا تخرج من المولد بدون حمص قبل (التحول التاريخي) فهي كان
                  

07-20-2009, 06:17 PM

بشري الطيب
<aبشري الطيب
تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 1157

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين... (Re: Gafar Bashir)


    تشكر الماجد عادل ...

    وتسلم على هذه الشهادة في حق أبناء وبنات المؤتمر الذين يشاركونكم الحلم بدولة تحترم إنسانها "وحتما" هي آتية وإن طال المسير
                  

07-20-2009, 08:19 PM

بشري الطيب
<aبشري الطيب
تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 1157

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين... (Re: بشري الطيب)



    أستاذي جعفر في هذي المدرسة التي نفاخر بها سلامات....

    وتشكر على هذه المادة من أوراق المؤتمر .... وحقيقة ما أنجزه د. أبكر عجز أو تقاضى عنه الآخرين كثيراً إما لأنهم لم يملكوا الأدوات لذلك أو تواطؤاً منهم....

    اتمنى أن ترفدنا بتاريخ المؤتمر في ج. الخرطوم إبان فترتكم ... حتى يعلم أخانا الذي يتمترس خلف أسوار الثقافة الإسلاموعربية كم هو ناصع هذا التاريخ ( كان تشتكيني وأللا تخليني يا حيدر) وجه مادي لسانو....


    بشرى
                  

07-20-2009, 11:24 PM

عادل عبدالعزيز عبد الرحيم
<aعادل عبدالعزيز عبد الرحيم
تاريخ التسجيل: 06-06-2008
مجموع المشاركات: 2116

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين... (Re: بشري الطيب)

    الاخ بشرى لك التحية

    واصل القدح فان النار تضطرم فى دواخلنا فى انتظار

    ان تولد دولة سيادة القانون واحترام انسانية الانسان السودانى

    لقد عاشرت المناضل محمد على شقدى فى مدينة الرياض

    ووجدته نعم السودانى الاصيل وهو يمثل سفارة قائمة بذاتها للسودان فى الرياض

    سفارة تعكس الوجه المشرق للسودان فى جميع النواحى

    التحية له والمجد والخلود لفكر مؤتمر المستقلين
                  

07-20-2009, 11:49 PM

HAIDER ALZAIN
<aHAIDER ALZAIN
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 22434

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين... (Re: بشري الطيب)

    Quote: حتى يعلم أخانا الذي يتمترس خلف أسوار الثقافة الإسلاموعربية كم هو ناصع هذا التاريخ ( كان تشتكيني وأللا تخليني يا حيدر) وجه مادي لسانو....



                  

07-21-2009, 11:19 AM

بشري الطيب
<aبشري الطيب
تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 1157

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين... (Re: HAIDER ALZAIN)


    الاخ المكرم عادل عبد العزيز تحياتي ...

    وبالفعل فإن مؤتمر الطلاب المستقلين تجربة متفردة في تاريخ التنظيمات السياسية داخل الجامعات وتحتاج للكثير من التوثيق والسرد ...

    شقدي حق له أن يمثل سفارة لبلده فهو إنسان مهموم بقضايا الوطن أينما حل تحيانا له عبرك


    بشرى
                  

07-21-2009, 11:50 AM

بشري الطيب
<aبشري الطيب
تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 1157

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين... (Re: بشري الطيب)


    تضحك يا ود الزين ...

    كمل الضحك وتعال نحن في رجاك...


    بعدين يا خي بطل الزكوكية البهناك ديك ... ومباراتك لي السيدح دي بي تمرقك بي قد القفه واصلا البباري الجداد بودي الكوشه...
                  

07-21-2009, 01:56 PM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين... (Re: بشري الطيب)

    التحية لك أخي بشرى ولضيوفك الكرام
    مؤتمر الطلاب المستقلين هو المدرسة الفكرية التي تخرجنامنها وقد اضافت لنا الكثير ورغم وجودنا في كيانات أخري ولكني أقول ما كان يقول أخي علي محمد علي انه تنظيم اصحاب الفطرة السليمة واعضاءه من اصدق واصلب الرجال في الملمات لا ينقص منهم خروجنا وغيرنا من فضلهم من شئ
    سيروا على نفس النهج من الوضوح والشفافية والمستقبل لكم بقدر عطاءكم
    أرجو ان تبتدر بوست أخر عن م ط م دون توجيه الي احد ووجه الدعوة لجعفر بشير ونورالدين وبكري الجاك وبقية الاخوة اعضاء المنبر من خريجي م ط م للاسهام فيه
    للرد وتوضيح ما غاب عن الاخوة من فكر وتأريخ الحركة المستقلة وحزبها
                  

07-21-2009, 07:09 PM

بشري الطيب
<aبشري الطيب
تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 1157

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين... (Re: د.أسامة عبدالحليم)


    Quote: التحية لك أخي بشرى ولضيوفك الكرام
    مؤتمر الطلاب المستقلين هو المدرسة الفكرية التي تخرجنامنها وقد اضافت لنا الكثير ورغم وجودنا في كيانات أخري ولكني أقول ما كان يقول أخي علي محمد علي انه تنظيم اصحاب الفطرة السليمة واعضاءه من اصدق واصلب الرجال في الملمات لا ينقص منهم خروجنا وغيرنا من فضلهم من شئ
    سيروا على نفس النهج من الوضوح والشفافية والمستقبل لكم بقدر عطاءكم
    أرجو ان تبتدر بوست أخر عن م ط م دون توجيه الي احد ووجه الدعوة لجعفر بشير ونورالدين وبكري الجاك وبقية الاخوة اعضاء المنبر من خريجي م ط م للاسهام فيه
    للرد وتوضيح ما غاب عن الاخوة من فكر وتأريخ الحركة المستقلة وحزبها


    د. اسامة سلامات ..

    وتشكر على المرور الكريم ... وبالفعل لقد أضافت هذه المدرسة لكل من إنتمى لها الكثير وأطمئنك بأن الشباب في ذات الطريق وذات الدرب يستفيدون من خبرات سابقيهم ويطورها..

    أما عن البوست فكان النية أصلا موجودة للكتابة حول م.ط.م ولكن مدافرة أخانا حيدر في بوست مشار اليه في الأعلى جعلت البوست بهذه الطريقة ...

    ودم بخير
                  

07-21-2009, 07:47 PM

بشري الطيب
<aبشري الطيب
تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 1157

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين... (Re: بشري الطيب)



    المؤتمر بجامعة السودان (تحديداً شمبات)
    لا يمكن الحديث عن كلية الزراعة بجامعة السودان (المعهد سابقاً) دون ذكر مؤتمر الطلاب المستقلين نسبة لوجوده الفعال في كل قضايا الكلية ولإلتزامه تجاه قضايا الشارع السوداني حيث لم تقتصر علاقات عضوية التنظيم على طلاب الكلية فقط بل تعدتها إلى عمال الجامعة وأسرهم والى الأحياء حول الكلية في الشعبية والصبابي وشمبات الحلة.
    وقد ظل المؤتمر منذ تاريخ وجوده في شمبات وحتي اللحظة يمثل رأس الرمح في منظومة القوى الوطنية بالكلية فمثلاً في الفترة من 94- 98 كان يشكل القوى المعارضة داخل الكلية بكل من مؤتمر الطلاب المستقلين والطلاب الأنصار ووجود ضعيف للجبهة الديمقراطية والبعث بالإضافة لطلاب السلطة واستمر هذا الوضع حتى العام 2001 حيث ظهر الإتحاديين وإختفى حزب الأمة وظهر كذلك طلاب ANF وقد كان للمؤتمر دور كبير في إيجاد هذين التنظيمين بالكلية.
    أحداث 1997:-
    في عام 97 قرر المؤتمر تأبين الشهيد نصر الدين الرشيد والشباب علقوا الملصقات والجرايد من بدري إلاّ إنو طلاب السلطة كان عندهم رأي تاني وجوا يوم الجمعة بالليل وشرطوا كل الملصقات الفي البرجولة ولصقوا محلها ملصقات تخص إحتفالهم بيوم الشهيد وتفاجأ اعضاء المؤتمر وغيرهم من التنظيمات بتقطيع ملصقاتهم فما كان من عضوية المؤتمر إلا وان قاموا بتقطيع كل الملصقات التي حلت مكان ملصقاتهم مما أدى إلى اللجوء إلى العنف من طلاب السلطة مدعوميين بقوات الشرطة والأجهزة الامنية إلاّ انهم ما قدروا الموقف حق قدره فتصدى لهم طلاب الكلية بكل تصنيفاتهم وغير المنتمين كذلك فكان ان لجأوا إلى عمادة شؤن الطلاب والتي كان على رأسها عبد المحمود حسن الشيخ ومعروف عنه إنتمائه للنظام واجهزته الأمنية فما كان منه إلاّ أن قام بفصل غالبية عضوية مؤتمر الطلاب المستقلين وأنذر الآخرين دون أن يشكل لجان محاسبة ودون أن يسأل طالب واحد من طلاب السلطة كأنما المستقلين كانوا مشاكلين بعض حيث تم فصل
    1- عثمان إبراهيم (أبو سامية)
    2- خالد محمود
    3- الصادق برمة
    4- عبد الرحيم أبوبكر
    5- شاذلي ميرغني
    6- عبد الإله صالح
    7- عاطف مختار (رز)
    وهنا بدأت المعركة القانونية بين المؤتمر وعمادة شؤون الطلاب والتي كسبها المؤتمر بجدارة وخسر فيها أذيال السلطة ومشايعيهم في الإدارة
                  

07-22-2009, 12:11 PM

بشري الطيب
<aبشري الطيب
تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 1157

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين... (Re: بشري الطيب)


    في إنتخابات إتحاد جامعة السودان لعام 99 كان هناك 3 قوائم قائمة الوحدة الطلابية وتضم 7 تنظيمات وقائمة الإتجاه الإسلامي وقائمة أنصار السنة بالنسبة لينا في قائمة الوحدة الطلابية تم توزيع التنظيمات لحماية الصناديق ومراقبتها وكان علينا في مؤتمر الطلاب المستقلين حماية مجمع شمبات بالإضافة الى مساعدة التنظيمات في بقية المجمعات بعضوية المؤتمر في تلك المجمعات .. كانت كل الدلائل تشير الى فوز قائمة الوحدة الطلابية بشكل كبير وعند الساعة الخامسة مساء إنسحب كوادر الجبهة الديمقراطية من مجمع الهندسة (القسم الجنوبي) مما خلق حالة من الإنشقاق داخل بقية القوى حيث كان يرى البعثيون ضرورة الإتفاق في ذات اللحظة على طرد طلاب الجبهة الديمقراطية من هذا التحالف وكنا نرى أن يترك هذا الأمر حتى تعدي زحمة الإنتخابات، وتقديراً لموقف طلاب الجبهة الديمقراطية بمجمع حلة كوكو، عموما أدى هذا الموقف لخسارتنا الإنتخابات حيث كان الفارق الذي أحرزه الكيزان من مجمع الهندسة والتربية الرياضية وتساوت الأصوات في الغربي (السنتر) وفازت الوحدة الطلابية في مجمع شمبات بينما تم حرق الصناديق في كوكو... في يوم الأربعاء 18-11-99 كان في مخاطبة لأنصار السنة بمجمع شمبات ووضحوا فيها أن الإنتخابات تم تزويرها وإنتقدوا الكيزان نقد كوميدي مما حدا بالكيزان بإعلان الجهاد عليهم فما كان من عضوية المؤتمر إلاّ أن تدخلت لحماية أنصار السنة حتى خروجهم من الكلية الى المظلات مما جعل الكيزان يحولون صراعهم مع المؤتمر ولاحقاً مع كل طلاب الكلية وعملوا مخاطبة وقالوا فيها (الراجل اليقعد في الكلية بعد الساعة 8 ويشوف اليحصل ليهو شنو) ومعروف أن داخلية شمبات داخل الكلية... وللأسف خرج معظم الطلاب من الكلية وكذلك التنظيمات ولم يتبقى سوى طلاب المؤتمر وحزب الأمة وكادر واحد من الجبهة الديمقراطية وطالب آخر لم يكن منظم حينها أصبح فيما بعد بعثي ... حوالى الساعة 9 مساء جاءت الشرطة ووجدت الكيزان مشكلين طابور عسكري ومتسلحين بالسيخ ونحن على بعد أمتار منهم متسلحين بي عكاكيز النيم التي كانت تجهزها ( سمية .. سناء... ندى) من بنات المؤتمر الأولى والأخرتين من حزب الامة وجدت الشرطة هذا المنظر وذهبت لا تلوى على شئ ... حينها أدركنا أن هؤلاء القوم سوف يأتيهم مدد من الخارج أو تدعمهم الشرطة في حال نشب العنف .. فكان رأينا أن نبدأ نحن المعركة قبل أن يأتيهم المدد إلاّ أن طلاب الأنصار رفضوا أن نبدا نحن بالعنف ... وفي ظل هذا الوضع جاء عميد الكلية وطلب منا مغادرة المنطقة فقلنا له أنت تعلم أن الكيزان بالكلية لا يتجاوز عددهم 10 أشخاص وهؤلاء 60 أو يزيد فعليهم هم الخروج وأما نحن فهذه كليتنا وداخليتنا ولم يستطع أن يفعل شيئاً وذهب وبعد ساعة تقريبا جاء المدد للكيزان عبارة عن 6 بكاسي خمسة منها مشحونة بالمهوسيين والسادس بالسيخ والملتوف وطلبوا أن يفاوضونا وقالوا أن علينا أن نجمع أسلحتنا من العصى والسكاكين كوم واحد ونجري تجاه جامعة الخرطوم ولنا الأمان فرفضنا وبدأت معركة حقيقية بين الطرفين ( وللأمانة هذا أول موقف عنف سياسي أشهده في الجامعة وفي البداية فكرت أن أزوغ حيث كان عدد الكيزان كبير جدا مقارنة بعددنا إلاّ أن الحبيب سبيل من الأنصار والذي كان بجانبي شجعني على الثبات) وكنا سلفاً قد إتفقنا أنه في حال نشوب عنف فإننا معنيين بإلحاق أكبر الخسائر بالكيزان في خلال 20 دقيقة ثم الإنسحاب بعد ذلك الى نقطة معينة وهذا ما حدث حيث تراوحت إصابات الكيزان من 10-13 وإصاباتنا إنحصرت في ثلاثة اشخاص هم عبود ومصطفى وأحد أعضاء حزب الأمة لا أذكر أسمه الآن... ومنذ ذلك الحين تعلمت أن هؤلاء القوم لا يتقدمون تجاهك إلا بمقدار ما تتراجع أنت.
    وقد كان لهذا الموقف ما بعده إذ لم يقبل الكيزان صمود أبناء المؤتمر وحزب الأمة هذا فبدأو حملة من التهديد بدأت بإهدار دمي في يوم 19-11-99 على لسان كادرهم عصام دكين الذي أصبح فيما بعد مؤتمر شعبي...

    ونواصل..
                  

07-22-2009, 02:30 PM

HAIDER ALZAIN
<aHAIDER ALZAIN
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 22434

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين... (Re: بشري الطيب)

    Quote: بعدين يا خي بطل الزكوكية البهناك ديك ... ومباراتك لي السيدح دي بي تمرقك بي قد القفه واصلا البباري الجداد بودي الكوشه...




    أريتها كان بفائدة يا بشري ..
    هسع شايفهم قلبوا لمقاييس الجمال لجلابيب السودانية وألوانها المعتمدة ..
    ياخي بالمناسبة المؤتمر ما اتطرق ( للثقافة ) دي في اطروحاتو ..


    واصل يا حبيب مستفيدين معاك ..
                  

07-23-2009, 02:30 PM

بشري الطيب
<aبشري الطيب
تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 1157

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين... (Re: HAIDER ALZAIN)


    Quote: هسع شايفهم قلبوا لمقاييس الجمال لجلابيب السودانية وألوانها المعتمدة ..
    ياخي بالمناسبة المؤتمر ما اتطرق ( للثقافة ) دي في اطروحاتو ..


    ود الزين علك طيب ...

    قلنا ليك فك الدرب داك لأنو ما بوصل...

    أما عن تطرق المؤتمر لمسألة الزي فدي بالحيل تم مناقشتها بإعتبار إنو المركز الإسلاموعروبي المسيطر على مقاليد الدولة بيستخدم كل آليات الدولة بشكل مشروع وغير مشروع في جعل محدداته الثقافية هي المعيار لذلك يتم إعتبار الجلابية أو التوب هو اللبس القومي ودي مسألة تنطوي على الكثير من التعالي وتضخيم الذات...
                  

07-23-2009, 02:55 PM

بشري الطيب
<aبشري الطيب
تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 1157

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين... (Re: بشري الطيب)

    تأملات في الحال والمآل
    حول مسألة الديمقراطية في السودان
    د. ابكر آدم إسماعيل
    مدخل:
    من أجل تعريف الديمقراطية، يورد البحاثة عادة عددا من آراء العلماء والمفكرين في حقول العلوم الإنسانية، وهي آراء كثيرا ما تتلخص في أن الديمقراطية هي حق الجماهير في أن تقوم دوريا بتغيير رأس الدولة التنفيذي(1)، منطلقين من زاوية النظر إلى الديمقراطية كنظام حكم مبني على أساس التنافس على السلطة، وليس الصراع. ويذهب آخرون إلى التأكيد على أهمية حق المواطن العادي في اختيار ممثلين في المجالات التشريعية والتنفيذية عن طريق انتخابات حرة(2). ويرى بعض المفكرين أن هناك إلتباس فكري أثر على أشكال تطبيق وممارسة الديمقراطية، إذ أنها ظلت تعرّف بآلياتها ومؤسساتها(3)، أي يتم تعريفها شكليا ويهمل الجانب الجوهري المرتبط بالحقول الاجتماعية التاريخية والقيم والتركيبات السائدة في تلك الحقول.
    والناظر إلى الدول الديمقراطية ذات التجارب الراسخة، يستطيع أن يميز بوضوح كاف تلك التركيبات الاجتماعية التاريخية المختلفة عن مجتمعاتنا. وهي بالطبع كانت مثلنا في يوم من الأيام، ولكنها اجتازت مراحل وتجارب تاريخية أدت إلى تحولات عميقة لا تختص بأنظمة الحكم فحسب، وإنما طالت كل المؤسسات الأخرى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية والفلسفية. كان نتاج ذلك كله النظام الديمقراطي الذي يمثل مضمون الدولة الحديثة التي تم تصديرها إلينا كشكل ليتم إلباسه لـ(مضموننا) المختلف ثقافيا واقتصاديا واجتماعيا وفكريا وفلسفيا. ولقد ظللنا (ننكت) في حالنا بأننا كمن ذهب إلى السوق واشترى بنطالا جميلا لقرده، ولكنه لما حاول إلباسه البنطال ظهرت مشكلة ذيله. ومن هنا تفجرت المساجلات والمجادلات والمبارزة بالمقترحات، فبات منا من يرى قطع ذيل القرد، وآخر يرى ثقب البنطال أو توسيعه وربما ترى (البصيرة أم حمد)(4) الإثنين معا، وصرنا في الواقع أمام أمور أحلاها مر، فقطع الذيل بالتأكيد سيؤلم قردنا المسكين ويشوه (هويته) ويصبح حاله (لا عبساً بلغت ولا كلابا). وثقب البنطال أيضا سيشوهه ويفقده (بنطاليته) وجماله هو الآخر.
    وإذا قاربنا اقتراح الثقب بالتعددية الحزبية القائمة على التركيبات المفتقرة إلى (الديمقراطية) فيمكن أن نقارب مقترح قطع الذيل بأسطورة الدكتاتور العادل التي تلقى من الأسانيد الشعبية ما تلقى، أو (ديمقراطية الحزب الواحد) أي الشمولية والدكتاتورية باسم (الدلع). وتبقى حقيقة ذيل القرد، وهي شروطنا اللاديمقراطية التي تبدأ من بنية النظام الأبوي الصارم في الأسرة، مرورا بالتركيبات العشائرية، فالإثنية/القبلية، فالطائفية السياسية وانتهاءً بنخبوية وانتهازية المتعلمين الكسالى فكريا ونضاليا، مدمني الفشل ـ كما يلقبهم د. منصور خالد. ولكننا بالرغم من ذلك لم ولن نيأس، لإيماننا بأن لكل مشكلة حل ولكن بشرط أن ندفع (للتاريخ) حقه.
    شريعة الاختلاف
    إن أمعنا النظر وتأملنا جيدا، فسنكتشف (جوهر المسألة)، فلقد سادت العالم لزمان طويل أيديولوجيات (التوحد) أو (الأحادية) وشرائعها التي تفترض وبإيمان عميق وطموح صادق أنه من أجل حياة طيبة وتعايش سلمي فلابد من (الوحدة) بأفق مطلق ـ غالبا ـ لا تحده حدود نظرية أو عملية. هذه المسلمة قائمة على قياس بسيط؛ هو، بما أننا متوائمين وإن النزاعات عادة تنشأ مع ظهور الآخرين، فإننا إن صرنا قبيلة واحدة فإن المشكلة ستنحل. وقد ظل المفكرون (المخلصون) عبر القرون المتطاولة يركنون إلى هذا القياس ليصلوا إلى أنه لو صار العالم قبيلة واحدة، وإذا عبد الناس إلهاً واحدا عبر دين واحد، فسيعم السلام العالم، ويرقد الحمل مع الذئب. وثابروا ونظروا ونجحوا في حدود الممكنات. ولكن الواقع أثبت غير ذلك، فلما ذابت القبائل في القوميات، ظهرت الطبقات وهي أشد ظلما وإثارة للنزاع من سابقاتها، وعندما تمددت الأديان التوحيدية ظهرت المذهبيات والطوائف التي هي أشد خصومة من أسلافها وشهد الناس من القتل وسفك الدماء ما لم تسببه الآلهة المتعددة والأديان المختلفة.
    ولكن في عصر النهضة الأوروبية بزغ إلى العالم اتجاه فلسفي جديد، سار باتجاه القطيعة مع نظريات (الأحادية) القديمة مؤسسا لمنظور آخر وشريعة جديدة لا تنطلق في الأساس من (وحدة) واقعية أم مفترضة، وإنما تنظر من زاوية الاختلاف في أقصى تجلياتها (الفردانية)، واعتبار ذلك أساس الحياة الاجتماعية ومبدأ الشرائع والقوانين كما تبدى في (الليبرالية) وحقوق الإنسان ـ بالمعنى الحديث. وتم على هذا الأساس توطين الديمقراطية وتوطيد جذورها في أنظمة الحكم ـ ولم يتم هذا التوطين بالساهل طبعا أو بين ليلة وضحاها ـ وبعد تثبيت حق (الفرد) ومن ثم قياسا عليه تم احتقاب المفهوم لتطبيقه على (شخصيات اعتبارية) تتمثل في التركيبات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية من الأسرة إلى الدولة. وبناءً عليه لم يعد يقوم التعامل مع مفهوم (الأقليات) إلا كمصدر لحقوق إضافية، وليس القهر والعسف والتذويب كما في مبادئ ونظريات (الأحادية). وهذا أهم ثمرة من ثمرات منظور الاختلاف ـ ذلك لا يعني أنه يتم الالتزام به في كل الأحوال في الواقع، ولكن يبقى الأهم وهو سلامة المنظور نفسه وإمكاناته الذاتية في احتواء المعضلات.
    إن الديمقراطية إذن ليست نظاما للحكم فحسب، وإنما هي أيضا أفقا فلسفيا وتربويا وتركيبا اجتماعيا واقتصاديا، هي في حدها الأدنى نظام سياسي مفتوح ـ كما في الأنظمة الليبرالية ـ لأنه بالإضافة لحكم الأغلبية يتضمن إتاحة الفرصة للأقلية لأن تصبح أغلبية، إذ قد يصبح ما يسمى أغلبية اليوم أقلية غداً، طالما أن المجتمع الإنساني في حالة تقلب وتغير دائمين، فإنه يجب أن يستمر تأرجح بندول السلطة المعتاد من الداخل إلى الخارج والعكس بلا حدود(5).
    نعرج هنا قليلا لتأمل إشكالية الشكل والمضمون في تجربة الجزائر المشابهة في سياقها الاجتماعي والتاريخي لواقعنا، فعندما أقيمت الانتخابات على أساس التوجه الديمقراطي، فاز في المرحلة الأولى منها حزب جبهة الإنقاذ الإسلامي فوزا كاسحا يؤهله لتعديل الدستور، وقبل انتهاء المراحل الانتخابية أعلن الحزب عن عزمه على إقامة (دولة إسلامية) ـ التي من مقتضياتها إلغاء نظام الانتخابات المفتوحة (الحرة) الذي دخل الحزب من بوابته واستبداله بنظام (إسلامي) مغلق استنادا على شرعية الأغلبية الظرفية التي نالها في الانتخابات ـ وهذا عين الالتباس الذي أدخل المنظرين ودعاة الديمقراطية في (حيص بيص) كما دخلت في ذلك الدولة الجزائرية برمتها. وتجدر الإشارة هنا أن الأحزاب الجزائرية الأخرى هي في الواقع ليست (أكثر) ديمقراطية من حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ.
    وبسبب غياب (المضمون الديمقراطي) أو ضآلته في مجتمعاتنا، فإن المزاوجة بين عناصر الشكل والمضمون تكون لها ضروراتها الإضافية في عملية التنظير ومحاولات تطبيق الديمقراطية في واقعنا. وبالرغم من الالتباسات، فإن قضية الديمقراطية بالنسبة للمتأمل هي في الأساس مفهوم علماني يقوم على النسبيات ويتعارض مع المطلقات. ولأن (الثابت) في الأساس العلماني هو حق الفرد في اعتقاده الذي لا يحرم منه البتة في إطار فرديته، ولكن لا يجوز تعميم ذلك بإطلاق كما تفترض العقائد الدينية والأيديولوجيات المشابهة باعتبارها (ثوابت) ومطلقات في مجملها ولا يجوز تغييرها، ومن هنا ينشأ تعارضها مع الديمقراطية. وفي رأينا فإن محاولات منظري الجماعات الدينية في التوفيق بين عقائدهم الدينية ومسألة الديمقراطية هي مقاربات شكلية لا تتجاوز غالبا حدود الإجراء، وهي تسوق في مؤداها النهائي إلى ما يشابه مأزق الجزائر والأنظمة الإسلامية في السودان وإيران والنظام الصهيوني في إسرائيل.
    بهذه المقاربات الفلسفية يمكن أن نجمل مفهوم الديمقراطية ونعرفها بأنها (شريعة الاختلاف) التي تؤسس لواقع التنافس المفتوح Open competition على السلطة ومتلازماتها، وليس الصراع Conflict (المغلق) عليها. وهي نظام يتطلب في الواقع عدة شروط إجرائية أهمها:
    أولا: الاستقرار الدستوري الذي يتأسس على فلسفة ومنظور الاختلاف كمصدر للحقوق، وعلمانية المعايير في التطبيق باعتبارها قابلة للقياس والتحقق والتعديل وبالتالي مشروعية التعميم، عكس اللاعلماني الذي يبقى حقا فرديا أو (جماعيا خاصا) ومحصورا في تطبيقه على معتقديه.
    ثانيا: توازن القوى على أساس الدولة الوطنية بحيث يكون لكل جماعة حقها في الاعتراف بها كجماعة وعدم التغول عليها ثقافيا أو اقتصاديا أو سياسيا أو إقصائها سياسيا من قبل جماعة أخرى، وحق كل جماعة في التعبير عن نفسها وتنميتها في كافة المجالات بالطرق السلمية.
    ثالثا: الاقتصاد الحر: هو جوهريا التنافس من أجل الكسب على أساس القدرات والمواهب بين الأفراد والجماعات من جهة وعلى أساس التوزيع العادل للموارد ووسائل الكسب ومنع الاحتكار وتحيز الدولة ممثلة في أجهزتها التشريعية والتنفيذية والقضائية لأي جهة دون الأخرى ـ هذا طبعا نظريا، ولكن في الواقع تحدث التحيزات ولكن في النظام الديمقراطي يمكن معالجتها بآليات النظام الذاتية عكس الأنظمة الشمولية التي تقوم في الأساس على التحيزات.
    رابعاً: استقلال القضاء؛ وهو ضرورة تلازمية لضمان سريان الأسس الديمقراطية، ومنع الاختراقات الدستورية عبر التحايلات القانونية، ونزاهة تطبيق القوانين والإجراءات التوازنية في الدولة.
    خامساً: الأمن والتعايش السلمي؛ ففي ظل الحروبات والنزاعات الإثنية والدينية والمذهبية والتربية القائمة على إلغاء الآخر يصبح النظام الديمقراطي في حال من التهديد المستمر، وذلك قد يفتح الباب للأحكام العرفية وتعطيل الدساتير وغيرها من الإجراءات التي تخل بمبدأ الديمقراطية.
    سادسا: حماية وتنمية وسائل التعبير السلمي ـ أجهزة الاتصال والإعلام خاصة ـ ومنع تقييدها بأي شكل من الأشكال. وجملة القول هي تأسيس قاعدة لمجتمع مدني.
                  

07-23-2009, 08:32 PM

بشري الطيب
<aبشري الطيب
تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 1157

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين... (Re: بشري الطيب)

    مواصلة لورقة الديمقراطية:
    د. أبكر
    مشكلة الديمقراطية في السودان:
    مسلحين بالتنظيرات السابقة، المتعلقة بجانب البنطال في حكاية قردنا، ندخل إلى (جوهر المسألة)، لنناقش (أزمة) ذيله التي تتلخص في العناوين التالية:
    1ـ نمط الأسرة البطرياركية:
    فإذا عرفناها بأنها الأسرة الممتدة التي تحتوي أكثر من جيلين، وتعتبر الأسرة (النووية) ـ أي علاقة القرابة من الدرجة الأولى ـ مجرد فرع من فروعها أو امتداد من امتداداتها؛ نجد أن هذا النمط هو السائد في أغلب بقاع السودان (لا نفرق بين أحد من قراه أو مدنه) ولدى كافة الكيانات الثقافية والإثنية التي يفوق عدد أفراد الأسرة الواحدة فيها المائة فرد كما عند بعض القبائل في جنوب السودان. ومشكلة هذا النمط هي أنه يربي الفرد غالبا على نوع من التبعية الصارمة، يصل في أحيان كثيرة إلى إلغاء استقلاليته في أمور هي إلى الخصوصية أقرب مثل اختيار الزوجة بالنسبة للرجل أما بالنسبة للمرأة فلا قياس.
    أما المستوى الاقتصادي والسياسي (في المدينة خاصة)، فيجد المرء نفسه مسئولا عن جيش جرار من الناس قد يضطره إلى الالتواء في وسائل كسب العيش ومن أهم الالتواءات سوء استغلال السلطة إن سنحت، والعمل على توجيه (جيشه) حسب رأيه في أمور السياسة. أو أن يكون المرء مسئولٌ عنه، وفي هذه الحالة يفقد استقلاليته في الحياة العامة. وفي مستوى الإدارة فإن هذا النظام القرابي وتمدداته ليصبح عشائريا يصير مبررا للمحسوبية وخلط الخاص بالعام، إذ تصبح مفاهيم هامة في الدولة الحديثة مثل (الخاص) و(العام) مجرد دوال هلامية تفتقر إلى التحديد والمعاني القانونية الجامعة المانعة في الذهن السياسي، بالتالي تصبح الأسرة امتداد للعشيرة، والعشيرة امتداد للقبيلة، والقبيلة امتداد للطائفة، والطائفة امتداد للحزب السياسي، والحزب السياسي امتداد للدولة. أما الآخرون فلا وجود لهم وإن وجدوا فهم أعداء أو في أحسن الأحوال (خدم وحشم) حسبما يقتضي الظرف.
    2ـ التركيبة الإثنية الثقافية:
    السودان من أكثر الدول (تعدديةً) في الأعراق والثقافات، فهناك أكثر من 500 قبيلة ولغة، والتعدد ليس هو المشكلة في حد ذاته المشكلة هي الطريقة المذكورة أعلاه في النظر إلى الآخرين والنظر إلى السلطة خاصة وأن السودان دولة مصنوعة وقصيرة التجربة ـ أقل من قرنين منذ قيام الدولة الحديثة فيه ـ وهذه الدولة الحديثة مجرد شكل تم إلباسه على مجتمعات تقليدية مختلفة ثقافيا ومتفاوتة تاريخيا تم جمعها حسب مقتضيات خارجية متمثلة في مصالح الاستعمار وتوجهاته في الأساس، ولما ذهب هذا الاستعمار خلّف شكل الدولة وراءه لهذه الكيانات لتتنازع حوله كل بأسلحته القديمة التي ليس من بينها مالك لأفق يستوعب ضرورة التوازن من أجل التعايش السلمي، التوازن بين حاجة الدولة إلى النظام وحاجة هذه الكيانات إلى التعبير والممارسة والتطلع، وبالرغم من صحة التنظير حول أن التعدد مصدر للإغناء، إلا أن الواقع يسير بعكس ذلك خاصة على مستويات السلطة والاقتصاد والإعلام، ولأن كل حزب بما لديهم فرحون فقد برزت النزاعات الدامية حول السلطة والحروب الأهلية وأزمة الهوية(6) كقضية مركزية ولم يعد الكلام عن الديمقراطية بالفهم الإجرائي مقنعا لوضع حد لهذا الصراع الدامي حول السلطة المستند على جذور إثنية وثقافية ودينية وغبونات تاريخية.
    3ـ التركيبات الطائفية:
    لقد ظلت أجزاء عديدة من السودان الشمالي في حوار ممتد لقرون طويلة مع الثقافة الإسلاموعربية، وعبر معادلة الزواج الأحادية الاتجاه (عرب &#8592; سودان) تم طبع تلك الأجزاء بالطابع العربي عرقيا وثقافيا، ومن خلال الطرق الصوفية تم توسيع قاعدة الإسلام وطبعه بالطابع الصوفي من التدين ـ الذي لا يرى في (الدولة الإسلامية) أو (القوانين الإسلامية) كبير أهمية من الناحية الاعتقادية، وعلى مستوى الفكر فهو لا ينشأ على (التفكير) والتدبر والتفقه (بالمعنى المعلوم)، وإنما يقوم على (التوكل) وآليات الاتباعية والوسيلة، لذلك غالبا لا يكون أساس النزاعات (فكريا). وكان هذا هو الأساس للوعي السياسي الطائفي. ولأنه كان وما يزال لكل شيخ طريقة زعيم قبيلة يسنده ويرفده بالمال والمناصرين، ولكل زعيم قبيلة شيخ طريقة يتوسل به للدنيا والآخرة، كان ذلك أساسا مفصليا أول للتركيب البنائي للطائفية السياسية الراهنة (التي توجد حتى في طرائق عمل الأحزاب العلمانية).
    بعد تكوين الدولة الحديثة برزت في السودان طائفتان كبيرتان هما طائفة الختمية بقيادة المراغنة (نسبة إلى محمد عثمان المرغني الجد) وطائفة الأنصار بقيادة آل الإمام محمد أحمد المهدي وما زالتا تلعبان أدوارا كبيرة في الصراع في السودان.
    1ـ طائفة الختمية: كانت نشأتها الفعلية في السودان مع قيام الحكم التركي المصري عام 1821م. ولظروف تاريخية لا يسع المجال لذكرها هنا فقد تبعت هذه الطائفة غالبية القبائل النيلية في أواسط وشمال السودان وقبائل شرق السودان، وبعض القبائل الرعوية في كردفان في الغرب، لكن أهم أتباعها هم تلك المجموعات من التجار المتوزعين في أغلب المدن السودانية شماله وجنوبه شرقه وغربه، المعروفون بالجلابة الذين هم في غالبيتهم الساحقة من أبناء شمال وأواسط السودان الإسلاموعروبي وهم بذلك يمثلون في الواقع قاعدة المجتمع (المديني) والمسيطرين على المفاصل الرئيسية للعمليات الاقتصادية في السودان إذ تتداخل المصلحة في السوق مع علاقات الطائفة الوسيطة (الطريقة الصوفية) ومن ثم مع علاقات الطائفة الرئيسية. بالإضافة لعلاقات المصاهرة المزدوجة ( تجار ـ صوفية) التي خلقت نوعا من تشابك المصالح والعلاقات العشائرية التي تصب في تعبير الطائفة وممارستها للسياسة عبر الحزب. ويُتّبع في طائفة الختمية نظام الوراثة في زعامتها ـ الأمر الذي يكتسب مشروعيته من فكرة (آل البيت).
    2ـ طائفة الأنصار: هي متأخرة نسبيا في نشأتها عن نظيرتها، إذ تكونت بعد قيام الثورة المهدية 1881ـ1898م بقيادة الإمام محمد أحمد المهدي الذي (ادعى) أنه المهدي المنتظر. ولأنه في الأساس رجل صوفي فقد ترك بعد موته مجموعة من الخطب والأوامر، وبعضا من الأدعية التي جمعت فيما سمي براتب الإمام المهدي وصار يتوسل به أتباعه. ولكن يرجع الفضل في التأسيس الحقيقي لطائفة الأنصار القائمة اليوم إلى السيد عبد الرحمن المهدي ابن الإمام المهدي، وذلك بعد انهيار الدولة المهدية بسبب الغزو الثنائي الإنجليزي المصري 1898م ومحاولة الاستعمار لاستبدال النمط الديني (الثوري) ـ بعد المقاومة العنيفة التي جوبه بها من قبل الأنصار وتجربة سقوط دولته من قبل على أيديهم ـ بآخر مهادن يمثله الختمية. وبعد تنامي نفوذ الختمية فطن السيد عبد الرحمن لذلك واتجه للحيلة واتبع أسلوب المهادنة، لذلك سمح له بممارسة نشاطه الديني كما تمارسه الطرق الصوفية، فاستثمر الراتب وقام بطبعه ونشره بين أتباعه وقام بتنظيمهم وترتيبهم هرميا ـ رأسيا عبر المناديب وأفقيا عبر اصطفاف القبائل. ويقوم الترتيب الهرمي على تبعية أبناء القبائل لزعمائهم وتبعية الزعماء للمناديب، وتبعية المناديب للإمامة. وتم إدخال السيد عبد الرحمن في نظام اقتصاد الدولة الجديدة بتسليفه المال وإقطاعه الأراضي الزراعية خاصة في منطقة الجزيرة ليصبح من كبار الإقطاعيين كنظرائه الختمية.
    بشريا تتكون طائفة الأنصار من عترة الإمام المهدي وأسر أصحابه، وتنضوي تحت لوائها مجموعات من القبائل أغلبها في غرب السودان مثل قبائل البقارة ـ رزيقات، مسيرية، حوازمة، بني هلبة وبعض بيوتات قبائل الحمر في كردفان والقبائل الزنجية مثل الفور والمساليت والقمر والتاما والميما ..إلخ بالإضافة لبعض الطرق الصوفية التي تساند الطائفة في كيانها السياسي. وكان الراتب رمزا للتماسك والأمام مصدرا للتوسل.
    ولما سمح بممارسة السياسة قامت كل طائفة بتكوين حزبها السياسي الختمية الحزب الاتحادي، والأنصار حزب الأمة، ودخل السودان في إشكاليات الطائفية السياسية التي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
    1/ أيديولوجيا الوراثة والتبعية: ففي كل الأحوال تأتي مشروعية الزعامة الحقيقية من الوراثة ـ وراثة آل البيت عند الختمية، وبيت الإمام عند الأنصار، ولارتباط هذه الفكرة بالوعي الديني الصوفي المرتكز على التنظيرات الشيعية التي ساهمت في تضخيم (مشروعية الوراثة) وتقديسها، فأصبح لا فكاك منها، بل الاقتداء بها وتكريسها في مستويات أدنى في العشائر والأسر القبلية والدينية ومن ثم الأحزاب السياسية. أما من الجانب الفكري المتعلق بآليات التبعية والوسيلة، بالإضافة لنسبة الأمية العالية في السودان التي تتجاوز 70% تقريبا، فقاد الممارسة السياسية لأن تصبح نوعا من التبعية العمياء وليس التفكير وتقييم البرامج على أساس وتوازن المصالح (مصالح الجماهير) لذلك أمسى مصير البلاد رهنا لمصالح قيادات هذه الطوائف، وباتت الممارسة (الديمقراطية) مجرد آليات لفرض سيطرة هذه الطوائف على كيان الدولة والعمل وفق ومصالح زعمائها الإقطاعيين والمقتربين منهم من الزعماء التحتيين، بالإضافة لذلك اتباع أسلوب المكايدة وعلو شأن العوامل الذاتية في صراع السيطرة بين الطائفتين، وإهمال الجوانب الموضوعية في إدارة البلاد وتطورها مما ظل يخلق المبررات للقوى الشمولية والعسكريين للقيام بالانقلابات العسكرية.
    2/ التورط في الأنظمة الاقتصادية الاقطاعية: من الناحية الاقتصادية فإن زعماء هذه الطوائف متورطين في أنظمة إقطاعية غنموها كثمرة لتعاونهم مع الاستعمار وهم يمتلكون القدر الوافر من الأراضي الزراعية الخصبة خاصة في وسط وشمال السودان النيلي وإلى عهد قريب كانت قيادات هذه الطوائف تستثمر أتباعها كأقنان يقومون بفلاحة الأرض مقابل (وعود بالجنة) دونما أجور مادية، ومبدأ القنانة هذا يتعارض مع أي مشروع أو توجه ديمقراطي لأنه يقوم بتكريس التبعية موضوعيا حتى لو حاول المواطن الفكاك نظريا، وقد كان هذا ـ من جانب آخر ـ من أهم أسباب إهمال التنمية في السودان.
    3/ يتهم الكثير من المتعلمين هذه الطوائف بتعويق مسيرة التعليم الحديث وإهماله سعيا منها للمحافظة على مصالحها لارتباط استمراريتها باستمرار الأمية والجهل والتبعية العمياء.
    وبذلك تكون هذه الطوائف هي المهدد الأول لمشروع الديمقراطية في السودان.
                  

07-24-2009, 02:36 PM

بشري الطيب
<aبشري الطيب
تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 1157

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين... (Re: بشري الطيب)


    ومواصلة لنفس الورقة:



    4ـ الأحزاب الشمولية أو التكتيكيون وأعداء المبدأ:
    هذه القضية تتعلق بتيارات المتعلمين الذين درسوا الكتب ووجدوا فيها (النظريات الجميلة) على اختلافها وتبنوها حسبما اقتضى الظرف وأخذتهم الحماسة لها دونما عميق نظر في الواقع وإشكالاته، ودونما كفاية من الاستعداد للتضحية بجزء من نظرياتهم على علاتها والنزول للعمل الشاق وسط الجماهير، بالإضافة معاناتهم من طبيعة البنية القمعية للدولة، واختاروا أقصر الطرق لحسم الصراعات فيما بينهم من جهة وبينهم وبين الطوائف من جهة أخرى، واختار البعض الآخر من المتعلمين التأقلد باعتلاء زعامة الأحزاب الطائفية وأغلب هؤلاء يقفون موقفا عدائيا من الديمقراطية على المستوى العملي وموقفا تكتيكيا على المستوى النظري.
    هناك تياران من القوى يغطيان توجهات كيان المتعلمين في شمال السودان، التيار الديني الإسلامي الذي يتبنى أيديولوجيا (الدولة الإسلامية) مع تفاوت في درجة التشدد، وتمثله جماعات الإسلام السياسي (الأخوان المسلمون، الجبهة الإسلامية القومية وجماعة أنصار السنة المحمدية) وهي جماعات تعادى مبدأ الديمقراطية لأنه في ظل ديمقراطية حقيقية لا يكون هناك أمل في قيام دولة إسلامية في السودان، التي من مقتضياتها تكريس الأسلمة والاستعراب واستمرار نمط الاقتصاد الريعي العشائري والتزام الشمولية ومن ثم تأزيم الصراع في السودان، ولكن بالرغم من ذلك فلها قواعد جماهيرية معتبرة.
    أما أحزاب اليسار بشقيه الماركسي والقومي العربي فهي بسبب ضآلة كسبها الجماهيري تتبنى الديمقراطية تكتيكيا باعتبارها وسيلة تجنبها (القمع) ولكنها عادة ما تمارس القمع وتتخلى عن الديمقراطية متى ما سنحت لها الفرصة في القيام بالإنقلابات العسكرية وهي أيضا من مهددات مشروع الديمقراطية، ولعل الحزب الشيوعي السوداني قد يعيد النظر في نظرياته الشمولية والالتفات إلى واقع السودان، ومن ثم استثمار قدراته المهدرة في التكتيكات خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وصيرورته كاليتيم في مائدة اللئام.
    أما القوميون العرب فلا أحد يعرف كيف سيوفقون يوتوبيا الوحدة العربية مع واقع السودان الذي تعتبر (القومية العربية جزءا منه وليس العكس) خاصة بعد تطور سؤال الهوية وارتباطه بحقيقة الديمقراطية التي لن تبقي أملا في الأفق المنظور لـ(وحدة عربية) يكون السودان بوضعه الحالي طرفاً فيها بسبب تعدد الهويات والقوميات والغبونات التاريخية التي سببتها ممارسات القومية العربية في السودان.
    5ـ الأحزاب الجنوبية:
    هي لا تختلف عن نظيراتها في الشمال، بل بالرغم من الاختلاف الإثني والديني إلا أنها تقوم في بنيتها على التركيبات العشائرية. ويفتقر الكثير من قادة هذه الأحزاب إلى المبدئية ويمارسون السياسة على أساس المساومات والمصالح الشخصية وقد ظل غالبيتهم ألاعيب في أيدي الأحزاب الشمالية. ولكن بعد ظهور الحركة الشعبية لتحرير السودان أخذ الوضع منحىً جديداً وتبدى نوع من الوعي والمبدأية، وبالرغم من أن الجنوب هو أول المستفيدين من الديمقراطية الحقيقية إلا أن تكريس عناصر القبيلة والعرق في التنظيمات الجنوبية فيما يعرف بـ(العنصرية المضادة) في مقابل التوجهات العنصرية للأحزاب الشمالية يعد معوقا من المعوقات الأساسية لتطور الممارسات الديمقراطية.
    6ـ مأزق المدينة في السودان:
    المدينة هي الوعاء الذي يتشكل بناء عليه ما يعرف بـ(المجتمع المدني) الذي هو القاعدة الأساسية لتجذير الديمقراطية في أي مجتمع، ولكن لظروف تاريخية مرتبطة بالتعدد الإثني والثقافي والتفاوت التاريخي إبان تأسيس الدولة الحديثة في السودان ونشأة المدن كمراكز تجارية وإدارية وغياب نموذج المدن الصناعية، فإن تركيبة غالبية المدن في السودان كانت وما تزال مطبوعة بطابع التقسيمات العرقية العشائرية، وهي في الواقع (قرى كبيرة) لكل قبيلة حيها ولكل حي قبيلته. لذلك أصبحت هوية المدينة في السودان مأزومة ومعوقة لتطور المجتمعات المدينية لتصبح مجتمعا مدنيا. وبسبب نفس الظروف التاريخية التي أدت إلى مركزية الكيانات الإسلاموعربية في مقابل هامشية الكيانات الأخرى. وبسيادة أنماط الاقتصاد الطفيلي (الريعي العشائري) بعد الاستقلال وعدم الاهتمام بالإنتاج فقد ظلت المدن ككيان طفيلي يقوم بالاستهلاك وتدوير الإنتاج تجاريا، ومن ثم استنزاف وإفقار الريف مما أدى إلى أشكال من النزوح والإخلال بالتوازن الديمغرافي في البلاد وتكدس الناس في المدن وأصبحوا يهددون أنظمة الحكم بكافة أشكالها في حالة التقصير في الإيفاء بحاجاتهم المتطورة دون أن يقابلها إنتاج من جانبهم. وبالرغم من أن الأنظمة الشمولية القمعية تستطيع لحد ما السيطرة المؤقتة إلا أن هذا الواقع يبقى دائما هاجسا يهدد (السلطة) والنظام ويتزايد تهديده للأنظمة الديمقراطية على المستوى القريب. ومن جانب آخر فإن هذا الوضع يهدد بفتح الباب للتلاعب في الإنتخابات بسبب صعوبة السيطرة على إجراءات الإنتخابات وسلامتها والتدقيق في الهويات الفردية خاصة بعد تطور وسائل التزوير في الأوراق الرسمية بسبب التوجهات الطفيلية التي تحكم الاقتصاد. وخلاصة القول هو أن المدينة في السودان تفتقر كثيرا إلى (المدنية) بل هي لحد كبير (تجمع البدو) ولا يمكن اعتبارها مسلمة إيجابية يمكن بناء الحسابات النظرية عليها كأساس مكاني اجتماعي سليم يسند الممارسة الديمقراطية على المدى القريب.
    7ـ جدلية المركز والهامش:
    لقد أفردنا كتابا(7) كاملا لهذا الموضوع وبهذا الاسم حللنا فيه الصراع في الوضعية التاريخية للدولة السودانية منهجيا، ولكننا نلخص هنا جزءا من الأطر والمحتويات النظرية والمنهجية علها تفيدنا للملمة أطراف القضية لتقديم قراءة كلية تعين (جوهر المسألة) وتلخص ما أوردناه سابقا حول قضية الصراع وإشكالات الديمقراطية في السودان. تقوم القراءة على تصنيف دول العالم الحديث إلى نماذج ثلاثة، النموذج الأول هو نموذج الدولة البرجوازية الرأسمالية، والثاني هو نموذج الدولة ما قبل الرأسمالية المنسجمة إثنيا وثقافيا، أما الثالث فهو نموذج الدولة التعددية، الدولة التي تجمع فيها كيانات متنوعة ثقافيا ومتمايزة عرقيا ومختلفة دينيا ومتفاوتة تاريخيا في شكل الدولة الحديثة وتقول الفرضية التي أثبتناها في الكتاب أنه غالبا ما تقوم بعض هذه الكيانات بالسيطرة على جهاز الدولة وتستثمره إقصائيا على مستويات عديدة، وتتحول المحددات الثقافية من لغة وآداب وفنون وعادات وتقاليد وعقائد وتراتبيات اجتماعية إلى أسلحة أيديولوجية ويتمفصل العرق واللون مع الطبقة وتقسيم العمل، والديني مع السياسي، والمذهبي واللغوي مع الاجتماعي، وتكون النتيجة وضعية تاريخية مأزومة الصراع فيها صراع شامل صراع هويات ضد هويات، صراع كل ضد كل، صراع ثوابت ومتحولات عند كيان اجتماعي ما ضد ثوابت ومتحولات عند كيان آخر هذه الوضعية نسميها جدلية المركز والهامش التي هي ليست بالضرورة قائمة على البعد الجغرافي، بل هي جوهريا تمركز وتهميش عرقي وثقافي وسياسي واقتصادي وديني وقد تأخذ أبعادا مذهبية في الدين الواحد، وتتطور بإعادة إنتاج نفسها في شكل أزمات متصاعدة. وتتعارض هذه الوضعية التاريخية جوهريا مع الديمقراطية والتنمية مما يقود إلى أقصى تجليات أزمتها في الحروب الأهلية وأزمات الهوية.
    وفي السودان فقد أصبحت الكيانات الكيانات الإسلاموعربية ـ بسبب الظروف التاريخية المصاحبة لنشأة الدولة الحديثة فيه وتوقيتها ـ أصبحت المركزية المهيمنة وسيطرت نخبتها على جهاز الدولة واستثمرته ومارست عبره كل الإقصاءات المذكورة تارة بآليات مرتبطة بالتعاون مع الاستعمار (صانع الدولة) وتارات أخرى عبر آليات المحسوبية في الإدارة والاستنزاف الاقتصادي من خلال نمط الاقتصاد (الريعي العشائري) المتمركز مدينيا، كل ذلك بواسطة جزء من أبنائها المنتشرين في جميع المدن السودانية فيما يعرف بكيان الجلابة، لتصب المصلحة النهائية في ومواعين الكيانات الإسلاموعربية وتتجلى جغرافيا في مواطنها الأصلية في وسط وشمال أواسط السودان فيما عرف لاحقا (بالنمو غير المتوازن) فكان لها التفوق. ومن هذا الموقع ـ أخذتها العزة ـ وسعت إلى فرض هويتها على بقية الكيانات الأخرى، فاجتمع ذلك مع نزعة الاستعلاء الاجتماعي (بسبب هذا التفوق وبسبب أنظمة الرق قريبة العهد في السودان التي كانت أهم مصادر الثروة لهذه الكيانات) والاستبداد، فأنتج ذلك معادله الموضوعي في الكيانات الاجتماعية والجغرافية المهمشة ومعادله الأيديولوجي في نهوض القوميات والهويات الأخرى وأخذ الصراع منحىً نوعيا جديدا.
    تطورات الصراع في السودان
    1ـ الصراع حول كراسي السلطة:
    هو الصراع الداخلي في حقل الثقافة الإسلاموعربية المهيمنة من أجل السيطرة على جهاز الدولة وارتقاء سلم التراتبية الاجتماعية على أساس (ثوابت) تلك الثقافة والهوية العربية للسودان والاتفاق على مبدأ فرضها بين كافة الأحزاب الشمالية الإسلاموعربية يمينها ويسارها، ثيوقراطيها وعلمانيها. وبسبب التوسع النسبي في قاعدة التعليم ومغامرة العيش في المدينة بسبب النزوح، فقد نما لدى الكثير من المواطنين نوع من الوعي السياسي ووعي المصالح والتطلعات والطموحات، فكان لابد من السعي لتوسيع قمة الهرم الاجتماعي (على أساس الثوابت) ومن ثم الاصطدام بقمة الهرم الاجتماعي الذي تحتله البيوتات الطائفية وعشائر الزعامات القبلية والدينية. ولكن التنظيمات السياسية التي نشأت لاستيعاب هذا الواقع باستثناء الحزب الجمهوري الذي أسسه الأستاذ محمود محمد طه هي في الواقع تنظيمات شمولية تفكر غالبا في أقصر الطرق فكانت توجهاتها السياسية مكرسة للقيام بالانقلابات العسكرية أو استثمارها.
    الجيش والسياسة:
    الجيش في السودان مثله مثل كل جيوش العالم الثالث، لا ينفصل عن عملية الصراع حول السلطة لأنه يحمل الأداة الأكثر حسما، ولأن الأوضاع في واقعنا لم يتم فيها تقسيم العمل ليذهب كل ذي مجال إلى مجاله بل العكس إذ تتداخل الأمور في بعضها، وبسبب حالة اللاتوازن القائمة في كافة مناحي الحياة في السودان ومن ثم كبت الطموحات واحتكار السلطة مما ظل يغري ضباط الجيش وخاصة المسيسين ليكونوا أدوات لأحزابهم السياسية للقيام بالانقلابات العسكرية. والواقع أن كل الانقلابات العسكرية في السودان كانت وراءها أحزاب بعينها، ويجيء توقيتها أما بسبب مكايدات الطائفتين في نوفمبر، أو بسبب أخطاء الممارسة الديمقراطية كما في انقلاب مايو وانقلاب يونيو.
    وفي كل الأحوال يكشف واقع الممارسة طموحات الإنقلابيين التي وصلت في عهد الإنقاذ إلى تفكيك أجهزة الدولة برمتها وتحويلها إلى إقطاعيات لأفراد وعشائر تنظيمات الإسلام السياسي ولم تنج مؤسسة الجيش نفسها، وكانت الشراهة في ذلك هي المعادل الموضوعي للغبن التاريخي المتراكم لدى هذه الجماعات الذي امتد لنصف قرن كانت ترى فيه في كل يوم هضم حقها في التزيي بجلباب الطائفية القديم الذي قامت الآن بتمزيقه شر ممزق لتفصيل جلباب آخر على مقاسها.
    2ـ الصراع الكبير؛ صراع الهويات في جدلية المركز والهامش:
    منذ تأسيس الدولة الحديثة في السودان وإلى الفترة قبيل الاستقلال، كانت الكيانات غير الإسلاموعروبية على هامش الصراع حول السلطة، عدا كيان المنبتين قبليا أي العبيد المحررين الذين انخرطوا في الحياة المدينية وتعلموا وتم استيعابهم في الوظائف الحكومية والجيش وبسبب وضعهم المضطهد والشاذ فقد كان لهم السبق في التفكير في المصير مما ولد لديهم قدرا من الوعي السياسي وكان لهم دور بارز في ثورة 1924م(8). عدا هؤلاء فقد ظلت الدولة مصدرا خارجيا في وعي غالبية الكيانات الأخرى بسبب نمط العيش القائم على الحياة القبلية المستقرة نسبيا في مواطنها الطبيعية، وسيادة نمط الاقتصاد الاكتفائي البسيط والافتقار إلى تجربة التعامل مع مفهوم الدولة في تاريخها ويمكن إجمال القول في غياب الوعي السياسي لدى هذه الكيانات، وهذا أحد الأسباب التي مهدت لمركزية الكيانات الإسلاموعربية، التي كان لجزء منها تجربة الانتقال إلى نوع من أنماط الاقتصاد التبادلي، ووجود مؤسسات شبه الإقطاع والتجارة، وملامسة فكرة الدولة ـ الدولة الإسلامية والممالك النوبية في الماضي البعيد، وتجارب الدويلات والسلطنات والممالك في أواسط وشمال السودان في العهود القريبة. مما كان له الأثر في خلق شكل من الوعي السياسي لدى هذه الكيانات. وخلاصة القول هي أن الصراع بدأ في داخل السودان واستمر إلى عهد قريب بين كيانات لديها قدر من الوعي السياسي في مقابل كيانات أخرى تفتقر إليه أي (مسرحية الثعلب في حظيرة الدجاج) وعلى أساس ذلك عملت ميكانيزمات التمركز والتهميش في الدولة السودانية.
    ولكن مع تطور الحياة وتوسع قاعدة التعليم برز نوع من الوعي السياسي في جنوب السودان وكانت المطالبة برعاية حقوق الجنوبيين، وهذا ما عبر عنه مندوبي الجنوب في مؤتمر جوبا لتقرير المصير 1947م. واقترحت الفيدرالية كآلية لحفظ حقوق الكيان الجنوبي. ولكن بعد الاستقلال وبسبب انهيار التوازنات (النسبية) التي كان يحافظ عليها نظام الحكم الإنجليزي، والإحلال التدريجي لنمط الاقتصاد الريعي العشائري (الطفيلي) بدلا من نمط الاقتصاد شبه الرأسمالي الذي سعى لإقامته النظام الإنجليزي وتمدد الكيانات الإسلاموعربية في جهاز الدولة عبر آلية المحسوبية والاستئثار بالثروة وإهمال التنمية واستنزاف الريف مما أدى إلى أشكال من النزوح إلى المدن وتساوق ذلك مع تطور أدوات العنف المعنوي بإلباس الناس ثقافة غير ثقافاتهم وهوية غير هوياتهم والعنف المادي المتمثل في قمع أشكال التعبير والكشات وتكسير البيوت وبينونة الطبقات ذات الطوابع العرقية، فقد أدى كل ذلك إلى تطور الوعي السياسي والقومي لدى الكيانات الأخرى المهمشة.
    كانت أولى البوادر فيما عرف بالقضية الجنوبية، باعتبار الجنوب بائن الاختلاف إثنيا وثقافيا ودينيا، ولأن الساسة (الشماليين) كانوا يعتبرون مسألة (الإنصهار القومي) في قوميتهم ليست سوى مسألة وقت، ربما بسب قصورهم الفكري، أو بسبب غياب الوعي السياسي القومي لدى الكيانات الأخرى في شمال السودان (التقليدي)، فقد اعتبروا الخلاف مجرد (مؤامرة استعمارية)، وروجوا لنظرية (فرق تسد) وصدقوا أن السبب هو قانون المناطق المقفولة الذي لم يستمر إلا خمسة وعشرين عاما. ولكن مع تطور الأحداث برزت المشكلة الحقيقية التي من أهم أسبابها في الواقع (نظرية الشماليين) و(قوميتهم نفسها). ومع تصاعد وتائر التهميش والإقصاء الثقافي والعرقي والاقتصادي والسياسي قامت الحرب الأهلية وظلت مستمرة بسبب الحلول المجتزأة التي تنبني على التحايلات السياسية على (جوهر المسألة) وهي الهيمنة الثقافية والأحادية القومية وميكانيزمات الإقصاء التاريخية. ومع ظهور الحركة الشعبية لتحرير السودان كطرف كامل الوعي السياسي والقومي أخذ الصراع منحى نوعيا جديدا وتجاوزت الحرب الأهلية المفهوم التقليدي القائم على ثنائية شمال/جنوب، ونهضت القوميات الأخرى المهمشة في شمال السودان مطالبة بحقوقها القومية والسياسية وحملت السلاح مثلها مثل القوميات الجنوبية فكان اتحاد جبال النوبة، وانضمام جزء منه للحركة الشعبية لتحرير السودان، وانضمام أبناء جنوب النيل الأزرق، وبروز مؤتمر البجا في شرق السودان ككيان قومي سياسي ومسلح، وكذلك جبهة نهضة دار فور واتحاد القوى الفيدرالية في غرب السودان وجماعات (كوش) في أقصى شمال السودان قيام الكثير من المثقفين من أبناء الوسط بإعادة النظر في اعتقاداتهم القديمة لينضموا إلى دعاة التغيير.
    هذا التطور قابله في جانب قوى السيطرة في المركز تطور آخر وهو صعود خطاب الإسلام السياسي وتكريس أيديولوجيا (الأمة) كصيغة فضفاضة وإعطاء الحرب صبغة دينية، كجزء من المكر الأيديولوجي للمركز الذي في أحد مغازيه محاولة لتحييد الكيانات المهمشة المسلمة في الشمال للدفاع عن سيطرته. وزبدة القول هي أن الصراع في السودان قد تطور إلى صراع هويات، صراع بين المركز والهوامش، وهذا قمة الأزمة في الوضعية التاريخية لجدلية المركز والهامش، ولم يعد بوسعها إعادة إنتاج نفسها من جديد وبالتالي (أما النهضة وأما الانهيار) ويصدق في ذلك د. شريف حرير الذي قرأ القراءة الصحيحة فوصل إلى النتيجة الحقيقية الواضحة لولا غبار الأيديولوجيات وحمية العزة بالنفس.
    أفاق الحلول:
    إن الحلول تتطلب تسوية تاريخية شاملة، وهذه تضع إشتراطات جديدة لممارسة الديمقراطية في السودان. لأن مجرد التحول من (الشمولية الحزبية) إلى التعددية الحزبية وحده لم يعد كافيا لحسم الصراع التاريخي، بل لابد من إجراءات جديدة تهدف إلى خلق أسس جديدة للديمقراطية التي هي في السودان لا تنشأ ضروراتها من مبررات فلسفية فحسب، وإنما من واقع التعدد ليس الحزبي فحسب، وإنما التعدد الثقافي والإثني والديني والمذهبي والمصلحي. وهي بالتالي تستلزم أيضا تفكيك (الشمولية العرقية/الثقافية/القومية) الأحادية ـ هكذا بدون أقواس ـ والتخلي نهائيا عن فلسفة (بوتقة الإنصهار) بالمعنى المكرس في الخطاب الرسمي، واستبدالها بالدولة التعددية ـ أيضا بدون أقواس ـ التي من مقتضياتها الارتفاع بمسألة الهوية المشتركة ـ هوية الدولة ـ من الظرفية إلى التاريخ لتكون هوية مفتوحة تساهم في تشكيلها كل الثقافات الإنسانية وليس الثقافات السودانية فحسب على أساس الحقوق المتساوية للجماعات وإعطاء هذه الحقوق أبعادها السياسية بلامركزية المركز وهي ليست اللامركزية وليست الفيدرالية هي المشاركة المتوازنة بالوجود المتعين في بيت القصيد، وأبعادها الاقتصادية بتفكيك الأنظمة شبه الإقطاعية بإجراءات حاسمة ونسف مبدأ مشروعية التقادم في كل مغتصب، وإلغاء أنظمة الرق القائمة في تقسيم العمل في السودان باعتبار (العمل) هو أساس الكسب وليس العكس كما هو حاصل حتى الآن.
    إلا فتقسيم السودان إلى عدة دول، أو اللحاق بالصومال وهو أيضا حل في رأي البصيرة أم حمد وهي ممن لا يشك في سودانيتهم ولا في قاعدتهم الشعبية. وهناك الكثير من القوى الناهضة وسط الشباب والطلاب والكثير من المتعلمين والقوى التي تشكل الديمقراطية أساسا موضوعيا لمصالحها مما يفتح بوابة الأمل بالإضافة لتفهم الكثير من الدول بشكل أكثر عمقا لقضايا الصراع في السودان.
    خاتمة:
    عمدنا في هذا البحث لحد كبير إلي التركيز على الجوانب الإشكالية في المسألة، إلى تجنب طريقة التقارير الأكاديمية لأنها في الواقع فقيرة فيما يخص الواقع السوداني، وحاولنا أن نقارب القضايا وندعمها باجتهادات فكرية، ولأن طبيعة البحث لا تسمح بالتقصي في كل الأحول في الحيز الذي حددناه لبحثنا، فقد آثرنا تغطية الميادين الضرورية لفهم المشكلة ـ حسب وجهة نظرنا ـ وتركنا أخرى لأنها قد تكون ظاهرة وأسهبنا في أخرى لا يمكن تلخيصها في مقولات عارضة لأنها تحتاج إلى تفصيل وتكرار لإجبار العقل المكوَّن (المغالط) للوقوف وتأملها، ولإحساسنا بأن القضية في السودان ظلت في أغلب الأحيان وما تزال تعالج مجتزأة لدرجة تبعث المرارة، فتارة تجاهل التاريخ وتارة تجاهل الواقع وتارات أخرى مجانبة إعمال الفكر في القضايا (وكل ذلك إما لقصور معرفي لدى البعض الذي يعتمد التقارير (الرسمية) التي تقدمها الأسماء المدرسية والتقارير متحيزة وفي أحيان متفائلة دون مبررات واقعية)، وإما لأنه معني بتبريرات أيديولوجية دفاعية ومن ثم (السكوت) والمسكوت عنه في الخطاب الرسمي في السودان هو في الحقيقة (جوهر المسألة). ولا نظننا أوفينا ويبقى لا عذر لنا على أي حال،
    ولكن سنسير ومن سار على الدرب وصل.
                  

07-24-2009, 10:04 PM

معتصم الطاهر
<aمعتصم الطاهر
تاريخ التسجيل: 11-26-2004
مجموع المشاركات: 3995

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين... (Re: بشري الطيب)

    قدم المؤتمر كثير من الدراسات

    ليت الجميع يحصل عليه للتوثيق
                  

07-25-2009, 03:22 PM

بشري الطيب
<aبشري الطيب
تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 1157

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين... (Re: معتصم الطاهر)


    الأخ معتصم الطاهر سلامات...

    وبالفعل هناك الكثير من الأوراق التي قدمها المؤتمر لمعالجة الشأن السوداني .... هناك جهد حاليا من بعض الشباب للتوثيق لكل الفترة السابقة....


    تشكر على المرور....
                  

07-26-2009, 10:16 AM

Nazar Yousif
<aNazar Yousif
تاريخ التسجيل: 05-07-2005
مجموع المشاركات: 12465

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين... (Re: بشري الطيب)

    الأخ بشرى الطيب
    أولا شكرا على هذا التوثيق.
    ولو أمكن بريدك الالكترونى
    عبر الأخ نور الدين صلاح الدين
    أو ياسر ميرغنى عبد الرحمن .
                  

07-26-2009, 01:12 PM

بشري الطيب
<aبشري الطيب
تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 1157

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين... (Re: Nazar Yousif)

    الأخ نزار تحياتي ...


    معقولة يا نزار ده رد لي جزء من جمائل هذه المدرسة التي علمتنا الكثير


    لو موجود في الخرطوم نلتقي غداً في زواج شقيقة نور الدين ولو ما موجود بتلقى معه طريقة التواصل...



    دم بخير
                  

07-26-2009, 01:22 PM

Nazar Yousif
<aNazar Yousif
تاريخ التسجيل: 05-07-2005
مجموع المشاركات: 12465

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين... (Re: بشري الطيب)

    الأعز بالله بشرى
    المداخلة الفكرية ستأتى على المنبر
    ولكن الآخر له خاصيته .. وحتى لا يسرق .
    والباقى لزوم التأمين كما ينبهنا دوما
    الماجد نور الدين صلاح الدين .
                  

07-27-2009, 09:42 AM

بشري الطيب
<aبشري الطيب
تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 1157

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين... (Re: Nazar Yousif)

    الماجد نزار سلامات....

    قصدت من ردي عليك في المداخلة السابقة أني لا أنتظر شكر على هذا التوثيق فهو رد لفضائل المؤتمر ...

    ولك العذر إن حمل تعبيري لبس ما ....

    ننتظر إسهامك وآخرين .....
                  

07-29-2009, 12:24 PM

بشري الطيب
<aبشري الطيب
تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 1157

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين... (Re: بشري الطيب)


    يعني يا ود الزين يكوركولك ما تجي يجوك تكورك والله كيف ؟؟؟
                  

07-29-2009, 01:23 PM

HAIDER ALZAIN
<aHAIDER ALZAIN
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 22434

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين... (Re: بشري الطيب)



    حبيبنا بشري الطيب .. يا بتاع الكوراك .. هو في كوراك اكتر من الفي راسنا ...

    تقبل اسفي اني والله ما تابعت مداخلتك الاخيرة لانه موضوع المؤتمر وما جلبتموهو هنا محتاج قراءة جميلة غير القراية للغلاط بس .. ويقيني ان ساستفيد مما جلب هنا بواسطتك او جعفر بشير والاخوة حول النظرية العامة وفيهو دراسات قد تستحق الاشادة لكن ما عاوزها تكون من طرف ..
    بيبقي اكتر ما دفع لفتح البوست هو محاولة الكلام عن تجربتهم في جامعة الجزيرة والتي نتمني ان ترفدنا
    بها هنا باعتبارك متابع ومن الداخل وليس مثلي ..
    بها سيكتمل الخيط وليس بجامعة سنار فقط ..

    ولك تحياتي وعذراً مرة اخري
                  

07-29-2009, 01:36 PM

بشري الطيب
<aبشري الطيب
تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 1157

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين... (Re: HAIDER ALZAIN)

    الاكرم حيدر سلامات ....

    لا عليك كل ما في الأمر إننا نحاول أن نعرف أراء الآخرين فيما نراه صحيحاً وليس لدينا قدسية فيه ومتى ما ثبت خطأه فسنتركه وهذا لا يتأتى إلا من خلال النقد ....

    وبالطبع لم أتوقف عند جامعة سنار فقط بل تحدثت عن جامعة السودان وجاييك لي جامعة الجزيرة ...
                  

07-29-2009, 01:46 PM

HAIDER ALZAIN
<aHAIDER ALZAIN
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 22434

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين... (Re: بشري الطيب)

    يديك العافية يا بشري ومتابع معاك ومنتظر حول التجربة في جامعة الجزيرة لانها اكثر ما تهمني ..
    ففيها العديد من اوجه المغالاطات قد نكون تحاملنا عليهم وفق منظورنا التنظيمي لمكاسب ما دون ادني معيار للمصداقية واتباع الحقيقة وقد تكون هناك اخطاء فعلاً وقعت من قبلهم فتم توظيفها ضدهم ..
    وبكل الاحوال اقول لم نسمع منهم حول هذه التجربة بعد ان هدات الاوضاع التي ترتب عليها ضياع الاتحاد ولم أري منهم حرصاً للإسماع صوتهم بنفس قوة إنطلاقتهم الأولي ..
    إذن دعنا ومن خلال البوست نفهم ونعرف ما حدث ..
    وهي دعوة اتمني ان تصل للعددين من ( المُعاصرين ) للتجربة بالجامعة وفي مقدمتهم الاستاذة والزميلة زهرة حيدر ادريس وآخرون هنا من الناشطين السياسين بالجامعة في تلك الفترة ..


    تحياتي
                  

07-29-2009, 02:00 PM

بشري الطيب
<aبشري الطيب
تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 1157

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين... (Re: بشري الطيب)


    وعن جامعة السودان أيضاً لا يفوتني أن أذكر موقف المؤتمر من قضية التسمم ففي العام 2000م أصيب حوالي 37 طالب/ة بالتسمم بعد تناولهم لإفطار رمضان الجابوه ناس صندوق نهب الطلاب في أول أيام الشهر المعظم وبالطبع كانت وقفة كل القوى وبقية الطلاب وقفة مشرفة إلا أن ما يجعلنا نفخر هو الثقة التي كانت يمنحها لنا الطلاب أكثر من غيرنا فمثلاً عند الإجتماع بوزير التعليم العالي وقتها الزبير بشير طه أصر الطلاب على أن يكون ممثل المؤتمر حضوراً للإجتماع وقد كان ثم أنه وبعد إنتهاء الإمتحانات في نهاية رمضان إمتدت بعض الأيادي والتي تنتمي لبعض القوى الوطنية لجوالات السكر المتبقية وبيعت في سوق الله أكبر ولم يجرؤ أحد على إتهام المؤتمرجية ليس خوفا منا ولكن الكل كان يعلم نوعية كادر المؤتمر وترفعوا عن هكذا سلوك.....

    ثم كانت أحداث العام 2002م ودي أغرب أحداث لاقتني يعني لا أيدنا لا كراعنا في مشكلة في كلية الزراعة جامعة الخرطوم جوا ناس الشرطة وبالبلادة المعهودة فيهم كلية الزراعة جامعة السودان وبدو ضرب في الطلاب وإعتقلوا أخرين وكان الموضوع ده يوم الخميس 24/10 بعدها طلعنا في مظاهرة في شارع المعونة وأقمنا مخاطبتنا في أمان الله ثم جينا يوم السبت ولقينا الشرطة محتلة الكلية من الصباح ودخلوا معانا في مفاوضات بواسطة الحرس الجامعي وتعهدوا بأنهم لن يضربوا أحد ولن يدخلوا الي الكلية وسيظلوا خارج السور إلا أن مطالبتنا للعميد بالتدخل لإطلاق سراح المعتقلين جعله يطلب من الشرطة تأديبنا مما أدى الى نشوب معركة حقيقية بين الطلاب والشرطة أصيب على إثرها أكثر من 12 طالب وقد كنت من ضمنهم (ولحدي يوم الليلة محتفظ بي ملابسي في ذاك اليوم مخضبة بدمائها) ولولا لطف الله ثم تدخل أحد أبناء شيخ زين العابدين (الفي شمبات الحلة) كان يمكن أن يكون ذاك اليوم هو آخر يوم لي في هذه الفانية.
                  

08-07-2009, 05:29 PM

بشري الطيب
<aبشري الطيب
تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 1157

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن مؤتمر الطلاب المستقلين .. يا حيدر الزين... (Re: بشري الطيب)



    كل الوطن للناس لا خاصة لا عامة
    مهما العرق دساس ومهما العقيدة أساس
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de