الذكري الاولي لرحيل الشاعر محمود درويش

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-24-2024, 11:30 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-09-2009, 11:14 AM

زهير عثمان حمد
<aزهير عثمان حمد
تاريخ التسجيل: 08-07-2006
مجموع المشاركات: 8273

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الذكري الاولي لرحيل الشاعر محمود درويش

    في مثل هذا اليوم التاسع من أغسطس غادر دينانا الشاعر محمود درويش الي مدرج الخالدين ومصاف من يردد الزمن أشعارهم رحمه كما أمتعنا بفنه وقدم لنا ما يمكن أن يكون جدير بأننا أمه عظيمه رفض أن يكبر، ورحل بلا ورثة ولا مجدّدين
    لم يتح الزمن لمحمود درويش أن يشيخ مع قصائده أو بها، فلم يهبط منحناها ولم تبدُ أسطره الأخيرة ابنة تعب، بل ظلت شابة في عنفوانها، حتى وهي تناجي الموت وتجادله. كانت القصائد الأخيرة لكنها ـــــ مع ذلك ـــــ لم تكن تشبه قصائد النهايات، بل تميزت بخصوبة و(.........)اجة لعلّها السبب في ذلك الشعور المتناقض الذي سكن كل من فوجئ بالرحيل. إذ امتزج الحزن بالطمأنينة في تركيبة نادرة، الطمأنينة لأنّ ذلك الشاعر الكبير منحنا الكثير من الشعر، حتى إننا لن نستطيع أن نفتقده، والحزن لأن ذلك العنفوان المتبدي حتى السطر الأخير، كان ينبئ بالمزيد من القصائد والصور التي وقفت تنتظر دورها فلم تسنح لها الفرصة.
    كان شاباً إلى النهاية، وربما لهذا لم يكن له تلاميذ، بل مقلّدون وغيارى وباحثون عن شفرة امتلكها درويش وحده. يندر خاصة في التراث العربي ألا يكون لشاعر بهذا الحجم مدرسة،
    تجربة حافلة بالدروس التي لا يستطيع تطبيقها الآخرونحتى لو ظن بعضهم أنّها موجودة، لكن عباءة الشاعر لم تنجب سوى نسخ صغيرة ذابت فيه. أما بعدما وضعت النقطة الأخيرة في نهاية السطر الأخير للقصيدة الدرويشية الأخيرة، فلا ورثة ولا مجددون، بل طرق أخرى مختلفة تماماً يتقاطع أصحابها مع درويش في أسئلته الإنسانية، لا في لغته. يفيدون من تجربته معرفياً، لا أسلوبياً.
    فرادة درويش أنّه ارتدى مجده ثياباً كلاسيكية في مقهى عصري، صعدت قصيدة النثر العربية ونمت وتطورت حول درويش في كل مكان، فلم تمسّ منه ولم يمسّ منها، ولم يلتقيا في موعد، لا حبّ ولا كراهية، فقط بضع كلمات هنا أو هناك من لزوميات الإجابة عند السؤال. كأنه وتلك القصيدة الحديثة عالمان منفصلان لا يرى أحدهما الآخر، فلا يأخذ واحدهما من مكانة الثاني، لا يحاربه ولا يخوض معاركه، لا يزيده ولا ينقص منه.
    لأنه لم يكن مدرسة، فإن محاولة استخلاص درس منه ستنتج حلولاً غريبة. صحيح أنه برهن على اتساع الشكل القديم لمعانٍ جديدة، وعلى ازدهار الصورة الشعرية في عالم الصورة البصرية، وعلى بقاء الشاعر رمزاً وبقاء الشعر نصاً مقروءاً في الوسع. ولكن مشكلة كل تلك «الدروس» أنّها ارتبطت بدرويش نفسه، ولم تبرهن بعد على قابلية إعادة التطبيق في واقع تضيق فيه مساحة قراءة الشعر على رغم اتساع السوق، وغزارة الأدب.
    وما زال الشعراء الجماهيريّون الآخرون في معظمهم لا يليقون بأن يكونوا زملاء درويش، بل يداعبون في الشعر أجهله، ويلجأون إلى الكلمات التي تكملها آذان المتلقّين تلقائياً لكثرة ما سمعوها من قبل... أما في القصيدة الحديثة، فتضيق دائرة المتلقين حتى تكاد تقتصر أحياناً على كتّاب تلك القصيدة أنفسهم. وهي حالة لم يغيّر منها كثيراً تقدم وسائل النشر والاتصال، وزادت من تدهورها مسابقات الشعر التلفزيونية التي أكملت الجريمة المعرفية التي بدأتها مناهج التعليم. ومع ذلك، تواصل القصيدة الجديدة ازدهار «الكتابة» لا الانتشار. وفي خضم صراع كتابها ضد حراس الماضي، يستثنون محمود درويش من غضبهم، لأنّه أشعر من أن يعاديه أحد!
                  

08-09-2009, 12:22 PM

عبدالأله زمراوي
<aعبدالأله زمراوي
تاريخ التسجيل: 05-22-2003
مجموع المشاركات: 744

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري الاولي لرحيل الشاعر محمود درويش (Re: زهير عثمان حمد)

    الأخ العزيز زهير...

    مسكاقمي، درويش خالد وباق بأشعاره فينا الى قيام الساعة. وأرجو أن نوّفق معا
    لنقل أشعاره وحياته والإحتفاء بها في هذا الخيط...

    **************************************************************

    محمود درويش
    من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة


    الاسم محمود درويش
    المهنة شاعر فلسطيني
    مكان وتاريخ الميلاد قرية البروة الجليل، فلسطين 1941
    مكان وتاريخ الوفاة هيوستن, تكساس الولايات المتحدة الأمريكية 9 أغسطس 2008
    محمود درويش (13 مارس 1941 - 9 أغسطس 2008)، أحد أهم الشعراء الفلسطينين واللغة العربية الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والوطن. يعتبر درويش أحد أبرز من ساهم بتطوير الشعر العربي الحديث وإدخال الرمزية فيه. في شعر درويش يمتزج الحب بالوطن بالحبيبة الأنثى. قام بكتابة وثيقة إعلان الاستقلال الفلسطيني[1] التي تم إعلانها في الجزائر.


    حياته
    ولد عام 1941 في قرية البروة وهي قرية فلسطينية تقع في الجليل[2] قرب ساحل عكا.حيث كانت أسرته تملك أرضا هناك. خرجت الأسرة برفقة اللاجئين الفلسطينيين في العام 1947 إلى لبنان ،ثم عادت متسللة العام 1949 بعيد توقيع اتفاقيات السلام المؤقتة،[3] لتجد القرية مهدومة وقد أقيم على أراضيها موشاف (قرية زراعية إسرائيلية)"أحيهود".[4][5] وكيبوتس يسعور[6]. فعاش مع عائلته في قرية الجديدة.

    بعد إنهائه تعليمه الثانوي في مدرسة يني الثانوية في كفرياسيف انتسب إلى الحزب الشيوعي الإسرائيلي وعمل في صحافة الحزب [7] مثل الاتحاد والجديد التي أصبح في ما بعد مشرفا على تحريرها، كما اشترك في تحرير جريدة الفجر التي كان يصدرها مبام.

    اعتقل من قبل السلطات الإسرائيلية مرارا بدأ من العام 1961 بتهم تتعلق بتصريحاته ونشاطه السياسي وذلك حتى عام 1972 حيث توجه إلى للاتحاد السوفييتي للدراسة،[8] وانتقل بعدها لاجئا إلى القاهرة في ذات العام حيث التحق بمنظمة التحرير الفلسطينية،[9] ثم لبنان حيث عمل في مؤسسات النشر والدراسات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، علماً إنه استقال من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير احتجاجاً على اتفاقية أوسلو. كما أسس مجلة الكرمل الثقافية .[10]

    شغل منصب رئيس رابطة الكتاب والصحفيين الفلسطينيين وحرر مجلة الكرمل. كانت اقامته في باريس قبل عودته إلى وطنه حيث أنه دخل إلى فلسطين بتصريح لزيارة أمه. وفي فترة وجوده هناك قدم بعض أعضاء الكنيست الإسرائيلي العرب واليهود اقتراحا بالسماح له بالبقاء وقد سمح له بذلك. ساهم في إطلاقه واكتشافه الشاعر والفيلسوف اللبناني روبير غانم، عندما بدأ هذا الأخير ينشر قصائد لمحمود درويش على صفحات الملحق الثقافي لجريدة الأنوار والتي كان يترأس تحريرها ( يرجى مراجعة الصفحة الثقافية لجريدة الأنوار عدد 13/10/2008 والتي فيها كافة التفاصيل عن طريقة اكتشاف محمود درويش)ومحموددرويش كان يرتبط بعلاقات صداقة بالعديدمن الشعراء منهم فتاح الفتيوري من السودان ونزار قباني من سوريا وفالح الحجية من العراق ورعدبندر من العراق وغيرهم من افذاذ الادب في الشرق الاوسط


    جوائز وتكريم
    جائزة لوتس عام 1969.
    جائزة البحر المتوسط عام 1980.
    درع الثورة الفلسطينية عام 1981.
    لوحة أوروبا للشعر عام 1981.
    جائزة ابن سينا في الإتحاد السوفيتي عام 1982.
    جائزة لينين في الإتحاد السوفييتي عام 1983.
    الصنف الأول من وسام الاستحقاق الثقافي تونس 1993
    الوسام الثقافي للسابع من نوفمبر 2007 تونس
    جائزة الأمير كلاوس الهولندية عام 2004[11].
    جائزة القاهرة للشعر العربي عام 2007[12].
    كما أعلنت وزارة الاتصالات الفلسطينية في 27 يوليو 2008 عن إصدارها طابع بريد يحمل صورة محمود درويش . [13]
    الأركانة المغربية الدولية تسلمها بعد وفاته أحمد درويش شقيق الشاعر محمود درويش يوم الجمعة الموافق 1-12-2008 0


    بعض قصائده ومؤلفاته
    عصافير بلا أجنحة (شعر) - 1960.
    catid=36:his-poems&Itemid=69أوراق الزيتون (شعر).1964
    عاشق من فلسطين (شعر)1966
    آخر الليل (شعر).1967
    مطر ناعم في خريف بعيد (شعر).
    يوميات الحزن العادي (خواطر وقصص).
    يوميات جرح فلسطيني (شعر)
    حبيبتي تنهض من نومها (شعر).1970
    محاولة رقم 7 (شعر).
    مديح الظل العالي (شعر).
    هي أغنية ... هي أغنية (شعر).
    لا تعتذر عما فعلت (شعر).
    عرائس.
    العصافير تموت في الجليل.1970
    أحبك أو لا أحبك (شعر).1972
    تلك صوتها وهذا انتحار العاشق.1975
    حصار لمدائح البحر (شعر).
    شيء عن الوطن (شعر).
    ذاكرة للنسيان.
    وداعاً أيتها الحرب وداعا أيها السلم (مقالات).
    كزهر اللوز أو أبعد
    في حضرة الغياب (نص) - 2006
    لماذا تركت الحصان وحيداً.1995
    بطاقة هوية (شعر)
    أثر الفراشة (شعر) - 2008
    أنت منذ الآن غيرك (17 يونيو 2008 ، وانتقد فيها التقاتل الداخلي الفلسطيني) .
    «لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي» الديوان الأخير الذي صدر بعد وفاة الشاعر محمود درويش عن دار رياض الريس في آذار 2009
    [15]


    وفاته
    توفي في الولايات المتحدة الأمريكية يوم السبت 9 أغسطس 2008[16] بعد إجراءه لعملية القلب المفتوح في المركز الطبي في هيوستن، التي دخل بعدها في غيبوبة أدت إلى وفاته بعد أن قرر الأطباء نزع أجهزة الإنعاش.

    و أعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الحداد 3 أيام في كافة الأراضي الفلسطينية حزنا على وفاة الشاعر الفلسطيني، واصفا درويش "عاشق فلسطين" و"رائد المشروع الثقافي الحديث، والقائد الوطني اللامع والمعطاء".[17]

    وقد وري جثمانه الثرى في 13 أغسطس في مدينة رام الله حيث خصصت له هناك قطعة أرض في قصر رام الله الثقافي. وتم الإعلان عن تسمية القصر بقصر محمود درويش للثقافة. وقد شارك في جنازته الآلالف من أبناء الشعب الفلسطيني وقد حضر أيضا أهله من أراضي 48 وشخصيات أخرى على رأسهم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. تم نقل جثمان الشاعر محمود درويش إلى رام الله بعد وصوله إلى العاصمة الأردنية عمّان ، حيث كان هناك العديد من الشخصيات من العالم العربي لتوديعه.


    دراسات عن شعره
    Hala Khamis Nassar and Najat Rahman (eds.), Mahmoud Darwish, Exile’s Poet: Critical Essays. Northampton

    الرابط:

    http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%AD%D9%85%D9%88%D...B1%D9%88%D9%8A%D8%B4

    (عدل بواسطة عبدالأله زمراوي on 08-09-2009, 12:28 PM)

                  

08-09-2009, 12:25 PM

عبدالأله زمراوي
<aعبدالأله زمراوي
تاريخ التسجيل: 05-22-2003
مجموع المشاركات: 744

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري الاولي لرحيل الشاعر محمود درويش (Re: زهير عثمان حمد)

    هذه من أحب القصائد لنفسي...


    جدارية

    هذا هُوَ اسمُكَ /
    قالتِ امرأةٌ ،
    وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ…
    أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي .
    ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ
    طُفُولَةٍ أَخرى . ولم أَحلُمْ بأني
    كنتُ أَحلُمُ . كُلُّ شيءٍ واقعيٌّ . كُنْتُ
    أَعلَمُ أَنني أُلْقي بنفسي جانباً…
    وأَطيرُ . سوف أكونُ ما سأَصيرُ في
    الفَلَك الأَخيرِ .

    وكُلُّ شيء أَبيضُ ،
    البحرُ المُعَلَّقُ فوق سقف غمامةٍ
    بيضاءَ . والَّلا شيء أَبيضُ في
    سماء المُطْلَق البيضاءِ . كُنْتُ ، ولم
    أَكُنْ . فأنا وحيدٌ في نواحي هذه
    الأَبديَّة البيضاء . جئتُ قُبَيْل ميعادي
    فلم يَظْهَرْ ملاكٌ واحدٌ ليقول لي :
    (( ماذا فعلتَ ، هناك ، في الدنيا ؟ ))
    ولم أَسمع هُتَافَ الطيِّبينَ ، ولا
    أَنينَ الخاطئينَ ، أَنا وحيدٌ في البياض ،
    أَنا وحيدُ …

    لاشيء يُوجِعُني على باب القيامةِ .
    لا الزمانُ ولا العواطفُ . لا
    أُحِسُّ بخفَّةِ الأشياء أَو ثِقَلِ
    الهواجس . لم أَجد أَحداً لأسأل :
    أَين (( أَيْني )) الآن ؟ أَين مدينةُ
    الموتى ، وأَين أَنا ؟ فلا عَدَمٌ
    هنا في اللا هنا … في اللازمان ،
    ولا وُجُودُ

    وكأنني قد متُّ قبل الآن …
    أَعرفُ هذه الرؤيا ، وأَعرفُ أَنني
    أَمضي إلى ما لَسْتُ أَعرفُ . رُبَّما
    ما زلتُ حيّاً في مكانٍ ما، وأَعرفُ
    ما أُريدُ …
    سأصيرُ يوماً ما أُريدُ

    سأَصيرُ يوماً فكرةً . لا سَيْفَ يحملُها
    إلى الأرضِ اليبابِ ، ولا كتابَ …
    كأنَّها مَطَرٌ على جَبَلٍ تَصَدَّعَ من
    تَفَتُّح عُشْبَةٍ ،
    لا القُوَّةُ انتصرتْ
    ولا العَدْلُ الشريدُ
                  

08-09-2009, 05:43 PM

زهير عثمان حمد
<aزهير عثمان حمد
تاريخ التسجيل: 08-07-2006
مجموع المشاركات: 8273

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري الاولي لرحيل الشاعر محمود درويش (Re: عبدالأله زمراوي)

    أخي والشاعر الفنان
    عبد الاله
    لك تحياتي وكل الودشكرا لمرورك ومشاركتك الرائعه حفظك الله لنا

                  

08-09-2009, 08:30 PM

توما
<aتوما
تاريخ التسجيل: 08-07-2003
مجموع المشاركات: 1466

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري الاولي لرحيل الشاعر محمود درويش (Re: زهير عثمان حمد)

    رحم الله درويش

    وقد شكل وجداننا

    وعلمنا أن علي هذه الارض ما يستحق الحياة




    محمود درويش



    حالة حصار

    هنا، عند مُنْحَدَرات التلال، أمام الغروب وفُوَّهَة الوقت،
    قُرْبَ بساتينَ مقطوعةِ الظلِ،
    نفعلُ ما يفعلُ السجناءُ،
    وما يفعل العاطلون عن العمل:
    نُرَبِّي الأملْ.

    بلادٌ علي أُهْبَةِ الفجر. صرنا أَقلَّ ذكاءً،
    لأَنَّا نُحَمْلِقُ في ساعة النصر:
    لا لَيْلَ في ليلنا المتلألئ بالمدفعيَّة.
    أَعداؤنا يسهرون وأَعداؤنا يُشْعِلون لنا النورَ
    في حلكة الأَقبية.

    هنا، بعد أَشعار أَيّوبَ لم ننتظر أَحداً...

    سيمتدُّ هذا الحصارُ إلي أن نعلِّم أَعداءنا
    نماذجَ من شِعْرنا الجاهليّ.

    أَلسماءُ رصاصيّةٌ في الضُحى
    بُرْتقاليَّةٌ في الليالي. وأَمَّا القلوبُ
    فظلَّتْ حياديَّةً مثلَ ورد السياجْ.

    هنا، لا أَنا
    هنا، يتذكَّرُ آدَمُ صَلْصَالَهُ...

    يقولُ على حافَّة الموت:
    لم يَبْقَ بي مَوْطِئٌ للخسارةِ:
    حُرٌّ أَنا قرب حريتي. وغدي في يدي.
    سوف أَدخُلُ عمَّا قليلٍ حياتي،
    وأولَدُ حُرّاً بلا أَبَوَيْن،
    وأختارُ لاسمي حروفاً من اللازوردْ...

    في الحصار، تكونُ الحياةُ هِيَ الوقتُ
    بين تذكُّرِ أَوَّلها.
    ونسيانِ آخرِها.

    هنا، عند مُرْتَفَعات الدُخان، على دَرَج البيت،
    لا وَقْتَ للوقت.
    نفعلُ ما يفعلُ الصاعدون إلى الله:
    ننسي الأَلمْ.

    الألمْ
    هُوَ: أن لا تعلِّق سيِّدةُ البيت حَبْلَ الغسيل
    صباحاً، وأنْ تكتفي بنظافة هذا العَلَمْ.

    لا صدىً هوميريٌّ لشيءٍ هنا.
    فالأساطيرُ تطرق أبوابنا حين نحتاجها.
    لا صدىً هوميريّ لشيء. هنا جنرالٌ
    يُنَقِّبُ عن دَوْلَةٍ نائمةْ
    تحت أَنقاض طُرْوَادَةَ القادمةْ

    يقيسُ الجنودُ المسافةَ بين الوجود وبين العَدَمْ
    بمنظار دبّابةٍ...

    نقيسُ المسافَةَ ما بين أَجسادنا والقذائفِ بالحاسّة السادسةْ.

    أَيُّها الواقفون على العَتَبات ادخُلُوا،
    واشربوا معنا القهوةَ العربيَّةَ
    غقد تشعرون بأنكمُ بَشَرٌ مثلنا.
    أَيها الواقفون على عتبات البيوت!
    اُخرجوا من صباحاتنا،
    نطمئنَّ إلى أَننا
    بَشَرٌ مثلكُمْ!

    نَجِدُ الوقتَ للتسليةْ:
    نلعبُ النردَ، أَو نَتَصَفّح أَخبارَنا
    في جرائدِ أَمسِ الجريحِ،
    ونقرأ زاويةَ الحظِّ: في عامِ
    أَلفينِ واثنينِ تبتسم الكاميرا
    لمواليد بُرْجِ الحصار.

    كُلَّما جاءني الأمسُ، قلت له:
    ليس موعدُنا اليومَ، فلتبتعدْ
    وتعالَ غداً !

    أُفكِّر، من دون جدوى:
    بماذا يُفَكِّر مَنْ هُوَ مثلي، هُنَاكَ
    على قمَّة التلّ، منذ ثلاثةِ آلافِ عامٍ،
    وفي هذه اللحظة العابرةْ؟
    فتوجعنُي الخاطرةْ
    وتنتعشُ الذاكرةْ

    عندما تختفي الطائراتُ تطيرُ الحماماتُ،
    بيضاءَ بيضاءَ، تغسِلُ خَدَّ السماء
    بأجنحةٍ حُرَّةٍ، تستعيدُ البهاءَ وملكيَّةَ
    الجوِّ واللَهْو. أَعلى وأَعلى تطيرُ
    الحماماتُ، بيضاءَ بيضاءَ. ليت السماءَ
    حقيقيّةٌ قال لي رَجَلٌ عابرٌ بين قنبلتين

    الوميضُ، البصيرةُ، والبرقُ
    قَيْدَ التَشَابُهِ...
    عمَّا قليلٍ سأعرفُ إن كان هذا
    هو الوحيُ...
    أو يعرف الأصدقاءُ الحميمون أنَّ القصيدةَ
    مَرَّتْ، وأَوْدَتْ بشاعرها

    إلي ناقدٍ: لا تُفسِّر كلامي
    بملعَقةِ الشايِ أَو بفخِاخ الطيور!
    يحاصرني في المنام كلامي
    كلامي الذي لم أَقُلْهُ،
    ويكتبني ثم يتركني باحثاً عن بقايا منامي

    شَجَرُ السرو، خلف الجنود، مآذنُ تحمي
    السماءَ من الانحدار. وخلف سياج الحديد
    جنودٌ يبولون ـ تحت حراسة دبَّابة ـ
    والنهارُ الخريفيُّ يُكْملُ نُزْهَتَهُ الذهبيَّةَ في
    شارعٍ واسعٍ كالكنيسة بعد صلاة الأَحد...

    نحبُّ الحياةَ غداً
    عندما يَصِلُ الغَدُ سوف نحبُّ الحياة
    كما هي، عاديّةً ماكرةْ
    رماديّة أَو مُلوَّنةً.. لا قيامةَ فيها ولا آخِرَةْ
    وإن كان لا بُدَّ من فَرَحٍ
    فليكن
    خفيفاً على القلب والخاصرةْ
    فلا يُلْدَغُ المُؤْمنُ المتمرِّنُ
    من فَرَحٍ ... مَرَّتَينْ!

    قال لي كاتبٌ ساخرٌ:
    لو عرفتُ النهاية، منذ البدايةَ،
    لم يَبْقَ لي عَمَلٌ في اللٌّغَةْ

    إلي قاتلٍ: لو تأمَّلْتَ وَجْهَ الضحيّةْ
    وفكَّرتَ، كُنْتَ تذكَّرْتَ أُمَّك في غُرْفَةِ
    الغازِ، كُنْتَ تحرَّرتَ من حكمة البندقيَّةْ
    وغيَّرتَ رأيك: ما هكذا تُسْتَعادُ الهُويَّةْ

    إلى قاتلٍ آخر: لو تَرَكْتَ الجنينَ ثلاثين يوماً،
    إِذَاً لتغيَّرتِ الاحتمالاتُ:
    قد ينتهي الاحتلالُ ولا يتذكَّرُ ذاك الرضيعُ زمانَ الحصار،
    فيكبر طفلاً معافي،
    ويدرُسُ في معهدٍ واحد مع إحدى بناتكَ
    تارِيخَ آسيا القديمَ.
    وقد يقعان معاً في شِباك الغرام.
    وقد يُنْجبان اُبنةً (وتكونُ يهوديَّةً بالولادةِ).
    ماذا فَعَلْتَ إذاً ؟
    صارت ابنتُكَ الآن أَرملةً،
    والحفيدةُ صارت يتيمةْ ؟
    فماذا فَعَلْتَ بأُسرتكَ الشاردةْ
    وكيف أَصَبْتَ ثلاثَ حمائمَ بالطلقة الواحدةْ ؟

    لم تكن هذه القافيةْ
    ضَرُوريَّةً، لا لضْبطِ النَغَمْ
    ولا لاقتصاد الأَلمْ
    إنها زائدةْ
    كذبابٍ على المائدةْ

    الضبابُ ظلامٌ، ظلامٌ كثيفُ البياض
    تقشِّرُهُ البرتقالةُ والمرأةُ الواعدة.

    الحصارُ هُوَ الانتظار
    هُوَ الانتظارُ على سُلَّمٍ مائلٍ وَسَطَ العاصفةْ

    وَحيدونَ، نحن وحيدون حتى الثُمالةِ
    لولا زياراتُ قَوْسِ قُزَحْ

    لنا اخوةٌ خلف هذا المدى.
    اخوةٌ طيّبون. يُحبُّوننا. ينظرون إلينا ويبكون.
    ثم يقولون في سرِّهم:
    ليت هذا الحصارَ هنا علنيٌّ.. ولا يكملون العبارةَ:
    لا تتركونا وحيدين، لا تتركونا.

    خسائرُنا: من شهيدين حتى ثمانيةٍ كُلَّ يومٍ.
    وعَشْرَةُ جرحى.
    وعشرون بيتاً.
    وخمسون زيتونةً...
    بالإضافة للخَلَل البُنْيويّ الذي
    سيصيب القصيدةَ والمسرحيَّةَ واللوحة الناقصةْ

    في الطريق المُضَاء بقنديل منفي
    أَرى خيمةً في مهبِّ الجهاتْ:
    الجنوبُ عَصِيٌّ على الريح،
    والشرقُ غَرْبٌ تَصوَّفَ،
    والغربُ هُدْنَةُ قتلي يَسُكُّون نَقْدَ السلام،
    وأَمَّا الشمال، الشمال البعيد
    فليس بجغرافيا أَو جِهَةْ
    إنه مَجْمَعُ الآلهةْ

    قالت امرأة للسحابة: غطِّي حبيبي
    فإنَّ ثيابي مُبَلَّلةٌ بدَمِهْ

    إذا لم تَكُنْ مَطَراً يا حبيبي
    فكُنْ شجراً
    مُشْبَعاً بالخُصُوبةِ، كُنْ شَجَرا
    وإنْ لم تَكُنْ شجراً يا حبيبي
    فكُنْ حجراً
    مُشْبعاً بالرُطُوبةِ، كُنْ حَجَرا
    وإن لم تَكُنْ حجراً يا حبيبي
    فكن قمراً
    في منام الحبيبة، كُنْ قَمرا
    هكذا قالت امرأةٌ
    لابنها في جنازته

    أيَّها الساهرون ! أَلم تتعبوا
    من مُرَاقبةِ الضوءِ في ملحنا
    ومن وَهَج الوَرْدِ في جُرْحنا
    أَلم تتعبوا أَيُّها الساهرون ؟

    واقفون هنا. قاعدون هنا. دائمون هنا. خالدون هنا.
    ولنا هدف واحدٌ واحدٌ واحدٌ: أن نكون.
    ومن بعده نحن مُخْتَلِفُونَ على كُلِّ شيء:
    علي صُورة العَلَم الوطنيّ (ستُحْسِنُ صُنْعاً لو اخترتَ يا شعبيَ الحيَّ رَمْزَ الحمار البسيط).
    ومختلفون علي كلمات النشيد الجديد
    (ستُحْسِنُ صُنْعاً لو اخترتَ أُغنيَّةً عن زواج الحمام).
    ومختلفون علي واجبات النساء
    (ستُحْسِنُ صُنْعاً لو اخْتَرْتَ سيّدةً لرئاسة أَجهزة الأمنِ).
    مختلفون على النسبة المئوية، والعامّ والخاص،
    مختلفون على كل شيء. لنا هدف واحد: أَن نكون ...
    ومن بعده يجدُ المرء مُتّسعاً لاختيار الهدفْ.

    قال لي في الطريق إلى سجنه:
    عندما أَتحرّرُ أَعرفُ أنَّ مديحَ الوطنْ
    كهجاء الوطنْ
    مِهْنَةٌ مثل باقي المِهَنْ !

    قَليلٌ من المُطْلَق الأزرقِ اللا نهائيِّ
    يكفي
    لتخفيف وَطْأَة هذا الزمانْ
    وتنظيف حَمأةِ هذا المكان

    على الروح أَن تترجَّلْ
    وتمشي على قَدَمَيْها الحريريّتينِ
    إلى جانبي، ويداً بيد، هكذا صاحِبَيْن
    قديمين يقتسمانِ الرغيفَ القديم
    وكأسَ النبيذِ القديم
    لنقطع هذا الطريق معاً
    ثم تذهب أَيَّامُنا في اتجاهَيْنِ مُخْتَلِفَينْ:
    أَنا ما وراءَ الطبيعةِ. أَمَّا هِيَ
    فتختار أَن تجلس القرفصاء على صخرة عاليةْ

    إلى شاعرٍ: كُلَّما غابَ عنك الغيابْ
    تورَّطتَ في عُزْلَة الآلهةْ
    فكن ذاتَ موضوعك التائهةْ
    و موضوع ذاتكَ. كُنْ حاضراً في الغيابْ

    يَجِدُ الوقتَ للسُخْرِيَةْ:
    هاتفي لا يرنُّ
    ولا جَرَسُ الباب أيضاً يرنُّ
    فكيف تيقَّنتِ من أَنني
    لم أكن ههنا !

    يَجدُ الوَقْتَ للأغْنيَةْ:
    في انتظارِكِ، لا أستطيعُ انتظارَكِ.
    لا أَستطيعُ قراءةَ دوستويفسكي
    ولا الاستماعَ إلى أُمِّ كلثوم أَو ماريّا كالاس وغيرهما.
    في انتظارك تمشي العقاربُ في ساعةِ اليد نحو اليسار...
    إلي زَمَنٍ لا مكانَ لَهُ.
    في انتظارك لم أنتظرك، انتظرتُ الأزَلْ.

    يَقُولُ لها: أَيّ زهرٍ تُحبِّينَهُ
    فتقولُ: القُرُنْفُلُ .. أَسودْ
    يقول: إلى أَين تمضين بي، والقرنفل أَسودْ ؟
    تقول: إلى بُؤرة الضوءِ في داخلي
    وتقولُ: وأَبْعَدَ ... أَبْعدَ ... أَبْعَدْ

    سيمتدُّ هذا الحصار إلى أَن يُحِسَّ المحاصِرُ، مثل المُحَاصَر،
    أَن الضَجَرْ
    صِفَةٌ من صفات البشرْ.

    لا أُحبُّكَ، لا أكرهُكْ ـ
    قال مُعْتَقَلٌ للمحقّق: قلبي مليء
    بما ليس يَعْنيك. قلبي يفيض برائحة المَرْيَميّةِ.
    قلبي بريء مضيء مليء،
    ولا وقت في القلب للامتحان. بلى،
    لا أُحبُّكَ. مَنْ أَنت حتَّى أُحبَّك؟
    هل أَنت بعضُ أَنايَ، وموعدُ شاي،
    وبُحَّة ناي، وأُغنيّةٌ كي أُحبَّك؟
    لكنني أكرهُ الاعتقالَ ولا أَكرهُكْ
    هكذا قال مُعْتَقَلٌ للمحقّقِ: عاطفتي لا تَخُصُّكَ.
    عاطفتي هي ليلي الخُصُوصيُّ...
    ليلي الذي يتحرَّكُ بين الوسائد حُرّاً من الوزن والقافيةْ !

    جَلَسْنَا بعيدينَ عن مصائرنا كطيورٍ
    تؤثِّثُ أَعشاشها في ثُقُوب التماثيل،
    أَو في المداخن، أو في الخيام التي
    نُصِبَتْ في طريق الأمير إلي رحلة الصَيّدْ...

    على طَلَلي ينبتُ الظلُّ أَخضرَ،
    والذئبُ يغفو علي شَعْر شاتي
    ويحلُمُ مثلي، ومثلَ الملاكْ
    بأنَّ الحياةَ هنا ... لا هناكْ

    الأساطير ترفُضُ تَعْديلَ حَبْكَتها
    رُبَّما مَسَّها خَلَلٌ طارئٌ
    ربما جَنَحَتْ سُفُنٌ نحو يابسةٍ
    غيرِ مأهولةٍ،
    فأصيبَ الخياليُّ بالواقعيِّ،
    ولكنها لا تغيِّرُ حبكتها.
    كُلَّما وَجَدَتْ واقعاً لا يُلائمها
    عدَّلَتْهُ بجرَّافة.
    فالحقيقةُ جاريةُ النصِّ، حَسْناءُ،
    بيضاءُ من غير سوء ...

    إلي شبه مستشرق: ليكُنْ ما تَظُنُّ.
    لنَفْتَرِضِ الآن أَني غبيٌّ، غبيٌّ، غبيٌّ.
    ولا أَلعبُ الجولف.
    لا أَفهمُ التكنولوجيا،
    ولا أَستطيعُ قيادةَ طيّارةٍ!
    أَلهذا أَخَذْتَ حياتي لتصنَعَ منها حياتَكَ؟
    لو كُنْتَ غيرَكَ، لو كنتُ غيري،
    لكُنَّا صديقين يعترفان بحاجتنا للغباء.
    أَما للغبيّ، كما لليهوديّ في تاجر البُنْدُقيَّة
    قلبٌ، وخبزٌ، وعينان تغرورقان؟

    في الحصار، يصير الزمانُ مكاناً
    تحجَّرَ في أَبَدِهْ
    في الحصار، يصير المكانُ زماناً
    تخلَّف عن أَمسه وَغدِهْ

    هذه الأرضُ واطئةٌ، عاليةْ
    أَو مُقَدَّسَةٌ، زانيةْ
    لا نُبالي كثيراً بسحر الصفات
    فقد يُصْبِحُ الفرجُ، فَرْجُ السماواتِ،
    جغْرافيةْ !

    أَلشهيدُ يُحاصرُني كُلَّما عِشْتُ يوماً جديداً
    ويسألني: أَين كُنْت ؟ أَعِدْ للقواميس كُلَّ الكلام الذي كُنْتَ أَهْدَيْتَنِيه،
    وخفِّفْ عن النائمين طنين الصدى

    الشهيدُ يُعَلِّمني: لا جماليَّ خارجَ حريتي.

    الشهيدُ يُوَضِّحُ لي: لم أفتِّشْ وراء المدى
    عن عذارى الخلود، فإني أُحبُّ الحياةَ
    علي الأرض، بين الصُنَوْبرِ والتين،
    لكنني ما استطعتُ إليها سبيلاً، ففتَّشْتُ
    عنها بآخر ما أملكُ: الدمِ في جَسَدِ اللازوردْ.

    الشهيدُ يُحاصِرُني: لا تَسِرْ في الجنازة
    إلاّ إذا كُنْتَ تعرفني. لا أُريد مجاملةً
    من أَحَدْ.

    الشهيد يُحَذِّرُني: لا تُصَدِّقْ زغاريدهُنَّ.
    وصدّق أَبي حين ينظر في صورتي باكياً:
    كيف بدَّلْتَ أدوارنا يا بُنيّ، وسِرْتَ أَمامي.
    أنا أوّلاً، وأنا أوّلاً !

    الشهيدُ يُحَاصرني: لم أُغيِّرْ سوى موقعي وأَثاثي الفقيرِ.
    وَضَعْتُ غزالاً على مخدعي،
    وهلالاً على إصبعي،
    كي أُخفِّف من وَجَعي !

    سيمتدُّ هذا الحصار ليقنعنا باختيار عبوديّة لا تضرّ، ولكن بحريَّة كاملة!!.

    أَن تُقَاوِم يعني: التأكُّدَ من صحّة
    القلب والخُصْيَتَيْن، ومن دائكَ المتأصِّلِ:
    داءِ الأملْ.

    وفي ما تبقَّى من الفجر أَمشي إلى خارجي
    وفي ما تبقّى من الليل أسمع وقع الخطي داخلي.

    سلامٌ على مَنْ يُشَاطرُني الانتباهَ إلي
    نشوة الضوءِ، ضوءِ الفراشةِ، في
    ليل هذا النَفَقْ.

    سلامٌ على مَنْ يُقَاسمُني قَدَحي
    في كثافة ليلٍ يفيض من المقعدين:
    سلامٌ على شَبَحي.

    إلي قارئ: لا تَثِقْ بالقصيدةِ ـ
    بنتِ الغياب. فلا هي حَدْسٌ، ولا
    هي فِكْرٌ، ولكنَّها حاسَّةُ الهاويةْ.

    إذا مرض الحبُّ عالجتُهُ
    بالرياضة والسُخْريةْ
    وَبفصْلِ المُغنِّي عن الأغنيةْ

    أَصدقائي يُعدُّون لي دائماً حفلةً
    للوداع، وقبراً مريحاً يُظَلِّلهُ السنديانُ
    وشاهدةً من رخام الزمن
    فأسبقهم دائماً في الجنازة:
    مَنْ مات.. مَنْ ؟

    الحصارُ يُحَوِّلني من مُغَنٍّ الى . . . وَتَرٍ سادس في الكمانْ!

    الشهيدةُ بنتُ الشهيدةِ بنتُ الشهيد وأختُ الشهيدِ
    وأختُ الشهيدةِ كنَّةُ أمِّ الشهيدِ حفيدةُ جدٍّ شهيد
    وجارةُ عمِّ الشهيد الخ ... الخ ..
    ولا نبأ يزعج العالَمَ المتمدِّن،
    فالزَمَنُ البربريُّ انتهى.
    والضحيَّةُ مجهولَةُ الاسم، عاديّةٌ،
    والضحيَّةُ ـ مثل الحقيقة ـ نسبيَّةٌ الخ ... الخ ف

    هدوءاً، هدوءاً، فإن الجنود يريدون
    في هذه الساعة الاستماع إلي الأغنيات
    التي استمع الشهداءُ إليها، وظلَّت كرائحة
    البُنّ في دمهم، طازجة.

    هدنة، هدنة لاختبار التعاليم: هل تصلُحُ الطائراتُ محاريثَ ؟
    قلنا لهم: هدنة، هدنة لامتحان النوايا،
    فقد يتسرَّبُ شيءٌ من السِلْم للنفس.
    عندئذٍ نتباري على حُبِّ أشيائنا بوسائلَ شعريّةٍ.
    فأجابوا: ألا تعلمون بأن السلام مع النَفْس
    يفتح أبوابَ قلعتنا لِمقَامِ الحجاز أو النَهَوَنْد ؟
    فقلنا: وماذا ؟ ... وَبعْد ؟

    الكتابةُ جَرْوٌ صغيرٌ يَعَضُّ العَدَمْ
    الكتابةُ تجرَحُ من دون دَمْ..

    فناجينُ قهوتنا. والعصافيرُ والشَجَرُ الأخضرُ
    الأزرقُ الظلِّ. والشمسُ تقفز من حائط
    نحو آخرَ مثل الغزالة.
    والماءُ في السُحُب اللانهائية الشكل في ما تبقَّي لنا
    من سماء. وأشياءُ أخرى مؤجَّلَةُ الذكريات
    تدلُّ على أن هذا الصباح قويّ بهيّ،
    وأَنَّا ضيوف على الأبديّةْ.


    ****

    شكراً زهير
                  

08-09-2009, 08:50 PM

مزن ابوعبيدة النيل
<aمزن ابوعبيدة النيل
تاريخ التسجيل: 08-08-2004
مجموع المشاركات: 556

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري الاولي لرحيل الشاعر محمود درويش (Re: توما)

    كانت حوالي الثالثة من فجر يوم ما
    في منتصف شهر ما
    ذات شتاء_ كذلك اوحى لي البرد او ربما كان لارتجافي من الاسباب ما جهلته
    عبر هاتفي الصغير انساب ذاك الحديث

    حملت نسمات سمائي كلمات سماء منخفضة
    و كان ان كان حبي الأول موسوم بكلمات الرجل
    الا رحم الله ذاك الشتاء
    الا رحم الله درويشه و درويش القصيد,,,



    ________________________

    سماء منخفضة - محمود درويش


    هُنَالِكَ حُبٌّ يسيرُ على قَدَمَيْهِ الحَرِيرِيَّتَيْن
    سعيدًا بغُرْبَتِهِ في الشوارع،
    حُبٌّ صغيرٌ فقيرٌ يُبَلِّلُهُ مَطَرٌ عابرٌ
    فيفيض على العابرين:
    ( هدايايَ أكبرُ منّي
    كُلُوا حِنْطَتي
    واشربوا خَمْرَتي
    فسمائي على كتفيَّ وأَرضي لَكُمْ )...
    هَلْ شمَمْتِ دَمَ الياسمينِ المُشَاعَ
    وفكَّرْتِ بي
    وانتظرتِ معي طائرًا أَخضرَ الذَيْلِ
    لا اسْمَ لَهُ؟
    هُنَالِكَ حُبٌّ فقيرٌ يُحدِّقُ في النهرِ
    مُسْتَسْلِمًا للتداعي: إلى أَين تَرْكُضُ
    يا فَرَسَ الماءِ؟
    عما قليل سيمتصُّكَ البحرُ
    فامش الهوينى إلى مَوْتكَ الاِختياريِّ،
    يا فَرَسَ الماء!
    هل كنتِ لي ضَفَّتَينْ
    وكان المكانُ كما ينبغي أن يكون
    خفيفًا خفيفًا على ذكرياتِكِ ؟
    أَيَّ الأغاني تُحِبِّينَ ؟
    أيَّ الأغاني؟ أَتلك التي
    تتحدَّثُ عن عَطَشِ الحُبِّ،
    أَمْ عن زمانٍ مضى ؟
    هنالك حُبّ فقير، ومن طَرَفٍ واحدٍ
    هادئٌ هادئٌ لا يُكَسِّرُ
    بِلَّوْرَ أَيَّامِكِ المُـنْتَقَاةِ
    ولا يُوقدُ النارَ في قَمَرٍ باردٍ
    في سريرِكِ،
    لا تشعرينَ بهِ حينَ تبكينَ من هاجسٍ،
    رُبَّما بدلاً منه،
    لا تعرفين بماذا تُحِسِّين حين تَضُمِّينَ
    نَفسَكِ بين ذراعيكِ!
    أَيَّ الليالي تريدين ؟ أيَّ الليالي ؟
    وما لوْنُ تِلْكَ العيونِ التي تحلُمينَ
    بها عندما تحلُمين؟
    هُنَالِكَ حُبٌّ فقيرٌ، ومن طرفين
    يُقَلِّلُ من عَدَد اليائسين
    ويرفَعُ عَرْشَ الحَمَام على الجانبين.
    عليكِ، إذًا، أَن تَقُودي بنفسِكِ
    هذا الربيعَ السريعَ إلى مَنْ تُحبّينَ
    أَيَّ زمانٍ تريدين ؟ أَيَّ زمان ؟
    لأُصبحَ شاعِرَهُ، هكذا هكذا: كُلَّما
    مَضَتِ امرأةٌ في المساء إلى سرِّها
    وَجَدَتْ شاعرًا سائرًا في هواجسها.
    كُلَّما غاص في نفسه شاعرٌ
    وَجَدَ امرأةً تتعرَّى أَمام قصيدتِهِ...
    أَيَّ منفىً تريدينَ؟
    هل تذهبين معي، أَمْ تسيرين وَحْدَكِ
    في اسْمك منفًى يُكَلَّلُ منفًى
    بِلأْلاَئِهِ ؟
    هُنالِكَ حُبٌّ يَمُرُّ بنا،
    دون أَن نَنْتَبِهْ،
    فلا هُوَ يَدْري ولا نحن نَدْري
    لماذا تُشرِّدُنا وردةٌ في جدارٍ قديم
    وتبكي فتاةٌ على مَوْقف الباص،
    تَقْضِمُ تُفَّاحَةً ثم تبكي وتضحَكُ:
    (لا شيءَ، لا شيءَ أكثر
    من نَحْلَةٍ عَبَرَتْ في دمي...
    هُنالِكَ حُبّ فقيرٌ، يُطيلُ
    التأمُّلَ في العابرين، ويختارُ
    أَصغَرَهُمْ قمرًا: أَنتَ في حاجةٍ
    لسماءٍ أَقلَّ ارتفاعًا،
    فكن صاحبي تَتَّسعْ
    لأَنانيَّةِ اثنين لا يعرفان
    لمن يُهْدِيانِ زُهُورَهُما...
    ربَّما كان يَقْصِدُني، رُبَّما
    كان يقصدُنا دون أَن نَنْتَبِهْ
    هُنَالِكَ حُبّ ...

    ____________
    nostalgia!
                  

08-09-2009, 08:52 PM

عاطف عبدون
<aعاطف عبدون
تاريخ التسجيل: 02-27-2008
مجموع المشاركات: 3701

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري الاولي لرحيل الشاعر محمود درويش (Re: توما)
                  

08-10-2009, 06:00 AM

mustafa mudathir
<amustafa mudathir
تاريخ التسجيل: 10-11-2002
مجموع المشاركات: 3553

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري الاولي لرحيل الشاعر محمود درويش (Re: عاطف عبدون)

    يا سلام يازهير
    عظيم الشكر لك لتذكيرنا بسنوية درويش.
    قبل دقائق كنا عمر منصور عازف الكمان
    السوداني المشهور وياسر دينار عازف الجيتار
    المغمور مثلي فوقعنا بروفة عاجلة واتفقنا
    أن هناك فنانين علاقتنا معهم يقينية مثل
    درويش و شرحبيل.
    حوار محمود مع الموت حوار جاد وحقيقي
    ودرويش لم يخشاه بل هجاه مر الهجاء
    ورحب بالأبدية بشجاعة فريدة ويبدو أنه
    يراهن على أن ما وراء الحياة هو، لو
    إستبدعنا الوعيد، شيئ مثير.
    ياخي حبي لدرويش لا ينتهي ولك مني تحية
    خاصة جدا في هذا البوست.
    سلام للشاعر الاستاذ زمراوي ودعونا نفعل
    شيئا لدرويس يا ع الله زمراوي.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de