د.عبد المنعم عبد الباقي.. تأمل في معني القصيد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-30-2024, 07:10 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-18-2009, 02:11 PM

أحمد طه
<aأحمد طه
تاريخ التسجيل: 03-31-2004
مجموع المشاركات: 580

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
د.عبد المنعم عبد الباقي.. تأمل في معني القصيد

    تأمّل فى معنى القصيد: بعض الرّحيق أنا والبرتقالة أنت
    شعر محمّد المكّى إبراهيم
    بقلم: عبدالمنعم عبدالباقى على:
    "فإذا رمى ببصره إلى قوائمه زقا، معولاً يكاد يبين عن استغاثته، ويشهد بصادق توجعه، لأن قوائمه حمش كقوائم الدّيكة الخلاسيّة".
    نهج البلاغة للامام على بن أبى طالب رضى الله عنه وهو يصف الطّاووس.
    مقدّمة:
    صديقى وأخى يونس محمد أحمد الجلال له عادة أحبّها وأخشاها ، فهو ضميرى اليقظ الذى يذكّرنى بالأهم ، فعندما يراسلنى يعزّنى من مكتبته بكتاب يعلم تعلّقى به ويكتب على جلدة غلافه الدّاخلى رسالته ، ولا أدرى كيف يتسنّى له أن يعرف ، فى كلّ مرّة ، فقدى للكتاب واشتياقى له ، ولكن كما يقولون فالقلوب شواهد ، فصحبة الشّقاء يحلّلون لأنفسهم سرقة كتبى بل ويتباهون بمقدراتهم على سلب لحم مكتبتى وتركى عظماً أتشاغل به ككلبٍ وحيدٍ حين تشدّ المحن إزارها وتتقصّدنى.
    وهديّته هذه المرّة كانت ديوان شيخى محمّد المكّى إبراهيم فى طبعته الثّانية عام 1983 من دار جامعة الخرطوم ، والتى قام بها البروفسير على المك ، رحمه الله وأثابه خيراً لا ينقطع على مرِّ الزمان إلى أن تصير السمّاء وردة كالدّهان ، بدون علم صاحبها وإن أسعده وأنقذه عائدها وتصميم غلافها ، الذى نقشته ريشة البروفسير حسين جمعان ، والذى تذهلك بساطته السّهلة الممتنعة كشعر الديوان ، تعلوه برتقالة مقطومة وفصّين ، ولنا عودة للتأمّل فى طبيعة هذه البرتقالة. ولولا أنّها برتقالة وليست تفّاحة لكان قد قاضى شركة الكمبيوتر الشهيرة على حقوق المؤلف على سرقة علامتها المميّزة.
    وقصيدة بعض الرّحيق أنا والبرتقالة أنت ، والتى تعرف مجازاً بخلاسيّة ، فازت باسم الغلاف من دون قصائد المجموعة ، كما تُتوّج ملكة الجمال على رصيفاتها وتجذب صورتها ضعيفى القلوب أمام الجمال ، وأنا منهم ، لا اعتباطاً ولا صدفةً ولكنّها تتصدّره، بثقةٍ ، عن جدارةٍ.
    فهذه الجملة أجمل ما قرأت ورأيت وصفاً للانتماء والهويّة ، صيغت ووُضعت فى "كبسولة" من الجوهر تشفّ عن مكنونها ، وقد جمعت جوانب الفهم بدقّةٍ وحنكةٍ وحرفةٍ لا تُجارى فإذا القشرة واللّبِّ توحّدٌ ، حال من أدرك فى لحظة البصيرة والكشف ، فأغنانا عن أطنان الكلام من رمال القول ، بزمرّدة الاعجاز الفريدة.
    ولو أنّه اكتفى بذلك لكان قد أدّى ما عليه وقلَّ أن يعلوه بشر. فهى جملة لا تُقرأ ولكنّما تُرى ، وتنقلك فى طرفة عين من عالم الكلمات والسّمع لعالم البصر والتّخييل ، وينفذ معناها من قلبها لِلُبِّ فهمك كالشعاع المنطلق كرمح الضّوء يبدّد عتمة الفؤاد ويهتك ستر الجهل ويهديك معنى المعنى.
    وليس غريباً أنّ من نشط فكره، ونما خياله ، واصطادت شبكته جواهر الكلام من بحور اللّغة ذخراً يستثير الغيرة ، وانشغل بحبِّ بلده وأهلها ، وهو قد رأى ما رأى فى ترحاله ، وخالط من خالط من عربٍ ومن عجمٍ ، فلم يزده علمه إلا يقيناً بتفرّده وتفرّد أصله ولم يجد هويّته إلا فيها وفيهم ؛ ألاّ يكون فى بحثٍ دائبٍ لماهيّة هذه الهويّة ووصفها وتقريب معناها لنفسه ولغيره. فجهد محمد المكى إبراهيم فى مدرسة الغابة والصّحراء لم يكن إلا محاولة فكريّة لحلّ معضلة الهويّة وتثبيت الجذور فى أرض أنجبته ورعته بدلاً عن بحثه عن أرض وأمّة لا ترضى انتسابه لها ولا تمدّ أبسطة الحب له.
    وعندما يجتمع الشّعر والفكر فى جوف أحدٍ فالشعر أغلب ويتغذّى بالفكر ولكنّما يتجاوزه. وقد قالت غابرييلا ميسترال الشّاعرة التشيليّة الفائزة بجائزة نوبل وأستاذة بابلو نيرودا:
    "هل الوطن بقلب الشاعرة
    أم الشاعرة فى قلب الوطن؟"،
    وهو معنىً قريبٌ من "بعض الرّحيق أنا والبرتقالة أنت" ولكن بلاغة الأخير لا تُبارى كما سنوضّح لاحقاً. ولكنّه يثبت معنىً سبقها عليه الحديث القدسى عندما قال المولى عزّ وجلّ: "لم تسعنى السّماوات والأرض ووسعنى قلب عبدٍ مؤمن" ، فالفكر لا يسع الأوطان والعقائد لخلوّه من القدرة على المحبّة ، ولكنّما يسعهم عرش القلب وقد قال المصطفى (ص):
    "إنّ فى الجسم مضغة إذا صلحت صلح سائر الجسد وإذا فسدت فسد سائر الجسد ألا وهى القلب"
    وإذا فسد القلب فسدت النيّة ، وانتفى الاخلاص ، ووئدت المحبّة ، وسُدّ باب الأمل.

    وقد تخيّلت أنّ محمّد المكّى إبراهيم لم يشف أُوامه كتابته الفكريّة ولا نشاطه السّياسى ولا ما خطّ من قصيدٍ ، وهو بعد لم يجمع المعانى كلّها فى بوتقةٍ خالدة الورود أو فى عقدٍ سحره لا يبلى هديّةً لمن يُحب. وتخيّلته أيضاً ، بعد انبهاره بجزيرة البهار زنجبار ، قد اهتدى لماهيّة الهوية ولكن فاته الاسم كمن رزق وليدة وظلّ يقلّب الفكر عن اسم يلائمها ويشفّ عن كنهها ، فقد تلى هذا الديوان مجموعة زنزباريّات وهناك فى القصيدة ما يشير لهذا الافتراض:
    "من اشتراك اشترى فوح القرنفل من أنفاس أمسيّة ،
    أو السواحل من خصر الجزيرة ،
    أو خصر الجزيرة من موج المحيط وأحضان الصباحيّة"،
    وذلك بعدما رأى فيها شعباً شبيهاً بشعبنا سحنة وطبعاً. فتجمّعت المشاهد والمعانى فى جوفه كبخار الطّلِّ قبل أن يجد ما يريح عليه رأسه من أكمام الورود ، فكأنّى به فى زنجبار وقد سحرته الأمسيات المضمّخة بعبير القرنفل أو فى الصّباح على السّاحل يرى مياه المحيط والرمل والخضرة فيملأ رئتيه فى الحالتين حتى تئن ضلوعه حبّاً وانتعاشاً أو كما قال:
    "لذا رحت أهواك حتى تئن ضلوعى
    حتى يغالبنى الدّمع فيك وأذهب فى نهنهات البكاء"،
    وأين لغاية السعادة دون إيقاظ نقيضها.
    وقد تخيّلته ، وقد أهاجه الحبّ والشّوق وألم الفراق لزنجبار وداهمه الشّعر ، وكيف يهرب الشّاعر إلاّ إلى خيمة الشعر حينما يبدو على الأفق انقصاف عمر سعادته؟ ولكن لم يكتمل نظم العقد إذ أنّ واسطته لم تنبثق فى عالم الوجود ، أو نمى اللحم واختفى هيكل العظم فلم يـبن القدّ ، ثمّ فى لحظةٍ صوفيّة لا تتكرّر ، وهو يقلّب كنوز الكتب يصطاد لآلئ كلماتها ، وأين له بكنـزٍ مثل كلام الله أو بليغ حديث مصطفاه أو منهج بلاغة الامام باب مدينة العلم ، فوجد مبتغاه فى وصف الامام على بن أبى طالب للطاؤوس عندما التقطت عيناه كلمة "الخلاسيّ" ، كما يلتقط الطّاؤوس حبّة استطابها من بين حبوبٍ كُثرٍ ، فوجد فيها ضالّته ، وعندها أصابته الانتباهة وتلقّفه والوعى ، وتفتّقت ورود الخيال فى ذهنه ، واحتضنه الالهام وتزاحمت الكلمات ساعة الخلق تأخذ مكانها ، وتتشكّل الصّور ويسمق قدّها ، وتنتشر كأقواس قزح كأنّها نافورة الفرح تعلن ميلاد الهويّة.
    والفتاة الخلاسيّة ما هى إلا نتاج أبوين من سلالتى حامٍ وسام ، وقد تكون رمزاً لأمّته أو لجزيرة زنجبار أو كل شريط الأمم الخلاسيّة من زنجباريين ، وصوماليين وأرتريين وسودانيين. ولكن مهما كان فهذه الكلمة جعلت للفكر معنىً ، وللنّفس مهداً ، ومهّدت للجذر درباً ، فهى كمثل كلمة طيّبةٍ جذرها ثابت وفرعها فى السّماء. وتذكّرنى هذه التجربة ، إن صدق حدسى فيما ذهبت إليه من زعمٍ ، تجربةٍ لعالمين أرادا أن يكوّنا مادّة عضويّة من الغازات ليحاكيا بدء الخليقة. وقد نجحا فى استخراج أحماضٍ أمينيّة مطابقة لأحماضنا الأمينيّة التى تشكّل أساس أعضائنا ولكنّها لم تنتظم فى شكل أحماض المخلوقات بالنظام المعروف. وأعياهما اليأس فما كان من أحدهما إلا أن أقترح أن يضيفا تراباً لها ليثبتا عبثيّة نظرية الخلق الإلهى وكانت دهشتهما لا تصدّق حينما تعلّقت الأحماض الأمينيّة بذرّات التراب وانتظمت كما ينتظم عقدها فى البشر فكانت كما وصفه المولى عزّ وجلّ: "بالطين اللازب" أى التراب المختلط بمادّة عضويّةٍ.
    وهكذا أمر الخلق فى كلّ شىءٍ له سببٌ ووقتٌ معلوم ، وما الخلق إلاّ فكرة ، فقد قال المولى عزّ وجلّ:
    "كنت كنـزاً مخبوءاً فأردت أن أُعْرَفْ فخلقت العالم".
                  

07-18-2009, 02:13 PM

أحمد طه
<aأحمد طه
تاريخ التسجيل: 03-31-2004
مجموع المشاركات: 580

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د.عبد المنعم عبد الباقي.. تأمل في معني القصيد (Re: أحمد طه)

    ونواصل......
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de