قضارف ضد الفساد : ليس بعد العطش سوى الموت

Quote: الأخ كاتب (صدى الأجراس) تابعت سلسة المقالات التي كتبتها في الفترة الأخيرة عن تردي الأوضاع في مدينة القضارف تحت ظل إدارة الوالي الحالي الضو عثمان، فهي مدينتي ولدت وترعرت فيها. عبر العصور هذه المدينة ظلت تعاني من مشكلة مزمنة في امدادات المياه والكهرباء على طول العام ولا سيما فصل الصيف، ولم تقم الحكومة بمحاولة حل هذه المشكلة. فالكهرباء في القضارف كانت أمراً ترفياً يتسنى للأغنياء عبر المولدات، لكن المياه، والتي لا غنى عنها، ظل المواطنون البسطاء يعتمدون على مياه الآبار-غير الصالحة للشرب- التي أذكر أن واحدة من هذه الآبار كانت تتسبب في نفوق الماشية والدواجن .. تعرضت القضارف في (عهدهم)، وباعتبارها من أكبر ولايات الزراعة المطرية في السودان وأكثرها انتاجاً للذرة والسمسم، تعرضت لاستهداف كبار منتجيها الزراعيين غير الموالين، عبر سياسات تثبيت أسعار أردب الذرة وقنطار السمسم مع تطاير أسعار المدخلات وتشديد سياسات التمويل الزراعي فكانت النتيجة إعسار المزراعين المستهدفين ودخولهم السجن بالأفواج نتيجة ذلك الإعسار لدرجة أنّ السجون اكتظت بهم لتقيم سلطات سجن القضارف سجناً خاصاً أطق عليه (حراسة الشيكات) الشهيرة. وبسبب سياسة التمكين هذه أفلس كبار تجار المحاصيل الزراعية وقدامى مزراعي المدينة الأخيار الذين كانوا يتبارون في التبرع للمشاريع الخيرية بالمدينة ودعم طلابها بالجامعات في الخرطوم، لدرجة أن أحدهم كان يستأجر داخلية لطالبات القضارف بجامعة القاهرة فرع الخرطوم وآخر لطلاب ذات الجامعة من أبناء القضارف. وبالمقابل أفرزت سياسة التمكين هذه شريحة جديدة من رأسماليي الزراعة المطرية، نبتوا كالـ(بروس) كما يحلو لسكان القضارف .. وبالإضافة إلى ما ذكرت في مقالاتك السابقة أخي عبد المنعم، فإن سياسات التمكين والسيطرة على موارد الولاية أسفرت عن تردٍ فادح في الخدمات الأساسية للمواطنين كالصحة والتعليم. فامتحانات مرحلة الأساس للعام الدراسي المنصرم كانت هي الأسوأ، على الاطلاق، في تاريخ هذه المدينة العريقة والتي افتتحت فيها أول مدرسة سنة 1908 وهي مدرسة القضارف الأميرية الابتدائية شمال الجامع الكبير والتي درست فيها المرحلة الإبتدائية في ذات الغرف الدراسية التي درس فيها والدي في عشرينيات القرن الماضي. أحيلك إلى الأرقام فهي لا تكذب ولا تتجمل : نسبة النجاح في امتحانات مرحلة الأساس 51% (أي النصف) نسبة النجاح في اللغة العربية: 30% (أقل من الثلث) نسبة النجاح في الرياضيات: 20% (اقل من الربع) نسبة النجاح في اللغة الإنجليزية: 12% (أعلى بقليل من العُشر) مرتضى جعفر الخليفة من أبناء القضارف المقيمين خارج السودان