مــآلاات وحســاباتات تبدل مواقف الزعيم اللبنانى / الدرزى ولــيد جــنبلاط

Quote: شروخ انقلاب جنبلاط أحمــد المرشــد 8/15/2009 أحمد المرشد : في يوم الجمعة الموافق 26 يونيو الماضي، انطلق قطار تأليف الحكومة اللبنانية بتكليف الرئيس ميشال سليمان لسعد الحريري بتشكيلها. بيد أن هذه العملية بدأت وسط تعثرات كثيرة وصعوبات بالغة ليست سهلة بالمرة، مثل امتناع كتلتي المعارضة الرئيسيتين " التغيير والاصلاح " بزعامة العماد ميشيل عون و"الوفاء للمقاومة" التابعة لحزب الله، عن تسمية أي مرشح لرئاسة الحكومة. ودفع هذا الموقف بدوره ، إرجاء رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري إعلان موقفه من تسميته هو الآخر للحريري بعدما كان أعلن تأييد ترشيحه للمنصب مرات عديدة عقب إعلان نتائج الانتخابات. وعلل بري موقفه آنذاك بأنه يشترط ان تكون الحكومة حكومة توافق ومشاركة حقيقية. وقد استحسن البعض دعوة بري فى هذا الوقت الى ذوبان مجموعتي 8و 14 آذار فى وحدة وطنية ، بما يعني تذويب الانقسام والشرخ السياسي في لبنان وبتجاوز قضية الثلثين والثلث أو النصف أو أكثر أو أقل. واختتم بري دعوته بالقول إن مصلحة لبنان تقتضي إلتفاف الجميع من أجل مصلحة البلد . وتباينت المواقف حتى تم تكليف الحريري فعليا بتشكيل الحكومة، ولكن الوقت طال وطالت معه الاستشارات والمشاورات والاستفسارات حتى خرج وليد جنبلاط رئيس اللقاء الديمقراطي بقنبلته التي قلبت الموازين السياسية في بلد أقل ما يوصف بأنه ليس في حاجة لفرقعة مجرد بالون أطفال. هذه القنبلة التي اعتبرها سياسيو لبنان ومنهم ميشيل عون "نهاية لمجموعة 14 آذار وأن هذا المشروع قد انتهى بالفعل بانسحاب جنبلاط منه، وأن المجموعة أصبحت كمن يركب باخرة من دون بوصلة ولا تصور سياسي. نعود الى قطار تشكيل الحكومة اللبنانية والذي لا يسير على قضبان متوازية، بل لا يسير على قضبان من أساسه. فكل يوم تظهر مشكلة جديدة تعرقل عملية تسمية أعضاء الحكومة وتحديد عدد وزراء كل مجموعة مشاركة فيها. فأمامنا مشكلة توزير غير الفائزين في الانتخابات الأخيرة، حيث تريد بعض الأحزاب والكتل السياسية ومنها تكتل عون طرح أسماء فشلت فى المرور الى مجلس النواب، وواضح أن هذه مشكلة كبيرة ولن تجد حلا في القريب العاجل، في ظل تمسك هذه الأحزاب بمطلبها. وهي تعتب على الرئيس ميشال سليمان بأنه يخضع لمزاج رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، بدلا من أن يكون مسؤولا مسؤولية كاملة عن إدارة اللعبة السياسية، ومنها مهلة تكليف رئيس الحكومة التي تخضع لسلطة تحسمها النصوص الدستورية. وثمة مشكلة ليست بالهينة هي الأخرى،وفجرها عون أيضا بتمسكه بوزارة الداخلية وهو ما ترفضه مجموعة 14 آذار، الأمر الذي قد يراه البعض خطورة على عمل ا لحكومة. فهناك انتقاد حاد لهذا المطلب العوني مما دفع هؤلاء المتشددين في الأكثرية الى رفع صوتهم برفض مشاركة المعارضة في الحكومة المرتقبة. حتى تتحمل الحكومة مسؤوليتها كاملة أمام الرأي العام ، على أن يكون هذا الرأي العام حكما أيضا على أداء المعارضة..وتتسلح بالحكمة القائلة :" تشكيل الحكومة لا علاقة له بالتمثيل النيابي" وما يحصل فى لبنان هو ضرب للنظام السياسي وتنفيذ انقلاب على الدستور مما يعرض مستقبل لبنان للخطر. وإذا كنا قد مررنا مرور الكرام في البداية على قنبلة جنبلاط، فإننا نعود إليه مرة آخرى، ليس تفنيدا لمواقفه، وإنما في سياق الأسباب التي تؤخر تشكيل الحكومة..فما قام به جنبلاط أحدث شرخا واهتزازات قوية داخل مجموعة الأغلبية، وأثرت على عملية تشكيل الحكومة التي أمامها استحقاقات سياسية واقتصادية لابد من النهوض بها وانجازها. فمعروف ان التحول السياسي لجنبلاط جعل الأكثرية النيابية أقل من " النصف +1" في البرلمان. ولكن هذا لن يغير من تركيبة الحكومة المقبلة المتفق عليها على أساس (15 وزيرا للأكثرية و10 وزراء للمعارضة و5 وزراء لرئيس الجمهورية).. لكن الوزراء الثلاثة الذين يمثلون حزب جنبلاط لم يعودوا محسوبين على الأكثرية كما كانوا من قبل إعلان موقف جنبلاط، وبالتالي تكون التركيبة عمليا ( 12+10+5+3) مما يغير من تصنيف الحكومة من وحدة وطنية الى حكومة ائتلافية، نظرا لتعدد الفرقاء فيها وتوزع الأدوار بينهم. من الواضح أن الأراء العربية والدولية أو حتى اللبنانية التي تزامنت مع إعلان تكليف الحريري بتشكيل الحكومة وما صاحبها من تفاؤل بتجاوز الأزمة اللبنانية، قد تبدلت الآن، فالأمور تزداد صعوبة والمشكلات تتعقد أكثر بدرجة يصعب معها توقع ما ستسفر عنه الأيام القليلة المقبلة. فبعد أيام من الانتخابات النيابية وفرحة الأغلبية بالمقاعد التي حصدتها، رجحت الآراء جميعها أن بمقدور الحريري بهذه النتائج المبهرة وغير المتوقعة وما خلقته من ظروف مناسبة منها التوافق السوري- السعودي بشأن لبنان، أن يتمكن بسهولة من تحقيق إنجازات طموحة ومثمرة على صعيد بناء الدولة والنهوض بالاقتصاد والتقدم على صعيد الوفاق السياسي، أكثر من الظروف التي رافقت ترؤس والده الرئيس رفيق الحريري. ولكن جنبلاط قد ادخر موقفا جديدا أو رأيا مخالفا آثر اللعب به في الوقت المناسب وهو ما أحدثه من عاصفة سياسية ، وقد غير هذا المفهوم أصول اللعبة السياسية في لبنان ، ليبقى الوضع كما هو عليه معرضا للاهتزازات والانقلابات وأشدها ما يأتي من الأصدقاء. ويقينا ، فإن انقلاب جنبلاط لم يكن انقلابا عسكريا، ولكنه أكثر صعوبة وفتكا بالحياة السياسية من تداعيات الانقلابات العسكرية..فالسياسي يطيح بنخب وتكتلات وأفكار انطبعت في عقول السياسيين والجماهير. وجنبلاط استدار عن أفكاره ومبائده التي تمسك بها إبان تكتله مع 14 آذار، وبسرعة شكك في شرعيتها وأنها مجرد تجمع انعزالي مدعوم اقليميا من قوى متهاونة في الحقوق العربية. في حين أنه نفسه رحب بالحقبة الأمريكية الجديدة لأنها السبيل للخلاص من ويلات العالم. والأخطر هو وصف جنبلاط لحركة 14 آذار بأنها حركة أهلية طائفية مذهبية. وختاما..قد نضم صوتنا الى أمين الجميل رئيس حزب الكتائب الذي وصف الوضع الحالي في لبنان ، بأنه على كف عفريت ، وإننا نبحث في جنس الملائكة لحل مشاكلنا..من الواضح أن مشكلات لبنان لن تنتهي قريبا ، طالما يرفض كل طرف تحمل تبعات المرحلة الصعبة وتجاوز خلافات الماضي، خاصة في ضوء تمسك الأغلبية بالحكم منفردة، وتمسك المعارضة بنظرية الفيتو السياسي، ليظل الوضع السياسي يشوبه الجمود حتى تفاجئ الساحة السياسية بقنبلة جديدة تفجر كل ما تم الاتفاق عليه. ولكن تبقى حكمة الرئيس ميشال سليمان الذي طالب الجميع بوقفة للمساءلة الذاتية ونقد مسؤول عما قدمه السياسيون لوطنهم، مستلهما الاحتفال بعيد الجيش الرابع والستين ، ليذكر الجمع "بأنه حرام على الوطن أن نأسره بأرقام وتواريخ طبعت سجالاتنا ومعاركنا الانتخابية الطائفية بل المذهبية". كاتب ومحلل سياسي بحريني http://www.shabiba.com/innerpage.asp?detail=36066