|
أجمل ما قيل في وصف الجمال ****
|
أراد عمرو بن حجر ملك كندة – وهو جد الشاعر امرؤ القيس - أن يتزوج ابنة عوف بن ملجم الشيباني الذي يقال فيه ( لا حر بوادي عوف ) لإفراط عزه ، و كان أسم البنت ( أم ياس ) و توصف بأنها ذات جمال وكمال ، فوجه عمرو إليها امرأة اسمها ( عصام ) لتنظر إليها وتمتحن ما بلغه عنها ، فدخلت ( عصام ) على أم البنت و اسمها ( إمامة بنت الحارث ) فأعلمتها ما قدمت له ، فأرسلت إلى أبنتها فقالت : يا بنية هذه خالتك ( عصام ) أتت إليك لتنظر إلى بعض شانك ، فلا تستري عنها شيئا أرادت النظر إليه من وجه وخلق ، وناطقيها فيما استنتقطك فيه 0 فدخلت عصام عليها فنظرت إلى ما لم تر عينيها قط ، بهجة و حسنا و جمالا وإذا هي أكمل عقلا و أفصحهم لسانا ، فخرجت من عندها وهي تقول ( ترك الخداع من كشف القناع ) فذهبت الجملة مثلا 0 ثم أقبلت عصام على الحارث فقال لها : ( ما وراءك يا عصام ) فذهبت مثلا 0 قالت ( خرج المخض عن الزبد ) فذهبت مثلا أيضا 0 قال أخبريني 0 قالت أخبرك صدقا وحقا : رأيت جبهة كالمرآة الصقلية ، يزينها شعر كأذناب الخيل المضفورة إن أرسلته خلته السلاسل وان مشطته قلت عناقيد كرم جلالها الوابل – وهو المطر الشديد – و مع ذلك حاجبان كأنهما خطا بقلم أو سودا بحمم قد تقوسا على مثل عين العبهره – وهي نوع من المها – التي لم يرعبها قانص و لم يذعرها قسورة 0 بينهما أنف كحد السيف المصقول ، حفت به وجنتان كالأرجوان في بياض محض كالجمان ، شق فيه فم كالخاتم لذيذ المبتسم ، فيه ثنايا غر ذوات أشر و أسنان تبدو كالدرر و ريق كالخمر له نشر روض بالسحر ، يتقلب فيه لسان ذو فصاحة وبيان ، بقلبه عقل وافر و جواب حاضر ، تلتقي فيه شفتان حمراوان كالدرر يجلبان ريقا كالشهد تحت ذاك عنق كإبريق الفضة ركب في صدر تمثال دمية ، يتصل عضدان ممتلئان لحما مكتنزان شحما ، وذراعان ليس فيهما عظم يحس و لا عرق يجس ، ركبت فيهما رقيق قصبهما لين عصبهما ، تعقد إن شئت منهما الأنامل و تركب الفصوص في حفر المفاصل ، و قد تربع صدرها حقان – والحق هو وعاء الطيب – كأنهما رمانتان يخرقان عليها ثيابها من تحته بطن طوي كطي القباطي – و هو ثياب من الكتان منسوبة إلى القبط – المدمجة عكنا – والعكن هو ما انطوى وتثنى من لحم البطن – كالقراطيس المدرجة تحيط تلك العكن بسرة كمدهن العاج المجلو ، خلف ذلك ظهر كالجدول ينتهي إلى خصر لو لا رحمة الله لا نغزل ، تحته كفل يقعدها إذا نهضت وينهضها إذا قعدت كأنه رعص – والرعص هو كثيب الرمل المجتمع – رمل لبده سقوط الطل يحمله فخذان نفاوان كأنهما نضيد الجمان ، تحملهما ساقان خدلجتان كالبردي ويحمل ذلك قدم كحذو اللسان 0 تبارك الله مع صغرهما كيف تطيعان حمل ما فوقهما ، فأما سوى ذلك فتركت أن أصفه غير أنه أحسن ما وصف واصف بنظم أو بنثر0
|
|
|
|
|
|