|
Re: الكتابة الخجلانة (Re: mohmmed said ahmed)
|
لا أنحني الاّ لأحضن موطني أنا صدر أمّ مرضع تحنو وجبهة مؤمن" أدونيس كنت مزهوة وأنا أخرج من مطار الخرطوم عن طريق صالة كبار الزوار ليحتضنني مقر إقامتي المؤقتة مع بقية الزملاء بالفنادق المختلفة وذلك للمشاركة في الملتقى الثاني للإعلاميين السودانيين العاملين بالخارج. إلا أن تلك النعمة المؤقتة لم تمنعني من الإحساس بمعاناة القادمين إلى الوطن عبر ذات المطار وفي نفس اللحظة ، وفي أعينهم ثمة سؤال عن من يكون هؤلاء الكبار في زيارتهم وشخصياتهم ، وهو سؤال مشروع لم يكتسب هؤلاء شجاعة إلقائه على أسماعنا إلا أن أحبابنا الإعلاميين بالداخل كانوا كعادتهم وبنفس شجاعة تقصيهم عن الحقيقة والزود عنها سألونا عن كيف يصبح المواطن أو الإعلامي كبيراً وقد خرج مغبوناً أومغضوباً عليه أويائساً أو مختاراً.ولكنها إرادة المولى فهي أعظم وحماس كمال عبد اللطيف - وزير الدولة برئاسة مجلس الوزراء – الدفّاق في أن يجعل من الصعب إن شاء سهلاً. ولم أكن أدري أن خيط الزهو ذاك سينقطع بعد حين ، بعد المغادرة عبر ذات الصالة وحافلة كبار الشخصيات ليعود الكبار كباراً ولكن كلٌّ على طريقته الخاصة . في بلاط قاعة الصداقة ، القاعة الإقليمية بالطابق الخامس حيث عُقدت جلسات الملتقى الثاني للإعلامين السودانيين العاملين بالخارج ، وحيث شع بريق تناغم النظام والإنسجام لوزارة رئاسة مجلس الوزراء ممثلة في جهاز المغتربين ومجلس الإعلام الخارجي ، كانت قضايا الإعلام والإعلاميين السودانيين واستراتيجية العمل الإعلامي وأمور كبرى تُناقش ويدار حولها حوار لا تقطعه سوى نقاط النظام التي ضاق بها رئيس جلسة اليوم الثالث وأوضح للحضور بأنها ليست نقاط نظام وإنما هي آراء يمكن أن يؤخذ بها أو تُرد . الإجابة الأكيدة عن سؤال زملائنا الصحفيين أعطانا إياها كمال عبد اللطيف وزير الدولة برئاسة مجلس الوزراء رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر ، في لقائه بقناة النيل الأزرق أمسية الثلاثاء الماضي حينما سأله مقدم البرنامج ومنتجه الطاهر حسن التوم عن سبب الاهتمام الكبير والصرف البذخي على الملتقى ، فاجاب الوزير بأنه ليس هناك من غرابة بأن يحضر أبناء الوطن والكفاءات السودانية في المؤسسات والأجهزة الإعلامية والإقليمية والدولية لعكس الصورة الإيجابية للسودان ، وهم ليسوا كغيرهم من الناس لأنهم أناس غير عاديين. في تلك اللحظة أصابني الزهو مرة أخرى ولكن بأثر رجعي ، لم ينزلني من برج غير العادية هذه إلا صقعة رقم المليار جنيه . تناسيته حينما تذكرت قمركنانة النهاري على أنغام حافظ عبد الرحمن ، وكيف أنه من وحي ذاك الجو المعطر بشغاف نهر النيل ،صنع لنا حافظ عبد الرحمن سرباً من الفراشات الملونة ، بدأت بنفخة ناي خشب جبال النوبة وانتهت بلحنه المستلف من سوق طوكيو لتصنيع الناي. إلا أن نفس الرقم "المليار" بدا لي مرة أخرى صاعقاً عندما تذكرت أطايب الجمبري في عشاء "القيروان" فتخيلته معصوراً من خبز الفقراء في بلادي . حمدت الله أنه كان هناك سبب آخر غير المليار لعدم استمتاعي بعشاء "القيروان" رغم روعة المكان ، وهو أن أحد الكرماء أصرّ على أن يملأ طبقي حتى فاض فسُدّت نفسي . وتوالت الأحداث لتغرق روابط وجمعيات الإعلاميين بالسعودية في النيون القيرواني حتى ساعات الفجر الأولى وأغرقُ أنا في ظلمة أبت إلا أن تنفجر هناك ، وحين أطل صباح جديد فوق نجيلة القيروان كانت الجمعيات قد حُلّت ..كما حُلّ وثاقي.
"
|
|
|
|
|
|
|
|
|