|
|
مقال جدير بالقراءة
|
تشاد : الرئيس ادريس ديبي ومعارضيه في انتظار خريف ساخن على امتداد ربع قرن ونيف من الزمن اصبح اقليم دارفور بغرب السودان بمثابة قبلة تتجه اليها انظار القادة التشاديين المناوئيين للسلطة المركزية في العاصمة انجمينا ، ففي الفترة مابين منتصف الستينيات والى اليوم اتجه نحو دارفور كل من جكوني وداي ، الرئيس السابق حسين هبري ، الشيخ ابن عمر ، الرئيس ادريس ديبي ، الجنرال محمد نور ، واخيرا قادة المعارضة الحاليين بقيادة تيمان اردمي . جميعهم ينتمون الى الشمال المسلم وكلهم اختاروا البندقية كوسيلة للتغيير واتجهت ابصارهم وافئدتهم نحو حدود بلادهم الشرقية ، على رغم من انهم اتفقوا في تحديد الاتجاه الا انهم اختلفوا في اختيارهم للمواقع والمسالك ويبدو ان الاختلاف في اختيار الموقع والمسلك يرجع الى نفسية القائد او الى المدرسة العسكرية او السياسية التي تخرج منها ، او يرجع الى نظرة القائد الخاصة للظواهر الديموغرافية و الطبوغرافية في الاقليم ، وكما يلعب علاقة القائد مع حكام المركز في الخرطوم دورا كبيرا في هذا الجانب ، بالطبع الكل يختار اقصر واسهل الطرق للوصول الى انجمينا . ويجمع بينهم جميعا باستثناء جكوني انهم حملوا السلاح ضد انظمة كانوا هم مشاركين فيها بشكل فعال . ليتضح لدينا الصورة في هذا الجانب لزاما علينا ان نقف قليلا في فترتي هبري وديبي ، فهبري نفسه تمرد على نظام كان هو وزيرا فيه ،وديبي كطيار عمل في فترة هبري وشارك بحماس شديد في اخماد الحركات المناوئة له ، كما شارك في معارك تحرير شريط اوزو ضد الجماهيرية وتدرج من رتبة تلو الرتبة حتى اصبح قائدا عاما للجيش في عهد الرئيس هبري ، اختلف معه في نهاية الثمانينيات وغادر انجمينا متجها نحو دارفور واسس جبهة الانقاذ التشادية التي تعرف بحركة ( ام بي اس ) وباسم هذه الجبهة حارب بشجاعة وهوادة نظاما كان هو احد اركانه ، واصفا هبري بالديكتاتورية والعنصرية والقبلية ، وهي اوصاف قد يتفق معه الكثيرين ، وهبري وصفه بالانقلابي الخائن ، وبعد معارك ضارية بينهما استطاع ديبي ان يرميه في كمين محكم ، وبخروجهما فر هبري نحو الكمرون ثم السنغال بينما اتجه ديبي نحو انجمينا ليصبح رئيسا للجمهورية
وهو صاحب الخطاب الشهير الذي استهله بقوله : ( انني لم ات لكم بذهب ولا بفضة ولكنني اتيت لكم بحرية حمراء ) ، هل اوفى بما وعد به ؟ هذا السؤال يضعنا امام اختبار صعب وان كان لا بد من الخوض نقول انه في السنوات الاولى من حكمه حاول بجدية لارساء دعائم الديمقراطية ، حيث كانت الانتخابات الرئاسية والنيابية تقام في مواعيدها ، وهنالك مساحة واسعة لحرية الراي والتعبير، وعمل ايضا في بناء بعض المشاريع التنموية مثل الكباري والطرق واكتشاف النفط وغيرها ، وتميز عهده بمشاركة عناصر متنوعة من القيادات التشادية في السلطة على اختلاف قبائلهم ومناطقهم ، وهو لا يهتم كثيرا بمسالة الوزارات السيادية والثانوية وهذا الجانب ينجلي لدينا عندما ننتقل الى الحديث عن معارضيه ، كما شهد السنوات الاولى من حكمه نوعا ما من الاستقرار في بلد عرف بكثرة الاضطرابات ويقول فيه الفرنسيون مثلهم الشهير من حكم تشاد يحكم العالم . لو وضعنا في الميزان بين السنوات التي حكم به مع الانجازات التي تحققت ، قد يضعنا الميزان ايضا في موقف صعب ، وجهت هذا السؤال لبعض الاخوة المتتبعين لشأن التشادي فجاءت اجاباتهم مختلفة ، فمنهم من يرى بان النتيجة قد تكون متساوية ، اي كأنهم أرادوا أن يقولوا بقدر ما كانت الانجازات كبيرة كانت الاخطاء ايضا جسيمة ، ومنهم من يرى ان الميزان قد لا يكون لصالح ديبي بل ينفي بوجود الانجازات اصلا ، نحن لسنا ضد الرأي الاخير ولكننا لا نخفي مشاعرنا بأننا نميل الى الرأي الاول .
الاجابة المضطربة والمحيرة لهذا السؤال يأتينا من معارضي ديبي الذين اتحدوا اليوم تحت مظلة الجبهة المتحدة للمقاومة والتغيير(اتحاد قوي المقاومة ) ، معظم قيادات هذه الجبهة هم رفقاء واصدقاء ديبي ، البعض منهم رافقه في رحلة الشرق ضد نظام هبري ، والبعض الاخر شارك معه في السلطة لاكثر من عشرة سنوات فمثلا رئيس الجبهة القائد تيمان اردمي ينتمي بصلة القربة مع ديبي اخر منصب تولاه هو مدير مكتب رئيس الجمهورية ، القائد احمد صبيان تولى وزارة الداخلية واخر منصب تولاه سفير بلاده في امريكا ، القائد محمد نوري كان وزيرا للدفاع واخر منصب سفير بلاده في السعودية ، والقائد محمد هنو عمل كملحق ثقافي في سفارة بلاده في السودان وكان مديرا للجهاز الامن الوطني ومحمد نور قائد غزوة انجمينا الاولى اصبح وزيرا للدفاع بعد الغزوة وهو اليوم معارض والقائمة تجر ....، قيادات هذه الوظائف المذكورة هم معارضي ديبي الذين يتهمونه بالديكتاتورية والقبلية والفساد المالي والاداري ، والرئيس ديبي يصفهم بالمرتزقة السودانيين . من يتهم من ؟ ومن يصف من ؟ أهو صراع السلطة ام صحوة الضمير ؟ من يدفع فاتورة الصراع ؟ يا ترى لو استمر حكم القادة المسيحين الاوائل من امثال طمبلباي وفلكس مالو الى الان هل يكون حال الدولة التشادية مثل ما عليه الان ام تكون مثل جاراتها الكمرون وبنين ؟ في ركام هذا الكم الهائل من التناقضات والاسئلة ، يستعد الرئيس ديبي هذه الايام ليتجه نحو حدود بلاده الشرقية لمواجهة خصومه ـــ شركاء واصدقاء الامس ـــ المتواجدين في اقليم دارفور، بلا شك كل خطوة تخطوها عجلات اللاندكروزرات وجنازير الدبابات الى الامام سيعيد الجنرال ديبي شريط الذاكرة الى الوراء ... الى عشرين عاما مضت وما بعدها ... وعطاء الانسان وحيويته وهو في العقد الخامس او السادس من العمر، قد يختلف عما هو في العقد الثالث ، والانظمة نفسها مثل بني البشر تمر باطوار مختلفة على حد وصف ابن خلدون . وهو ذاهب نحو الشرق ما لنا في اليد من شيئ الا ان نبعث له بعض رسائل العتاب لانه تمسك في السلطة لفترة طويلة واضاع او كاد ان يضيع لبلاده ولنفسه فرصة تاريخية مهمة ، كان يمكن ان يحول بلاده الى بلد ديمقراطي يصنف في قائمة الديمقراطيات الناشئة ، وهونفسه كان يمكن ان يتحول الى قائد نضالي تاريخي يسجل اسمه في قائمة القادة العظماء من امثال مانديلا . ما كان عليه ان يمتثل بقرار البرلمانيين التشاديين الذين صوتوا بالاجماع من اجل تغيير الدستور ليحكم فترة رئاسية ثالثة ، والمرء مهما عاتبه او اختلف معه في النهاية قد يلتمس له العذر، ولا يملك الا وان ينظر اليه بكثير من الاحترام والتقدير الممزوجتين بالاعجاب ، ليس لانه دحر ديكتاتورية هبري او لانه حكم لفترة طويلة واقام بعض الانجازات في هنا وهناك ، فقط لانه لم يفكر ولو مرة واحدة ليحول الصراع في بلاده الى صراع قبلي او اثني او عقائدي كما فعله بعض جيرانه وقادة اخرين في القارة .
الشخص المنصف ينظر الى هذه الزاوية بعدسات مكبرة ويدونه بأمانة في صفحة ناصعة ، وجدناه التزم بقواعد اللعبة السياسية السليمة وهو في اهلك الاوقات وهو محاصر في القصر الرئاسي اكتفى فقط بوصف خصومه بالمرتزقة السودانيين ، وهو تعبير سياسي شائع بين البلدين .
الصراع بينه وبين خصومه يدور اليوم بشكل اساسي في منطقة الشريط الحدودي التشادي السوداني وهي بقعة تشهد فيها حراك ثوري كثيف ويصعب على المراقب ان يميز بين الوان خيوطه ، قد يمر بيمين المرء ارتالا من اللاندكروزرات ، ويحسب بانها تتبع للمعارضة التشادية ، والمفاجأة تأتي بانها تتبع لاحدى فصائل المقاومة بدارفور ، وقوات اخرى تعبر الحدود بشكل سريع ، وتأتي الدهشة عندما يرى الشخص انها بقيادة رئيس جمهورية التشاد ، وقوات اخرى تقف له بالمرصاد هم خصومه ــ رفقاء الامس ــ وفي الطرف التشادي من الحدود تنتشر فيه مخيمات اللاجئيين الدارفوريين الذين هربوا من الابادة الجماعية والتطهير العرقي في بلادهم ، وكما تتواجد فيها قرى ومدن صغيرة يقطنها مواطنين تشاديين اغلبهم يمتهن حرفتي الرعي والزراعة مع قليل من التجارة ، نتمنى من جميع اطراف النزاع ان يتحلوا بروح المسؤلية ، ويعملوا بقدر الامكان للحفاظ على ارواح المدنيين وحماية ممتلكاتهم ، وهي مسؤلية جماعية ، وقبل كل شيئ نتمنى منهم ان يحتكموا الى صوت السلم ويجنبوا بلادهم ويلات الحرب .
ما زال امام المعارضين التشاديين الذين يمكن ان نسميهم مجازا ــ بالسفراء المعارضين ــ متسعا من الوقت لفعل شيئ ما لتغيير اتجاه بوصلة الاحداث نحو السلم .
ولا يزال امام الرئيس التشادي ادريس ديبي مساحة من المكان والوقت لينضم الى قائمة مانديلا او على الاقل الى منتدى حكماء افريقيا .
واذا لم تجري الرياح بما نتمناه علينا ان ندق ناقوس الخطر ونقول بان الرئيس ديبي ومعارضيه سينتظرهم خريف ساخن .
شاكر عبدالرسول
امريكا ـــ كنتاكي
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
Re: مقال جدير بالقراءة (Re: ذواليد سليمان مصطفى)
|
Quote:
الرئيس ادريس ديبي ومعارضيه في انتظار خريف ساخن على امتداد ربع قرن ونيف من الزمن اصبح اقليم دارفور بغرب السودان بمثابة قبلة تتجه اليها انظار القادة التشاديين المناوئيين للسلطة المركزية في العاصمة انجمينا ، ففي الفترة مابين منتصف الستينيات والى اليوم اتجه نحو دارفور كل من جكوني وداي ، الرئيس السابق حسين هبري ، الشيخ ابن عمر ، الرئيس ادريس ديبي ، الجنرال محمد نور ، واخيرا قادة المعارضة الحاليين بقيادة تيمان اردمي . جميعهم ينتمون الى الشمال المسلم وكلهم اختاروا البندقية كوسيلة للتغيير واتجهت ابصارهم وافئدتهم نحو حدود بلادهم الشرقية ، على رغم من انهم اتفقوا في تحديد الاتجاه الا انهم اختلفوا في اختيارهم للمواقع والمسالك ويبدو ان الاختلاف في اختيار الموقع والمسلك يرجع الى نفسية القائد او الى المدرسة العسكرية او السياسية التي تخرج منها ، او يرجع الى نظرة القائد الخاصة للظواهر الديموغرافية و الطبوغرافية في الاقليم ، وكما يلعب علاقة القائد مع حكام المركز في الخرطوم دورا كبيرا في هذا الجانب ، بالطبع الكل يختار اقصر واسهل الطرق للوصول الى انجمينا . ويجمع بينهم جميعا باستثناء جكوني انهم حملوا السلاح ضد انظمة كانوا هم مشاركين فيها بشكل فعال . |
| |
 
|
|
|
|
|
|
|
Re: مقال جدير بالقراءة (Re: ذواليد سليمان مصطفى)
|
Quote: تشاد : الرئيس ادريس ديبي ومعارضيه في انتظار خريف ساخن على امتداد ربع قرن ونيف من الزمن اصبح اقليم دارفور بغرب السودان بمثابة قبلة تتجه اليها انظار القادة التشاديين المناوئيين للسلطة المركزية في العاصمة انجمينا ، ففي الفترة مابين منتصف الستينيات والى اليوم اتجه نحو دارفور كل من جكوني وداي ، الرئيس السابق حسين هبري ، الشيخ ابن عمر ، الرئيس ادريس ديبي ، الجنرال محمد نور ، واخيرا قادة المعارضة الحاليين بقيادة تيمان اردمي . جميعهم ينتمون الى الشمال المسلم وكلهم اختاروا البندقية كوسيلة للتغيير واتجهت ابصارهم وافئدتهم نحو حدود بلادهم الشرقية ، على رغم من انهم اتفقوا في تحديد الاتجاه الا انهم اختلفوا في اختيارهم للمواقع والمسالك ويبدو ان الاختلاف في اختيار الموقع والمسلك يرجع الى نفسية القائد او الى المدرسة العسكرية او السياسية التي تخرج منها ، او يرجع الى نظرة القائد الخاصة للظواهر الديموغرافية و الطبوغرافية في الاقليم ، وكما يلعب علاقة القائد مع حكام المركز في الخرطوم دورا كبيرا في هذا الجانب ، بالطبع الكل يختار اقصر واسهل الطرق للوصول الى انجمينا . ويجمع بينهم جميعا باستثناء جكوني انهم حملوا السلاح ضد انظمة كانوا هم مشاركين فيها بشكل فعال . ليتضح لدينا الصورة في هذا الجانب لزاما علينا ان نقف قليلا في فترتي هبري وديبي ، فهبري نفسه تمرد على نظام كان هو وزيرا فيه ،وديبي كطيار عمل في فترة هبري وشارك بحماس شديد في اخماد الحركات المناوئة له ، كما شارك في معارك تحرير شريط اوزو ضد الجماهيرية وتدرج من رتبة تلو الرتبة حتى اصبح قائدا عاما للجيش في عهد الرئيس هبري ، اختلف معه في نهاية الثمانينيات وغادر انجمينا متجها نحو دارفور واسس جبهة الانقاذ التشادية التي تعرف بحركة ( ام بي اس ) وباسم هذه الجبهة حارب بشجاعة وهوادة نظاما كان هو احد اركانه ، واصفا هبري بالديكتاتورية والعنصرية والقبلية ، وهي اوصاف قد يتفق معه الكثيرين ، وهبري وصفه بالانقلابي الخائن ، وبعد معارك ضارية بينهما استطاع ديبي ان يرميه في كمين محكم ، وبخروجهما فر هبري نحو الكمرون ثم السنغال بينما اتجه ديبي نحو انجمينا ليصبح رئيسا للجمهورية
وهو صاحب الخطاب الشهير الذي استهله بقوله : ( انني لم ات لكم بذهب ولا بفضة ولكنني اتيت لكم بحرية حمراء ) ، هل اوفى بما وعد به ؟ هذا السؤال يضعنا امام اختبار صعب وان كان لا بد من الخوض نقول انه في السنوات الاولى من حكمه حاول بجدية لارساء دعائم الديمقراطية ، حيث كانت الانتخابات الرئاسية والنيابية تقام في مواعيدها ، وهنالك مساحة واسعة لحرية الراي والتعبير، وعمل ايضا في بناء بعض المشاريع التنموية مثل الكباري والطرق واكتشاف النفط وغيرها ، وتميز عهده بمشاركة عناصر متنوعة من القيادات التشادية في السلطة على اختلاف قبائلهم ومناطقهم ، وهو لا يهتم كثيرا بمسالة الوزارات السيادية والثانوية وهذا الجانب ينجلي لدينا عندما ننتقل الى الحديث عن معارضيه ، كما شهد السنوات الاولى من حكمه نوعا ما من الاستقرار في بلد عرف بكثرة الاضطرابات ويقول فيه الفرنسيون مثلهم الشهير من حكم تشاد يحكم العالم . لو وضعنا في الميزان بين السنوات التي حكم به مع الانجازات التي تحققت ، قد يضعنا الميزان ايضا في موقف صعب ، وجهت هذا السؤال لبعض الاخوة المتتبعين لشأن التشادي فجاءت اجاباتهم مختلفة ، فمنهم من يرى بان النتيجة قد تكون متساوية ، اي كأنهم أرادوا أن يقولوا بقدر ما كانت الانجازات كبيرة كانت الاخطاء ايضا جسيمة ، ومنهم من يرى ان الميزان قد لا يكون لصالح ديبي بل ينفي بوجود الانجازات اصلا ، نحن لسنا ضد الرأي الاخير ولكننا لا نخفي مشاعرنا بأننا نميل الى الرأي الاول .
الاجابة المضطربة والمحيرة لهذا السؤال يأتينا من معارضي ديبي الذين اتحدوا اليوم تحت مظلة الجبهة المتحدة للمقاومة والتغيير(اتحاد قوي المقاومة ) ، معظم قيادات هذه الجبهة هم رفقاء واصدقاء ديبي ، البعض منهم رافقه في رحلة الشرق ضد نظام هبري ، والبعض الاخر شارك معه في السلطة لاكثر من عشرة سنوات فمثلا رئيس الجبهة القائد تيمان اردمي ينتمي بصلة القربة مع ديبي اخر منصب تولاه هو مدير مكتب رئيس الجمهورية ، القائد احمد صبيان تولى وزارة الداخلية واخر منصب تولاه سفير بلاده في امريكا ، القائد محمد نوري كان وزيرا للدفاع واخر منصب سفير بلاده في السعودية ، والقائد محمد هنو عمل كملحق ثقافي في سفارة بلاده في السودان وكان مديرا للجهاز الامن الوطني ومحمد نور قائد غزوة انجمينا الاولى اصبح وزيرا للدفاع بعد الغزوة وهو اليوم معارض والقائمة تجر ....، قيادات هذه الوظائف المذكورة هم معارضي ديبي الذين يتهمونه بالديكتاتورية والقبلية والفساد المالي والاداري ، والرئيس ديبي يصفهم بالمرتزقة السودانيين . من يتهم من ؟ ومن يصف من ؟ أهو صراع السلطة ام صحوة الضمير ؟ من يدفع فاتورة الصراع ؟ يا ترى لو استمر حكم القادة المسيحين الاوائل من امثال طمبلباي وفلكس مالو الى الان هل يكون حال الدولة التشادية مثل ما عليه الان ام تكون مثل جاراتها الكمرون وبنين ؟ في ركام هذا الكم الهائل من التناقضات والاسئلة ، يستعد الرئيس ديبي هذه الايام ليتجه نحو حدود بلاده الشرقية لمواجهة خصومه ـــ شركاء واصدقاء الامس ـــ المتواجدين في اقليم دارفور، بلا شك كل خطوة تخطوها عجلات اللاندكروزرات وجنازير الدبابات الى الامام سيعيد الجنرال ديبي شريط الذاكرة الى الوراء ... الى عشرين عاما مضت وما بعدها ... وعطاء الانسان وحيويته وهو في العقد الخامس او السادس من العمر، قد يختلف عما هو في العقد الثالث ، والانظمة نفسها مثل بني البشر تمر باطوار مختلفة على حد وصف ابن خلدون . وهو ذاهب نحو الشرق ما لنا في اليد من شيئ الا ان نبعث له بعض رسائل العتاب لانه تمسك في السلطة لفترة طويلة واضاع او كاد ان يضيع لبلاده ولنفسه فرصة تاريخية مهمة ، كان يمكن ان يحول بلاده الى بلد ديمقراطي يصنف في قائمة الديمقراطيات الناشئة ، وهونفسه كان يمكن ان يتحول الى قائد نضالي تاريخي يسجل اسمه في قائمة القادة العظماء من امثال مانديلا . ما كان عليه ان يمتثل بقرار البرلمانيين التشاديين الذين صوتوا بالاجماع من اجل تغيير الدستور ليحكم فترة رئاسية ثالثة ، والمرء مهما عاتبه او اختلف معه في النهاية قد يلتمس له العذر، ولا يملك الا وان ينظر اليه بكثير من الاحترام والتقدير الممزوجتين بالاعجاب ، ليس لانه دحر ديكتاتورية هبري او لانه حكم لفترة طويلة واقام بعض الانجازات في هنا وهناك ، فقط لانه لم يفكر ولو مرة واحدة ليحول الصراع في بلاده الى صراع قبلي او اثني او عقائدي كما فعله بعض جيرانه وقادة اخرين في القارة .
الشخص المنصف ينظر الى هذه الزاوية بعدسات مكبرة ويدونه بأمانة في صفحة ناصعة ، وجدناه التزم بقواعد اللعبة السياسية السليمة وهو في اهلك الاوقات وهو محاصر في القصر الرئاسي اكتفى فقط بوصف خصومه بالمرتزقة السودانيين ، وهو تعبير سياسي شائع بين البلدين .
الصراع بينه وبين خصومه يدور اليوم بشكل اساسي في منطقة الشريط الحدودي التشادي السوداني وهي بقعة تشهد فيها حراك ثوري كثيف ويصعب على المراقب ان يميز بين الوان خيوطه ، قد يمر بيمين المرء ارتالا من اللاندكروزرات ، ويحسب بانها تتبع للمعارضة التشادية ، والمفاجأة تأتي بانها تتبع لاحدى فصائل المقاومة بدارفور ، وقوات اخرى تعبر الحدود بشكل سريع ، وتأتي الدهشة عندما يرى الشخص انها بقيادة رئيس جمهورية التشاد ، وقوات اخرى تقف له بالمرصاد هم خصومه ــ رفقاء الامس ــ وفي الطرف التشادي من الحدود تنتشر فيه مخيمات اللاجئيين الدارفوريين الذين هربوا من الابادة الجماعية والتطهير العرقي في بلادهم ، وكما تتواجد فيها قرى ومدن صغيرة يقطنها مواطنين تشاديين اغلبهم يمتهن حرفتي الرعي والزراعة مع قليل من التجارة ، نتمنى من جميع اطراف النزاع ان يتحلوا بروح المسؤلية ، ويعملوا بقدر الامكان للحفاظ على ارواح المدنيين وحماية ممتلكاتهم ، وهي مسؤلية جماعية ، وقبل كل شيئ نتمنى منهم ان يحتكموا الى صوت السلم ويجنبوا بلادهم ويلات الحرب .
ما زال امام المعارضين التشاديين الذين يمكن ان نسميهم مجازا ــ بالسفراء المعارضين ــ متسعا من الوقت لفعل شيئ ما لتغيير اتجاه بوصلة الاحداث نحو السلم .
ولا يزال امام الرئيس التشادي ادريس ديبي مساحة من المكان والوقت لينضم الى قائمة مانديلا او على الاقل الى منتدى حكماء افريقيا .
واذا لم تجري الرياح بما نتمناه علينا ان ندق ناقوس الخطر ونقول بان الرئيس ديبي ومعارضيه سينتظرهم خريف ساخن .
شاكر عبدالرسول
امريكا ـــ كنتاكي
|
| |
 
|
|
|
|
|
|
|