|
Re: تبيدي كسبه «الوطن» الكبير ولن تخسره الصحافة السودانية (Re: عبدالرحمن عبدالله أبوشيبة)
|
عسل مختوم صالح يس!
محمد حامد الحُمْرِي كُتب في: 2009-04-28 (1) لما حان الأجل وانتقل محمد صلى الله عليه وسلم، سيِّد البشر وأعظمهم وأشرفهم للرفيق الأعلى، مثَّل ذلك صدمة عنيفة للصحابة الكرام، كيف لا وقد رحل الحبيب وغاب الطبيب؟! تأثر الفاروق عمر (رض) لدرجة أنه لم يُصدق أن تلك هي الحقيقة، هدد كل من (يزعم) أن محمداً قد مات! وظل الحال كذلك حتى جاء الصديق أبو بكر(رض) من أطراف المدينة ودخل مباشرة الى حجرة أم المؤمنين عائشة(رض)، وكشف الغطاء عن الوجه الشريف وتأكد من أن صاحبه قد مات، فقبَّله ثم خرج للناس في لحظة تاريخية فاصلة، وحسم الأمر بعبارةٍ قصيرةٍ ومفيدةٍ (مَن كان يعبدُ محمداً فإن محمداً قد مات، ومَن كان يعبدُ الله فإن الله حيٌ لا يموت) ثم تلا الآية:(وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، أفإن مات أو قُتل انقلبتم على أعقابكم؟! ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين) صدق الله العظيم. وطبت حيّاً وميتاً يا سيدي يا رسول الله. (2) لا زلتُ أذكر ذلك اليوم من عام 1998م وقد وصلتُ للمسجد متأخراً عن صلاة الظهر، لكن كانت هناك جماعة ثانية تصلي، فالتحقتُ بهم، وبعد أداء الفريضة خرجتُ فوجدتُ معظم الذين صلوا في الجماعة الأولى لا يزالون مكانهم على غير العادة، بدا لي المشهد غريباً، ذهبتُ نحو مجموعة كان فيها الأخ والزميل والصديق عبد الحليم جمعة، أحد أبناء منطقة خَمَّاس بغرب كردفان، والتي زرتها قبل سنوات برفقة عبد الحليم نفسه. ونحن في طريقنا لمدينة الفولة، سألتُ عبد الحليم :الحاصل شنو؟ مالكم واقفين كده؟ فسألني مندهشاً :ألم تعلم؟، قلتُ : لا، قال لي : استشهد الفريق الزبير ومجموعة من الرموز والقادة في حادثة تحطم طائرة بالجنوب. أشحتُ بعيني بعيداً دون أن أسأله عن أية تفاصيل أخرى، فما رماني به يكفي، كان خبراً قاسياً، وكانت صدمة قاتلة لولا رحمة الله، ولعل معظمكم يذكر مشهد التشييع التاريخي لأحد بُناة المجد وصُناع السلام. (3) منذ تشييع المشير الزبير، ثم تشييع الشيخ محمد محمد صادق الكاروري، وعلى كثرة ما شهدتُ من (التشييعات) للشخصيات العامة والخاصة، لم أشهد تشييعاً مثل الذي جرى ظهر أمس للبروفيسور صالح يسن الذي رحل عن دنيانا صبيحة أمس، بعد حياةٍ عامرةٍ بالخير وغنيةٍ بالعطاء ومرصَّعةٍ بالحميمية والتواضع وخدمة الصغير والكبير. السيد رئيس الجمهورية، كبار الأطباء الإختصاصيين بمختلف صفاتهم ومقاماتهم، الوزراء، (المدراء)، الرُّتب والبروفيسورات من مختلف القطاعات والتخصصات، جموع هادرة من أهل السودان، وبصفة خاصة محلية القطينة وعموم(الدمباوة)، هبوا جميعهم لمقابر أحمد شرفي في ذلك النهار الغائظ، ليشيعوا أخاهم وزميلهم وصديقهم البروف صالح يسن، اهتز الكبار وبكى الصحاب بحرارة ومرارة، وقالوا في أخيهم العجب العجيب، خاصة وأن بعضهم كان يجالسه ويشاركه حتى وقت متأخر من أمسية الأحد(سماية) أحد أحفاده. (4) البروفيسور صالح يسن، للقليلين الذين قد لا يعرفونه، أحد أكبر وأشهر اختصاصيي الباطنية في السودان، وهو دنقلاوي قِح من أبناء مدينة الدمبو بمحلية القطينة، متزوج وله عدد من الأبناء والبنات على مستوى عالٍ من التعليم والتخصص، ما شاء الله، ونحسب أن مئات بل آلاف من عامة أهل السودان، وبصفة خاصة أهلنا في محلية القطينة، شاءت لهم أقدارهم مخالطة ومقابلة صالح يسن والاحتياج لعلاقاته وخبراته وتوجيهاته، فلمسوا مباشرة مدى احترامه واهتمامه وإنسانيته وتقديسه لمهنته.. رحم الله صالحاً وأحسن إليه وأورثه الفردوس الأعلى، وبارك في ذريته وأحسن عزاءهم وعزاء كل أهل السودان في والدهم الذي فُجع فيه الوطن بأضعاف فجيعتهم«إنا لله وإنا إليه راجعون». ولا حول ولا قوة إلا بالله. (5) لو كانت الدنيا تسوى عند الله شيئاً لما سقى منها كافر شربة ماء.. نسألك ربي أن تخلص عملنا وتتقبله.
|
|
|
|
|
|
|
|
|