الفاتح جبرا .. في ذمة الله
نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب د. الفاتح يوسف جبرا فى رحمه الله
|
حليمُ ..عليك من الله سلامٌ - د. عزالدين عمر موسى صحيفة الخرطوم 30مايو 2009م
|
بدأنا نفقد هذه الأيام، وفي أمد قصير، قامات باسقات لها في السودان آثارٌ، فهم روادُ إبداعٍ، وتفرد إنجازٍ، وتميز إنتاج. فقدناهم في ساحات السياسة والفكر والثقافة والرياضة والأدب والطرب، فتتابع رزء على رزء. وأحسب أنه جال بخاطرك كوكبة منهم، عليهم رحمة من الله ورضوان، وتغشتهم سحائب رضى منه وغفران.
ومع ريادتهم، ومع بصماتهم الواضحة في مجالاتهم، إلا أن ذهاب د. حليم من دونهم ترك فتقاً لا يرتق، لأنه اختزل تاريخ السودان في قرن في شخصه. لقد شهد مولد السودان الجديد، وعاش أحداثه لأكثر من مائة عام، متفاعلاً معها، منفعلاً بها .. نعم عاش كل الأحداث مع اختلاف ضروبها، وتنوع صروفها بفضل موسوعية معارفه، وتعدد مناشطه، وتنوع إنجازاته، مع براعة في تخصصه الدقيق وشموخه فيه.
فهو أمة في فرد، وأولٌ في كل شيء، ومحلق في سماء المجد بغير ند. بدأ محاسباً فتخرج أول طبيب باطني سوداني بشهادة بريطانية، وأول مدير لمستشفى الخرطو. وغدا حليم للطب أباً حتى ظن أهلنا أن طب حليم بلسم من كل داء شافٍ ليتك سمعت المحجوب يوم هرع من لندن عندما توفى أبا الصحف "أحمد يوسف هاشم" وهو يدخل دار أحمد وينادي:
يا أخا العمر أين كان حليـم ويد الطب عنده والطبيــب
نعم كان أولاً في الرياضة، فهو مؤسس وأول رئيسٍ لاتحادي كرة القدم السوداني والأفريقي .. وفيهما ملأ الدنيا نشاطاً، فإنداح عالمياً مسطراً للسودان أسماً، فكان أول سوداني عضواً في الفيفا. أما الثقافة والأدب، فسألوا عصر الجمعيات الأدبية الأم درمانية، وصحيفتي "الفجر" "والنهضة" مطلع الثلاثينيات، وكتاب "موت دنيا"، فلن ينبئك مثل خبير.
فلا غرو بعد هذا أن تناديه السياسية فيستجيب في كبرياء وشمم، فكان من إبكار حركة الخريجين، وصناديد الاستقلاليين، وتوج بعضويته لمجلس السيادة بعد ثورة أكتوبر 1965م، وترك المنصب عندما أصبح تشريفاً لا تكليفاً، لأنه شمس ساطعة لا يحتاج إلى مزيد ضوء، والشريف لا يشرف، وبه تزدان المناصب.
وحدِّث ولا حرج عن تواصله الاجتماعي، فما هدَّه القرن الذي عاشه، ولا فتَّ في جسده المرض، وقد عاش أكثر من نصف قرن برئه واحدة، فما تخلف طوال حياته عن واجب اجتماعي، لا فرحاً ولا كرها، لأن التواضع ديدنه، وحب الناس سجيته، والتواصل شيمته، والوفاء صفته.
أليس هذا بالإنسان العزيز النادر !! أليس مثل هذا أحق بالتكريم والتذكر! وكان له في كل محفل ذكرٌ، وفي كل مجال سهمٌ. ويا مودعيه في الثرى هل علمتم بأن له في غير أرضكم قبـرا
برد الله مضجع أبا الطب الأديب الرياضي الإنسان، فهو حليم وكفى.. حليم عليك من الله سلام.
|
|
|
|
|
|
|
|
|