|
Re: الغارة على السودان ... افاعي الإستفهام والتعجب (Re: أبو ساندرا)
|
Quote: نزهة إسرائيلية في سماء السودان بقلم : د. صلاح الدين محمد (باحث في العلاقات الدولية) .. عندما بدأت الحرب الإسرائيلية على غزة في مطلع العام الحالي اتجهت أنظار العالم في اتجاهين محددين، ما يجري على الساحة بأرض غزة من سحق وتصفية لشعب أعزل في الشرق الأوسط، أما الثاني فكان الاهتمام العالمي بتنصيب أوباما رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية في أقصى الغرب. وبينما ضرب غزة على أشده، كان لإسرائيل غزوة أخرى في أرض السودان لم يلفت لها أحد بالا لكن البعض كان على تمام العلم بها.
ففي منتصف الحرب على غزة تقريبا وتحديدا في شهر يناير قامت الطائرات الإسرائيلية بضرب شاحنات قيل أنها لنقل البضائع في السودان وبالقرب من بورت سودان ما أدى إلى تدمير هذه الشاحنات بما عليها ومن عليها من أفراد، وانتهت المهمة وعادت الطائرات الإسرائيلية إلى قواعدها بعد هذه النزهة الدموية، ولم تعقب على الحادث أي من الوكالات العالمية أو العربية، وبعد ثلاثة أشهر من وقف الحرب على غزة، خرجت إحدى الصحف المصرية بخبر قصف السودان وكم الخسائر المادية والبشرية الذي خلفه.
والغريب أن أحدا لم ينكرها أو يستنكرها ثم خرج وزير الخارجية المصري السيد أحمد أبو الغيط ليفصح عن علمه بهذا القصف، ولا ندري أكان على علم بعد أن تم القصف وهذه كارثة أم كان على علم قبله، وهذه كارثة أخرى!!
الأمر جد خطير وله أبعاد كارثية ليس فقط على السودان ولكن على الأمن القومي العربي إجمالا والأمن القومي المصري تحديدا. أما على محيط الأمن القومي العربي، فقيام إسرائيل بمثل هذه الضربة السريعة ليعطي مؤشرات أن إسرائيل تؤكد للعالم أجمع أن لها اليد الطولى في المنطقة العربية وتستطيع أن تقوم بضربات خاطفة لمراكز محددة في العالم العربي الفسيح بما فيه مصر.
المؤشر الآخر أن اسرائيل ربما أرادت أن ترسل رسالة إلى مصر تحديدا بأن السد العالي ليس عنها ببعيد، حيث أنها تستطيع القيام بطلعات جوية بطول خليج العقبة مرورا بالبحر الأحمر لتطال السد العالي وتقصفه كما قصفت بورت سودان.
رغم أن السد العالي ربما يحتاج إلى قوة تدميرية هائلة قد تصل لقوة قنبلة نووية كما أدلى بذلك أحد الخبراء المصريين، إلا أن أي ضربة له ربما لاتزيله من الوجود لكن بلا شك سيكون لها الأثر البالغ إلى الحد الذي قد يعطل أداءه أو ربما يصيبه بالشلل.
ويأتي الحديث تحديدا عن السد العالي بعد وصول ليبرمان اليميني المتطرف إلى مقعد وزير الخارجية للكيان الإسرائيلي وحكومة نتنياهو والذي كان قد هدد من قبل بإمكانية إسرائيل استهداف السد العالي وإزالته من الوجود.
بالطبع هذا افتراض قد تعمل له إسرائيل ألف حساب إذا ما فكرت الإقدام عليه لأن من الطبيعي أن تتصدى قوات الدفاع الجوي المصري للطيران الإسرائيلي وربما اندلعت حرب لأظن أن أيا من إسرائيل أو مصر على استعداد لتحمل عواقبها.
ربما تتجنب إسرائيل المواجهة العسكرية مع مصر وتستبعد حلم ضرب السد العالي، ولكن وجود قواعد عسكرية لها في أثيوبيا يمكنها من فعل ما هو أسوأ من ذلك في ظل حكومة يرأسها نتنياهو ويدير خارجيتها ليبرمان.
النيل بالنسبة لمصر هو شريان حياتها وهو يمر بأثيوبيا ثم السودان وينتهي بمصر ولو استطاعت إسرائيل قطع هذا الشريان الحيوي من منابعه لأصبحت المسألة بالنسبة لمصر مسألة حياة أو موت، ولا أظن هنا يمكن أن تجدي معاهدات سلام مع كيان يقتل أبناء غزة ويضرب السودان ويعربد في العراق ويتربص بمصر ويهدد أمنها القومي كما هدده في بقاع أخرى.
لا أدري ما الذي يفعله هذا الكيان بأمن المنطقة، والأشد غرابة ردود الفعل العربية إجمالا والدول المعنية على وجه الخصوص. لماذا لم يتقدم السودان ومصر والعرب ولو عن طريق جامعة الدول العربية برفع الأمر إلى مجلس الأمن ولو على الأقل لإثبات الحالة والخروج ولو بقرار إدانة لإسرائيل كما أدينت من الأمم المتحدة إبان حربه على غزة؟.
إذا قمنا بتحليل بسيط للأمر فعلينا التدقيق في هذه الأوجه، ما الذي يجعل من إسرائيل كيانا عدوانيا بطبعه لولا الصمت العربي المخيف تجاه أمنه القومي؟ أين الضغط العربي الذي يمكنه ردع إسرائيل ولو من خلال حلفائها؟
لقد أثبتت المعلومات أن الغارات الإسرائيلية على السودان استهدفت شاحنات بمن عليها وهي شاحنات قيل أنها لبضائع مهربة لم يكن فيها سلاح، فضلا عن أن من تم قصفهم قضوا نحبهم احتراقا حتى التفحم، وهذا دليل على أن إسرائيل لاتقاتل ، بل تقتل مدنيين وتحرقهم بأسلحة محرمة كالتي استخدمتها في حرب غزة، ولا أحد يدري بهذه الواقعة من قريب أو بعيد لتمر مرور الكرام وبعد أشهر ثلاثة من الحادثة يبدأ الإعلام العربي والعالمي الكشف عن تفاصيل جريمة إبادة أخرى والعرب نيام!!
إدلاء السيد وزير الخارجية المصري بأنه كان على علم بالحادثة يؤزم الموقف من عدة زوايا، الزاوية الأولى أنه إذا كان على علم مسبق فهل فاته أن يُعلم السودان حتى تتخذ إجراءً وقائيا ضد الهجمات، أما الزاوية الأخرى فهي ربما ناحية نفسية ربما أراد الوزير من خلالها أن يقول إن أجهزة الاستخبارات المصرية توفرت لديها المعلومات بما تنوي إسرائيل القيام به وأن المخابرات المصرية على درجة عالية من اليقظة وتعلم ما تكن إسرائيل وما تعلن.
أو الافتراض الثالث وهو أن الحكومة السودانية كانت على علم من المخابرات المصرية إلا أنها آثرت ألا تفتعل أزمة من صد ورد يزيد الطين بلة تجاه الرئيس السوداني وخاصة أنه كان بانتظار قرار المحكمة الجنائية بشأنه. ربما تتجلى الحقائق في الأيام القليلة القادمة لنعرف تفاصيل أكثر دقة.
الأمر محرج في جميع الأحوال لأنه يضع النظام الرسمي العربي في مأزق تجاه قضاياه وهذا يتطلب بالضرورة موقفا موحدا تتبناه جامعة الدول العربية لرفع الأمر إلى مجلس الأمن وجميع المحافل الدولية وخاصة أن القمة العربية بالدوحة أظهرت تصالحا وتوادا بين القادة العرب تحتم عليهم جميعا تحمل مسؤولياتهم تجاه قضاياهم حتى ترى الشعوب العربية ردود أفعال قادتها بعد قمة كان ظاهرها المودة والوئام ويبقى باطنها على المحك.
[email protected]
|
|
|
|
|
|
|