|
|
 رسائل من دارفور (بين طفل و والده)
|
والدي العزيز
سلام في زمن الدم .... اليوم بي كثير من التسامح اخشي ان يصل حد تسامح القتلي و مغتصبي النساء... عفواً قد امنحك جزء من هذا التسامح رغم فراقك المبكر و الالمه .... و بقليل من الامانة أكتشف ان هذا لم يكن علي الاطلاق تسامحاً .... اكتب اليك فقط لانك الوحيد الذي تبقي من شجرة سلالتنا المباركة....لا ادري من اين اغتصبنا كلمة مباركة حتي نردفها بسلالتنا و لكن هذا لا يهم باي شيئ مطلقاً .... اكتب اليك حتي لا انفجر غماً و جنوناً....
الدنيا ضحي,,,, الشمس لم تزل تصارع لوصول نهايتها العظمي في الاحتراق... اغنامنا ترعي في انسجام...الكلب كعادته يطارد اشباحاً غير مرئية و بين الحين و الاخر يطلق عواء لا تفسير له ...الصغار منا يطاردون الجراد و يبنون بيوت وهمية من الرمل .... بينما بعضنا ينصب افخاخ للطيور ....و فجأة دون مقدمات اختل تناغم الضحي وسلامنا الداخلي .... اختل هذا التناغم و السلام بازيز الطائرات المقاتلة و صيحات الموت ممتطئ الدبابات...و هنا يا ابي فقدنا براءتنا الي الابد .... و بتفكير جماعي لا ارادي احتمينا بالاماكن المنخفضة في الوداي و لم نصرخ علي الاطلاق .... لا ادري من اين اتينا بهذا التكتيتك العسكري و الاجابة السهلة انها الغريزة ...
في لحظات عمت القرية فوضي كونية .... السنة اللهب المتطايرة من القطاطي المحروقة ....عويل النساء و رائحة الشواء ...صياح النشوة و الانتصار لملائكة الموت ,,,عواء الكلاب المفجوع و بعد ان هدأ و انتهي كل شي قادتنا اقدامنا الي حيث نبكي اطلالنا.
جثة لامرأة متفحمة داخل قطيتنا الكبيرة و علي الارجح انها امي لانها لاتصلح لشيئ بعد ان تجاوزت سن الوطء .... اخي حامد تعرفت عليه بالسر المشترك للقبيلة بعد ان اصبح كوم من اللحم المتناثر .... اخواتي الثلاث رحن سبايا و بشرع الله يا ابي.
الهمنا الغراب ان نواري زوينا التراب كما فعل مع اخيه , مع جهل تمام بطقوس و عادات دفن الموتي قمنا بهذه المهمة التي لم يعفنا منها يناعة سنا و تجربتنا .... بعد انتهاء الدفن الذي تم دون اي مراسم و بتواطؤ صامت اكتشفنا ان هذا المكان لا يصلح لسكن ادمي.... و توجهنا الي حيث تقودنا الحياة و اقدامنا ... كنا ستة و سابعنا كلب يمارس عوائه اليم ,,, اغنامنا تاهت في الوادي و صارت طعماً للذئاب و الذئاب البشرية و الاولي يا ابي قد تكون ارحم من الاخيره.
اخيراً وصلنا الي مكان يعج بالحركة و الاحزان و هنا اطلق علينا نازحين و اذا تمكنا السير اكثر سيطلق علينا لاجئين ولكن اكتفينا بالاولي. في هذا المكان الذي يسمي معسكر تم تقييد اسمائنا و القرية التي اتينا منها دون اي تفاصيل اخري و صرفت لنا بعد الادوات التي قد تنقذ الحياة.... و الان نحن دون اي هوية في انتظار الاغاثة و امزجة العسكر امام يافطة كبيرة تدعي ( انقذوا اطفال دارفور)
في انتظار ردك يا امي مع الحمامة حاملة هذه الرسالة
|
|
 
|
|
|
|
حافظ حسن ابراهيم
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست