|
يا الهادي خليك تقيل
|
يا الهادي خليك تقيل جدل العلاقة بين الفن و الملاكمة
حضور الحفلات والأنشطة الاجتماعية بكل أشكالها و المشاركة فيها، تقليد سوداني عريق، يشهد باختصارعلى أننا أمة تنفعل بالأفراح وتسعى إلى إيجادها و تقصي مواقعها، و نحن شعب يعشق الطرب الأصيل وغير الأصيل أحيانا، قال الشاعر في تمجيد أسلافنا ( أن أجدادي يموتون غراما و طرب)، واعتمادا على فروض نظرية الوراثة، فنحن الأحفاد نتهيأ للحفلات بعزم عقائدي كلما سنحت الفرصة، نتهيأ (للعبة)، و (العرضة)، و مابينهما، الا أن لحفلات الأعراس موقع أثير في نفوسنا، نعود الحلاق ليصلح حال الرأس المدوقس عل و عسى، و نبذل الزمن آناء الليل و أطراف النهار في إبداعات المكوة السنينة، و نستلف في غفلة الأخ الأكبر ، بخة أو بختين من قارورة الأراميس المخبأة في دولابه الذي يظن بأنه آمن من كيد المعتدي، حتى تحين لحظة خروجه إلى اجتماع لجنة الحي، فيتعطر الخلق و يتعطر هواء الغرفة معهم. و للحفلات في بلادنا تقاليد مرعية، اولها الحضور المتأخر عن الموعد المحدد لبدءها، و قواعد قليلها ثابت و كثيرها مرتجل، أما أهم ثوابتها، فقاعدة ( الفرتقة)، و قاعدة ( الفرتقة) تنبني على قانون بسيط يحتوي في محكم منطوقه على جملة ( يا فيها يا افسيها)، مؤكدا بشكل خاص على حق الرجل البالغ ( الغليد)، في ممارسة هذه الرياضة العنيفة متي ما توفرت الظروف (اللوجستية) لذلك، و تتم عملية الفرتقة بنفس التكنيك الذي يستخدمه اى ضابط في القوات المسلحة لفرتقة عرس الأنتفاضة الأبريلية. و الظروف التي تستدعي ( الفرتقة) عديدة، أولها اجتماع عدد خمسة رجال و نساء و ما فوق، حول غرض سعيد، و أحساس فرد واحد بأنه غير سعيد ،و يجوز للمفرتق أن يكون مندسا بينهم ، و يجوز أن يكون صديقا أو حتى أحد الأقرباء، و في حالات نادرة ، الفنان نفسه أو أحد ( الشيالين)، كما حدث في قصة ( الهادي خليك تقيل) ، و التي صارت مرجعا أساسيا في فن تفريق الحفلات، تختلف الروايات ، و لكن الذي نما إلى سمعنا، أن الهادي كان فنان حقيبة اشتهر بقلة الصبر، كان ( يفرطق ) الرق على راس كل من تسول له نفسه الاقتراب من مجاله الغنائي بالتبشير، تنشب المعركة، و ( يتفرتق) العرس، و يذهب الهادي إلى منزله ممزق الجلباب، و أتى اليوم الذي خلا فيه (وردروب) الهادي من الجلابيب ، فلجأ إلى أخيه بالتوسل تارة و بالتهديد مرات، ليسلفه جلبابا يذهب به لأداء حفل تعاقد عليه تلك الليلة، رضخ الأخ في نهاية الأمر، بشرط أن يذهب معه إلى الحفل بصفة مراقب، و في الحفل، ظل الشقيق لصيقا بأخيه المطرب، يذب عنه أفواج المبشرين، فإذا افلت واحدهم و تبدى الغيظ على وجه الهادى، او أوشك على ( فرطقة) الرق فوق رأس الرجل، سارع الأخ إلى إذن الهادي هامسا ( الهادي...خليك تقيل)، لا خوفا على الرجل و لكن خوفا على جلبابه، فصارت الجملة مثلا، و رقصة ، و ( استايلا) جديدا في خياطة الجلابيب. و الفرتقة عند العرب تعني الفض و الانفضاض، و تعني الدمار و الخراب مثل قولهم ( فرتق زينتو)، فيعود الرجل إلى داره، و قد تورمت عينه اليسرى، عدا غير قليل من الكدمات، و تعني فيما تعني، أعادة الأمر و تحليله إلى بداياته الأولى، و تفكيكه إلى عوامله الأولية، و العناصر المكونة له،( فرتقة التلفون و الكمبيوتر و ماكينة العربة وكثير من الأجهزة المعقدة على أيادي الناس الغير مهندسين)، و تستعمل الكلمة في صرف من لا تحب من أمامك، و تأتي في مقام ( أغرب عن وجهي) مثل قولهم ( فرتق). و فرتقة الحفلات و الحق يقال، أختراع سوداني أصلا و تفصيلا، لا يستقيم حفل دون أن يطل برأسه ويطرح للتجريب، و يتم أختباره في اخص لحظة من لحظات البشر و الغبطة، و لحظة انلاع ( الفرتقة) لحظة تماثل الانفجار البركاني، لا يقدر أي مقياس ريختري على التنبوء بوقت حدوثه، ولا عظم قوته، و لكنه لا محالة آت بالحفل إلى ختام عاجل، و قد أتانا نبأ عاجل يفيد بان بعض (المفرتقين) ينتمون إلى بعض جماعات ( الألفة الاجتماعي)، و هو شخص نصبته قوة تاريخية مجهولة، حكما على سلوك الناس في المناسبات الاجتماعية ، و له وحده القدرة على حذف ما يود حذفه (بالرجالة)، واللجوء الى العنف الجسدي لاعتراض كل ما لا يراه لائقا. و قد ساورتني شكوك في أن للسيدات و الآنسات دور في إذكاء نار هذه الثورات الاحتفالية و الانقلابات التي تحدث دون أن يدري الناس منشأها و الغرض من اندلاعها إلى أن يدخل الطفل الأول للعروسين الجامعة، و يأتي دور الشراب ( الغير نضيف)، و الذي يسمى مجازا نضيف، مسئولا بالإنابة، ثم الفنان الذي يغني ما لا يشتهي ( المفرتق)، أو انه يغني ما يلامس عصبا رهيفا لديه، و هكذا، فأن اجتمعت ( حنان) و العسلية و أغنية ( في الليلة ديك) معا، فأن الحفل محتوم بدنو الأجل و أن القوم موعودون بعودة باكرة إلى ديارهم. وبمناسبة الحديث عن الحفلات، فأنه لا يفوتنا التعليق على تطور شأن جمهور الحفلات و اللقاءات الاجتماعية، و الذي أتخذ منحى فريدا غريبا في الآونة الأخيرة، فقد اختفي جمهورالمبشرين بالخير، و ظهر عوضا عنهم الجمهور التوثيقي، و هؤلاء قوم لا يطيب لهم إلا الوقوف أما الفنان لا يحيرون حراكا ، و في أياديهم كاميرات موجهة نحو المطرب لا تحيد عنه، لا علاقة لهم بوزارة الأعلام و لا اى من مؤسسات حفظ التراث، لا يطيب لهم الاستمتاع بالغناء الحي، و لكنهم يعلبونه داخل هذه المعجزات الصغيرة لتناوله في أوقات أخرى، أو يضيفونه إلى مكتبة اليوتيوب العامرة صباح اليوم التالي، متضمنا عفوية و خصوصية الناس، الذين جلسوا في صمت الصفوف الأخيرة، يكتمون الغيظ، حتي ينشأ من بينهم من يفرتق الحفلة، فيتسنى اضافة مشهد أو مشهدين من معركة الفرتقة.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
يا الهادي خليك تقيل | Tagelsir Elmelik | 03-31-09, 01:58 AM |
Re: يا الهادي خليك تقيل | حبيب نورة | 03-31-09, 02:23 AM |
Re: يا الهادي خليك تقيل | Hawari Nimir | 03-31-09, 07:09 AM |
Re: يا الهادي خليك تقيل | tarig almakki | 03-31-09, 09:04 AM |
Re: يا الهادي خليك تقيل | Tagelsir Elmelik | 03-31-09, 09:37 PM |
يشهد باختصارعلى أننا أمة تنفعل بالأفراح وتسعى إلى إيجادها و تقصي مواقعها، | اسعد الريفى | 03-31-09, 09:31 AM |
Re: يشهد باختصارعلى أننا أمة تنفعل بالأفراح وتسعى إلى إيجادها و تقصي مواقعها، | الطيب رحمه قريمان | 03-31-09, 10:55 AM |
Re: يشهد باختصارعلى أننا أمة تنفعل بالأفراح وتسعى إلى إيجادها و تقصي مواقعها، | محمد على طه الملك | 03-31-09, 01:01 PM |
Re: يشهد باختصارعلى أننا أمة تنفعل بالأفراح وتسعى إلى إيجادها و تقصي مواقعها، | Seif Elyazal Burae | 03-31-09, 02:40 PM |
Re: يشهد باختصارعلى أننا أمة تنفعل بالأفراح وتسعى إلى إيجادها و تقصي مواقعها، | Gazaloat | 03-31-09, 03:18 PM |
Re: يشهد باختصارعلى أننا أمة تنفعل بالأفراح وتسعى إلى إيجادها و تقصي مواقعها، | esam gabralla | 03-31-09, 09:49 PM |
Re: يشهد باختصارعلى أننا أمة تنفعل بالأفراح وتسعى إلى إيجادها و تقصي مواقعها، | Tagelsir Elmelik | 04-01-09, 05:02 PM |
Re: يشهد باختصارعلى أننا أمة تنفعل بالأفراح وتسعى إلى إيجادها و تقصي مواقعها، | Tagelsir Elmelik | 04-01-09, 01:04 PM |
Re: يا الهادي خليك تقيل | عزاز شامي | 04-01-09, 01:40 PM |
Re: يا الهادي خليك تقيل | Tagelsir Elmelik | 04-02-09, 01:14 PM |
Re: يا الهادي خليك تقيل | خضر حسين خليل | 04-01-09, 04:30 PM |
Re: يا الهادي خليك تقيل | Abuzar Omer | 04-02-09, 04:39 AM |
Re: يا الهادي خليك تقيل | Tagelsir Elmelik | 04-04-09, 10:09 PM |
Re: يا الهادي خليك تقيل | Tagelsir Elmelik | 04-03-09, 02:07 PM |
|
|
|