حلق بنا الشاعر ( عاطف خيري ) حين كتب ( باب الروح ) :
باب الروح مَتاكَا انسَربي صَاحيات الحَدائق أرعِي قُبال مَنجَنيقْ الخوف يَعاوِد ضَربي قبل الطير وصَعلوقْ النَحَلْ مُنكَبي هِشي العَافية من تَمري المُخمِّر و عَبي مِتل النيل طَبقْ مَركوبو مارِقْ للبَحرْ مُدَّبي أدخُلي في الجَسد مَحمومة بى المرض المُحيِّر طِبي
ها هو الشعر يدخل بغيلانه وأفاعيه غابة الروح. أنت تترنح هوى من أضواء شهب البلاغة وأبخرة اللغة العامية التي تُطرز أقمشة الغموض . تذهب في جنة فيها ألاعيب الخطورة وفضاءات الظنون تحُط على المكان . تسمعُ هسيس الغطاء النباتي من تحت قدميكَ يسألُكَ أن تتخذ من الحيطة ما يجب ، فعالم ( عاطف خيري ) لن تدخله إلا الأذهان التي طافت عليها الكوابيس ، ورقصت للغرائب رقص لم يقدر على وصفه إلا الكاتب الطيب صالح في رواية موسم الهجرة إلى الشمال حين اندلق الحديث على لسان الراوي : نحن هكذا وكل سيارة تمُر طالعة أو نازلة ، تقف حتى اجتمعت قافلة عظيمة ، أكثر من مائة رجل طعموا وشربوا وصلوا وسكروا . ثم تحلقنا حلقة كبيرة ، ودخل بعض الفتيان وسط الحلقة ورقصوا كما ترقص البنات ، وصفقنا وضربنا الأرض بأرجلنا و حمحمنا بحلوقنا ، وأقمنا في قلب الصحراء فرحاً . وجاء أحد بمذياعه الترانزستور ، وضعناه وسط الدائرة . وصفقنا ورقصنا على غنائه . وخطرت لأحد فكرة ، فصف السواقون سياراتهم على هيئة دائرة وسلطوا أضواءها على حلقة الرقص ، فاشتعلت شعلة من الضوء لا أحسب تلك البقعة رأت مثلها من قبل . وزغرد الرجال كما تزغرد النساء وانطلقت أبواق السيارات جميعاً في آن واحد . وجذب الضوء والضجة البدو من شعاب الوديان وسفوح التلال المجاورة ، ورجال ونساء ، قوم لا تراهم بالنهار كأنهم يذوبون تحت ضوء الشمس . اجتمع خلق عظيم ودخلت الحلقة نساء حقيقيات ، لو رأيتهُن نهاراً لما أعرتهن نظرة ، و لكنهن جميلات في هذا الزمان والمكان . وجاء أعرابي بخروف وكأه وذبحه وشوى لحمه على نار أوقدها . وأخرج أحد المسافرين من السيارة صندوقين من البيرة وزعها وهو يهتف : " في صحة السودان . في صحة السودان ". ودارت صناديق السجائر وعلب الحلوى ، وغنت الأعرابيات ورقصنّ ، وردد الليل والصحراء أصداء عرس عظيم كأننا قبيل من الجن .) انتـزع منها ما تخيرها ولحنها وغناها الموسيقي المُطرِب : حمزة سليمان
.
05-22-2009, 02:14 PM
عبدالله الشقليني
عبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736
أدخُلي في الجَسد مَحمومة بى المرض المُحيِّر طِبي النص روحي المنشأ والتعبيير ، فتدفقت وسالت تعابير من عوالم أخري تحسها متقاربه مع كثير من رجال ليلي ..... بفناء عاطف خيري لغه وإحساس لا يشبه ما نعايشه بالمعتاد من حياتنا...... عاطف خيري ومنذ أن إلتقيته بأواخر الثمانيات ، لم يدانيني أدني شك أنه واصل لعوالم قصيه علي كثير من الشعراء والمحبيين فيها تنبهل اللغه بمفردات وتصاوير ، لا يستدركها لسان حال المعتاد من الكلام . .............. أدخُلي في الجَسد مَحمومة بى المرض المُحيِّر طِبي طافت وجالت والتقت برجال وصل ليلي وهم كثر، ثم عاودت لتطييب الجسد ...... كما يقول الشيخ حياتي في طه ياسين: ريح صبا الوصل شويه سارقييني ...................... التحيه للفنان المرهف الأستاذ حمزه علي إضافة روحه علي روح النص لمزيد من الفناء.......
ولك أستاذي عبدالله الشقليني لمنحنا هذه اللحظات الجاذبه من ريح الوصل الرطبه.....
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة