|
Re: العميد معاش عزت ابراهيم حبيب الذي قهر جون قرنق في الكرمك ورفع راس الديمقراطية (Re: عاطف عبدون)
|
*مدخل مهم إن الشىء بالأشياء يذكر.. والدمازين عاصمة ولاية النيل الأزرق التي عنها أتحدث في سلسلة حكايات وذكريات قديمة، هي اليوم في «دائرة الضوء» الإعلامي..!. فسياسياً - تحكمها الحركة الشعبية- التي هي في الأصل ـ حركة جنوبية تفجرت عام 1955م تحت - شعار أنصاف جنوب السودان المتخلف.. والذي كان ولا يزال مسؤولاً عن تخلفه الإستعمار، الذي كان ولا يزال ايضاً يدعم «التمرد» المقاتل أنذاك .. والحاكم الآن..!. ولأن الحركة الشعبية تكثر الحديث عن - الشفافية - والتعددية والديمقراطية والتحول المفضي الى ذلك، فإن تجربة حكمها شبه ـ المطلق ـ في النيل الأزرق تستحق المتابعة والتقصي..!. وفي هذا السياق تواترت من هناك عدة مؤشرات قديمة وحديثة لا تبشر بالخير الحكومي، او الشفافية - أو الديمقراطية في النيل الأزرق..!. وقد إبرزت الوطن في سبيل توضيح ذلك عدة أمور منها : * الفساد الواضح والصريح في عطاء الطرق الداخلية.. وتلك مسألة سنخصص لها جانب اوسع من هذه الحلقات بعد أن أبرزناها خبرياً في الأسبوع الماضي عندما أوردنا خبر القبض على المقاول ـ حامل رخصة المطعم الإستثماري الذي إليه اسند عطاء تعبيد الطرق بالدمازين..!. والأمر الثاني ذلك التحقيق الخبري الرائع الذي قام به أخونا الأستاذ احمد الشريف والذي اورد بالصورة والقلم خبر احتلال ـ الحمير الجربانة لمستشفى الدمازين الرئيسي! وقبل ذلك الكثير الذي قيل ونشر عن ولاية النيل الأزرق التي يحكمها الآن احد ابنائها الذي كان لإنتمائه للحركة الشعبية أصلاً خلفية غريبة وعجيبة سنتعرض لها في سياق ما هو قادم من حديث عن الدمازين والنيل الأزرق..!.
سامحوني فالحديث هنا عن فساد بيّن حدث في ولاية النيل الأزرق.. وتحديداً في عاصمتها الدمازين..!. ولكن اطلبكم «السماح».. لأبدأ حديث ذكريات عن وقائع عمرها قرابة الـ15 عاماً وكان موقعها ـ أي ذكرياتي تلك ـ هي الدمازين ومعها ـ الكرمك ـ وقيسان.. والروصيرص..!. ففي نحو النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي تم وللمرة الثانية في نحو عقد واحد من الزمان «إحتلال الكرمك وقيسان» من جانب قوات حركة قرنق التي انطلقت من أثيوبيا.. وتحديداً من مناطق الأرومو ـ وهي إحدى القوميات الأثيوبية الغالبة ـ كماً والمغلوبة ـ كيفاً ـ إذ أن تعداد ـ الأرومو ـ أو «القالا» في اسم آخر ـ لا يحبونه ـ يبلغ نحو 60% من سكان كل أثيوبيا البالغ عددهم نحو 65 الى 70 مليون نسمة...!. والواقع أيضاً أن نحو 64% من مواطني ـ الأرومو ـ هم من المسلمين الذين لا حوله لهم ولا قوة في مواجهة القومية الأصغر منهم عدداً وهي ـ الأمهرا ـ التي منها ينحدر حكام أثيوبيا منذ نحو قرن ونصف حيث كان الخليفة عبد الله التعايشي قد قضى على آخر حاكم لأثيوبيا غير أمهري عندما قتل الإمبراطور «يوحناس» المنحدر من قومية التيجراي التي إليها ينتسب الآن حاكم أثيوبيا الأمبراطور الديمقراطي ـ ملس زيناوي ـ طالب الطب الذي لم يكمل تعليمه حيث شكل مع صديقه «سيوم مسفن» وزير الخارجية الحالي ـ جبهة تحرير التيجراي في بداية سبعينيات القرن الماضي بدعم كبير وأساسي من جبهة التحرير الأريترية الأُم، وحيث تولى الدعم الأكبر بعد ذلك رئيس أريتريا الحالي ـ سياسي افورقي ـ الذي وجد في أبناء التيجراي السند والعون والعمق الجغرافي لأن مناطق المرتفعات الأريترية متداخلة مع منطقة التيجراي التي إليها آل الحكم في عموم أثيوبيا منذ العام 1991م بعد إنهيار حكم منقستو هايلي ماريام ـ الأمبراطور الشيوعي..!. الكرمك وقيسان كانت قوات الحركة الشعبية ـ قرنق ـ قد إحتلت الكرمك وقيسان للمرة الأولى ابان الحكم الديمقراطي 1986م ـ 1989م، حيث تمكن تحالف ـ الميرغني المهدي ـ الحاكم عقب الإنتخابات التي اعقبت الإنتفاضة من تحرير ـ الكرمك وقيسان ـ وطرد قوات منقستو وحركة قرنق ـ حيث هتف الناس يومها «حررت الكرمك وقيسان يا عثمان» والمعني هنا هو السيد محمد عثمان الميرغني الذي كان قد اتصل بكل من الكويت ـ والعراق ـ ودول خليجية أُخرى وقيل إنه حصل على دعم عسكري من تلك الدول وأهمها كما قالت معلومات تلك الأيام العسكرية سلاح الراجمات الذي حرر الكرمك وقيسان ـ وطرد منهما جماعة قرنق وجماعة منقستو هايلي ماريام الذي يذكر له التاريخ إنه حكم أثيوبيا شيوعياً وغادرها مبعداً وهو شيوعي يعيش الآن في هراري عاصمة زيمبابوي بعد أن قطع وعداً على نفسه للإنجليز والأمريكان ودول «مؤتمر لندن» التي إتخذت ثلاثة قرارات تاريخية بشأن الأوضاع في القرن الأفريقي وهي : أولاً: إسقاط نظام منقستو هايلي ماريام في أثيوبيا! ثانياً: أن يحكم اثيوبيا «إشتراكي آخر» هو ـ ملس زيناوي ـ الذي التزم بإطفاء أهم اسباب إشتعال الحرائق في الإمبراطورية الأثيوبية لمئات السنين، وهي مسألة حقوق القوميات فكان الميثاق الوطني الأثيوبي الذي أعطى سائر القوميات الأثيوبية حكماً ذاتياً قد يصل حد الإنفصال إذا أقره برلمان الإقليم الراغب في الإنفصال..!. ثالثاً : أن تستقل أريتريا عن أثيوبيا.. مع وجود ضمانات تربط أثيوبيا بالبحر الأحمر، وتحديداً أن تستخدم أثيوبيا «ميناء عصب» كمنفذ بحري في مقابل إيجار اسمي من الحكومة الإريترية..!. بعد إنقلاب الإنقاذ في 30 يونيو 1989م واصلت حركة قرنق حربها ضد الإنقاذ والجيش السوداني بالضرورة وفي حين كانت «أي حركة قرنق» تقول إن حكم المشير سوار الذهب الإنتقالي بعد الإنتفاضة ضد نميري 1985م هو «مايو تو» فقد وصفت النظام الديمقراطي المنتخب ـ 86 ـ 89 ـ بأنه نظام تحالف ـ رجعي ـ لا يعبر عن السودان الجديد»! وقد كان أبرز عمل عسكري قامت به «حركة قرنق في إطار صراعها ضد نظام الإنقاذ هو إحتلالها ـ للكرمك وقيسان ـ بمساعدة ودعم أثيوبيا ومجموعات من ـ الأرومو ..!. عقب ذلك الإحتلال وتحديداً في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي تنادت وسائل الإعلام العالمية للوقوف على حقائق ما حدث في ولاية النيل الأزرق وتحديداً في إقليميها المهمين ـ الكرمك وقيسان..!. ولقد كنت أحد صحفيي تلك الحقبة الذين توافدوا من الخارج، حيث كنت أعمل مراسلاً حربياً متجولاً لصحيفة ـ الشرق الأوسط ـ السعودية الصادرة من لندن..! ورحم الله حبيبي ونسيبي ـ الشهيد طه الماحي ـ أجدع ضباط تلك الحقبة والذي سهل مع المعنيين بالجيش امكانية السفر الى الدمازين للوقوف على حقيقة ما حدث في «الكرمك وقيسان» وأدى لإحتلالهما للمرة الثانية بعد أحداث ـ«حررت الكرمك وقيسان يا عثمان» المشار اليها في ثنايا هذه الذكريات..!. إهتمام محلي وعالمي كان ذاك الإحتلال الثاني ـ للكرمك وقيسان حدثاً كبيراً جذب إليه الإهتمام العالمي والمحلي لجملة من الإعتبارات أهمها: أولاً: إن ذلك الإحتلال قد يفتح الطريق امام ـ حركة قرنق ـ التي إدعت ذلك النصر ـ الأثيوبي ـ ونسبته الى نفسها للوصول إلى الروصيرص .. أي إلى الخزان..!. ثانياً: الوصول للروصيرص من جانب قوات حركة قرنق المدعومة من أثيوبيا يعني الوصول عملياً الى الدمازين حيث الموارد الرئيسية لكهرباء كل السودان أو معظمه آنذاك وقبل أن يجتهد «صديقنا الزعلان مننا» المهندس مكاوي ويدعم كهرباء الدمازين وخزان الروصيرص بمحطات توليد عديدة.. وفي مناطق عديدة من العاصمة والولايات الاخرى..!. ثالثاً: وهذا هو الاخطر.. قوات الحركة لو وصلت الدمازين والروصيرص سيكون الطريق امامها مفتوحاً للوصول الى سنار ـ الخزان والبلد ـ وربما الجزيرة فالخرطوم مروراً ـ بسوبا ـ التي نرمز بها هنا الى ـ الخراب ـ الذي كان سيحيق بكل السودان لو حدث ذاك الإجتياح ..! كنت وفي ظل كل تلك الأهمية والإهتمام المحلي والعالمي قد تحركت من السعودية الى الخرطوم مبعوثاً من صحيفة ـ الشرق الأوسط ـ التي كانت آنذاك وقبل ظهور الفضائيات وتغطياتها المباشرة للأحداث خلال دقائق هي وسيلة كل السودانيين بالخارج للوقوف على احوال وأخبار السودان ـ المُغلق إعلامياً ـ نسبياً ـ في تلك السنوات الأولى من عُمر نظام الإنقاذ ذو الطابع «الراديكالي» وفقاً لموجهات وقناعات قيادته الإيدولوجية والفكرية والروحية في ذلك الزمن ـ وهو الدكتور حسن الترابي والذين معه من قادة إنقاذ ما قبل المفاصلة التاريخية..!. الدخول بالدرب العديل..! إذن وصلت الى الخرطوم في طريقي للدمازين التي منها سأقف على أحداث الكرمك وقيسان المحتلتين من جانب قوات حركة قرنق..!. وفي الخرطوم سألني سائل لماذا لم تدخل المدينتان المحتلتان عن طريق الجانب الأثيوبي، حيث يفصل بين أثيوبيا وبين الكرمك ـ مجرد ـ خور صغير ـ يعبره الناس مشياً على الأقدام وفي بضعة دقائق يكون الإنسان في الجانب السوداني او الجانب الأثيوبي..؟!. ويومها وبرغم أن المهنة تبرر مثل ذاك الدخول ـ المقلوب - لكل من الكرمك وقيسان المحتلتين بواسطة تحالف حركة قرنق والقوات الأثيوبية إلا أنني قلت لمن سألني: «إن دخولي من هناك ـ أي من أثيوبيا لأجزاء محتلة من بلادي ـ ولو بإدعاء إحتلالها من طرف سوداني في النهاية وهو «التمرد» امر لا ارضاه لنفسي..!. ذلك أيضاً لأنه يعني أنني دخلت بلادي ـ متسللاً وبدون إذن دخول أو خروج من حكومة السودان التي ليست هي ـ الإنقاذ كنظام سياسي - بل هي مجمل كل السودان بمؤسساته الإدارية والفنية ـ والخدمية والنظامية.. وللعلم فقد كنت آنذاك على علاقات شخصية مميزة مع النظام الأثيوبي الجديد بقيادة - ملس زيناوي ـ الذي كان ابان فترة لجوئه بالخارج كقائد لجبهة تحرير التيجراي ـ نعيش ونتعايش في الصومال حيث كنت أقيم من وقت لآخر، وكان هو ـ زيناوي وزميله سيوم مسفن يترددان على مقديشو العاصمة الصومالية المنكوبة الآن ـ طلباً للدعم والمساندة من الرئيس الراحل محمد سياد بري الذي كانت له صراعاته ـ وخصوماته التاريخية ضد أثيوبيا بسبب إحتلال الأخيرة لمنطقة ـ الأوجادين ـ أو ما يعرف بالصومال الغربي المحتل. لبس الزي العسكري كان أمامي وقد حصلت على التصديق اللازم لدخول الدمازين وتغطية أحداث ـ إحتلال الحركة للكرمك وقيسان ـ أن ـ أتعسكر ـ لبساً وأن أكون تحت مسؤولية القوات المسلحة السودانية من الخرطوم وحتى الدمازين..!. وهذا هو ما حدث بالضبط حيث لبست وللمرة الثانية في حياتي ـ الزي العسكري السوداني - وتوجهت برفقة الأستاذ عادل سيد أحمد .. والأخ معتصم الشيخ خليفة ابن عمي وكان طالباً بالجامعة ـ الى الدمازين حيث سمح لنا أن تكون الرحلة بسيارتنا الخاصة حتى ننال حرية - التجول- في العودة لندخل سنار .. والجزيرة..!. ولقد وصلنا الدمازين بعد رحلة برية ممتعة.. وكان من نصيبنا ان يتزامن وصولنا مع عدد من القيادات السياسية والعسكرية الى الدمازين للوقوف على حقيقة ما حدث في الكرمك وقيسان.. وربما لشد أزر أهل تلك المناطق ورفع الروح المعنوية بالقوات النظامية بما فيها «الدفاع الشعبي» حتى يتم احباط شائعات ومقولات تهدد بتقدم قوات حركة قرنق نحو الخزان في الروصيرص.. ونحو الدمازين..!. ولكن وفي ليلة وصولنا الى الدمازين ونحن نحضر ليلة تنويرية سياسية عسكرية تعبوية في حكومة - أظنها عسكرية بالدمازين حدث لنا أمر غريب ومريب..!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: العميد معاش عزت ابراهيم حبيب الذي قهر جون قرنق في الكرمك ورفع راس الديمقراطية (Re: محمد الامين محمد)
|
وفي خصوص الشخصيات الثلاث التي كان لها اثر مربك وضار وغير مفهوم بالنسبة لمواطن المنطقة فهم : السيد محمد عثمان الميرغني الذي حل ضيفا على صدام حسين عقب الاحتلال الأول في عام 86 وحصل منه على اسلحة كانت كافية لتحرير الكرمك وقيسان من ايدي قوات الحركة الشعبية، ولكن بعد عشر سنوات من ذلك كان السيد زعيما للتجمع فبارك (تحرير ) الكرمك وقيسان من ايدي القوات المسلحة والحكومة المركزية لصالح قرنق الذي كان في نظره محتلا مغتصبا في الأمس القريب .. تصوروا ، فالكرمك اللآن في نظره ارضاً محررة !، والسبب ليس سوى ان السياسيين يعمدون الى التلاعب بمصائر الناس حسب رياح المصلحة . والشخصية الثانية السيد الصادق الذي اصرت حكومته الأخيرة على عودة المواطنين المغلوب على أمرهم ، الى قراهم وديارهم، لاعطاء الانطباع بأن الأمن مستتب وتحت السيطرة وكأن شيئا لم يكن !! .
| |
|
|
|
|
|
|
|