|
|
 أبو قردة كان في المحكمة
|
أبو قردة في المحكمة
ممدوح إسماعيل
[email protected]
المحكمة اسم يدل عند الناس علي القضاء والعدل، ولكن الحقيقة أن القضاة بشر ليسوا بمعصومين، والعدل دائماً نسبي، فالخطأ وارد، والظلم وارد إذا كانت المحكمة تتحكم فيها سلطة أكبر تضيع معها تماما معالم العدل الحقيقي.
ويظهر هذا واضحاً في دول العالم الثالث، خاصة عند محاكمة الخصوم السياسيين وأيضاً إذا كان للسلطة المستبدة مصلحة ما لطرف من أطراف الخصومة، وعلي المستوي الدولي يظهر ذلك واضحا فيما يسمي المحكمة الجنائية الدولية التي يتم تحريكها بواسطة الولايات المتحدة الأمريكية،
وخير مثال علي ذلك تغاضيها تماماً عن جرائم الأمريكان والصهاينة، فقد تعامت عمداً عن مقتل أكثر من 1400 فلسطيني في مذبحة وحرب إبادة علنية أمام العالم بخلاف جرائم قتل المدنيين التي تقوم بها القوات الأمريكية في أفغانستان وآخرها جريمة مقتل 150 مدنياً أفغانياً مما أدي إلي إقالة قائد القوات الأمريكية في أفغانستان، ولكن عيون المحكمة لا تري جرائم الأمريكان ولا الصهاينة.
والمحكمة الدولية تحاول خداع العالم وتمثيل شكل العدالة فقبل 24 ساعة من قرار توقيف البشير، أصدرت المحكمة حكماً مريباً ببراءة الرئيس الصربي ميلان ميلوتينو فيتش الذي ذبح وقتل الآلاف من المسلمين في كوسوفو ودفع بالحرب والإرهاب 800 ألف من ألبان كوسوفو المسلمين للهجرة من كوسوفو، والآن بعد أن شاع في العالم عدم حياديتها تحاول تجميل وجهها القبيح.
ففي خبر لافت ومثير تدوالته كل وسائل الإعلام في العالم أعلن عن حضور أبو قردة أحد قادة التمرد في دارفور، والمتهم بقتل جنود من قوات حفظ السلام في دارفور أمام المحكمة الدولية يوم الاثنين 18مايو، وقد ظهر واضحاً أن حضور أبو قردة أمام المحكمة تمثيلية تم إعدادها بإتقان من أوكامبو مدعي المحكمة الدولية لتحسين صورة قراراته واتهاماته ومحكمته أمام العالم وذلك واضح من تصريح أبو قردة الذي تداولته وسائل الإعلام، حيث قال بالنص أنه يشكر المحكمة خاصة إدارة السجلات التابعة لها «علي جميع الترتيبات التي قاموا بها من أجله حتي يحضر إلي قاعة المحكمة» فما الترتيبات والاتفاقيات التي عقدت مع أبو قردة كي يطمئن ويذهب بنفسه طواعية إلي المحكمة؟! وهل يعقل أن متهماً بجناية قتل يذهب إلي محكمة في بلد آخر كي يحاكم وهو يستطيع ألايذهب وألا يتعرض لعقاب إذا جلس في مكانه ومخبئه إلا إذا اطمأن تماما أنه لن يسجن وأخذ علي ذلك تعهدات من أطراف قوية لها حيثيتها في العالم؟!.. والطريف أن المحكمة قالت إن أبو قردة مثل طواعية أمام المحكمة استجابة لأمر استدعاء.
واتهم أوكامبو المتمردين بتنسيق الهجوم علي معسكر للاتحاد الأفريقي في سبتمبر 2007 وقتل 12 من جنود حفظ السلام ولم تعلن هوية المتهمين الاثنين الآخرين من زعماء المتمردين. فمن المتهمون؟ ولماذا لم تعلن هويتهم ؟ولماذا لم يحضرا ؟ ولماذا تترك المحكمة قضية قتل دولية بدون تحديد متهمين ؟ تلك أسئلة ليس لها إجابة لأنه مقصود أن يتم إضعاف قضية المتمردين، ووجودهم أمام المحكمة محاولة للظهور بمظهر الحياد فقط لاغير، وكان أبرز مايؤكد أن حضور أبو قردة تمثيلية مدبّرة هو تصريح مسئول بالمحكمة بأن المتمرد أبو قردة ليس ملزماً بحضور الجلسة وإنه يمكن عقدها في غيابه.
ويمضي سيناريو تحسين الصورة في مخططه بتصريح القاضي تارفوسر بأن المحكمة سوف تعقد جلسة استماع يوم 12 أكتوبر لتحديد ما إذا كانت هناك أدلة كافية لتقديم أبو قردة للمحاكمة؟!!.
الشاهد مما سبق أن المحكمة الجنائية الدولية، خاصة مدعي المحكمة أوكامبو أيقن أن اتهاماته للرئيس البشير فضحت انحياز المحكمة وعدم حياديتها في ظل وجود اتهامات ووقائع جرائم إبادة واضحة للعالم أجمع في قضايا أخري خاصة ضد الصهاينة (الاسرائيليين) في مذبحة غزة التي كانت تذاع علي العالم كله مباشرة «أون لاين» بعكس ما حدث في دارفور والذي لم يشاهده أحد في العالم وضاعت معرفة الحقيقة فيه بسبب التقارير المخابراتية التي لبست ثوب التحقيق والعدالة للنيل من وحدة السودان ومن نظام الحكم فيها.
ويبدو أن ثبات موقف الرئيس البشير والنظام السوداني والتفاف الشعب السوداني حول حكومته أثار غيظ أوكامبو، وزاد من إثارته الشخصية التصريحات والكتابات في السودان والعالم التي اتهمت أوكامبو بالانحياز وعدم الحيدة القضائية والزيارات المكوكية التي قام بها الرئيس البشير للدول المجاورة للسودان، خاصة الحضور المثير للرئيس البشير لمؤتمر القمة العربية في قطر وحصوله علي دعم عربي غير مسبوق.
ويبقي أن مثول أبو قردة أمام المحكمة الدولية تمثيلية صنعت في الظلام لإظهار وجه قضائي معتدل لمحكمة دولية أمريكية ظالمة، ويبدو واضحا العلاقة بين إتقان القرد للتمثيل وحضور أبو قردة والمحكمة فهل يوجد محاكم يتم فيها تمثيليات لخداع الناس باسم العدالة الحقيقية؟.. شخصياً، شاهدت ذلك كثيراً لذلك لا أطمئن مطلقاً لمحكمة تتداخل فيها السياسة والسلطة والاستبداد في أي مكان في العالم.
وعلي العاقل أن يفتش عن أبو قردة في كل محكمة كي يعرف كيف تضيع الحقيقة والعدل فكم من أبو قردة حضر في محكمة لتمثيل دور ما للعدل فخدع الناس وضاع العدل وانتشر الظلم وكم من إعلام أبو قردة خدع العالم في ترويجه لعدالة كاذبة.
نقلاً عن الدستور المصرية
|
|
 
|
|
|
|
فدوى الشريف
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست