|
Re: إحتقــان ذاكــرة .. ... .. ... .. ... ( سَرْد) (Re: Abuzar Omer)
|
إنى أراها تعد لى الحمام، تملأ الجردل بالماء و تضع الطشت الكبير. وفى طريقى الى الإستحمام أسقط فى حفرة غير عميقة وأكسر رجلى، أزحف فى قاع الحفرة مثل سعدى، لا أحد يريد أن يخرجنى الكل ينظر وينصرف. شخص آخر يسرع و يغتسل بالماء الذى أعدته نعيمة. و أنا أزحف مثل سعدى و لا أحد يسعى الى.
نعيمة ترهقنى، تجهد عقلى لا تغادر مخيلتى فى صحوى و منامى. لا أدرى ماذا فعلت و لكنى أدرك أنى أحبها الأن اكثر. أحبها حين تسأل عنها ذكرى و هى تبكى، يحين يزحف سعدى و لا تخرج منه الكلمات، أدرك أنه يحتاج اليها و أنا أيضاً أحتاجها.
لماذا لا تجيبنى يا شيخ! أعرف أنك تستطيع أن تفسر الأحلام، و لكنك لا تود أليس كذلك؟ لا ترغب فى التحدث إلى لا ترغب الإستماع. رأسى سينفجر و تخرج سيرتى بين يديك قبل نزول ملك الموت. أنا كائن بلا أسرار بلا أحلام. أبكى حين تأتينى نعيمة بضحكتها الصافية، حين تبكى ذكرى بهستريا، تبكى لفترات يصعب أن يتصورها عقل. علمتنى البكاء بلا حدود حين يزحف سعدى و تصرع لسانه الكلمات و لا تخرج من سجنها العظيم.
سعدى مثلى لا يزهر فى محياه غير الحزن. لم أعرف الضحك فى طفولتى، لم تكن أمى تحبنى. هى كانت وسيمة ووالدى كذلك، و أنا أخترت أن أخالفهم فى كل شىء لونى وشعرى و صلابة تقاطيعى. التعاليق كانت تثقبنى منذ أن وعيت الى الحياة. حتى جدتى كانت تزعم بأننى شؤم، قتلت أبى بعيونى الجاحظة فلم يعيش بعدى سوى أيام. حين كانت أمى تخرج لم تكن ترغب فى أن أرافقها الى أى مكان. ظللت حبيساً فى هذا السجن و هذه القضبان منذ أن وعيت على الدنيا، نعيمة كانت الدنيا. وحدها من وجدت فى شىء يثير الإهتمام. جدتى كانت تقول " نعيمة غبية، لأنها لا ترى جيداً "كيف لطفلة أن تكون عمياء وهى ترى الطفولة خلف الستارة البائسة. سعدى يزحف و قلبى يتقطع، هذا الطفل يمضى للشقاء. نعيمة تتركه فى أوج إنكساره تأخذنى اليها وتفتح أشرعتهم الى الشماتة.
ليتك هنا يانعيمة، ليتك هنا لسعدى و ذكرى ما كنت سأبكى الموت. لكنى الآن أبكى الظلم أبكى سعدى و ذكرى، أبكيك يا نعيمة، لا زلت أحمل لك الكثير ولازلت أمتلئ بالطفولة حيث أوجدت الإبتسامة فى وجهى لم أكن أضحك إلا معك، لم أحب الأصدقاء كلهم كان يحبك أنت.
|
|
|
|
|
|
|
|
|