|
أعيدى الي طفولتى... ولك الشكر
|
في مرات كثيره نفنع انفسنا ياننا اصبحنا جزء من الغربة الممتدة وتحاول تكييف نفسك عليها ولكن عندما نقراء كالمقال المدون اناه او قصيده او اغنيه تجد الدموع وقد بللت خديك وقد اصبت بحاله من الضيق والحزن . فتضايقوا معي مع تلك الرساله المنقوله من سودنايل
http://www.sudaneseonline.com
الى اشراقة مصطفى
....
أعيدى الي طفولتى... ولك الشكر ..... اخلاص مهدى/استراليا [email protected] أبحث لإجتراح الذاكرة.. خارطة طريق .. مثلك تماما .. لأقتاد من ذلك المخزون الاستراتيجى ..من ذاكرة أضناها التعب .. فكل الذى مر أمامى .. كان و مازال حاضرا يعلن عن نفسه .. على امتداد ثوانى الزمن المسرعة..أنت وهم وهن ...وكوستى ..التى نمينا فيها براعما صغيرة مشاغبة .. نجرى معا بين المحطات .. و السوق الصغير ..و مدرسة امنة قرندة.. و طاحونة أبوى مهدى و جامع الأحمدين و حلاق أبو شامة .. و دكان عمى دفع الله.. لنرتاح قليلا جلوسا مع بائعات..(العجور بالشطة و قراصة النبق)..نلتحف الحميمية للناس والمكان .. وحتى المقابرذلك المكان الموحش..الذى يتجنبه الناس هربا من المجهول ..لدينا مع شواهد القبور علاقة تهجى أسماء الموتى .. تشهد عليها الشواهد..
باكرا تذوقت طعم السفر و الترحال و الانسلاخ عنوة من الأرض التى أحب..
وغادرناها...
كوستى ..كان قلبى ذو السبع سنوات يتلفت يمينا و يسارا عسى أن يلمحك تسابقين الريح فى أحد شوارع الحلة الجديدة..ليلوح لك منشدا لن انسى اياما مضت....... الى اخر النشيد ..و لم يكن.
ومرت عشرون عاما...بل أكثر..
وحين التقيتك تحملين (واصلا).. بين الماض الذى لا ينسى و ذاك الأيوبى الجميل .. كان فى عينيك هدير مظاهرات ملتهبة .. تحرق جماهيرها لساتك العربات .. و أعلام دول لا تعرف الحياة الندية الا من خلال العملات الصعبة والبورصات التجارية ..وتمد لنا طرف الطريق اليها .. فنشكرهم.. و نأتى.. لنغسل لهم واجهات المدن ليلا...
ويغسلون هويتنا وعقول اطفالنا فى وضح النهار ...
لا تسألى كثيرا صديقة الطفولة و أيامها العذبة ..
ما عاد فى الجراب من أجابة ..
نعم...
تبعثرنا فى كل واد ..
وأدنا أحلامنا الصغيرة .. تماما مثلما وئدنا نحن ... فى زمن الجاهلية الأولى.. صغارا....فالأسباب متعددة الوجوه و الملامح و.... الموت واحد .
صديقتى....
لا أدرى من أين اتوا..فلم ارى لهم فى صفوف البشر اندادا... فانكروا علينا ان يكون لنا وطن نستظل (برواكيبه) .. نأكل من خيراته الوفيرة ...(كسرة بموية) ..ونشرب من نيله الممتد بطول قامته الممشوقة من نملى و.... الى حلفا ..اكواب مياه راكدة يعلوها اخضرار الطحالب ..مدفوعة القيمة..
انكروا علينا ان نصاب بالسرطان و نداويه بالقرض و الحلبة و العطرون ..بعد ان ندفع ثمن الدواء ( بالاقصاد) ..و انكروا على بعض النساء ان يكن شريفات فنشطت تجارة اللحم الأسمر يتداولهن بعض من اساتذة و مدراء .. بعض من رجال..
تبعثرنا.....
فأن تقولى لهم.. لا ..انت الارهاب الذى يهدد بقاء الأمة الأسلامية بداخلهم ..انت من يجلب نزر الشؤم و غضب الله ..فيجف الزرع و الضرع .. و تفيض رمال الصحراء تصحرا ..وتغور مياه النيل غورا ..و يهرب البترول من باطن الأرض..لذا يرسلوك الى بيت للأشباح ..لقتل ال ..(لا) ..فى ثنايا فكرك .. و تتطهرين...
وان تقولى نعم ...تدبرى الأمر و احضرى بضاعتك ما أكثر أسواق النخاسة..
وان تخيرت الصمت .. ستموتين .. و لكن..للأسف.. ليس كما تموت الأشجار .. واقفة..
سيموت بداخلك الوطن بنسائه و اطفاله و رجاله الأوفياء .. بشموخه و حضارته ..و نبله و فنه الفريد ..ثم تموتين انت بداخل نفسك و يسدل الستار .. لذا هرب كل من وجد الباب (مواربا) من سعير الوطن الى لظى الغربة ..
وبدواخله ...ما زال الكل يسكن.. لا يهم.. سكنا عشوائيا ام فى ابراج عالية .. فلا خوف عليهم من( بلدوزر) ولا هم يحزنون.. بدواخله... كل المداين و القرى والمحطات الصغيرة والفقيرة والنساء الصابرات .. بائعات الشاى والمساويك
واطفال الشوارع وموائدهم.. زبالة سادات القوم ووجهاء الوطن والمهزومون فى حروب سوق النقد و سوق السياسة ..لجهلهم بالامرين تبعثرنا ...
ومازلنا سودانيون نتطاول على اطراف امشاط اصابع رجلينا (نتاوق) للوطن .. نتلهف لسماع اخباره المبكية حد الضحك ..تنشر فى حبل الفضاء.
تبعثرنا صديقتى ..وحيثما كنا .. اينما كنا .. كيفما كنا
نستلم رسائل الأهل ...
قبل السلام ....
ارسلوا المصاريف...
ايجار البيت تراكم ..فاتورة الكهرباء ... و على الأبواب المدارس و الخريف
ارسلوا دواء للملاريا ...
وكسوة الشتاء و الصيف ....
ارسلوا ...ارسلوا...ارسلوا
ننزف نحن حنينا اليهم ونرسل لهم ...دموعا و شوقا و دولارا
ننزف غربة..
وهم ينزفون ...
والوطن مثلهم...
صديقتى....
اكسرى طوق المستحيل .. أعيدى الى طفولتى و لك... الحب الجميل و الشكر اطنانا.
اخلاص مهدى
استراليا
18/9/2003
|
|
|
|
|
|