في ثقافة السوق والمنتجات خاصة الشركات الجديدة وتمثلها الاحزاب الحديثة، الشركات تجتهد وتبدع منتجات جديدة لضمان البقاء والمنافسة ، حراك مستمر للجديد الفعال ، لا ركون وتعصب ، هذا هو افة السلوك العام عندنا ، فرياضتنا عصبية ، تشجيع للمريخ والقيادة وان تتالت الهزائم ،بل نشجع احيانا النجمة او كما يقول احدهم الفنايل لا الفريق ، هذه العبثية تراها في الكثير من مظاهر حياتنا السودانية ، وانضم لها المثقف والمتعلم والحداثة الذين يرجى منهم قيادة وتوجيه شعوبهم
اخي شريف ، تحياتي
اردت ان اكتب عن عنصر اساسي في الثقافة السودانية، انعكس باوضح اشكاله في ممارستنا السياسية، الا وهو التطرف في العداء، بل العداء المسبق لكل شئ وكل أحد، وعدم القدرة على تحمل الآخر، لا تفكيره ولا شخصه ولا حقوقه، وعدم احترام الآخر، والعدوانية في التعامل لدى الجميع من الموظف الى سائق البص الى السياسي. اننا باختصار ناس غاية في ضيق الصدر والافق والعقل، فيما يتعلق بالآخر، وغاية في العدوانية وعدم الصبر على الاختلاف، وغاية في التعصب للذات والذات فقط.
نحن دكتاتوريين بطبعنا وبثقافتنا. نرضع ذلك مع لبن امهاتنا وتربيتنا، ثم نتلقى ذلك اثناء الدراسة على يد المدرسين القاهرين الذين لم يسمعوا عن الراي والنقاش واحترام الطفل، دعك عن ان يسمحوا به.
وما لم يتغير هذا الامر، فلا أرى اي بصيص امل في تغيير واقعنا، السياسي وغيره. هذا يتضح لك من حديث المثقفين مثلا، الذين لا يجنحون للحلول والمعالجات العملية والواقعية، ولا على استخلاص القضايا الاساسية ومحاولة معالجتها أي تحرير مواضع الخلاف وتصفيتها من الهوامش الجانبية والقضايا الصغيرة. لا يركزون على الاسس التي اجتمع عليها الناس، يل يضيعون اعمارا وزمنا طويلا، ويهرقون دماء ومالا وعرقا وجهدا كبيرا، في النزاع على قضايا لا تقدم ولا تؤخر، طبعا تؤخر كثيرا لانها مضيعة للجهد والزمن، ولكنها في حد ذاتها لا أهمية محورية لها. ترى كثيرا من مثقفينا الوطنيين الديمقراطيين اليوم، يركزون على إذكاء المزيد من الصراعات في المجتمع، عرقية وجهوية وسياسية، بدلا من قضية المواطن والوطن، قضية حقوق الانسان، واستعادة الحريات والديمقراطية واستدامتها. الكثيرون لا يشغلهم المستقبل، ولا المطلوب انجازه عاجلا كحل اسعافي لوطن مثخن بالجراح، كلا، انهم مشغولون بخلافاتهم الصغيرة، واحزابهم الصغبرة جدا، واشخاصهم، والقابهم، ورموزهم، انهم قد ينفقون كل الجهد في خلاف مع شخص يكتب مقالا يدعو للحرية، وكيف انه لم يدع بالشكل الذي يريدون، ولكنهم لا يبذلون مثقال ذرة من الجهد في سبيل هذه الحرية نفسها.
هذه عقلية يجب ان تواجه بوضوح وشجاعة، ويجب ان تزول. يجب ان نتقدم الى الامام قليلا بان ندرك ان في الدنيا اولويات وان الخلاف شئ طبيعي ومفيد وخلاق، ولكنه يحتاج الى عقلية متسامحة وديمقراطية وقابلة للآخرين، لكي يصير مثمرا وممكنا ادارته. نحتاج ان ننظر الى تجارب الآخرين: فالعالم الديمقراطي كله ينجز ويخدم مجتمعاته، دون ان ينصرف عن ام القضايا الاساسية المشتركة، ودون قهر او حجر على راي، ودون تسلط وإدعاء احتكار الحقيقة والمعرفة والصواب والوطنية.
نحتاج الى اعادة تعليم المتعلمين. والمثقف في نظري هو من يدرك هذه المعاني، لا من يحمل الدرجات العلمية. وبهذا المعنى فكم من مثقف في الخلاء والحقول والمصانع والاسواق، وكم من جاهل جهلول في ردهات السياسة ومنتديات المثقفين ووسائل الاعلام
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة