|
طب إبن سينا و أبوقراط ... و قلع الضرس بالملقاط
|
عافاكم الله جميعا من كل مرض. أسهل شيء لدينا نطق الحلف بالله ، ثم الطلاق. و يأتي في الترتيب الثالث ، وصف الدواء لكل من نزوره من المرضى ، يعني لا نخرج من عند مريض إلا و قد عملنا له غسيل مخ بتكرار فوائد دواء قد جربه فلان و قام زى البغل ، و جربته فلانة ، فكان الحمل و الفصال أهون من سلق البيض. في السبعينيات من هذا القرن ، أتاني سعودي مستفسرا عن أفضل مكان يسكن فيه بالخرطوم ، و بعد أن قدمت له النصح و الإرشاد ، فهمت منه أنه ينوي الذهاب إلى هناك لأن سودانيا وصف له حلل التمساح علاجا للعجز الجنسي ( يا ناس شوفو لى حلل ). و حلل التمساح هو ذكر التمساح و الله أعلم. فقلت له : ليه ما تروح عند الطبيب. فقال أنه جربه و لكن دون نتيجة. ذهب أخونا في الله ، و هناك أتخمه حواتي فلاتي بكمية من الحلل إياه ، فصار يأكله بطريقة فاقت إستهلاكه من الكبسة و توابعها. و عندما عاد كان لسان حاله يقول ( لا لقينا بلح الشام و لا عنب اليمن و لا موز الصومال ) و بعد شهر أدخل المستشفى و أجريت له عملية دقيقة بسبب تلبك في المصران ، نتيجة لتلك الكميات التي إبتلعها. يقول الفرنجة أن القوة الجنسية تكمن في كبد البط و الذي يسمى ( الفواغرا ) و منه تم إشتقاق إسم الفياغرا ( إن شاء زول عزيز لديكم ما يحتاج ليهو )، و الروس يقولون الكافيار لا يعلى عليه و الأفارقة يصرون على مسحوق قرون وحيد القرن و القورو. و لا أدري ما الذي جعل الحواتة عندنا يصفون الحلل ؟ ربما له جرعة محددة و وقت معين. و إلى أن يدخل حلل التمساح دستور الأدوية الأمريكي فسيكون التمساح مهددا بالإنقراض كالنمر الآسيوي . ذات مرة ، نزلت ضيفا في فندق بوهين ببورتسودان، و في بهو الفندق وجدت شابا يتلوى من الألم ، فسألته ما به ، فقال أنه شرب فنجانين من البنزين. فقلت له لماذا يا هذا؟ فقال : وصفه لى واحد و قال إنو بيعالج الدودة الشريطية. و هاهو يتلوى كالدودة الشريطية. تخيلوا المجازفة. أذكر عندما كنا صغارا ، كان مرض السعال الديكي ( الكدكود ، أو الكتكوت ) و هو سعال يبدأ بكحة خفيفة ثم تنقلب إلىكحة مجرورة طويلا مع إنتفاخ الأوداج و إحتقان العيون و بروز عروق الرقبة و خروج اللسان مع كل كحة و كأنك تقول ( يا لييييييل يا عييييين ) و لكن بصوت ديك شركسي ، و تظل تدور في الحوش و أنت تعزف عزفا منفردا و أنت منحني الظهر ، و عندما تنتهي هذه النوبة ، تكون فقدت سوائل من عيونك و أنفك و خشمك و هلم جرا. و أيامها كان الدواء الموصوف في الشفخانات و المراكز الصحية دواءا لا يتمتع بمفعول قوي ، مما جعل الناس يبحثون عن الطب البديل ، فتفتق ذهن أحد جهابذة الطب البلدي على وصف خارق ، لو كان أرشميدس عائشا لهرول عريان ملط للشارع و هو يصيح وجدتها وجدتها. كان الدواء هو لبن الحمير ، نعم و الله ، لبن الحمير ، مئات الأطفال شاركوا الجحوش اللبن المحلوب من ( الحمارات ) اللبونات. ، حتى أننا كنا نعاكس كل من شرب من هذا اللبن ( أخو الجحش في الرضاع ) ، حتى أن صديقنا متوكل عندما كبر قليلا ، كانت أذناه طويلتان زيادة عن اللزوم ، فكنا نعاكسه بأنه ربما شرب الحليب إياه من ثدى الحمارة رأسا. عشرات النباتات في السودان ، جربها الآباء و الأجداد كعلاج ، و لكنها تحتاج إلى تقنين في الإستعمال ، و ذلك بقيام صيدليات الطب البديل القائمة على الدراسة و التحليل المعملي. معظم الذين يدمنون الصعوط الآن ، إستعملوه أول مرة كدواء لوجع الأسنان المنخورة بالسوس ، ثم تبدأ الدوخة ، ثم الغثيان ، ثم الإستفراغ ، ثم التبنيج الكامل ( لدرجة أنه يمكن خلع سن صغيرة بدون ألم )، و تبدأ عملية الإستسلام للخدر اللذيذ الذي يأتي من ثالث سفة ملفوفة في القطن.دجاجنا في السودان يلقط الحب و كل شيء ، إلا الصعوط ، لماذا ؟ لا ندري. لدينا أستاذ جهبذ في الكلام ، و هو من النوع الذي لا يعطي فرصة لأحد في أي إجتماع ، و يكون سافي سفة صعوط ماكنة و كأنه مضروب بشاكوش في خشمو ، و عندما يريد التخلص من السفة ، يمط شفته السفلى و يدحرج السفة و هو يقول : دقيقة أدونا فرصة معاكم . تلافيا لحدوث إختراق كلامي من أحد. أذكر أن أحد المزارعين بالشمال ، كان لا يخلو بيته من مشروب ( الدكاى ) و هو مشروب من التمر المخمر في زير فخاري لعدة أيام في الصيف ، و هو شراب أقوى من الشربوت و أقل قوة من العرقي. كان لديه ولد صغير مزعج لدرجة بعيدة ، فكان يأتي لوالده في الوقت الذي يجلس فيه ليتسلطن بالمنكر. فأعطى الأب لولده يوما كورية مليئة بالمنكر ، فكتحه الشافع ، و فنجل عويناتو لبرهة ، و ضحك ضحكة المندهش ، ثم تكرفس في البرش بالقرب من والده حتى الصباح. الولد كان نحيفا جدا و له كرش كبيرة جدا و رأس أكبر لا تتناسبان و حجم جسمه ، فكان يبدو من بعيد كعلامة الإستفهام. بعد أن تذوق الولد طعم ذلك المشروب كان يأتي لوالده في نفس التوقيت و هو بالسروال فقط ، و يقوم بالتمليس على كرشه و هو يقول : أبوى ، أديني كوريتي عشان أنوم. فيكتح ، ثم يتكرفس و ينوم. داء و دواء. حكى لي أحد الزملاء ، أنه و زوج أخته كانا يتناولان المنكر في منزل نسيبه هذا بإحدى أحياء عطبرة العريقة. فجاءت أخته و قالت لزوجها أن إبنها ( عشرة سنوات ) يتلوى من المغص . فذهب إليه والده ، و عاد و ملأ كأسا من العرقي النضيف ، و رجع لولده و قال له : خد الدوا دة ، جبتو من التمرجي جارنا. فكتحه الولد على دفعات و هو ممتعض الوجه. و بعد قليل جاءت الزوجة و قالت أن الولد مازال يتلوى. فعاجله الأب بكأس مترعة أخرى. فنام الولد نوما عميقا حتى الصباح. و في الصباح سأله أبوه : إنت كويس. فقال : جدا. فقال له أبوه : الدوا كان مر ؟ فقال الولد و هو ( يمطق ) : أنا كنت بقيت كويس من الكباية الأولى ، لاكين عشان تديني تاني ، عملت نفسي لسع متوجع. فناوله أبوه صفعة ، فقد خسر كأسا من جراء كذب إبنه.
|
|
|
|
|
|
|
|
|