واشنطن- بات المسيحيون الاميركيون المحافظون المتشددون المقربون من الرئيس جورج بوش، منذ وصوله الى البيت الابيض، عنصرا لا يمكن تجنبه في سياسة تؤيد اسرائيل صراحة. وفي تصريح، قال برنارد رايش الذي ألف ثلاثة كتب عن العلاقات بين اسرائيل والولايات المتحدة "هذا عنصر حقيقي بالتأكيد ومستمر في تقوية مراكزه بسبب نمو هذه المجموعة".
وما يريده "اليمين المسيحي" بحسب عقيدته المعلنة هو التأثير على الادارة لحملها على المساهمة في تحقيق "الوعد الالهي باستقرار الشعب اليهودي في ارضه". وقبل ثمانية عشر شهرا من الانتخابات الرئاسية، يقدر الوزن السكاني لهؤلاء المسيحيين المتشددين ب55 مليون شخص، ما جعل منهم هدفا انتخابيا من الدرجة الاولى، وعدديا أهم بعشر مرات من اليهود الاميركيين.
وباعتبارهم محترفين في فن ممارسة الضغط، فكثيرا ما يشاهدون في اروقة الكونغرس، ويلتقون بانتظام كبار موظفي البيت الابيض ويمطرون الشعب باعلانات تلفزيونية مؤيدة لاسرائيل على الشبكة الوطنية او على شبكاتهم الخاصة. وغالبا ما يوجه غاري باور المسيحي المتشدد والمرشح السابق للرئاسة والمؤيد بحماسة مفرطة لاسرائيل، رسائل مفتوحة الى بوش البروتستانتي الميتودي لتشجيعه على مساندة اسرائيل.
وينظم كهنة بانتظام عمليات لجمع التبرعات لحساب اسرائيل ويستأجرون طائرات للحجاج الراغبين في "السير على خطى يسوع المسيح". حتى ان مجموعة من المسيحيين الانجيليين في ولاية كارولاينا الجنوبية دفعوا ايجار لوحة اعلانية ضخمة على مفترق طرق في تل ابيب كتب عليها "لا تنازلات عن الارض في مقابل السلام". ولا يتعارض هذا الشعار مع طروحات اليمين الاسرائيلي المتشدد. وقد جاب احد ممثلي هذا التيار السياسي وزير السياحة الاسرائيلي بيني ايلون نيويورك في الايام الثلاثة الاخيرة في اطار حملة على الارهاب ولحمل المسيحيين على زيارة "ارض الميعاد".
و قال ايلون احد قادة حزب الاتحاد الوطني اليميني المتطرف (8 مقاعد من اصل 120 مقعدا في الكنيست) ان "اسرائيل جزء لا يتجزأ من مفهومهم الديني". وبانضمامه الى "اليسار الليبرالي، الملحد والذي تجاوزه الزمن"، فان هذا اليهودي المتدين الذي يعارض اقامة دولة يهودية، يقول ان "ما يربطني بهؤلاء المسيحيين اكبر مما يفرقني عنهم".
عندئذ يستشهد بالتوراة وبالقيم الديموقراطية واختيار المفردات. ويضيف "على سبيل المثال، يقولون كما جاء في العهد القديم 'اليهودا والسامرة' وليس الضفة الغربية و'سيشم' وليس نابلس". ولاحظ البروفسور رايش "هذه ظاهرة بالغة الاهمية لانها امتدت بشكل لا يصدق وتترسخ في نفوس شعب قلما تجمعه باسرائيل في نهاية الامر عوامل مشتركة".
وبذلك يذكر ان معظم اليهود الاميركيين الذين يصوتون تقليديا للديموقراطيين لا يؤيدون المثل العليا الاجتماعية للمسيحيين المتشددين الذين يعارضون الاجهاض ويتمسكون بعقوبة الاعدام. واكد هذا الاستاذ الجامعي "لكن في ما يخص اسرائيل، فان التوافق تام"، مذكرا بأن جذور هذا "التوافق" راسخة في الولايات المتحدة.
ويعتقد هؤلاء المتشددون ان "المسيح لا يمكن ان يعود الى الارض لاعلان نهاية العالم طالما ان الشعب اليهودي لم يبن الهيكل الثالث في القدس، بعد ان دمر البابليون الهيكل الاول سنة 587 قبل الميلاد، والرومان الهيكل الثاني في سنة 70 بعد المسيح".
واعتبر البروفسور رايش "بالنسبة الى هؤلاء المسيحيين، كما بالنسبة الى جورج بوش، فان هذا الشعور حقيقي". لكن هذا الرئيس ليس الاول الذي يؤيد هذا الرأي. ففي مطلع القرن العشرين، كان احد اسلافه وودرو ولسون يتحدث عن اسرائيل واصفا اياها بأنها "نور الامم"، ووافق على وعد بلفور في الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر 1917 الذي اوصى بإقامة وطن يهودي في فلسطين التي كانت تحت الانتداب البريطاني.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة