|
|
زمن الإجترار العذب
|
تجيئين أنتِ
تأتي الذاكرة ربيعيةً نضِرة البِشرة
و تنطلق نوق الإلهام الجاثية
فوق رمال واحات القلب...
تجيئين تتجمّع خيوط القوافي لتسـقف أبياتاً أراكنوفوبيَّةً تطل على سـواحلٍ لا يعرف النوم طريقاً إلى محاجرها المُـتدثِّرة خلف جـبالٍ تسرق صـخورها ألوان الشـفق فسـاتيناً لها
عند الضُّحى
تجيئين تجهِـش الكلمات أغانٍ عـذبة و يسـيل حنينها على وديان خدود الأرض أدمعاً يلعقها المُـتولِّهون بألسنتهم كيما يتشكَّل المخاض
تجيئين تولد القصيدة:
تهزج روحي بموشَّحاتٍ لها رائحة ضفاف النيل المُـنساب كمِــرآةٍ فأبتكر شاشاياً و دليباً
تتناغم دقاته مع إيقاعات جيتارات الغجر المجروحة بخناجر الرياش
تجيئين أنت
تتضمَّخ صدور و وجوه الشاهديك بدماءٍ بركانيَّة الملمس.. قربانك لانحدار شلالات النغم الآتي كأمواجٍ لشواطئ
تجيئين تنمو القصيدة بيتاً بيتاً كطُـحلُبٍ أصفر يسكن الصِـدغين و تتراقص أعشاب البراري البنفسـجية محدِّقةً إلى عوالمٍ جزلة تحيا خلف الآفاق الماثلة
تجيئين يتفرَّع الخيال في تشكيلاتٍ مرجانيّةٍ حِـربائيَّة الألوان... تتنامى القصـيدة و تحبو
في مداراتها التائهة في فضـاء الكون الأزلي.. تتعثَّر عند محاولات المشي الأولى و لكنها
لا تلبث أن تشمخ ثابتة الجذور و تمضي قُدُماً كالممغنطة. مجذوبةٌ دوماً نحو مصدر طبول الغابات الاسـتوائيّة التي تبعث الوجدان من رقدته الكهفيّة فيهدر آلاف الزنوج العُراة الحُفاة
في عروقي
تجيئين أنت ينبهر الشِّعر:
تجيئين تجئ الفصول إلى بطاح عمري فتشرق المساحات و يفترّ ثغر المسامات بابتساماتٍ ككاسات ورود
تجيئين أنت
يتجسَّد الصمت لُـغةً بليغةً و ينضح الجبين عَرقاً كاللؤلؤ
تجيئين أحاول لملمة عِـقد الدهشة المنفرط بأعضائي كأنجمٍ تائهة بدرب تبانةٍ رَحب
تجيئين تتبدد الظُـلمة في دواخل الذات و تضئ المفاصل كحجارةٍ من كهـرمان
تجيئين يهب الإنسان فيّ و تندمل جراحات الجسد الأثيري الذي يحملني و أحمله
تجيئين أنت
يعبق المكان بوجودك و تفرح النوافذ المُـطِلّة على فراغ المدينة
تجيئين تملأني الأحلام تفاؤلاً فأصحو أضاحك سمواتي الزرقاء المِـبيضّة
تجيئين يزدهر الزهر كأجنحة طيور الجنّـة القُـزحيّة و تنتعش فراشات الدُّعاش
تجيئين أنت
يدنو الشروق إلى الرؤى فنرى عند هنيهات السُّمو أرواحاً هندسية متناسقة
يحتسي نورها عـتمة الأحداق
تصهل خيول الذاكرة الوحشيّة على تضاريس سلاسلٍ جبليّةٍ جائرة و تزدحم سهول
العقول ـ الحقول بالخُـضرة الخلابة التي تأذن للنسيم بعزف سـيمفونياته الشجيّة
تغني الحجارة أغنية العِناق الأبدي و تمنح ضفائر النخيل الملأ شبالاً يعطِّـر العوالم المكبوتة
في صدور العُشّـاق العُذريين
تجيئين أنت
ينقلب الأرق إلى مُروقٍ و تحدى و تنسلِـخ الشـمس كجـمرةٍ من ظهر الأفق المتناوم
تجيئين تتنزَّل الكلمات دِفئاً على الأوراق العطشى و يتعشَّق إنسان الأعين ندى الأحرف المسحورة
تجيئين تجترّ القصيدة ساعات الانتظار و لهيب أجيال الحنين الآتية هاتفةً باسمك
بين الطرقات المهجورة
تجيئين صادقةً و صافيةً و حافية يردد قلبي صـدى دقَّات القلب الذي ينبض قُربه
تجيئين تتكثَّف الخواطر مداداً يسقي سُحُب القوافي و يطمئن عند ملاقاتي الغُرباء
عندما تجيئين أنت
تجئ الحياة بكل عنفوانها
و تمضي الخطوات بالدرب
باحثةً عنك من جديد
عندما تذهبين...
قصة عنتر حسن عمر
شجن أليم
|
|

|
|
|
|