من صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 6 يونيو.. ============
الغنوشي والأسباب الحقيقية للإرهاب حسونة المصباحي
في مقال له حمل عنوان: «أما آن الأوان لوضع حد لهذا الخلط المدمر بين الاسلام والارهاب» («الشرق الأوسط» ـ 2003/5/25) طلع علينا الشيخ راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة التونسية بموقف جديد يتعارض الى حد كبير مع مواقفه السابقة. ويتمثل في ادانة صريحة وواضحة للعمليتين الارهابيتين اللتين استهدفتا كلا من المملكة العربية السعودية والمملكة المغربية خلال شهر مايو (أيار) الماضي. كما يتضمن الموقف المذكور نقدا شديد اللهجة للمتشددين في صفوف الحركات الاصولية الاسلامية، ولدعاة العنف. وهاجم الشيخ راشد الغنوشي بشدة لم يسبق لها مثيل ايمن الظواهري، مساعد بن لادن، معتبرا اياه «المنظر الاكبر» كما اسماه بـ «المسيرة الدموية الهوجاء» متهما اياه بأنه «قدم خدمات لاعداء الاسلام غير محدودة» معتبرا عملية 2001/9/11 من جملة هذه الخدمات. وختم زعيم حركة النهضة التونسية مقاله مطالبا العلماء والدعاة المسلمين «ان لا يسمحوا للتطرف والغلو ان يختطفا الاسلام». وفي البداية نحن لا نملك الا ان نحيي الشيخ راشد الغنوشي على هذا الموقف الشجاع المعارض للتطرف الاصولي الذي اصبح يحصد اعدادا وفيرة من الابرياء في جميع انحاء العالم، بما في ذلك العالم العربي الاسلامي، مفجرا بين المسلمين نزاعات وخصومات قد تفضي الى فتن دموية، مهلكة للجميع، غير ان هذا لا يمنعنا من بسط الملاحظات التالية راجين ان يتقبلها الشيخ بصدر رحب. 1 ـ شخصيا اتساءل لماذا انتظر الشيخ راشد الغنوشي عشرين سنة، تقريبا، ليعلن عن موقفه المذكور. ففي اواسط الثمانينات، ومطلع التسعينات، اي في تلك الفترة التي كانت فيها حركة النهضة التي يتزعمها الشيخ الغنوشي تنشط بقوة، وتنشر ادبياتها في جميع انحاء البلاد، عرفت تونس احداثا ارهابية فظيعة استهدفت منشآت سياحية، وفنادق ومؤسسات حكومية ومدرسين وقضاة ومثقفين معارضين للاتجاهات والحركات الاصولية. ومع ذلك لم ينطق الشيخ الغنوشي بكلمة واحدة لادانة مثل تلك الاحداث، ولردع مرتكبيها ومدبريها. وكم كنا نتمنى لو انه فعل ذلك. فالتونسيون كما يدل على ذلك تاريخهم الحديث بالخصوص، ينبذون العنف مهما كانت دوافعه واغراضه، ويعتبرون الحوار هو الوسيلة الانجع للوصول الى الهدف المنشود. ثم ان الشيخ راشد الغنوشي يعرف جيدا ان علماء الاسلام في تونس، كانوا دائما وابدا، ضد التطرف الديني، وضد دعاته. وكان الشيخان الجليلان الطاهر بن عاشور وابنه الفاضل بن عاشور، اللذان كانا من اعظم علماء الاسلام خلال القرن العشرين، مثالا لهذا المسلك القويم. فما ترددا يوما واحدا من ردع من انحرف وزاغ عن المنهج الاسلامي الحنيف. وكان على الشيخ راشد الغنوشي ان يقتدي بهما لو اراد حقا ان يكون المرجعية الدينية التي يطمح ان يكون. ثم اشتعلت نار الفتنة في الجزائر الشقيقة بين الاخوة الاعداء، وذلك مطلع التسعينات من القرن الماضي. راح المتطرفون الاصوليون يذبحون المثقفين والشعراء والصحافيين والاكاديميين، ويغتالون النساء والاطفال والمزارعين البسطاء، ناشرين الرعب في المدن الكبيرة، كما في القرى الصغيرة، مغرقين البلاد في بحر من الدماء، وكنا ننتظر ان يقوم الشيخ الغنوشي، الذي يعلم الجميع ان له تأثيرا قويا على مجمل الحركات الاصولية في الجزائر، بشجب مثل تلك الجرائم الفظيعة وادانة مرتكبيها. غير انه لم يفعل ذلك. وخلال ربيع 2002، شهدت جزيرة جربة التونسية عملية ارهابية خطيرة استهدفت المعبد اليهودي هناك وذهب ضحيتها عشرات من المدنيين، من تونسيين واجانب. مع ذلك لم يصدر الغنوشي موقفا واضحا وصريحا يدين ذلك العنف الاعمى الذي جرّ على سكان الجزيرة الجميلة، وعلى التونسيين عموما، متاعب اقتصادية لا يزالون يعانون من تبعاتها حتى هذه الساعة. 2 ـ في مقاله المذكور، اشار الشيخ راشد الغنوشي الى بعض الاسباب التي ادت الى تفشي الارهاب الاصولي في العالم العربي الاسلامي، وذكر من بينها السياسات الظالمة للحكومات العربية، وموقفها المتخاذل من القضايا الكبرى مثل قضية فلسطين وقضية العراق، وتبعيتها للولايات المتحدة الأمريكية، وتوزيعها غير العادل للثروات الوطنية الخ.. وانا لا اعارض بعض ما ساقه الغنوشي من اسباب، لكني اقول له بأن هناك اسبابا اخرى لهذا التطرف الاصولي الذي بات مرضا خطيرا يهدد حياة ووجود العرب والمسلمين. واعتقد ان الحركات الاصولية بجميع فصائلها وجنسياتها، بما في ذلك حركة النهضة التي يتزعمها الشيخ راشد، تتحمل مسؤولية كبيرة في استفحال التطرف الاصولي. فعلى مدى العشرين سنة الماضية دأب زعماء الحركات الاصولية، وناشطوها على نشر ادبيات تحرض على العنف وعلى الكراهية واللاتسامح في اماكن العبادة وفي المدارس والنقابات المهنية، وحتى داخل المؤسسات العسكرية والامنية. وقد استغل البعض من زعماء الحركات الاصولية وجودهم في البلدان العربية التي لجأوا اليها هربا من الاضطهاد الذي يتعرضون له في بلدانهم الاصلية، لزرع افكارهم واطروحاتهم الظلامية المحرضة على العنف وعلى الكراهية في اوساط المهاجرين، الشبان منهم بالخصوص. ويعرف الشيخ راشد الغنوشي جيدا ان اغلب اماكن العبادة المخصصة للمسلمين في عواصم البلدان الغربية، وفي مدنها الصغيرة والكبيرة تحولت خلال السنوات العشر الماضية الى اماكن محببة لدعاة التطرف الاصولي. وتحت تأثيرهم اصبحت تفرخ ارهابيين محترفين من الصنف الخطير. 3 ـ في مقاله، يذكر الشيخ راشد الغنوشي ان الكثير من العمليات الارهابية ومن بينها عملية 2001/9/11، وعمليتا الرياض والدار البيضاء، استهدفت اناسا وصفهم بالـ«عاديين لا صلة لهم بالسياسة أصلا». لذا حق عليه ان يدين العمليات فهل نفهم من هذا الكلام ان الشيخ الغنوشي يمكن ان يبرر ذلك العنف اذا ما كان موجها ضد اناس غير عاديين ومسيسين. سؤال اطرحه عليه بكل براءتي املا ان يجيب بكل صراحة ووضوح. 4 ـ يتحدث الشيخ راشد عن تيار لم يسبق لي شخصيا، انا الذي اعمل في مجال الاعلام منذ فترة طويلة، سماه «التيار الديمقراطي» واصفا اياه بأنه «تيار الاعتدال» و«التيار الوسطي في الحركة الاسلامية». وامنيتي ان لا يكون هذا التيار مجرد حلم من بين الاحلام التي تراود الشيخ راشد في منفاه اللندني. فإن كان موجودا حقا، فأين ينشط واين يتحرك؟ واين هي ادبياته واطروحاته بخصوص العديد من القضايا المتعلقة بالعلاقة بين الدين والدولة، وبمكانة المرأة في المجتمع، وبنظم التعليم وبرامجه، وبالتنمية الاقتصادية، وبالنظرة الى الغرب، وبغير ذلك من القضايا والمسائل التي تشغل اليوم بال الاعلاميين من العرب والمسلمين. نعم، على هذا التيار، ان كان موجودا فعلا، ان يقول رأيه صريحا وواضحا في مثل هذه القضايا حتى نخلص الى مرحلة جديدة ينتهي فيها تشريع الارهاب والعنف باسم الدين، أو يكف فيها البعض عن تكفير الناس وترهيبهم والاعتداء على الحريات الجماعية والفردية اعتمادا على ما يسمونه بـ «الانحراف عن القيم الاسلامية»، مرحلة تحترم فيها التيارات السياسية بعضها البعض، وتتضامن وتتعاضد لمقاومة ونبذ العنف والتطرف، واضعة المصلحة العليا للوطن فوق جميع المصالح الأخرى.. وطالما لم نخلص الى مثل هذه المرحلة فإن الخلط المدمر بين الاسلام والارهاب سوف يظل قائم الذات.
06-08-2003, 03:43 AM
الكيك الكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21176
والقرضاوى ايضا حتى الان لم يدن التفجيرات الغنوشى كان فى الخرطوم ينعم بضيافة الجبهة الاسلامية وفى ايام استضافته فعلت الجبهة الاسلامية كل المنكرات من تعذيب وقتل وتشريد لم يسعفه الله براى سديد او نصح لاخوانه الذين يستضيفونه .. سكت عن قول الحق وقت وزمن قول الحقيقة وحديثه الان ما هو الا تقيةيريد حماية نفسه وتنظيمه من اخطاء سكت عنها وتغاضي عنها فى وقتها
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
Yasir Elsharif
الكيك
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست