منوت .. ابن أمي ، والمرتوي من فيض بحر الغزال ، المشرّب بنكهة واو العزيزة ، ورائحة قراها الشرقية ، المدثرّة فى الغابات .. المستحم مع أفراس النهر الجميل ، والمتأبط ثمرات المانجو والقشطة فى ذاكرته دوما .. لك حبي ومحبتي .. أما محمد فول يا صديقي ، فهو واحد من أعز أصدقائي ، هو محمد حسن ، ولقب فول ارتبط به منذ نشأته ، درسنا فى كلية واحدة فى جامعة الخرطوم ، ومارسنا شقاوة النضال سويا ، وخبرنا دروب كل الجامعات السودانية لادارة فاعليات النقاش .. وهو شخصية فى غاية الظرف واللطافة استمتع برفقته كثيرا ، وكان يحلو له أن يذهب لصلاة الجمعة فى ودنوباوي أحيانا مرتديا بنطالا وقميصا على عكس المصلين الباقين الذين يأتي غالبيتهم فى الزي الانصاري الكامل ، فتلقفه صاحبنا ابراهيم وطني ذات مرّة وهو يكشط أسياف صغيرة لا تفارقه قط ولم يكن يعرفه ، فحسبه واحدا من "مبعوثي" الحكومة وزبانيتها وتوجه نحوه صائحا : كمان جايبين لينا ناس من انغولا ، وفى ذلك كان ابراهيم يشير من طرف خفي الى عناصر غير سودانية اصيلة فى الحكومة ، طبعا هذه رؤيته للأمور ، المهم أن الاجاويد " قامت وقعدت " و" فى طولك وفى عرضك يا وطني ده ولدنا ده ما كوز " ، واضحت من النكات التى أغيظ بها محمد فول دائما . أما ابراهيم وطني الذى أحبه جدا ، فهو سوداني بسيط ، كان فى الجبهة الوطنية كما سمعت ، وحوكم وعذّب على أيام نميري ، فأصبح زاهدا ... وهو لا يفارق السيد الصادق المهدي ومجالسه ، وملازم كذلك للحاج نقدالله فى منزله ، وهو رجل صاحب نكتة وظرف ، اذ يعمد الى ادارة فاعلية نقاش _ من طرف واحد _ فى أيام الجمع فى ودنوباوي ، فيوسع الحكومة شتما ، ويبدأ فى تحليل أحداث دولية برؤية مختلفة طبعا ، ويشاغل هذا ويمازح ذاك ، ولا يخفي اختلافه مع بعض القيادات ، لكنه محبوب جدا فى اوساط حزب الأمة . أشتهر وطني باسمه هذا " وطني " للتدليل على حبه العارم للوطن ، واشتهر بسيفين صغيرين وصدئين يحملهما على الدوام ويحكّهما ببعض ، وهو ينشد أحيانا ، ويؤدي رقصات صوفية ، ويحلو له ايضا ان يدور مع المادحين فى المسجد ، ولا يمكنك قط أن تذهب الى منشط للحزب او الكيان سواء كان سياسيا او دعويا او مناسبة اجتماعية الا وابراهيم وطني قد سبقك بالذهاب . الحقيقة منوت ، هذه واحدة من شخصيات الظل التى احبها واحب الكتابة عنها ، فهؤلاء جنود مجهولون ، قد يحسبهم بعض من ذوي التفكير السطحي " مجانين " أو بهم لوثة عقلية ، لكن الحقيقة عندي ان ابراهيم وطني أشرف من كثيرين وارقي منهم وطنية _ وانا واحد من هؤلاء الكثيرين _ فهو قد ذهب الى المعسكرات ولم اذهب ، وهو جازف بحياته ولم اجازف ، وهو عذّب وانا لم اعذّب عذاباته ، وهو ناضل بشكل اسطوري ، وانا لم افعل ذلك ، وهو يستحق صفة البطولة وانا لا استحقها ، وهو زاهد فى هذه الدنيا وانا ما زلت راغبا فى حطامها ... ولكأني به فهم قول الامام المهدي على وجهه الصحيح ، وهو ذات القول الذى سمعته من الحاج نقدالله مرارا وتكرارا : الدنيا جيـفة ، طلابـها ..كلابـها !! له التحية ولك حبيبي منوت ، وشكرا جميلا لك ان انتبهت لوجوده انسانا جميلا فى بوست الحاج نقدالله .
(عدل بواسطة خالد عويس on 05-30-2003, 07:05 PM) (عدل بواسطة خالد عويس on 05-30-2003, 07:08 PM)
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة