طه ابوقرجة عن اتفاقية ماتشاكوس 2 من 3

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-22-2024, 10:00 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-11-2003, 03:09 PM

baballa
<ababalla
تاريخ التسجيل: 05-13-2002
مجموع المشاركات: 151

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طه ابوقرجة عن اتفاقية ماتشاكوس 3 من 3 (Re: baballa)


    3 من 3
    عقلية السلام غير عقلية الحرب.. ولابد من إعادة تأهيل الإنسان ..ولابد أن يستيقظ الشعب

    ثمة تحديات عديدة أمام جهود السلام، خلال مفاوضات السلام، وخلال المرحلة الانتقالية. وأكثر التحديات ترتبط بالعامل البشري. وذلك لأن مشكلة بلادنا هي أصلاً مشكلة إنسان، وليست مشكلة موارد اقتصادية. ولعل أهم التحديات هي:-
    1- توفر عقلية السلام عند الأطراف المعنية.
    2- التوصل لاتفاق سلام منسجم يخاطب أصل المشكلة.
    3- صياغة برنامج انتقالي علمي وواضح.
    4- تكوين حكومة انتقالية مقتدرة لتنفيذ البرنامج الانتقالي.
    5- إعادة تأهيل الإنسان السوداني.. باعتبار أن ذلك هو الحل، لا إعادة تأهيل البنيات الاقتصادية وحدها.
    6- إشراك الشعب في تحقيق أهداف الفترة الانتقالية.
    7- توفر اليقظة والوعي عند الشعب لمراقبة السياسيين والتنفيذيين.
    وسأحاول فيما يلي أن أوجز القول في بعض ما يتعلق بهذه الأمور.
    إننا لن نجني سلاماً بعقلية الحرب
    لعله من نافلة القول أن الأطراف المرتقب جلوسها للتوصل لاتفاق السلام، ولإدارة البلاد خلال الفترة الانتقالية، لن تحقق سلاماً إذا دخلت المفاوضات أو الفترة الانتقالية بعقلية الحرب. فإنها إن فعلت ذلك، أنفقت الوقت في المناورة، والمنافسة، والشقاق، ومواصلة الحرب بأسلحة أخرى أشد خطراً من أسلحة القتال الجسدي. ورغم أن الناس يظنون بمقاييس الوقت الحاضر أن طرفي الحرب عادةً رابح وخاسر، إلا أن كليها خاسران، لدى الدقة. ولذلك، فمن الواجب أن نستقبل المرحلة القادمة بعقلية السلام. وعقلية السلام قد برئت من البغض، والعداء، والالتواء، والمناورة. وهي منصفة، ومستقيمة، ولا ترى نفسها خاسرة حين تعطي الناس أشياءهم، وإنما تراها رابحة. والمظهر العملي لعقلية السلام في المفاوضات هو أن تعطي الطرف الآخر حقه قبل أن يطالب به. أما عقلية الحرب، فتسعى للكسب على حساب الطرف الآخر، وتجاذبه حقه حين يطالب به.

    إن استمرار الحرب لوقت طويل يدفعني للإشفاق من دخول الأطراف المعنية مفاوضات السلام بعقلية الحرب. بيد أن اتفاقية ماتشاكوس قد فتحت باباً للأمل. فالطرفان قد اعترفا فيها بأن الحرب الأهلية في الجنوب إنما نشأت بسبب المظالم التاريخية. وهذا يعني أمرين. أولهما أن المقاتلين من أهلنا بالجنوب لم يكونوا متمردين ولا خوارج، وإنما هم مظاليم استخدموا العنف كوسيلة لرفع الظلم عنهم، مما يبشر بإمكانية دخولهم المرحلة المقبلة بعقلية السلام، لأن عقلية الحرب ليست عقلية أصلية عندهم، وإنما هو تحول أملاه الظلم. وثانيهما، أن اعتراف أهل الشمال- ممثلين في الحكومة- بأسباب الحرب الحقيقية، يبشِّر بدنو الوقت الذي يحرص فيه أهل الشمال على رفع هذا الظلم التاريخي، بعقلية السلام.

    إننا نحتاج أن ندخل العهد الجديد بفكر جديد، يبريء حركتنا السياسية من أدوائها التاريخية. فهذه الأدواء هي التي أوصلت البلاد إلى هذا الوضع المأساوي. ومن ثم فلا أمل لنا إلا إذا برئنا من تلك الأدواء. وبغير ذلك، سنكرر الفشل، وسنحصد الندم. وقد يكون فشلنا منذ الوهلة الأولى، بالعجز عن التوصل لاتفاق سلام. لكنا إن دارينا فشلنا، بتوقيع اتفاق سلام هش، ومعيب، ومتناقض، لا يعكس إلا اختلافنا، فإننا سنخرج من المفاوضات بروح ليست هي روح السلام، فننقل التـناحر إلى الحياة العامة في الفترة الانتقالية. وسيسوق ذلك، بلا ريب، إما إلى انهيار اتفاق السلام كما حدث في تجارب بلدان أخرى، أو إلى تعميق عدم الثقة، وبالتالي قسمة البلاد والشعب عند تقرير المصير. هذه هي فرصنا. فلينظر كل امرئ وكل فريق مشارك في هذه المفاوضات أين يضع نفسه.
    عدم صلاحية الشريعة هـي
    مسألة تاريخ وليست جغرافيا
    كما قلت آنفاً، فإن الاعتراف الذي تم بأصل المشكلة يبشر بميلاد عقلية السلام. ولقد سارت الحكومة شوطاً في إزالة بعض صور الظلم التاريخي. وذلك حين قبلت بأن يتم استبدال العقيدة الدينية بالمواطنة كأساس للحقوق والواجبات، بما في ذلك حق غير المسلم ليكون رئيساً للدولة. وهذه خطوة جيدة يجب مواصلة اتجاهها. ولكني أرى دفناً للرؤوس في الرمال، بغرض الاحتفاظ بالكيان السياسي بأساليب تضر بالبلاد. ومن ذلك أن الحكومة قد أصرت على اعتبار الشريعة مصدراً للتشريع بالشمال. وهي بهذا كأنما تحاول أن تأخذ بالشمال ما أعطته باليمين.

    فقبول الحكومة استبدال العقيدة الدينية بالمواطنة كأساس للحقوق والواجبات يعني أنها قد تخلت عن تطبيق الشريعة، واعترفت بعدم صلاحيتها في هذا الجانب. ولذلك كان يجب على الحكومة أن لا تصر على إدخال نص في الاتفاق يهيئ لتطبيق الشريعة في الشمال. فعدم صلاحية الشريعة في بعض صورها المتعلقة بالمجتمع، ليست مسألة جغرافيا، وإنما هي مسألة تاريخ. فما من شيء يجعل أحكام الشريعة المرادة غير صالحة في الرنك، وصالحة في جودة. هي ببساطة غير صالحة في هذا الوقت من عمر المجتمع البشري، لا في الرنك، ولا في جودة. واعتراف الحكومة بعدم صلاحية الشريعة في الجنوب بالإضافة إلى عدم صلاحيتها كأساس لتحديد الحقوق والواجبات حتى في الشمال، إنما هو مقدمة لسحبها من التداول. ويحسن أن يتم ذلك دون إبطاء. فأي إبطاء له ضحايا، ويضر بفرص السلام والوحدة.
    رئيس دولة غير كفء للشهادة؟!
    وإذا لم يكن الأمر كذلك، فليقل لنا أهل الحكومة: ما معنى الإصرار على أن تكون الشريعة مصدراً رئيسياً للتشريع في الشمال في حين أن رئيس الدولة بكاملها يمكن أن يكون غير مسلم؟

    ثم ما معنى الإصرار على الشريعة في الشمال في حين أن الشريعة تشترط العقيدة الإسلامية حتى لكفاءة الشاهد في كثير من الحالات؟ ألم تقل لنا الشريعة ((واشهدوا ذوي عدل منكم)) أي من المسلمين؟ هل يجوز أن يكون لدينا رئيس دولة غير مسلم ثم ترده المحكمة عن الشهادة لعدم الكفاءة تحت أحكام الشريعة؟ ما معنى أن يكون لدينا مواطنين عاديين ووزراء ومدراء وساسة وبرلمانيين من الجنوبيين في العاصمة القومية، الخرطوم، وهم غير أكفاء للشهادة في كثير من الأمور؟ وأين الدستورية وحقوق الإنسان في ذلك؟ أم أننا نقول ما لا نعني؟ هل الحكومة جادة حين تقول أنها توصلت لاتفاق يمهد للسلام؟ إن كانت الحكومة تزعم الجد، فعليها أن تعلم أن الكرامة لا تتجزأ، وأن أهل الجنوب لم يثوروا من أجل الخبز، وإنما ثاروا من أجل الكرامة.

    ثم هل ستحتفظ الحكومة بمادة الردة من قانون العقوبات؟ وكيف يسهم المواطنون بالرأي في شئون بلدهم وحياتهم ومستقبل أبنائهم في ظل مثل هذه المادة الشرعية التي وضعتها الحكومة لتكميم الأفواه؟ وما هي فرص التقدم المتاحة لشعب يسير برأي واحد، مهما كان حظه من الصواب، ويحكم في أرضه على الرأي الثاني بالإعدام؟ وأي كرامة في ذلك؟ ثم ماذا تفعل الحكومة لو أبدى جنوبي رأيه في الإسلام وهو بالشمال؟ هل ستعدّه محارباً وتقتله؟؟ أم ستعفيه من حكم الشريعة في هذا الشأن؟؟

    إن أهل الحكومة بحاجة لأن يعلموا أن اشتراطهم بقاء الشريعة في الشمال لا يدل على عدم إحرازهم عقلية السلام فحسب، وإنما هو أول دليل قاطع على أنهم غير جادين في أمر السلام، ولا أمر الوحدة، وإنما هم يريدون المناورة، وشراء هدنة. وهذا يقضي بأن نقول لهم أن سبيلهم واحد لإقناعنا بجديتهم في أمر السلام، وهو أن يتـفوقوا على أنفسهم في بداية جولة المفاوضات المقبلة بالتخلي عن اشتراط الشريعة في الشمال. وبغير ذلك، أخشى أن يكون هناك ما يبرر القول بأن الحكومة لا تهدف إلا لاتفاقية سلام من شاكلة اتفاقيات سلامها السابقة.

    يبدو أن أهل الحكومة يحسبون أن لهم من الحنكة والمهارة ما يمكِّنهم من خلق ظروف توهم الناس بأنهم حققوا سلاماً، ليستقطبوا بذلك بعض المال من الدول الراعية لعملية السلام، فيحولوه لمصالحهم مثلما حولوا موارد البلد. إننا سنرى مهارة أهل الحكومة بازاء رعاة السلام. ولكن أحسب أن رعاة السلام يتطلعون الآن ليروا جداً وصدقاً. أحسبهم يتطلعون لرؤية أناس جدد، يهمهم شعبهم، وبلدهم، وليس أنفسهم فحسب. وإن كان أهل الحكومة يودون تدفق الاستثمار الأجنبي، فهم لابد يدركون أن فرص الاستثمار ضئيلة في ظل اتفاق هش للسلام، كما يدركون أن فرص الاستقرار والأمن هي أول ما يدرسه المستثمر الأجنبي.
    رد المظالم في الشمال أول مؤشر على الجدية وتوفر عقلية السلام
    إن اتفاقية ماتشاكوس تهدف أصلاً إلى حل الأزمة من جذورها برفع المظالم التاريخية عن أهل الجنوب، وذلك بخلق إطار للحكم يقوم على الاقتسام العادل للسلطة والثروة وضمان صيانة حقوق الإنسان. ولكي تقنع الحكومة كل الأطراف بأنها حريصة فعلاً على رفع المظالم عن أهل الجنوب، مثلما وعدت في الاتفاقية، فعليها أن ترفع بعض (وأكرر بعض) المظالم في الشمال. فإن ذلك يعين على دعم عقلية السلام لدى الطرف الآخر. وإن لم ترفع الحكومة مظالم أهل الشمال الذين تربطها بهم روابط العقيدة والعنصر، سيصعب على أهل الجنوب (وهم أذكياء بالفطرة) أن ينتظروا منها رفع مظالمهم. ومن أجل ذلك فإن الحكومة مطالبة برفع المظالم التالية فوراً وإرجاع الحقوق إلى أهلها:-
    1- إرجاع المفصولين تحت الصالح العام من الخدمة المدنية والعسكرية إلى العمل فوراً، في الشمال والجنوب. على أن يتم ذلك بقرار عام، وليس بموجب أي ترتيبات يقدِّم بها أولئك المفصولين طلبات لإرجاعهم للعمل، أو أي ترتيبات مماثلة. فإن ذلك يلحق بهم مزيداً من الإهانة.
    2- رفع حالة الطوارئ.
    3- إلغاء القوانين المقيدة للحريات، وكذلك كل مواد القانون المقيدة للحريات، ومنها مادة الردة من قانون العقوبات.
    4- الاعتراف بالأحزاب السياسية فوراً ورفع أي حظر سياسي وأي قيد عليها إلا القيود التي كانت قائمة بموجب القوانين التي كانت سارية قبل صبيحة 30/6/1989، وعدم تقييدها بأي قيد إلا بموجب قوانين قد تسنها الهيئات المنوط بها سن قوانين الفترة الانتقالية.
    5- الاعتراف بالجمعيات وكافة منظمات المجتمع المدني.
    6- الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين، وإيقاف الاعتقالات السياسية.
    7- رد أي أموال مصادرة، سواء أكانت مملوكة لأحزاب أو هيئات أخرى أو أشخاص.
    8- رفع أي حظر قائم على أي شخص أو مجموعة بسبب الرأي أو الموقف السياسي.
    9- الاعتراف بحرية الفكر، والتعبير، والتنظيم.
    10- فتح وسائل الإعلام للرأي الآخر. فهي أصلاً ملك للشعب، وليس للحكومة.. والشعب هو الذي ينفق عليها، ولذلك يجب أن تسخر لمناقشة ما يهم حاضره ومستقبله، وليس للحكومة، أو لقبيل واحد فقط.

    هذه بعض المظالم. ورفعها الفوري له دلالة حسنة، ويمكن أن يتم كبادرة حسن نية تعلنها الحكومة قبل أو عند افتتاح جولة المفاوضات المقبلة. هذا العمل سيدعم ثقة أهل الجنوب، وغيرهم، في الحكومة. ولا يُقبل من أحد القول بأن الاعتراف بهذه الحقوق يحتاج لقوانين تصدر لاحقاً. إذ أن هذه الحقوق هي حقوق أساسية، كالهواء والماء، والوضع الطبيعي هي أن لا تسلب أصلاً، وليس أن تمنح.
    لابد من حكومة انتقالية مقتدرة
    اقتسام مقاعد الحكومة الوطنية وغيرها من الأجهزة الانتقالية بين القوى السياسية هو أحد المآزق التي ستواجه المفاوضات والفترة الانتقالية. ولا أريد هنا استباق الأحداث، لكن أخشى أن ينعكس الحديث عن عدم تفكيك الإنقاذ على هذا الأمر. والعقلية التي تصر على عدم تفكيك الإنقاذ ليست هي عقلية سلام، لأن سلطة الإنقاذ هي سلطة مغتصبة. ومن لا يبتغي أن يرد ما اغتصبه، لا يرجى منه أن يرفع ظلماً، أو يقيم عدلاً، أو يصنع سلاماً.

    ومن المتوقع أن تتنازع القوى الوطنية حول نسب تمثيلها في أجهزة الحكم الانتقالي. وأعتقد أن أفضل مخرج من ذلك هو أن يتفقوا على برنامج الفترة الانتقالية وعلى أن المهم هو تنفيذ البرنامج، وليس المناصب.. وبناء على ذلك، يتسلم البعض المناصب الرسمية للتنفيذ، ويقف الآخرون مراقبين ومساعدين بهدف ضمان تنفيذ البرنامج. هذا في حد ذاته سيكون بداية لتعليم الشعب مراقبة الأداء الحكومي. وذلك أمر نحتاجه أشد الحاجة، فما انساقت البلاد في هذه الهاوية إلا لأن الشعب لا يعرف حقه ولا يحمي مصالحه بمراقبة حكامه.
    ترسيخ مبدأ الرقابة الشعبية هو الحل
    إن ترسيخ مفهوم المشاركة من خلال الرقابة الشعبية من شأنه أن يعيننا أيضاً على تدارك عيب أساسي في حركتنا السياسية. فقد دلت التجارب أن أزمة السودان في جنوبه ليست أزمة اتفاقيات ومواثيق، وإنما هي أزمة وفاء بالعهود. هي أزمة استقامة. هي أزمة فكر وتربية أساسية. وقد بيَّن ذلك السيد أبيل الير في كتابه القيم، الذي رصد فيه هذا التاريخ المخزي للسياسيين الشماليين.

    وهذا يعني أن طبيعة السياسيين والتنفيذيين الذين يناط بهم النهوض بأعباء الفترة الانتقالية هو أمر في غاية الأهمية. بيد أننا لا يمكننا استيراد أجانب لإدارة بلادنا. فيكفينا خزياً أننا بعد قرابة نصف قرن من الاستقلال لا نزال عاجزين عن إحلال السلام، والأمن، وعن إدارة خلافاتنا، ونحتاج لتدخل الدول الأخرى، مثلما يحتاج الأطفال لتدخل الكبار في مشاكلهم. إن في هذا مدعاة للأسف الشديد. بيد أن بعضنا ربما لا يرى بأساً بذلك، بل هو يسيل لعاباً للعون الذي ستدفعه هذه الدول بعد توقيع بعض الأوراق.

    إن المخرج الوحيد من هذه الأزمة العميقة هو ترسيخ مبدأ الرقابة الشعبية، وتوعية الشعب به، ولفه حوله، حتى يجبر السياسيين والتنفيذيين على الاستقامة. ولا بد من ضبط لهذا الأمر.
    قبول الاتفاقية شرط أساسي
    للمشاركة في الحكومة الانتقالية
    وبمعزل عن الأزمة العميقة التي أشرت إليها أعلاه، فلابد من الانسجام في أجهزة الفترة الانتقالية كلها. وهذا يعني أن لا يختار لها أي شخص يعترض اعتراضاً أساسياً على اتفاقية ماتشاكوس. وهذه بداهة ما كان ينبغي أن تحتاج التقرير. إذ لا يمكن أن يسند تنفيذ أي جزء من برنامج الفترة الانتقالية لمجموعة تعترض على الاتفاقية التي تمخضت عن أجهزة الحكم الانتقالي نفسها، وتعترض بالضرورة على اتفاق السلام وبرنامج الفترة الانتقالية. ومن المؤسف إن بعض المشتغلين بالسياسة حالياً لا يدركون شروط أهلية المشاركة في الحكومة الانتقالية. فقد طالب بعضهم بإشراك حزب المؤتمر الشعبي (حزب الترابي). ومعلوم أن حزب الترابي رفض اتفاقية ماتشاكوس لأنها تخالف الشريعة. فقد أفادت صحيفة الخرطوم في عددها بتاريخ 24/7/2002 أن المؤتمر الشعبي أصدر بياناً وجَّه فيه انتقادات حادة لاتفاقية ماتشاكوس وورد فيه أن الاتفاق (أتاح التدخل الأجنبي وأغفل الديموقراطية والحريات العامة وألغى الشريعة مما يفقده الشرعية والاستمرارية والسند الشعبي)، كما قالت الصحيفة أن البيان وصف الدستور الاتحادي بأنه "علماني".

    فإذا كان ذلك هو موقف المؤتمر الشعبي، فلا مجال لأحد للمناداة بإشراكه في المفاوضات المقبلة، ولا في الحكومة الانتقالية. ولكن السياسيين في هذا البلد المنكوب ليس لديهم أي معيار، ولا أهلية، ولا مرجعية لتحديد الموقف السياسي، وإنما هم حاطبو ليل. من الصحيح أن ينادي الناس بالإفراج عن الترابي من المعتقل، ولكن ليس من الصحيح أن ينادوا بإشراك حزبه في المفاوضات أو في الحكومة الانتقالية، لأنه يعارض ذات الاتفاقية التي تجري تحتها المفاوضات والتي ستتمخض عنها الحكومة الانتقالية. والمناداة بإشراك حزب الترابي أو أي حزب مماثل في الحكومة الانتقالية، هي محاولة غير موفقة لإظهار روح ديموقراطي، ولا تنم إلا عن غفلة سياسية منكرة.

    والحق أن اعتراض حزب الترابي على اتفاقية ماتشاكوس بسبب إلغائها الشريعة إنما يكشف عدم جدية الإخوان المسلمين، وتشبعهم بروح المناورة السياسية المجردة من كل خلق. فالترابي سبق له أن توصل لاتفاق مع الحركة الشعبية، وقال أن الحرب في الجنوب ليست جهاداً، وأن أهل الجنوب يدافعون عن حقهم، وأفاض في ذلك. وقد اعتقلته الحكومة متذرعة بذلك الاتفاق الذي اعتبرته خيانة للشهداء. ثم حين جاءت الحكومة اليوم لتعقد اتفاقاً مع الحركة، سعى هو لسحب قاعدتها منها باسم الشريعة. ماذا يعني هذا؟ هل كان هذا الرجل جاداً حين أبرم اتفاقاً مع الحركة الشعبية قبل شهور؟
    محتوى اتفاق السلام حاسم لمستقبل السلام
    لنجاح الفترة الانتقالية لابد من اتفاق سلام منسجم لا تتجاذبه الدوافع والفهوم المتعارضة. وذلك لأن اتفاق السلام سيكون بمثابة فلسفة الحكم خلال الفترة الانتقالية. بعبارة أخرى، فإنه سيكون النموذج النظري الذي سيحاول الشعب تطبيقه في أرض الواقع خلال الفترة الانتقالية بواسطة الأجهزة الانتقالية. ولن تصل الأطراف لاتفاق سلام منسجم إلا إذا خاضوا المفاوضات بعقلية السلام.

    واتفاق السلام لا ينحصر في إجراءات فصل القوات ووقف إطلاق النار وإنهاء المواجهة العسكرية، كما قد يظن البعض. هذه نتائج عملية وتفصيلية قد تجيء في صورة ملاحق لاتفاق السلام. فلأن اتفاقية ماتشاكوس تهدف أصلاً إلى حل الأزمة من جذورها برفع المظالم التاريخية عن أهل الجنوب بخلق إطار للحكم يقوم على الاقتسام العادل للسلطة والثروة وضمان صيانة حقوق الإنسان، فإن اتفاق السلام يجب أن يخاطب المشكلة في هذا المستوى، ويضع الأسس الكافية لحلها. لابد أن يشتمل اتفاق السلام على المبادئ الأساسية التي بموجبها يرفع الظلم التاريخي، والتي سيصاغ على ضوئها البرنامج التفصيلي للفترة الانتقالية، وهو البرنامج الذي يؤمل به تحقيق الهدف المنشود في السلام الحقيقي، والوحدة، والتنمية. وأعتقد أنه من الأفضل، أن يكون هذا البرنامج نفسه ملحقاً لاتفاق السلام، حتى يأخذ قوتها، فلا تسير بعض القوى الانتقالية لتنفيذ أهداف تتعارض معه. ولا بأس من أخذ أي وقت لإعداد الملاحق الكافية لاتفاق السلام. فإن أي وقت يصرف في ذلك، أفضل من العجلة التي قد تتسبب في انهيار الاتفاق نفسه لاحقاً. ويمكن أن توقع الأطراف اتفاق السلام وكل ملحق يتم الاتفاق عليه بمجرد إعداده، وتواصل السير في بقية الملاحق.
    ضرورة إعادة تأهيل السودانيين !!
    كما ورد آنفاً، فإن الخروج باتفاق سلام منسجم ومتحد الأهداف أمر حاسم لنجاح مساعي السلام الحالية. كما يجب أن تتبع ذلك صياغة برنامج مفصل للفترة الانتقالية. وعلى القوى الوطنية كلها أن تصيغ برنامجاً علمياً واضحاً منذ الآن. وسأحاول هنا أن أذكر أموراً هامة أرى ضرورة أن يشتمل عليها البرنامج.

    وقبل ذكر تلك الأمور تحسن الإشارة إلى أن كثيراً من السياسيين يظنون أن نجاح مساعي السلام الحالية رهين بدعم من الدول الراعية للسلام يعاد به تأهيل البنيات التحتية. وهم يعنون بذلك البنيات الاقتصادية، كالطرق والاتصالات والمشروعات. ويبدو أن الدول التي ترعى المفاوضات تنوي بالفعل تقديم دعم للسودان. وهناك رغبة واضحة لدى الساسة السودانيين في استقطاب الدعم الأجنبي، لمآرب شتى.

    والحق أن السودانيين قد استلموا بلدهم عند الاستقلال وبها من البنيات الاقتصادية ما كان مناسباً بحساب ذلك الوقت، ولكنهم حطموها بكفاءة واقتدار. ومن أجل ذلك، فإن أي اتجاه للدعم في الوقت الحاضر يجب أن يتجه للإنسان السوداني نفسه. هذا، بطبيعة الحال، لا يعني أن البنيات الاقتصادية لا تحتاج البناء وإعادة التأهيل، ولكنه يعني أن أكبر من يحتاج إعادة التأهيل هو الإنسان السوداني نفسه، وخصوصاً المهنيين والمشتغلين بالخدمة العامة. وبغير ذلك، سيتحطم ما يبنى بالدعم الجديد، مثلما تحطم سابقه. لابد من برنامج لإعادة تأهيل المتعلمين، ولابد من إعادة تعليم بعضهم. فإن كان حقاً أن الأمية الأبجدية هي أحد مشاكل السودان، فإن الأمية المهنية والوظيفية هي مشكلة أكبر.

    والحق أنه ليس هناك من دعم يمكن أن تقدمه الدول الراعية للسلام هو أهم من تأهيل الإنسان السوداني نفسه. فإن أي تأهيل مادي لا يصاقبه تأهيل للإنسان، مقضي عليه بالفشل والهزيمة منذ أول وهلة. إن من حسن الطالع أن بريطانيا هي الآن من الدول التي ترعى العملية السلمية. فهي تعرف أين تركت السودان في عام 1956 وأين هو السودان الآن.
    الأمية المهنية حاضرة دوماً
    الأمية المهنية تلف حياتنا كلها. وهي من أكبر علله. وما من دليل على الأمية المهنية والسياسية أكبر عندي من النص الذي ظل ثابتاً في دساتيرنا ووثائقنا الأساسية منذ عقود بأن الشريعة هي مصدر رئيسي للتشريع. فليس من شأن الدساتير التي تستحق اسمها أن تنص على مصادر التشريع، وإنما من شأنها أن تنص على المعيار الذي يجب أن يستوفاه أي تشريع، وهو معيار الدستورية.. أي أن يكون التشريع دستورياً. فإذا استوفى التشريع هذا الشرط اللازم، فلا شأن للناس بمصدره. وبنفس القدر، إذا فشل أي تشريع في الوفاء بهذا الشرط، كان باطلاً، دون أدنى اعتبار لمصدره، ولا يشفع له أن أي وثيقة قد نصت على اعتبار مصدره مصدراً رئيسياً للتشريع. إذ لا يصح أن نأخذ من أي مصدر إلا ما كان منطبقاً على الدستور.

    هذه أبجديات خلَّفها العالم قبل أكثر من قرن. ولكن الحكومة أصرت على إدراج نص في الاتفاقية يفيد بأن الشريعة هي مصدر رئيسي للتشريع في الشمال. كما أن لجنة الدستور والقانون بالتجمع الوطني بدت منزعجة من هذا النص. هذا نص عديم القيمة، وهو جهالة تتلبس الدين. ولكن لا يمكننا الاحتراز من هذه الجهالة إلا بقضاء يستحق اسمه.
    ضرورة بناء القضاء من الصفر
    ولكن هل لدينا قضاء بالسودان؟ لا. ولم يكن لنا منذ عقود. ويكفي القول بأن نميري ربما تعذّر عليه تكسير اتفاقية أديس أبابا لو كان هناك قضاء يستحق اسمه. وبالطبع، ليس هناك أدنى أمل في عدل، ولا أمن، ولا سلام، في غياب قضاء مؤهل فنياً وخلقياً. فالقضاء هو صمام الأمان، وهو الذي يحفظ ويرد للناس حقوقهم. وغياب القضاء الحر، يفتح الباب للفوضى فوراً. وليس من سبيل لقضاء حر، إلا ببناء سلطة قضائية كفؤة، من الصفر. ولا يتم ذلك إلا بإعادة تأهيل عدد مناسب من قضاة جدد، وخصوصاً في المحاكم الأعلى، وبخاصة المحكمة العليا التي ترعى الدستور والحقوق الأساسية. لابد من محكمة عليا مؤهلة علمياً وخلقياً لتوقف الاستغلال التاريخي للقضاء من جانب السلطة التنفيذية، والتغول التاريخي عليه. وما يقال عن القضاء، يقال عن بقية الأجهزة العدلية. ويقال عن الشرطة على وجه الخصوص. لابد من تأهيل مكثف بموجب برنامج إسعافي، واضح الأهداف، يركز على الثقافة القانونية الحقة، وعلى ثقافة حقوق الإنسان. وما يقال عن الأجهزة العدلية، يقال أيضاً عن كثير من المؤسسات القومية ومرافق الخدمة العامة.
    تحقيق الأمن لازم لنجاح الفترة الانتقالية
    إن تحقيق الأمن شرط لازم لحياة الإنسان وحريته. ولابد أن يبذل الأطراف أقصى جهد للحيلولة دون زعزعة الأمن في الفترة القادمة. فحالة الحرب ساقت لتكوين مليشيات عديدة، وتسليح قبائل، وغير ذلك. لابد من تأهيل القوات المنوط بها حماية الأمن في كل منطقة تأهيلاً فنياً ومادياً لحفظ الأمن. وربما كان من الأفضل قيام لجنة أمن مركزية، ولجان فرعية، وخصوصاً في مناطق التماس، حتى لا تؤدي أي صدامات في هذه المناطق إلى إحياء العداءات القديمة. ولابد في هذا الإطار من إعادة تكوين الجيش السوداني بموجب أهداف وأسس قومية.

    وبمعزل من مسائل الأمن المرتبطة بالمليشيات والنهب المسلح، لابد من تأهيل الشرطة علمياً داخل المدن والأرياف، لتعين الناس على ممارسة حقوقهم، لا لتصادرها. إن جهاز الشرطة جهاز خطير، ولابد من تثقيف كوادره لوقف إساءة استخدام السلطة. ولابد من اختيار ضباط الشرطة كلهم من الجامعيين المتميزين مستقبلاً.
    حرروا أجهزة الإعلام المحتكرة
    لقد دللت التجارب أن حكوماتنا، عسكرية ونيابية، تحتكر وسائل الإعلام، وتديرها لصالحها. واعتقد أن من أهم عوامل الإصلاح، تأسيس أجهزة إعلام (محطات إذاعية وتلفزيونية)، بمعزل عن الحكومة، وعن الأجهزة الحالية التي قد يستعصي على الحكومات تسخيرها للشعب. ولابد أن يكون هدف هذه الوسائل توعية الشعب. ولابد أن تدار هذه الأجهزة، وكذلك الأجهزة الحالية، بواسطة كفاءات لها دراية برسالة الإعلام في بلد كهذا. ولابد من توفير مادة مفيدة في إطار الدعم الثقافي الذي قد تقدمه الدول الراعية. ولابد من قانون يقطع دابر التغول الحكومي والتسلط بجميع صوره على رسالة الإعلام.
    الطرق والاتصالات
    إن شعباً لا تربط بينه وسائل المواصلات والاتصالات ليس مقضي عليه بالانفصال مستقبلاً، وإنما هو منفصل فعلاً. ولذلك أعتقد أن إنشاء شبكة طرق حديثة تربط الجنوب بالشمال وأجزاء القطر كلها ببعضها هو أهم وأول عمل يمكن أن تنفذه الدول الراعية لعملية السلام. ولابد من إعادة تعمير، وتوسيع، السكك الحديدية. وينطبق ذلك على وسائل الاتصال.
    الدعم الأجنبي ومشاريع التنمية
    معلوم أن الدعم الأجنبي الذي تنوي تقديمه الدول الراعية لعملية السلام سيوزع بمراعاة لمبدأ التوازن، بحيث تنال القسط الأكبر منه الأقاليم الأكثر افتقاراً للدعم، وعلى رأسها الجنوب. بيد أن العمل الإسعافي والإغاثي يجب أن لا يستغرق إلا جزءاً ضئيلاً من الدعم. فلابد من إنشاء مشاريع إنمائية كبرى تؤهل المواطنين لكسب العيش الكريم بأنفسهم على المدى المتوسط والطويل. والشروع في إنشاء هذه المشاريع فوراً سيوفر فرص عمل ومجال رزق للمواطنين منذ أول وهلة. وذلك أفضل لهم من التبطل وانتظار الإغاثة. وأعتقد أن عنصر الإدارة هو عنصر يستحق أن توليه هذه الدول عناية خاصة بكافة المشاريع الإنمائية، بما في ذلك المشاريع القائمة.
    الإصلاح التعليمي ضرورة عاجلة
    إذا كنا نتحدث عن إعادة تأهيل المتعلمين السودانيين، فهذا يعني أن المناهج والأساليب التعليمية قاصرة. وهذا يعني أن نجفف منابع الأزمة، بإصلاح التعليم، حتى تنشأ أجيالنا القادمة وقد نالت تعليماً صحيحاً ومفيداً. إن التعليم قد ناله التخريب عن جهل وعن عمد أيضاً. وإنشاء أجيال متعلمة تعليماً صحيحاً هو الحل الأفضل والمستقر لمشاكلنا.
    ثنائية التعليم أكبر خطر على الشعب
    إن ثنائية التعليم هي من أكبر الأخطار على هذا الشعب. فالتعليم الديني الذي يقوم في المعاهد والجامعات الدينية اليوم إنما يتوفر بصورة أساسية على دراسة الفقه الإسلامي الذي نشأ قبل قرون، وهو لا صلة له بحياتنا الراهنة. بل هو يقوم على ثقافة خلَّفها الوقت. وهذه المعاهد والجامعات هي ماكينات زمن حقيقية (Time Machines)، إذ يدخلها الشاب من هذا القرن، فيتخرج منها وكأنه من قرون سلفت. ولقد ركَّـزت الحكومة الحالية على التعليم الديني في إطار برنامج "التوجه الحضاري" و"التخطيط الاجتماعي"، وذلك لتحويل المجتمع برمته إلى أمة من العصور السالفة، حتى يتواءم مع معارف تلك العصور.

    ولعل الناس يذكرون دور مؤسسة كالمركز الإسلامي الإفريقي في تحويل عدد من ضباط القوات المسلحة من ضباط ينتمون لمؤسسة قومية إلى ضباط حزبيين. كما يذكر الناس أن ذلك قد تم على سمع وبصر ومشاركة ومباركة السيد الصادق المهدي، رئيس وزراء العهد النيابي، ربما في غفلة من غفلاته.

    من أجل ذلك، لابد من تصفية التعليم الديني، والنظر في تأهيل خريجيه في مجالات نافعة لأنفسهم وللناس من حولهم. هذا أمر بالغ الأهمية، ولا يطففه إلا غافل، أو مغرض.

    إن ما يمكن أن يقال في هذا الجانب كثير. ومن ما يؤرق المرء أن القوى السياسية لا تبدو منتبهة لهذه المأساة. بل إن أكبر هذه القوى لا يرى مشكلة غير بعده عن مواقع السلطة. وهو إن جاء إلى موقع السلطة، فإنما يجيء بلا رؤية، وبلا هدف، إلا هدفاً صغيراً أو خاصاً.
    أين هو الشعب من قضيته؟!
    لقد أحس الشعب السوداني بفطرته عمق المأساة. لكن لابد أن يعرف الشعب أبعاد الأزمة، ولابد أن يباشر المثقفون تبصير الشعب بكيفية إدارة هذه الأزمة. وهذا ما من أجله اقترحت إصلاح التعليم، وإعادة تأهيل الأجهزة الحساسة، والاهتمام بالقضاء، والأمن، ووسائل الإعلام.

    إن الشعب يجب أن يملك المعلومات. يجب أن يعرف ماذا يعمل الساسة والتنفيذيون. يجب، مثلاً، أن تنشر الاتفاقيات والوثائق المتعلقة باستغلال موارد الشعب الطبيعية، وغيرها من الاتفاقيات والوثائق المرتبطة بحقوق ومصالح الشعب. فالموارد الطبيعية هي ملك للشعب، وليس للسياسيين والتنفيذيين. إننا نريد سياسيين وتنفيذيين شفافين، كما نريد شركاء شفافين.

    لابد أن يعرف الشعب أن السياسيين والتنفيذيين هم خدمه، لا سادته. ومن ثم، فهو لابد أن يراقبهم، وأن يحاسبهم. لابد أن يعرف الشعب أن الشعوب الأخرى لم تنهض إلا لأنها عرفت حقوقها، ونافحت عن حقوقها، وراقبت حكامها، وحاسبتهم.

    وعلى زعمائنا وسياسيينا أن يقلعوا عن عادتهم الكريهة في اختزال دور الشعب في الهتاف والتصفيق والتهليل لهم. عليهم أن يوقفوا ذلك. عليهم أن يطلبوا من الشعب إذا ابتدرهم بالتصفيق والتهليل أن يوقف التصفيق والتهليل، وأن يسمع ما يقولون، ويفهم ما يقولون، ويقول رأيه فيما يقولون. وذلك يقتضي أن يخاطبوا عقله لا عاطفته. وذلك يقتضي أن يسمعوا من الشعب أيضاً، لا أن يظهروا أمامه للخطابة الفارغة، وإظهار التأييد بالهتاف.

    فهل يا ترى يجد زعماؤنا في نفوسهم ميلاً أو استعداداً لذلك؟ هذا سؤال ستجيب عليه الأيام القادمة إن شاء الله، وعلى ضوء الإجابة عليه ستتحدد مواقعهم من هذا الشعب. فلابد للشعب أن يرتفع، ليمسك قضيته في يده، ويملك القدرة على التمييز. ويومئذ لن يطمع فيه جاهل ولا مضلل.


                  

العنوان الكاتب Date
طه ابوقرجة عن اتفاقية ماتشاكوس 2 من 3 baballa05-10-03, 03:11 PM
  Re: طه ابوقرجة عن اتفاقية ماتشاكوس 3 من 3 baballa05-11-03, 03:09 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de