|
Re: الفنانة أصالة في السودان (Re: Galag)
|
هذا الموضوع نشرته مجلة منابر التي تصدرها الجالية السودانية بمدينة ايوا سيتي
عجيب الحنطور!! مسكين الفيل!!
جمال الدين بلال
شهدت بداية الثمانينات من القرن الماضي أعظم زفاف للعصر عندما تزوج الأمير تشارلز بالأميرة ديانا. استمرت الاحتفالات التي شهدتها البشرية جمعاء عدة أيام ودارت الحياة بوتيرتها العادية وبعد سنوات تدهورت العلاقة بين الأمير والأميرة وانتهت إلى الانفصال وثم بداية اجراءات الطلاق. وفيما بين هذا وذاك برزت الأميرة ديانا كملكة غير متوجة في قلوب الناس. تناسى الجميع أخبار صحافة التابلويد المثيرة و عندما تعرضت الأميرة وصديقها المليونير العربي المشهور الفائد لحادث مرور مميت، خرجت كل المملكة المتحدة تشارك في يوم تشييعها لمثواها الأخير. ربما كان الحضور أكثر كثافة مما كان عليه الحال يوم الاحتفال بزفافها. تذكرت هذه القصة وأنا استمع لرواية عن حفل زفاف حدث في مدينة الخرطوم، عاصمة إحدى أفقر الدول في العالم. أوردت قصة الأمير والأميرة للمقارنة والمفارقة. هل يا ترى حاول والد عروس الخرطوم أن يرفع مكانته الاجتماعية والاقتصادية لمصاف الملوك أو بيل قيت على اسوأ الفروض؟ رأى والد العروس، وهو مربي له اكاديمية تعنى بتعليم الناس أحدث ما توصل إليه العلم في مجال الكمبيوتر وبرمجته، رأى هذا الوالد أن يغير شكل احتفالات الزفاف فأبى إلا ال تمتطي ابنته ظهر فيل!! أي والله، ظهر فيل، عوضا عن الهودج الذي كان الشكل السائد لعرائس القرن التاسع عشر والذي ما زال يسود في بعض بوادي السودان. لم يكتف الاستاذ المربي بهذا فقط، ،إنما أصر ان تزف ابنته وزوجها وهم يركبون حنطورا يشق شوارع مدينة الخرطوم تتبعه قافلة من سيارات المرسيدس يسيرون الهوينا إلى مكان الاحتفال بالنادي السوري. لم يكن هذا كافيا أيضا لرفع مستوى الزفاف لمصاف الاحتفالات الملوكية، فقرر المربي أن تصدح في ليلة زفاف ابنته الفنانة المشهورة (أصالة). يقول الراوي أن والد العروس دفع ( أربعين ألف دولار) للفنانة أصالة لتغني في حفل عرس ابنته. لكم أن تتصوروا ما يمثله هذا المبلغ من المال بالنسبة للأسرة السودانية المتوسطة، وبعملية حسابية بسيطة يمكن أن يكفي هذا المبلغ احتياجات مئات الأسر في سنة كاملة. عندما استمعت لهذه الرواية، لم استغرب، إنما احسست أن هناك من يحاول أن يستفز هذا الشعب الطيب والكريم والغني بصمته وازدرائه. كما لم أحاول أن أجتهد في معرفة الأسباب التي أدت لظهور مثل هذا السلوك الغريب والشاذ في بلد كانت تسود فيه مظاهر التقشف والزهد والتعاون والتعاضد فاصبح مثل " الفقراء تقاسموا النبقة" على كل لسان. يكفي أن البلاد كلها أصبحت تنهشها بنات اوى والكلاب الضالة والطفيليون وأغنياء الحروب والمدارس والجامعات الخاصة. لم يكن في تصوري يوما أن يثيرني سلوك شخصي إلى الحد الذي أخصص له مساحة في ذهني وأكتب عنه موضوعا ليقرأه الناس باعتبار أن كل شخص حر في ما يصنع في حياته الخاصة. غير أن مثل هذا التصرف تعدى مرحلة السلوك الشخصي ليلمس أمان أهلنا الاجتماعي والاقتصادي والسياسي ويعرض مستقبل الأسر السودانية للخطر. أنه استفزاز مدمريستوتجب الاستهجان من الجميع والعمل على حماية المجتمع من استشرائه.
|
|
|
|
|
|
|
|
|