المفكر نصر حامد أبو زيد لـ(الزمان): ثمة ظلاميون يتربصون بروح النص

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-15-2024, 06:19 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-12-2003, 10:08 PM

أبنوسة
<aأبنوسة
تاريخ التسجيل: 03-15-2002
مجموع المشاركات: 977

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ولقاء آخر مع المفكر نصر حامد أبو زيد (Re: أبنوسة)

    فلنبتعد قليلاً عن مشكلة الهوية في علاقتها بالنص القرآني، من أجل إعادة صياغة بعض الأسئلة التي يطرحها المستشرقون والتي لا تزال بعيدة عن النقاش والنقد لدى المختصين بالدراسات القرآنية داخل إطار الفكر العربي والإسلامي. كمثال: لماذا لم يأمر الرسول، خلال كل فترة الوحي وحتى مماته، بجمع آيات القرآن وحفظها داخل كتاب، بل تم ذلك في عهد الخليفة عثمان بن عفان؟ كيف تحوَّل القرآن من نص شفاهي تحفظه الألباب إلى نص موثَّق ومكتوب؟ ولماذا؟ وماذا يمكن القول عن حال اللغة العربية في ذلك الزمن وخلوِّها من التنقيط؟ وماذا عن منزلتها كلغة بشرية، لم تتوقف عن التطور والتبدل، وعلاقة ذلك بقدسية النص القرآني باعتباره كلام الله المنزَّل بلسان عربي؟ ما رأيك: ألا يجب على المفكرين الإسلاميين أن يخوضوا في هذه القضايا؟ أم يجب تركها حكراً على المستشرقين؟
    بالتأكيد تجب عودة الباحثين العرب إلى هذه القضايا، وتغطية تاريخ القرآن، وكيف تحوَّل من نص شفاهي إلى نص موثَّق ومكتوب، وليس فقط في عصر الخليفة عثمان، حيث لم يكن النص مقروءاً بسهولة، لكونه كان خالياً من التنقيط ومن علامات الحركات، وصولاً إلى النسخة التي هي اليوم في أيدينا، بنقطها وعلامات الحركات. لكن هذا كله لا يزال يدخل في إطار اللامفكَّر فيه. وأنا كنت واعياً لهذا تماماً عندما كتبت مفهوم النص؛ لكنني استبعدتُه مؤقتاً، لأنني كنت مشغولاً ببلورة مفهوم للنص وبالقيام من داخل علوم القرآن التقليدية بمحاولة قراءة حديثة لهذه العلوم. وقد ظهر لي مفهوم التاريخ، بمعنى أن القرآن نص تاريخي وثقافي. وهذا ولَّد لدى بعضهم أزمة لا تزال مستمرة. إذ فُهِمَ من "التاريخي" أنه زماني؛ ومن "الثقافي" فُهِمَ أن المقدس قد تَأنْسَن. ومع ذلك، هناك في كتاب مفهوم النص إشارات واضحة لاحتمالات دراسة أوسع في المستقبل. فهذه الأسئلة عن تاريخية النص ولغته وتوثيقه أقوم اليوم بدراستها من خلال منهج النقد التاريخي، بدون إحساس بالخوف أو بالخطر، لكن بمحاذير لا يمكن أن نقلل من شأنها.
    لقد انفتح أمامي أفقٌ يفكِّك الأسْطَرَة التي ربطت ربطاً عضوياً تاماً بين لغة القرآن ورسالة القرآن، متوهِّمة أن لغة القرآن هي نفسها مقدسة ومنزلة.
    نصل إلى نقطة أساسية، أشرتَ إليها في إحدى مقالاتك الأخيرة، من خلال إيراد رأي جلال الدين السيوطي بأن القرآن أوحي إلى سيدنا محمد بالمعنى فقط، وأنه هو الذي وضع صياغته باللغة العربية. هذا الرأي يفتح على آفاق واسعة ويُحيلنا على فكرة جوهرية تقول إن القرآن مكتوب بلغة بشرية. وهذه اللغة تتطور قبل القرآن وبعده، وهي بمثابة كائن حيٍّ يتبدل بالاحتكاك مع الواقع من خلال تبدل دلالات الألفاظ ومعانيها واستخداماتها. لكن رغم ذلك، تبدو اللغة العربية اليوم لبعضهم وكأنها اللغة الوحيدة في العالم التي تتمنَّع في قواعدها النحوية على التغيير؛ فكأنها شيء مقدس!
    هذا وهم وغير صحيح! فالتركيب العربي اختلف وتبدلت بنيتُه، وإن كان النحو المعياري قد بقي على حاله.
    أنا متفق معك تماماً! ويكفي أن نقارن لغة الصحافة والأدب اليوم بلغة النصوص القديمة لندرك الحجم الهائل للتبدل والتطور الذي عاشته، وتعيشه، اللغة العربية. وهذا خير دليل على كون اللغة كائناً حياً ومتغيراً. ولكنْ لنعد إلى السؤال الأساسي: فأنت، من خلال السيوطي، وضعت يدك على جوهر المشكلة. ومع ذلك، لديَّ إحساس بأنك لا تزال متردداً في الذهاب بالأسئلة إلى منتهاها. وهذا ما نلاحظه أيضاً عند مفكر آخر هو محمد أركون. وكأننا نطرق الأبواب، ولكننا لا نعبرها إلى صلب الأسئلة الحارقة التي، بدونها، لا مجال للخروج من النفق!
    لا أستطيع أن أنكر الذي تقوله. التردُّد موجود في داخلي؛ لكنه لا ينبع من خوف على شخصي، بل يأتي من كونك تعمل في إطار أنموذج paradigm ثقافي تحاول اختراقه. ومهمة اختراق النظام المعرفي السائد والمستقر تتطلب أن تؤسِّس لنظام معرفي جديد. هذه المهمة لا يقوم بها شخص بمفرده، بل تتأسَّس من خلال التراكم. ونحن، حتى هذه اللحظة، نعمل على النظام المعرفي الذي أسَّسه الشافعي في القرن الثالث الهجري. هذا النظام المعرفي قائم على أن النص مقدس لأنه لغة ورسالة ليسا من صنع البشر. ومحاولة اختراق هذا النظام معناها أن تبيِّن أنه إذا كانت الرسالة إلهية فإن اللغة ليست إلهية، بل هي بشرية. وهذا ليس شأن القرآن وحده، بل شأن الكتب المقدسة كلها. أما الوحي فهو مفهوم مرتبط تماماً بنظام من التواصل غير اللغوي؛ وتالياً، فوحي القرآن للنبي محمد لم يكن عبر النظام اللغوي. وعليه، فإن صياغة الرسالة إنسانية. الآن، من أجل تأسيس فهم كهذا لا يكفي أن نتناول لغة القرآن، ولكن يجب العودة إلى تأسيس القواعد اللاهوتية التي تسمح بذلك.
    لكن تأسيس قواعد لاهوتية كهذه، هل يدخل في إطار دور الباحث، أم هو منوط برجال الدين؟ ولماذا لا يزال منهج النقد التاريخي عاجزاً عن الدخول بأسئلته إلى داخل الفكر الديني؛ إذ نراه أحياناً أسير محرَّمات هذا الفكر؟
    بالنسبة إلى الشق الأول من السؤال، فإن تأسيس قواعد لاهوتية جديدة هو بالتأكيد من مهام الباحث. نحن نخرج هنا من دائرة الإصلاح الديني وندخل في دائرة النقد التاريخي. وهذا الفرق حصل منذ 1967. أما في ما يخص الشق الثاني من السؤال، فالصورة تبدو كذلك؛ لكنها صورة خاطئة. وسأعطيك نموذجين لفكر ديني تقليدي يعمل وفق آلياته الخاصة، لكنه متأثر بالتحدِّي الذي يطرحه منهج النقد التاريخي، وإنْ لم يعترف بذلك. المثال الأول هو فتاوى الشيخ يوسف القرضاوي في خصوص علاقة الرجل بالمرأة، وما يرتبط بحياة المسلم في أوروبا. فالقرضاوي، وإن كان لا يسلِّم بفكرة التاريخ لكونها خارج إطار وعيه، متأثر بالتحدي الذي تطرحه هذه الفكرة، وهي فاعلة، رغماً عنه، في نطاق الفتاوى التي يصدرها من خلال المجلس الأوروبي للفتاوى. وهذا ما دفعه إلى القول بأنه يجوز للمرأة غير المسلمة التي تحوَّلت إلى الإسلام أن تبقي زواجها من غير المسلم. وإذا كان القرضاوي لم يبنِ اجتهاده على قاعدة ثورية في اللاهوت، أو على قاعدة الحرية، بل على قاعدة الدعوة، ومن أجل تحبيب الناس بالإسلام، فإن داخل قاعدة الدعوة التي يعلنها، وداخل هذه الفتوى، توجد كل إجراءات النقد التاريخي.
    والمثال الثاني هو رد شيخ الأزهر الطنطاوي على مرشد "الإخوان المسلمين" مصطفى مشهور حول موضوع الأقباط والجزية. فالشيخ الطنطاوي قال إن الجزية كانت ممارسة تاريخية. وإذا أنتَ جلستَ مع الشيخ الطنطاوي وسألته: "ممارسة تاريخية إزاي؟ ده قرآن!"، بمعنى أن تسأله: "هل تقول بأن هذا النص القرآني أصبح غير صالح؟" فأنت تكشف له هنا أن مفهوم القرآن، كنص تاريخي، تسلَّل إلى لاوعيه. إن العلاقة التي تبدو ساكنة بين الخطاب الديني ومنهج النقد التاريخي في أفق الخطاب العام، مردُّها إلى أن هذا الخطاب في يده مؤسَّسات، وفي يده سلطة، وهو متماهٍ مع السلطة؟ مع ذلك، فالأسئلة التي تقول أنتَ بامتناعه عليها هي نافذة إليه. وعلينا هنا أن نرى قدرة الهامش على اختراق المركز وإحداث حِراك فيه. بعد 11 أيلول، أصبحت هناك حمَّى اسمها "تجديد الخطاب الديني". طبعاً داخل هذه الحمَّى، قد يكون هناك خطاب سِجالي أو دفاعي أو اعتذاري. لكن على الأقل هناك تسليم بأن الأمر لم يعد يحتمل هذا الجمود.
    إذا كان الأمر لم يعد يحتمل هذا الجمود فلماذا تردَّد الباحث الذي أشرت إليه قبل قليل؟
    السؤال الذي يطرحه بعضهم عليَّ باستمرار، في هذه اللحظة، هو: إن الناس تموت باسم الأسطورة؛ وعدوك يوظف أسطورته، في شكل أو في آخر. فكأنك تريد أن تفكك لنا أسطورتنا من أجل أن يهزمنا الآخر بأسطورته. ويقولون: إننا الآن في خطر لا يحتمل ترف الاشتغال على النص والتأويل.

    طبعاً جوابي أن هذا ليس بالترف، وأن الفشل الذي نحن فيه عائد، في جزء منه، إلى تجمُّد وعينا. وإذا كنا نريد أن نحارب بأسطورتنا، فأسطورتنا قائمة على أسطورة العدو، وهي، تالياً، أضعف لأنها قائمة على أسسه. فهو يحاربك بالأسطورة إيديولوجياً، لكنه يحاربك بالعلم والعقل والوعي فعلياً.
    إذاً أنا متفق معك أن طرح الأسئلة يجب ألا يتوقف، ويجب أن نذهب بالأسئلة إلى منتهاها. وإذا كنت أنا أحد المتردِّدين – وهذا ما لا أنكره – فلأني لست بالمدَّعي. ففي النهاية، أنت تعمل في مناخ ثقافي لا تسلِّم به كلية، لكنك لا تستطيع أن تتجاهل أنك تريد أن تنتج خطاباً يجد قبولاً، وينفذ، وإن كان لا يجد إعجاباً. وهذا ما يسمِّيه محمد أركون بـ"الترضيات الضمنية"، أي أن تنتج نقداً لفكر أنت تنتمي إليه بالضرورة؛ بمعنى أنك تنتج نقدك من داخله، وأنت محكوم بقواعد إنتاج المعرفة فيه، حتى لو كنتَ رافضاً القواعد. إذاً نحن هنا في مأزق! وما أسهل الذي يكتبه صادق جلال العظم، على أهميته، لأنه يأتي من الخارج، أي من خارج دائرة الإيمان.
    نحن نتكلم هنا عن مجتمع وثقافة ومؤسَّسات؛ وأنت تطلب من المفكِّر أن يخترق المؤسَّسات بكتاب أو بمحاضرة أو ببرنامج تلفزيوني يتكلم فيه خمس دقائق، يُحذَف منها نصف الذي قاله! ومع ذلك، فهو يقوم بهذا عملياً، ولكن بإمكانات هي أقل بكثير من إمكانات هذه المؤسَّسات. فلنقل إن أي كتاب لا يمكنه أن يُحدِث اختراقاً إذا لم يتحول إلى ثقافة عامة عن طريق وسائط نقل المعرفة، من مستواها إلى مستوى وعي الناس. وهذا غير متحقق لنا، بسبب غياب الديموقراطية، وغياب الحرية، وغياب مؤسَّسات وسيطة، حاملة وناقلة للمعرفة، وبسبب سيطرة السلطة، في أشكالها المختلفة، على وسائل الإعلام. طبعاً أنا هنا لا أضع معوِّقات لنفسي، ولكن أكشف لك حدود تأثير ما أكتبه.
                  

العنوان الكاتب Date
المفكر نصر حامد أبو زيد لـ(الزمان): ثمة ظلاميون يتربصون بروح النص zumrawi04-12-03, 02:48 AM
  ولقاء آخر مع المفكر نصر حامد أبو زيد أبنوسة04-12-03, 10:02 PM
    Re: ولقاء آخر مع المفكر نصر حامد أبو زيد أبنوسة04-12-03, 10:07 PM
      Re: ولقاء آخر مع المفكر نصر حامد أبو زيد أبنوسة04-12-03, 10:08 PM
        Re: ولقاء آخر مع المفكر نصر حامد أبو زيد أبنوسة04-12-03, 10:11 PM
          Re: ولقاء آخر مع المفكر نصر حامد أبو زيد أبنوسة04-12-03, 10:11 PM
            Re: ولقاء آخر مع المفكر نصر حامد أبو زيد Dr.Elnour Hamad04-13-03, 12:20 PM
  Re: المفكر نصر حامد أبو زيد لـ(الزمان): ثمة ظلاميون يتربصون بروح النص zumrawi04-14-03, 06:12 AM
  Re: المفكر نصر حامد أبو زيد لـ(الزمان): ثمة ظلاميون يتربصون بروح النص THE RAIN04-14-03, 03:31 PM
    Re: المفكر نصر حامد أبو زيد لـ(الزمان): ثمة ظلاميون يتربصون بروح النص doma04-14-03, 04:20 PM
      Re: المفكر نصر حامد أبو زيد لـ(الزمان): ثمة ظلاميون يتربصون بروح النص هدهد05-10-03, 02:18 AM
        Re: المفكر نصر حامد أبو زيد لـ(الزمان): ثمة ظلاميون يتربصون بروح النص هدهد05-10-03, 02:28 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de