|
ترجل يا عمرو موسي (Re: OmDur)
|
لا اعرف الي ماذا يستند وزراء الخارجية العرب المجتمعون في القاهرة عندما يطالبون من امام عدسات التلفزة، بوقف فوري لاطلاق النار في العراق. فالحقيقة الواضحة للعيان التي تغيب عن ذهن هؤلاء، تتلخص في انهم وحكوماتهم التي يمثلونها، والجامعة العربية التي يجتمعون في كنفها، باتوا كماً مهملاً، فاقد الاحترام والتأثير، عديم الجدوي، لا يأبه به أحد، ولا يستمع اليه احد. فالنظام العربي الرسمي الذي يمثله هؤلاء، ويستظلون بظله، سقط وانتهي عمره الافتراضي، وبات ممددا علي مشرحة التغيير، سواء من قبل حلفائه الامريكان الذين مدوه باسباب الحياة والبقاء علي مدي الخمسين عاما الماضية، او علي ايدي الشعوب العربية المقهورة التي عانت من الظلم والقمع والفساد. نفهم ان يطالب هؤلاء بوقف اطلاق النار لو ان كلمتهم مسموعة في العالم، او انهم يمثلون دولا عظمي تتمتع بالعضوية الدائمة في مجلس الامن الدولي، وتملك ترسانة نووية ضخمة وعشرات السفن الحربية وحاملات الطائرات، ولكن الحال ليس كذلك، ولن يكون كذلك في المستقبل القريب. الحكومات العربية تآمرت علي العراق ومازالت، والزعماء العرب اكثر حزناً وغضباً من نظرائهم في واشنطن ولندن ومدريد لتوارد انباء الصمود العراقي المشرف. فقد كانوا يأملون سقوط العراق في الثانية الاولي من الجولة الاولي بالضربة القاضية، ولكن امنياتهم لم تتحقق فاصيبوا باكتئاب عظيم نأمل ان يطول. وزراء الخارجية العرب باتوا عاطلين عن العمل، لان الدبلوماسية العربية التي يمثلونها باتت الافشل في العالم بأسره، فالقوات الامريكية الغازية للعراق تنطلق من قواعدهم الارضية والبحرية، والطائرات تخترق اجواءهم ولا يستطيعون ان يحركوا ساكناً. السيد عمرو موسي امين عام الجامعة العربية يجب ان يستقيل وان يقف وقفة عز متوقعة منه في هذا الظرف الحرج، اذ لم يعد مقبولا منه ان يتستر علي عورات هذا النظام المهترئ بالكلمات المنمقة والمحسنات اللفظية، فذلك اشرف له ولتاريخه في الدبلوماسية العربية، فلم يعد هناك مجال ليرش علي الموت سكرا. جميع الدول التي تشارك في هذا العدوان اتفقت مقدماً علي ثمن هذه المشاركة مساعدات مالية او مكاسب سياسية واقتصادية، الا الحكومات العربية، فهي تدفع من جيبها ثمن عمالتها، واستخدام قواعدها. السيد طه ياسين رمضان نائب الرئيس العراقي لم يسم هذه الدول المتواطئة في العدوان اتقاء للمزيد من شرورها، ولكننا لن نتردد في ذلك ونقول انها قطر والسعودية والبحرين والكويت والامارات. كل حسب دوره وقربه من العراق وحدوده. الحكومات العربية عجزت عن مساندة شعب شقيق يذبح، وحاولت ان تغطي عجزها باختراع مبادرات انهزامية مثل مطالبة الرئيس العراقي بالتنحي، وعندما فشلت في تمرير هذه المبادرة، انتظرت النصر الامريكي السريع ليخلصها من حال الحرج التي وقعت فيها، ولكنه نصر ما زال بعيد المنال، وان تحقق فسيكون مكلفاً جداً لاصحابه وحلفائهم في المنطقة.
العراق قاوم العدوان برجولة وشجاعة، وجاء صموده مفاجأة للجميع، باستثناء الشعوب العربية الشريفة التي لم تفقد املها مطلقاً بقدرة الانسان العربي المسلم علي تحقيق المعجزات، والتصدي للغزاة ببسالة دفاعاً عن ارضه وعرضه وكرامته. النجاحات العراقية المبهرة في ميادين القتال تحققت لان الانسان العراقي اعتمد علي نفسه، في الدفاع عن ارضه، ولانه بات يقتدي بشباب الارض المحتلة وتضحياتهم الهائلة في مواجهة آلة الارهاب الاسرائيلية الجبارة. فحتي قبل انطلاق اول صاروخ امريكي علي بغداد الصمود، كان التاريخ العربي يكتب علي اساس مرحلة ما قبل مخيم جنين وما بعدها، وغداً ستضع معركة بغداد مفصلاً مشرفاً وصفحة انصع في التاريخ العربي الحديث. الشعب العراقي انتصر علي عقدة الخوف ، وتجاوز الايام الثلاثة الاولي الاصعب، وهي ايام حاسمة، وفشلت القنابل الامريكية الحديثة في ارهابه وتهبيط معنوياته، ولذلك سنري مفاجآت اكبر من تلك التي شاهدناها حتي الان، خاصة عندما تبدأ المعركة الحقيقية في بغداد. الامريكيون حققوا تقدماً كبيراً نحو بغداد ولكن في الصحراء، فالمشكلة ليست في الوصول الي العاصمة العراقية عبر الصحراء، وانما في الدخول اليها، وبعد ذلك في الصمود داخلها، حيث تنتهي اسطورة التفوق التكنولوجي، وسطوة القاذفات العملاقة من طراز بي 52 ، وتبدأ حرب الشوارع، التي تتصدر الشجاعة صدر ابجدياتها. فاذا كان ميناء ام قصر ، الذي اصبح شارعين ونصف الشارع، بعد ان استولي الكويتيون علي نصفه بقرار ترسيم حدود ظالم من الامم المتحدة، صمد خمسة ايام بلياليها، وعجزت كل التكنولوجيا العسكرية الامريكية المتقدمة في الاستيلاء عليه، فكيف سيكون الحال عندما تحاول هذه القوات الغازية اقتحام بغداد الشامخة. امريكا تورطت في رمال العراق الساخنة المتحركة، مثلما تورطت في استثارة حمية شعب يملك ارثاً تاريخياً عريقاً في الشجاعة والشهامة، واذا كان دخولها بغداد سيكون مكلفاً ودموياً، فان خروجها سيكون اكثر دموية، وربما يكون بداية النهاية للامبراطورية الامريكية في بداية تمددها.
الحرب الامريكية علي العراق انهت الامم المتحدة، وانهت النظام العربي، واسدلت الستار علي المعارضة العراقية المتأمركة، واعادت الثقة الي الانسان العربي، ولن نستغرب اذا ما جاءت مقدمة لتغيير شامل ونهضة عملاقة. العراق الامريكي الجديد الذي يحلم به بوش وحلفاؤه لن يكون ديمقراطياً، وانما محيط من الفوضي وعدم الاستقرار، وارض خصبة للتطرف بكل انواعه، ونقطة استقطاب لكل المتمردين والمجاهدين العرب ضد الاحتلال الامريكي والانظمة العربية المتعاونة معه. فعندما يفتي العلامة محمد حسين فضل الله بضرورة التصدي للغزو الامريكي، باعتباره غزوا للعراق، وليس موجهاً ضد النظام، وعندما يطالب الشيخ حسن نصر الله زعيم حزب الله بالمقاومة ويحرم التعاون مع الغزاة، فكيف ستنتصر الولايات المتحدة في هذه الحرب، وكيف سيطيب لها المقام؟ انها بداية الانهيار ليس للانظمة المتخاذلة فقط، وانما لوعاّظ السلاطين، وشيوخ الازهر وكل من لف لفهم
عبد الباري عطوان
http://www.alquds.co.uk 2003/03/25
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
عبد الباري عطوان | Ridhaa | 02-06-03, 06:47 AM |
Re: عبد الباري عطوان | Ridhaa | 02-06-03, 04:44 PM |
Re: عبد الباري عطوان | OmDur | 03-29-03, 04:53 PM |
Re: عبد الباري عطوان | OmDur | 03-29-03, 04:58 PM |
Re: عبد الباري عطوان | OmDur | 03-29-03, 05:03 PM |
Re: عبد الباري عطوان | OmDur | 03-29-03, 05:12 PM |
Re: عبد الباري عطوان | Ridhaa | 03-29-03, 05:03 PM |
Re: عبد الباري عطوان | OmDur | 03-29-03, 05:16 PM |
ترجل يا عمرو موسي | OmDur | 03-29-03, 05:21 PM |
Re: ترجل يا عمرو موسي | ايهاب | 03-29-03, 05:55 PM |
|
|
|