أسئلة مهمة الى قرنق ... والشعب السوداني

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-18-2024, 03:39 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-28-2003, 03:46 PM

Moawia Yassin
<aMoawia Yassin
تاريخ التسجيل: 09-10-2002
مجموع المشاركات: 31

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أسئلة مهمة الى قرنق ... والشعب السوداني

    سلام الرؤوس الثلاثة هل يمسح مرارات الماضي ويرمي * سودان الرؤوس الثلاثة والمزاوجة بين المشروع الحضاري ورؤية السودان الجديد!

    يبدو أن السلام الذي بات على الأعتاب يَعِد بنقل السودان من مرحلة الثنائيات (هلال-مريخ، أمة-اتحادي، صحافة-أيام وهلم جراً) الى شراكة الرؤوس الثلاثة التي ستهيمن على "السودان-الحضاري-الجديد": الرئيس الفريق عمر حسن البشير، ونائبه الأول العقيد الدكتور جون قرنق دي مابيور، ونائبه الأول-الثاني علي عثمان محمد طه.
    قدرالسودان دوماً أن يتنازع أمره طرفان. وقد تضيف أطراف ثالثة نفسها الى اللعبة، لكنها مهما كانت جديرة بالإعجاب وقادرة على تحقيق المنجزات، لا تستطيع مطلقاًً أن تنتقص من هالة القمتين اللتين تتنافسان كأن الساحة تخلو من ثالث لهما. فثمة فرق رياضية عدة جديرة ومؤهلة وتضم لاعبين مقتدرين، لكن الكرة عند السودانيين هي في نهاية المطاف تلك التي يلعبها "الهلال" و"المريخ". ومع أن الساحة السياسية تعج بأحزاب كثيرة ومتنوعة، كحزب البعث (جناح سوريا)، وحزب البعث (جناح العراق)، وحزب "البهجة"، وحزب الأمة جناح الإصلاح والتجديد، والحزب الوطني الإتحادي جناح الأمين العام، والحزب الناصري، لكن الساحة لا تعبأ إلا بمناورات الحزبين الكبيرين، وبما يقوله "سيداهما".
    كان ذلك هو مشهد الحياة العامة في السودان حتى منتصف العام 1989، حين وقع الإنقلاب العسكري الذي تزعمه الفريق عمر حسن البشير. وأضحى ذلك الموعد مهماً في التاريخ السياسي الحديث للبلاد. فقد ظهر في الأفق من يبشر السودانيين بإنتهاء إزدواجية الحزبين الكبيرين، ونفوذ زعيميهما الصادق المهدي ومحمد عثمان الميرغني، لتظهر إزدواجية جديدة من رحم العدم: الدكتور حسن عبد الله الترابي والفريق الركن عمر حسن أحمد البشير. وهي الثنائية التي قيض لها أن تبقى نحو عشر سنوات قبل أن تواجه مخاطر التفكك والإنهيار، بسبب التناحر والصراع على السلطة، والعجز عن إنقاذ السودان. وتحولت المعركة بين الثنائي الجديد في ساحة السياسة السودانية حرباً هوجاء، على الأصدقاء قبل الأعداء، وعلى أهل البيت قبل الجيران. حتى صارت عداء شخصياً، وصراعاً من أجل البقاء، وحرباً تستخدم فيها أقصى مهارات الدهاء والمكر والخديعة، ولا تلويح فيها إلا بالقوة الماضية البتارة.
    وانتهى الأمر بالاقصاء. نُقل الترابي الى منزل حكومي ذي أثاث فخم، وبقي فخامة الفريق في القصر. ولكن هل انتهت بذلك الازدواجية التي شكا الفريق من آلامها وأهوالها أمام الملأ عبر شاشات التلفزة؟ لا. لأن ازدواجية أذكى وطدت أقدامها في القصر نفسه: الرئيس ونائبه الأول الذي يدير البلاد من وراء ستار!
    لا يجدر بالمرء أن يبدي تشاؤما فيما تلوح بوادر السلام، غير أن الأمور تشي، بشكل لا لبس فيه، أن دولة اتفاق السلام المقبل ستحدث توسيعاً في نطاق تلك الازدواجية، لتصبح ثلاثية الرؤوس: البشير وعلي عثمان والعقيد الدكتور جون قرنق. ومهما حاولنا التشبث بالتفاؤل والنأي عن التشاؤم لنعطي الدولة الجديدة، الآتية بسرعة النيازك والشهب، فرصة، إلا أن الحدس ينبئنا بأنها لن تختلف شيئاً عن ازدواجية الترابي-البشيرثم البشير-علي عثمان. والله وحده يعلم ماذا سيكون نصيب قرنق الحقيقي من السلطة، بعد أن يدخل مكتبه الجديد في القصر الجمهوري، وبعد انقضاء "شهر العسل" الذي سيقوم خلاله بزيارات لأصقاع البلاد ليشرب القهوة في المتمة وأماكن أخرى.
    الدولة الآتية ستكون في نهاية المطاف حاصل قسمة بين الجيش الشعبي لتحرير السودان وحكومة الجبهة الاسلامية القومية التي تعتبر مشاركة الوسطاء الأمريكيين والايطاليين والدنماركيين والنرويجيين في مفاوضات السلام والتعهدات التي سيقدمونها لإسناد السلام اعترافاً بشرعية حكمها للسودان. وهو بالطبع منطق معوج. لأن مبادئ العدالة الطبيعية والعرف السليم والفطرة تؤكد المبدأ الشرعي القائل بأن ما بني على باطل يبقى باطلاًً مهما تمت محاولات تجميله وتمويهه وتدبيجه بلباس الحق.
    إن من حق الشعب السوداني أن تعاد اليه ديمقراطيته التي وأدتها الجبهة الإسلامية القومية في 1989، بعدما جهد في انتزاعها بنضال مرير استمر طوال سنوات نظام الرئيس السابق جعفر نميري الست عشرة. ومهما تم فرض حكم الأمر الواقع (DE FACTO) خلال سنوات انقلاب الفريق البشير، فلا يمكن إيجاد مسوغ يضفي شرعية على الخطوات التي أقدم عليها نظامه في شأن القضايا القومية الكبرى محل الخلاف والتنازع. هل فوضه السودانيون بإجماع، ولو يسي،ر أن يمضي في الحرب الأهلية على هذا المسار الذي انتهى بتقويض قدرات الجيش القومي، وترسيخ التنافر بين أبناء الشعب من خلال اطلاق النداءات الجهادية، وإضفاء البعد الديني على الحرب التي انتهت الى التفاقم ليس في الجنوب وحده، بل شملت الشرق والغرب وجنوب غرب البلاد؟ مَن مِن السودانيين فوّضه ليختط "ثوابت وطنية" جعلها سقفاً أعلى لنظامه وأدخل البلاد بسببها في متاهة عزلة كبرى وفقر مدقع وعداء بين جماعات الأمة؟
    لقد بدت تباشير السلام. لكنها لم تأت نتيجة لإخلاص البشير ونظامه وبحثهما الجدي عن السلام. بل جاءت نتيجة الضغوط الاقليمية والدولية، ومن جراء الخوف المرعب الذي أثاره "المشروع الحضاري" الذي ابتدعته عقلية الدكتور حسن الترابي. هل سينسى السودانيون وجيرانهم أهوال المشروع التي بدأت ببيوت الأشباح، وسَوق الصغار الى الجبهات والخنادق، وانتهت باستضافة أسامة بن لادن وكارلوس ابن آوى وراشد الغنوشي واخوان ليبيا، وتهجم الرائد يونس على الملك فهد والرئيس حسني مبارك وغيرهما من زعماء المنطقة؟ هل هذا هو المشروع الذي يحلم السودانيون قاطبة بتطبيقه وتحكيمه؟
    قد يقول قائل إن السلام يوجب الصفح والسماح والغفران. ولكن هل الصفح عما حدث في السودان منذ 30 يونيو 1989 حتى اليوم ممكن؟ وحتى إذا تنادى السودانيون للدعوة الى الصفح والصلح، من منهم يستطيع أن يقنع أصحاب الوجعة، من قتل أبناؤهم، ومن أهينت كرامتهم، ومن قطعت أرزاقهم، ومن مرغ شرف عائلاتهم في وحل الاغتصاب والإساءة والتعذيب؟
    ومن سيقنع السودانيين الذين تتعدد انتماءاتهم وتتباين قناعاتهم الفكرية وولاءاتهم العشائرية والطائفية بأن "الناس ديل" تغيروا حقاً؟ ومن سيقنع السودانيين بالتوافق على دولة جديدة يظل مسؤول الأمن الأول فيها علي عثمان، وواجهتها الرئاسية الفريق البشير الذي اعترف على رؤوس الأشهاد، بعدما أعلن قرارات الرابع من رمضان، بأنه عضو في تنظيم الجبهة الإسلامية القومية؟
    إن ازدواجية الرأسين لا تزال أمراً مخيفاً بالنسبة الى السودانيين. لسبب بسيط: أن بنود الرأسين وتنظيمهما ليست بنود السوداني العادي أو السودانية العادية. والحقيقة أن الجبهة الاسلامية لم تختف من على ظهر الوجود بعدما أعلن الترابي حلها بعيد انقلاب 1989. كالعهد بها أخذت مظهراً جديداً يناسب المرحلة. وذلك دأبها منذ أن استولى الترابي على قيادة تنظيم الاخوان المسلمين، مستبعداً زعاماته المؤسسة، فهي طوراً "جبهة الميثاق الاسلامي"، وتارة "اتجاه اسلامي"، وحيناً "مؤتمر وطني"، وطوراً آخر "مؤتمر شعبي". وليس ثمة دليل على أن رأسي الدولة الحاليين قطعا ما لهما من صلة بحزبهما الذي ترعرعا في كنفه، ليرتديا عباءة القومية ويقضيا الى الأبد على ارتياب السودانيين في بنودهما.
    حتى بعدما حصل الانشقاق في قيادة الجبهة، واختار "التلاميذ" السلطة التنفيذية ومكاسبها وامتيازاتها، تاركين "شيخهم" معلقاً في هواء أوهام قدرته على تحريك الشارع واستجابة الجماهير لإشارة بنانه ضد البشير ومجموعته، عادت القيادة التنفيذية الى الشكل المزدوج لترسيخ غسل الدماغ، وتثبيت الكذبة الكبرى في شأن الهوية الحقيقية للحكم والنظام. ولم يتبدل شيء بعد قرارات رمضان، إذ إن الازدواجية أضحت بين البشير ونائبه الأول، وتحول الدثار الحزبي من صيغة الجبهة الاسلامية القومية الى مظلة المؤتمر الوطني.
    على العقيد قرنق أن يواجه هول ما هو مقبل عليه. فإذا كان "هولاء الناس" قد نجحوا في خداع السفير المصري سعد الفطاطري في 1989 (كما تجري الطرفة الشائعة المنسوبة الى مطرب سئل كيف وقع في فخ التغني لنظام الانقاذ، فرد بأن جماعة الانقاذ استطاعوا أن يخدعوا السفير المصري، فهل سيعجزون عن خداعه وهو البسيط الذي لا يفهم شيئاً في السياسة؟!)، فهل سيصعب عليهم أن يخدعوا قرنق في 2004؟
    لولا خشية الاتهام بالإغراق في التشاؤم، لقال المرء إن دولة السودان-الحضاري-الجديد (وهي منحوتة من المزاوجة الوشيكة بين المشروع الحضاري والسودان الجديد الذي تنادي به أدبيات الجيش الشعبي) ستبدأ أول عهدها برؤوسها الثلاثة، ثم لن تلبث أن تعود الى رأسيها الحقيقيتين.
    يبد أنه ما يزال الأوان مبكراً للقطع بمآلات الأمور. ففي الجنوب قادة ومثقفون يملكون أوزاناً عشائرية مهمة سيكون لهم رأي في هذه القسمة بين قرنق والجبهة الإسلامية. كما أن الساسة الشماليين، مهما كان شأن تمزقات أحزابهم، يستطيعون أن يعبثوا بالأمور بحيث لا تأتي بما تشتهيه سفن الشراكة "الذكية" الجديدة.
    ومن الملاحظ أن غالبية السودانيين الذين ليس لهم انتماء سياسي أو حزبي لم يهللوا للاتفاق السلمي المرتقب. الجبهة الاسلامية وحدها هللت له، وكرست قنواتها التلفازية والإذاعية لمنولوجها المستمر مع ذاتها منذ يونيو 1989. هل هو حدس السودانيين ينبئهم بأن المسألة لن تعدو أن تكون سياسة في سياسة، وأنها إحدى "البرمات" التي ينتجها مصنع الكذب الذي أنشأته الجبهة الاسلامية لتطلق الكذبات وتصدقها وحدها؟
    الله وحده علام الغيوب. نضرع اليه أن يكون سلاماً حقيقياً يهيئ الظروف الملائمة لعودة شتاتنا من أصقاع الدنيا وفجاج الأرض. من منا لا يحب السودان. ولكن أي سودان هذه المرة؟

    ليس من السهل القطع بما ستسير عليه الأمور في نظام"“الرؤوس الثلاثة" الذي سيسفر عنه اتفاق السلام الشامل المرتقب بين الحكومة السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان الذي يتزعمه العقيد جون قرنق. إذ إن من أهم سمات الاتفاق، الذي تؤكد الدلائل أنه أضحى وشيكا، أنه لم يأت برغبة مخلصة من الطرفين ولا بإرادتهما، بل فرض عليهما فرضاً، من دون أن يكتب لأي منهما تحقيق الانتصار العسكري الذي ظل يحلم به منذ اندلاع الحرب الاهلية، وحتى بعد توسيع نطاقها لتشمل الشرق والغرب والجنوب الغربي، الى جانب جبهات الجنوب التاريخية.
    ويجب أن نقر، في المبتدأ، بأن "نظام الرأسين" ذهب الى المفاوضات مهيض الجناح، إثر الهزائم العسكرية التي مني بها في الغرب والشرق وجبال النوبة وجنوب النيل الأزرق، وغالبيتها مناطق لا تخضع لسلطانه. ومع أن الجيش الشعبي ساهم في "احتلال" عدد منها، إلا أن بعضها هزم النظام بإرادة بنيه، مثل دارفور، وبعضها ساهم بنوه مساهمة ملموسة مع قوات الجيش الشعبي في التمرد على إمرة الخرطوم، كما هي حال جبال النوبة والأنقسنا ومناطق البجا في الشرق. لكنه مع ذلك يتمسك بأنه صانع السلام.
    لعل أولى وأبرز العقبات التي سيصطدم بها تطبيق اتفاق السلام انعدام عامل الثقة بين طرفيه. ويزيد هذا العامل خطراً أن الحكومة السودانية تفتقر أصلاً، منذ وقوع الانقلاب الذي أتى بها الى السلطة في يونيو 1989، الى المصداقية لدى شعبها والمجتمع الدولي والقوى الاقليمية. فهي تستصحب (وهذا أحد الألفاظ التي رسختها الجبهة الاسلامية القومية من خلال أدبيات مؤسسها وزعيمها الروحي "السابق" الدكتور حسن الترابي) مشروعاً حضارياً أخاف للعالم أجمع، ينطوي على إقامة دولة دينية متطرفة تؤمن بتصدير الثورة، والتوسع الجغرافي من خلال إلغاء الحدود، واحتضان الفكر الأصولي المتشدد باعتباره نشراً للدين وإعلاء اراية الجهاد، وفرضاً للتعريب والأسلمة. ولم تحدث تحولات ملموسة في أفكار النظام السوداني إلا تحت ضغوط وتهديدات، خصوصاً بعد قصف مصنع الشفا للأدوية في الخرطوم البحري العام 1998 بصواريخ أمريكية، وأيضاً بعد وقوع هجمات 11 سبتمبر 2001 التي أدت إلى رضوخ النظام المناهض لأمريكا لطلب واشنطن نشر فريق من عملاء وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالي في البلاد أكثر من 14 شهراً، تم له خلالها الإطلاع على وثائق النظام المصرفي، وملفات أجهزة الأمن، وزيارة المزارع ومعسكرات التدريب التي كان يخصصها لزعماء المنظمات الأصولية التي تناصب الولايات المتحدة العداء، خصوصاً تنظيم "القاعدة" الذي يتزعمه أسامة بن لادن، الذي أقام في الخرطوم خلال الفترة 1992-1996، والتحقيق مع "الأفغان العرب" الذين زرعوا في المنازل والشقق في مختلف أحياء مدن العاصمة المثلثة.
    وعلى الرغم من أن النظام خفف غلواء دعاياته الأيديولوجية بعدما اشتدت الضغوط الأمريكية التي استهدفته، وبعدما أُحكم عليه خناق العزلة الدبلوماسية، والقطيعة الاقليمية، بعد نجاة الرئيس المصري محمد حسني مبارك من محاولة اغتيال في أديس أبابا العام 1995، اتهمت القاهرة زعماء النظام السوداني بالتواطؤ فيها، إلا أن البنود التي يمكن أن ينتهجها أولئك القادة ما تزال تثير الارتياب والهواجس. وهي بدورها تثير عدداً من الأسئلة المشروعة:
     ماذا سيفعل النظام للاحتفاظ بخطابه الاعلامي "الرسالي القاصد" في شراكته الجديدة مع الجيش الشعبي؟ هل سيقبل أن يتولى منصور خالد أو ياسر عرمان - مثلاً- وزارة الاعلام ليتم الانقلاب بواقع 380 درجة على الخطاب الذي يصدر كل يوم عن إذاعة وتلفزيون أم درمان؟ وهل سيقبل الشركاء الجدد أن يستمر تقديم "في ساحات الفداء"؟ وأن يستمر انتاج برامج التلفزيون القومي في بيوتات الانتاج التابعة للتنظيم الذي يسطر على النظام؟
     ماذا سيفعل النظام بسياسته الخارجية الرافضة للمعونات والعلاقات الوطيدة مع الدول الغربية إذا تولى وزارة الخارجية باقان أموم أو ابراهام (نيال) وليام دينق؟ هل سيقبل التفكيك فعلياً؟ أم أن أمامه ثمة هامشاً للمناورة، كأن يكون الوزير من جماعة قرنق وزيراً لالتقاط الصور وحضور جلسات مجلس الوزراء، بينما الوزير الحقيقي هو مدير المكتب التنفيذي أو وزير الدولة التابع للجبهة؟
     إذا كان قرنق سيأتي بالسياسات التي اتفق عليها مع التجمع الوطني الديمقراطي وتشمل إطلاق الحريات السياسية والصحافية والتزام حقوق الانسان… هل سيتحمل النظام أي قدر من الحريات؟ هل سيسمح لأي صحيفة مستقلة بأن تنتقد النائب الثاني-الأول أو الأول-الثاني علي عثمان محمد طه؟ وهل سيسمح أصلاً بأي انتقاد للفريق البشير؟ هل سيسمح لأي صحيفة بإثارة مظالم حدثت إبان نظام الرأسين السابق والحالي؟
     هل سيقبل النظام التوقيع على أي اتفاقية لمراعاة الشفافية المالية حسب مطالب المانحين والمنظمات التي تمول البرامج الانمائية والإنشائية؟ هل سيسمح بتوضيح موازناته ونفقاته؟
     صحيح أن الاتفاق على تقاسم السلطة والثروة لن يخرج عن نطاق قسمة بنسبة 40% للحكومة و60% للجيش الشعبي وحلفائه. ولكن هل سيقبل النظام التنازل عن المناصب والمكاسب التي أتاحها للجيش العرمرم من أنصاره والموالين له؟ ماذا سيفعل بالمناصب "الواجهة" التي استحدثها لرجال أمنه كمنظمات الشهداء والمجالس القومية الوهمية وغيرها من الشركات الغامضة؟ وماذا سيفعل لأعضائه الذين يشغلون مناصب مزدوجة، بأن يكون الفرد منهم رئيس مجلس قومي أو وزيراً اتحادياً وفي الوقت نفسه يحمل رتبة مقدم أو عميد في أحد الأجهزة الأمنية لزيادة دخله؟
    لقد قال العقيد قرنق إن مسيرة السلام لم يعد ممكناً العدول عنها بعد توقيع اتفاق الترتيبات الأمنية والعسكرية. وفي ظل الضغوط الأمريكية والاوروبية والاقليمية المتنامية لوقف الحرب الأهلية السودانية، يتعين أن نفترض أن السلام بات مفروغاً منه. ولا يجدر بنا أن نتشاءم حيال حدث ظلت بلادنا وأبناؤها - في الوطن والشتات - يتطلعون إليه طويلاً، لكننا لا نريد للبلاد أن تدخل سلاماً ينقطع بنهاية الفترة الانتقالية لتعود دوامة الحرب الأهلية. فمن الواضح أن اتفاق نيفاشا المرتقب سيكون جزئياً وثنائياً، لن يعالج مشكلة شرق السودان، ولن يتضمن شيئاً في شأن غرب السودان (دارفور)، ولن يوضح ضمانات محددة لإبقاء وحدة البلاد. ومع ذلك فإن الشعب السوداني المغلوب على أمره لن يملك سوى الموافقة عليه، والتعايش معه باعتباره مفروضاً عليه، مثلما فرضت عليه الحرب الأهلية، ومثلما فَرض عليه النظام سطوته وبطشه طوال السنوات الأربع عشرة الماضية.
    إن توقعاتنا، طبقاً لاتصالاتنا مع قادة الجيش الشعبي، تنصرف الى أنهم سيفون بتعهداتهم مع التجمع الوطني الديمقراطي، باعتباره يمثل الشريحة الكبرى للرأي العام السوداني. وسيكون في صدارة تلك التعهدات إطلاق الحريات العامة. لكن ذلك لن يتأتى من خلال تعديل القوانين الأمنية فحسب، ولا بإلغاء حالة الطوارئ، بل بإزاحة العقلية الأمنية التي كرست كبت الحريات وتكميم الأفواه. وهي العقليات ذاتها التي تفاوضت مع قرنق في نيفاشا، وتحلم بأن تحافظ على نفوذها ومكرها ودهائها في ظل النظام الجديد. وذلك يتطلب – صراحة - إلغاء جهاز الأمن الحالي قبل بدء الفترة الانتقالية، لمنع تصفية الحسابات بعد أن يصبح التفكيك أمراً لا مندوحة عنه.
    صحيح أن الولايات المتحدة التي وقفت وراء اتفاقات نيفاشا تريد استمرار هيمنة قادة الجبهة الاسلامية القومية على جهاز الامن مع تطعيمه بعناصر من الجيش الشعبي، وذلك عرفاناً بـ "جميل" الجبهة التي تعاونت أمنياً مع واشنطن منذ تفجير سفارتيها في شرق إفريقيا العام 1998، غير أن مبادئ العدل والإنصاف والقانون الطبيعي تملي النظر بعين العدل الى مطالب آلاف السودانيين الذين تضرروا من ممارسات جهاز أمن النظام السوداني خلال الحقبة الممتدة منذ وقوع انقلاب العام 1989 حتى اجتياز العقيد قرنق بوابة القصر الجمهوري. مثل هذه الظلامات لا بد من النظر فيها، وهي لن تسقط بالتقادم، إلا في ظل لجنة للحقيقة والمصالحة على غرار تجربة جنوب إفريقيا، وهو ما لم يحصل في السودان. وإذا كانت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ظلت تطالب بديّة ضحايا تفجير طائرتي لوكربي (198 ويوتا (1989) حتى ظفرت بذلك من الجماهيرية الليبية بعد كل تلك السنوات، فلماذا تستكثر هذه القوى الديمقراطية المهيمنة على العالم على السودانيين أن ينال جلادوهم العقاب الرادع أو يحصل ذوو الضحايا على التعويضات المالية المناسبة؟
    هل سينسى الأهل والأقارب أنهر الدم التي سالت جراء المحاكمات الصورية وجراء التعذيب في بيوت الأشباح والمعتقلات؟ وهل سينسى الناس الخسائر التي لحقت بهم جراء الفصل التعسفي والتصنيف الظالم؟ وهل سيسكت الناس على المال الذي نهب وكشوف الحساب التي لم تُقدّم؟
    لا نعتقد بأن العقيد قرنق سيترك هذه الأسئلة بلا إجابات، لأنه ببساطة لم يحارب طوال العقدين الماضيين ليرضى بكرسي وثير في قصر الحاكم العام، وبيت ضيافة فخم الأثاث؟
    كل الدلائل تشير الى أن سلام 2003-2004 سيكون محطة استراحة لن تلبث أن تفجرها الصراعات الآتية بين شركاء الاتفاق، وبين شركاء نظام الرأسين القدامى والحاليين، وبين صراعات الأحزاب التي خرجت من مفاوضات نيفاشا من دون "حُمّص".
    .. والله يكضّب الشينة..
    معاوية حسن ياسين

    (عدل بواسطة Moawia Yassin on 09-28-2003, 03:52 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
أسئلة مهمة الى قرنق ... والشعب السوداني Moawia Yassin09-28-03, 03:46 PM
  Re: أسئلة مهمة الى قرنق ... والشعب السوداني مهيرة09-28-03, 04:06 PM
    Re: أسئلة مهمة الى قرنق ... والشعب السوداني ابو جهينة09-28-03, 04:14 PM
      Re: أسئلة مهمة الى قرنق ... والشعب السوداني nazar hussien09-28-03, 05:15 PM
  Re: أسئلة مهمة الى قرنق ... والشعب السوداني NEWSUDANI09-28-03, 05:19 PM
  Re: أسئلة مهمة الى قرنق ... والشعب السوداني Agab Alfaya09-29-03, 05:37 AM
  Re: أسئلة مهمة الى قرنق ... والشعب السوداني الكيك09-29-03, 05:47 AM
    Re: أسئلة مهمة الى قرنق ... والشعب السوداني مارد09-29-03, 06:20 AM
      Re: أسئلة مهمة الى قرنق ... والشعب السوداني Moawia Yassin09-30-03, 09:25 PM
    Re: أسئلة مهمة الى قرنق ... والشعب السوداني Moawia Yassin09-30-03, 09:22 PM
  Re: أسئلة مهمة الى قرنق ... والشعب السوداني altahir_209-30-03, 09:34 PM
  Re: أسئلة مهمة الى قرنق ... والشعب السوداني الكيك10-01-03, 12:18 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de