|
أسرار عسكرية..
|
في سنار، قطعت «داية» قبل بضعة ايام، رأس جنين وهي تحاول سحبه من بطن امه خلال ولادته، لانها تفتقد الخبرة الكافية في التعامل مع حالات الولادة الصعبة او المتعسرة. وفي ضواحي كسلا، نزفت امرأة حبلى حتى الموت على ظهر حمار قبل اسبوعين لانها لم تجد عربة تنقلها الى المستشفى لاجراء عملية قيصرية، وفي المايقوما بالخرطوم في دار رعاية الاطفال الذين ليس لهم اسر، ارتفعت نسبة الوفيات بين الاطفال بشكل مخيف، بسبب الاهمال وضعف تأهيل المشرفات على الاطفال، وفي السودان عامة، تموت اكثر من خمسمائة امرأة في كل مائة الف حالة ولادة، وهو رقم قياسي لم تسبقنا في تسجيله سوى الصومال، علماً بانه الرقم الرسمي المعلن، وما خفى اعظم!! ويموت «108» رضع لكل الف ولادة حية، وتقدر وفيات الأطفال تحت سن الخامسة بحوالي «170» في الالف، اي «17» من كل مائة، اي اثنين تقريباً من كل عشرة!! وبرغم ان هذه الارقام هي الارقام الرسمية المعلنة، الا انها وضعت السودان على رأس قائمة الدول في صفحة الوفيات في كل تقارير ونشرات المنظمات العالمية. واصبح السودان هو مضرب المثل في انتشار الامراض وارتفاع نسبة الوفيات!! * نسيت ان اذكر لكم ان معدل الاصابة بالايدز - حسب التقارير الرسمية، قد ارتفع الى «3%». وهو نفس المعدل الذي كان باوغندا قبل حوالي عشر سنوات، اما المعدل الحالي في يوغندا، فهو مصاب او حامل للفيروس بين كل اربعة اشخاص، وقد حذر تقرير لمنظمة الصحة العالمية ان الوضع في السودان يزداد سوءاً كل عام، واذا لم تتخذ الحكومة التدابير الوقائية والارشادية اللازمة ضد المرض، والتخلي عن حالة التعتيم الشديد والسكوت المتعمد عن الايدز، فان مصيرنا سيكون مثل مصير اوغندا خلال بضعة اعوام، ان لم يكن أسوأ!! * دعونا الآن.. نتصور عكس الصور المأساوية التي عرضناها.. * الجنين الذي قُطع رأسه في سنار كان يمكن الا يحدث له ذلك لو كانت الداية اكثر تأهيلاً وتدريباً!! * والمرأة ذات الاثنين وعشرين عاماً، التي نزفت حتى الموت في كسلا، كان يمكن ان تتمتع بالحياة.. لو وجدت عربة اسعاف نقلتها الى المستشفى لاجراء العملية. * وأطفال المايقوما الذين يموتون بالجملة لضعف الرعاية الصحية، وعدم تأهيل المشرفات، كان بامكانهم ان يعيشوا ويصبحوا اشخاصاً نافعين لوطنهم لو كانت المشرفات اكثر دراية وتأهيلاً بطرق الرعاية الصحية للرضع والأطفال!! * وتصدرنا لقائمة صفحة الوفيات في العالم، لم يكن ليحدث لو اولت الدولة قليلاً من الاهتمام بنشر الوعي والمعرفة، وتأهيل البنيات التحتية، وتدريب الكوادر ورفع نسبة التعليم والاهتمام بتنمية الريف. * والمشكلة ليست صعبة او معقدة، او مستحيلة.. ويمكن حلها ببساطة شديدة.. بترتيب قائمة الاولويات!! * وترتيب قائمة الاولويات.. يكمن في الاجابة على بضعة اسئلة، يمكن ان تقيس عليها بقية الأشياء!! * والاسئلة هي: «هل تدفع الحكومة فاتورة مكالمات الهاتف السيار لمنسوبيها اولاً، ام تشتري عربة اسعاف مجهزة لمعسكر النازحين بكسلا؟! * هل تدفع نفقات ونثريات وزير الخارجية الذي تفوق على ابن بطوطة في هذه الهواية، ام تصرف مليون جنيه على تأهيل «داية» يجعلها تسحب جنيناً من بطن امه بدون ان تقطع رأسه؟ * وهل تدفع ثلاثين مليون دولار لتشييد مقر لبنك السودان، ام تصرف عُشر هذا المبلغ لحملات الارشاد والتوعية ضد الايدز؟ وقس على ذلك بقية الاولويات!! * رفعت سماعة الهاتف، واتصلت بمسؤول كبير في الشركة السودانية للهاتف السيار «موبيتل»، وسألته عن الفاتورة الحكومية لمكالمات الموبايل، فامتنع عن الرد، وكأنني اطلب منه.. ان يذيع سراً حربياً.. * غير انني اقتنعت0 بامتناعه عن الرد- ان هذه الفاتورة كان بامكانها ان تنقذ حياة الكثيرين الذين يموتون بلا سبب يذكر في هذا البلد، غير الوضع المعكوس لقائمة اولويات الحكومات!! نقلا عن عمود مناظير بصحيفة الصحافة الصادرة بتاريخ 28/7/2003 و بقلم الكاتب د.زهير السراج
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
أسرار عسكرية.. | abuarafa | 07-28-03, 08:32 PM |
Re: أسرار عسكرية.. | ودقاسم | 07-29-03, 07:56 AM |
Re: أسرار عسكرية.. | aba | 07-29-03, 10:21 AM |
Re: أسرار عسكرية.. | abuarafa | 07-29-03, 07:28 PM |
Re: أسرار عسكرية.. | بلدى يا حبوب | 07-29-03, 08:10 PM |
Re: أسرار عسكرية.. | Mandoos | 07-29-03, 09:12 PM |
Re: أسرار عسكرية.. | aba | 07-30-03, 02:31 AM |
Re: أسرار عسكرية.. | Elnadeef | 07-30-03, 09:20 AM |
Re: أسرار عسكرية.. | حمزاوي | 07-30-03, 09:39 AM |
Re: أسرار عسكرية.. | abuarafa | 07-30-03, 04:03 PM |
|
|
|