|
لماذا يا هذا لم تزرنا في الإجازة ؟
|
بسم الله الرحمن الرحيم :
( فإن خفتم ألا تعدلوا فأنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى و ثلاث و رباع )
صدق الله العظيم.
ليست هذه دعوة ( للتدبيل أو التثليث أو التربيع ) و لكن ما يهمنا في الموضوع هو العدل بين الزوجات إن ( إتوكح ) واحد و ثنى أو ثلث أو ربع. فالميل لإحداهن حذر منه الرسول الكريم. القدامى ربما يتذكرون قصة الرجل الذي كان ( يدق في مرتو ) و واحد من بعيد ناداهو قائلا : المرة بيدقوها بالمرة. فقالت الزوجة و هي تئن تحت وقع الضرب : هوى ، دق دقك ما تسمع كلام المطرطش داك. أو الذي قال لزوجته التي لا يحبها عندما إنقلبت بهم المركب في عرض النيل و هو يمسك بزوجته الثانية المفضلة عنده و يسبح بها بعيدا : طبعا إنت بتعرفي تعومي.
سمعت مرة مثلا يقول ( راجل بين مرتين ، أرنب بين كلبين ) ، و لكن حسين قلب هذا المثل رأسا على عقب. فقد كان الرجل و الحق يقال ( قطا سياميا مدللا بين زوجتين ) و لكن إلى حين، ليس عشان ( وسامتو ) الفايتة الحد أو ( لسانو البينقط عسل من كل الألوان ) أو ( إيدو الفارطة بالكرم و الجود ) و لكن لأنه كان إستغلاليا بارعا بمعنى الكلمة.
عندما يكون المبيت عند زوجته ( فاطمة ) يذهب في اليوم التالي قبل الغداء لبيت زوجته عيشة فيقول لها و هو لاوي ( بوزو ثلاث ياردات ) : أعوذ بالله من ضرتك دي ، تصدقي أمبارح معشياني فول و طعمية . و ( يتاوق ) من طرف خفي ليرى تأثير روايته.
فتفرهد زغرودة شامتة في دواخل عيشة ، فتتلفح توب الجيران ، و من دكان لي دكان و من بيت لي بيت ، تلقط في السجك و اللحوم و المخللات و السلطات و الأنناس المعلب، إلى أن تنجح في إعداد مائدة مدنكلة تعج بأصناف الأكل ، فيستف حسين تستيفا و هو يفكر في العشاء قبل أن يهضم ما في معدته . رجل بطيني قرر منذ الوهلة الأولى لزواجه الأول أن يستفيد فقط من زواجه في إرضاء نهمه اللامتناهي.
و عند العشاء ، يلهف ثلاثة أجواز من الحمام ( زغب الحواصل ) التي لم ( تطير بالريش الدقاق بعد ) و يمضغ العظام بصبر يحسد عليه و يمصمص بعضها حتى تكاد لا تفرق بين العظام الممصوصة و بين ( القرقريبة البلاستيك ) من كثرة مصه لها . و يكرع السليقة من كورية و لا يبقي فيها غير حبات من الفلفل في قاعها ، حتى البصل المسلوق ينشفط مع السليقة في تناغم لا يجرح حلقه و لا ( يشرق ).
و ينام حسين نوم قرير العين هانيها ، و يده على بطنه المنتفخة بعد أن تعبتْ من التمليس عليها و كأنه يطمئن على محتويات حاويته.
و في الغد ، يكرر نفس السيناريو مع فاطمة ، فتجري المسكينة من دكان لي دكان و من بيت لي بيت و من برج حمام لي برج حمام. يقول الجيران ، أن حمام الحى بعد أن أجهز عليه حسين مصا و قرشا، إنتقل نشاط الزوجتين إلى الأحياء المجاورة ، فأطلقوا عليهما إسم ( النتافات ) من كثرة ما نتفن من ريش الحمام .
و في يوم أغبر ، راحت فاطمة لبيت ضرتها عيشة لغرض ما ، و كان حسين قد أمضى الليل مع ضرتها عيشة هذه ، و لمحت فاطمة صفيحة الزبالة عند الباب و هي مليئة بريش الحمام و بقايا أحشاءه. فنادت فاطمة أصغر أولاد عيشة و قالت له : تعال يا الفالح ، إنتو أمبارح أكلتو حمام في العشا ؟ فتساءل الولد بكل براءة : هو نحن قاعدين ناكل حمام ؟ كل يوم فول و طعمية و جبنة ، لاكين بعد ما يدخلونا عشان ننوم بنشم ريحة الحمام المحمر ، و الصباح نلقي الريش في الزبالة.
فرجعت فاطمة ، و ليلتها ، كان حسين عندها يقرض في عيشا ناشف بي جبنة و طماطم. كما أن عيشة أرسلت له إنذارا شفهيا بأنها متضامنة مع فاطمة و أن ماعون الفول ينتظره لملئه عند حضوره في الغد. و من يومها ، عاد المثل و أنطبق عليه و لم ير بعدها الحمام إلا محلقا أو ( راكي ) في الأبراج.
و لكن يبدو أن صلاح كان أحسن حالا من صاحبنا حسين، فقد كان صلاح يعيش في سعادة و وئام مع زوجته سعاد و أولاده في بيت الإيجار بالخرطوم. و الحالة و الحمد لله رضا ، و الأشياء معدن. و لكن بعض الزوجات ( يمدن أصابع اليد و يطبزن عيونن براهن ).
فقد بدأت تزن في إذن زوجها : هي يا صلاح ، لمتين نقعد في بيت الإيجار ؟ مستقبل الأولاد ديل بعدين كيف ؟ شوف ناس فلانة و علانة ، قوم إغترب يا صلاح عشان نبني لينا بيت.
و كما هو معلوم فإن بعض ( الزن على الأذن ) أقوى من السحر. فقد توكل صلاح على الحى القيوم ، و إغترب و هو غير مقتنع. وفقه الله في لعمل ، و إستطاعت سعاد خلال سنة من عمله أن تشتري أرضا في منطقة عشوائية و تسورها. و بعد سنة أرسل لسعاد بأنه سيأتي في الإجازة ، فردت عليه : إنت يا دوبك سنة مما سافرت ، أقعد ليك كمان سنة و بعدين تعال. أحسن تستفيد من إجازتك في الشغل ( أوفرتايم ). و بعد السنة التانية ، عاجلته سعاد بأن لا تأتي لأننا شرعنا في البناء و حق إجازتك رسلو لينا نستفيد منو في حاجة هنا. و أحسن تشتغل في الإجازة و تاخد حقها قروش. و إشترت سعاد قطعة أخرى. و هكذا إلى أن أكمل صلاح خمسة سنوات بالتمام و الكمال ، كانت فيها سعاد قد أكملت بناء البيت ذو الستمائة متر مربع و بدأت تفكر في مشاريع أخرى. و نسيت سعاد في غمرة النشوة بإنجاز أشياء كانت تقبع في أحلامها ، نسيت حقوق زوجها و أنه مشتاق لأولاده. و لكن الأيام تخطط لكليهما أمرا آخر.
خلال هذه السنوات ، كان صلاح يذهب كل يوم جمعه ليتغدى عند زميل دراسته أحمد الذي أتى محرما لشقيقته المعلمة. و توطدت العلاقة بينه و بين بين أحمد ، و لكنها كانت مع الأستاذة ذات نكهة أكثر حميمية ، فتزوجها على سنة الله و رسوله دون أن تدري سعاد. و عند أول صيفية ، إشترى صلاح بالإشتراك مع الأستاذة لوري نيسان ، و ذهبا سويا لمنزل سعاد الجهامة المؤثث. و بعد أن قامت الشكلة و العكة الكلامية و ( النبذي و الذي منو ) و هدأت النفوس ، و الرضاء بقضاء الله و أمره المحتوم. طارت شكلة لي رب السما مرة أخرى :
سعاد تقول أن اللوري يتبع مخططاتها التوفيرية. و البيت من شقاها. و الأستاذة تقول أنها شريكة في اللوري ، و أن البيت لها فيه نصيب فهو من عرق زوجها ، و صلاح لايص في النص و هو يكورك : يا جماعة أنا مت عشان تقسمو الورثة ، أنا حى يرزق. ملعون أبو اللوري و ملعون أبو البيت.
بالنسبة لصلاح ، كانت الإجازة غير عادية ، فبالرغم أنه كان مشتاقا لأولاده و لسعاد ، و لكن نقة الزوجتين ، بالإضافة للحر الذي تضامن مع الضرتين ، قطع صلاح و الأستاذة الإجازة و عادا لحضن المكيف الصحراوي. أما سعاد ، فقد صارت تردد : براى السويتا بي إيدي. شلتها و قلعت بيها عيوني.
أظن الكثيرين منا قد مروا بتجربة دخول مكان ما ، فتفاجأ بشخص أنت ( متلوم معاهو تب و تقول في سرك ( أريتو الواطة إنشقت و بلعتني ) ، و خاصة لو متلوم في عزا أو مقصر في حاجة معاهو كان ممكن تعملها ليهو ، أو زول ( زايغ منو ) لأي سبب. أها عبد الكريم المغترب جاء في إجازة و دخل بيتو في الخرطوم الذي تسكن فيه أصغر زوجاته الثلاثة ، دخل و هو متورد الخدين بفعل كريم ( جليسوليد ) الذي يحبه ، و إبتسامة عريضة ، و عمة جديدة لنج تقول لعمة ترباس أبعدي غادي ، و عطر نفاذ يسبقه ، و فتح الباب و هو فارد ذراعية لإحتضان أصغر الزوجات، فإذا بزوجتيه من البلد قاعدات ( وش ) و إبتسامة تحاكي إبتسامة الموناليزا مرسومة على الشفاة و لكنها صفراء لها بريق متحفز ينذر بالسوء. لم يستطع المسكين أن يبدأ بالسلام فوقف كالمتسمر على الأرض و هو ينقل بصره بين الثلاث و كأن مؤامرة ما قد حيكت ضده. فبادرته أم العيال الكبيرة : تجي الخرطوم بعد سنة في إجازتك من دون ما تقول لينا ؟ إنت قايل الأخبار بتندس ؟ نحن متابعنك من يوم ما خشيت السوق في جدة تلقط في حاجات الإجازة يا راجل الهنا. و نظرت إليه نظرة ، ذكرته قصة ريا و سكينة ( فبسمل و حوقل و قرأ المعوذتين ) و لم يكمل قراءة آية الكرسي قبل أن تقول الثانية من تحت أسنانها : داير تبرطع هنا و بعدين تجينا في البلد مهلهل و منتف و تقعد ليك أسبوع و تقول عندي عفش مشحون و تفرتق للخرطوم . مش ؟ و لكزته في صفحته لكزة ( إنفدس لها ) دون أن ينبس بكلمة. المسكين كان يمني نفسه بعناق طويل مع حبيبة قلبه الصغيرة ، و لكن ها هما تقفان كالجستابو أما ناظريه. فإبتلع ريقه الجاف و خلع عمته الكبيرة و تشهد. قالت الكبيرة : أفتح الشنط. فقال و هو يتلعثم : في الحقيقة و لم تعطيانه الفرصة ، فقد هجمت الزوجتان على الشنط ، و في ثوان معدودة ، كانت محتويات الحقائب قد تكومت في ثلاث أكوام متساوية. فقال : بس المقاسات ... قالت الثانية : نحن عارفين جايب الحاجات أغلبها مقاس الست الصغيرة. بس برضو نحن بندورن ضيقات، ما دام منك بنقبل أي شي ، إن شاء الله ما يدخلن من الرقبة. و حدرت ليهو حدرة ، إنخلع لها قلبو الماهو رهيف.
البيت كان مكونا من حجرتين. و مكث عبد الكريم خمسة و أربعين يوما ( يباصنو التلاتة بيناتن زى خرطوش الشيشة ) لم يجد فرصة حتى يشيل الفاتحات التي تنتظره أو تسجيل قطعة الأرض التي إشتراها ، معسكر مقفول ، كل ما فعله هو زيارة والديه و إخوته برفقة الزوجة الكبيرة لزوم المراقبة اللصيقة. و عندما إنتهت الإجازة ، كان عبد الكريم في حالة ( تحنن العدو ). قالت الكبرى في وداعه بالمطار و هو يستند على عكازة : أها الإجازة الجاية بتكلمنا ولا نجي برانا في مواعيدك زى السنة دي؟ فقال عبد الكريم : علي الطلاق بالثلاثة منكن التلاتة ما أجي ، إلا كان تجي جنازتي.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
لماذا يا هذا لم تزرنا في الإجازة ؟ | ابو جهينة | 06-23-03, 11:51 AM |
Re: لماذا يا هذا لم تزرنا في الإجازة ؟ | Ahlalawad | 06-23-03, 12:20 PM |
Re: لماذا يا هذا لم تزرنا في الإجازة ؟ | ابو جهينة | 06-23-03, 02:19 PM |
Re: لماذا يا هذا لم تزرنا في الإجازة ؟ | ود الشيخ | 06-23-03, 02:23 PM |
Re: لماذا يا هذا لم تزرنا في الإجازة ؟ | ابو جهينة | 06-23-03, 02:31 PM |
Re: لماذا يا هذا لم تزرنا في الإجازة ؟ | shiry | 06-23-03, 02:49 PM |
Re: لماذا يا هذا لم تزرنا في الإجازة ؟ | ابو جهينة | 06-23-03, 02:58 PM |
Re: لماذا يا هذا لم تزرنا في الإجازة ؟ | aboalkonfod | 06-23-03, 06:05 PM |
Re: لماذا يا هذا لم تزرنا في الإجازة ؟ | abuguta | 06-23-03, 06:36 PM |
Re: لماذا يا هذا لم تزرنا في الإجازة ؟ | ابو جهينة | 06-24-03, 07:58 AM |
Re: لماذا يا هذا لم تزرنا في الإجازة ؟ | HOPELESS | 06-24-03, 08:07 AM |
Re: لماذا يا هذا لم تزرنا في الإجازة ؟ | ابو جهينة | 06-24-03, 08:22 AM |
Re: لماذا يا هذا لم تزرنا في الإجازة ؟ | bint algazeira | 06-24-03, 08:33 AM |
Re: لماذا يا هذا لم تزرنا في الإجازة ؟ | ابو جهينة | 06-24-03, 08:39 AM |
Re: لماذا يا هذا لم تزرنا في الإجازة ؟ | BousH | 06-24-03, 02:37 PM |
Re: لماذا يا هذا لم تزرنا في الإجازة ؟ | ابو جهينة | 06-24-03, 02:54 PM |
Re: لماذا يا هذا لم تزرنا في الإجازة ؟ | garjah | 06-24-03, 04:02 PM |
Re: لماذا يا هذا لم تزرنا في الإجازة ؟ | HOPELESS | 06-25-03, 06:07 AM |
Re: لماذا يا هذا لم تزرنا في الإجازة ؟ | ابو جهينة | 06-25-03, 07:24 AM |
Re: لماذا يا هذا لم تزرنا في الإجازة ؟ | الفاتح يسن | 06-26-03, 03:09 AM |
Re: لماذا يا هذا لم تزرنا في الإجازة ؟ | ابو جهينة | 06-26-03, 12:12 PM |
|
|
|